إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / الجولان، سورية






المدن والقرى قبل 1967
المدن الخمس الباقية
الجولان



مدينة أبو ظبي

6. مشروع التسوية السلمية لتحرير الجولان

تمثل هضبة الجولان محور الصراع السوري ـ الإسرائيلي. وقد تلاقت آراء معظم الأطراف المهتمة بتسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي على أن السلام لا يمكن أن يكتمل ويتحقق من دون عودة الجولان إلى سورية.

وقد دأبت القيادات الإسرائيلية، العسكرية والمدنية، وأجهزة الإعلام، منذ حرب 1967، على التأكيد أن الجولان ضروري لأمن إسرائيل، وأن الوجود العسكري الإسرائيلي فيه يمنع سورية من العودة إلى قصف المستعمرات في شمالي إسرائيل.

وقد ظل هذا الزعم سائراً حتى كشفه ودحضه الجنرال الإسرائيلي "آريه شليف" الذي كان ممثلاً لإسرائيل في لجنة الهدنة السورية ـ الإسرائيلية المشتركة، ومديراً للمخابرات العسكرية في قيادة المنطقة الشمالية. فقد أصدر هذا الجنرال كتاباً (1974) قال فيه: "لم تكن سورية هي وحدها الملومة في الاشتباكات التي وقعت في الجولان بين 1948 و1967. ولم تكن إسرائيل دائماً الحمل الوديع… فإسرائيل هي التي كانت تحاول أن تحدث تغييرات في الأوضاع القائمة". وقد تأكد هذا التفسير من مصدر أكثر مسؤولية ومعرفة، هو الجنرال موشي دايان، الذي كان رئيساً لأركان الجيش في حرب 1967، وهو الذي أمر باحتلال الجولان. فقد تحدث دايان (الذي توفي العام 1981) إلى صحفي إسرائيلي هو "رامي تل"، وأوصاه أن لا ينشر الحديث إلاّ بعد وفاته. وقد نشر الصحفي الحديث، في 27/4/1997، في جريدة "يديعوت أحرونوت"، ونقلته "مجلة الدراسات الفلسطينية"، في بيروت. وقال دايان "إن إسرائيل كانت البادئة بمناوشات الحدود مع سورية في 80 بالمائة على الأقل، من الحالات". وقال: "إن إسرائيل لم تستول على الجولان لحماية أمن مستعمراتها بل طمعاً في الأراضي الخصبة".

وتأكيداً لقولة دايان، رأت إسرائيل في الجولان مكسباً اقتصادياً جد مهم، فأقامت فيه معاصر للفواكه، ومركزاً للتقنية (التكنولوجيا) الصناعية والزراعية، ومهبطاً للطائرات، ومصانع للألبان والأخشاب والمياه المعبأة والطواحين والأقمشة والصناعات الورقية والبلاستيكية ووسائل التعليم والإيضاح، إلى جانب التوسع في مزارع الأبقار وتربيتها للألبان واللحوم، ومزارع البطاطا والفواكه وسواها. واستثمرت إسرائيل الجانب المناخي من الجولان، فجعلته مكاناً للتزلج على الثلج والسياحة الشتوية واستثمار المياه الساخنة في حمامات الحِمَّة. وقد بعث ذلك كله النشاط في الحركة السياحية نحو الجولان وبناء الفنادق والمنتجعات السياحية.        

حينما توافرت العوامل الدولية والإقليمية لتسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي بطريقة سلمية، دعت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي (السابق) إلى "مؤتمر السلام للشرق الأوسط" (30/10 - 1/11/1991). وقد عقد المؤتمر في مدريد (عاصمة أسبانيا) وحضرته وفود الدول الكبرى والدول العربية وإسرائيل. ونصت رسائل الدعوة على ان المؤتمر يهدف إلى تنفيذ قراري مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973) على أساس مبدأ "الأرض مقابل السلام". وفي حين رحب رؤساء الوفود العربية بأسس ومبادئ المؤتمر، لم يشر رئيس حكومة إسرائيل، إسحق شامير (زعيم حزب ليكود) في خطابه إلى قضية الأراضي العربية المحتلة، إلاّ من قبيل تأكيد حاجة إسرائيل إليها، مسوِّغاً ذلك بعدد سكان إسرائيل ومساحتها، ومقارناً بينهما وبين عدد سكان الدول العربية ومساحاتها. ورفض مبدأ "الأرض مقابل السلام"، واستبدل به مبدأ "السلام مقابل السلام"، وأن بعض الأراضي المحتلة، مثل الجولان، ليس محلاً للتفاوض على الانسحاب. وحينما بدأ التفاوض على المسار السوري ـ الإسرائيلي، قدم المفاوض السوري معادلة واضحة هي "السلام الكامل مقابل الانسحاب الكامل" المبنية على أسس التساوي والسيادة والتكافؤ والتماثل.

استمر التفاوض بين الطرفين، بحضور الطرف الأمريكي، حوالي اثنين وخمسين شهراً، بدءاً من نوفمبر 1991، حتى 4/3/1996 حين أوقفت إسرائيل المفاوضات. وقد اشتملت هذه المدة (أربع سنوات وأربعة أشهر) على فترتين رئيسيتين:

أ. ففي الفترة الأولى التي أدارتها حكومة ليكود (من نوفمبر 1991 إلى يونيه 1992) خلا التفاوض من أي عمل جدّي، لان حكومة إسرائيل تعاملت مع المفاوضات من منطلق استهلاك الوقت والجهد بمسائل جانبية وفرعية وشكلية بقصد إيصال عملية التفاوض إلى طريق مسدود.

ب. وتلا ذلك فترة حكم حزب العمل، بدءاً من صيف 1992 إلى 4/3/1996، حين أوقفت إسرائيل المفاوضات. ولم تبلغ عملية التفاوض نتيجة مثمرة، إذ ركّز الطرف الإسرائيلي على مسألة الترتيبات الأمنية، تركيزاً يتناقض ومبادئ التساوي والسيادة والتكافؤ والتماثل.

وعلى الرغم من خوض المفاوضات في الترتيبات الأمنية، أملاً بتأسيسها على إعلان إسرائيل التزامها الصريح الانسحاب الكامل من الجولان إلى حدود ما قبل حرب 1967، لم تُقْدم إسرائيل على الإعلان عن الالتزام المطلوب. وهكذا فان المسار السوري لم يتجاوز حدّ اكتشاف النيات وتبادل المفاهيم وتفسير المطالب وتوضيح أسس التسوية. وحينما وصلت حكومة حزب العمل إلى مرحلة اتخاذ قرار سياسي، تردّدت في اتخاذ القرار في عهد رابين حتى اغتياله في 4/11/1995. ولم تزد حكومة شيمون بيريز التي خلفت حكومة رابين، على التردّد سوى الاستمرار فيه، لسببين تذرعت بهما: أولهما قرار الكنيست عام 1981 بضمّ الجولان، وثانيهما تعهّد رابين ثم بيريز بإجراء استفتاء شعبي بشأن قرار الانسحاب.

بنيت الرؤية الإسرائيلية تجاه هضبة الجولان السورية على أطماع اقتصادية ومائية، وإرادة في الاحتلال والتوسع، دعمت باعتبارات إستراتيجية وعسكرية. واعتبرت الجولان منطقة استيطان بقصد فرض الأمر الواقع.

وتميزت السياسات الإسرائيلية، منذ الاحتلال في العام 1967، برفض أي فكرة للانسحاب من الجولان، تحت شعار " أرض إسرائيل الكاملة ". وكانت إسرائيل تصرّ على التمسك بالجولان، حتى إن اسحق رابين، رئيس وزراء إسرائيل عام 1974، قال "لن ننزل من الجولان، حتى في حالة السلام الكامل". وقد استمرت هذه السياسة طوال المدة منذ بدء الاحتلال حتى مؤتمر مدريد، ذلك أن هضبة الجولان تشغل مكانة مهمة في الفكر الإستراتيجي الإسرائيلي وخططه. ويتضح ذلك من سياسات الحكومات الإسرائيلية المختلفة (وبخاصة حزبي العمل وليكود). وقد نصت اتفاقية الائتلاف (1996) بين حزب ليكود والأحزاب الأخرى المتعاونـة معـه في الكنيسـت والحكومة على "أن مشروع الاستيطان في كل أرجاء إسرائيل تعبير عن حق اليهود بهذه الأرض، وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الإسرائيلي... وأن هضبة الجولان منطقة حيوية جداً للاستيطان ولوجود إسرائيل". وقد بلغ الأمر حد استعداد إسرائيل لشن حرب من أجل الاحتفاظ بالجولان، كمثل ما جرى في صيف 1997، إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوم 10/10/1997: " لقد استطاعت إسرائيل تجنّب حرب مع سورية كان من الممكن أن تندلع في صيف العام الحالي". وقد جاء الاستعداد الإسرائيلي في إثر خطاب ألقاه رئيس وزراء إسرائيل في الجولان يوم 17/7/1997، وقال فيه "إن مصير الجولان مرتبط بمصير إسرائيل".

وكان حزب العمل، حين تولى السلطة منذ العام 1992 حتى الانتخابات النيابية في 29/5/1996، قد عمد إلى إدخال بعض التعديلات الجزئية في برنامجه السياسي. ولاحظ، في الوقت نفسه، أن هضبة الجولان تثير في إسرائيل مسائل متعددة الأهمية، في مقدمتها مسألة الأهمية الإستراتيجية من الوجهة العسكرية ومصير المستعمرات فيها، ومكانتها الدينية كجزء من أرض إسرائيل، ومكانتها القانونية إذ أصدر الكنيست عام 1981 قراراً بتطبيق القانون والإدارة والقضاء على الهضبة والذي فسر بأنه "ضم" للجولان.

تجاه إصرار سورية على أن يكون الانسحاب من الجولان كاملاً من أجل إقامة السلام الكامل، تمثل التعديل الذي أشرنا إليه، في صيغة اعتراف إسرائيل بأن قرار مجلس الأمن 242، الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من "أراضٍ جرى احتلالها في العام 1967" ينطبق على هضبة الجولان أيضاً. وقد تكررت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن الانسحاب "جزئي"، وأنه يتمّ في إطار ما سمي "الحلول الوسط للسلام مع سورية"، وأنه إذا ما تقرر تنفيذ انسحاب ما من الجولان، فسوف تجري الحكومة استفتاء شعبياً بشأن مستقبل الجولان.

وحسب تقدير رئيس الوزراء إسحق رابين، فإن السلام مع سورية يجب أن يستند إلى أربعة عناصر تشكل كلاً واحداً، هي:

·   الانسحاب إلى حدود آمنة ومعترف بها.

·   فترة الانسحاب يجب أن تقاس بالسنوات.

·   مراحل الانسحاب.

·   الترتيبات الأمنية والتطبيع.

وهكذا يمكن النظر في قول الكاتب البريطاني المتخصص بشؤون الشرق الأوسط "باتريك سيل": "كان رابين وبيريز قد تحوّلا، بشكل تدريجي، إلى الرأي القائل بأن السلام مع سورية هو المفتاح للتسوية السلمية. وأخذا يدركان، على مضض كبير، أن عليهما أن يدفعا ثمن هذا السلام، وهو إعادة الجولان إلى السيادة السورية".

خلف شيمون بيريز إسحق رابين في منصب رئيس الوزراء، وأعلن أن إسرائيل ستكون مستعدة للانسحاب إلى خط الحدود الدولية (أي حدود ما قبل حرب 1948) مقابل سلام إقليمي وترتيبات أمنية وتطبيع كامل للعلاقات، وترفض الانسحاب إلى خط ما قبل حرب 1967. والفرق بين الخطين يشمل أراضي صغيرة المساحة، ولكنها قد تكون مهمة من الناحية الأمنية أو الاقتصادية، كمثل موقع "الحمّة" وحماماتها المشهورة. والانسحاب إلى الخط الثاني هو المطلب السوري، باعتباره يعيد الوضع إلى ماكان عليه قبل حرب 1967.

أوقفت قيادة حزب العمل منذ 4/3/1996 المفاوضات مع الجانب السوري، بقصد عدم تنفيذ ما كان رابين وبيريز تعهدا به، وذلك لغايات انتخابية، ولمواجهة حزب ليكود الذي أعلن تمسكه بالجولان جزءاً من أرض إسرائيل، وأخذ يجمع حوله المؤيدين لهذا الموقف.

جرت انتخابات الكنيست في 29/5/1996، وفاز فيها بنيامين نتانياهو بمنصب رئيس الوزراء. وقد شكل حكومته من ائتلاف مجموعة من الأحزاب الصهيونية والدينية المتطرفة. وأعلن أن الجولان حيوي لأمن إسرائيل، وأنه لا مجال للانسحاب منه كما تطالب سورية، وأن حكومته معنية بضمان الموارد المائية فيه، وأنها لا تعترف بمبدأ "الأرض مقابل السلام"، وإنما ترى أن "عمق الترتيبات الأمنية كعمق الانسحاب"، وأن قرار مجلس الأمن 242 ينص على الانسحاب من بعض الأراضي وليس من كلها، وأن من واجب الحكومة الاحتفاظ بالجولان لأسباب إستراتيجية وأمنية واقتصادية. لهذا كله فان حكومة إسرائيل تدعو سورية إلى استئناف التفاوض دون أن تلتزم إسرائيل بما انتهت إليه المفاوضات بين الطرفين السوري والإسرائيلي.

حدث أثناء التفاوض السوري ـ الإسرائيلي في صيف 1994، أن قال إسحق رابين لوزير الخارجية الأمريكية، وارن كريستوفر ـ وذلك حسب مقالة المعلق العسكري الإسرائيلي زئيف شيف في جريدة هآرتس يوم 19/8/1997 ـ إنه لن يستطيع الانسحاب من كامل الجولان إلاّ في حال الاتفاق على ترتيبات أمنية معينة وبضمانات أمريكية. وقد أودع رابين لدى الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، تعهداً بالانسحاب إلى حدود 4/6/1967، مشروطاً بالترتيبات الأمنية والضمانات. وحينما جاء الرئيس كلينتون إلى إسرائيل للاشتراك في جنازة إسحق رابين، الذي اغتيل يوم 4/11/1995، سأل الرئيس كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي، شيمون بيريز، عمّا إذا كان يوافق على التزامات سلفه. وعلى الرغم من عدم معرفة بيريز بهذا التعهد، وافق على الالتزام بما تعهد به سلفه، وعلى مواصلة المفاوضات على القاعدة ذاتها.

وحدث أيضاً، بعد أن اعتلى حزب ليكود سدة الحكم في صيف 1996، أن قالت إسرائيل ـ كما ورد في جريدة هآرتس يوم 19/1/1997 ـ رداً على طلب سورية استئناف المفاوضات من النقطة التي وصلت إليها مع الحكومة السابقة، إن وزير الخارجية الأمريكية السابق، وارن كريستوفر، نقل رسالة سرية إلى رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتانياهو، يوم 18/9/1996، قال فيها "إن الولايات المتحدة تخلت عن تعهد ضمني بإعادة الجولان إلى سورية كانت اتخذته مع الحكومة السابقة، وأنها تعتبر هذا التعهد لاغياً وباطلاً في نظر القانون الدولي".

وفي اليوم التالي، أي 20/1/1997، نفي السفير السوري في واشنطن وليد المُعلِّم ـ وكان يرأس الجانب السوري في المفاوضات الثنائية مع إسرائيل ـ علم سورية بالرسالة المذكورة، وقال "إن تعهد رابين بالانسحاب من الجولان وديعـة لدى الولايات المتحدة، وهي ليست ملك كريستوفر كي يتصرف بها". وقال يوم 29/1/1997 "إن اسحق رابين تعهد بالانسحاب الكامل من الجولان، وإن الأطراف توصلت إلى اتفاق يقضي بالانسحاب الكامل إلى خطوط الرابع من  يونيه 1967، وذلك في يوليه 1994". وقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، والمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، التعليق على ما نشرته الجريدة الإسرائيلية.

تبني حكومة إسرائيل، في عهد حزب ليكود، إستراتيجيتها للسلام على دعامتين: أولاهما استمرار احتلال إسرائيل أراضي عربية، وثانيتهما حيازة التفوق العسكري الدائم. وهذا المفهوم للسلام هو ـ في نظر إسرائيل ـ السبيل الوحيد لضمان أمنها. ولهذا يري نتانياهو في كتابه "مكان بين الأمم": "أن سيطرة إسرائيل على هذه المناطق (يقصد الضفة الغربية والجولان) ليست عائقاً أمام السلام، إنما هي عائق أمام الحرب". وهكذا لا يسعى رئيس وزراء إسرائيل ـ بصريح العبارة ـ إلى السلام، وإنما يقصد إلى منع أي دولة أو شعب عربي من تحرير أرضه أو استعادة حقوقه. وسبيله إلى تحقيق هذا الغرض هو القوة العسكرية واحتكار تفوقها في مجالي الأسلحة التقليدية وغير التقليدية.

ويتضح من أقوال رئيس وأعضاء الحكومة الإسرائيلية، منذ اعتلاء حزب ليكود سدة الحكم في صيف 1996، أن خطة رئيس وزراء إسرائيل فيما يخص الجولان السوري تقوم على دعامتين رئيسيتين:

أ. وقف عمليات المقاومة الوطنية اللبنانية قبل توقيع أي اتفاقية مع سورية.

ب. احتمال انسحاب جزئي محدود من الجولان، تقدر الحكومة الإسرائيلية مداه بشكل لا يؤثر في ثلاثة شؤون حيوية: أمن إسرائيل، استثمار إسرائيل مياه الجولان، مشروعات الاستيطان، مقابل تطبيع كامل وشامل مع سورية وترتيبات أمنية تحقق الأغراض الثلاثة المذكورة.

يمكن استنتاج النقاط الثلاث الآتية التي تجسّد الموقف الإسرائيلي تجاه الجولان، استناداً إلى مجموعة الوثائق الإسرائيلية الخاصة بهذا الشأن منذ تولي حزب ليكود الحكم في إسرائيل:

أ. ستبقى السيادة الإسرائيليـة على الجولان. ففيـه "ارتفاع إستراتيجي" لا يمكن لإسرائيل، من وجهـة نظر أمنها، أن تتنازل عنه.

ب. هناك طريق بديل من الانسحاب، من شأنه كسر جمود التفاوض السوري ـ الإسرائيلي. وهو طريق يتضمن الاتفاق على أمور أخرى، كالمياه وترتيبات الأمن وسواهما.

ج. يرتبط الجولان بمفهوم " الحدود الآمنة " التي يمكن الدفاع عنها من دون الحاجة إلى "شن هجوم مسبق". ويقضي هذا المفهوم بأن تحتفظ إسرائيل بعمق جغرافي يكفل لها قدرة التصدي لأي هجوم مفاجئ.

ومن الملاحظ أن الإدارة الأمريكية قطعت شوطاً في التكيّف مع الفكر السياسي الإسرائيلي. وهي لم تجد صعوبة في ذلك، لأن التكيّف المتبادل بين الولايات المتحدة وإسرائيل في خططهما الخاصة بالصراع العربي ـ الإسرائيلي لم يكن مكلفاً لأي من الطرفين، ولم يأت يوماً على حساب مصالح أي من الدولتين، وإنما كان دائماً على حساب الحقوق والمصالح والأهداف العربية.

تجاه الموقف الإسرائيلي الرافض للانسحاب من الجولان، وللالتزامات التي أقرتها الحكومة السابقة، واصل الموقف السوري الإعلان عن رغبته في متابعة المفاوضات ضمن إطار مؤتمر مدريد، ومبدأ "الأرض مقابل السلام"، واستئناف التفاوض من النقطة، التي توقف عندها، والإقرار بالالتزامات، التي تم التوصل إليها خلال المرحلة الماضية.

وفي ضوء رفض إسرائيل أسس الموقف السوري، صرح رئيس الجمهورية العربية السورية، يوم 22/2/1997، أنه لا يرى في الموقف الإسرائيلي "أي ثغرة مفتوحة ولا ممراً مشروعاً يمكن استئناف المفاوضات على أساسه".

لقد تعاملت سورية مع عملية التسوية على أساس مبدأين:

أ. إن السلام خيار إستراتيجي، له مقوماته والتزاماته ومتطلباته الموضوعية، وفي مقدمتها تحرير الأرض والتكافؤ والتساوي وعدم تحميل عملية السلام ما ليس منها.

ب. الانطلاق من مفهوم الأمن القومي العربي وأهدافه ومصالحه، وليس من منطلق الأمن الوطني السوري والجغرافيا السياسية للدولة السورية فحسب، وذلك على أساس تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967 وبعده، كشرط لا بديل منه لبناء السلام، وأن الأمن الوطني لكل دولة من دول المنطقة لا يحققه سوى سلام عادل ومتوازن وشامل.