إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية




أمام قبر سيد الخلق
منظر خلفي للبيت
منظر عام للمدينة المنورة
منظر عام للمسجد النبوي
واجهة قبر الرسول
أحد أبواب المسجد
مشهد من المدينة ليلاً
مشهد من المدينة المنورة
مساجد، في المدينة المنورة
مسجد قباء
المحراب وجزء من الروضة
المسجد النبوي ليلاً
الأعمدة والأقواس والأروقة
الصائمون يفطرون بالساحة
الساحة الداخلية لأحد المساجد
القبة المتحركة والنقوش
صورة قديمة للمسجد النبوي
قبة ومئذنة أحد المساجد
قبة ومئذنتا أحد المساجد
قبة المسجد الخضراء والمآذن





مدينة أبو ظبي

المدينة المنورة

1. الموقع والتضاريس

تقع المدينة المنورة في الشمال الغربي للمملكة العربية السعودية، عند تقاطع خط الطول 536ـ 539 وخط العرض 528 ـ 526 درجة، شرقي البحر الأحمر، الذي يبعد عنها 250 كم. وهي محاطة من الشمال بجبل أحد، ومن الجنوب بجبل عير، ومن الغرب بجبل سلع.

تقوم المدينة على هضبة جبلية مسطحة عند تقاطع ثلاثة أودية، هي (وادي العقل)، و(وادي العقيق)، و(وادي الحمض)، الأمر الذي ساعد على وجود مساحات كبيرة خضراء وسط منطقة جبلية جافة. وترتفع المدينة عن سطح البحر 620 م (أُنظر منظر عام للمدينة المنورة).

·   المناخ: مناخ المدينة المنورة شديد الحرارة في الصيف، ومعتدل في الخريف والربيع، ولطيف في الشتاء.

·   المساحة: تبلغ مساحة المدينة حوالي خمسين كم2.

·   السكان: يبلغ سكانها حوالي خمسمائة ألف نسمة.

2. فضل المدينة المنورة وحرمتها وأسماؤها

المدينة المنورة هي البقعة التي اختارها الله لتكون مقراً لهجرة نبيه المصطفى r، وحصناً منيعاً لدعوته.

وهي المدينة التي انطلق منها الإسلام، وارتفع صوته وعلت دولته. ومنها انطلقت جيوش المسلمين ترفع راية الحق وتهدى الناس إلى طريق الخير. وهي عاصمة الإسلام الأولى.

وهي المدينة التي أحبها رسول الله r وحرّمها على لسانه، حرصاً عليها ورفعة لشأنها وتعظيماً لقدرها، لتكون مدينة الأمن والأمان والسكينة والوقار. روي أن الإمام عَلِيٌ t خطب عَلَى مِنْبَرٍ فقال: "وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلاَّ كِتَابُ اللَّهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإِْبِلِ وَإِذَا فِيهَا الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ[1] إِلَى كَذَا فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلاً". وعن علي t أن النبي r قال: )إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا وَقَالَ الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ لاَ يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلاَّ أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَلاَ يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 2426).

وقد رَغّب الرسول r في المدينة وسكناها، حرصاً على تعميرها، وتقديراً وتعظيماً لها، مهما كانت المغريات في غيرها لما لها من الفضائل. كما أخبر أن الموت بها فضيلة ونعمة كبيرة. عن عمر بن الخطاب أن الرسول  r، قال: )مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا( (رواه أحمد، الحديث الرقم 5180).

وكما روي عن عمر بن الخطاب انه قال: )اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ r وعَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ وَقَالَ هِشَامٌ عَنْ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَفْصَةَ سَمِعْتُ عُمَرَ(t (رواه البخاري، الحديث الرقم 1757).

كما أخبر r، أن المدينة لا يدخلها الطاعون ولا الدّجال. روى أبو هريرة t أن الرسول r قال: )عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ لاَ يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلاَ الدَّجَّالُ( (رواه البخاري، الحديث الرقم 1747).

وحرّم النبي r أن يُمَسّ أهل المدينة بسوء، حيث قال: )لاَ يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلاَّ انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ( (رواه البخاري، الحديث الرقم 1744).

وللمدينة أسماء كثيرة تدلّ على عظمتها وفضلها. وقد سماها الرسول r (المدينة) بعد أن كانت تسمى (يثرب). ومن أسمائها على سبيل المثال لا الحصر "طيبة، طابة، وقبة الإسلام، قلب الإيمان، المؤمنة، المباركة، المختارة، دار الأيمان، دار الأبرار، دار السنة، دار الأخيار، دار الفتح، البارة، الجابرة، ذات الحرار، حرم رسول الله r دار السلام، سيدة البلدان، المحرمة، المحروسة، المقدسة، أرض الله، وغيرها.

3. نبذة تاريخية

أ. المدينة قبل الهجرة

(1) تقول المصادر التاريخية إن العمالقة كانوا أول من سكن المدينة بعد الطوفان، وغرق قوم نوح u. وكان جدّهم (يثرب) أول نزل بها، ولذلك سُميت باسمه.

(2) ويذكر المؤرخون أن العمالقة استبدوا واستكبروا، وكانوا تحت إمرة رجل كبير منهم يقال له (الأرقام بن أبي الأرقم). فأرسل نبي الله موسى u جيشاً لمحاربتهم، فأهلكهم ولم يبق على أثر منهم. وكان أولئك العمالقة يسكنون مدن الحجاز، بما في ذلك خيبر وتيماء والمدينة.

(3) وتروي الأخبار التاريخية أن (بختنصر)[2] عندما أتى بني إسرائيل وهدم بيت المقدس عام 587 ق.م، تفرق اليهود في البلاد. فلحق قوم منهم بخيبر وتيماء والمدينة واستوطنوا مع العرب في تلك المناطق، وحفروا الآبار وغرسوا الأشجار.

(4) بعد انهيار سدّ مأرب تفرقت قبائل اليمن في أنحاء الجزيرة العربية، فلحق بنو عمر وابن ثعلبة (الأوس والخزرج) بالمدينة، ونزلوا على من بها من العرب واليهود. فبنوا المساكن وشيدوا الحصون، وعمّروا الأرض. وثارت بينهم وبين اليهود كثير من الخصومات، فاستنجدوا ببني عمومتهم الغساسنة في الشام، فأغاثوهم وناصروهم على اليهود.

وثارت بين الأوس والخزرج حروب طويلة، استمرت مدة تزيد على مائة وأربعين عاماً حتى كادوا أن يهلكوا عن أخرهم.

ب. المدينة في العهد النبوي

في عام 622م هاجر الرسول r إلى المدينة، وبمجيئه صفت النفوس وتوحّدت القلوب وصار الأوس والخزرج إخواناً متحابين. ودخلت المدينة بعد الهجرة مرحلة جديدة من تاريخها. فأصبحت مدينة مقدسة تجذب إليها الناس من شتى الأقطار، وعاصمة للدولة الإسلامية، وصارت معظم طرق التجارة تحت سيطرتها وإدارتها. كما تكونت حول المسجد النبوي وداخله مدرسة فكرية، أدت دوراً ثقافياً مهماً. وتفرق الصحابة والمهاجرون في مختلف المواقع في المدينة، خاصة بعد أن آخى الإسلام بينهم وبين الأنصار. وكان الصحابة من الأنصار (الأوس والخزرج) يفرحون كثيراً عندما يجاورهم إخوانهم المهاجرون، ويسكنون معهم ويغرسون ويزرعون. وتحول المجتمع الإسلامي في المدينة إلى مجتمع مثالي، يقوم على الإيثار والحب والسلام.

ج. المدينة في عهد الخلافة الراشدة

انتقل رسول الله r إلى الرفيق الأعلى فبايع المسلمون أبا بكر الصديق t. فوقف في وجه أعداء الإسلام بكل صلابة، وحارب المرتدين ووحد دعائم الإسلام في جزيرة العرب، ووجهة الجيوش إلى الشام والعراق، منطلقة من رحاب هذه المدينة الطاهرة عاصمة الإسلام الأولى.

وحمل العبء في السنة الثالثة عشرة للهجرة عمر بن الخطاب t ولا تزال المدينة هي المنطلق، وكانت انتصارات المسلمين قد توالت على الفرس والروم.

وعندما استُشهد الخليفة عمر بن الخطاب t حمل الأمانة بعده الخليفة الزاهد عثمان بن عفان، وتوالت انتصارات الجيوش، حتى استشهد الخليفة الثالث.

لم تستمر سيادة المدينة السياسية والاقتصادية والثقافية أكثر من ثلاثين عاماً. ولمّا وُلي علي ابن أبي طالب t الأمر، انتقلت الخلافة من المدينة إلى الكوفة بالعراق، ولكن بقيت مكانة المدينة الدينية في قلوب المسلمين، يتوجهون إليها من جميع أنحاء العالم الإسلامي للصلاة في المسجد النبوي وزيارة قبر الرسول r (أُنظر صورة واجهة قبر الرسول). وعادت المدينة إلى مكانتها التجارية باعتبارها طريقاً للقوافل، وظلت وظيفتها الثقافية قائمة يأتي إليها المثقفون والمفكرون من شتى بقاع العالم الإسلامي.

وكانت فتن يتبع بعضها بعضاً، واستُشهد الإمام علي  ـ كرم الله وجهه ـ فبايع أهل الكوفة ابنه الحسن. وكانت الفوضى قد دبت بين صفوف المسلمين واشتعلت نيران الفتن، فرأى الحسن أن يصالح معاوية بن أبي سفيان ويبايعه بالخلافة.

د. المدينة في العهد الأموي والعباسي

بويع معاوية بن أبي سفيان خليفة للمسلمين في ربيع الثاني عام 41هـ، وقامت الخلافة الأموية وانتقلت العاصمة إلى دمشق. وأهتم معاوية بالمدينة وحرص عليها، فولى أمرها لابن عمه مروان بن الحكم. وتوفي معاوية وخلفه ابنه يزيد، فلم يرضه أهل المدينة. وفي عام 63هـ، ولي أهل المدينة عبدالله بن مطيع القرشي على المهاجرين، وعبدالله بن حنظلة على الأنصار، فثار يزيد وأرسل جيشاً لقتال أهل المدينة بقيادة مسلم بن عقبة. وعاشت المدينة أحلك أيامها، حيث كانت معركة (الحرَّة). واستبيحت المدينة ثلاثة أيام، وقُتل من المهاجرين والأنصار خلق كثير. ومات يزيد وتبعه ابنه معاوية بعد أربعين يوماً. ووجد عبدالله بن الزبير الفرصة سانحة لإقامة دولته في الحجاز. فلما وَلِي عبد الملك بن مروان الخلافة، أرسل جيشاً بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي عام 72 هـ، فقتل عبدالله بن الزبير.

وفي عام 132هـ، انتهت دولة الأُمويين وقامت الدولة العباسية، فكانت المدينة منطقة معارضة لهذه الدولة الجديدة. وظهر محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضى الله عنهم، يعارض هذه الدولة وينادي بالخلافة للعلويين؛ فاغتيل كذلك. واهتم العباسيون بالمدينة، ولكن مقر الخلافة كان في العراق.

وجاء عصر الخليفة المهدي بن المنصور الذي أهتم بالمسجد النبوي اهتماماً بالغاً، وفي عهدة انتعشت الزراعة في المدينة وصارت موئلاً للازدهار.

وتضاءل دور العباسين في الحجاز، وبسط الأشراف نفوذهم عليهم. وكانت المدينة ركيزة مهمة، حرصوا عليها. وتعرض المسجد النبوي لحريقين الأول عام 654هـ، والثاني عام 886هـ.

هـ. المدينة في العهد العثماني

استولى السلطان سليم العثماني على مصر عام 932هـ، وباستيلائه عليها أدرك شريف الحجاز، الشريف بركات، خطورة الموقف. وعلم أن العثمانيين سوف يأتون الحجاز لا محالة. فأرسل مفاتيح الحرمين الشريفين للسلطان سليم العثماني، فوّلاه السلطان على الحجاز.

نظر الأتراك إلى المدينة نظرة خاصة، وأغدقوا على أهلها الهبات وأجزلوا لهم الصلات. فراجت التجارة وازدهرت العلوم، وحظيت المدينة بكثير من المنجزات العمرانية، فجدد سورها عام 937هـ، على يد السلطان سليمان العثماني، وجعل للسور أبواباً. وقد أزيل هذا السور بعد أن استتب الأمن على يد آل سعود، واتسع العمران.

اندلعت الثورة ضد العُثمانيين في الحجاز، إثر إعلان الشريف حسين بن علي عام 1334هـ، الثورة على الأتراك. فخرج الأتراك من الحجاز، كان الشريف حسين بن علي قبل خروج الأتراك قد ولى ولده علياً على المدينة. وبعد إعلان الثورة وخروج الأتراك من الحجاز، رجع إلى المدينة عدد كبير من أهلها، الذين أخرجهم الأتراك منها.

في عام 1343هـ، دخل الملك عبدالعزيز آل سعود مكة المكرمة، بعد أن خرج الشريف حسين بن علي إلى جدة. وحوصرت المدينة حتى استسلمت عام 1344هـ، وولى الملك عبدالعزيز ـ ابنه محمداً أميراً عليها.

و. المدينة المنورة في العهد السعودي

تمشياً مع الوضع التاريخي والديني للمدينة المنورة، ووضعها الخاص لكونها ثاني الحرمين الشريفين ـ بعد الحرم المكي ـ وامتداد مسؤولياتها لخدمة الحجاج والمعتمرين على مدار السنة، أصبحت المدينة المنورة عاصمة لإحدى مناطق المملكة العربية السعودية الثلاث عشرة التي حددها نظام المناطق السعودي. وتتكون منطقة المدينة المنورة من خمس محافظات، هي "ينبع، والعُلا، والمهد، وخيبر والحناكيّة".

4. أهم معالم المدينة

(أُنظر صورة مشهد من المدينة المنورة) و (صورة مشهد من المدينة ليلاً) و(صورة مساجد، في المدينة المنورة) و(صورة قبة ومئذنتا أحد المساجد) و(صورة قبة ومئذنة أحد المساجد) و(صورة الساحة الداخلية لأحد المساجد)

أ. المسجد النبوي الشريف

(أُنظر صورة منظر عام للمسجد النبوي) و(صورة الصائمون يفطرون بالساحة) و (صورة منظر خلفي للبيت) و(صورة قديمة للمسجد النبوي) و(صورة أمام قبر سيد الخلق) و(صورة قبة المسجد الخضراء والمآذن) و(صورة المسجد النبوي ليلاً) و(صورة الأعمدة والأقواس والأروقة)

ثاني الحرمين الشريفين، ومدرسة المسلمين الأولى، ويعد ثاني مسجد في الإسلام بعد مسجد قباء، الذي كان رسول الله r قد أمر الصحابي عمّار بن ياسر t ببنائه.

(1) عمارة المسجد النبوي الشريف (أُنظر صورة أحد أبواب المسجد)

(أ) كان أول ما اهتم به الرسول  لدى وصوله إلى المدينة المنورة ـ أن ابتاع أرضاً وبدأ بعمارة المسجد، واشترك مع أصحابه في بناء المسجد.

رُفع أساس المسجد بالحجارة وسُقف بعضه بالجريد، وأقيمت أعمدته من جزوع النخل، وجعلت له ثلاثة أبواب. وبعد اكتمال البناء كانت مساحة المسجد 4200 ذراعاً مربعاً (الطول سبعون ذراعاً والعرض ستون ذراعاً).

(ب) في السنة السابعة من الهجرة ـ بعد فتح خيبر ـ تمت توسعة المسجد حتى بلغت مساحته عشرة آلاف ذراع مربع، وارتفاعه سبعة أذرع؛ وأكمل سقفه من الجريد والطين.

صلى الرسول r بمسجده تجاه بيت المقدس مدة 17 شهراً، إلى أن أمره الله تعالى بالتوجه إلى الكعبة المشرفة بمكة المكرمة. واقتداء برسول الله r حرص أصحابه ومن تبعهم من الخلفاء والأمراء والسلاطين على عمارة المسجد النبوي الشريف وتحسينه وزيادة مساحته. ويمكن إيجاز توسعات المسجد النبوي فيما يلي:

(2) زيادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب  

افتتح الخليفة الثاني عمر بن الخطـاب ثلاثة أبواب جديدة للمسجد، وزاد عمودين في جهة الغرب، ومثلهما جهة الشمـال. وأصبحـت مساحـة المسجد في عام 14هـ، 575.3 م2.

(3) زيادة الخليفة عثمان بن عفان

في عام 29 هـ، أدخل الخليفة عثمان بن عفان زيادات على المسجد تمثلت في: إقامة عمود واحد من جهة الغرب، وعدة أعمدة من جهة القبلة ، كما أنشأ محرابه المعروف باسمه (أُنظر صورة المحراب وجزء من الروضة). وكانت عمارته بالحجارة والجص والأعمدة المحشوة بالحديد، وسقفه بالسياج. وأصبحت مساحة المسجد في عهده 4017 م2.

(4) زيادة الوليد بن عبدالملك

أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك عامله على المدينة آنذاك ـ عمر بن عبدالعزيز ـ بشراء الدور حول المسجد وضمها إلى مساحته، بعد تعويض أصحابها التعويض المناسب. واستخدم الوليد في عمارة المسجد أحدث وسائل المعمار في ذلك العصر، كما جلب العمال من بلاد فارس، واستورد الفسيفاء والسلاسل والقناديل. وصارت أبواب المسجد عشرين، منها ثمانية جهة الشرق. كما أقيمت أعمدة من الحجارة محشوة بالحديد والرصاص. وبنيت الحجرة الشريفة، وشيدت للمسجد أربع مآذن. وأصبحت مساحة المسجد عام 88 هـ 6440 م2.

(5) زيادة المهدى بن منصور

بدأت زيادة الخليفة العباسي المهدي بن منصور من عـام 161 هـ، إلى 165 هـ، وبلغت زيادة المساحة 2450 م2.

(6) زيادات الملوك والأمراء

اهتم عدد من الملوك والأمراء المسلمين بإصلاح المسجد وعمارته وزينته وزخرفته. ففي عام 654هـ، احترق المسجد النبوي، فساهم في عمارته عدد من خلفاء المسلمين وسلاطينهم. وكان أول من ساهم في ذلك المستعصم بالله العباسي، فأرسل من بغداد المؤن والصُنَّاع، وبُدئ العمل عام 655هـ.

ثم استولى التتار على بغداد، فتبارى خلفاء المسلمين وسلاطينهم في عمارة المسجد وهم: صاحب مصر المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك الصالحي، وصاحب اليمن المظفر شمس الدين يوسف بن منصور بن علي. وصاحب مصر الظاهر بيبرس. والأشرف برسيباي والظاهر جمقمق، .

وفي عام 886هـ، احترق المسجد النبوي للمرة الثانية، فكتب أهل المدينة للأشرف قايتباي صاحب مصر، فأرسل المؤن والعمال وكل المواد والنقود. وعمّره وتمت عمارته حوالي عام 890 هـ، وبنى للمصلى النبوي المحراب العثماني في الزيادة القبلية. وأضافت هذه العمارة 120م إلى مساحة المسجد.

(7) إضافات السلاطين العثمانيين

(أ) في عام 980 هـ، اهتم السلطان سليم الثاني بعمارة المسجد النبوي الشريف وبنى للمصلى النبوي محراباً، كما بنى المحراب العثماني في الزيادة القبلية.

(ب) في عام 1233هـ، أضاف السلطان محمود القبة الشريفة، مربعة من أسفلها ومثمنة من أعلاها.

(ج) في عام 1263هـ، رفع شيخ الحرم، داود باشا، أمر المسجد النبوي للسلطان عبدالحميد، بعد أن آلت بعض سقوفه للسقوط. فاهتم السلطان بالأمر كثيراً، وبعد أن تحقق من الخراب أصدر أوامره بإرسال المهندسين والخبراء والنجارين والصناع والمؤن. وبدأت العمارة بكامل المسجد عام 1265هـ، وانتهت عام 1277هـ. وزاد في المسجد الكتاتيب لتعليم القرآن، والمستودعات في الجهة الشمالية، كما زاد في الشرق نحو خمسة أزرع. وبلغت التوسعة بالأمتار 1293 م مربعاً.

(8) التوسعات في العهد السعوديّ

(أ) في عام 1368هـ، أذاع الملك عبدالعزيز آل سعود بياناً إلى العالم الإسلامي، وأعلن فيه اعتزام جلالته تنفيذ مشروع التوسعة للحرمين الشريفين، بدءاً بالحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة. فأجريت الدراسات ووضعت الخطط ورصدت الأموال اللازمة، وبدأ التنفيذ الفعلي في 5 /10 /1370هـ. وقد استهدفت المرحلة الأولى من المشروع القيام بأعمال الهدم اللازمة للأبنية والدور المحيطة بالمسجد، التي تقرر أن تشملها التوسعة، ونقل الانقاض، مع البدء في حفر الأساسات اللازمة للمشروع.

(ب) وفي ربيع الأول عام 1372هـ، احتُفل بوضع حجر الأساس في المشروع في حفل كبير شرفه الملك سعود وحضره ممثلون عن مختلف الدول الإسلامية والعربية، إضافة إلى عشرات الآلاف من أبناء البلاد. وبلغت مساحة التوسعة 16326 متراً مربعاً.

(ج) وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز أضيفت توسعة أخرى بلغت مساحتها 35 ألف متر مربع.

(د) وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز أضيفت 43 ألفاً من الأمتار المربعة.

(هـ) وفي عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، أقيمت أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي والمدينة المنورة بكاملها. إذ بلغت مساحة المسجد بعد التوسعة الكبرى 165.500 متر مربع، وأصبح يستوعب 257 ألفاً من المصلين. ومن هذه المساحة 67 ألف متر تُغطي مساحة السطح، وتستوعب 90 ألفاً من المصليين.

كما أضيفت الساحات المحيطة بالمسجد، وبلغت 235 ألف متر مربعٍ، ليصل مجموع المساحات ضمن هذا المشروع 400.500 م2، تستوعب 650 ألفاً من المصلين داخل المسجد والأماكن المحيطة به. وتميزت هذه التوسعة بإضافة ست مآذن جديدة ليصبح عددها عشراً. وأصبحت أبواب الحرم 81 باباً، كما تم تركيب 18 سلماً تؤدي لسطح المسجد. وقد زوّد المسجد بسبع وعشرين قبة متحركة لها خاصية الانزلاق (أُنظر صورة القبة المتحركة والنقوش)، تزن القبة الواحدة 80 طناً يتحكم في فتحها وإغلاقها حاسوب مركزي. وتم تزويد المسجد بمولدات كهربائية حديثة، ومحطة ضخمة لتكييف الهواء. كما أقيمت مواقف للسيارات من طابقين تحت الساحات المحيطة بالحرم، بلغت مساحتها 390 ألف متر مربع، تستوعب 4500 سيارة. وزوّد المشروع بكاميرات تلفازية ثابتة ومتحركة وأجهزة إنذار حساسة، فضلاً عن شبكة حديثة للاتصالات.

ب. مسجد قباء (أُنظر صورة مسجد قباء)

هو أول مسجد بُني في الإسلام. بناه الرسول r عندما وصل إلى المدينة مهاجراً من مكة المكرمة. وفي هذا المسجد نزل قول الله تعالى: )لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ( (سورة التوبة: الآية 108).

يقـع المسجد في منطقة قباء جنوب غـربي المدينة. وقد أجريت به عده توسعات، كانت آخرها توسعة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز. الذي أمر بتوسعته وعمارته على نفقته الخاصة. وبـدأ العمل في عام 1405هـ، وانتهي عام 1407هـ، حيث أقيمت في أركانه الأربعة مـآذن ترتفع كل منها 48 م. وبلغت مساحته 13.500 م2، وصار يتسع لعشرين ألفاً من المصلين.

ج. مسجد القبلتين

يقع على هضبة مرتفعة شمال غربي المدينة. وسمي مسجد القبلتين لأن المصلين عندما أتاهم خبر تحول القبلة، من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، استداروا وهم في صلاتهم، حتى جعلوا وجوههم إلى الكعبة. قال الله تعالى: )قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ( (سورة البقرة: الآية 144).

أجريت للمسجد عدة تحسينات وتجديدات عبْر العصور المختلفة. واهتمت حكومة المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بتجديده وتحسينه.

كما تحوي المدينة المنورة عدداً من المساجد التاريخية المهمة، منها: مسجد الفتح، ومسجد الإجابة، ومسجد الغمامة، ومسجد الجمعة، ومسجد أبي بكر الصديق، ومسجد عمر بن الخطاب، ومسجد على بن أبي طالب، ومسجد أُبيّ بن كعب، ومسجد أبي ذر الغفاري، وغيرها من المساجد.

د. جبل أُحُد

يقع شمالي المدينة، وباسمه سميت موقعة أحد المشهورة ( 7 /10 / 3هـ). وتبلغ المسافة بينه وبين مسجد الرسول r أربعة كيلومترات. وهو جبل صخري، طوله من الشرق إلى الغرب نحو ستة كيلومترات، ويميل لونه إلى الأحمر. قال فيه الرسول r : )أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ( (رواه البخاري، الحديث الرقم 4070).

هـ. جبل الرُّماة

جبل صغير يقع جنوبي جبل أحد؛ ويقع بين جبل الرماة وجبل أحد في طرف الوادي، قبر سيدنا حمزة بن عبدالمطلب، عم رسول الله r وقبور شهداء أُحُد. وسُمي بجبل الرماة لأن النبي r وضع فوقه خمسين من أصحابه، كانوا من أمهر الرماة، لحماية ظهور المسلمين، في غزوة أحد، وأمرهم بعدم مغادرة مواقعهم أياً كانت نتيجة المعركة. فلما بدا النصر للمسلمين ترك الرماة مواقعهم؛ فتحول نصر أحد إلى هزيمة، بل إلى درس قاسٍ في وجوب طاعة أوامر القائد، أثناء المعركة.

و. أرض البقيع

مقبرة أهل المدينة منذ عهد النبوة إلى يومنا هذا. وتقع جنوب شرقي المسجد النبوي الشريف. كانت أرض البقيع خارج عمران المدينة، وقد أصبحت داخلها بعد الامتداد العمراني للمدينة. تضم أرض البقيع قبر الخلفية عثمان بن عفان، وقبور أمهات المؤمنين زوجات النبي، وقبور بناته r وقبر مرضعته. إضافة إلى قبور عدد من الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين.

وقد وسُعت أرض البقيع بضم الأرض المجاورة لها، وإحاطتها بسور لحمايتها. كما رُبطت بخطوط المواصلات المتعددة لإتاحة زيارتها لزوار المدينة المنورة طوال العام.

ز. محطة السكة الحديدية في العنبرية

في 3 /10 / 1326هـ الموافق 28 /8 / 1908، شاهد أهل المدينة المنورة أول قطار يسير على السكة الحديدية في المدينة المنورة، يحمل المسافرين والحجاج من الشام وتركيا ودول شرق آسيا، بعد أن وصلت السكة الحديدية إلى حيفا في فلسطين، مروراً بدمشق فالمدينة. وكانت المسافة التي يقطعها القطار من دمشق إلى المدينة 1302 كم، والمسافة بين المدينة وحيفا في فلسطين 1333 كم. تقطعها القطارات في أربعة أيام، وقد أُقيمت الكباري والمحطات على طول الخط، وجعلت نهايته في حي العنبرية في المدينة المنورة. وشيدت لذلك محطة ضخمة، كانت غاية في الرعاية والإتقان ولا تزال آثارها باقية.

ح. النهضة التعليمية

شهدت المدينة قديماً حركة علمية متعددة الجوانب، وضعت الأسس الأولى للنهضة العلمية الإسلامية. ففي المسجد النبوي كان مولد المدرسة العلمية، التي شهدتها المدن الإسلامية. واتُخذت الكتاتيب في وقت مبكر في المدينة، مما كان له أثره في انتشار القراءة والكتابة. ثم استفادت المدينة ـ وهي العاصمة الإسلامية ـ من حضارات البلاد المفتوحة، وعلى وجه الخصوص بلاد الروم وفارس.

وقد حرص الخلفاء والملوك والأمراء والأثرياء من المسلمين ـ في مختلف الأقطار وعلى مَرّ العصور المتلاحقة ـ على دعم الدور التعليمي للمدينة المنورة. فأنشأوا فيها المدارس والمكتبات حتى أصبحت المدينة دوماً ملتقى العلماء وطلاب العلم من مختلف الأقطار الإسلامية.

وفي العصر الحاضر، حرصت حكومة المملكة العربية السعودية على تطوير التعليم في المدينة المنورة. فأنشأت المدارس الحديثة بأنواعها المختلفة، ويبلغ عدد المدارس اليوم في المدينة المنورة 208 مدرسة ابتدائية للبنين، و63 مدرسة متوسطة و20 مدرسة ثانوية وكلية متوسطة للمُعلمين. أما تعليم البنات فلديهم 179 مدرسة ابتدائية و61 مدرسة متوسطة و28 مدرسة ثانوية و4 معاهد للمعلمات، وكلية لإعداد المعلمات، ومعهداً علمياً، وكلية للدعوة، وكلية للتربية.

ط. الجامعة الإسلامية

هي ثاني جامعات المملكة من حيث تاريخ التأسيس (25 /3 / 1381هـ) ـ 1961م، بعد جامعة الملك سعود في الرياض (جامعة الرياض سابقاً).

وكان الهدف من إنشاء هذه الجامعة، تخريج أجيال من علماء المسلمين المثقفين في الدين، العارفين لأحكامه وشرائعه، والداعين إلى سبيل الله.

تضم الجامعة أكثر من مائة جنسية، ولا يشكل الطلبة السعوديون فيها أكثر من 20%.

وتتألف الجامعة من خمس كليات، تضم ثلاثة عشر قسماً. وهذه الكليات هي:

(1) كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية.

(2) كلية الحديث الشريف والدراسات الإسلامية.

(3) كلية اللغة العربية.

(4) كلية الدعوة وأصول الدين.

(5) كلية الشريعة.

ويتبع الجامعة عدد من المعاهد والدور، هي: المعهد المتوسط، المعهد الثانوي، دار الحديث في المدينة المنورة، دار الحديث في مكة المكرمة، شعبة تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها.

ي. مُجَمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف

افتُتح المجمّع في شهر صفر 1405هـ (1985)، على يد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، الذي وضع حجر أساس المشروع في شهر محرم 1403هـ/ 1983.

يقوم المجمع على مساحة 200 ألف متر مربع على طريق تبوك في المدينة المنورة. ويُعد وحدة عمرانية متكاملة بمرافقها الإنتاجية، والسكنية، والورش، ومرافق الخدمات من طرق ومحطات لتنقية المياه، ومستودعات، ومحرقة للأوراق. ويعمل في هذا المشروع حوالي 900 شخص من العلماء المتخصصين، والخطاطين، والفنيين، والعمال، والإداريين. ويُشرف على المجمع معالي وزير الحج والأوقاف. ويرأس اللجنة الاستشارية العليا للمجمع.

أهداف المشروع

(1) طباعة القرآن الكريم في مصاحف ذات أحجام وأنواع مختلفة، بطاقة إنتاجية مقدارها سبعة ملايين نسخة سنوياً، منها مليونا نسخة لتراجم تفاسير القرآن الكريم بلغات الدول الإسلامية، ولغات العالم الحية.

(2) تسجيل القرآن الكريم على أِشرطة (كاسيت) صوتية لمشاهير القراء، في المملكة العربية السعودية والعالم الإسلامي. وينتج المجمّع سنوياً ثلاثين ألف نسخة كاملة مُسَجّلة من القرآن الكريم.

(3) إجراء البحوث العلمية الدقيقة في مباحث القرآن الكريم وعلومه، وتكوين مكتبة متخصصة في هذا المجال.

ك. مكتبة الملك عبدالعزيز

وضع حجر أساسها سنة 1393هـ، وافتتحها خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز يوم 6/1/1403هـ. وزودت بالكتب والمراجع العلمية، وتتسع لثلاثة ملايين كتاب. وتعد من أحدث المكتبات في العالم تصميماً وتأثيثاً وتجهيزاً. وقد شيدت هذه المكتبة لتكون صرحاً من صروح العلم والمعرفة يرتادها العلماء والباحثون وطلاب العلم. وتضم المكتبة، إضافة إلى الكتب والمجلدات الفخمة، مجموعة من المصاحف المخطوطة النادرة الرائعة، التي تمثل مختلف المراحل التي مّر بها تدوين المصحف الشريف.

وفي الطابق الثالث من المكتبة، توجد 14 مكتبة خاصة، أوقفها أصحابها على مّر العصور، وقد أولتها وزارة الحج والأوقاف كل عنايتها واهتمامها.

ل. المياه

كانت المدينة تعتمد كلياً على المياه الجوفية في الشرب والزراعة. ونظراً لكثرة الاستهلاك وامتداد العمران، واتساع الرقعة الزراعية، فقد أدى ذلك إلى انخفاض مستوى المياه في الآبار. ولهذا كان اهتمام الدولة بهذا الجانب كبيراً، فتولت إنشاء السدود ومحطات التحلية، لسد احتياجات المدينة من المياه.

وقد بلغ ما تستهلكه المدينة المنورة من المياه يومياً 170 ألف متراً مكعباً، تُؤمن الآبار الجوفية 40% منها، بينما تُغطي الأنابيب الممتدة من محطة التحلية في ينبع والمدينة المنورة نسبة الـ 60% المتبقية من الاستهلاك.

(1) السدود في المدينة

(أ) في عام 1374هـ، أُنشئ أول سدّ وهو (سد العاقول)، لاستخدام الطمي والمياه في صناعة الطوب الأحمر، وحجز الماء لتغذية الآبار الزراعية في المنطقة. كما أنشأت وزارة الزراعة والمياه بجانبه سداً آخر بسعة مليون متر مكعب.

(ب) في عام 1380هـ، أنشئ سد العقيق.

(ج) في عام 1386هـ، أنشئ (سدّ بطحان) جنوبي المدينة، بسعة بلغت خمسة ملايين متر مكعب.

(د) في عام 1398 أنشئ (سدّ الغاب) شمالي المدينة المنورة، لتغذية الآبار المحيطة واستخدامه للأغراض الزراعية.

(2) برج مياه المدينة المنورة

ويُعد برج مياه المدينة المنورة، المقام في منطقة قباء، معلماً حضارياً يلفت الانتباه بتصميمه الجذاب، والمساحات الخضراء المحيطة به. وتقدر كميات المياه المتدفقة إليه يومياً، حوالي 76 ألف متر مكعب.

ويتألف الدور الأرضي للبرج من مسجد، وقاعة للمحاضرات. أما قمته فيها مطعم مساحته 1200 م2، يمكن مشاهدة معظم أحياء المدينة منه. ويبعد البرج عن مسجد قباء كيلومترين أثنين، وعن المسجد النبوي الشريف ثمانية كيلومترات.

(3) محطة التحلية في المدينة المنورة

كانت بداية العمل في محطة التحلية بمدينة ينبع عام 1398هـ، لتوفير المياه الصالحة للشرب للمدينة المنورة وينبع. وقد اكتملت وافتُتحت في عام 1401هـ.

ويبلغ إنتاج المحطة 25 مليون جالون في اليوم، ومائتين وخمسين ألف كيلوواط كهرباء. ويجري تزويد المدينة المنورة بعشرين مليون جالون يومياً، عبْر أنبوب يبلغ طوله 176 كم، مزود بمضخات وآلات للتشغيل، وتزود مدينة ينبع بخمسة ملايين جالون ماء يومياً.

م. الرعاية الصحية

تشمل الرعاية الصحية في المدينة المنورة المواطنين والمقيمين، إضافة إلى حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزائرين. وإضافة إلى المراكز المؤقتة التي تفتح خلال موسم الحج، توجد في المدينة المنورة المستشفيات الآتية:

(1) مستشفي الملك فهد (500 سرير).

(2) مستشفي الولادة والأطفال (500 سرير).

(3) مستشفي بدر الخيري (216 سرير).

(4) مستشفي الحُميات (57 سريراً).

(5) مستشفي الأمراض الصدرية (120 سريراً).

(6) مستشفي العيون (58 سريراً).

(7) مستشفي العناية المتخصصة (200 سرير).

(8) مستشفي الأمراض النفسية (36 سريراً).

(9) المستشفي العام (551 سريراً).

وهناك (76) مركزاً للرعاية الصحية والأولية، منتشرة في أحياء المدينة.

ن. المواصلات والاتصالات

تتصل المدينة المنورة بجميع مناطق المملكة ومدنها، فهناك طرق تربطها بمدن المنطقة وقراها؛ وهناك أخرى تتصل بشبكة الطرق الرئيسية في المملكة؛ إضافة إلى الطرق الداخلية في المدينة. وأهم هذه الطرق هي:

(1) طريق مكة المكرمة ـ المدينة المنورة السريع، (420 كم)، ويتصل بطريق جدة ـ مكة المكرمة السريع.

(2) طريق المدينة المنورة ـ بدر ـ جدة (400 كم)، وهو يمتد في اتجاه الجنوب الغربي، ويؤدي ـ أيضاً ـ إلى مدينة ينبع الواقعة على الساحل الغربي في المملكة.

(3) طريق المدينة المنورة ـ الرياض (1000 كم)، ويمر بمنطقة القصيم.

(4) طريق المدينة المنورة ـ تبوك (1000 كم)، ويمتد في اتجاه الشمال حيث يتصل بالطريق المؤدي إلى الأردن وسورية.

كما أُنشئت طرق دائرية حول المدينة المنورة، لتسهيل العبور من المدينة وإليها في مختلف الاتجاهات، دون المرور داخلها.

وأنشئت داخل المدينة شبكة من الشوارع الرئيسية، روعي في إنشائها تيسير الاتصال بين أجزاء المدينة وأحيائها دون الحاجة للمرور في وسطها، منعاً للاختناقات المرورية في قلب المدينة، حيث منطقة المسجد النبوي الشريف.

وفي المدينة على بعد 12 كم من وسطها في اتجاه الشمال الشرقي مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز، وهو مزود بكافة التجهيزات لاستقبال الطائرات من مختلف الأحجام.

أما أقرب الموانئ البحرية إلى المدينة فهو ميناء ينبع، الذي يقع على بُعد 250 كم.

وفي مجالات الاتصالات: تُتشارك وزارة البرق والبريد والهاتف، في خدمات الحجاج والزائرين، من خلال استعدادات إضافية ضخمة، تُيسر على زوار المدينة المنورة الاستفادة من المستوى المتقدم الذي بلغته وسائل الاتصال في المملكة.

ويمكن إيجاز خدمات الوزارة في ما يلي:

(1) تجهيز أكثر من خمسين ألف خط هاتفي آلي.

(2) تجهيز أكثر من (800) هاتف سيارة.

(3) تجهيز أربعمائة جهاز تلكس عام وخاص.

(4) تأسيس اثني عشر مكتباً وشعبة لخدمات الاتصال.

س. محطة التجارب الزراعية

أُنشئت هذه المحطة عام 1378هـ، لخدمة المزارعين في المنطقة، وتحسين السلالات المحلية من الأبقار بتلقيحها مع سلالات جيدة.

كما تُربي المحطة الدواجن لإنتاج اللحم والبيض، وتوجد بها سلالات من الأرنب. وتُصَنّع بها الأجبان والقشدة والزبدة، التي تباع بأسعار زهيدة.

ع. الأندية والمنشآت الرياضية

عرفت المدينة بنشاطها الأدبي والثقافي والفني والرياضي. فبها نادٍ أدبي يسهم إسهاماً فعالاً في الحياة الأدبية والثقافية والفنية، فضلاً عن عدد من الأندية الرياضية التي لها تاريخ حافل ومجيد في مجالي الرياضة والشباب. ومن هذه الأندية:

(1) نادي أُحد الرياضي (تأسس عام 1358هـ.)

(2) نادي الأنصار (تأسس عام 1386هـ).

ومن المنشآت الرياضية في المدينة المنورة

(1) الصالة المغلقة للألعاب (مساحتها 2427 م2).

(2) مدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز الرياضية، التي أنشأتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب. وتحتوي هذه المدينة على إستاد، يتسع لثلاثين ألف متفرج، وبه ملعب تدريب لكرة القدم، وملعبان للتنس، وملعبان لكرة السلة، وملعبان لكرة الطائرة، وحلبة للملاكمة وأخرى للمصارعة، وصالة مغلقة للألعاب وحمام سباحة وصالة لألعاب القوى والجمباز. إضافة إلى حديقة وحمام سباحة للأطفال. وتخدم الإستاد وحدة رعاية صحية متكاملة، إضافة إلى منشآت الإدارة، ومنشآت النشاطات الثقافية والخدمات العامة، وصالة المحاضرات وبيت للشباب.

ف. النشاط الاقتصادي

(1) قطاع الخدمات

يُعد قطاع الخدمات من ركائز الاقتصاد المهمة في المدينة المنورة، التي تعيش في مواسم دائمة. فهي تستقبل كل عام مليوني حاج، فضلاً عن مئات آلاف من الزوار الذين يقصدونها للصلاة في المسجد النبوي الشريف، وزيارة قبر المصطفيr،على مدار العام.

ويقدم القطاع خدمات الفنادق والمطاعم والمصارف والنقل، وغيرها من الخدمات.

(2) الزراعة

تهيأت للمدينة ظروف طبيعية مواتية، جعلت منها منطقة جذب وموطناً للهجرات المختلفة منذ القدم. تمثلت في الموارد المائية والتربة الخصبة التي تجرفها السيول من الهضاب والجبال المحيطة بها.

وتشمل المنتجات الزراعية في المدينة الفواكه والشعير والخضراوات، ونباتات وأعشاب العطارة والبرسيم، فضلاً عن 20 نوعاً من التمور الجيدة.

(3) الصناعة

تعتمد الصناعة في المدينة المنورة، على الصناعات اليدوية البسيطة، التي تُلبي حاجات السكان، ويستخدم بعضها هدايا تذكارية. وأهم المنتجات الصناعية:

(أ) المواد الغذائية (صناعة التمور وتعليبها).

(ب) المنسوجات والملابس الجاهزة.

(ج) الخشب والأثاث والموبيليا.

(4) التجارة

التجارة من أقدم الأنشطة التي مارسها سكان المدينة فقد كانت التجارة خلال فترة الخلافة الراشدة تتراوح بين تجارة ذات مدى إقليمي محدد ويشمل نجد والحجاز، وتجارة واسعة تسهم في حركة التجارة العالمية.

وفي المدينة نمطان من الأسواق:

(أ) الأسواق الشعبية وما يماثلها.

(ب) المراكز التجارية الحديثة

هي أكثر تنظيماً وتخصصاً من الأسواق الشعبية. ولها رونقها الخاص المتمثل في محلات العرض الزاهية، والإضاءة الكهربائية المتوهجة، والإعلانات المستمرة. وتنشط حركتها طوال السنة، ويزداد نشاطها في مواسم الحج والزيارة، حين يرتادها الحجاج والزوار لشراء الهدايا لأهلهم وذويهم من مختلف أنحاء العالم.

ص. فضل المدينة

(1) هي البقعة التي أحبها رسول الله  وأحبته، فهاجر إليها وبنى على أرضها مسجده الشريف، ووارى ترابها جسده الطاهر.

(2) هي مدينة الأنصار وإخوانهم المهاجرين، الذين شكلوا القوة الأولى للإسلام، فمن المدينة انطلقوا ينشرون دين الله في الأرض.

(3) هي دار الإسلام الأولى التي ناصرت رسول الله  وقاتلت معه في معارك تاريخية فاصلة كان لها أثرها في انتصار الإسلام وانتشاره فيما بعد.

(4) هي مقر الدولة الإسلامية الأولى، التي شهدت كبار الصحابة وهم يرسون قواعد الدولة الإسلامية، ويجمعون كتاب الله الكريم، ويوجهون الجيوش إلى فتح بلاد فارس والشام ومصر.

(5) هي في عصرنا الحاضر ثاني الحرمين الشريفين، وعاصمة منطقة المدينة المنورة، وإحدى مناطق المملكة العربية السعودية.

 



[1] عير: جبل جنوبي المدينة.

[2] ملك بابل في الفتر ة (605 ـ 562 ق.م) ويعرف كذلك باسم بنو خذ نصر.