مكة المكرمة

مكة المكرمة أفضل بقعة في الأرض، وأشهر مدن العالم الإسلامي، والعاصمة الإدارية لإحدى مناطق المملكة العربية السعودية، التي تحمل اسمها (منطقة مكة المكرمة).

1. الموقع

تقع مكة المكرمة في الجهة الغربية من المملكة العربية السعودية، في واد من أودية تخوم جبال السراة، تحفه الجبال من كل جانب، عند تقاطع خط العرض 25- ⁵21 شمالاً، وخط الطول 49- ⁵39 شرقاً، ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى أكثر من ثلاثمائة متر.

2. الحدود

يحُدُّ منطقة مكة المكرمة من الشرق منطقة الرياض، ومن الجنوب مناطق عسير والباحة وجيزان، ومن الشمال منطقة المدينة المنورة، ومن الغرب مدينة جدة على البحر الأحمر.

3. المساحة

تبلغ المساحة المعمورة لمكة المكرمة 65 ألف كيلومتر مربع. وهي تنقسم إلى قطاعين متميزين، يضم الأول منهما الحرم الشريف والمنطقة القديمة التي يغلب عليها الطابع التقليدي، بينما يشمل الثاني مناطق التنمية العمرانية الحديثة على الأطراف.

4. السّكان

يُقدر عدد سكان مكة المكرمة بنحو 850 ألف نسمة، ويشكل غير السعوديين حوالي 28% من السكان. وكلهم مسلمون، فمكة لا يدخلها غير المسلمين منذ السنة التاسعة للهجرة، حين نزلت الآية الكريمة )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( (سورة التوبة: الآية 28).

5. نبذة تاريخية

أ. كانت مكة المكرمة قبل نزول إسماعيل u وأمه هاجر إليها، وادياً قفراً لا حياة فيه. وقد ترك إبراهيم أبو الأنبياء u زوجته وولده هنالك تنفيذاً لأمر ربه. قال تعالى على لسان إبراهيم: )رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون( (سورة إبراهيم: الآية 37).

ب. وكان تدفق بئر زمزم تمهيداً لقيام الحياة في ذلك الوادي، ثم تلا ذلك الأمر الإلهي لإبراهيم بأن يبني البيت الحرام مع ابنه إسماعيل u. قال تعالى: )وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم(ُ (سورة البقرة: الآية 127).

ج. ثم كان الأمر الإلهي لإبراهيم بأن يؤذن في الناس بالحج، فقال تعالى: )وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ( (سورة الحج: الآية 27). فتوافد الناس على مكة المكرمة، وأصبحت مركزاً دينياً، ومحطة تجارية بين الشّمال والجنوب.

د. في أواخر القرن الثالث الميلادي آل أمر مكة المكرمة إلى قبيلة خزاعة، بزعامة ربيعة بن حارثة ومن بعده عمرو بن لحي الخزاعي، الذي يعد أول من بدّل دين إبراهيم u وأتى بالوثنية.

هـ. ثم وَلِيَت قريش أمر البيت الحرام، من سقاية الحجاج وتوفير الطعام وعمارة الكعبة، وأصبحت لها السّيادة الدينية والاقتصادية.

و. في عام 571م (عام الفيل)، ولد الرسول r، في مكة المكرمة. وعندما بلغ الأربعين، نزلت إليه الرسالة فدعى إلى الإسلام فأدى ذلك إلى تغير الأحوال العامة في مكة المكرمة. فعارضت قريش الإسلام وتعرضت للرسول r، بالأذى, فهاجر إلى المدينة بعد انقضاء عشر سنوات.

ز. في العام الثامن للهجرة، عاد الرسول r وأصحابه إلى مكة المكرمة فاتحين منتصرين آمنين. وتوافدت القبائل للدخول في الإسلام أفواجاً، وظهر المجتمع الإسلامي في مكة المكرمة نموذجاً لدولة الإسلام، وظلت مكة المكرمة عبْر العصور قْبِلَة المسلمين، وموضع اهتمامهم وعنايتهم.

ح. وتُعد مكة المكرمة الآن من كبريات المدن السعودية، وتزدهي بوجود البيت الحرام بها. وهي عاصمة لإحدى مناطق المملكة التي تحمل اسمها (منطقة مكة المكرمة) وتتبع لها محافظات: جدة والطائف والجموم، والقنفدة، وخليص والخرمة والليث ورابغ، والكامل ورانية، وتربة.

6. أهم المعالم

أ. المعالم الدينية والتاريخية

(1) المسجد الحرام

هو أول بيت وضع للناس على الأرض لعبادة الله. قال تعالى: )إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِين( (سورة آل عمران: الآية 96) يتوجه إليه المسلمون، ويأتون لأداء فريضة الحج. وهو أول المساجد الثلاثة، التي تشد إليها الرحال. عن النبي r، أنه قال: )لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى( وروي عنه r، أنه قال: )صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ( .

عمارة المسجد الحرام عبر العصور

(أ) قبل البعثة المحمدية

تمت أول عمارة للمسجد الحرام، بعد بناء إبراهيم u على يد قبيلة قريش قبل البعثة المحمدية. وكان عمر الرسول r، آنذاك، خمساً وثلاثين عاماً.

(ب) في عهد الخلفاء الراشدين

أزيل عدد من المنازل حول المسجد وأضيفت إلى مساحة الحرم، وبني الخليفة الثاني عمر بن الخطاب t حائطاً حول الحرم.

(ج) في العصر الأموي (40هـ ـ 132هـ)

أجرى عبدالله بن الزبير توسعة كبيرة للحرم المكي، كما أضاف الوليد بن عبدالملك توسعة أخرى عام 91هـ ـ 709م.

(د) في العصر العباسي (132هـ 656هـ، 750م ـ 1259م)

·  اشترى الخليفة أبو جعفر المنصور عام 137هـ/ 754م، عدداً من الدور حول المسجد وأضاف مساحتها إليه.

·  وفي عام 161هـ/ 777م، أمر الخليفة العباسي محمد المهدي، بشراء الدّور الواقعة بين المسجد الحرام والمسعى، ثم هدمها وأضافها إلى مساحة المسجد. وقد بلغ إجمالي التوسعة في عهده 120 ألف ذراع مربع، وعدد الأبواب تسعة أبواب و38 منفذا، كما أضيفت ثلاث منائر جديدة.

·  في عام 271هـ/ 884م، في عهد الخليفة العباسي المعتمد على الله، جرى ترميم المسجد.

(هـ) في العصر المملوكي (648هـ ـ 923هـ، 1250م ـ 1517م)

تعرض المسجد لأمطار غزيرة وسيول تسببت في سقوط عمودين من أعمدته وسقوط إحدى مآذنه، كما نشب حريق أتى على الجانب الغربي من المسجد. فتمت عمارة المسجد وتجديده تجديداً شاملاً خلال ذلك العصر.

(و) في العهد العثماني

·  في عام 973هـ/ 1564م، شهد المسجد الحرام عمارة السلطان سليمان، الذي أضاف إلى المسجد منبراً رخامياً مُطَعّماً بالمرمر.

·  وفي عهد السلطان سليم العثماني بدأت عمارة أخرى للمسجد، وتمت في عهد خليفته السلطان مراد عام 984هـ/ 1576م، حيث بلغت مساحة المسجد الحرام في العمارة الثانية الأخيرة ,28003 متر مربع.

·  وفي نهاية العهد العثماني أجريت إصلاحات أخرى، كان آخرها عمارة السلطان محمود رشاد.

(ز) في العهد السعودي

في عام 1375هـ ـ 1955م، أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بتوسعة المسجد الحرام، فأصبحت مساحة المسجد 151 ألف متر مربع، وصار يتسع لحوالي 400 ألف من المصلين.

في عام 1406هـ/ 1986م، أمر خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، بتنفيذ أكبر توسعة في تاريخ المسجد الحرام. بدأت خطوات التنفيذ لهذه التوسعة في 2 /7 /1409هـ/ 15 /2 /1989م. وتضمنت هذه التوسعة ما يلي: (أُنظر صورة الحرم المكي بعد التوسعة) و(صورة مئذنة الحرم المكي)

·  ربط التوسعة الجديدة بالتوسعات السابقة.

·  إضافة جزء جديد إلى المسجد من الناحية الغربية.

·  إعداد سطح المسجد وتجهيزه ليسع 190 ألفاً من المصلين. (أُنظر صورة سطح المسجد الحرام)

·  تحسين الساحات الخارجية وتجهيزها لاستيعاب 130 ألفاً من المصلين.

·  وبعد هذه التوسعة تصبح مساحة المسجد الإجمالية ـ بما في ذلك السطح ـ 360 ألف متر مربع، تستوعب 730 ألف من المصلين.

(2) الكعبة المشرفة

هي بيت الله الحرام وقبلة المسلمين، إليها يتجهون في صلواتهم كل يوم، وبها يطفون في حجهم وعمرتهم، ولها يأتون من كل فج عميق. وهي حرم آمن في بلد آمن. رفع قواعدها أبو الأنبياء، إبراهيم  في مكانها المعروف بقلب مكة المكرمة، بأمر الله واختياره؛ وساعده في ذلك ابنه إسماعيل. وبعد ذلك أمره الله تعالي أن ينادي الناس ليحجوا هذا البيت ويزوروه.

وسُميت "الكعبة" بهذا بناء الاسم لأنها بناء مكعب الشكل. وهي مبنية بالحجارة الصّلبة، ويبلغ ارتفاعها 15 م، وطول الضلع الذي فيه الباب، والذي يقابله 12 م، أما الضلعين الآخرين فطول كل واحد منهما 10 م و10 م. وتشتمل الكعبة على:

(أ) مقام إبراهيم (أُنظر صورة مقام إبراهيم)

هو الحجر الذي كان يقف عليه إبراهيم u حين ارتفع البناء عن قامته. وكان المقام حجراً ملصقاً بحائط الكعبة إلى أيام عمر بن الخطاب t، فأخره عن البيت حتى لا يشغل المصلين.

وفي 18/7/1387هـ، احتفل بوضع غطاء للمقام صنع من الكريستال الفاخر مع حاجز حديدي وقاعدة رخامية ويبلغ ارتفاع المقام بكاملة ثلاثة أمتار.

(ب) الحجر الأسود

يقع الحجر الأسود في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة على ارتفاع متر ونصف المتر من الأرض. وهو حجر صقيل بيضي الشكل لونه أسود ضارب إلى الحمرة، وفيه نقط حمراء وتعاريج صفراء، قطرة نحو 30 سم يحيط به إطار من الفضة عرضه 10 سم. ويحرص المسلمون على تقبيل هذا الحجر اقتداء برسول الله r.

(ج) الشازوران

هو بناء لطيف ملصق بحائط الكعبة بأسفل جدارها، مما يلي أرض الطواف من جهاتها الثلاث عدا جهة حجر إسماعيل.

والشازوران جزء من أصل جدار الكعبة، وهو من قواعد الخليل إبراهيم التي رفعها.

(د) حجر إسماعيل

هو الحائط الواقع شمالي الكعبة المشرفة يكون على يسار الطائف بالبيت وهو على شكل نصف دائرة.

(هـ) الملتزم

هو الجزء المحصور بين ركن الحجر وباب الكعبة، سمي بذلك لأن الطائف يلتزمه في دعائه واستغاثته.

(و) باب الكعبة

يقع في الجهة الشرقية بين الملتزم والحجر الأسود، ويرتفع الباب نحو مترين عن الأرض وهو مرصع بالذهب الخالص، ويصعد إليه بدرج كدرج المنبر وهو من الخشب المصفح بالفضة، ويوضع في مكانه حين يفتح الباب للزائرين في المناسبات.

(ز) الركن اليماني

وهو أشهر أركان الكعبة، وسمى بذلك لأنه في اتجاه اليمن.

(ح) الميزاب (مصب الأمطار)

يقع في الجهة الشمالية لسقف الكعبة، ومصبه على حجر إسماعيل؛ وطول الميزاب أربعة أذرع، وهو ملبّس بصفائح من الذهب من داخله وخارجه.

(ط) باطن الكعبة

أرض الكعبة مفروشة بالرخام، وفي وسطها ثلاثة أعمدة من الخشب القوي الثمين. وجدرانها مؤزرة بالرخام وعليها ستائر. ومن سقفها تتدلى مجموعة من القناديل.

(ي) كسوة الكعبة المشرفة

وورد أن النّبي r، كسا الكعبة بقماش يماني، وسار خلفاؤه الراشدون على سنته. فكانوا يَكْسون الكعبة المشرفة كل عام. كما أهتم الخلفاء والأمراء وملوك المسلمين عبر الأزمان بكسوة الكعبة.

·  في عام 362هـ/ 972م، أمر الخليفة الفاطمي بعمل كسوة للكعبة سنوياً، تتألف من ثماني ستائر من الحرير الأسود، كُتب على كل شبر منها (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله)، طولها 15 م وعرضها خمسة أمتار وعدة سنتمترات. وكانت هذه الكسوة تصنع في القاهرة، وتحمل في احتفال كبير، يسمى "المحمل"، إلى مكة المكرمة.

·  في مستهل شهر محرم 1346هـ، أمر الملك عبدالعزيز آل سعود بإنشاء دار خاصة لعمل كسوة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وافتتح المصنع في منتصف العام نفسه.

·  في عام 1392هـ/ 1972م، وُضع حجر الأساس لمصنع حديث لعمل كسوة الكعبة الذي انتهى العمل منه في 13/5/1395هـ الموافق 25/3/1975م.

·  في عام 1397هـ/ 1977م، افتتح المصنع الجديد في أم الجود في مكة المكرمة، وزود بماكينات النسيج الآلية مع الإبقاء على أسلوب الإنتاج اليدوي. ويعمل في المصنع ما يقارب 200 شخص، من إداريين وفنيين وعمال. وتبلغ التكلفة الإجمالية للكسوة الواحدة 17 مليون ريـال سعودي.

(3) بئر زمزم

يقال ماء زمزم للماء الكثير وتقال أيضاً للماء بين الملح والعذب وينسب القزويني إلى محمد بن أحمد الهمذاني قوله إن ذرع بئر زمزم من أعلاها إلى أسفلها أربعون ذراعاً (23 م) وأن في قعرها ثلاث عيون والطوي منها من رأسها إلى الجبل المنقور أحد عشر ذراعاً (6.3 م) والمنقور في الحجر تسعة وعشرون ذراعاً (16.5 م) وكان أول من عمل الرخام عليها وفرش به أرضها المنصور. وقد أعاد حفرها عبدالمطلب جد النبي محمد r بعد أن دفنتها جرهم عند خروجهم من مكة، فأخرج منها كنوزاً لجرهم وحجر الركن. وقصة ظهور ماء زمزم كما وردت في صحيح البخاري هي أنه: )لَمَّا كَانَ بَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَبَيْنَ أَهْلِهِ مَا كَانَ خَرَجَ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّ إِسْمَاعِيلَ وَمَعَهُمْ شَنَّةٌ فِيهَا مَاءٌ فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تَشْرَبُ مِنْ الشَّنَّةِ فَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَوَضَعَهَا تَحْتَ دَوْحَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ فَاتَّبَعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ حَتَّى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءً نَادَتْهُ مِنْ وَرَائِهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى مَنْ تَتْرُكُنَا قَالَ إِلَى اللَّهِ قَالَتْ رَضِيتُ بِاللَّهِ قَالَ فَرَجَعَتْ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنْ الشَّنَّةِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا حَتَّى لَمَّا فَنِيَ الْمَاءُ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا قَالَ فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتْ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ هَلْ تُحِسُّ أَحَدًا فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا فَلَمَّا بَلَغَتْ الْوَادِيَ سَعَتْ وَأَتَتْ الْمَرْوَةَ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ أَشْوَاطًا ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ تَعْنِي الصَّبِيَّ فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ فَإِذَا هُوَ عَلَى حَالِهِ كَأَنَّهُ يَنْشَغُ لِلْمَوْتِ فَلَمْ تُقِرَّهَا نَفْسُهَا فَقَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أَحَدًا فَذَهَبَتْ فَصَعِدَتْ الصَّفَا فَنَظَرَتْ وَنَظَرَتْ فَلَمْ تُحِسَّ أَحَدًا حَتَّى أَتَمَّتْ سَبْعًا ثُمَّ قَالَتْ لَوْ ذَهَبْتُ فَنَظَرْتُ مَا فَعَلَ فَإِذَا هِيَ بِصَوْتٍ فَقَالَتْ أَغِثْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ خَيْرٌ فَإِذَا جِبْرِيلُ قَالَ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِزُ قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ تَرَكَتْهُ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا قَالَ فَجَعَلَتْ تَشْرَبُ مِنْ الْمَاءِ وَيَدِرُّ لَبَنُهَا عَلَى صَبِيِّهَا قَالَ فَمَرَّ نَاسٌ مِنْ جُرْهُمَ بِبَطْنِ الْوَادِي فَإِذَا هُمْ بِطَيْرٍ كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَاكَ وَقَالُوا مَا يَكُونُ الطَّيْرُ إِلَّا عَلَى مَاءٍ فَبَعَثُوا رَسُولَهُمْ فَنَظَرَ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَأَتَاهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَتَوْا إِلَيْهَا فَقَالُوا يَا أُمَّ إِسْمَاعِيلَ أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَكِ أَوْ نَسْكُنَ مَعَكِ فَبَلَغَ ابْنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمْ امْرَأَةً قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي قَالَ فَجَاءَ فَسَلَّمَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ قَالَ قُولِي لَهُ إِذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ قَالَ أَنْتِ ذَاكِ فَاذْهَبِي إِلَى أَهْلِكِ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لأَهْلِهِ إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي قَالَ فَجَاءَ فَقَالَ أَيْنَ إِسْمَاعِيلُ فَقَالَتْ امْرَأَتُهُ ذَهَبَ يَصِيدُ فَقَالَتْ أَلا تَنْزِلُ فَتَطْعَمَ وَتَشْرَبَ فَقَالَ وَمَا طَعَامُكُمْ وَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتْ طَعَامُنَا اللَّحْمُ وَشَرَابُنَا الْمَاءُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ قَالَ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَةٌ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ إِنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي فَجَاءَ فَوَافَقَ إِسْمَاعِيلَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ يُصْلِحُ نَبْلا لَهُ فَقَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ رَبَّكَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا قَالَ أَطِعْ رَبَّكَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ أَمَرَنِي أَنْ تُعِينَنِي عَلَيْهِ قَالَ إِذَنْ أَفْعَلَ أَوْ كَمَا قَالَ قَالَ فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولَانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ قَ الَ حَتَّى ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ وَضَعُفَ الشَّيْخُ عَنْ نَقْلِ الْحِجَارَةِ فَقَامَ عَلَى حَجَرِ الْمَقَامِ فَجَعَلَ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَيَقُولانِ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(  (البخاري، الحديث الرقم 3114)، لذا يطلق على زمزم هزمة جبريل، وسقيا إسماعيل. وقد ورد في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله ) rجَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ فَاسْتَسْقَى فَقَالَ الْعَبَّاسُ يَا فَضْلُ اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا فَقَالَ اسْقِنِي قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ قَالَ اسْقِنِي فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْقُونَ وَيَعْمَلُونَ فِيهَا فَقَالَ اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ ثُمَّ قَالَ لَوْلا أَنْ تُغْلَبُوا لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى هَذِهِ يَعْنِي عَاتِقَهُ وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقِهِ(  (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1528) وفيه )عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَبُو ذَرٍّ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَجَ صَدْرِي ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ(  (صحيح البخاري، الحديث 336).

وتقع البئر في وادي إبراهيم على بعد 20 م شمال شرق الكعبة المشرفة بين الركن والصفا وثمانية عشر متراً من مقام إبراهيم، ويقدر عمر البئر بحوالي 4 آلاف سنة وليس من المبالغة القول إن ظهورها يمكن أن يعتبر بداية للأمن المائي في تلك البقعة الطاهرة وهي أقدم مصدر للمياه في مكة.

يتسرب الماء إلى البئر من ثلاثة صدوع رئيسة في الصخور النارية الصلبة أحدها من جهة الركن والثاني من جهة الصفا والثالث من جهة المروة ويعلو هذه الصخور تراكم من رواسب الوادي الرملية (المهندس، 1992)، وتبلغ انتاجيتها ما بين 1 ـ 1.5 لتر/ثانية ودرجة حرارة الماء 25 درجة مئوية (نوري، 1414) وتعتبر مياه زمزم ذات نوعية جيدة وصالحة للشرب. ومن نتائج عدد من التحاليل التي أخذت لعينات من مياه زمزم (أُنظر جدول الخواص النوعية لمياه زمزم) في الأعوام 1935، 1971، 1992) يمكن أن نلحظ أن محتوى مياه زمزم من الأملاح والعناصر المذابة يقع ضمن الحدود المسموح بها من قبل منظمة الصحة العالمية حسب المقاييس المعيارية الصادرة في عام 1984 W. H. O. 1984..

ورغم ارتفاعها في تركيز الصوديوم عن القيمة المفضلة (200ملجم/ لتر) إلا أنه لا يوجد حد أقصى في المواصفات العالمية لتركيز الصوديوم بل ربما كانت زيادة تركيز الصوديوم في مياه زمزم الذي يستهلك في بلد ترتفع فيه الحرارة كثيراً معظم أيام السنة، مما يجعل جسم الإنسان يفقد كثيراً من الأملاح عن طريق التعرق، مزية تعوض الجسم عن ما فقده من أملاح. وبشكل عام فإن الصوديوم هو أكثر الكاتيونات تركيزاً في مياه المملكة.

وقد عنيت حكومة المملكة العربية السعودية بتوفير مياه زمزم للحجاج والمعتمرين والزوار مبردة نقية؛ ضمن المشروع الضخم لتوسعة الحرمين. فنظفت البئر وما حولها وركبت المضخات عليها، وربطتها بأجهزة تبريد المياه، ونظمت مداخل للرجال والنساء. وعلاوة على ذلك أصبحت المياه تضخ إلى أرجاء الحرم المكي، وتوزع الحافظات المبردة مملوءة بماء زمزم على جانبي الممرات داخل الحرم. وبذا يستطيع الداخل إلى الحرم من أي جهة أن يرتوي من ماء زمزم نقياً مبرداً بيسر وسهولة.

(4) الصّفا والمروة (أُنظر صورة مسعى الصفا والمروة)

الصّفا جزء من (جبل أبو قبيس)، ويقع في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام. أما المروة فجزء من (جبل قعيقعان)، ويقع في الجهة الشمالية الشرقية من المسجد الحرام، وبينهما سعت هاجر أم إسماعيل سبع مرات تطلب الماء لابنها. قال تعالى: )إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ( .(سورة البقرة: الآية 158) ولذلك يسعى المسلمون بينهما سبعة أشواط في الحج والعمرة، امتثالاً لأمر الله وتخليداً لذكرى سعي السيدة هاجر بينهما.

(5) غار حراء

يقع غار حراء في شمال شرقي مكة المكرمة، وكان الرسول r، يعتكف فيه عدة أيام أو أسابيع. ونزلت بحراء على الرسول r، أول آيات القرآن الكريم: )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإَِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ( (سورة العلق: الآيات 1-4). يرتفع غار حراء عن وادي مكة حوالي 200 م.

(6) غار ثور

يقع في جنوبي مكة، وهو صخرة مجوفة في قمة جبل ثور أشبه بسفينة صغيرة ظهرها إلى أعلى، ولها فتحتان إحداهما في المقدمة والأخرى في المؤخر.

نزل الرسول r، بغار ثور، ومعه صاحبه أبوبكر الصديق ليلة الهجرة، ليتواريا عن أعين قريش بعد أن قررت اقتفاء آثارهما، وخصصت مكافأة عظيمة لمن يقتلهما. ومن هذا الغار سلك الرسول r، طريقاً غير مطروق في هجرته إلى المدينة المنورة. قال تعالى: )إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا( (سورة التوبة: الآية 40).

(7) المشاعر المقدسة

وتضم منى ومزدلفة وعرفات وهي مشاعر الحج.

(8) المساجد التاريخية

يوجد في مكة المكرمة عددٌ من المساجد التاريخية، أهمها مسجد الراية ومسجد الجن، ومسجد الإجابة، ومسجد أبي بكر الصديق، ومسجد بلال بن رباح، ومسجد حمزة بن عبدالمطلب، ومسجد نمرة (في عرفات)، ومسجد المشعر الحرام (في مزدلفة)، ومسجد الخيف (في منى)، ومسجد البيعة، ومسجد الجعرانه (الذي أحرم منه الرسول  r، بعد فتح مكة المكرمة)، ومسجد التنعيم.

(9) مقبرة الحجون

تقع فوق جبل الحجون، على يمين الخارج من مكة إلى منى، وتحوى رفات المسلمين الأوائل. وهي مقبرة أهل مكة المكرمة.

ب. المياه

كانت مصدر المياه في مكة المكرمة، مقتصرة على المياه الجوفية، أما الآن فقد نُفِّذَ مشروع سحب المياه من محطة الشعيبة، القائمة على ساحل البحر الأحمر، إلى مكة المكرمة بطاقة يومية مقدارها 500.113 متر مكعب، مما زاد إمدادات المياه اللازمة للعاصمة المقدسة.

ج. التعليم

منذ العصور الأولى للإسلام كانت ساحات الحرم المكي المدرسة الأولى للتعليم. جمعت العلماء وطلاب العلم، من أهل مكة المكرمة ومن العالم الإسلامي.

(1) وكانت أول مدرسة أُنشئت في مكة المكرمة هي المدرسة الصونية عام 1291هـ/ 1873م.

(2) وفي عام 1344هـ/ 1925م، أمر الملك عبدالعزيز بإنشاء مديرية خاصة تتولى الإشراف على شؤون العلم والتعليم في مكة المكرمة ثم سائر أنحاء المملكة. فأُنشئت وزارة المعارف.

(3) ففي 15/5/1345هـ شُكلت لجنة علمية للإشراف على الدروس في الحرم المكي.

(4) في عام 1385هـ، أنشئ معهد الحرم المكي، كما كانت الكتاتيب تُؤدي دوراً فاعلاً في تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم اللغة العربية، والمواد الشرعية والدينية.

(5) في عام 1362هـ/ 1943م، أسست أول مدرسة لتعليم البنات في مكة المكرمة.

(6) في عام 1401هـ/ 1981م، أنشئت جامعة أم القرى، وأصبحت تضم:

(أ)  كلية الشريعة والدراسات الإسلامية.          

(ب) كلية التربية.

(ج) كلية اللغة العربية.

(د) كلية العلوم التطبيقية.

(هـ) كلية التربية (الطائف).

(و) كلية الدعوة.

(ز) كلية العلوم الاجتماعية.

(ح) كلية العلوم الزراعية.

ويتبع الجامعة عدد من المعاهد ومراكز البحوث، مثل:

·  معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها.

·  معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي.

·  مركز البحوث التربوية والنفسية.

·  معهد تعليم اللغة الإنجليزية.

·  مركز أبحاث الحج.

·  المركز العالي للتعليم الإسلامي.

·  مركز الدراسات الإسلامية العليا.

·  مركز العلوم التطبيقية والهندسية.

·  وفي 8/1/1406هـ/ 1986م، وضع خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، حجر الأساس لمشروع المدينة الجامعية لجامعة أم القرى، التي تبلغ مساحتها 15 مليون متر مربع.

د. الطرق والمواصلات (أُنظر صورة النمو العمراني في مكة)

تتصل مكة الكرمة بستة طرق، مع جدة والطائف والرياض والمدينة المنورة والليث واليمن. وقد صممت هذه الطرق بحيث تستوعب حركة نقل الحجاج والمسافرين والبضائع، ولها مواصفات الطرق السريعة الحديثة.

أما أجزاء المدينة المقدّسة، فتتصل بشبكة من الطرق الدائرية والفرعية والأنفاق والجسور، مما يسهل حركة المرور من المسجد الحرام وإليه.

هـ. الاتصالات

تحظى العاصمة المقدسة بشبكة من الاتصالات السلكية واللاسلكية، تربطها بمناطق المملكة المختلفة وكافة أنحاء العالم.

أما الخدمات البريدية فتُقَدم من خلال 41 شعبة بريد، في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة. ويؤدي البريد الممتاز والبريد الإلكتروني خدماتهما لسكان المدينة والحجاج، بالتعاون مع 28 مدينة داخل المملكة، وخمس دول عربية، و28 دولة أخرى، إضافة إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وقد استحدثت وزارة البرق والبريد والهاتف خدمة خاصة سميت (خدمة بريد الحج)، تُصَدِّر إرساليتها البريدية إلى 43 دولة إسلامية خلال موسم الحج، بمعدل 157 إرسالية أسبوعياً.

و. الرعاية الصحية

لا تقتصر الرعاية الصحية في مكة المكرمة على سكانها، بل تتعداهم إلى الحجاج والمعتمرين والزائرين. وتمتد الخدمات الصحية من مكة إلى المشاعر المقدسة في منى ومزدلفة وعرفات. وتتمثل الخدمات الصحية في الآتي:

(1) في مكة المكرمة

(أ)  مستشفى الملك عبدالعزيز (500 سرير).

(ب) مستشفى الملك فيصل (430 سريراً).

(ج) مستشفي أجياد (220 سريراً).

(د) مستشفى النور (574 سريراً).

(هـ) مستشفى حراء (227 سريراً).

(2) في المشاعر المقدسة

(أ) مستشفى عرفات العام (350 سريراً).

(ب) مستشفى جبل الرحمة (55 سريراً).

(ج) مستشفى نمرة (48 سريراً).

(د) مستشفى منى العام (326 سريراً).

(هـ) مستشفى منى المتنقل (30 سريراً).

(و) مستشفى جسر الملك عبدالعزيز بمنى (400 سريراً).

(3) أما المراكز الصحية فتبلغ 22 مركزاً داخل مكة المكرمة، و41 مركزاً في المشاعر المقدسة.

ز. النشاط الاقتصادي

استفادة مكة من موقعها الإستراتيجي، بوصفها محطة للقوافل بين الشمال والجنوب، في إمساكها بزمام التجارة بين أطراف الجزيرة العربية والفرس والروم. فمن مكة انطلقت الرحلات التجارية الشهيرة، "رحلتا والشتاء والصيف". قال تعالى: )لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَءامَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ( (سورة قريش: الآيات 1-4).

كما أفادت مكة المكرمة من أسواقها التجارية، التي جعلتها، منتديات أدبية، في الجاهلية وصدر الإسلام.

تمتعت مكة المكرمة بظروف اقتصادية جيدة، خلال مزاولتها للتجارة الداخلية والخارجية. وتمكن أهلها من تحقيق ثروات هائلة من هذه التجارة، عوضتهم فقر البيئة التي تحيط مكة. كما أن تجار مكة أقاموا علاقات حسنة، مع جيرانهم من الأحباش والمصريين.

وفي العصر الحاضر هناك رافدان رئيسان يغذيان اقتصاد مكة المكرمة، هما:

(1) المواسم الدينية (الحج والعمرة)

حيث توفر مكة المكرمة خدمات الفنادق والنقل والمطاعم، كما توفر السلع لزوار بيت الله الحرام.

(2) إنفاق حكومة المملكة

حيث تخصص المملكة العربية السعودية ميزانية سنوية للمدينة المقدسة، تقدر بمليارات الريالات، تخصص لتنفيذ المخططات التنموية، مثل بناء المساكن وتشيد الطرق؛ فضلاً عن التوسعات والإصلاحات والتجديدات، التي تُنفذ في الأماكن المقدسة.

ح. أهمية مكة المكرمة وفضائلها

(1) مكة المكرمة أشهر مدن العالم الإسلامي، ولأن بها المقدّسات الإسلامية: البيت الحرام والكعبة المشرفة والصفا والمروة، ومنى وعرفات ومزدلفة.

(2) اختارها الله مكاناً لميلاد نبيه وبعثته، وبها نزل جبريل u الوحي بأول سور القرآن.

(3) جعلها الله قبلة للمسلمين يتوجهون إليها في صلواتهم، ويفدون إليها لأداء العمرة وفريضة الحج.

(4) جعلها الله حرماً آمناً وخصها في كتابه الكريم، وذكرها بأسماء عديدة بلغت أربعة عشر اسماً منها، مكة المكرمة وبكة، والبلد الأمين، والحرم الآمن، وأم القرى. وأقسم الله بها في قوله تعالى: )لاَ أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ( (سورة البلد: الآيات 1-3).

(5) تعد مكة المكرمة ـ منذ القدم ـ أهم المراكز التجارية في الجزيرة العربية، بفضل موقعها الإستراتيجي وما يربطها من علاقات بالدول المجاورة.

(6) مكة المكرمة هي العاصمة الإدارية لإحدى مناطق المملكة العربية السعودية، التي تحمل اسمها.