إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / رفحا، المملكة العربية السعودية






المملكة العربية السعودية



مدينة أبو ظبي

3. الآثار

أ. قرية لينة

تقع قرية لينة في الجزء الجنوبي من منطقة رفحا، وتبعد عن مدينة رفحا بحوالي 105 كم.

وتُعد هذه القرية معلماً أثرياً في المنطقة، وقد ورد ذكرها في العديد من الكتب، إذ ورد ذكرها في "معجم البلدان" لياقوت الحموي، عندما قال: لينة، بالكسر، ثم السكون، وفتح النون. وقال المفسرون في قوله تعالى:  )مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ(  (الحشر، الآية 5)، كل شيء من النخل سوى العجوة فهو من اللين، واحدتها لينة، وقد قيل كذلك لينة ـ بكسر اللام، موضع في بلاد نجد، عن يسار المُصعِّد بحذاء الهر، وبها ركايا عادية نقرت من حجر رخو، وماؤها عذب زلال. وقال السكوني: لينة المنزل الرابع، لقاصد مكة من واسط، وهي كثيرة الرُكيّ والقلب "الآبار"، وماؤها طيب، وبها حوض للسلطان، وهي لبني غاضرة، وقيل إن فيها ثلاثمائة عين، "والمقصود عين بئر، إذ لا عيون في لينة".

وقال الأشهب بن رميلة:

ولله دري أي نظرة ذي هوى          نظرت، ودوني لينة وكثيبها

إلى ظعن قد يمّمت نحو حائل         وقد عز أرواح المصيف جنوبها

وقال المضرس الأسدي

لمن الديار غشيتها بالأثمد                      بصفاء لينة كالحمام الركد

أمست مساكن كل بيض راعه                  عجل تروحها وإن لم تطرد

صفراء عارية الأخادع رأسها                  مثل المدق وأنفها كالمسرد

وسخال ساجية العيون خواذل                   بجماد لينة كالنصارى السجّد

    وتفسير هذا الشعر في ديوان "شعر المضرس" قال:

لينة ماء لبني غاضرة، ويقال: "إن شياطين سليمان احتفروه، وذلك أنه خرج من أرض بيت المقدس يريد اليمن، فتغدى بلينة، وهي أرض خشنا، فعطش الناس، وعز عليهم الماء، فضحك شيطان كان واقفاً على رأسه، فقال له سليمان: ما الذي يضحكك؟

فقال: أضحك لعطش الناس، وهم على لجة البحر.

فأمرهم سليمان فضربوا بعصيهم فأنبطوا الماء.

وقال زهير:

ولله دري أي نظرة ذي هوى                  نظرت، ودوني لينة وكثيبها

إلى ظعن قد يمّمت نحو حائل                  وقد عز أرواح المصيف جنوبها

كأن وتيقها بعد الكرى اغتبقت                 من طيِّب السراح لما يعد أن عتقا

شبح السقاة على نجودها شبحاً                 من ماء لينة لاطرقاً ولا رنقا

وفي كتاب "بلاد العرب" للأصفهاني"، قال: "لينة ماء لبني غاضرة من أسد، بينها وبين زبالا ليلة، وهي عين ماء عظيمة من أعظم مياه بني أسد".

قال أبو حجين المنقري:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة                  بأسفل وادٍ ليس فيه أذان؟

وهل آكلنْ ضباً بأسفل تلعة                    وعرفج أكماع لامديد خوان؟

أقوم إلى وقت الصلاة وريحه                 بكفي لم أغسلهما بشنان؟

وهل أشربن من ماء لينة شربة               على عطش من سور أم أبان؟

     وقال البكري في "معجم ما استعجم":

لينة من أعذب الآبار بطريق مكة، ثم أورد شعر كعب بن زهير:

وأمّ بها ماء الرسيس فصوبت                  للينة وانفقن النجوم العوائم

والمقصود بلينة في البيت، قال الحربي في كتاب المناسك:

"ما أرى كعب بن زهير قصد سواها، وقد يكون الرسيس في شعره وصفاً، ولم يرد الرسيس القريب من الرس".

وفي لينة حدثت وقعة في أول القرن السادس الهجري، وذلك عندما أراد سعيد بن فضل، ومانع بن حديثة، وسعود بن بريك، وهم رؤساء ربيعة بن حارثة من طيئ، وانضم إليهم دهمش بن أجود، إذ أرادوا أخذ حجاج بغداد، فبلغ ذلك خليفة بغداد، فأرسل إلى محمد بن أبي الحسين، حاكم الأحساء وأخبره بذلك، وأنهم يريدون خفر ذمته، فجمع محمد عرب البحرين، وانضم إليهم عرب العراق، ثم التقوا بلينة، ودارت المعركة، فانهزمت قبائل طيئ، وهرب دهمش بن أجود إلى العراق، وفي ذلك يقول ابن المقرب:

وفي لينة أردى شغاميم طيئ                  جهاراً ولون الجو بالنقع حائل

ويوجد في هذه القرية العديد من الآبار، التي أوجدت منذ آلاف السنين، والتي يُرجعها البعض إلى عهد سيدنا سليمان، عليه السلام، كما ذكرنا قبل ذلك من القصص والأشعار.

ويوجد بوسط قرية لينة شاهد أثري، يبين عراقة الماضي، وأصالة الحاضر، ذلكم هو قصر الإمارة، الذي أنشئ، كما يقال، في عام 1352هـ ليكون مقراً لإمارة المنطقة في السابق، من قبل الملك عبدالعزيز (يرحمه الله).

وتبلغ مساحة هذا القصر حوالي 1000 متر مربع، وقد خصص جزء من هذا القصر لسكن الأمير وعائلته، وجزء آخر للضيافة، واستقبال العامة، ومسجد، كما يوجد بفناء القصر بئر قديمة.

ويحتوي القصر على أربعة أبراج دائرية الشكل، في أركانه الأربعة، تستخدم للحراسة والمراقبة. ومن الآثار الموجودة سوق لينة، ويقع إلى جانب القصر من جهة الشرق، ويقع تحديداً بوسط القرية، وكان في السابق من الأسواق المشهورة بالمنطقة، فكان يُعد مركزاً للتبادل التجاري بين تجار المنطقة، وتجار العراق، وبلاد الشام، يتقايضون فيه السلع، كما يُعد السوق مركزاً لتصدير السلع إلى نجد، وقد ظل هذا السوق مستعملاً حتى عهد قريب.

والزائر للينة يرى أطلال هذا السوق، المتمثلة في المظلات المصنوعة من سعف النخيل، المعتمدة على أعمدة كبيرة.

ب. درب زبيدة

من أهم الآثار الإسلامية في شبه الجزيرة العربية، درب زبيدة، وهو الطريق، الذي كان يسلكه الحجاج القادمون من العراق، إلى الديار المقدسة، وهذا الطريق يمر بعدة مناطق في المملكة العربية السعودية، ومن هذه المناطق رفحا، ومن المعروف أن السيدة زبيدة، زوج الخليفة العباسي، هارون الرشيد، قد عنيت بتمهيده لتيسير سُبل الحج، فأنشأت على طوله منازل، زودتها بالمرافق اللازمة للمسافرين والحجاج، مثل البرك، والآبار للمياه، وقد بلغ عدد هذه المنازل حوالي خمسين منزلاً. وظل هذا الدرب مستعملاً أكثر من خمسة قرون، وقد اختيرت مواقع البرك ومحطات الاستراحة في أماكن ذات طبيعة جغرافية خاصة، حيث الأماكن المخصصة، التي تجمع المياه، والتي في الغالب تكون عامرة بالمياه على مدار العام، بل إن منسوب المياه فيها قد يرتفع فوق فوهة البئر إذا زادت كمية الأمطار.

وقد ذكرها الهمداني في كتابه: "صفة جزيرة العرب"، وسماها "محجة العراق في الجزيرة إلى مكة". وكان لهذا الطريق أهمية، أيضاً، في تيسير سبل التجارة، وفي ازدهار بعض المواضع على طولها، فضلاً، عن تنشيط الصلات الثقافية، بين العراق وداخل شبه الجزيرة، ويبلغ طول درب زبيدة في المملكة أكثر من 1000كم.

ومنطقة رفحا هي المنطقة الأولى داخل المملكة، التي يمر بها درب زبيدة، الذي يمتد من أرض العراق إلى شمال شرقي مكة. ويوجد في منطقة رفحا عدد من البرك، التي لازالت شاهداً على إنجازات العصر الإسلامي، ومن أهم هذه البرك والآبار الموجودة على درب زبيدة بالمنطقة:

(1) بركة الثليماء.

(2) بركة الجميما.

(3) بركة حمد.

(4) بركة الحمراء.

(5) بركة القاع.

(6) بركة الهيثم.

وهناك العديد من البرك والآبار المنتشرة بالمنطقة مثل: بركة العشار، بركة الظفيري، بركة زبالا، وبركة العمياء... وغيرها.

ويراوح عمق آبار وبرك زبيدة ما بين 30 ـ 50 م. مزودة في بعضها بأعمدة السواني لاستخراج الماء بالدلاء. وكثير منها لا يزال في حالة جيدة.

ومن المناطق الأثرية، كذلك، قرية زبالا أو زبالة، والتي عرفت منذ مئات السنين، وكان لها أهمية كبيرة في السابق؛ لكونها أحد منازل درب زبيدة، وتقع هذه القرية جنوب مدينة رفحا، وتبعد عنها بحوالي 20 كم.

ويوجد بزبالة العديد من الآبار، التي كان ولا يزال يرتادها أهل البادية، وهذه الآبار بقية من آبار درب زبيدة المشهور. هذا، وقد رمم بعض هذه الآبار عام 1393هـ من قبل وزارة الزراعة والمياه، لتبقى شاهداً على عصر الازدهار، الذي مرت به هذه المنطقة، وكانت زبالة مركز تبادل تجاري في الماضي، بين تجار العراق وأهل المنطقة.