مقدمة

كان الأتراك السلاجقة، أول مَنْ حكم تركيا. وهم قوم مسلمون، قدموا من أواسط آسيا، شرقي بحر قزوين. وقد تمكنوا، خلال القرن الحادي عشر الميلادي، من غزو منطقة الأناضول. واستطاعوا، في عام 1071م، تدمير القسم الأعظم من مظاهر القوة البيزنطية، في الأناضول، في موقعة ملاذكرد. ومنذ ذلك التاريخ، حلّ الدين الإسلامي واللغة التركية، تدريجاً، محل الدين النصراني واللغة اليونانية. وقد دامت إمبراطورية الأتراك السلاجقة، حتى عام 1243م؛ ثم تعرضت لغزو المغول؛ ثم تمزقت إمبراطورية المغول، وانهارت، وتفرقت أشتاتاً. وبدأت جماعة من الأتراك، يُطلق عليها العثمانيون، إنشاء دولة ضخمة، إذ تمكنوا، عام 1326م، من الاستيلاء على مدينة بورسا، في منطقة الأناضول، التي أصبحت، فيما بعد، عاصمة الدولة العثمانية. ثم استولت جيوش العثمانيون، بقيادة محمد الثاني، على القسطنطينية، التي غُيِّر اسمها، فيما بعد، إلى إسلامبول (اسطنبول حالياً). وظلت الإمبراطورية العثمانية، حتى نشأت على أنقاضها، تركيا. وتُعدّ تركيا امتداداً لحركة الاتحاد والترقي، التي تأسست عام 1889؛ إذ انضم إليها مصطفى كمال أتاتورك، في عام 1906. وقد أدى العسكر دوراً رئيسياً في إدارة شؤون البلاد، وحماية الحركة العلمانية، منذ أسس أتاتورك الجمهورية التركية، عام 1923؛ التي تبنّت القوانين العلمانية، بدلاً من القوانين الإسلامية.

وفضلاً عن الموقع الجغرافي المتميز، اكتسبت تركيا أهمية سياسية كقطب عالمي؛ بيد أنها فقدت هذا الدور، عقب الحرب العالمية الأولى؛ ثم فقدت موقعها السياسي المتميز، إبّان الحرب الباردة، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي. وتشكل الحداثة والسوق المشتركة عاملي إغراء أمام تركيا، في سعيها الدؤوب إلى الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. ولعل أبرز المنعطفات السياسية في تاريخ البلاد، هي الانقلابات العسكرية المتكررة، كما هو الحال في الأعوام (1980،1971،1960).

وفي عام 1945، انضمت تركيا إلى الأمم المتحدة، وأصبحت عضواً في منظمة حلف شمال الأطلسي NATO، في عام 1949. وفي عام 1974 احتلت تركيا الجزء الشمالي من جزيرة قبرص، لمنع اليونانيين من الاستيلاء عليها. ولا تزال العلاقات بين الدولتين، تركيا واليونان، متوترة؛ غير أنها بدأت تتحسن خلال السنوات الثلاثة الماضية. وفي عام 1984، شنّ حزب العمال الكردستاني وهو هو حزب ماركسي لينيني انفصالي عصياناً مسلحاً في جنوب شرقي تركيا، مستخدماً، في معظم الأحيان، تكتيكات إرهابية، لتحقيق هدفه، المتمثل في قيام دولة كردية مستقلة.

والتزم الحزب، الذي أُسر زعيمه عبدالله أوجلان، في كينيا، في فبراير 1999، وحُكم عليه بالإعدام، بوقفٍ لإطلاق النار من جانب واحد، في سبتمبر 1999؛ على الرغم من الاصطدام الذي يقع بين وحدات من الجيش التركي ونحو أربعة آلاف من المتشددين المسلحين المنضوين تحت لواء الحزب الكردستاني، بين حين وآخر. وقد غيّر حزب العمال الكردستاني اسمه إلى مؤتمر الحرية والديموقراطية الكردستاني، في أبريل 2002. وفي عام 2004 أعلن الحزب نهاية وقف إطلاق النار، وبدأ في هجماته ثانية.

أجرت تركيا، على مدى العقد الماضي، إصلاحات جذرية لتعزيز الديمقراطية والاقتصاد، ومنذ العام 2005، والحكومة التركية تبذل جهوداً كبيرة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.