إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / السوق السوداء





التسعيرة الجبرية للعملات
السقوف العليا لأسعار السلع




المبحث الأول

المبحث الأول

التسعيرة الجبرية

      تعد التسعيرة الجبرية، هي الصورة التقليدية التاريخية من صور السوق السوداء، وهى المعنى الضيق لمفهوم السوق السوداء. حيث تعرف السوق السوداء بأنها سوق خفية Invisible Market، تباع فيها السلعة، بسعر أعلى من السعر القانوني، المحدد لها بواسطة السلطة الحكومية، وتنشأ بسبب تدخل الحكومة في سياسات التسعير. كما تنشأ السوق السوداء نتيجة الالتفاف حول الاعتبارات غير الاقتصادية. وتهدف السوق السوداء إلى منع تأثير فائض الطلب على السعر. وبتعبير آخر، فإن السوق السوداء تنشأ نتيجة الاختلال بميكانيكية الأسعار، وهي مظهر لحتمية تفاعل قوى السوق.

      ويمكن القول إن السوق السوداء، قد نشأت تاريخياً، في أثناء الحرب العالمية الثانية[1]، حين عاشت دول العالم اقتصاديات الحرب، التي اتسمت بتوجيه الموارد الاقتصادية نحو آلية الحرب، مما قلص من حجم السلع المتاحة للاستهلاك المدني، ونقص المعروض منها. وقد تطلب ذلك تقنين الطلب الفردي، واستخدام نظام الكوبونات "حصص الاستهلاك"، الصادرة من الحكومة على مستوى التجار، وعلى مستوى المستهلكين، حيث يتم التوزيع بنظام البطاقات، والحصص التموينية. ولكن، مع زيادة الطلب الفردي، والحاجة الماسة إلى الاستهلاك، والتخوف من توقف العرض مستقبلاً، بدأت تتكون أسواق سوداء، حيث تباع السلعة خارج نطاق السوق الرسمية، بأسعار، أعلى بكثير من الأسعار التي حددتها الحكومة. وساعد التهريب على تكوين السوق السوداء.

      تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية، لضغط اقتصادي زائد، خلال الحرب العالمية الثانية. وحاول الفنيون أو الاختصاصيون التقنيون، الباحثون عن التخصص الكفء للموارد النادرة في أثناء الأزمات، في وقت الحرب، اتباع أساليب عديدة لمراقبة الأسعار، خاصة في نشاطين مهمين للمعيشة اليومية هما:

  1. صناعة اللحوم.
  2. صناعة البنزين.

      وعلى رغم الاهتمام الواسع من قبل وسائل الإعلام، والكونجرس، والمحامين، والهيئات الحكومية القوية، فإن نظام الرقابة الاقتصادية كان الدفاع عنه متعذراً في أثناء الحرب العالمية الثانية، وبعدها.

      ومن الأمثلة على ذلك:

      السوق السوداء، التي تظهر نتيجة الأسعار الجبرية، هي ردة فعل على تدخل الحكومات في آلية السوق، حيث يعمل السقف السعري، المحدد من قبل الحكومة، على إيجاد فرق بين العرض والطلب كما هو موضح في (شكل السقوف العليا لأسعار السلع). لنفترض أن الحكومة حددت سعر بيع السلعة أ عند أَ التي هي أقل من P0، وهو السعر الذي تتعادل عنده قوى العرض والطلب للسلعة أ. نتيجة لهذا التدخل، سوف يتوقف عدد من المنتجين عن إنتاج تلك السلع، كما أن عدد المستهلكين سوف يزداد؛ نظراً لانخفاض السعر عن PO. لذا فإن، من البديهي، أن ينشأ طلب أكثر من العرض على تلك السلعة، ويسبب ذلك إرباكاً في سوق تلك السلعة، ويعني ذلك أن الطلب على تلك السلعة لن يتم الوفاء به بشكل تام.

      ومن الأمثلة على ذلك، في أعقاب حرب 1973م، سعى الرئيس المصري محمد أنور السادات إلى وضع حد أقصى لأسعار اللحوم المذبوحة محلياً، "في حدود ثلاثة جنيهات للكيلو"، ووضع وسائل عديدة للرقابة على الأسعار، من أهمها تحديد أيام الذبح، وفتح محال الجزارة ثلاثة أيام في الأسبوع، مع استثناءات للفنادق والمناطق السياحية. وعلى رغم أهمية هذا الإجراء، فإنه لم يحل دون فعاليات السوق السوداء في اللحوم، وارتفاع أسعار السلع البديلة، مثل الدواجن والأسماك.



[1] ولقد جذب مفهوم الرقابة السعرية لوقت الحرب انتباه الخبير المالي لسوق المال Bernard Baruch ، وفي مقال له عام 1941م، ألقى الضوء على ما سمي بأعمال هارفارد لـ`للأقليات`، ناقش فيه الرقابة ومقترحات الإنفاق لخطة التوزيع. كما فسر Baruch التوزيع خلال الرقابة، بأنه يعني ` دوراناً قصيراً لقانون العرض والطلب، لو ترك لنفسه .. النتيجة ستعني التضخم.