إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / السوق السوداء





التسعيرة الجبرية للعملات
السقوف العليا لأسعار السلع




المبحث الثاني

المبحث الثاني

الدخول الخفية

1. الدخول الخفية الناتجة عن أعمال غير رسمية

      هناك أسباب عديدة تؤدي بالكثير من الموظفين العاملين بالحكومة، إلى الحصول على دخول خفية، بممارستهم أعمالاً لحسابهم الخاص، سواء بالتغيب عن أعمالهم الرسمية، أو خلال أعمالهم الرسمية، منها:

أ.  انخفاض مستوى المعيشة، ومواجهة أعباء التضخم، وعدم القدرة على الهجرة للخارج، والاضطرار إلى ممارسة أعمال خفية.

ب. السرقات من الجهات الحكومية، التي يعملون بها، وشركات القطاع العام.

ج. الاختلاسات.

د. الرشاوى الحكومية، وخاصة التوريدات الحكومية.

      ولقد غزت "النشاطات السوداء" كل النشاطات الاقتصادية، منها النشاطات الحرفية، وتجارة التجزئة، والنقل، وخدمات الأعمال، والخدمات المهنية والشخصية.

      إن هذه النشاطات الخفية لا تدرج ضمن البيانات الإحصائية المتعلقة بالمحاسبة القومية، ويترتب على عدم تسجيل المعاملات، والصفقات المتعلقة بإنتاج وتداول السلع والخدمات "المحظورة"، عدم إدراج قيمة المشتريات لهذه السلع والخدمات، ضمن بنود استهلاك القطاع العائلي، ومن ثم، فهي غير مسجلة ضمن بنود الإنفاق القومي.

      ويعرض (ملحق النشاطات الخفية غير المسجلة ضمن الحسابات القومية) تطور هيكل النشاطات الاقتصادية الخفية وغير المسجلة ضمن إطار الحسابات القومية، حسب نوع النشاط الاقتصادي.

2. الدخول الناتجة عن التستر على أعمال غير مرخص لها

      تعتبر الدخول الناتجة عن التستر، نوعاً جديداً من الدخول غير المشروعة، في بعض الدول العربية الخليجية، التي تفرض قيوداً على عمالة الأجانب داخل البلاد، حيث يلجأ الأجانب إلى بعض رجال الأعمال، من مواطني الدول الخليجية، ويقدمون لهم راتباً شهرياً، أو سنوياً، أو نسبة من الأرباح، أو ما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين، ويصبح المواطن متستراً على الأجنبي، حيث يتنازل له عن حقه في استخدام تراخيص مزاولة النشاط الاقتصادي. وبذلك يحصل المواطن على دخل غير مشروع، كما يقوم الأجنبي المتستر عليه، بتحقيق أرباح طائلة من استغلال التراخيص الممنوحة للمواطنين، والتي ترصد لها موازنة الدولة مبالغ كبيرة في خططها التنموية.

      وعادة، تكون تفاصيل العلاقة بين (المواطن)، والمتَسَتَّر عليه (الأجنبي المستثمر) سرية، ومحصورة بينهما. وفي بعض الحالات يقوم الأجنبي بأخذ صك أو تعهد على المواطن لضمان أمواله المستثمرة في البلاد، يعترف فيه المواطن فيه بأنه مدين للأجنبي بمبلغ كبير جداً، وأنه مستعد لتسديده إليه عند الطلب، أو عند مغادرة البلاد، من دون أي مماطلة؛ أو من دون حاجة إلى مراجعة المحاكم الوطنية. ويرجع ذلك إلى خوف الأجنبي من حدوث أي منازعات من جانب المواطن في المستقبل، قد تكون راجعة إلى استغلاله، في مواجهة السلطات المحلية.

      ويلاحظ أنه في بعض الحالات، يقوم الأجنبي (المتَسَتَّر عليه) بالحصول على بضائع وائتمان باسم (الوطني) المتَسَتِّر، من دون سداد ما يستحق عليه، ويغادر البلاد فيتجه الخصوم إلى المتَسَتِّر الوهمي ويقيمون عليه الدعوى القضائية، ولا يستطيع السداد، بينما يهرب المتستَّر عليه بالأموال خارج البلاد.

      وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء، في المملكة العربية السعودية، برقم 91 بتاريخ 22/5/1402هـ، بتحريم التَسَتُّر، باعتبار أن المبلغ الذي يحصل عليه المواطن من الأجنبي (المتستَّر عليه)، يعتبر مالاً بلا عوض لا يستحقه، حرَّمه الحق سبحانه في محكم كتابه حيث قال: )وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ((البقرة: 188). وتوضح الدراسات، التي أجريت عن ظاهرة التستر في المملكة العربية السعودية، أن اكثر النشاطات التي ترتبط بها هذه الظاهرة هي كما يلي:

أ.  في المجال التجاري:

البقالات، ومحلات بيع الأقمشة، ومحلات بيع الفواكه والخضراوات، والسوبر ماركت، والمخابز، والمطاعم.

ب. في المجال الصناعي:

ورش ميكانيكا السيارات، وكهربة السيارات، ومحطات خدمة السيارات وتغيير الزيوت، ومغاسل السيارات، والخراطة، والسمكرة، والحدادة.

ج. المحلات الحرفية:

السباكة، والتركيبات الكهربية، والحلاقة والتزيين، والكي ومغاسل الملابس.

      وتعد نشاطات استقدام واستخدام العمالة، والمقاولات، ثم الخدمات المهنية، والمجال الزراعي أكثر النشاطات الاقتصادية، التي تحدث فيها ظاهرة التستر، التي يحقق منها المواطنون دخولاً غير مشروعة في الدول العربية الخليجية، والتي يمكن أيضا أن يحقق منها الأجانب (المتستَّر عليهم)، دخولاً غير مشروعة، يتم تحويلها خارج البلاد لتصبح دخولاً مشروعة هناك.

      وتشير التقديرات إلى أن عدد القضايا، التي يتم التحقيق فيها بخصوص ظاهرة التستر، في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، بلغت بين 40 ـ60 قضية، يومياً، تشمل 19 مدينة سعودية، تقوم لجان مكافحة التستر بالتحري والتحقيق فيها، وترفع اللجنة تقريراً شهرياً لأمير المنطقة، مرفقاً به الكشوف، التي تقوم بإعدادها لاتخاذ اللازم.

      وفي حالة ثبوت واقعة التستر، تقوم لجان التستر بالتوصية بما يلي:

أ.  التصفية للمحل، مهما كان نوع النشاط موضوع التستر، تجارياً أو صناعياً.

ب. منع الأجنبي من مغادرة البلاد، حتى يقوم برد كل الأموال المستحقة إلى الحكومة، وإلى الآخرين، ما لم يقدم كفيل غرامً وأداء.

ج. إبعاد الأجنبي المتَسَتَّر عليه من الأراضي السعودية، بعد إخلاء ذمته.

د. الإحالة إلى الجهات المختصة، بتوقيع العقوبات المقررة، والتي تصل إلى السجن، والغرامة، وإلغاء العمل التجاري، وتسديد الديون التي على المتَسَتِّر، والترحيل من البلاد دون عودة للمتَسَتَّر عليه.

      وهكذا، نجد أن مجالات الاقتصاد الخفي، غير المشروع، تعددت وتنوعت، ويزداد حجمها، يوماً بعد يوم، مع كل زيادة تحدث في النمو الاقتصادي، وفي الانفتاح على العالم الخارجي، وتوسع حجم النشاط الاقتصادي بصفة عامة، وما يرتبط به من زيادة في حجم الدخل القومي، وفي استخداماته في مختلف دول العالم.

      وتشير بعض التقديرات، إلى أن نسبة تتراوح بين 50 %، 70 %، من هذه الأموال غير المشروعة، تجري عليها عمليات الغسيل في البنوك العالمية، بحيث يمكنها إزالة البصمات غير المشروعة عنها، والعودة مرة أخرى للاستخدام داخل البلاد بصورة مشروعة، من دون أن تخضع للتجريم أو تتعرض للمخاطر القانونية.

      ويتم ذلك، عادة، من خلال القنوات المصرفية والمؤسسات المالية، عن طريق سلسلة من العمليات المالية، والتحويلات المصرفية، لتغيير معالم النقود غير المشروعة، وتعذر تعقبها، أو التعرف على مصادرها من جانب أجهزة مكافحة التهريب، ثم تعود هذه النقود إلى أوطانها بصفة شرعية، وعادة، تساعد بعض النظم المتبعة، في بعض البنوك، على ذلك، عن طريق فتح حسابات سرية، تسمح للمودعين بعدم الكشف عن أسمائهم أو هويتهم، وتفويض أشخاص آخرين، يمثلونهم في التعامل، يستترون خلفهم.