إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / السوق السوداء





التسعيرة الجبرية للعملات
السقوف العليا لأسعار السلع




المبحث الثالث

المبحث الثالث

الرشاوى "الفساد"

      تمثل الرشاوى دخولاً خفية، يتحصل عليها موظفون رسميون، نظير تأدية خدمات، وتسهيل إجراءات تراخيص، والحصول على عقود، وتوريدات لأصحاب نفوذ، يمثلون مصالح "جماعات ضغط" في المجتمع، على حساب تجاهل أفرادٍ وشركات أخرى.

      وعملية الرشوة "الفساد"، تعد إحدى صور ممارسات السوق السوداء، بل هى الطابع العصري لهذه السوق، من حيث أسلوب الممارسة والآثار التي تحدثها. بل إنها فاقت في أهميتها الصور الأخرى، مثل البيع خارج نطاق التسعيرة الجبرية وغيرها، ويمكن عقد مقارنة بين الصورتين، لتأكيد أن الرشاوى تعمل في نطاق السوق السوداء (انظر ملحق المقارنة بين التسعير الجبري والرشاوى).

      أهم الآثار التي تتولد عن السوق السوداء، في مجال الرشاوى "الفساد":

  1. زيادة تكلفة السلع والخدمات، والمشروعات، والتعاقدات، والتوريدات موضوع الرشوة.
  2. طرح هذه السلع والخدمات، بأقل من المواصفات القياسية لها، وكذلك انخفاض مستوى الصيانة والضمان.
  3. المتحصلون على الرشاوى، لا ينفقونها بما يخدم التنمية الاقتصادية، ولا يضعون أموالهم على هيئة ودائع ادخارية في البنوك المحلية، وغالباً ما تدور أموالهم في عمليات غسيل الأموال.
  4. انتشار الفساد الاقتصادي، متمثلاً في الرشاوى، يؤدي إلى مزيد من الفساد، للميل إلى المحاكاة، واعتبار الرشوة تكلفة لازمة، وإن كانت غير منتجة؛ للحصول على الموافقات الحكومية، وزيادة دخول المرتشين.
  5. انتشار الفساد بين صغار وكبار المسؤولين الحكوميين، يزعزع الاستقرار السياسي، ويفقد الثقة في مصداقية الحكومات الوطنية، وفي مصداقية الأنظمة الاقتصادية، والقانونية، والسياسية، وفي الأحزاب السياسية، وفي التشريعات، والسياسات النقدية، حتى في جزء من مصداقية برامج الإصلاح الاقتصادي.
  6. الرشاوى الدولية، التي تقدمها الشركات متعددة الجنسيات، لكبار المسؤولين، نظير إنشاء مشروعات قومية، تمتص جزءاً من المعونات الدولية المقدمة من بعض المنظمات الدولية.
  7. لا تعكس الحسابات القومية القيم الحقيقية للتدفقات النقدية، والسلعية، والخدمية.
  8. عدم تضمين الرشاوى في حسابات التكاليف، يفقد مصداقية شفافية قوائم الدخل وقوائم المركز المالي.
  9. في ظل نظم الخصخصة، يسهل المرتشون لأصحاب المصالح، بيع أصول مشروعات حكومية بأقل من قيمتها الحقيقية. ثم يخططون لبيعها في المستقبل، واستغلالها بقيم أكبر بكثير مما تم شراؤها به، ويحققون ثروات طائلة من خلال هذه الصورة للسوق السوداء.

      ونظراً لأن صور البيع خارج نطاق التسعيرة الجبرية، وغيرها من الصور التقليدية للسوق السوداء، قد أخذت في الانطواء، وحلت محلها صور وأشكال أخرى للفساد الأسود، في شكل الرشاوى المحلية والدولية، بصفتها جزءاً من الاقتصاد الخفي، فسوف تعطي هذه الصور الأخرى مساحة أكبر في هذه الدراسة.

      والجدير بالذكر، أن الثورة التكنولوجية في إطار المعلومات، وأجهزة الاتصالات الحديثة عبر الأقمار الصناعية، قد ساهمت، بشكل كبير، في ممارسات الرشاوى المحلية والدولية، وساهمت في عمليات الإخفاء، ونقل الدخول الخفية بسرعة الضوء، فبنقرة واحدة على الفأرة Mouse، تتم تحويلات متداخلة وعديدة بين عدة مصارف عالمية.

      وبالمقابل، ساهمت هذه الثورة التكنولوجية، أيضاً في كشف تورط العديد من الشركات والبنوك والمسؤولين، سواء بدون قصد أو بتعمد بعض الشركات الدولية تسريب معلومات للصحافة، بعيداً عن ذكر اسمها، بغرض استبدال بعض عملائها من المسؤولين، أو للمنافسة والصراع، مع شركات دولية أخرى. وعليه يمكن القول إن ثورة المعلومات أصبحت ذات جانبين للمسؤولين المتورطين في سوق الرشوة السوداء، جانب يتمثل في الأموال السوداء الضخمة، التي يحصلون عليها، والجانب الآخر يتمثل في المخاطر، التي يتعرضون لها.

1. الطابع الشمولي الدولي للرشاوى "الفساد" بصفتها صورة للسوق السوداء

      تكاد الصحافة تذكرنا، يومياً، بأن السلوك الفاسد لا يزال يتسم بطابع عالمي. إذ إنه يحدث في النظم الديمقراطية، وفي الديكتاتوريات العسكرية، ويحدث على جميع مستويات التنمية، وفي جميع أنواع النظم الاقتصادية، من الاقتصاديات الرأسمالية المفتوحة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، إلى الاقتصاديات المخططة مركزياً، مثل الاتحاد السوفيتي السابق. بيد أن ما شهدته التسعينيات من التحرر الاقتصادي، والإصلاحات الديمقراطية، والتكامل العالمي المتزايد، قد اجتمع على فضح الفساد وزيادة الوعي بالتكاليف المترتبة عليه. وقد أشعلت هذه الاتجاهات، بدورها، موجة مناهضة للفساد، تنتشر في كل أنحاء العالم.

      إن عدد وتنوع البلدان، التي تعاني من فضائح الرشاوى "الفساد"، في السنوات الأخيرة، يبرز حقيقة، مفادها أن الفساد يختلف إلى حد واسع في أشكاله، وتغلغله، وعواقبه. ففي البلدان الفقيرة، قد يخفض الفساد من النمو الاقتصادي، ويعوق التنمية الاقتصادية، ويقوض الشرعية السياسية. وهي عواقب، تؤدي بدورها إلى تفاقم الفقر وعدم الاستقرار السياسي.وفي البلدان المتقدمة النمو، قد تكون الآثار الاقتصادية للفساد أقل حدة، بيد أنه، حتى في البلدان الغنية، لن تستخدم الموارد المسربة في تحسين مستويات المعيشة.

      كما يميل الفساد إلى سوء توزيع الثروة، عن طريق زيادة نفوذ أولئك الذين لديهم استعداد ومقدرة على دفع الرشاوى، بما يلحق الضرر بمن لا يستطيع الإقدام على ذلك، وتثير القضية انشغالاً متزايداً في الكثير من البلدان المتقدمة والنامية في الوقت الحالي. وأخيراً يمكن للفساد أن يقوض الشرعية السياسية في البلدان الديمقراطية الصناعية، وفي البلدان النامية على حد سواء، عن طريق إقصاء المواطنين العاديين من دوائر قيادتها السياسية، وجعل قيام حكومة فعالة مسألة أكثر صعوبة. ومن الممكن أن يحدث الفساد أذىً كبيراً في البلدان، التي تمر بمرحلة انتقال، مثل روسيا، حيث يستطيع، إذا ما ترك طليق السراح، أن يقوض التأييد، الذي تحظى به الديمقراطية واقتصاد السوق.

      غير أن السجل يكشف أيضاً، أن الفساد يبتلي البلدان، التي كان أداء اقتصادياتها طيباً نسبياً، مثل كوريا الجنوبية، واليابان، والمكسيك، حتى وقت قريب العهد، وكذلك إيطاليا.

      وفي بعض النماذج، يبدو أن الفساد في صورة المحسوبية السياسية، كان يمثل عاملاً في الاستقرار السياسي القصير الأجل، بأكثر مما يمثله في زعزعة الاستقرار، إلا أن الفساد، الذي كان يبدو أنه ساهم في وقت من الأوقات في الاستقرار، يمكن أن يسفر عن عكس ذلك بالضبط، بمرور الزمن، حسبما تشهد عليه الاضطرابات الكبيرة، التي حدثت مؤخراً في كوريا الجنوبية، واليابان، وإيطاليا، والسخط المتزايد، الذي يحدث في المكسيك. والأقرب إلى الصحة من ذلك، القول إنه يمكن للفساد أن يعمل على تثبيت أحوال سياسية تتصف بالقهر، والظلم، ويفتقد فيها الجميع، باستثناء نخبة ثرية، الإمكانيات اللازمة لحماية أنفسهم من الاستغلال. وتشير الشواهد إلى أن الفساد المتغلغل، والطليق، يعتبر موهناً من الناحية الاقتصادية في المعتاد.

2. الفرص الاقتصادية، التي تتيحها الرشاوى في السوق السوداء

      يتوقف الطلب على الخدمات الفاسدة ـ أي المعروض من الرشاوى ـ على حجم الدولة وهيكلها. فالرشاوى تدفع لسببين: للحصول على المنافع الحكومية، ولتجنب التكاليف. وينبغي أن تعمل أي إستراتيجية فعالة لمناهضة الفساد على تقليل كل من المنافع والتكاليف الخاضعين لسيطرة الموظفين العموميين، والحد من السلطة في تخصيص المكاسب وفرص الإضرار.

أ. السبب الأول :الدفع للحصول على منفعة حكومية

      تقوم الحكومة بشراء وبيع السلع، والخدمات، وتوزيع الدعم، وتنظيم خصخصة الشركات الحكومية، وتقديم الامتيازات. وكثيراً ما يحتكر المسؤولون المعلومات الثمينة في هذا الشأن. وكل هذه النشاطات تخلق حوافز للفساد، وتساعد على تكوين السوق السوداء.

      وعندما تكون الحكومة مشترية أو متعاقدة، تكون هناك أسباب عديدة لتقديم رشاوى للمسؤولين. فأولاً، قد تدفع شركة ما؛ لكي تدرج في قائمة مقدمي العطاءات المؤهلين. وثانياً، قد تدفع الشركة؛ لكي تجعل المسؤولين يضعون شروط العطاءات، بشكل يجعل الشركة الفاسدة هي المورد الوحيد المستوفي للشروط. وثالثاً، قد تدفع الشركة؛ ليقع عليها الاختيار للفوز بالعقد. وأخيراً، ما إن يتم اختيار الشركة، حتى تدفع؛ للحصول على أسعار مضخمة، أو لكي تتحايل على الإهمال في الجودة.

      وكثيراً ما تبيع الحكومات سلعاً أو خدمات بأقل من أسعار السوق. وكثيراً ما توجد أسعار ثنائية ـ سعر حكومي منخفض وسعر سوق حر أعلى ـ وحينئذ تدفع الشركات رشاوى للمسؤولين للتوصل إلى الحصول على الإمدادات الحكومية، التي تقل عن سعر السوق. ففي الصين، مثلاً، يباع الكثير من المواد الخام بأسعار الدولة المدعمة، وبأسعار السوق الحرة على حد سواء.

      وعندما يكون تقديم الائتمان وسعر الفائدة خاضعين لسيطرة الدولة، فقد تدفع الرشاوى مقابل تسهيل سبل الحصول على الائتمان. وتبين اللقاءات الشخصية، التي أجريت مع المشتغلين بنشاط الأعمال في أوروبا الشرقية وروسيا، أنه كثيراً ما تكون الرشاوى مطلوبة؛ للحصول على الائتمان. وفي لبنان، كشف مسح مماثل عن أن القروض لا تتاح بدون دفع رشاوى.

      وبالمثل، فإن أسعار الصرف المتعددة لا تعكس الثوابت الاقتصادية الأساسية، في كثير من الأحيان، ومن ثم، فإنها تفرز حوافز لدفع الرشاوى؛ للحصول على النقد الأجنبي الشحيح بأسعار طيبة. وتشير مذكرة تفاهم للبنك الدولي، بشأن باراجواي، على سبيل المثال، إلى أن نظام سعر الصرف المتعدد، الذي قام في ذلك البلد في الثمانينيات، أدى إلى ظهور الفساد. كما أن تخصيص تراخيص الاستيراد والتصدير الشحيحة، يعتبر أيضاً مصدراً متكرراً للرشاوى والمحسوبية، حيث ترتبط الرشاوى بقيمة المنافع الاحتكارية الممنوحة.

      كما يمكن أن يحدث الفساد، عندما يكون مستوى الدعم، والمنافع المقدمة لمستحقيها، أقل بكثير من أن تلبي حاجة جميع المستوفين للشروط، أو عندما يتوجب على المسؤولين أن يستخدموا تقديرهم، عند اتخاذ قرار بشأن المستوفي لشروط الحصول على استحقاق ما. وقد تكون الخدمة شحيحة، لدرجة أن يدفع الناس أموالاً مقابل إدراج أسمائهم ضمن من يحصلون عليها، أو قد تكون الخدمة بمثابة استحقاق لكل من تنطبق عليه الشروط، بحيث يدفع الناس؛ لكي يدرجوا في المجموعة المستحقة. ملحق تحليل عواقب الفساد يوضح مقارنة بين الرشاوى الطوعية والرشاوى المبتزة.

      لقد تم إلغاء مفاجئ للقيود التنظيمية، التي كانت تفرضها بعض الدول على ممارسة بعض النشاطات الخاصة لإشرافها. وترتب، على هذا الإلغاء، فتح الباب أمام بعض الشركات، للقيام بعمليات تدليس، وممارسة مساوئ عديدة (ملحق فرص الفساد وعواقبه). ومن الممكن أن يصبح المسؤولون الحكوميون، المناط بهم خصخصة الأصول العامة، من أصحاب الثروات الفاحشة، فوراً، عن طريق بيع تلك الأصول بأسعار منخفضة لقاء رشاوى، أو حتى حيازتها عن طريق أسرهم وأصدقائهم. وحقيقة، يمكن أن تكون الفرص المتاحة أمام المسؤولين العموميين لسلوك التكسب، وتعاطي الأموال المكتسبة، خلال هذا الانتقال، متعددة حقيقة.

      ومن الممكن بيع الأسعار المحددة للمرافق المخصخصة حديثاً: الهاتف، والكهرباء، وما شابه، بشكل مربح جداً. وتصل هذه الفرص إلى ذروتها في المراحل المبكرة من الانتقال إلى اقتصاد السوق، عندما تخصخص الشركات الاحتكارية، في كثير من الأحيان، في غيبة إطار تنظيمي فعالٍ، أو عندما يحرر النظام المصرفي، بدون وجود إشراف وافٍ من قبل السلطات النقدية.

      هذا ويمكن أن تحسن خصخصة الشركات المملوكة للدولة، من أداء الاقتصاد، وأن تقلل الفساد، في غضون ذلك. بيد أن تحويل أصول الدولة، إلى ملاك من القطاع الخاص، يمكن أن يخلق في حد ذاته حوافز للفساد؛ فبيع شركة كبيرة، شبه حكومية أو عامة، يماثل طرح مشروع بنية أساسية لمشروعٍ عامٍ كبير العطاءات. ولذلك فإن حوافز الانحراف الوظيفي متماثلة. فقد تدفع شركة ما؛ لكي تدرج في قائمة مقدمي العطاءات المؤهلين، أو لتقييد عددهم. وقد تدفع؛ للحصول على تقويم منخفض للممتلكات العامة، التي سيتم تأجيرها أو بيعها، أو لكي تفضل في عملية الاختيار. وقد تقوض بعض المعاملات الفاسدة، من منطق الكفاءة، الذي تستند إليه المبررات الاقتصادية للخصخصة، وهكذا، فلو أن الشركات دفعت؛ للمحافظة على السلطة الاحتكارية للمنشأة، بعد انتقالها إلى أيدي القطاع الخاص، فقد تكون النتيجة، ببساطة، أن تتحول الأرباح من الدولة إلى الملاك الجدد، وعندئذ، قد يواجه العاملون في الشركة المخصخصة حديثاً، طلبات من الموردين والعملاء، الساعين إلى المشاركة في المنافع الاحتكارية.

      ويرى البعض أن عمليات الخصخصة في الأرجنتين كانت تتحيز لصالح بعض العملاء، الذين لديهم صلات داخلية ببعض المسؤولين، ومن المفترض أن الخصخصة في تايلاند انطوت على دفع إتاوات وعمولات، وانطوت بعض الخصخصات في الكتلة الشرقية السابقة، على تحويلات فاسدة مماثلة. بإيجاز، فإن الرشاوى، التي تم سردها، جاءت نتيجة لتدخل الحكومات في النشاطات الاقتصادية سواء كان هذا التدخل مباشراً أو غير مباشر. لذا، فإن من أهم الدروس المستفادة مما ذُكر، العمل على تقليص تدخل الحكومات في النشاطات الاقتصادية قدر الإمكان، والعمل على تفعيل آلية السوق؛ لرفع الكفاءة الاقتصادية.

ب. السبب الثاني: الدفع لتجنب تكبد التكاليف:

      تقوم الحكومات بفرض القواعد التنظيمية، وجباية الضرائب، وإنفاذ القوانين الجنائية، ويستطيع المسؤولون تأخير من يتعاملون معهم، ومضايقتهم. وبوسعهم أن يفرضوا التكاليف، بطريقة انتقائية، تؤثر على الموقف التنافسي للشركات في صناعة ما.

      وفي ظل البرامج التنظيمية العامة، قد تدفع الشركات؛ للحصول على تفسير أفضل للأحكام، أو للحصول على تقدير في مصلحتها؛ وقد تدفع؛ لتجنب الأعباء التنظيمية أو تخفيفها، أو لتوضيح الاشتراطات التنظيمية، عندما تكون القوانين غير واضحة. وقد تكون حوافز الفساد مرتفعة، بشكل خاص بالنسبة للشركات الحكومية المخصخصة حديثاً، والتي تتعامل مع وكالات تنظيمية حديثة العهد، ليس لديها سجل إنجازات طيبة. وهكذا، فإن من يقدمون المشورة إلى الاقتصاديات النامية، وتلك التي تمر بمرحلة انتقال، بشأن إنشاء وكالات تنظيمية للمرافق العامة، يؤكدون على ضرورة وجود عمليات شفافة وعلنية.

      وفي الحكومات الاتحادية، يمكن، للأحكام المتباينة، أن تجعل الرشاوى مسألة يصعب تجنبها. وتروي دراسة للبنك الدولي، عن المنشآت الخاصة في البرازيل، قصة، يحتمل أن تكون منتحلة، وهي أن أحد أصحاب المشاريع، الذي ذكر بأنه تلقى زيارة من مفتشين تابعين لحكومة الولاية وللحكومة الاتحادية في الوقت نفسه. وكان الهدف من الزيارة المشتركة هو التأكد من ضبط الشركة، وهي تنتهك واحداً، على الأقل، من قوانين الحكومتين المتباينة، بشأن تركيب أجهزة لإطفاء الحريق.

      دائما ما تكون الضرائب مرهقة، ولذلك فقد تتواطأ بيوت الأعمال والأفراد، مع محصلي الضرائب؛ لتخفيض المبالغ المحصلة. وتقسم الوفورات فيما بين دافع الضرائب والمسؤول. وفي بعض أرجاء أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، حيث تعتبر معدلات الضرائب الرسمية مرتفعة جداً، يذكر المشتغلون بالأعمال دفع رشاوى مرتفعة. وينطوي كثير من المزاعم الخاصة بالفساد على الدفع لمفتشي الضرائب. ومن المحتمل، أن ينغمس مسؤولو الجمارك، على وجه الخصوص، في الفساد، بالنظر إلى أنهم يتحكمون في شيء، له قيمته عند الشركات، وهو سبل الوصول إلى العالم الخارجي. وتستخدم الرشاوى لتقليل التعرفات الجمركية، ورسوم التصدير، والحصول على تراخيص الاستيراد والتصدير. وقد كشفت الإصلاحات الجمركية في إندونيسيا والمكسيك، عن وجود أدلة واسعة النطاق على الفساد، "فجمارك الموانئ الجوية تعرقل 3 مليارات بيزو مكسيكي سنوياً". وههنا، تتطابق الوصفات العلاجية لرجل الاقتصاد ذي التوجه السوقي، مع وصفات المصلح المناهض للفساد. فسياسات التجارة الحرة تعمل على تحسين الكفاءة في معظم الظروف، وعلى تقليل مصادرة الريع الاقتصادي المتاح للمسؤولين الفاسدين. والتسامح مع الفساد، الذي يعمل على التحايل على سياسات التجارة التقييدية، يؤدي إلى اتساع نطاق التفاوتات وقلة الكفاءة. وتبين الدراسات أنه، مع ارتفاع معدلات الرسوم الجمركية، تنخفض التعويضات المحصلة كحصة من التعريفات الاسمية، ويزيد التفاوت في المعدلات المدفوعة بالفعل، وتتسق هذه النتائج مع الرأي القائل بأن حوافز الفساد ترتفع مع ارتفاع معدلات الضرائب والرسوم الجمركية.

3. أسباب السوق السوداء في مجال الرشاوى "الفساد"

      تبرز الأدبيات الأصلية الخاصة بالتكسب على قيود التجارة، باعتبارها نموذجاً رئيسياً لمصادر الريع، التي تستحثها الحكومة، فمثلاً، تؤدي القيود الكمية المفروضة على الواردات، إلى جعل تراخيص الاستيراد بالغة القيمة. وقد يكون المستوردون، حينئذ، مستعدين لرشوة المسؤولين، الذين لهم صلة بذلك؛ من أجل الحصول عليها، وعلى الأعم، فإن حماية الصناعات المحلية من المنافسة الدولية، تولد ريعاً، قد يكون أصحاب المشاريع المحلية على استعداد لدفع مقابل له، في شكل رشاوى.

      إن وجود قدر كبير من الانفتاح في اقتصاد ما، يقاس بما يماثله من مجموع الواردات والصادرات كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، يرتبط بشكل مهم بانخفاض درجة الفساد.

      ويمكن أن يكون الدعم الحكومي مصدراً للريع. ويفسر أديس ودي تيلا "1995 " الفساد باعتباره دالة للسياسة الصناعية، تبين أن الدعم المقدم للتصنيع "مقاسه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي"، يرتبط بالمؤشرات القياسية للفساد.

      كما أن تحديد الأسعار، "التي يمكن قياسها استناداً إلى مؤشرات مثل تلك التي كانت تستخدم في البنك الدولي في عام 1983"، يُعد مصدراً محتملاَ للريع، ومن ثم للسلوك التكسبي. فمثلاً، قد يكون أصحاب المشاريع على استعداد لرشوة المسؤولين الحكوميين؛ للمحافظة على توفير المدخلات بأسعار أقل من سعر السوق.

      وبالمثل، فإن نظم سعر الصرف المتعدد، ومخططات تخصيص النقد الأجنبي، التي يجوز أن يقوم مقامها في الأهمية علاوات سوق صرف موازية، مثل تلك التي استخدمها ليفين ورينيلت 1992، تفضي إلى الريع. فمثلاً، لنفترض أنه في بلد معين، عمل مديرو المصارف التجارية المملوكة للدولة، على تخصيص النقد الأجنبي، وفقاً لأوليات وضعوها بأنفسهم؛ فحينئذ قد يكون أصحاب المشاريع في البلد، على استعداد لرشوة المديرين للحصول على النقد الأجنبي الضروري لشراء المدخلات المستوردة.

      كما أن الأجور المنخفضة في الخدمة المدنية، بالمقارنة مع أجور القطاع الخاص، أو حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، تعتبر مصدراً محتملاً للفساد ذي "المستوى المنخفض"، تبعاً لآليات الكفاءة. أي أنه، عندما لا تدفع، للموظفين المدنيين، أجور كافية للوفاء باحتياجاتهم، فقد يضطرون إلى استخدام مناصبهم لجمع الرشاوى، وبخاصة عندما تكون التكلفة المتوقعة لضبطهم وفصلهم منخفضة. وينبغي أن تأخذ البلدان مثل هذه الاعتبارات في حسبانها، عندما تواجه بالاختيار الصعب المتعلق بتخفيض فاتورة أجور الخدمة المدنية المفرطة، عن طريق تخفيض الرواتب أو تقليل عدد الموظفين. وتحذر إدارة الشؤون المالية، في صندوق النقد الدولي، من مخاطر التخفيض الشامل لأجور الخدمة المدنية، الذي يمكن أن يفضي إلى ارتفاع في السلوك الفاسد.

4. الآثار الاقتصادية السلبية للسوق السوداء في مجال الرشاوى "الفساد"

      للفساد، عدد من العواقب المعاكسة، وتشير الأدلة التجريبية الحديثة العهد، على وجه الخصوص، إلى أن الفساد يخفض النمو الاقتصادي، وقد يحدث ذلك من خلال أي قناة من نطاق عريض من القنوات.

      وحيثما يوجد فساد، فإن أصحاب المشاريع يعون أن المسؤولين الفاسدين قد يدعون حقا لهم في بعض عوائد استثماراتهم في المستقبل، وكثيراً ما يشترط دفع رشاوى، قبل إصدار التصاريح الضرورية؛ ولذلك فقد ينظر المستثمرون إلى الفساد، على أنه ضريبة ـ ولها طابع مؤذ بوجه خاص، بالنظر إلى الحاجة السرية، وإلى الريب، التي تصحبها ـ تقلل من حوافز الاستثمار. ويقدم ماورو "1995" دليلاً تجريبياً مؤقتاً، على أن الفساد يخفض الاستثمار والنمو الاقتصادي. فالآثار الملحوظة هائلة في ضخامتها، ففي تحليل يستخدم مؤشرات الفساد، التي رصدتها شركة "بيزنس إنترناشيونال"، تسبب تحسن في انحراف معياري واحد في مؤشر الفساد، في أن يرتفع الاستثمار بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يرتفع المعدل السنوي لنمو حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنصف نقطة مئوية. ويبين الدليل أن معظم التأثيرات، التي تلحق بالنمو الاقتصادي تحدث من خلال التأثيرات، التي تلحق بالاستثمار. واستخرج، كيفر وكناك "1995"، باستخدام مؤشرات قياسية للكفاءة المؤسسية، مأخوذة من "الدليل الدولي للمخاطر القطرية"؛ نتائج مماثلة بشكل عريض. وللمتغيرات المؤسسية في تقديراتهما تأثير مباشر مهم على النمو، إضافة إلى التأثير غير المباشر، الذي يحدث من خلال الاستثمار.

      ويحاج مورفي وشيلفر وفيشني "1991"، أنه في الحالات، التي يوفر فيها التكسب فرصاً أجزى مما يوفره العمل المنتج، فإن تخصيص المواهب يكون أسوأ. فمن المحتمل، أن ينغمس الأفراد الموهوبون الحاصلون على تعليم عالٍ، في التكسب بأكثر من انغماسهم في الأعمال الإنتاجية، بما لذلك من عواقب معاكسة، على معدل نمو بلادهم.

      ومن بين الأمور المهمة الوثيقة الصلة بذلك، بالنسبة للبلدان النامية على وجه الخصوص، إمكانية تقليل الفساد لفعالية تدفقات المعونة. وذلك أن الفساد يؤدي إلى تحويل وجهة الأموال عن مشاريعها المستهدفة. وقد استطلعت الأدبيات الهائلة، الموضوعة عن تدفقات المعونة، هل قابلية موارد المعونة للاستبدال بمستحقات مماثلة، تسفر، في نهاية الأمر، عن استخدام تدفقات المعونة في تمويل مصروفات عامة غير إنتاجية. ومن المحتمل أن يكون الكثير من البلدان المانحة قد ركز، بشكل متزايد، نتيجة لهذا الحوار المستمر، على قضايا أساليب الحكم الصالحة، وأن بعض المانحين قاموا بتخفيض مساعداتهم تدريجياً، في بعض الحالات، التي اعتبرت فيها أساليب الحكم سيئة جداً.

      كما أن الفساد قد يحدث خسائر في الإيرادات الضريبية، عندما يتخذ شكل التهرب من الضرائب، أو إساءة استخدام الإعفاءات الضريبية. ولا تدخل هذه الظاهرة، على وجه الدقة، في تعريف الفساد، إلا عندما يدفع مبلغ نظير للمسؤول الضريبي المعني.

      ومن الممكن أن يكون للفساد، عواقب معاكسة على الميزانية، من جراء تأثيره على الحصيلة الضريبية أو على مستوى الإنفاق العام. ومن ناحية أخرى، فحيثما يأخذ الفساد شكل إساءة استخدام مؤسسات القطاع العام المالية للإقراض الموجع، المشفوع بسعر فائدة أقل من سعر السوق، فإنه قد يسفر عن وضع نقدي رخو غير مستحب.

      وقد يفضي تخصيص عقود التوريدات العمومية، عن طريق نظام فاسد، إلى تدني البنية الأساسية والخدمات العمومية. فمثلاً، قد يسمح البيروقراطيون الفاسدون باستخدام مواد رخيصة، من دون المعايير المحددة في تشييد المباني أو الجسور.

      كما تتسبب بعض أشكال الفساد الحكومي إلى إلحاق الضرر بميزان المدفوعات، إذا كانت الشركات المتعاقدة مع الحكومة أجنبية. حيث يتم ترسية العقود عليها بمبالغ عالية، وهذا يعمل على إحداث خلل في الميزان التجاري، بزيادة الواردات عن القيمة الحقيقية لها، والذي يؤدي إلى إلحاق الضرر في ميزان المدفوعات.

      وأخيراً، قد يؤثر الفساد على بنية الإنفاق الحكومي. فقد ينتهي الأمر، بالمسؤولين الحكوميين الفاسدين، إلى تفضيل تلك الأنواع من الإنفاق، والتي تسمح لهم بجمع الرشاوى والمحافظة على سريتها. ويلمح إلى أن الإنفاق الكبير على بنود متخصصة، مثل القذائف والجسور، والتي يصعب تقدير قيمتها السوقية المضبوطة، يفضي إلى إتاحة مزيد من الفرص المربحة للفساد. كما قد تكون فرص جبي الرشاوى أوفر، فيما يتعلق بالبنود، التي تنتجها شركات، تعمل في أسواق احتكار القلة، حيث يتوافر الريع. وقد يتوقع المرء بداهة، أن يكون جمع الرشاوى الضخمة أسهل في مشاريع البنية الأساسية الكبيرة، أو معدات الدفاع ذات الطابع التكنولوجي المرتفع؛ منه، فيما يتعلق بالكتب المدرسية ورواتب المدرسين. فمثلاً، يحاج هاينز "1995" بأن التجارة الدولية في الطائرات عرضة للفساد بوجه خاص. والصورة الأقل جلاء في مجالات أخرى، مثل الصحة، فقد تكون فرص جمع الرشاوى وافرة في توريد مباني المستشفيات وأحدث المعدات الطبية، ولكنها قد تكون محدودة، بشكل أكبر، في دفع رواتب الأطباء والممرضين.

      والأعمال التجريبية المتعلقة بالروابط المحتملة، بين الفساد وبنية الإنفاق الحكومي، محدودة للغاية. ومن بين المساهمات القليلة في هذا الصدد، يحلل راوش "1995" كلا من محددات بنية الإنفاق الحكومي وآثاره، في عينة من مدن الولايات المتحدة الأمريكية؛ فيجد أن موجة الإصلاحات البلدية، خلال "العهد التقدمي"، زادت من الحصة المخصصة للاستثمار في الطرق والصرف الصحي، في إجمالي الإنفاق البلدي، وهو ما زاد بدوره، من النمو في العمالة في التصنيع في تلك المدن. ويحلل البعض هذه القضية غير المستكشفة نسبياً، من خلال البيانات المجمعة من قطاع مستعرض من البلدان، ويتوصل إلى دليل مؤقت على أن الفساد قد يقلل من الإنفاق الحكومي على التعليم، كحصة من الناتج المحلي الإجمالي.

5. التعاون الدولي لمكافحة الرشاوى "الفساد"

      الرشاوى "الفساد" أصبحت مشكلة دولية، تتطلب عملاً وجهداً كبيرين، من جانب العديد من البلدان والمنظمات الدولية. والمتعارف عليه عالمياً هو انتشار الفساد في البلدان النامية، حيث تكون الأجهزة التشريعية والرقابية محددة الصلاحيات، وغالباً ما تكون أقل نفوذاً من مثيلاتها في البلدان المتقدمة. وفيما يلي، نعرض أبرز ما تم اتخاذه على المستوى الدولي لمكافحة الفساد:

أ.  في نهاية مارس 1996م أقرت منظمة الدول الأمريكية اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، والتي وقعتها حتى نهاية السنة الحالية 23 دولة أعضاء المنظمة.

ب. وفي مارس أيضاً، اعتمد المجلس التنفيذي لغرفة التجارة الدولية، تقريراً يقترح فرض قواعد سلوك صارمة؛ من أجل التقيد التنظيمي الذاتي للشركات، ويتضمن توصيات تكميلية، بشأن الإجراءات، التي تتخذها الحكومات والمنظمات الدولية.

ج. وفي يونيه 1996م، أعلن البنك الدولي التنقيحات، التي أدخلها على مبادئه التوجيهية؛ بهدف التحوط من الفساد في التوريدات المقدمة للمشاريع، التي يمولها. وأدان جيمس ولفنسون رئيس البنك الدولي، وميشيل كاماديسو، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الفساد علانية، خلال الاجتماعات السنوية المشتركة، في أواخر تلك السنة، وتعهدا بإعطاء أولوية أكبر لمكافحته في برامجهما.

د. وفي ديسمبر، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً، يطلب، إلى الدول الأعضاء، أن "تتخذ إجراءات فعالة وملموسة لمكافحة كل أشكال الفساد والرشوة، وما يتصل بذلك من الممارسات المحرمة في المعاملات التجارية الدولية".

هـ. وفي ديسمبر أيضا، وافقت منظمة التجارة العالمية، في اجتماعها الوزاري الأول في سنغافورة، على الاضطلاع بدراسة عن الشفافية والإجراءات الواجبة، في إرساء عقود التوريدات الحكومية، كخطوة أولى صوب تقليل الفساد في تلك الأسواق.

و. وفي مايو 1997م، اعتمدت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، توصية تلزم الدول الأعضاء بالتفاوض بنهاية عام 1997م، حول اتفاقية، تجرم الرشوة الدولية، وتدعوها إلى أن تنفذ على الفور التوصية السابقة، التي تطالب بإنهاء إمكانية خصم الرشاوى من الضرائب.

      ومن العلامات الإضافية على المعارضة المتنامية للفساد، ذلك النمو السريع في منظمة "الشفافية الدولية"، وهي منظمة غير حكومية، مقرها في برلين، أنشئت في عام 1993م؛ لمكافحة الفساد الدولي. ففي أقل من أربع سنوات، أقامت المنظمة شبكة تضم أكثر من 60 فرعاً وطنياً في كل أنحاء العالم.

      ومن السمات اللافتة للنظر، في الجهود الأولية المبذولة لمكافحة الفساد في مختلف أنحاء العالم، ذلك الدور، الذي تقوم به البلدان النامية والاقتصادات، التي تمر بمرحلة انتقال، والتي أدركت الخطر، الذي يخلفه الفساد بالنسبة لإصلاحاتها السياسية والاقتصادية الحديثة العهد. بيد أن الكثير من هذه البلدان يشعر بالقلق أيضاً؛ لأن قضايا الفساد استخدمت لحرمانها من سبل الوصول إلى الأسواق الدولية أو رؤوس الأموال.

      لهذا السبب، تعارض بعض البلدان النامية، إدراج اتفاق عن الشفافية في التوريدات الحكومية في منظمة التجارة العالمية، وتعرب عن قلقها، بشأن مدى ما ينبغي أن تعلق به قروض البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، على اشتراط الإصلاحات المناهضة للفساد. كما كانت هناك مقاومة، في البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، لتجريم الرشوة؛ لأن بعض الشركات تكره أن تنبذ ما تعتبره أداة مفيدة في المنافسة التجارية الدولية والمبادرات المعدة آنفاً، أو مجرد خطوات أولى مفيدة. ولذلك فلا يزال الطريق إلى التنفيذ الكامل والمخلص طويلاً وشاقاً.