إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / شركة الزيت العربية المحدودة (1991)




ولي عهد اليابان وبعثة الشرف
ولي عهد اليابان في الخفجي
الأمير ناروهيتو قرب الرياض
الأمير سلطان والأميرة ماساكو
الأمير عبدالله والأمير ناروهيتو
الملك فهد يستقبل ولي عهد اليابان
المكاتب والمساكن بالخفجي
خزان نفط يحترق
حفل غداء تكريماً للأمير ناروهيتو
زيت الخفجي
عمليات الزيت
قاعدة العمليات في الخفجي

الخفجي والحوت




البئر الاستكشافية الأولى

البئر الاستكشافية الأولى

      مضت أعمال الحفر، بسهولة نسبية، حتى الثالث من أغسطس 1959. فعلى عمق 450 متراً اندفع الغاز من البئر، وصاحبه وابل من الحجارة ضربت الرافعة، مولدة شراراً أشعل الغاز. وسرعان ما لفت النيران الحفارة. واستدعي خبير إطفاء حرائق النفط الأمريكي المشهور، رد أدير، إلى موقع الحفارة المشتعلة، وعمل فريقه على مدار الساعة للسيطرة على الحريق. وبعد عشرة أيام من العمل المرهق، نجحوا في إطفاء النيران. قوبلت أنباء الحريق، الذي حدث في البئر الاستكشافية، بتأثر بالغ في اليابان وخارجها على حدًّ سواء. فقد ظن العديد من اليابانيين أن تلك الأنباء تعني الفشل، بينما أسرع القائم بالأعمال السعودي في اليابان، إلى مكتب الشركة الرئيسي في طوكيو، وقدم تهانيه إلى ياماشيتا قائلاً: "إنها أنباء سعيدة، اتخذت مظهراً سيئاً". فقد كان يعلم أن حريق الغاز، يعني وجود النفط.

      استؤنفت العمليات بحذر، بعد توقف استمر أربعة أشهر ونصف الشهر. ففي أوائل شهر يناير 1960، وصل رأس جهاز الحفر إلى طبقة جيرية لينة[1] على عمق 1260 متراً. وتصاعدت سرعة الحفر بعد ذلك، وتم التأكد من وجود الغاز والزيت في طين الحفر، وصُرِف النظر عن إجراء فحص لتدفق الزيت في تلك المرحلة، وتقرر الاستمرار في الحفر حتى الوصول إلى (مكمن البحرين)[2].

      اخترق رأس جهاز الحفر طبقة "مكمن البحرين" على عمق 1670 متراً، فتوقفت العمليات، وبدأ التحضير لإجراء فحص لقياس قوة التدفق. ومع الدورة الأولى لصمام الاختبار، تدفق طين الحفر إلى الخزان المعد لذلك، وتفجّر الزيت الخام أسود اللون من البئر، وبدأ جهاز قياس التدفق يدور بسرعة هائلة، دالاً على أن كمية الزيت المنتج كبيرة جداً.

      وقُدِّر إنتاج البئر الأولى، بعد إجراء الاختبار، بـ6000 برميل يومياً. وكانت نشرة حديثة قد أظهرت، أن فرصة العثور على النفط بكميات تجارية، هي 3% فقط. ويعني ذلك أن بئراً واحدة، من كل ثلاثين بئر استكشافية، يمكن أن يوجد فيها النفط. ولذلك، فان اكتشاف حقل نفط كبير، خلال حفر البئر الاستكشافية الأولى، كان يبدو أمراً بعيد الاحتمال. ولكنه حدث لحسن حظ الشركة. وسمىّ الحقل الجديد "حقل الخفجي"، باسم الموقع، الذي اختير لإقامة قاعدة مكتب الحقل عليه، بدلاً من خور المفتح. وتبين، أيضاً، أن احتياطي الزيت في حقل الخفجي، يضعه في قائمة أكبر حقول الزيت في العالم. فعدد حقول الزيت، التي تنتج كميات تجارية في العالم يبلغ أربعين ألفاً، ومن بين تلك الحقول هناك 300 حقلٍ يزيد الاحتياطي فيها عن 500 مليون برميل، ومن ضمن هذه الحقول 30 حقلاً تحوي نصف احتياطي الزيت المعروف في العالم. وقد احتل حقل الخفجي المركز الثلاثين، بين أكبر حقول الزيت في العالم.

      عندما كانت عمليات حفر البئر الاستكشافية، في حقل الخفجي، تمضي قدماً، لم يتوقع أحد أن يكون هذا الحقل، متصلاً بحقل السّفانية، إلى الجنوب من الخفجي. وكان حقل السفانية قد اكتشف عام 1951، وهو من حقول شركة أرامكو[3]، وبدأ الإنتاج عام 1957، واقتصر استغلاله على المناطق الجنوبية والوسطى. وبعد اكتشاف بئر الخفجي الرقم (1)، بدأت شركة أرامكو باستغلال الجزء الشمالي من الحقل المحاذي لمنطقة امتياز شركة الزيت العربية. وبذلك ثبت أن حقل الخفجي، يتصل من باطن الأرض، بحقول السفانية الشمالية والوسطى والجنوبية. ولو أن شركة أرامكو بدأت إنتاجاً مكثفاً للزيت من الآبار المجاورة شمال حقل السفانية، لنتج عن ذلك هبوط ضغط الزيت في الآبار المنتجة من حقل الخفجي. ولمعالجة ذلك الواقع، أجرى مدير عام مكتب حقل شركة الزيت العربية، اتصالات دورية مع مسؤولي شركة أرامكو، منذ بداية عام 1965، من أجل تبادل المعلومات الفنية. وتركزت المناقشات، حول كيفية اقتسام الزيت بين الشركتين بشكل عادل. ودُرست طرق التحكم ومراقبة تحركات الزيت في باطن الأرض، في المناطق المجاورة، من دون التأثير على إنتاج الشركتين.

      أُعِدّ نموذج من أجل تقييم "مكامن البحرين" بالأرقام. وفي عام 1967 انتهى إعداد تقرير عن هذا الموضوع، على نحو ساعد الشركة على اتخاذ موقف واضح في مناقشاتها مع شركة أرامكو. وقد أدى ذلك إلى أن شركة الزيت العربية، أصبحت قادرة على استغلال حقل الزيت من مكامن الخفجي.

      ومن حسن حظ الشركة، أن استغلال حقل الخفجي كان سهلاً من الناحية الفنية، لأن مكامن البحرين الرقم 1 و 2، التي كان النفط يستخرج منها، تقع في طبقات الحجر الرملي، التي تمتد باتجاه الغرب، من منتصف الخليج العربي، حتى مركز شبه الجزيرة العربية، ومن شمال الكويت، حتى الجزء الجنوبي من جزيرة البحرين في الجنوب. وفي تلك الطبقات يتحرك الماء والزيت دون عائق.

      كانت تلك الطبقات الرملية، تحتوي على كميات هائلة من الماء في قيعانها وعلى حوافها. وهذه المكامن، التي تدعى (الدفع بالماء)، تدفع بالزيت إلى أعلى، مما يُمكّن من استخراجه بسهولة وكفاءة. إن استمرارية إنتاج الزيت من مكامن البحرين، دون الاستعانة بالمضخات، بعد أكثر من ثلاثين سنة، سببه أن الضغط يدفع بالماء الموجود أسفل المكمن، ليحل محل الزيت المستخرج.

      أُنجز العمل في البئر الرقم (2) في 16 أبريل 1960، بقدرة إنتاجية أعلى من البئر الأولى. وبينما استمرت عمليات الحفر، بدأ البحث عن مكان مناسب لإقامة القاعدة الدائمة لعمليات الشركة.

      أخبر مدير الحقل، في شركة أمن أويل (AMINOIL) ، مسؤولي شركة الزيت العربية المحدودة، عن وجود خليج صغير، يبدو مثالياً لعمليات الشركة، إلى الجنوب من خور المفتح، في منطقة تكاد تكون خالية تماماً، بين المملكة العربية السعودية والكويت. استعار مسؤولو الشركة خريطة للمنطقة ونسخوها، واعتماداً على هذه المعلومات الجديدة، حدد موظفو الشركة المكان، ويُدعى رأس الخفجي، على بعد 40 كم إلى الجنوب من خور المفتح. وكانت منطقة ذلك الخليج الصغير، مقفرة غير مأهولة، لا يوجد فيها من مظاهر الحياة سوى بعض الأوتاد الحديدية الصدئة، والفضلات التي خلفها بعض محبي النزهات في البر.

      اختيرت الخفجي لتكون قاعدة دائمة لعمليات الشركة، بعد التحقق من عمق الخليج، ومعرفة تفاصيل معالمه الجغرافية. وبعد الحصول على موافقة الحكومتين المضيفتين، بدأت أعمال الإنشاءات الأساسية، في منتصف فبراير 1960. وشمل ذلك تسوية الأرض وتمهيدها لشق الطرق، وإقامة المناطق السكنية، وحفر وتعميق الخليج الصغير، وبناء مراسي للقوارب العاملة في المنطقة.

      أنشئ رصيف طوله مائة وخمسون متراً لاستقبال سفن الشحن. كما بُني جسر يربط المنطقتين الشمالية والجنوبية. وهكذا بدأت قاعدة جديدة لإنتاج النفط، تظهر للعيان بالتدريج في تلك المنطقة الصحراوية النائية. وفي الأول من أغسطس 1960 نقلت شركة الزيت العربية مكاتبها، من خور المفتح إلى رأس الخفجي.

      كانت الحاجة ماسة لبناء مرافق لإنتاج النفط تزيد طاقتها الاستيعابية على 200 ألف برميل في اليوم. وكانت تلك هي الخطوة التالية في برنامج تطوير الشركة، واختيرت شركة ماكدرموت العالمية لإنجاز هذا العمل.

       شملت المرافق المقترحة أربع محطات تدفق بحرية، تستطيع كل منها تجميع الزيت من عشرة آبار، وفصل الزيت الخام عن الغاز بشكل مؤقت. وشملت أيضاً محطة تجميع مركزية، يصلها الزيت من محطات التدفق الأربعة، ليتم ضخه عبر أنبوب بحري بطول أربعين كيلومتر إلى خزانات للزيت، من خلال فارزات الغاز المنشأة في قاعدة رأس الخفجي، ويتم شحنه في ناقلات النفط من مرسي للتحميل، على بعد ستة كيلومترات من الشاطئ.

       قُدرت التكاليف الإجمالية للإنشاءات، بما في ذلك محطة كهربائية ووحدات لتحلية المياه، بمبلغ 74 مليون دولار.



[1] أطلق على تلك الطبقة فيما بعد اسم جيرية أ (A`LIMESTONE).

[2] كانت تلك المكامن معروفة بانتاجها في المناطق المجاورة للخفجي.

[3] وهي الآن شركة مملوكة للدولة تحت اسم `شركة الزيت العربية السعودية.