مقدمة

         يتجه الاقتصاد العالمي، خاصة بعد دخوله في مرحلة العولمة، إلى إنشاء التكتلات الاقتصادية الكبيرة، لمواجهة تحديات واحتياجات هذه المرحلة. ومن أهم هذه التكتلات الاتحاد الأوروبي.

         وترجع جذور فكرة التكامل الأوروبي، إلى مشروع مارشال الأمريكي (1947)، الذي اشترط على دول أوروبا أن تتفق على حجم المساعدة المطلوبة، وأن تنسق عملية إنعاشها الاقتصادي، وأن تقلص الحواجز التجارية فيما بينها. وكانت أهم خطوات هذا التكامل، هي إنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (1951)، والسوق الأوروبية المشتركة (1957)، واتفاقية ماستريخت (1992).

         ولا زال مشروع الوحدة الأوروبية، الذي بدأ في ماستريخت، يثير كثيراً من الجدل والتكهنات، حول مدى إمكانية تحقيق هذه الوحدة النقدية والسياسية، لاسيما وأن الاقتصاديات الأوروبية، تعاني من الكساد والبطالة، وتباين هياكلها، وتعاظم استقلالية سياسات بعض دول المجموعة، وحرصها على سيادتها الوطنية، مما يضع عراقيل حقيقية أمام مشروع الوحدة.

         ويعرض هذا البحث، تطور فكرة الوحدة الأوروبية منذ بدايتها، وصولاً إلى اتفاقية ماستريخت في فبراير 1992، وما لحقها وصاحبها من تطورات ومعوقات، في ظل خصوصية تجربة الوحدة الأوروبية، حتى معاهدة أمستردام في أكتوبر 1997.