إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الاتحاد الأوروبي









أولاً: التجارب السابقة، على إنشاء "الجماعة الاقتصادية الأوروبية

أولاً: التجارب السابقة، على إنشاء "الجماعة الاقتصادية الأوروبية[1]

(European Economic Community (EEC

سبق إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية، عدة تجارب للوحدة، منها:

1. اتحاد البنيلوكس Benelux Economic Union

عقدت بلجيكا أول اتفاق جمركي مع لوكسمبورج Luxembourg، عام 1918. وفي مايو 1922 تطور التعاون بين الدولتين، إلي وحدة اقتصادية كاملة. وعندما أسفرت التجربة عن نجاحها، سعت بلجيكا إلي ضم دول أوروبية أخرى إليها، وفي مقدمتها هولندا. فعقدت اتفاقاً جمركياً معها في أكتوبر 1947، كان بمثابة الخطوة الأولي، للوحدة الاقتصادية بين هذه الدول الثلاث. تلك الوحدة التي صارت تعرف باسم البنيلوكس[2].

وبدأ تنفيذ هذا الاتفاق الجمركي الثلاثي في يناير 1948، فألغيت الرسوم الجمركية بين هذه الدول الثلاث، وتم تطبيق تعريفة جمركية موحدة على الواردات من الدول الأخرى، كما نص الاتفاق على الإلغاء التدريجي لنظام الحصص، الذي كان قائماً بين كل من هولندا من جهة وبلجيكا ولوكسمبورج من جهة أخرى. كما حدد الاتفاق أنواعاً من سلع مستعمرات كل من بلجيكا وهولندا، تسري عليها قواعد الإعفاء من الرسوم الجمركية.

وقد استحدث اتحاد البنيلوكس، نظام الحد الأدنى للأسعار، الذي يقضي بأن تُفرض على المنتجات الزراعية الهولندية، عند دخولها بلجيكا ولوكسمبورج، ضريبة موازنة تعوض الفرق بين سعر الشراء من هولندا، وبين السعر الأدنى المقرر للسلعة في بلجيكا ولوكسمبورج. على أن تقسّم حصيلة هذه الضريبة بين الجانبين. وكان هذا إجراء مؤقتاً في فترة الانتقال، إلي أن تتوازن الأجور والأسعار في الجانبين على مر الزمن.

         وقد اقتبست دول السوق الأوروبية المشتركة European Common market هذا النظام، من اتحاد البنيلوكس فيما بعد. وتحققت الوحدة الجمركية لهذه الدول الثلاث في يوليه 1950، وتحررت حركة انتقال رؤوس الأموال بينها في يوليه 1954.

2. المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي

 (Organization for European Economic Cooperation (OEEC

ألقي الجنرال "جورج مارشال George Marshall"، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، في يونيه 1947 في جامعة هارفارد Harvard خطاباً، أوضح فيه الشروط، التي يجب توافرها لكي تزود بلاده دول أوروبا بالمساعدات المالية المطلوبة، بعد أن ساءت أحوالها المالية والاقتصادية إلى حد بعيد، عقب الحرب العالمية الثانية.

وقد هدف الجنرال "مارشال" في خطابه إلي:

  1. إعداد الرأي العام الأمريكي، لقبول فكرة وضع مشروع متناسق لمساعدة أوروبا مالياً، على نطاق واسع.
  2. دعوة حكومات دول أوروبا الغربية إلي التكتل، واتخاذ سياسات اقتصادية جماعية، وتعاونها مع بعضها بعضاً، في وضع خطط اقتصادية لفترة زمنية محددة، بهدف استعادة قدراتها الإنتاجية من جهة، وتشجيعها على الوحدة بين دولها، لمواجهة الخطر الشيوعي، من جهة أخرى.

         وبناء على هذه الدعوة، انعقد مؤتمر الدول الأوروبية بباريس في يوليه 1947. وفيه وضع تقرير عن التعاون الاقتصادي في أوروبا الغربية، وصدر بموجبه قانون العون الأمريكي لأوروبا، المعروف باسم "مشروع مارشال Marshall Plan". وقد تقرر تنفيذه على مدى أربع سنوات، من بداية عام 1948 إلي نهاية عام 1951. ثم انعقد اجتماع ثان في باريس في أبريل 1948، حضرته سبع عشرة دولة أوروبية هي: ألمانيا الغربية، وفرنسا، وإيطاليا، والنمسا، وبلجيكا، والدانمارك، ولوكسمبورج، وبريطانيا، وأيسلندا، وأيرلندا، والنرويج، وهولندا، والبرتغال، والسويد، وسويسرا، وتركيا، واليونان. وفيه وقّعت هذه الدول، على اتفاق بإنشاء "المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي".

         وفي إطار اتفاق المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي، كانت كل دولة تحدد حجم المعونة المالية السنوية التي تحتاجها من مشروع مارشال، بناء على برامج تقرها دول المنظمة مجتمعة. ثم تراجع إدارة المساعدات الأمريكية تلك البرامج، وحجم المعونة. وكان الهدف من تلك البرامج ـ وهي مشروعات قومية للإنعاش الاقتصادي ـ الوصول في المستقبل إلى وحدة اقتصادية أوروبية.

         وكان ذلك يستوجب، تفادي الاستخدام المزدوج المتنافس لرءوس الأموال، وكذلك تفادي الاستثمارات، التي لا تتفق مع هدف تحقيق الوحدة الاقتصادية الأوروبية.

         ويتولى إدارة المنظمة مجلس يتكون من ممثلين لجميع الحكومات المشتركة. وتساعده لجنة تنفيذية مؤلفة من سبعة أعضاء (إضافة إلي ممثلين عن الدول المنتسبة)، يعينهم المجلس بمعرفتهم كل سنة.

         ويساعد اللجنة التنفيذية مجموعة من اللجان الفنية، المسؤولة أمام المجلس، إضافة إلي جهاز السكرتارية، الذي يساعد باقي أجهزة المنظمة في عملها.

         وقد انضمت الولايات المتحدة وكندا إلي المنظمة، في يونيه عام 1950، كعضوين منتسبين. وأصبح لكل منهما ممثل في اللجنة التنفيذية. وقد تغير اسم المنظمة اعتباراً من سبتمبر 1961، وأصبح "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية". "Organization for Economic, Cooperation and development "OECD.

3. الاتحاد الأوروبي للمدفوعات European Union for Payments

أُنشئ الاتحاد الأوروبي للمدفوعات في يوليه عام 1950، للقيام بعمليات المقاصة المتعددة الأطراف، بين مدفوعات الدول الأعضاء، في "المنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي". وكذلك، لتقديم الاعتمادات المالية اللازمة، لمواجهة العجز الذي قد يطرأ على ميزان مدفوعات أي من الدول الأعضاء، وذلك لتيسير تسوية مديونيات الدول المدينة، لغيرها من دول المنظمة. وأسهمت الولايات المتحدة في تمويل "الاتحاد الأوروبي للمدفوعات"، على غرار مساعداتها المالية لأوروبا الغربية.

وعندما تقررت حرية تحويل العملات الأوروبية في أواخر عام 1958، أُوقف العمل بهذا النظام. وحلت محله اتفاقية النقد الأوروبية، التي تنطوي على إقرار نظام متعدد الأطراف، لتسوية المدفوعات، وإنشاء صندوق يزود الأعضاء بقروض قصيرة الأجل.

4. الجماعة الأوروبية للفحم والصلب European Coal and Steel Community

أُنشئت الجماعة الأوروبية للفحم والصلب، بمقتضى معاهدة باريس، الموقعة في أبريل 1951، بين كل من: فرنسا، وألمانيا الغربية، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورج. وبدأت تمارس عملها ابتداء من عام 1952. ويمتد سريانها لمده خمسين عاماً. وقد جاء في مقدمة المعاهدة، أن الجماعة تؤدي إلى إحلال وحدة المصالح المشتركة، محل المنازعات التاريخية. وتضع الأسس لمجتمع مترابط واسع النطاق، من الشعوب التي مزقتها الحروب. وتحدد قواعد المؤسسة، التي توجه هذا المجتمع نحو مصيره المشترك، كما نصت المادة الثانية. على أن الجماعة تهدف إلى المساهمة، في التوسع الاقتصادي، وزيادة العمالة، وتحسين مستوى المعيشة، في الدول الأعضاء.

وقد وصف روبرت شومان Monsieur Robert Schuman، وزير خارجية فرنسا، الذي اقترح إنشاء الجماعة، وصفها بأنها الخطوة الأولى الجريئة البناءة، في طريق الوحدة الأوروبية، إذ أُريد من معاهدة باريس، التي تشكلت الجماعة بموجبها، إبعاد شبح الحرب عن أوروبا. ذلك أن هاتين المادتين، الفحم والصلب، ضروريتان لأي مجهود حربي. ومن ناحية أخرى، فإنهما يساعدان الدول الأوروبية، على تحقيق التقدم الاقتصادي بحصولها عليهما بسهولة وسعر معتدل.

وتقوم الجماعة الأوروبية للفحم والصلب، بإنشاء سوق مشتركة للفحم، والحديد والصلب، والمعادن الخردة. وكلها من السلع المهمة والأساسية، في الإنشاء والتعمير والتقدم الاقتصادي. وتكون التجارة فيها بمنأى عن القيود والتعريفات الجمركية بين الأعضاء. ويتم في إطار "الجماعة الأوروبية للفحم والصلب"، تنسيق السياسة التجارية للدول غير الأعضاء، مع عدم التمييز في الأسعار، بما في ذلك مصاريف النقل. كما يتم تحرير مركزيّ العمل ورأس المال في هاتين الصناعتين، بين الدول الأعضاء، مع تقديم الجماعة المساعدات لإعادة توطين العمال، وإعادة تدريب أولئك، الذين يضارون من جراء التطورات الفنية. ويتم تمويل ذلك عن طريق الضرائب، التي تفرضها الجماعة على إنتاج هذه الصناعات. كما تقدم الجماعة قروضاً بضمانات محددة، للاستثمارات الخاصة في هذا القطاع، وذلك لتحقيق المنافسة الحرة، ومقاومة الاحتكارات، والعمل على كفاية الإنتاج.

وأُسندت عمليات إنتاج وتوزيع الحديد والفحم والصلب، في أوروبا الغربية، إلي هيئة مستقلة تعرف باسم (السلطة العليا)، تتكون من تسعة أعضاء، تعينهم حكومات الدول الست.

وتوجد إلي جانب "السلطة العليا"، هيئات خاصة لتنفيذ الاتفاق وإدارته، والإشراف عليه، والتنسيق بين السياسات المختلفة، والفصل في المنازعات. وهذه الهيئات هي:

ـ  مجلس الوزراء: ويتكون من وزير واحد عن كل دولة تعينه حكومته، ويظل مسؤولاً أمامها. وتتمثل مهمة مجلس الوزراء في التنسيق، بين عمل السلطة العليا، وبين عمل كل حكومة من الحكومات الست.

ـ  اللجنة الاستشارية: وهي ملحقة بالسلطة العليا، وتضم ممثلين عن المنتجين والمستهلكين والمتعاملين والعمال. ويبلغ عدد أعضائها ما بين 30، 51 عضواً، يعينهم مجلس الوزراء. وتستشير السلطة العليا هذه اللجنة في الحالات، التي نصت عليها المعاهدة. كما للجنة أن تتقدم بمشروعات ومقترحات للصالح المشترك، لمناقشتها مع السلطة العليا.

ـ  البرلمان الأوروبي European Parliament: ويتكون من ممثلين عن الدول الست، وهو يمثل الهيئة السياسية العليا للجماعة. والسلطة العليا مسؤولة أمامه، لا أمام الحكومات الست، وله أن يقيل أعضاء السلطة العليا التسعة، كلهم أو بعضهم، بقرار يصدره بعدم الثقة. ويجتمع البرلمان الأوروبي، عادة، مرة كل عام، وهو يعمل أساساً، بناء على التقرير السنوي، الذي تقدمه له السلطة العليا عن نشاط الجماعة.

ـ  محكمة العدل The Court of Justice: تتكون من سبعة قضاة، يعينون بمقتضى اتفاقية بين حكومات الدول الأعضاء. وتنحصر مهمتها في ضمان احترام أحكام المعاهدة، من حيث تفسيرها وتطبيقها. وهي تتمتع بسلطات واسعة، إذ تستطيع أن تلغي قراراً قد أصدرته السلطة العليا، وأن ترغمها على اتخاذ قرار آخر تقضي به المعاهدة. بل ولها أن تلغي قرارات البرلمان نفسه، وقرارات مجلس الوزراء.

         وقد حددت المعاهدة فترة انتقال، مدتها خمس سنوات، يُسمح خلالها بالاستمرار في تطبيق بعض الضرائب الجمركية، والإعانات، والرقابة على الأسعار. وقد انتهت هذه الفترة الانتقالية في فبراير1985، حيث تم تطبيق التعريفة الجمركية الخارجية الموحدة، التي تحددت بنسبة تراوح ما بين 2% - 13% من القيمة، بالنسبة للدول الست الأعضاء في الجماعة.

         كما ألغيت الضرائب الجمركية، والقيود الكمية، وقيود العملة، والتفرقة في أسعار النقل، المبنية على أساس جنسية المستهلكين. كما ألغي نظام الأسعار الثنائي، الذي تحدد بمقتضاه سعر للتصدير، وآخر للاستهلاك المحلي للسلعة نفسها.

         واعترض أصحاب صناعات الفحم والصلب، عند تحطيم احتكاراتهم واتحاداتهم، إلاّ أن السلطة العليا لم ترضخ لهذه الاعتراضات، وواجهتها بحزم. وشجعت السلطة العليا، الاستثمارات في الحديد والصلب. واشتركت في تمويل بعض المشروعات، عن طريق حصيلة الضريبة المباشرة، التي فرضتها على جملة إنتاج الفحم والصلب والحديد، ومقدارها 3.5%.

         وكان سبب رفض المملكة المتحدة، الموافقة على الاتفاقية، أنّ بعض أحكامها يُعد انتقاصاً لسيادة الدولة، إذ تُنشئ الاتفاقية هيئات، لها سلطة فوق الدولة. كما تعارضت بعض أحكام هذه الاتفاقية مع سياسة المملكة المتحدة، التجارية المرتبطة بدول الكومنولث.

5. الجماعات الأوروبية للطاقة الذرية "يوراتوم"

 European Atomic Energy Community Euratom, (EAEC)

وُقِعَت معاهدة "إنشاء الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية"، في 25 مارس 1957 في روما. وهو التاريخ ذاته الذي وُقِعَت فيه معاهدة إنشاء "السوق الأوروبية المشتركة". ودخلت "يوراتوم" إلي حيز التنفيذ اعتباراً من أول يناير 1958، وأعضاؤها هم أعضاء السوق الأوروبية المشتركة نفسها.

وتهدف يوراتوم إلي تمويل وتطوير الطاقة النووية، من أجل استخدامها في الصناعة، والنهوض بها. وذلك، لسد الحاجة المتزايدة إلى الكهرباء. كما تهدف إلي تشجيع البحوث، وتوفير المعلومات، وتدريب العلماء والفنيين، العاملين في مجال الذرّة، والتخطيط من أجل الاستثمار المشترك، وإقامة المنشآت الذرية (مفاعلات)، من أجل المنفعة المشتركة، إذا دعت الضرورة لذلك. وتكون الجماعة مسؤولة عن وضع القوانين والإجراءات، المنظِّمة للصناعات الذرّية.

وفي يناير 1959، أقامت الجماعة سوقاً مشتركة للمواد النووية. وتعهدت بضمان حصول الأعضاء على هذه المواد، من دون تفرقة. كما تعهدت بحرية انتقال العمال ورأس المال في نطاقها، وذلك بالنسبة لمشروعات الطاقة الذرية والبحوث، وكذلك بوضع مشروع تأمين عام للجماعة، لحمايتها من الأخطار الذرية.

 



[1] تم تعديل اسم "الجماعة الاقتصادية الأوروبية"، إلى "الجماعة الأوروبية"، وذلك وفقاً لاتفاقية ماستريخت. ويطلق على الجماعة الأوروبية "السوق الأوروبية المشتركة".

[2] المصطلح اختصار لأسماء الدول الثلاث في الاتحاد: بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج، بالإنجليزية Belgium, Netherlands and Luxembourg