إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الاتحاد الأوروبي









ثالثاً: مجموعة القواعد المنظمة للعلاقة بين الدول الأعضاء('محمد شفيق عبدالفتاح، `أثر السوق الأوروبية المشتركة على اقتصاديات جمه

ثالثاً: مجموعة القواعد المنظمة للعلاقة بين الدول الأعضاء

1. الاتحاد الجمركي

تقوم الجماعة الاقتصادية الأوروبية، بصفة رئيسية، على اتحاد جمركي، ينطوي على إلغاء الضرائب الجمركية على السلع المستوردة والمُصَدَّرة، وإلغاء الحصص فيما بين الدول الأعضاء،  واتباع سياسة تجارية موحدة تجاه الدول غير الأعضاء. ولتحقيق ذلك، اتبع ما يلي:

أ. الإلغاء التدريجي للضرائب الجمركية

نصت معاهدة روما The Treaty of Rome، على أن تخفض كل دولة من الدول الأعضاء، ضرائبها الجمركية، على المبادلات السلعية مع الدول الأعضاء الأخرى، تخفيضاً تدريجياً، طبقاً لنسب خاصة حددتها المعاهدة. بحيث يؤدي هذا التخفيض التدريجي، إلي إلغاء هذه الضرائب كليةً في نهاية فترة الانتقال، وذلك على النحو التالي: 30%، للمرحلة الأولى بحيث تخفض الضرائب بنسبة: 10 %، بعد سنة من نفاذ المعاهدة، 10%، أخرى بعد 18 شهراً من التخفيض الأول، 10% أخرى، في نهاية السنة الرابعة. و30% بالنسبة للمرحلة الثانية، بحيث : تخفض 10%، بعد 18 شهراً من بدء هذه المرحلة، 10%، أخرى بعد إجراء التخفيض الأول، 10%، ثالثة بعد سنة من إجراء التخفيض الثاني. و40% بالنسبة للمرحلة الثالثة، بحيث: تلغى الضرائب الجمركية المتبقية في الموعد، الذي يحدده مجلس الوزراء.

كما نصت المعاهدة على أنه، عند إجراء التخفيض الأول في الضرائب الجمركية بنسبة 10%، يتعين أن يكون هذا التخفيض خاصاً بكل سلعة على حدة. أما عند كل تخفيض لاحق، فإنه يجوز لكل دولة من الدول الأعضاء، أن تجعل التخفيض أقل من 10% لأي سلعة، بشرط ألاّ يقل التخفيض عن 5%، (ولكن يشترط في هذه الحالة، أن لا تقل جملة التخفيضات على مجموع ضرائب السلع عن 10%) وأن لا تقل جملة التخفيضات الثلاثة المتوالية، التي تحققت فعلاً في ضرائب كل سلعة على حدة، عن 25% عند نهاية المرحلة الأولي، ولا تقل عن 50%، عند نهاية المرحلة الثانية. مع ملاحظة أن الضريبة الأساسية، التي سوف تخضع لهذه التخفيضات المتتابعة، هي التي كانت مطبقة في أول يناير عام 1957.

ونفذت هذه التخفيضات الضريبية على المنتجات الصناعية، على نحوٍ أسرع مما كان مقرراً، طبقاً للمعاهدة. ففي أول يوليه عام 1968، كانت كل التعريفات الجمركية المفروضة على التجارة فيما بين الدول الأعضاء، قد ألغيت. أي قبل الموعد الذي حددته المعاهدة بصفة مبدئية، بعام ونصف.

ب. الإلغاء التدريجي للقيود الكمية

*القيود الكمية على الواردات:

نصت المعاهدة على إلغاء القيود الكمية على الواردات، في موعد أقصاه نهاية فترة الانتقال. فعلى الدول الأعضاء أن تمتنع، عن تقليل حجم الحصص القائمة وقت بدء سريان المعاهدة، كما تمتنع عن فرض أي قيود كمية جديدة. وتحول كل دولة عضو، بعد انتهاء سنة من بدء سريان المعاهدة، الحصص الثنائية القائمة بينها وبين دول أخرى أعضاء، إلي حصص إجمالية يمكن أن ينتفع بها بقية الدول الأعضاء من دون تمييز. وفي الوقت نفسه، تزيد الدول الأعضاء إجمالي الحصص المقررة لديها، بنسبة 20% على الأقل من قيمتها، على أن تكون الزيادة بالنسبة لكل سلعة على حدة، بنسبة 10% على الأقل. وفي كل سنة تالية تزيد مجموع قيم الحصص بمقدار 20% أخرى، على أن تتم الزيادة الرابعة بهذه النسبة في نهاية المرحلة الأولي، من فترة الانتقال. والزيادة الخامسة في نهاية السنة الأولي من المرحلة الثانية. وعند انتهاء السنة العاشرة، يجب أن تكون الحصة الخاصة بكل سلعة قد زيدت إلي حد، يجعل الوارد منها يعادل 20% على الأقل، من المنتج منها محلياً.

ومع هذا، فإن الدول الأعضاء ملزمة بالتخفيف من نظام الحصص عموماً، بمعدل أسرع مما تقضي به القواعد السابقة، إذا سمحت بذلك أحوالها الاقتصادية، وأحوال القطاع ذي الشأن. وتضطلع اللجنة الأوروبية European Commission، بمهمة توجيه توصيات بهذا الصدد، إلي حكومات الدول الأعضاء.

*القيود الكمية على الصادرات:

تنص المعاهدة على إلغاء هذه القيود خلال المرحلة الأولي من فترة الانتقال. ولقد اكتمل إلغاء كل القيود الكمية، بالنسبة للتجارة في السلع الصناعية، داخل الجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1961.

2. تنسيق السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء

تنص معاهدة روما على أن تتبع كل دولة عضو، السياسة الاقتصادية اللازمة، لتحقيق التوازن في ميزان مدفوعاتها، والحفاظ على الثقة في عملتها الوطنية، مع العمل، في الوقت نفسه، على تحقيق مستوى عال للعمالة، وتحقيق الاستقرار في مستوى الأسعار.

ومن أجل ذلك، سوف تعمل الدول الأعضاء على التنسيق، بين البنوك المركزية والإدارات الحكومية ذات العمل المتشابه. كما تُنشئ لجنة نقدية ذات نظام استشاري، من أجل التنسيق بين السياسات النقدية. وترتيباً على ذلك، لا يجوز تعديل سعر صرف عملة أي دولة عضو، بما لا يتمشى مع الأهداف المشار إليها. وإلاّ جاز للجنة الأوروبية اتخاذ الإجراءات الكفيلة، بحماية باقي الدول الأعضاء، من الأضرار الناجمة عن التعديل المذكور.

وأما في حالة تعرض دولة عضو لاختلال في ميزان مدفوعاتها، نتيجة لصعوبة حصولها على العملات الأجنبية، أو لأسباب أخرى، فإنه يجوز لها أن تطلب قروضاً من باقي الدول الأعضاء، للتغلب على هذه الصعاب.

فإذا لم تتمكن الدولة من الحصول على القروض اللازمة، جاز للجنة الأوروبية التصريح لها باتباع إجراءات خاصة توصي بها. كما توصي بمنحها مساعدة مشتركة، من قِبل الدول الأخرى الأعضاء. وإذا حدثت أزمة مفاجئة في ميزان مدفوعات إحدى الدول الأعضاء، ولم يتخذ مجلس وزراء الاتحاد القرار اللازم لعلاجها في الحال، فإن من حق الدولة التي تعاني من الأزمة، أن تتخذ إجراءات الحماية الضرورية بصفة مؤقتة. على أن تبلغ هذه الإجراءات، عند تطبيقها، إلى اللجنة الأوروبية، والدول الأعضاء الأخرى.

3. حرية انتقال العمال ورأس المال والخدمات

تنص المادة 48 من المعاهدة، على أن حرية العمال في التنقل مكفولة، داخل الجماعة الاقتصادية الأوروبية، في موعد لا يتجاوز نهاية فترة الانتقال، مع مراعاة القيود، التي تبررها دواعي النظام العام، والأمن، والصحة العامة. ويتضمن ذلك إلغاء كل تمييز، قائم على أساس الجنسية بين عمال الدول الأعضاء، بالنسبة للتشغيل والأجور وسائر ظروف العمل.

كما نصت المعاهدة على إلغاء، جميع القيود المفروضة على حركة رؤوس الأموال تدريجياً، خلال فترة الانتقال. بحيث يتم في نهاية المرحلة الأولي، تحرير المدفوعات الجارية المتعلقة بحركات رؤوس الأموال، من كل القيود التي تحد منها. وقضت المعاهدة، أيضاً، بإلغاء قيود النقد والصرف، الذي تسدد به أثمان السلع والخدمات، وأرباح وفوائد رؤوس الأموال والقروض، بين الدول الأعضاء. كما نصت على منح ترخيصات الصرف، على أوسع نطاق ممكن من الحرية، داخل حدود التنظيم الذي تطبقه كل دولة. كما اتُفق على أن تُلغي تدريجياً، خلال  فترة الانتقال، جميع القيود التي تحد من حرية عرض الخدمات، داخل الجماعة الاقتصادية الأوروبية.

4. السياسة الزراعية الموحدة

تهدف الجماعة الاقتصادية الأوروبية، إلى توحيد النظم الزراعية المختلفة السائدة في الدول الأعضاء، وحماية هذا النظام الموحد بشكل يكفل استمراره، ويحقق أهدافه. ويتطلب ذلك اتباع سياسة زراعية موحدة، تهدف إلى:

ـ زيادة الإنتاجية الزراعية، عن طريق زيادة التقدم الفني، وضمان التنمية الرشيدة للإنتاج الزراعي، والاستخدام الأمثل لعوامل الإنتاج، خاصة عامل العمل.

ـ ضمان مستوي معيشة عادل للسكان، بزيادة دخول الأفراد المرتبطين بالزراعة.

ـ العمل على استقرار الأسواق.

ـ ضمان إمدادات منتظمة، من المنتجات الزراعية المختلفة.

ـ ضمان أسعار معقولة، لحاجات المستهلكين.

         ومما تضمنته المعاهدة، أنه يلزم وجود (تنظيم مشترك) للأسواق الزراعية، الخاصة بالدول الأعضاء. وأن هذا التنظيم يمكن أن يأخذ إحدى الصور التالية، تبعاً لأنواع المنتجات:

ـ قواعد مشتركة لتنظيم المنافسة بين الدول الأعضاء في المنتجات الزراعية.

ـ أو تنسيق إجباري بين المنظمات المختلفة في الأسواق الوطنية.

ـ أو قيام منظمة تسويق أوروبية.

         وعلي اللجنة الأوروبية أن تقدم مقترحاتها خلال عامين من بدء سريان المعاهدة، بشأن تطبيق السياسة الزراعية الموحدة. واستبدال المنظمات الزراعية المحلية، بإحدى صور التنظيم المذكورة. وعلي مجلس وزراء السوق، أن يصدر القرار الخاص بإدخال هذه المقترحات، إلى حيز التنفيذ.

         كما اتُفق على أن تعقد دول السوق الأوروبية المشتركة ـ المستوردة والمصدرة للمنتجات الزراعية ـ عقوداً طويلة الأجل، بينها، خلال المرحلة الأولي من فترة الانتقال، بحيث يؤدي ذلك إلي زيادة حجم المبادلات، الخاصة بتلك المنتجات، عما كان عليه متوسط حجمها في الأعوام السابقة على تنفيذ المعاهدة، بصرف النظر عن الأسعار العالمية السائدة. وتحدد الأسعار عند مستوي يضمن للمنتجين في الدول المصدرة، تصريف المنتجات المتفق عليها بسعر يقترب تدريجياً من السعر، الذي يعطى للمنتجين الوطنيين في السوق المحلي للدولة المستوردة. على أن يتم هذا التقارب بصفة منتظمة وتدريجية، بحيث يتحقق كاملاً في مدة أقصاها نهاية فترة الانتقال.

         وقد أجازت المعاهدة فرض بعض الضرائب، وتحديد حدٍ أدنى للأسعار، في المرحلة الأولي. وذلك بالنسبة لكثير من السلع المهمة، وكخطوة أولى نحو تحقيق سياسة زراعية موحدة، محققة لأهدافها. قُسمت المنتجات الزراعية إلى فئات ثلاث، تُعامل كل فئة منها على حدة:

         الفئة الأولى: تشمل القمح والحبوب الأخرى، ومنتجات الألبان، والسكر، ومن أجلها أنشئ مكتب التسويق الأوروبي، الذي يفرض الرقابة على أسعارها وتوزيعها، ويوفر لها الحماية ضد المنافسة الخارجية، عن طريق فرض ضرائب متغيرة، إذا لزم الأمر. ولما كانت الأسعار السنوية لهذه المنتجات سوف تُثبّت، فإن المكتب سوف يدخل مشترياً، في حالة انخفاض أثمانها السوقية عن الأثمان المستهدفة.

         الفئة الثانية: وتشمل اللحم البقري ولحم الخنزير والدواجن والبيض. وتطبق على هذه الفئة تعريفات محمية، وتضع حداً أدنى لأسعار الواردات، وتفرض ضرائب متغيرة. كما يتم إنشاء مكتب للتنسيق، بين سياسات منظمات التسويق الوطنية المتعددة. على أساس أن هذه المنتجات ليس لها أسعار مستهدفة.

         الفئة الثالثة: وتشمل الفاكهة والخضراوات والخمور. وتُطبق على هذه الفئة تعريفة جمركية خارجية، كما قد تفرض عليها قيود استيراد عند الضرورة. وتُطبق عليها قواعد المنافسة، مع تطبيق المواصفات الموحدة على أنواع الخمور المختلفة. ولن ينشأ مكتب للإشراف على منتجات هذه الفئة.

         ونصت المعاهدة على إنشاء لجان استشارية من الخبراء، تعين اللجنة الأوروبية، في أدائها بالنسبة لكل فئة من هذه الفئات الثلاث، وبالنسبة لعمل السوق الزراعية المشتركة ككل. كما نصت على إنشاء "صندوق أوروبي للضمان الزراعي"، لتنسيق عمل صناديق الموازنة. وفي حاله الحبوب ومنتجات الألبان والسكر، تكون هناك لجان إدارية من مديري المنظمات الوطنية المختلفة.

         وكان مقرراً أن تأخذ الجماعة الاقتصادية الأوروبية شكلها النهائي، بالنسبة للمنتجات الزراعية بوجه عام، في 1967. على أن تكون هناك فترة انتقال، تسعي فيها الدول الست الأعضاء، لتوحيد أسعار المنتجات الزراعية، بقدر الإمكان. وقد بدأت الخطوة الأولي نحو هذا الاتجاه، عام 1960.

         وعلى الرغم من أن الزراعة كانت دائماً تعوق تطور الجماعة الاقتصادية الأوروبية، وتعرقل نمو علاقاتها مع العالم الخارجي، نجحت الدول الست في نقل جزء كبير من السلطات، للهيئات الجديدة في بروكسل. فلم تعد القرارات النهائية الخاصة بالأسعار، من اختصاص الدول الأعضاء. وأُدخل نظام التصويت بالأغلبية، فيما يتعلق بالسياسة الزراعية الموحدة، قبل الموعد المقرر لها أصلاً. كما أعطيت اللجنة الأوروبية سلطة اتخاذ القرارات، مما يشكل خطوة حاسمة نحو الانتقال إلي السلطات فوق القومية.

5. تنظيم المنافسة ومنع الاحتكارات، بين الدول الأعضاء

حَرّمت معاهدة روما السياسات الاحتكارية، الحكومية والخاصة، التي يكون من شأنها التحكّم في مشروع أو عدد من المشروعات المتآلفة، تحكّماً احتكارياً في أسواق الدول الأعضاء. ويتناول هذا التحريم كل الاتفاقيات، التي تنشأ بين المشروعات الخاصة بقصد تحديد حجم الإنتاج، أو تحديد الأسعار، أو تحديد التسويق، بصورة احتكارية تمنع المنافسة بين المشروعات المختلفة.

كما حَرّمت المعاهدة، أيضاً، على الدول الأعضاء، ممارسة سياسة الإغراق، مع السماح بإعادة تصدير البضائع، الواردة من إحدى الدول الأعضاء، إلي موطنها الأصلي، من دون أن تُفرض عليها رسوم جمركية، أو قيود كمية. على أن تضع اللجنة التنفيذية، القواعد اللازمة لتنفيذها.

كما يتناول التحريم الإعانات، التي تمنحها حكومات الدول الأعضاء، لبعض المشروعات الخاصة، التي يكون من شأنها عرقلة المنافسة بينها، وبين مشروعات بقية الدول في الجماعة الاقتصادية الأوروبية.

غير أنه لا يعتبر متعارضاً مع قانون التحريم:

ـ الإعانات الاجتماعية الممنوحة للمستهلكين، بلا تمييز قائم على أساس مصدر السلعة.

ـ المساعدات المقصود بها إصلاح الخسائر، الناجمة عن الكوارث الطبيعية، أو الحوادث الاستثنائية.

ـ الإعانات الممنوحة للتنمية الاقتصادية في المناطق، التي تعاني من انخفاض مستوى المعيشة انخفاضاً كبيراً، أو حيث تنتشر البطالة بصورة خطيرة.

ـ الإعانات المقصود بها معالجة الاضطراب الخطير، في اقتصاد إحدى الدول الأعضاء.

ـ الإعانات الأخرى، التي لا يعتبرها مجلس وزراء السوق متعارضة مع المعاهدة.

6. تنسيق الضرائب

تنص المادة 95 على أنه لا يجوز لأي من الدول الأعضاء، أن تفرض على منتجات دولة أخرى عضو، ضرائب داخلية، من أي نوع، تزيد على الضرائب المفروضة على المنتجات القومية المماثلة. وعلي الدول الأعضاء تعديل تشريعاتها وفقاً لهذا النص، في ميعاد لا يجاوز بدء المرحلة الثانية من فترة الانتقال، أي في أول يناير عام 1962.

وقضت المادة 96، على أن لا تُفرض على البضائع المستوردة، من دولة عضو إلي دولة عضو أخرى، أي ضرائب، تزيد على الضرائب المفروضة عليها. أي أنه يجوز إعفاء الصادرات من دولة إلي بقية الدول الأعضاء، في حدود الضرائب المفروضة عليها فحسب، دون أي إعانة.

7. حق الإنشاء والتقريب بين القوانين

كفلت معاهدة روما لرعاية الدول الأعضاء، الحق في إنشاء الشركات أو فروعها أو الوكالات، في أية منطقة داخل الجماعة الاقتصادية الأوروبية. على أن تُلغي تدريجياً، خلال فترة الانتقال، القيود، التي تعوق حريتهم في إنشاء تلك الشركات أو الوكالات أو الفروع.

كما نصت المعاهدة، على ضرورة العمل على التقريب، بين الأحكام التشريعية والإدارية المختلفة، السارية في الدول الأعضاء، ولها تأثير مباشر على إنشاء أو عمل الجماعة الاقتصادية الأوروبية. وعُهد إلي مجلس الوزراء، بمهمة إصدار التعليمات اللازمة لذلك.

8. سياسة اجتماعية موحدة

جاء في المادة 117 من معاهدة روما، أن الدول الأعضاء توافق على زيادة تحسين ظروف المعيشة والعمل. كما نُص على ضرورة التنسيق، بين النظم الاجتماعية المختلفة، السائدة في الدول الأعضاء. ونصت المادة 118 أنه يتعين على اللجنة الأوروبية، أن تعمل على تنمية التعاون الوثيق بين الدول الأعضاء في الميدان الاجتماعي، لا سيما في المجالات الآتية:

أ. العمالة.

ب. تشريعات وظروف العمل.

ج. التدريب المهني.

د. الضمان الاجتماعي.

هـ.  حماية العمال ضد أمراض العمل وحوادثه.

و. الشروط الصحية الواجب توافرها في المصانع.

ز. قانون نقابات العمال، والمساومة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل.

وتُلزم المعاهدة الدول الأعضاء، الأخذ بمبدأ "الأجر الواحد للعمل الواحد"، مع عدم التفرقة بين العمال من الرجال والنساء. وكذلك توحيد النظم الخاصة بالإجازات والأجور الإضافية. ويعد الصندوق الاجتماعي الأوروبي European Social Fund (ESF)، الأداة الرئيسية لتنفيذ أهداف السياسة الاجتماعية الموحدة.

9. سياسة موحدة للنقل

نصت المعاهدة على أن تنظيم قطاع النقل، لا بد أن يتم على أسس جماعية (موحدة). بمعنى ضرورة العمل على تحقيق التكامل التام في هذا القطاع، أي العمل على تحقيق الحرية الكاملة للسلع والمسافر، في التنقل عبر الحدود المتعددة (التي ستزول سريعاً). كذلك، السماح للعاملين في مجال النقل، بالعمل في حرية، من دون تمييز بسبب الجنسية، في أي من الدول الأعضاء. كذلك لا ينبغي أن تكون هناك أي تفرقة أو تفضيل، لأسعار النقل، أو أن تمنح الوكالات الحكومية إعانات مستترة للعاملين في مجال النقل، بمقتضى اتفاقيات سرية. كما يجب ألاّ تسيء الحكومات أو الهيئات الحكومية، استخدام الاحتكارات، التي تتمتع بها. وقد فسرت اللجنة الأوروبية ذلك، بأنه يجب على مؤسسات النقل الحكومية، أن تخفف من حدة نشاطها، حتى تصبح متنافسة بدرجة أكبر، وتستطيع أن تعمل بعد ذلك على أسس تجارية. وعلي اللجنة الأوروبية أن تستعين في أداء مهامها، بلجنة استشارية تعرف باسم "لجنة النقل" Transport Committee.

10. سياسة الجماعة الأوروبية حول مصادر الطاقة

صدر بروتوكول، لتنظيم السياسة المشتركة للطاقة لدول الجماعة، عام 1964، ارتكز على ثلاثة أسس، هي:

أ.  سياسة التجارة الخارجية.

ب. الإعانات الحكومية.

ج. تنظيم قواعد المنافسة.

وقد اتخذت عدة إجراءات، كان أبرزها التعريفة الجمركية، وتأكيد ضمان حرية تبادل النفط الخام، داخل دول الجماعة. كما أقرت لجنة السوق، أن الجهود القادمة تجاه السياسة البترولية، يجب أن تهدف إلي منح الشركات الأوروبية، نصيباً أكبر في توفير الطاقة، والتخفيف من الاعتماد على الشركات العالمية، التي تسيطر على أكثر من نصف الطاقة التكريرية. وفي سبيل تحقيق ذلك، اقتُرح اتخاذ بعض الإجراءات، لتشجيع الشركات الأوروبية، عن طريق تقديم حوافز مادية ومساعدات، من أجل زيادة البحث والتنقيب.

وقررت الجماعة أن لا تستورد أياً من الدول الأعضاء، أكثر من 10% من احتياجاتها من البترول، من دول الكتلة الشرقية. وكان ضمان التموين، من المسائل الرئيسية، التي حازت على اهتمام اللجنة. وفي أواخر عام 1964، طلب المجلس من الدول الأعضاء أن تحتفظ بمخزون احتياطي، يكفي احتياجاتها لمدة 65 يوماً على الأقل. وأقر المجلس في عام 1966، تقديم مساعدات مؤقتة لتجارة الفحم الحجري بين الدول الأعضاء الست.

وركزت اللجنة على استغلال الطاقة الذرية، حيث أنها العامل الوحيد الذي يمكن أن يعمل على تخفيض معدل الزيادة، في الوردات من وسائل الطاقة. وقد وافقت الدول الست، على رفع اعتمادات الجماعة الأوروبية لأغراض البحوث.

11. توحيد النقد

انحصر قرار مجلس وزراء الجماعة الاقتصادية الأوروبية عام 1971، في أن يكون التنفيذ على مراحل ثلاث، بحيث يكون هناك توحيد للنقد في موعد لا يجاوز عام 1980. وقد رُتبت هذه المراحل على النحو الآتي:

المرحلة الأولى: ومدتها ثلاثة أعوام، تبدأ من أول يناير عام 1971، وتعمل الدول الأعضاء على:

أ. تضييق حدة تقلبات سعر الصرف فيما بينها، بصرف النظر عن التقلبات النقدية المركزية في الدول الأعضاء، للاحتفاظ بالحدود المقررة في أسواق الصرف، بحيث تكون عملات الأعضاء قابلة للتحويل بعضها إلي بعض، دون تقلبات وبنسب ثابتة.

ب. تنسيق السياسة الضرائبية والخطوط الرئيسية لميزانياتها، وذلك من خلال اجتماع وزراء المالية في فترات منتظمة، للمحافظة على التوازن الاقتصادي في أقاليم الدول الأعضاء.

ج. إلغاء القيود على حركات رؤوس الأموال تدريجياً.

د. اتخاذ موقف موحد في العلاقات النقدية الدولية، خاصة، تجاه صندوق النقد الدولي.

هـ. التعاون مع لجنة الإدارات الاقتصادية، لبحث الاتجاهات والتنبؤ بالعوامل، التي تؤثر في النشاط الاقتصادي.

و. دعم تنسيق السياسة النقدية والائتمانية.

ومن بنود المعاهدة، أن تقدم اللجنة التنفيذية عام 1973، تقريراً للمجلس، يحدد مدى التقدم في تنسيق السياسة النقدية والاقتصادية، والاقتراحات التي تُتخذ تحقيقاً للوحدة النقدية والاقتصادية. مع دراسة إمكانية تحقيق ذلك من خلال معاهدة روما. وأن يتضمن التقرير مدى مسايرة السياسة النقدية للغرض المستهدف، ومدى الحاجة إلى تعديلها لتحقيقه.

المرحلة الثانية ومدتها خمسة أعوام

         يتم خلال هذه المرحلة إنشاء الصندوق الاحتياطي الأوروبي Common European Reserve Fund المشترك، ويُنقل إليه جزء من احتياطات الذهب والعملات الأجنبية، لدى الدول الأعضاء. وأُضيف شرط احتياطي هو: إذا مرت خمس سنوات على بدء تنفيذ الاتفاق، من دون إيجاد تناسق في السياسة النقدية والاقتصادية بين الدول الأعضاء، يعاد النظر في الاتفاق. وتعود الحالة إلي ما كانت عليه، إذ يُفترض أن الجماعة لا تريد سوى الوحدة الجمركية، من دون الوحدة الاقتصادية.

         وفي هذه المرحلة، أيضاً، يُجرى بحث مدى إمكان تنسيق سياسة الدول، التي ستنضم إلي الجماعة، وهي إنجلترا وأيرلندا والدانمارك.

المرحلة الثالثة، وتشمل المدة الباقية حتى عام 1980

         يتوقف العمل في هذه المرحلة على الظروف الاقتصادية في الجماعة، وفي الدول الأخرى، وعلى الشروط التي تنضم بها الدول، المتقدمة بطلب العضوية، ويتم خلال هذه المرحلة، التحديد النهائي لمسألة إدارة الاتحاد النقدي والاقتصادي، والهيئات التي تنتقل إليها السلطات النقدية واختصاصاتها. وتُتخذ الإجراءات اللازمة لذلك.

مجموعة القواعد المنظمة للعلاقة، بين الجماعة الاقتصادية الأوروبية والعالم الخارجي

أول هذه القواعد:

1. توحيد التعريفة الجمركية، بالنسبة للعالم الخارجي

ينبغي، طبقاً للمعاهدة، تخفيض الفرق بين التعريفات المختلفة، التي تطبقها كل دولة عضو في أول يناير 1957، وبين التعريفة الخارجية الموحدة. وهي ـ فيما عدا بعض الاستثناءات ـ عبارة عن المتوسط  الحسابي للضرائب الجمركية، التي كانت الدول الأعضاء تطبقها، قبل بدء سريان المعاهدة بسنة، على ثلاث مراحل على النحو التالي:30% في المرحلة الأولي، و30% في المرحلة الثانية، و40% في المرحلة الثالثة.

وبحلول منتصف عام 1968، كانت التعريفة الجمركية الخارجية الموحدة قد طُبقت في الميعاد المقرر. وطبقاً لها، فإن متوسط التعريفة الجمركية المفروضة على المنتجات الصناعية، التي تستورد في داخل الجماعة الاقتصادية الأوروبية، من الدول غير الأعضاء، تبلغ نحو 10%. أما بالنسبة للتعريفة الجمركية المفروضة على معظم وارداتها من المنتجات الزراعية، من الدول غير الأعضاء، فقد استُبدلت بنظام "ضرائب تعديل السعر".

2. السياسة التجارية الموحدة

نصت المعاهدة على أن تُنسق الدول الأعضاء، علاقتها التجارية مع العالم الخارجي، بحيث يمكن الوصول إلي سياسة تجارية موحدة. وذلك في موعد أقصاه نهاية فترة الانتقال. وتنفيذاً لذلك، تتخذ الدول الأعضاء الإجراءات اللازمة لتعديل اتفاقات التعريفة الجمركية المعقودة، مع دول العالم الخارجي.

وستكون السياسة التجارية الاقتصادية الأوروبية، بعد انتهاء فترة الانتقال، قائمة على أسس موحدة، خاصة فيما يتعلق بإجراء تعديلات في التعريفة الخارجية الموحدة، وعقد اتفاقات خاصة بالتعريفة الجمركية، واتفاقات التجارة، والإجراءات الخاصة بتحرير التجارة مع الدول غير الأعضاء، وسياسة التصدير، والإجراءات التجارية الحمائية، خاصة تلك التي يتعين اتخاذها في حالات الإغراق والإعانات. كما سوف تُمثل الجماعة كوحدة واحدة، عند عقد الاتفاقات التجارية مع الدول الأخرى، أو المنظمات الاقتصادية الدولية.

وقد اكتملت مقدمات الاتحاد الجمركي، وأصبح حقيقة واقعة، في أول يوليه 1968، أي قبل الموعد الذي حددته معاهدة روما، بصفة مبدئية، بعام ونصف. وتعهدت دول الجماعة بالتوفيق، بين مصالحها القومية، وبين مصالح الدول الأخرى، وذلك عن طريق:

ـ النص صراحة في المعاهدة على مبدأ تحرير التجارة الخارجية، الذي يتفق مع أهداف المنظمات الدولية ذات الصفة التجارية، مثل الجاتGeneral Agreement on Tariffs and Trade (GATT) ، بشرط ألا تتعارض حرية التجارة مع الأهداف الاقتصادية، لكل دولة من الدول الأعضاء. وأيضاً، بشرط أن يكون هناك تبادل للامتيازات فيما بينها، وبين الطرف الخارجي.

فقد نصت المادة 18، من معاهدة روما على التزام الدول الأعضاء بالمساهمة في تنمية التجارة الدولية، واستعدادهم لتخفيف الحواجز التجارية، عن طريق إبرام اتفاقيات لتبادل الامتيازات الخاصة، بين الدول الأعضاء وبقية دول العالم. وخولت المادة 238 الجماعة السلطة الكاملة في إبرام اتفاقيات انتساب، تتضمن حقوقاً متبادلة بينها وبين الأطراف الأخرى. كما نصت المادة 29/جـ من معاهدة روما، على تخويل اللجنة الأوروبية الاختصاصات اللازمة لتوفير احتياجات الدول الأعضاء، من المواد الخام والمنتجات غير تامة الصنع. وتتخذ اللجنة الإجراءات اللازمة لعدم الإخلال بشروط المنافسة، بين الدول الأعضاء في مجال السلع تامة الصنع.

ـ التعهد باحترام الالتزامات الدولية، التي تعهدت بها الدول الأعضاء قبل إنشاء الجماعة الاقتصادية الأوروبية. وفي حالة تعارضها مع طبيعة عمل الجماعة، فإنه يجب تعديلها بالوسائل المناسبة، بما يؤدي إلي إزالة تلك التناقضات.

         وتجدر الإشارة إلي وجود تفرقة في المعاملة، بين الجماعة والدول غير الأعضاء. ويتضح ذلك من القرارين، الذين اتخذهما المجلس، وهما:

         القرار الأول: يتضمن تحرير استيراد المنتجات المدرجة في المحلق الأول، المرفق به، من كافة القيود. على أن يكون هذا التحرير مقصوراً على الدول المذكورة في الملحق الثاني (يتضمن كافة الدول، فيما عدا الدول الاشتراكية، وروديسيا، وزامبيا، وزيمبابوي).

         القرار الثاني: يتعلق بوضع نظام مشترك للاستيراد من الدول الاشتراكية. ويوضح الملحق المرفق بهذا القرار، المنتجات التي يمكن تحريرها من كافة قيود الاستيراد، بالنسبة لكل دولة.

         ويشير هذا القرار صراحة إلي أنه، بالنسبة للمنتجات والدول التي لم ترد في القوائم المرفقة بالقرار، فإنه يترك لكل دولة عضو حرية وضع نظام الاستيراد الذي تريده، مع ضرورة تبليغها للجنة والدول الأعضاء، بأي تعديل تنوي إدخاله، على ترتيبات الاستيراد، التي تطبقها على وارداتها من الدول الأخرى، على أن يكون هذا التبليغ سابقاً على إجراء التعديل المزمع إدخاله، بل يجب أن يكون خلال مرحلة التخطيط لمثل هذا التعديل، باستثناء الحالات التي تكون فيها إحدى السلع غير متوفرة، في أسواق دول الجماعة.

الإجراءات الخاصة بالسياسة التجارية المشتركة

         نصت المادة 113 من المعاهدة، على عدة إجراءات، منها: الرسوم الجمركية، والرسوم ذات الأثر المعادل للرسوم الجمركية، والقيود الكمية، والإجراءات ذات الأثر المعادل للقيود الكمية. ولقد أصدر مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، في أبريل 1968، قانوناً، باعتبار الإجراءات الخاصة بحماية التجارة، التي تتخذ في حالة مواجهة الإغراق، أو الإعانات الحكومية، التي تدعم بها الدول الأخرى صادراتها، من ضمن إجراءات السياسة التجارية، ومن تلك الإجراءات:

أ. فرض رسم مكافحة الإغراق:

كان من المقرر أن يتم تطبيق نظام الجماعة لمكافحة الإغراق عام 1968، على كافة ممارسات الدول غير الأعضاء، والتي تتضمن أي سياسة إغراق، أو تخفيضات، أو إعانات للسلع، التي تصدرها تلك الدول إلي الجماعة، بما فيها السلع الزراعية. فوفقاً لهذا النظام، يُفرض رسم مكافحة إغراق على المنتجات المصدرة إلي الجماعة، في إحدى الحالات الثلاث الآتية:

إذا ما تسببت تلك المنتجات في إحداث ضرر مادي، في إحدى الصناعات القائمة.

إذا ما تسببت تلك المنتجات في التهديد بإحداث ضرر مادي، في إحدى الصناعات القائمة.

إذا ما رُئي أن تلك المنتجات ستشكل عقبة، تحول دون إقامة إحدى الصناعات، التي تخطط الجماعة لإقامتها في المستقبل.

ب. تطبيق حصص كمية على الواردات

يتضمن برنامج عمل الجماعة، المتعلق بالسياسة التجارية المشتركة، تطبيق قواعد مشتركة   للاستيراد. وإحلال حصص الواردات، التي تحددها الجماعة، محل حصص الواردات، التي كانت تحددها الدول الأعضاء بشكل فردي. على أن يتم ذلك بعد انتهاء الفترة الانتقالية.

وقد اقتصر دور المجلس على تحديد الحصة الإجمالية، إضافة إلي وضع المعايير الخاصة بتوزيع تلك الحصة الإجمالية، على الدول الأعضاء.

ج. فرض قيود على الصادرات  

يتضمن المبدأ الأساسي للقرار، الذي أصدره المجلس في أكتوبر 1969، تحرير صادرات الجماعة إلي الدول الأخرى من القيود، فيما عدا المنتجات الواردة في القائمة الملحقة بالقرار، والتي لا ينطبق عليها ذلك المبدأ. ويمكن أن تحتفظ الدول الأعضاء بقيود التصدير المفروضة عليها، إلى حين صدور قرار آخر بشأنها.

مجموعة القواعد المنظمة للعلاقة، بين الجماعة الاقتصادية الأوروبية، وأقاليم ما وراء البحار[1]

         نصت المادة 131 على أن الدول الأعضاء، توافق على ربط تلك الدول والأقاليم بالجماعة الاقتصادية الأوروبية. وأن الهدف من هذا الربط هو: "زيادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، في هذه المناطق، وإنشاء علاقات اقتصادية متينة بينها.

         والتزمت الدول الأعضاء، بموجب المادتين 132،133 من المعاهدة، بأن تطبق في علاقاتها التجارية، مع أقاليم ما وراء البحار، القواعد نفسها، التي تتبعها في علاقاتها فيما بينها. فتلغى تدريجياً الرسوم الجمركية على الواردات، التي يكون منشؤها الأقاليم. كما تستفيد تلك الأقاليم من الإلغاء التدريجي لنظام الحصص. ومن ناحية أخرى، تطبق تلك الدول والأقاليم، إزاء المنتجات المستوردة من جميع أعضاء دول الجماعة، المعاملة نفسها، التي تتبعها مع الدولة التي تربطها بها علاقة خاصة، فجميع المزايا، التي مُنحت أو تمنح للدولة ذات العلاقة الخاصة تستفيد منها بقية دول الجماعة الاقتصادية الأوروبية. وتجدر الإشارة إلى أن معاهدة روما، قضت بأن تلغى الدول المشتركة  (أي أقاليم ما وراء البحار) تدريجياً الرسوم على الواردات من دول، الجماعة ومن بقية الأقاليم. ولكن تم تعديل هذا النص بالنسبة للدول الإفريقية في اتفاقيتي ياوندي.

         وقد التزمت الدول المشتركة (أقاليم ما وراء البحار) بالآتي:

1. معاملة دول الجماعة جميعاً من ناحية الرسوم الجمركية، على قدم المساواة.

2. إلغاء القيود الكمية والإجراءات المشابهة لها تدريجياً، على منتجات دول الجماعة. على أنه يجوز للدول المشتركة، إدخال نظام الحصص بصفة مؤقتة في الأحوال الآتية: عجز ميزان المدفوعات، أو تنمية صناعة معينة، أو حماية المنتجات الزراعية.

         وأجازت المعاهدة للدول المشتركة، أن تفرض رسوماً جمركية جديدة، وقيود كمية، ولكن بشرط عدم التفرقة في المعاملة. وذلك إما لحماية صناعة محلية ناشئة، أو للحصول على إيرادات للميزانية، أما في حالة عجز ميزان المدفوعات، فتنشئ اتحادات جمركية ومناطق حرة، ولكن بشرط عدم الإخلال بالاتفاق؛ وعلى أن تُعامل منتجات دول أعضاء الجماعة، معاملة الدولة الأكثر رعاية.

         وقد نصت المادة 132 من معاهدة روما، على إسهام الدول الأعضاء في الاستثمارات الضرورية، لتنمية الدول والأقاليم فيما وراء البحار؛ مع إتاحة العطاءات والتحديدات لجميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، من رعايا دول الجماعة والأقاليم بالشروط نفسها.

         وفي سبيل تحقيق ذلك، يُنشأ صندوق يسمى "صندوق التنمية لتمويل المشروعات الاقتصادية والاجتماعية للدول المشتركة"، ويتم تقسيم أموال الصندوق بين المشروعات الاجتماعية، والمشروعات الاقتصادية، مع مراعاة التوزيع الجغرافي العادل. وتنحصر عمليات الصندوق، في منح قروض بفوائد معتدلة، ومنح إعانات لتنمية الزراعة والصناعة والتجارة، والمعونة الفنية.

         كما نصت المادة السابقة، على الإلغاء التدريجي للقيود المفروضة، على حقوق الإقامة لمواطني وشركات دول الأعضاء، في الدول المشتركة.

         أما عن انتقال العمال من الدول والأقاليم المشتركة، نصت المادة 135 من المعاهدة على أن يترك تنظيمها إلي اتفاقات لاحقة، تراعي فيها الشروط الخاصة بالصحة والأمن والنظام العام. ولذا تضمن اتفاق ياوندي الأول، أحكاماً بشأن حقوق الإقامة، وذلك على أساس التبادل في المعاملة بين دول الجماعة والدول المشتركة. والتزمت الدول الأفريقية بان ترخص بحقوق الإقامة لمواطني وشركات أعضاء الجماعة على قدم المساواة، من دون تمييز في المعاملة،وذلك خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أعوام من تاريخ سريان الاتفاق.

 



[1] أقاليم ما وراء البحار هي مستعمرات الدول الأوروبية سابقاً.