إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الاتحاد الأوروبي









سادساً: اتفاقية ماستريخت للوحدة الأوروبية Maastricht Treaty

سادساً: اتفاقية ماستريخت للوحدة الأوروبية Maastricht Treaty

        اجتمعت الدول الاثنتا عشرة الأعضاء، في مدينة ماستريخت الهولندية في 7 فبراير 1992، ووقعت على ما سُميّ: "اتفاقية ماستريخت للوحدة الأوروبية"، بجوانبها النقدية والاقتصادية والسياسية.

مضمون اتفاقية ماستريخت للوحدة الأوروبية

        تضع اتفاقية ماستريخت الأسس لثلاث مهام أساسية للمجتمع الأوروبي، خلال عقد التسعينات من القرن العشرين، وتتمثل فيما يلي:

1. استمرار التطور الداخلي، من السوق الموحدة إلى التوحيد الاقتصادي والنقدي، وكذلك التوحيد السياسي. وفي النهاية خلق الوحدة الأوروبية، التي أشارت إليها نصوص الاتفاقية.

2. وضع إستراتيجية للتوسع المستقبلي، الذي سوف يحدث خلال التسعينات. فقد اتفق زعماء المجموعة الأوروبية في ماستريخت، على التفاوض مع النمسا، والسويد والشركاء الآخرين، لدراسة احتمالات دخولهم كأعضاء في الوحدة.

3. توسيع نطاق المسؤوليات الخارجية للجماعة، وذلك عن طريق تشجيع الجيران ـ دول أوروبا الشرقية ـ بالإسراع في إجراء الإصلاحات الديموقراطية والدخول في اقتصاديات السوق الحر؛ وكذلك المساعدة على تعريف النظام العالمي، بفترة ما بعد الحرب الباردة.

        وقد اختلفت وجهات نظر الدول الأعضاء، حول بعض بنود الاتفاقية. إلاّ أن بعضهم قدم بعض التنازلات، التي أسفرت عن توقيع الاتفاقية، التي تتضمن:

1. الاتفاق على إنشاء اتحاد أوروبي مرن، يسمح بانضمام أعضاء جدد إلى الجماعة.

2. الاتفاق على إصدار عملة موحدة بحلول عام 1999، مع إدخال شرط إعفاء يسمح للمملكة المتحدة ـ كاستثناء خاص ـ بالرجوع إلى برلمانها، قبل أن تقرر التخلي عن الجنيه الإسترليني والدخول في العملة الموحدة.

3. الاتفاق على سياسة خارجية وأمنية ودفاعية مشتركة، على أساس المبادرة الفرنسية الألمانية بإنشاء جيش أوروبي مشترك.

4. فصل الميثاق الاجتماعي عن معاهدة الاتحاد، وتوقيع الدول عليه فرادى ـ مع إعفاء المملكة المتحدة من الانضمام إليه ـ ويبين هذا الميثاق الحقوق الاجتماعية الأساسية لمواطني الجماعة الأوروبية، وعلى وجه التحديد حقوق العمال، سواء كانوا موظفين أم أصحاب مهن حرة.

ويحدد الميثاق المبادئ الأساسية، التي تتعلق بالحقوق التالية:

أ. الحق في حرية الانتقال

يمكِّن هذا الحق مواطني الجماعة الأوروبية من أن يقيموا، ويمارسوا أي مهنة في أي دولة عضو، بناءً على الشروط نفسها المطبقة على مواطني البلد المضيف، ويتعلق هذا الحق بحرية  الانتقال، وحرية الإقامة، والمعاملة المتكافئة.

ب. الحق في التوظف والأجر

يعترف هذا الحق، بأن أي مواطن من مواطني الجماعة، يتمتع بحقه في التوظف، وفي الحصول على أجر عادل مقابل تلك الوظيفة. ويهدف هذا الحق، أيضاً، إلى إرساء أجر أساسي مقبول.

ج. الحق في تحسين ظروف المعيشة والعمل

يهدف هذا الحق إلى تنسيق ظروف العمل والمعيشة لمواطني الجماعة، في الوقت الذي تُبـذل فيه الجهـود لتحسينها. ويرتبـط ذلك، أساساً بتنظيـم وقابلية تعديـل وقـت العمـل (الحد الأقصى لوقت العمل، والعمل غير المتفرغ، والعمل محدد المدة والمؤقت، والعمل نهاية الأسبوع، والعمل دوريات، والإجازة السنوية، وفترات الراحة الأسبوعية والدورية.....إلخ) إضافة إلى تقريب قواعد العمل المتنوعة، المعمول بها في الجماعة.

د. الحق في الحماية الاجتماعية

ويستهدف هذا الحق ضمان حماية اجتماعية كافية، لجميع مواطني الجماعة أياً كان وضعهم، عن طريق ضمان حد أدنى لأجر العمل، وتقديم مساعدة اجتماعية ملائمة للمستبعدين عن سوق العمل، وأولئك الذين يفتقرون إلى وسيلة عيش كافية.

هـ. الحق في حرية الانضمام للاتحادات، والمساومة الجماعية

يعترف هذا الحق لجميع أصحاب الأعمال، وجميع العمال في الجماعة، بحرية الانضمام إلى المنظمات المهنية. وإلى جانب ذلك حرية المساومة وإبرام الاتفاقيات الجماعية، بين جانبين من الصناعة، وباللجوء إلى العمل الجماعي، الذي من أمثلته الإضرابات في حالة حدوث تعارض في المصالح.

و. الحق في التدريب المهني

يحق لكل عامل أن يواصل التدريب المهني، أثناء حياته الوظيفية. ويعنى هذا الحق، على وجه التحديد، تنظيم إجازة تدريب تمكِّن العمال من إعادة التدريب، واكتساب مهارات إضافية، بالاستفادة من التسهيلات الموجهة نحو استمرار التدريب.

ز. الحق والمعاملة المتساوية للرجل والمرأة.

ح. حق العامل في العلم، والمشاركة، والمشورة.

ط. حق حماية الصحة والسلامة في أماكن العمل.

ي. حق حماية الأطفال والمراهقين.

ك. حقوق كبار السن (المعاشات).

ل. حقوق المعوقين:

حيث يحق لكل معوّق أن يستفيد من إجراءات، خاصة، في مجال التدريب والتكامل الوظيفي وإعادة التأهيل.

مراحل تنفيذ الاتفاقية

        أرست اتفاقية ماستريخت أسس قيام الوحدة الأوروبية، بين الدول الأعضاء، من النواحي الاقتصادية والنقدية والسياسية. وهي ثلاثة أبعاد متلازمة للاتفاقية، لا يمكن توقع حدوث أثر لأحدها من دون تحقيق البعدين الآخرين.

        ووفقاً لما تقضي به اتفاقية ماستريخت، فإن الاتحاد الاقتصادي والنقدي يتحقق على ثلاث مراحل. تستهدف المرحلتان الأولى والثانية منهما، إحراز تقدم من جانب الدول الأعضاء في مجال التضخم، وأسعار الفائدة، واستقرار أسعار الصرف، والعجز المالي. أما المرحلة الثالثة، فتركز على إصدار عملة واحدة. وقد قدمت لجنة ديلور Delors  برنامجاً مفصلاً حول المرحلة الأولى، في حين كانت تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة أقل تحديداً.

        وفيما يلي نتناول المراحل الثلاث، بشيء من التفصيل:

المرحلة الأولى:

        امتدت هذه المرحلة من أول يوليه 1990، حتى نهاية ديسمبر 1993. وتمثل بداية لزيادة التقارب في الأداء الاقتصادي والنقدي، وزيادة التنسيق بين الدول الأعضاء في إطار المؤسسات الاقتصادية والنقدية القائمة. وتتمثل ملامح هذه المرحلة فيما يلي:

ـ استكمال مشروع السوق الداخلية، التي تتمثل بصفة أساسية في إزالة الحواجز الداخلية، خاصة على حركة رأس المال فيما بين الدول الأعضاء.

ـ إزالة عدم التكافؤ الإقليمي في البعدين الاقتصادي والاجتماعي، بين دول الشمال الغنية ودول الجنوب الفقيرة، الذي يتمثل في زيادة نسبة البطالة، وانخفاض معدلات النمـو. وقد وُضع لمعالجة ذلك العديد من البرامج، التي تخضع لإشراف وتقييم المجلس الأوروبي لوزراء المالية والاقتصاد.

ـ إلغاء كافة القيود المتبقية على الصرف، حيث كان هناك اتفاق عامً في الآراء على أن اختيار نظام لسعر الصرف (كالاختيار بين نظام القيمة الاسمية وأسعار الصرف العائمة)، إنما هو من اختصاص السلطات السياسية. أي أنه يخضع، فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، لمجلس الوزراء، وتكون ممارسة العمل اليومي في سوق الصرف، مسؤولية البنك المركزي الأوروبي European Central Bank (ECB). كما تضمنت هذه المرحلة، العمل على تقوية وزيادة التعاون، بين البنوك المركزية للدول الأعضاء.

ـ زيادة التنسيق والتعاون في مجال السياسات المالية والنقدية، حيث سمح مشروع المعاهدة، بناء على أغلبية مشروطة، بوضع مبادئ إرشادية عريضة للسياسة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وعرضهما على المجلس الأوروبي لمناقشتهما. وعلى هذا الأساس، وكخطوة نهائية، يجوز لمجلس الوزراء، بناءً على أغلبية مشروطة أيضاً، إصدار توصيات بشأن السياسة الاقتصادية.

المرحلة الثانية:

        امتدت هذه المرحلة من أول يناير 1994، حتى نهاية ديسمبر 1998. وتعد هذه المرحلة خطوة تمهيدية للانتقال إلى المرحلة الأخيرة والحاسمة، التي يشهد فيها العالم إخراج أول عملة أوروبية موحدة إلى الوجود. ويجري خلال هذه المرحلة، تنفيذ مجموعة من السياسات والبرامج الاقتصادية، لتحقيق معايير التقارب الاقتصادي المستهدف بين الدول الأعضاء. وذلك من خلال تحقيق معدلات متقاربة، في بعض المؤشرات الاقتصادية، مثل معدل التضخم، وسعر الفائدة، وعجز  الموازنة، وأسعار الصرف. كما يتم خلال هذه المرحلة، وضع أسس إنشاء مؤسسة النقد الأوروبية، لتحل محل ما يعرف "بلجنة البنوك المركزية" و"صندوق التعاون النقدي الأوروبي"، كمؤسسة انتقالية مسؤولة عن تحديد الإطار التنظيمي والمؤسسي اللازم، لعمل البنك المركزي الأوروبي ـ الذي يبدأ مهامه في بداية المرحلة الثالثة ـ وكذلك وضع أسس التنسيق بين السياسات النقدية، للدول الأعضاء.

        كما تم خلال هذه المرحلة، وضع التشريعات اللازمة، التي من شأنها منع تمويل أنشطة القطاع العام، عن طريق الاقتراض من البنوك المركزية. ومنع ما قد تتمتع به وحدات القطاع العام من معاملة تفضيلية، لدى المؤسسات المالية. وتحقيق استقلالية البنوك المركزية، في جميع الدول الأعضاء.

        وحدد لهذه المرحلة الفترة من يناير 1994، حتى أواخر 1997، بصورة أولية. وذلك لإعطاء الدول الأعضاء فرصة، لاستيفاء شروط الانضمام إلى الوحدة النقدية. وقد أشارت اتفاقية ماستريخت إلى أنه، في حالة عدم وفاء الدول الأعضاء بهذه الشروط في عام 1997، يمكن مد هذه المرحلة إلى عام 1999، كموعد نهائي. وهذا ما حدث بالفعل، حيث لم تنجح الدول الأوروبية في تحقيق معايير التقارب الاقتصادي المستهدف بين الدول الأعضاء، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف بين العملات الأوروبية، وأسعار الفائدة، والدين الحكومي، وعجز الموازنة. ولذلك تم الاتفاق على تحديد يناير 1999، كموعد نهائي لبدء العمل بالوحدة النقدية الأوروبية.

المرحلة الثالثة:

        بدأت هذه المرحلة في يناير 1999، حيث بدأ البنك المركزي الأوروبي ممارسة مسؤولياته كاملة. وقد تم تثبيت أسعار عملات الدول الأعضاء، بشكل نهائي مقابل اليوروEuro ؛ وإحلال العملة الموحدة محل تلك العملات. وبحلول عام 2002 سوف يستخدم اليورو عملة وحيدة متداولة، للوفاء بالمعاملات النقدية[1]. وفي الوقت نفسه، بدأ تنفيذ ميثاق الاستقرار والنمو، من أجل ضمان استمرار الانضباط المالي لحكومات الدول الأعضاء، والذي يشترط تحقيق التوازن في الموازنات الجارية للدول، إلاّ في حالات استثنائية.

        وسوف تلجأ أسواق المال الأوروبية إلى استخدام نظام خاص، معروف باسم "Target"، وهو نظام يختص بإتمام التسويات الفورية للعمليات المالية، عبر الدول الأوروبية.

المعايير الاقتصادية المطلوبة للانضمام إلى الوحدة النقدية الأوروبية

        نشب خلاف كبير داخل الاتحاد الأوروبي، حول كيفية تحقيق الوحدة النقدية. ولكن اتفاقية ماستريخت، حددت مجموعة من المعايير الاقتصادية، كشروط للانضمام إلى النظام النقدي الأوروبي، والعملة النقدية الموحدة، على الدول تحقيقها قبل الانضمام إلى هذا النظام. وهذه المعايير هي:

ـ ألا يزيد معدل التضخم عن 1.5 نقطة مئوية، عن معدل التضخم في ثلاث من الدول الأعضاء، الذين تسود فيهم أقل نسبة من التضخم.

ـ ألا تزيد أسعار الفائدة على الديون الحكومية طويلة الأجل على نقطتين مئويتين، عن أسعار الفائدة المماثلة في الدول الثلاث ذاتها.

ـ ألا يتعدى عجز الموازنة الحكومية 3%، من إجمالي الناتج المحلي للدولة.

ـ ألا يزيد إجمالي الدين العام للدولة عن نسبة 60%، من الناتج الإجمالي لها.

ـ أن يصبح جميع أعضاء النظام النقدي الأوروبي، أعضاء في آلية أسعار الصرف. وأن تظل تقلبات سعر الصرف في النطاق الضيق، الذي حددته آلية أسعار الصرف لمدة سنتين، من دون لجوء الدول المعنية إلى خفض قيمة عملتها بمبادرة منها.

        وتعتبر آلية سعر الصرف، المحور الأساسي في النظام النقدي الأوروبي.

        وقد اتفق على أن تقوم هذه الآلية، على مبدأين أساسيين. الأول هو، ألا يزيد هامش التغير في سعر صرف عملة أي دولة عضو، مقابل عملات بقية الدول الأعضاء في النظام، عن ± 2.25 % وهو ما يعرف بالسعر المحوري. والثاني هو، ألا يتم تعديل الأسعار المركزية، إلاّ باتفاق جميع الدول الأعضاء، وذلك ضماناً لاستقرار وحدة النقد الأوروبية.

        ضرورة إيداع كل دولة عضو 20% مما لديها من احتياطات (ذهب ودولار)، لدى صندوق التعاون النقدي الأوروبي مقابل الإيكو. وذلك حتى تستخدم في التدخل في أسواق الصرف الأجنبي، لإجبار السلطات على استخدام الإيكو بدلاً من الدولار، في التدخل في أسواق الصرف، وحتى يزداد نطاق استخدامه في إجراء التسويات بين البنوك المركزية الأعضاء في الجماعة الأوروبية.

الأدوات اللازمة لتحقيق أهداف الاتفاقية

        تمثلت الأدوات اللازمة لتحقيق الاتفاقية في الآتي:

ـ المراجعة الدستورية، وتعني تضمين الدساتير الوطنية للدول، بنوداً تسمح بتحويل بعض الصلاحيات، التي كانت من اختصاص كل دولة، إلى المؤسسات الأوروبية. وهي صلاحيات تتعلق بالأمور الاقتصادية والنقدية، وأيضاً تمنح مواطني دول الجماعة الأوروبية، المقيمين في دولة أوروبية أخرى غير وطنهم، حق الانتخاب والترشيح للانتخابات البلدية.

ـ وضع مبدأ الاستطراد، أي أن لا تهتم الجماعة إلاّ بما هي قادرة على إنجازه على نحو أفضل، من الدول فرادى.

ـ العمل على إحكام تنظيم هجرة العمالة الأجنبية، خاصة الفنية، لدول الجماعة، تحت ستار حق   اللجوء، والتفرقة بين اللاجئ السياسي والمهاجر، الذي يبحث عن ظروف اقتصادية أفضل.

ـ إنشاء مكتب إداري للشرطة (أوروبول)، يختص بنظام تبادل المعلومات. وسيُكتفى في المرحلة الأولى بتبادل المعلومات حول تجارة المخدرات، مع إدارة الشرطة الوطنية بدول الجماعة.

النظام الأوروبي للبنوك المركزية

        يعمل البنك المركزي الأوروبي، بالتعاون مع البنوك المركزية الوطنية لدول الاتحاد النقدي  الأوروبي، في إطار ما يعرف بالنظام الأوروبي للبنوك المركزية. حيث يُعد البنك المركزي الأوروبي، المحور الرئيسي لتحديد السياسات النقدية. إذ يتم اتخاذ القرارات، وتحديد السياسات النقدية، بشكل مركزي، بينما يتسم تنفيذ السياسات باللامركزية، لتكون هذه المهمة من المسؤوليات المناطة للبنوك المركزية الوطنية داخل الدول. ويهدف البنك المركزي الأوروبي، إلى الحفاظ على استقرار معدلات التضخم عند مستويات منخفضة، كهدف أساسي. والعمل على دعم السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء.

        وقد أعطت اتفاقية ماستريخت البنك المركزي الأوروبي عند إنشائه، الاستقلالية التامة في صياغة السياسات النقدية، التي يجب، أيضاً، أن تتمتع بدرجة شفافية عالية. ويبلغ رأس مال البنك المركزي الأوروبي 5000 مليون يورو، مصدرها مساهمات من البنوك المركزية للدول الأعضاء. وتتفاوت قيمة مساهمة كل دولة، على أساس عدة معايير، منها: حجم الناتج المحلي الإجمالي، وعدد السكان. كما تحتفظ البنوك المركزية الوطنية، بجزء من احتياطاتها الدولية لدى البنك المركزي الأوروبي، التي تعتمد على أساس حجم المساهمة في رأسمال البنك. وللبنك الحق في الاحتفاظ بهذه الاحتياطيات وإدارتها بما يحقق أهداف السياسة النقدية، والحفاظ على قيمة العملات الوطنية لدول الاتحاد.

        ويتكون النظام الأوروبي للبنوك المركزية، من ثلاثة هياكل أساسية وتنفيذية، هي:

1. المجلس التنفيذي Executive board

يتكون من ستة أعضاء، برئاسة رئيس البنك المركزي الأوروبي، إضافة إلى نائبه وأربعة أعضاء آخرين، ممن لهم خبرة بالمجال المصرفي وإدارة السياسات النقدية. وتتمثل مهمة هذا المجلس، في النظر في الأمور الإدارية واليومية اللازمة، لتسيير النظام الأوروبي للبنوك المركزية. إضافة إلى تنفيذ السياسات النقدية، التي أقرها مجلس المحافظين في البنك المركزي الأوروبي، ومتابعة أداء البنوك المركزية الوطنية، للدول الأعضاء.

2. مجلس المحافظين

يتكون من محافظي البنوك المركزية للدول الأعضاء الإحدى عشرة، إضافة إلى المجلس التنفيذي. ويتولى هذا المجلس تحديد السياسات والأهداف النقدية لمنطقة اليورو، إضافة إلى تحديد الأدوات النقدية اللازمة، لتحقيق هذه الأهداف. وذلك من خلال التنسيق مع البنوك المركزية الوطنية. كذلك، يُعدل المجلس أسعار الفائدة داخل منطقة اليورو، بما يتناسب مع متطلبات الظروف الاقتصادية في كل مرحلة. كما يتخذ مجلس المحافظين القرارات اللازمة لإدارة الاحتياطي النقدي، ومتابعة تنفيذ سياسات النقد الأجنبي، التي يحددها المجلس الأوروبي لوزراء الاقتصاد والمالية.

3. الجمعية العامة Common Assembly :

تتكون من رئيس البنك ونائبه، ومحافظي البنوك المركزية للدول غير الأعضاء، وتؤدي بالمهام التالية:

ـ تأمين البيانات الإحصائية والاقتصادية.

ـ تحضير التقارير السنوية، والربع سنوية، للبنك المركزي الأوروبي، وكذا، الموازنات المجمعة للجهاز المصرفي.

ـ النظر في الأمور الإدارية للبنك المركزي الأوروبي، فيما يخص التعيينات والشروط الواجب استيفاؤها لكل وظيفة.

ـ كما كان لها قبل تأسيس البنك المركزي الأوروبي، مسؤولية تحديد حصص الدول الأعضاء، الذين تشملهم اتفاقية ماستريخت.

        وتجدر الإشارة إلى أهمية تنسيق الجمعية العامة، بين الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي، ودول الاتحاد غير الأعضاء في اليورو، ولكن من دون إشراكهم في وضع أو صياغة السياسات النقدية. حيث يقتصر دورهم على الجانب الاستشاري، مع أهمية الحرص على عدم اتخاذ أي قرارات نقدية، يكون من شأنها الإضرار بأهداف البنك المركزي الأوروبي.

        وتنص اتفاقية ماستريخت على مسؤولية رئيس البنك المركزي الأوروبي، أمام البرلمان الأوروبي لمناقشة التقرير السنوي للبنك. إضافة إلى إمكانية استجوابه أمام أيً من برلمانات الدول الأعضاء، إذا لزم الأمر. أما عن إجراءات تعيين أعضاء البنك، فقد نصت اتفاقية ماستريخت على استشارة البرلمان الأوروبي عند اختيار أيً من المرشحين.

الأسباب التي أدت إلى الإسراع، في بناء أوروبا الموحدة

        تتلخص أهم الأسباب، التي أدت إلى الإسراع في بناء أوروبا الموحدة ووضعها موضع التنفيذ، إلى ما يلي:

1. الفشل في تحقيق مرحلة السوق المشتركة:

يشير الواقع العملي إلى التناقض الواضح، بين صياغة ما تهدف إليه اتفاقية روما، وبين ما اتُخذ من إجراءات وتوقيتات لتنفيذ هذا الهدف. ويرجع ذلك إلى عدد من الظواهر الواقعية، التي يمكن حصرها في الآتي:

أ. أدى انتهاج كل دولة منفردة، سياسة اقتصادية وتجارية خاصة بها، إلى ظهور مجموعة من القيود، التي تعوق انسياب كل من السلع والبضائع والعمل ورؤوس الأموال، بسبب العوائق الفنية والإدارية، ونظم الضرائب، واللوائح والإجراءات. إضافة إلى تباين المواصفات الفنية، وأساليب ومعايير الإنتاج بين الدول. وكذلك، الإجراءات الخاصة بالوقاية الصحية، وحماية البيئة ومراقبة الجودة.

ب. وجود الكثير من القيود، التي عاقت انسياب الخدمات، مثل مصاعب الرقابة على النقد، وتدخل الدولة وإشرافها على قطاع التأمين،

والبورصات، وسوق المال. إضافة إلى القيود، التي وضعتها الدول على قطاع الخدمات الحديثة، كالأقمار الصناعية والحاسبات الآلية، حرصاً على عدم تسرب معلوماتها إلى الخارج.

ج. قصور تنسيق السياسات المالية عن تحقيق الوحدة النقدية، التي هي اللبنة الأساسية للوحدة الاقتصادية.

د. وجود بعض المعوقات في النشاط الزراعي، التي حالت دون قيام السوق الأوروبية الموحدة. وتتمثل تلك المعوقات في:

ـ تزايد تكاليف دعم الإنتاج الزراعي، وتكاليف تخزين الفائض منه، بحيث أصبحت تستحوذ على الجزء الأكبر من موازنة السوق المشتركة، من عام إلى آخر. كما أصبحت تفوق حجم صندوق الدعم الزراعي.

ـ وجود ثغرات في نظام التسعير الموحد للسلع الزراعية، منها اختلاف أسعار الصرف بين العملات، الذي انعكس في اختلاف أسعار السلع الزراعية، من دولة إلى دولة أخرى.

ـ التداخل بين سياسة الدعم الاجتماعي للمزارعين، وبين سياسة المحافظة على دخولهم. بصفة عامة،  كلفت أهداف معاهدة روما بالنسبة للزراعة ـ التي كان هدفها رفع مستوى المزارع الأوروبي ـ الجماعة الأوروبية أعباء ثقيلة، توزع وقعها بدرجات متفاوتة.

هـ. خضوع قطاع النقل والمواصلات، في هيكله وتنظيمه وطريقة عمله، لقيود محلية، قد تتعارض في كل دولة مع الأخرى.

و. الاتجاه نحو مزيد من الإجراءات الحمائية للتجارة الخارجية، نتيجة لاستمرار ظاهرة الركود الاقتصادي، وارتفاع أسعار النفط، وازدياد العجز في الموازيين الجارية. فانصرفت كل دولة عضو في الجماعة على حدة، إلى حماية أسواقها الوطنية حتى في مواجهة الدول الأعضاء في الجماعة. فتحولت أسواق الدول الأعضاء إلى وحدات اقتصادية منعزلة، لم تصل حتى إلى مرحلة السوق المشتركة. ومن ثم لم تستفد من مزايا كبر حجم السوق، على النحو المطلوب.

2. الأزمة الاقتصادية في أوروبا

عجز الشركات الأوروبية عن اختراق السوق العالمية، والحصول على نصيب ملائم منها. ففقدت الاقتصاديات الأوروبية أسواقها التقليدية، في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. كما اشتدت المنافسة في الأسواق الخارجية، في مواجهة منتجات الدول الأوروبية الأخرى. وتنحصر أهم أبعاد الأزمة الاقتصادية في أوروبا، في الآتي:

أ. اتجاه معدل نمو الناتج القومي الأوروبي إلى التباطؤ. ويظهر ذلك عند مقارنته بنظيره الأمريكي والياباني.

ب. ارتفاع معدل البطالة في الدول الأوروبية.

ج. تراجع نصيب السلع الأوروبية في الأسواق العالمية، لصالح السلع الأمريكية واليابانية. وقد اتضح ذلك بوضوح في مجال صناعة السيارات، والسلع الكهربائية.

3. تفكك الاقتصاديات الأوروبية

ظهرت منذ نهاية السبعينات، مجموعة من المشاكل الناجمة عن التفكك في الاقتصاديات الأوروبية، اتضحت أبعادها في الآتي:

أ. تواضع حجم الأسواق الأوروبية فرادى، حيث يبدو أكبر الأسواق حجماً، متواضعاً في مواجهة أسواق، كأسواق الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. مما أدى إلى صعوبة منافسة كل دولة على حدة، بكفاءة في الأسواق العالمية.

ب. تواضع حجم الإنفاق على البحث العلمي والتطوير، حيث تتولى كل دولة عضو في الجماعة، مسؤولية الإنفاق على البحث العلمي منفردة. وتظهر خطورة هذا الوضع عند مقارنته بجملة المنفق على البحوث والتطوير في الاقتصاد الأمريكي والياباني.

ج. عدم الاستفادة من الحجم الضخم للطلب الأوروبي الفعال، نتيجة تفكك هيكل الصناعة الأوروبية، لتلبية متطلبات الإنتاج لأسواق محددة ومتواضعة، مما أدى إلى عدم الاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير، وعدم القدرة على التخصيص الأمثل للموارد الأوروبية مجتمعة.

 



[1] مع بداية يناير 1999 تم إطلاق العملة الموحدة الـ( EURO) ، بمشاركة 11 دولة عضواً في الاتحاد هم: فرنسا-ألمانيا-بلجيكا-لوكسمبورج-هولندا-أسبانيا-البرتغال-إيطاليا-النمسا-أيرلندا-فلندا.