إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الاتحاد الأوروبي









سابعاً: مواقف دول المجموعة الأوروبية من اتفاقية ماستريخت

سابعاً: مواقف دول المجموعة الأوروبية من اتفاقية ماستريخت

       أيدت الدول الاثنتا عشرة اتفاقية ماستريخت، باعتبارها قفزة إلى الأمام في طريق الوحدة. إلا أن عملية التصديق على المعاهدة ـ أي الموافقات الشعبية عليها ـ اتسمت بالبطء والتردد، وتباينت مواقف الدول، ما بين معارض ومؤيد، ومؤيد بشروط خاصة. إذ اكتشفت الشعوب المعنية، أنها مطالبة بالتخلي عن رموز، كانت لقرون عديدة تمثل هويتها الوطنية، مثل إحلال وحدة النقد الأوروبي "اليورو" محل العملة الوطنية، ومنح مواطني الجماعة الحق في الانتخاب والترشيح، في الانتخابات المحلية، ودعم مكانة البنك الأوروبي الموحد، بمنحه العديد من السلطات، التي كانت من اختصاص البنوك الوطنية، وأيضاً نقل سلطات للبرلمان الأوروبي، تخطى بها سلطات البرلمان الوطني، الذي يوجد المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الدولة، وغيرها من الاختصاصات. وكانت أهم مواقف هذه الدول، كما يلي:

1. فرنسا

اتسمت عملية التصديق بالبطء، حيث شهد مؤتمر فرساي مناقشات عنيفة بين النواب والشيوخ حول المراجعة الدستورية. وكان أساس الاختلافات داخل الجمعية الوطنية، منصباً على منح الأجانب المقيمين حق الانتخاب، والتخلي عن بعض صلاحيات السيادة الوطنية.

وتتركز معارضة الاتفاقية في فرنسا في الحزب الشيوعي، والجبهة الوطنية الفرنسية. وقد تمثلت المراجعة الدستورية، في إدراج عنوان جديد داخل القانون الأساسي يقول "حول الوحدة الأوروبية". وقد اعتمدت الجمعية المراجعة المطلوبة، وفي الوقت ذاته طالب النواب الفرنسيون مشاركة أكثر فعالية في عملية البناء الأوروبي الموحد، خاصة البرلمان الأوروبي. وقد أجرى الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، وهو من أشد المتحمسين للمعاهدة، استفتاء شعبياً في 20 سبتمبر 1992 لكي تعبر الجماهير عن رأيها. وأسفر الاستفتاء عن قبول الشعب التصديق على المعاهدة بنسبة ضئيلة للغاية بلغت 50.04 % من المؤيدين.

2. الدانمارك

أسفر عرض الاتفاقية في استفتاء جماهيري ـ بعد أن وافق عليها البرلمان الدانماركي ـ عن رفض التصديق عليها بنسبة 50.3 % من مجموع الناخبين. ويأتي رفض الشعب الدانماركي للاتفاقية، انعكاساً للعديد من العوامل، التي من أهمها:

ـ عدم قيام الحكومة الدانماركية بالدعاية الكافية للاتفاقية. فلم تعقد أي ندوات أو لقاءات لشرحها أو تحليل وبيان المزايا، التي تعود على الدانمارك من الانضمام إليها، في الوقت الذي دعت فيه القوى المعارضة للاتفاقية إلى رفضها، بحجة أنها سوف تحد من حريتهم، وتقضي على هويتهم، ممثلة في إلغاء العلم الدانماركي، وأيضاً إلغاء الملكية في الدانمارك، وانصهارها في ولايات أوروبية متحدة.

ـ خوف الشعب الدانماركي من فقدان استقلاله وسلبه حريته، فالدانمارك كأي دولة صغيرة الإقليم وضئيلة السكان تعيش دائماً مهددة من أي قوى خارجية تحاول النيل منها، خاصة وأنه لا تزال تراودها الذكريات الأليمة التي تركها الاحتلال الألماني.

ـ الخوف من الانشغال بالمشاكل وقضايا الغرب السياسية والعسكرية، وهو أمر هي في غنى عنه، وأيضاً لم تتعود عليه.

ـ الخوف من أن يؤدي زيادة الالتحام مع أوروبا، إلى زيادة معدلات البطالة، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي.

ـ رفض الدانماركيين انتقال الرفاهية ورغد العيش، الذي ينعمون به إلى فقراء المجموعة، في أسبانيا والبرتغال واليونان، عند السماح للمواطنين الأوروبيين بالإقامة في الدانمارك.

ـ الخوف من وضع بعض الصناعات الدانماركية في وضع حرج، وكذلك الخوف من سيطرة الشركات الكبرى. ولهذا دعت إلى أن يتم تدويل هذه الشركات بالتدريج، وبالقدر نفسه في جميع الدول، حتى تضمن التعادل في النفوذ.

       وعلى الرغم من ذلك كله، فلقد توصلت القيادة السياسية، في دول المجموعة الأوروبية، إلى ضرورة منح الدانمارك مهلة لمزيد من التشاور والدراسة، على أن يعاد الاستفتاء حول ماستريخت مرة أخرى، وهو ما تم خلال عام 1994، وانتهي بالموافقة على الاتفاقية.

3. ألمانيا

تُعد ألمانيا من أشد المتحمسين للوحدة الأوروبية، ولهذا اعتمد البرلمان الألماني (البوندستاج) Bundestag مشروع المعاهدة، بأغلبية 543 صوتاً ضد 17 من المعارضين، و8 من الممتنعين عن التصويت. وقد أيدت جميع الأحزاب الألمانية، الممثلة في البرلمان ـ باستثناء حزب الاشتراكية الديموقراطية وهو تسمية جديدة للحزب الشيوعي ـ مشروع المعاهدة. وكان أهم ما طالب به البرلمان الألماني، هو أن تزداد مشاركة البرلمانات الوطنية في شؤون الجماعة الأوروبية.

4. المملكة المتحدة

لقد اندلع نقاش حاد داخل مجلس العموم البريطاني، في أول ديسمبر 1992، حول بعض بنود الاتفاقية، وذلك للأسباب الآتية:

ـ رغبة المملكة المتحدة في إلغاء فكرة الهدف الفيدرالي، التي وردت في ديباجة مشروع معاهدة الاتحاد السياسي، حتى لا تفقد سيادتها لمصلحة مؤسسات المجموعة الأوروبية. وبالفعل استطاعت أن تحصل على هذا المطلب، مقابل تقديم تنازلات في قضايا أخرى.

ـ الخلاف مع المجموعة الأوروبية حول إنشاء البنك المركزي الأوروبي، وتوحيد العملات الأوروبية في عملة واحدة، حيث تعتبر بريطانيا بقاء عملتها حفاظاً على مبدأ السيادة على الأرض، الذي لا يمكن التجاوز عنه من دولة عظمى سابقاً، وقد أدخلت القمة بالفعل شرط إعفاء يسمح للملكة المتحدة ـ كاستثناء خاص ـ بالرجوع إلى البرلمان، قبل أن تقرر التخلي عن الجنيه الإسترليني والدخول في عملة موحدة.

ـ رفض المملكة المتحدة للميثاق الاجتماعي، وطلبها فصله عن المعاهدة، مع توقيع الدول عليه فرادى، وإعفاؤها من الانضمام إليه.

       وقد وقع رئيس الوزراء البريطاني بنفسه على المعاهدة في فبراير 1993، وذلك بعد رضوخ دول المجموعة لمعظم مطالب وشروط بريطانيا، بسبب وزنها داخل الجماعة، ورغبتهم في انضمامها من أجل توسيع نطاق الدول الأعضاء.

5. هولندا

يُعبر الموقف الهولندي في إجماله، عن عدم رفض للمعاهدة، ويعُدها أفضل من عدمها. وقد وافق مجلس النواب في 15 نوفمبر 1992، على المعاهدة بأغلبية كبيرة بلغت 137 صوتاً، ضد 13 صوتاً، كما وافق عليها مجلس الشيوخ في 15 ديسمبر 1992.

وأثار الهولنديون بعض التحفظات مثل:

ـ منح كبار السياسيين تفويضاً برلمانياً يسمح لهم بالمشاركة في مناقشات الجمعية الأوروبية، في ستراسبورج.

ـ محاولة تقريب وجهات النظر، وعلاج الانفصال بين السياسيين والناخبين في أوروبا الموحدة.

ـ الخوف من أن تتحول أوروبا الموحدة، إلى مزيج من القوميات، مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

ـ الخوف من ارتفاع الأسعار، خاصة السلع المحلية، التي كانت تعتبر أرخص نسبياً من مثيلاتها في الدول الأخرى.

ـ    الخوف من انتقال أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الرخيصة إلى هولندا، مما يشكل منافسة شديدة أمام العمالة المحلية.

       وجدير بالذكر أن هولندا تقبل الوحدة النقدية الأوروبية، لأن البنك المركزي الهولندي ما هو إلا فرع من البنك الألماني Bumais Bank، الذي يتلقى تعليماته من فرانكفورت. كما تمثل الصادرات الهولندية 60% من ناتجها القومي. أما موقفها من الوحدة السياسية الأوروبية، فمختلف تماماً.

6. بلجيكا

وافق مجلس النواب في 17 يوليه 1992، على معاهدة ماستريخت بأغلبية 146 صوتاً، ضد 33 من الأصوات المعارضة، و3 نواب امتنعوا عن التصويت. ثم وافق مجلس الشيوخ في 4 نوفمبر 1992 بأغلبية 115 صوتاً، ضد 28 من المعارضين، وامتناع واحد عن التصويت. ولا يخلو التأييد البلجيكي من بعض المخاوف، وإن كان ظل مؤمناً بالتعجيل بالبناء الأوروبي الموحد، لعلمه أن ما تتضمنه الجماعة من رئاسة دورية، ومبدأ الاقتراع بالإجماع، أو بالأغلبية، سيسمح لدولة صغيرة أن تقوم بدور مهم. مع  ضرورة الإشارة إلى أن لجنة الجماعة والمجلس، وأيضاً جزء من البرلمان الأوروبي، موجودون في بروكسل.

وقد طالبت بلجيكا البرلمان بضرورة عقد مؤتمر بين حكومات الجماعة، خلال عام 1996 للبت في قبول أعضاء جدد.

7. لوكسمبورج

ترتبط موافقة لوكسمبورج على المعاهدة بكونها أصغر دولة في المجموعة، ومن ثمّ ستستفيد من السياسة الخارجية، والأمن الأوروبي المشترك، والمشاركة في اتخاذ القرارات. كما كانت تأمل أن تكون مقراً للبنك المركزي الأوروبي. ومن ناحية أخرى، كان لديها تخوف أساسي من الوحدة الأوروبية، وما سيترتب عليها من حقوق سياسية لمواطني المجموعة المقيمين في لوكسمبورج ـ خاصة وأن لديها أعداداً كبيرة من المهاجرين من فرنسا والبرتغال وإيطاليا ـ مما سيوجد مناطق خاضعة بأكملها، لسيطرة المهاجرين.

وقد تفادت الحكومة إجراء استفتاء لا تضمن نتائجه، واكتفت بتصديق البرلمان بأغلبية 51 صوتاً، ضد 6 أصوات. وشرعت الدولة في إدخال تعديل في الدستور، يمنح مواطني دول المجموعة الأوروبية حق الانتخاب.

8. إيطاليا

وافق مجلس الشيوخ في 17 سبتمبر 1992، على معاهدة ماستريخت بأغلبية 176 صوتاً، ضد 16 صوتاً، وامتناع صوت واحد عن التصويت. واعتمد مجلس النواب المعاهدة في 29 أكتوبر 1992، بأغلبية 403 صوتاً، ضد 45 من المعارضين. وتأمل إيطاليا أن تحقق لها الوحدة، العلاج لمشاكل كثيرة تعاني منها، مثل العجز المستمر والمتزايد للموازنة، وارتفاع معدل التضخم، عن معدلات التضخم في الدول الكبرى في المجموعة الأوروبية، وارتفاع نسبة البطالة، وتدهور قيمة العملة، والتزايد المستمر للديون.

9. أيرلندا

أسفر الاستفتاء الشعبي، الذي أجري في 18 يونيه 1992، عن أغلبية ساحقة لمؤيدي المعاهدة نسبته 68.7% مع الأخذ في الاعتبار أن المشاركة الانتخابية اقتصرت على 57.3% من  الناخبين. ويرجع التأييد الكبير من التشكيلات الحزبية، إلى الفوائد المنتظرة والناجمة عن إنشاء صندوق الترابط لصالح الدول الأعضاء، داخل الجماعة الأقل حظاً اقتصادياً.

وتجدر الإشارة إلى تخوف بعض الأيرلنديين، من مدى أحقية المجموعة الأوروبية في التدخل في تنظيم المجتمع الأيرلندي ومعتقداته، خاصة فيما يتعلق بموضوع الإجهاض، فأيرلندا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تمنعه قانوناً. وقد رأت الحكومة عدم ربط قضية الإجهاض بالوحدة الأوروبية، خاصة بعد رفض المجموعة الأوروبية أي تعديلات أو بروتوكولات، على اتفاقية ماستريخت.

10. اليونان

صدق البرلمان اليوناني في 31 يوليه 1992، على معاهدة ماستريخت بأغلبية تمثلت في 286 صوتاً، ضد 8 من المعارضين، وامتناع صوت واحد عن التصويت. وتعاني اليونان من مشاكل داخلية كثيرة: من بطالة وفقر وارتفاع في حجم الدين الحكومي. ولذا، رأى الحزب الديموقراطي الحاكم، أن تطبيق هذه الاتفاقية سيدعم من التعاون الأوروبي، بما يعود بالمنافع على أوروبا بشكل عام، وعلى اليونان بشكل خاص. وتجدر الإشارة إلى تشكك الحزب الشيوعي من تحقيق التعاون في بعض المجالات، مثل الدفاع والسياسة الخارجية.

11. أسبانيا

وافق مجلس النواب في 22 يوليه 1992، على إدخال تعديل دستوري يسمح للأجانب، من أعضاء الجماعة، بالمشاركة في الانتخابات، وأيضاً بالترشيح فيها. وقد أيد مجلس الشيوخ التعديل المطروح في 30 يوليه 1992. ثم صدّق مجلس النواب الأسباني في 29 أكتوبر 1992، على المعاهدة بأغلبية ممثلة في 314 صوتاً ضد 3 من المعترضين، و8 امتنعوا عن التصويت. ثم صدّق مجلس الشيوخ في 25 نوفمبر 1992، بأغلبية 22 صوتاً، وبلا معارضة، وامتناع 13 عن التصويت. وتفادت الحكومة الأسبانية، إجراء استفتاء شعبي على الاتفاقية.

وتقف أسبانيا موقفاً متحفظاً، تجاه انضمام الدول الأوروبية الشرقية إلى المجموعة، وكذلك تعارض فكرة انضمامهم قبل الانتهاء من إقامة الوحدة النقدية، وذلك حتى تدعم مكانتها داخل المجموعة، قبل انضمام هذه الدول الفقيرة.

12. البرتغال

لم تلجأ الحكومة إلى إجراء استفتاء عام على الاتفاقية، استناداً إلى الدستور البرتغالي، الذي يخص البرلمان بحق الموافقة على الاشتراك في المنظمات الدولية. ولم تلق الاتفاقية معارضة داخل البرتغال، إلاّ من الحزبين الشيوعي واليميني.