إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / منظمة الدول المصدرة للبترول (الأوبك OPEC)





أسعار البترول 1947 - 2003
أسعار الزيت الخام 1869 - 2003
الأوبك وأسعار البترول 1947 - 2003
الأحداث وأسعار البترول 1947 - 1973
الأحداث وأسعار البترول 1973 - 1981
الأحداث وأسعار البترول 1981 - 1998
التكلفة 1973 - 1981




مقدمـــه
المبحث الرابع

الأوبك والأحداث العالمية

تتعرض أسعار البترول أكثر من أي سلعة أخرى للتقلبات بين الارتفاع والهبوط في أوقات نقص أو زيادة المعروض منها، وقد تمتد دورة أسعار الزيت الخام على مدار سنوات عديدة. وقد أثبتت الدراسات ارتباط أسعار البترول بالأحداث العالمية وبصفة خاصة في منطقة الشرق الأوسط.

ففي حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية بلغ متوسط أسعار البترول 19.61 دولار للبرميل بالقيمة الشرائية للدولار عام 2000 (انظر شكل أسعار البترول 1947 - 2003)، وخلال نفس الفترة كان معدل سعر الزيت الخام 15.25 دولار للبرميل بأسعار عام 2000، وهذا يعني أن 50% فقط، في المدة من عام 1947 إلى عام 2003، تعدت فيها أسعار البترول 15.25 دولار للبرميل وحتى 28 مارس 2000 وإقرار سعر 22-28 دولار للبرميل كقيد على خامات سلة الأوبك، فإن أسعار البترول لم تتخطَّ 22 دولاراً للبرميل، إلا في حالة حدوث صراع أو حرب في منطقة الشرق الأوسط. وخلال نفس الفترة ارتفع متوسط الأسعار العالمية للبترول بمقدار 1.51 دولار، وعندئذ كان معدل الأسعار العالمية 15.89 دولار أعلى قليلاً من المعدل الأمريكي 15.25 دولار.

وبنظرة متفحصة على المدى البعيد يتضح أنه منذ عام 1869 ومتوسط أسعار البترول الأمريكي المعدل نتيجة للتضخم كانت 18.43 دولار للبرميل، مقارنة بـ 19.2 دولار كأسعار عالمية، ونصف هذه الفترة كانت الأسعار الأمريكية والعالمية تحت معدل السعر 15.28 دولار للبرميل (انظر شكل أسعار الزيت الخام 1869 - 2003).

أولاً: فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى ما قبل حظر البترول العربي

تراوحت أسعار البترول ما بين (2.5 3) دولار للبرميل منذ عام 1948 حتى نهاية الستينيات، حيث ارتفعت الأسعار من 2.5 دولار للبرميل عام 1948 إلى 3 دولار عام 1957، وبالنظر إلى القيمة الشرائية للدولار عام 1996، كانت أسعار البترول تتأرجح بين (14 16) دولار خلال نفس الفترة، وأن السعر الظاهري ارتفع لمجرد الحفاظ على معدل التضخم.

وفي الفترة من عام 1958 إلى عام 1970 انخفضت أسعار البترول من أكثر من 15 دولار إلى أقل من 12 دولار للبرميل. والانخفاض في السعر، عندما تعدلت الأسعار للتضخم، تفاقم في عامَي 1971، 1972 نتيجة لضعف الدولار الأمريكي. وبنشأة الأوبك التي بدأت بخمس دول مؤسسة هي: الكويت، والسعودية، والعراق، وإيران، إضافة إلى فنزويلا، ثم بنهاية عام 1971 انضمت 6 دول أخري، هي: قطر، وإندونيسيا، وليبيا، والإمارات، والجزائر، ثم نيجيريا وهذه الدول الست كانت قد شهدت انخفاض القيمة الحقيقية لمنتجاتها منذ نشأة الأوبك (انظر شكل الأوبك وأسعار البترول 1947 - 2003).

وطوال فترة ما بعد الحرب فإن الدول المصدرة وجدت أن هناك زيادة في الطلب على بترولها و40% انخفاض في القوة الشرائية لبرميل البترول.

وفي مارس 1971 اختلف ميزان القوة، حيث أن منتجي تكساس أصبحوا مقيدين بكمية الزيت المفروض عليهم إنتاجها. والأكثر أهمية أن قوة السيطرة على أسعار الزيت الخام قد انتقلت من الولايات المتحدة الأمريكية (تكساس، أوكلاهوما، لويزيانا) إلى الأوبك (انظر شكل الأحداث وأسعار البترول 1947 - 1973).

 
ثانياً: الاضطرابات في إمدادات الشرق الأوسط

1. حرب أكتوبر 1973 وحظر البترول العربي:

في عام 1972 كان سعر الزيت الخام حوالي 3 دولارات للبرميل، وبنهاية عام 1974 تضاعف إلى 12 دولاراً للبرميل. ونتيجة مساندة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، استخدمت الدول العربية المنتجة للبترول المقاطعة البترولية سلاحاً لمساندة الجبهة العسكرية لمصر وسورية. وبدأت شركات البترول الأمريكية أعضاء مجموعة أرامكو[1] في زيادة إنتاجها من جميع دول الخليج العربي إلى أقصى مستوياتها، على الرغم من تراخي الطلبات في موسم الصيف. فزاد إنتاج السعودية بنسبة 43%، والإمارات 30.4 %، وقطر 31.1، وليبيا 1.3%، والجزائر 5.8%، بينما سجلت الكويت هبوطاً قدره 5.9 %. ومحصلة الموقف أن شركات البترول الكبرى لجأت في الأشهر السابقة على حرب أكتوبر إلى عمليات تخزين مكثفة، تحسباً لاحتمال نشوب حرب عربية ـ إسرائيلية، دون اعتبار للموقف السلبي الذي اتبعته الإدارة الأمريكية، وذلك بإهمال تحذيرات الملك فيصل والرئيس السادات من استخدام البترول كسلاح في الحرب ضد إسرائيل وحليفتها أمريكا.

ونشبت الحرب بين مصر وإسرائيل. واستخدمت الدول العربية المنتجة للبترول سلاح المقاطعة البترولية لمساعدة مصر، حيث تقلص الإنتاج من 5 مليون برميل/ يوم إلى مليون برميل/ يوم. وهذا الخفض في الإنتاج استمر حتى شهر مارس 1974، وكان يمثل 7% من الإنتاج العالمي الحر، (انظر شكل الأحداث وأسعار البترول 1973 - 1981) يظهر الآتي:

أ. في اليوم السابق لفرض الحظر البترولي أي 16 أكتوبر 1973، أعلن عن زيادة الأسعار المعلنة للزيت الخام من خلال الأوبك بنسبة 70%.

ب. صدر قرار الحظر البترولي بناء على اقتراح مصر، وتبنت السعودية مشروع الحظر البترولي.

ج. كانت السعودية هي نقطة البداية في تطبيق قرار الحظر.

وقد مر الحظر بمراحل متعاقبة بخفض فوري بنسبة 5% من معدل الإنتاج في سبتمبر 1973، ثم تكرر الخفض بنسب متماثلة حتى يتحقق انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي العربية، وقد خُفض الإنتاج بنسبة 30% للسعودية والكويت.

2. مواطن ضعف قرار الحظر:

أ. المعدلات الإنتاجية العالية التي بدأ بها الحظر، أضعفت فاعليته إلى حد كبير.

ب. التيسيرات والإعفاءات من تطبيق الحظر حتى أنه لم يخضع لقرار الحظر سوى الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، وجنوب أفريقيا، والبرتغال. فالولايات المتحدة الأمريكية لمساندتها إسرائيل، وهولندا لموقفها العدائي من العرب، والبرتغال لسماحها للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل باستخدام مطاراتها لنقل المعدات العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل، وجنوب أفريقيا لأنها خاضعة لأحكام المقاطعة بسبب سياستها العنصرية. وبحلول مارس 1974، ورفع الحظر البترولي عن الولايات المتحدة الأمريكية في وجود معارضة من ليبيا وسورية.

3. حصاد حرب أكتوبر 1973:

لعل أهم أثر أحدثته إجراءات الحظر البترولي هو حالة الذعر التي أصابت الدول المستوردة للبترول، وأحدثت اضطرابًا شديداً في السوق الحرة، حيث لم تتوافر كميات ملموسة للمتاجرة العادية. فارتفعت الأسعار من 12 دولاراً إلى 16 دولاراً للبرميل من المبيعات الفورية. ثم جاوزت الأسعار 17 دولاراً للبرميل لصفقة من الخام الإيراني أبرمت في منتصف ديسمبر 1973، على أن تنفذ ابتداء من أول يناير 1974. وفي نفس الوقت أظهر الخام النيجيري استجابة مماثلة لذلك الاتجاه الصعودي للأسعار الفورية حيث تجاوزت أسعاره 22 دولاراً للبرميل.

ومع تلك الطفرات في الأسعار الفورية وقعت الأسعار المعلنة تحت ضغوط شديدة دفعت بالسعر المحقق من 3.11 دولارات للبرميل إلى 4.67 دولارات للبرميل من الخام العربي الخفيف. وبدأت الضغوط داخل الأوبك تشتد في اتجاه إجراء تصحيحات في الأسعار المعلنة لصالح صقور الأوبك. وانقسمت المنظمة بين اتجاهين رئيسيين أولهما يدعو إلى الحصول على أقصى ميزة ممكنة من حالة الندرة التي تعانيها السوق، وقد تزعم شاه إيران ذلك الاتجاه الذي دعا إلى تدني الأسعار الفورية التي راوحت بين 17 و 20 دولاراً، بينما دعا الجانب السعودي إلى الاعتدال بالدرجة التي جعلت سعر البرميل يدور حول ثمانية دولارات للبرميل. وشهد اجتماع الأوبك في طهران في 22 ديسمبر 1973 معركة حامية حول هذا الموضوع, وكان قطبا المعركة شاه إيران، والشيخ زكي يماني، ممثلاً لحكومة المملكة العربية السعودية. وكان الفارق كبيراً بين موقف كل من الطرفين، فالشاه كان يرى أن الموقف يبرر المطالبة بسعر يبلغ حوالي 17 دولاراً للبرميل، بينما طالبت السعودية بثمانية دولارات فحسب. كانت إيران بحاجة ماسة إلى أموال طائلة لتنفيذ خططها التنموية الطموح والمكلفة. وكان طبيعياً أن يلقى الموقف الإيراني تعاطفاً من جانب دول الأوبك الأخرى ذات الكثافات السكانية المرتفعة والإنتاج الأقل حجماً. أما المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، فلم تكن لديها نفس الأسباب المُلِحّة التي تجعلها تجنح إلى المطالبة بالحدود القصوى للمزايا المتاحة؛ فضلاً عن أنها اعتبرت التطورات التي حدثت نتيجة لحرب أكتوبر وملابساتها ظروفاً عارضة لن تلبث أن تزول.. وانتهت المعركة بعد شد وجذب إلى الاتفاق على تحديد سعر بلغ 11.651 دولاراً للبرميل لخام الإشارة (العربي الخفيف درجة جودة 34) اعتباراً من أول يناير 1974.

ثالثاً: التطور العام لسوق البترول العالمية

بنظرة عامة على تطور أسعار البترول ابتداءً من 16 أكتوبر 1973 وحتى منتصف 1978، لوحظ أنه قد تحقق قدر لا بأس به من الاستقرار في غياب حدوث اضطرابات سياسية رئيسية في مناطق الإنتاج. بل إنه من الممكن أن نلاحظ كذلك تراجعاً محدوداً للأسعار في الفترة من يناير 1974 إلى يونيه 1976، ثم حدوث ارتفاع محدود لتغطية التصحيحات التي أُدخلت على الأسعار حتى أوائل 1979 الذي لم يلبث أن شهد الانفجار الثاني في الأسعار على إثر سقوط شاه إيران، واضطراب النظام العام لسوق البترول العالمية.

ولو كان هناك ثمة شك في أن القدرة على السيطرة على أسعار الزيت الخام قد انتقلت من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأوبك، فإن هذا الشك قد زال أثناء حظر البترول العربي. والحساسية المفرطة للأسعار نتيجة لنقص الإمداد أصبحت أكثر ظاهرية، حيث أن الأسعار زادت بنسبة 400% في غضون ستة أشهر. ومن عام 1974 حتى 1978 ارتفعت أسعار الزيت بخطى متوسطة من 12إلى 14 دولاراً. وعند تعديل الأسعار كنتيجة للتضخم، نجد أن الأسعار ظلت ثابتة خلال هذه الفترة.

رابعاً: الأزمة العراقية ـ الإيرانية والضوابط الأمريكية للسيطرة على السوق

أدت الأحداث بين العراق وإيران إلى دورة أخرى من الارتفاع في أسعار البترول في عام 1979/1980، حيث أدت الثورة الإسلامية في إيران إلى فقد ما بين 2- 2.5 مليون برميل من البترول يومياً في الفترة من نوفمبر 1978 حتى يونيه 1979. وفي عام 1980 انخفض إنتاج البترول العراقي بمقدار 2.7 مليون برميل يومياً، وإنتاج إيران بمقدار 600 ألف برميل يومياً أثناء الحرب الإيرانية ـ العراقية.

والجمع بين هذين الحدثين أدى إلى زيادة أسعار البترول إلى أكثر من الضعف، حيث ارتفع من 14 دولاراً عام 1978 إلى 35 دولاراً للبرميل في عام 1981(انظر شكل التكلفة 1973 - 1981).

إن الزيادة السريعة في أسعار البترول في هذه الفترة لابد أن تكون أقل بكثير مما كانت عليه خلال فترة الحظر السابقة. لذا فقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية ضوابط سعرية للزيت الخام المنتج، في محاولة منها لتقليل أثر زيادة سعر البترول في الفترة من عام (1973 - عام 1974). والنتيجة الواضحة من هذه الضوابط أن مستهلكي البترول الأمريكي أنفقوا ما نسبته 48% زيادة للواردات عن الإنتاج المحلي، وبالطبع فإن المنتجين الأمريكيين استلموا أقل، ولكن لم تحقق هذه السياسة أهدافها.

وعلى المدى القصير فإن التراجع الذي حدث لزيادة الأسعار في الفترة من عام (1973 عام 1974) كان أقل، ولكن كانت هناك تأثيرات أخرى.

في غياب الضوابط السعرية، فإن أنشطة الاستكشاف والحفر والإنتاج يجب أن تزداد بدرجة ملحوظة. وارتفاع الأسعار يجب أن يقابله المستهلكون بخفض معدلات الاستهلاك، فالسيارات لابد أن تقطع أميالاً أكبر مما كانت عليه من قبل، والمنازل والمنشآت التجارية لا بد أن تعزل جيداً، وتجري تعديلات أكبر على كفاءة الطاقة الصناعية أكثر مما كانت عليه في هذه الفترة.

وبناءً عليه فإن الولايات المتحدة الأمريكية كان يجب أن تكون أقل اعتماداً على الواردات في عام  (1979 1980) وأن الزيادة في الأسعار نتيجة للاضطرابات في الإمدادات الإيرانية والعراقية لا بد أن تكون أقل بدرجة ملحوظة.

خامساً: غزو الكويت وأحداث 11 سبتمبر 2001

في عام 1990 كانت الأسعار شائكة في ظل الشك الذي صاحب غزو العراق للكويت ونشوب حرب في منطقة الخليج، ولكن بعد انسحاب العراق أخذت أسعار البترول في الانخفاض حتى عام 1994، حيث وصلت الأسعار المعدلة للتضخم إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1973.

ثم اتجهت دورة الأسعار إلى الارتفاع في ظل اقتصاد أمريكي قوي مع ازدهار الاقتصاد الآسيوي وزيادة الطلب على البترول، ما أدى إلى استعادة ثبات الأسعار عام 1997، ولكن ذلك سرعان ما انتهى نتيجة سوء تقدير الأوبك لتأثير الأزمة في أسيا.

تعرضت أسعار البترول بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في أمريكا لهبوط شديد، وانخفضت إلى أقل من 17 دولار للبرميل، ما أدى إلى انخفاض عائدات الأوبك البترولية خلال ذلك العام، حيث سجلت حوالي 212.2 بليون دولار بانخفاض قدره 18.5 % عن عام 2000. إذ إن أسعار البترول ظلت خلال الثمانية أشهر الأولى من عام 2001 مرتفعة نسبياً داخل النطاق السعري المستهدف للأوبك.

ويرجع الانخفاض في أسعار البترول عام 2001 إلى انخفاض الصادرات البترولية من 26.7 مليون برميل/ يوم في عام 2000 إلى حوالي 25.5 مليون برميل/ يوم في عام 2001 أي بنحو 4.6 %. وأيضا انخفاض متوسط سعر خام الأوبك إلى 18.1 دولار/ برميل أوائل عام 2001 مقارنة بنحو 27.5 دولار/ برميل في نفس الفترة من عام 2000 (انظر جدول عائدات صادرات الأوبك البترولية عام 2001).

وعلى الرغم من التزام دول الأوبك بخفض الإنتاج، بدءاً من يناير 2002، بنحو 1.5 مليون برميل/ يوم (باستثناء العراق)، وكذلك تعهد الدول المصدرة من خارج الأوبك بخفض صادراتها من الزيت الخام بنحو 1500 ألف برميل/ يوم، فإن سعر خامات الأوبك لم يشهد ارتفاعاً ملحوظاً حتى مطلع مارس 2002.

وتشير التوقعات التي أبرزتها نشرة Petrostrategies أنه في حالة ثبات الأسعار طوال عام 2002 عند مستوى أسعار يناير مع استمرار الالتزام بخفض الإنتاج، فإنه من المتوقع زيادة عائدات الأوبك إلى نحو 215 بليون دولار في عام 2002.

ويُذكر أن انخفاض عائدات الأوبك أَثّر على ثلاث دول من الأعضاء أكثر من غيرها وهي: العراق، وإندونيسيا حيث انخفضت صادراتها بصورة ملحوظة، إضافة إلى فنزويلا التي تأثرت بانهيار أسعار خاماتها البترولية، نظراً لأن خاماتها ذات جودة أقل من خامات دول الأوبك الأخرى.

بينما شهدت عائدات كل من: قطر، وإيران أقل معدل للانخفاض من بين أعضاء الأوبك في عام 2001، حيث بلغت نسبته 13.8%، 14.3% على التوالي، ويرجع ذلك إلى انخفاض صادراتها البترولية بنسبة 1.9%، 2.1 % على التوالي.

وكذلك انخفضت عائدات نيجيريا بنسبة 14.1 % على الرغم من أنها العضو الوحيد الذي لم يلتزم بقرار الأوبك لخفض الإنتاج، حيث ارتفعت صادراتها البترولية من 2.09 مليون برميل/ يوم عام 2000 إلى 2.1 مليون برميل/ يوم عام 2001 بنسبة 0.5%. أمّا بالنسبة للسعودية، أكبر دول الأوبك إنتاجاً للبترول، فقد سجل إجمالي عائداتها البترولية في عام 2001 حوالي 65.9 بليون دولار يمثل نسبة 31% من إجمالي عائدات الأوبك البترولية، بانخفاض نسبته 18.2% عن عام 2001. وأيضاً شهدت كل من الكويت والإمارات نفس معدل الانخفاض في عائداتهما البترولية.

سادساً: الأوبك والحرب على العراق وإضراب فنزويلا

تسعى منظمة الأوبك للحد من الانتعاش السعري، من خلال الاستعداد لإطلاق جانب من طاقتها الإنتاجية الضخمة الفائضة، إذا واصلت الأسعار صعودها.

وعلى الرغم من أن القفزة السعرية حققت زيادة في عائدات الدول الأعضاء في الأوبك، فإن المنظمة تود الإبقاء على الأسعار دون مستوى 30 دولاراً، لضمان تواصل نمو الطلب على البترول. وتعهدت السعودية – وهي أكبر مصدر للبترول في العالم وصاحبة أكبر نفوذ في الأوبك – بتفعيل آلية ضبط الأسعار التي تتبناها المنظمة.

كما توقفت صادرات البترول في فنزويلا، وهي خامس أكبر مصدر للبترول في العالم وتزود الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 13% من وارداتها البترولية، من جراء الإضراب الذي تنظمه المعارضة للإطاحة بالرئيس هوجو تشافيز فرياس Hugo Chavez Frais.

وجاء هذا الاضطراب بعد شن واشنطن الحرب على العراق، وهو ثامن أكبر مصدر للبترول في العالم. ويخشى متعاملون أن يتسع نطاق الحرب على العراق، ليشمل دولاً أخرى في منطقة الخليج، التي تسهم بنحو ربع الإمدادات العالمية.

سعى جورج بوش الابن إلى ضرب العراق لأسباب عدة، منها ما هو رئيسي كالسيطرة على منابع البترول العراقية، التي تعتبر ثاني أكبر احتياطيات بترولية بعد السعودية على مستوى العالم، حيث بلغت 112.500 مليون برميل في نهاية 2001 مقابل 262.697 مليون برميل للسعودية. ومن الأسباب الأخرى لضرب العراق الزعم بنزع أسلحة الدمار الشامل منه، في الحاضر والمستقبل على السواء، ومحاربة الإرهاب.

ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك للبترول في العالم، وأن حجم استهلاكها وحدها يستنفد 25% من الاستهلاك العالمي؛ إضافة إلى أنها تعتمد على آبار المملكة العربية السعودية فيما يزيد على نصف الاستهلاك. وتأسيساً على ذلك، فإن إستراتيجية رؤساء أمريكا جميعهم وعلى اختلاف مذاهبهم– جمهوريين كانوا أو ديمقراطيين أو غيرهم – تقوم على حسن العلاقة الطيبة الهادئة المستقرة بين البلدين، والمحافظة عليها تحت جميع الظروف والملابسات من خلال عدة قنوات، إضافة إلى أن الإستراتيجية الأمريكية كانت وما زالت تقبل على مضض تحكم الأوبك في الإبقاء على أسعار البترول أكثر ارتفاعاً مما تمليه ظروف العرض والطلب.

1. الخوف من الاحتكار:

صرح ونستون تشرشل Winston Churchill السياسي البريطاني ـ عندما شرعت بريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى "1914 – 1918" في تحويل الأسطول البريطاني كي يستخدم البترول كوقود بدلاً من الفحم ـ "أن عنصرَي الأمان والتيقن في استخدام البترول لهذا الغرض، إنما يكمنان في التنوع والتنوع وحده" ولعله كان يقصد بذلك تعدد المصادر التي تقدم البترول "ماء الحياة" لهذا الأسطول. والحكمة التي تكمن وراء ذلك واضحة هي التحوط لأخطار الاحتكار. ومن المؤكد، أن رؤساء الولايات المتحدة كانوا يشعرون بما تحمله هذه العبارة من معان ضخمة تؤثر في مستقبل أمريكا كلها، بل وكيانها. وأعتقد أن ذلك جاء بعد أن بدا واضحاً أن السيطرة على الوضع الراهن الذي وفر للغرب الأمان، قد تفلت وتُصبح في أيدي الشعوب لا في أيدي الحكام، وما ذلك سوى هدف أساسي لمحاربة الإرهاب.

واقتناعاً بفكر تشرشل شرع بوش الابن في تغيير الإستراتيجية البترولية، عندما اعتنق صراحة ما يستهدفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين Valdimir Putin من تنمية صناعة البترول مع الاتجاه إلى زيادة الصادرات الروسية.

2. طبول الحرب ترفع الأسعار:

وليس مع دقات طبول الحرب وحدها تتجه أسعار البترول نحو الارتفاع، بل مجرد شائعات الحرب تقضى إلى ذلك، ما يبتهج له أعضاء الأوبك بصفة خاصة، والبلاد الأخرى المنتجة بصفة عامة. ويطلق بعض المحللين على هذه الزيادة اسم "معامل الذعر" الذي يُعد هبة من السماء... لأصحاب آبار البترول، ولكن ذلك في المدى القصير.

ويقدر أحد خبراء البترول أن الارتفاع الذي تحقق أخيراً في أعقاب شائعات ضرب العراق جواً، والذي بلغ بسببه سعر البرميل إلى ما يزيد على 30 دولاراً يشمل " معامل ذعر " يتراوح ما بين 3  و 5 دولارات. ولكن يسوق بعض المحللين ما جاء في أعقاب حرب أكتوبر 1973، وحرب الخليج الثانية، مثلاً للنتائج السيئة التي حاقت باقتصاديات العالم، ما أفضى إلى ارتفاع معدلات النمو وإشاعة الركود.



[1] أرامكو  Arabian American Oil Company (ARAMCO)