إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل السادس

أحداث عام 1993

اتجاهات السوق والأسعار

في يونيه 1993

واجه المؤتمر الوزاري لأوبك رقم 93 المنعقد في جنيف

  • تجاوزات في معدل الإنتاج.
  • ومطالبات بعض الدول بزيادات في الحصص الإنتاجية المقررة لها.
  • وانخفاض في الأسعار إلى أدنى مستوى حققته منذ 6 شهور.

          حيث طالبت الكويت بحقها الشرعي بمنحها حصة تاريخية مساوية لحصة الإمارات التي تبلغ 2.16 مليون برميل يومياً.

          وعندما اقترح المؤتمر منح الكويت زيادة حصتها بنسبة 10%، عارضت إيران وطالبت منحها نفس الحق لأنها تمر بنفس الظروف نتيجة للحرب مع العراق طوال ثماني سنوات.

          ومع رفض الكويت النسبة المقترحة لزيادة إنتاجها، واستبعاد العراق بقرار الأمم المتحدة، انتهى المؤتمر ـ بموافقة عشرة أعضاء ـ إلى مد العمل بالسقف المتفق عليه خلال شهر فبراير 1993 وهو 23.5 مليون دولاراً للبرميل.

كما أكد المؤتمر على الالتزام بسعر إسترشادي لا يقل عن 21 دور للبرميل.

          وفي أثناء انعقاد المؤتمر، وبمجرد أن تناثرت الإشاعات عن الاختلافات بين أعضاء أوبك، انخفض سعر سلة خامات أوبك إلى 17.66 دولاراً للبرميل ثم إلى 17.56 دولاراً للبرميل في اليوم التالي.

          إن خروج الكويت على الإجماع يعني إعطاءها حصة مفتوحة بزيادة 600 ألف برميل يومياً عن حصتها (1.6 مليون برميل يومياً)، الأمر الذي أخل بميزان العرض والطلب العالميين وأثر تأثيراً سلبياً على الأسعار.

بعد أسبوع واحد من اجتماع وزراء أوبك تراجعت الأسعار في 16 يونيه 1993:

حيث انخفض سعر الخام العربي الثقيل من     14.15 إلى 13.65 دولاراً للبرميل

والخام العربي الخفيف من                     16.95 إلى 16.50

والخام برنت البريطاني من                  18.40 إلى 17.30

خلال الفترة من 25 ـ 29 سبتمبر 1993

          عقدت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك اجتماعها في جنيف. وأعربت اللجنة في استعراضها لوضع السوق البترولي عن قلقها بشأن مستوى الأسعار وانخفاض سعر سلة أوبك إلى أقل من 15 دولاراً للبرميل، والاضطراب العام في السوق. وقد تبين أن أغلب دول أوبك قد تجاوزت حصصها الإنتاجية المحددة خلال الشهور التسعة الأولى من عام 1993.

          وقد وافقت اللجنة، من أجل الحفاظ على استقرار السوق والعمل على رفع مستوى الأسعار، على تحديد سقف للإنتاج خلال الشهور الستة القادمة عند مستوى 24.5 مليون برميل يومياً، وحددت حصة لكل دولة من الدول الأعضاء. ورأت اللجنة أن توزيع الحصص سيُحسِّن من أداء السوق والأسعار، كما عبَّرت الدول الأعضاء عن تصميمها على إنجاح العمل بهذا الاتفاق.

          كانت حصة الكويت مليونين برميل يومياً. وأشار وزير البترول الكويتي أنه رغم موافقته على قرارات المؤتمر تمشياً مع روح التعاون، إلاّ أن تحديد حصة الكويت في المستقبل يجب ألاَّ تقل عن 2.16 مليون برميل يومياً.

          وتجدر الإشارة إلى أن أسواق البترول العالمية استقبلت نتائج الاجتماع الذي عقدته اللجنة المذكورة بارتياح شديد عقب الاتفاق على سقف إنتاجي للربع الرابع من عام 1993 والربع الأول من عام 1994 بنحو 24.5 مليون برميل يومياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر خام القياس البريطاني برنت وخام القياس الأمريكي ويست تكساس إنترميديت بمقدار 70 سنتاً. ولكن مصادر الصناعة البترولية أرجعت هذه الزيادة إلى الوضع السياسي المتردي في كل من روسيا ونيجيريا وانخفاض إنتاج الزيت الخام فيهما.

          ويمكن القول أن اعتماد أوبك سقفاً إنتاجياً لمدة 6 شهور يعتبر أسلوباً جديداً في تعاملها مع السوق البترولية. وتبقى هناك حقيقة واضحة هي مدى التزام الدول الأعضاء بالاتفاق الجديد.

          وعلى الرغم من معقولية سقف الإنتاج المحدد بـ 24.5 مليون برميل يومياً، في حين أن المطلوب من أوبك ـ وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة ـ حوالي 26 مليون برميل يومياً للربع الرابع من عام 1993، وبالتالي كان من المتوقع أن ترتفع أسعار البترول، إلاّ أنه وبعد مرور أكثر من شهرين على دخول اتفاق أوبك حيز التنفيذ فإن الأسعار لم تشهد الارتفاع المتوقع، بل اتجهت إلى الانخفاض حتى اقتربت إلى أدنى مستوى لها منذ حرب الخليج في عام 1991، إذ سجل سعر خام القياس برنت تسليم ديسمبر في المعاملات الآجلة في سوق لندن 15.6 دولاراً للبرميل كما سجل متوسط سعر سلة خامات أوبك حوالي 15.05 دولاراً للبرميل، ثم انخفض بعد ذلك إلى 14.4 دولاراً للبرميل.

          وهذا يعني أن أسعار البترول تقل عن مستوياتها الموسمية السنوية بنحو 5 دولارات للبرميل على الأقل.

وفي 23 نوفمبر 1993

عقد وزراء أوبك المؤتمر العادي في فيينا

في ظل ظروف وأوضاع صعبة

وفي ظل سوق للمشترين بالكامل يتصف بوجود فائض يتزايد

وتضارب مصالح المنتجين واختفاء وحدة المواقف بينهم

كما يتصف السوق بتراخي الطلب وضعفه نتيجة لسياسات مدروسة ومخططة من قِبل كبريات الدول الصناعية المستوردة للبترول.

فضلاً عن ضعف معدلات النمو الاقتصادي العالمي.

لذلك واجه المؤتمر مهمة عسيرة لدراسة الحلول الممكنة لتحقيق الاستقرار للأسعار.

وقد أسفر الاجتماع عن استمرار العمل بسقف الإنتاج السابق إقراره في اجتماع سبتمبر 1993  للجنة المراقبة الوزارية لأوبك (وهو 24.5 مليون ب/ى)

          وتجدر الإشارة في هذا الموقف إلى أن تحقيق التوازن في سوق البترول العالمي يتضمن تحقيق توازن دقيق بين الطلب العالمي على البترول وبين معدلات العرض المناسبة، التي لا ينشأ عنها فائض العرض أو عجز الإمدادات. ومسؤولية تحقيق هذا التوازن والاستقرار يستدعي إجراء المزيد من الحوار بين المنتجين (أوبك وأيبك) والمستهلكين لبلوغ هذا الهدف.

          خاصة وأن الدول الصناعية الغربية ومواثيقها وتكتلاتها تشكل تحديات ومحاولات للتقليل من أهمية البترول كمصدر رئيسي للطاقة مما يتطلب من الجميع بذل المزيد من التنسيق والتعاون للحد من تأثير الإجراءات التي تحاول هذه الدول فرضها.

وفي 6 ديسمبر 1993

          صدرت نشرة Petrostrategies أوضحت الدراسة المنشورة بها أن الزيادة في معدلات الإنتاج في كل من دول أوبك والدول خارج أوبك، ادت إلى هبوط حاد في مستوى أسعار الزيت الخام في عام 1993.

حيث انخفض سعر خام برنت في أوائل ديسمبر 1993 إلى   13.8 دولاراً للبرميل

وسعر خام دبي                                              12.1

وسعر سلة خامات أوبك                                     13.3

          كما أدى انهيار أسعار البترول في النصف الثاني من عام 1993 (خاصة الربع الرابع) إلى انخفاض عائدات معظم دول أوبك بنسبة 22.5%.

          بينما كان انخفاض عائدات خمس دول منها (تشمل السعودية) انخفاضاً أكبر من 25% كما أدى تفاقم انهيار عائدات السعودية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار البترول، إلى انخفاض إنتاجها وفقاً للحصة المقررة لها لزيادة حصة إنتاج الكويت.

وتعليقاً على تدني أسعار النفط الخام خلال السنوات 1991 و 1992 و 1993 نذكر أن الأسواق قد شهدت:

تراجع الطلب العالمي على البترول.

وزيادة المعروض من البترول بسبب تجاوزات حصص الإنتاج التي أصبحت نمطاً تاريخياً.

          لذلك سجلت الأسعار أدنى مستوياتها خلال هذه السنوات ليتراوح سعر سلة خدمات أوبك ما بين 14 ـ 15 دولاراً للبرميل.

          وإذا وضعنا في الاعتبار أن تحقيق استقرار الأسعار في السوق العالمي للبترول يتطلب ضرورة التدرج بالسعر ارتفاعاً كي يساير مؤشرات التضخم العالمي والقوة الشرائية للدولار الأمريكي ـ وهو العملة التي يحتسب على أساسها سعر البترول ـ فإن هذه الأسعار المتدنية تقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية.

          وإذا تذكرنا صدمة انهيار الأسعار في يوليه 1986، التي كان وراءها سياسة إغراق الأسواق بالصادرات البترولية دون النظر إلى مستويات الأسعار بهدف السيطرة على حصة عادلة من السوق، ودفع المنتجين من خارج أوبك ـ بعد انهيار الأسعار ـ إلى التراجع عن صناعة أصبحت غير مربحة لهم.

          فقد كان من المحتم ـ بعد هذه التجربة ـ وضع خطة استراتيجية واضحة لأوبك ولكن على العكس من ذلك، فإن أعضاء أوبك لا يزالون يمارسون سياسة إغراق الأسواق. بل إن مبدأ الدفاع عن حصة عادلة أصبح سياسة لكل دولة عضو في أوبك للدفاع عن مصالحها الفردية دون النظر إلى المصالح المشتركة.

          وإذا كانت أوبك تهدف إلى زيادة عائداتها لتمويل خططها الطموحة لرفع طاقات الإنتاج مستقبلاً، فإن ذلك لم يتحقق في الواقع العملي، بسبب تذبذب إنتاج الدول خارج أوبك إنتاجاً وتصديراً، وبسبب تعدد سياسات الدول المستهلكة استيراداً وترشيداً.

          فقد ارتفعت صادرات دول أوبك البترولية خلال الفترة من 1985 ـ 1992 إلى أكثر من الضعف، بينما لم تحقق عائداتها سوى زيادات ضئيلة. فقد ارتفعت صادرات اوبك من 10.9 مليون برميل يومياً في عام 1985 إلى نحو 24.5 مليون برميل يومياً، في الوقت الذي تحركت فيه عائداتها من 130 بليون دولار إلى 144 بليون دولار فقط خلال عام 1992.

          ومع الأخذ في الاعتبار عوامل التضخم وتراجع القوة الشرائية لهذه العائدات ـ كما سبق القول ـ فإن ذلك يعني أنها سجلت انخفاضاً بالمعنى الحقيقي.

          هذا في الوقت الذي لم يسجل إنتاج البترول من خارج أوبك سوى انخفاضاً طفيفاً لا يكاد يتعدى نصف مليون برميل يومياً خلال الفترة من 1985/ 1991. ويرجع هذا الانخفاض بصفة أساسية إلى تراجع صادرات دول الاتحاد السوفيتي (سابقاً).

          علماً بأن توالي انخفاض أسعار النفط الخام يدفع الدول الصناعية المستهلكة للبترول إلى الإفادة عن طريق فرض الضرائب بكافة أشكالها على استهلاك المنتجات البترولية، حتى أصبح ما يؤول إليها يفوق أربعة أمثال ما يعود على الدول المصدرة للبترول.

          وتنحصر النتائج في تدهور أسعار البترول، واستنزاف الثروات، وانخفاض العائدات واختلال موازين المدفوعات وتراكم الديون على عديد من دول الأوبك، وامتداد هذا الأثر إلى الدول الأخرى المصدرة للبترول خارج أوبك.

          أما الدول الصناعية المستهلكة للبترول، التي تمتلئ خزائنها بالأموال ويتزايد مخزونها الاحتياطي الاستراتيجي بالبترول، فسوف يصيبها الضرر أيضاً لانخفاض صادراتها من السلع والأسلحة للدول المنتجة، ولن تجد على المدى الطويل ـ مهما قصر أو طال ـ إلاّ إحتياطيات الدول الرئيسية المصدرة خاصة دول الخليج العربي، التي لم يتوفر لديها استثمارات كافية للإنتاج بسبب سياسات الدول الصناعية المستهلكة.

          تنفيذاً لإجراء المزيد من الحوار بين المنتجين (أوبك وأيبك) من ناحية، وبينهم وبين المستهلكين من ناحية أخرى، فقد حدث في عام 1993 اجتماعان آخران.

          ذكرنا ضمن أحداث 1992، أنه في 23 أبريل 1992 عُقد اجتماع مشترك بين منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) لإعداد تصور تقدمه الدول المصدرة للبترول في قمة الأرض عن البيئة والتنمية الذي تنظمه الأمم المتحدة في البرازيل في شهر يونيه 1992.

          وفي 13 أبريل 1993 (انظر ملحق البيان الصحفي الصادر عن الاجتماع الوزاري المشترك أيبك / أوبك، مسقط، عُمان، 13 أبريل 1993) ـ بعد عام واحد من الاجتماع السابق ـ وبدعوة من وزير النفط والمعادن بسلطنة عمان، تم عقد مؤتمر وزاري حضره وزراء دول أوبك OPEC الاثنا عشر ووزراء عدد من الدول المستقلة المصدرة للبترول أيبك IPEC في مدينة مسقط بعمان.

          بلغ عدد الوزراء المشاركين في هذا المؤتمر 25 وزيراً للبترول من الدول الأعضاء في منظمة أوبك هم: وزراء الجزائر ـ الجابون ـ أندونيسيا ـ إيران ـ العراق ـ الكويت ـ ليبيا ـ نيجيريا ـ قطر ـ السعودية ـ الإمارات ـ فنزويلا.

          ومن مجموعة أيبك: وزراء أنجولا ـ البحرين ـ بروناي ـ الصين ـ كولومبيا ـ مصر ـ كازاخستان ـ ماليزيا ـ المكسيك ـ النرويج ـ روسيا ـ تكساس ـ اليمن.

كما شارك في هذا المؤتمر سكرتير عام أوبك وسكرتير عام مجلس التعاون الخليجي.

وقد سبق عقد هذا المؤتمر بين أوبك وأيبك، اجتماعان:

الأول:   لخبراء مجموعة دول أيبك في لندن في 18 فبراير 1993.

والثاني: لخبراء مجموعة دول أيبك مع السكرتارية العامة لمنظمة أوبك في فيينا في 19 فبراير 1993.

حيث تم اقتراح جدول أعمال للمؤتمر الوزاري، تناول الموضوعات الرئيسية التي يناقشها المؤتمر في عمان في 13 أبريل 1993، وهي:

1. توقعات سوق البترول العالمية

دارت المناقشات حول توقعات الطلب العالمي على البترول حتى عام 2000 (وفقاً لأسس إقليمية)، وكذلك توقعات العرض العالمي للبترول حتى تلك الفترة.

ونصيب كل من أوبك وأيبك في إجمالي العرض العالمي للبترول، والطاقات الإنتاجية في كل منهما في الحاضر والمستقبل.

والاستثمارات المطلوبة لزيادة الطاقات الإنتاجية بحيث يمكن إشباع احتياجات الطلب العالمي في المستقبل.

واحتمالات التنمية في بلاد الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها. وإمكانيات التعاون والتنسيق من أوبك وأيبك في هذه المجالات.

2. قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية

تركزت المناقشة حول قضية "ضريبة الكربون" التي تزمع دول أوربا الغربية فرضها على وارداتها من البترول، وحول "ضريبة الطاقة" التي تزمع الولايات المتحدة الأمريكية فرضها، بحجة ان هذه الضرائب تهدف إلى تقليل ثاني أكسيد الكربون الناتج من عمليات احتراق المواد البترولية، ومواجهة ارتفاع درجات الحرارة في العالم.

كما دارت المناقشات حول أثر فرض هذه الضرائب من جانب أوربا الغربية والولايات المتحدة على حجم واردات هذه الدول من البترول، وبالتالي أثرها على اقتصاديات الدول المصدرة للبترول وعمليات التنمية الاقتصادية فيها.

3. العلاقات الدولية والطاقة

تناولت المناقشات في هذا المجال أثر المتغيرات في العلاقات الدولية وخاصة البترولية منها وأثرها على مستقبل إمدادات الطاقة وتجارتها الدولية.

وفي هذا المجال برز عدد من القضايا منها:

  • ميثاق الطاقة الأوروبي: أهدافه وأثر التطبيق العملي لنصوصه على إمدادات البترول العالمية، والاستثمارات في صناعة البترول، وعلى قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية في الدول المصدرة للبترول.
  • كما برز موضوع التكتلات الدولية الاقتصادية، وأثرها على أوضاع الطاقة والإمدادات والأسعار والاستثمارات وهي:

- السوق الأوربية المشتركة

- واتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة

- والمنطقة التجارية الحرة المقترحة الخاصة بجنوب شرق آسيا.

وبعد انتهاء الجلسات الثلاث للمؤتمر، أصدر بياناً بما استقر عليه الرأي الجماعي بين المشاركين بالنسبة لموضوع ضريبة الكربون وضريبة الطاقة، حيث رفض الوزراء التسليم بفرض هذه الضرائب لما لها من أثر سلبي على الأسعار يجعل من الاستثمار في مجال البترول أو رفع الطاقة الإنتاجية أمراً غير مُجد من الناحية الاقتصادية، لأنه لن يعود على المستثمرين أو المنتجين على حد سواء بالعائد الذي يبرر مثل هذه الاستثمارات، مما سيؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين العرض والطلب.

وأوصى المؤتمر باستمرار الحوار بين المنتجين والمستهلكين مع نبذ أسلوب المواجهة والصدام وأكد على أهمية التنسيق بين سياسات الدول المنتجة، واتخاذ موقف موحد في التفاوض مع الدول المستهلكة بشأن قضايا البيئة باعتبارها ذات صبغة عالمية.

كما أوصى المؤتمر بمتابعة عمليات التنسيق والحوار فيما بينهم بصورة مستمرة حول الشؤون البترولية، وذلك على نفس الأسلوب من الحوار الذي تعمل به الدول الصناعية.

هذا ومن المقرر أن ينبثق عن المؤتمر وعن مجموعتي أوبك وأيبك مجموعة عمل مصغرة تتولى متابعة التوصيات التي صدرت عن المؤتمر في بيانه الختامي وإجراء الحوار المنشود بين المنتجين والمستهلكين.

وفي 22 ديسمبر 1993

          في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، صدر البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي متضمناً استعداد دول المجلس لخفض إنتاجها البترولي بهدف دعم الأسعار إذا وافقت والتزمت جميع الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها على خطط شاملة لتخفيض الإنتاج بشكل متوازن.

          وأشار البيان إلى الجهود التي تبذلها سلطنة عمان في هذا المجال مع الدول المصدرة للبترول غير الأعضاء في أوبك.

وفي 26 ديسمبر 1993

          بعد ختام اجتماعات قمة مجلس التعاون الخليجي بأربعة أيام، قام وزير النفط والمعادن العماني سعيد بن أحمد الشنفري بجولة شملت بعض الدول المنتجة للبترول غير أعضاء في أوبك للدراسة والتنسيق فيما بينها بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للإنتاج للمساعدة في دعم أسعار البترول في السوق العالمي.

          زار الوزير العماني اليمن ومصر وسورية وروسيا والنرويج وبريطانيا وماليزيا وبروناي والمكسيك.

ماذا كانت نتيجة مباحثات الوزير العماني؟

          وافقت كل من اليمن ومصر وسورية على تأييد الجهود التي من شأنها تحقيق السعر المستهدف وتحقيق التوازن في سوق البترول العالمي، بما في ذلك خفض معدلات الإنتاج.

          أما روسيا، فقد أوضحت المصادر الرسمية في موسكو أنه ليس من مصلحة روسيا خفض الإنتاج والصادرات البترولية وهي من أهم مصدر للعملة الأجنبية.

كما رفضت كل من بريطانيا والنرويج رفضاً قاطعاً أي خطوات لتقييد وخفض معدلات الإنتاج.

          نستخلص من نتائج هذه الجولة، أنه لابد من استجلاء النيات الحقيقية لأطراف السوق في العمل جدياً على استقرار السوق وعودة الأسعار إلى مستوى عادل لا يضر اقتصاديات المصدرين أو المستوردين أو الاقتصاد العالمي.

وفي 5 يونيه 1992

          انعقد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة في البرازيل، تحت عنوان "قمة الأرض" وشعار "البيئة واللتنمية"، وذلك في ذكرى الإعلان العالمي، الذي صدر عن المؤتمر الأول للأمم المتحدة للبيئة البشرية، الذي انعقد في مدينة استوكهولم عاصمة السويد في يونيه 1972 وإعلان يوم 5 يونيه "يوماً عالمياً للبيئة".

          ويتركز اهتمام المؤتمر على توقيع اتفاق حول خفض نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون أو على الأقل تثبيت نسبته عند مستوياته في وقت انعقاد المؤتمر حتى عام 2000 ويدعو الدول الصناعية إلى خفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20%، الأمر الذي أدى إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق خفض استهلاك الطاقة بالنسبة ذاتها.

          اتجهت الدول الصناعية المستوردة للبترول إلى فرض "ضريبة الكربون" على المنتجات البترولية بحجة حماية البيئة، بينما كان هدفها الأساسي هو إيجاد الحوافز والاستثمارات اللازمة لتطوير مصادر الطاقة الأخرى ولمنع زيادة الطلب على هذه المنتجات البترولية حتى لا يزداد الطلب على النفط الخام، ويظل سعره منخفضاً.

          وقد حذرت الدول العربية المساهِمة في المؤتمر من استخدام قضايا البيئة في تميز تعسفي من شأنه تقييد التجارة الدولية.

          كما أسقط الموقف العربي الموحد اقتراح فرض ضريبة تصاعدية على استهلاك البترول. ولم يدرج هذا الاقتراح في جدول أعمال المؤتمر، لأن سياسة فرض الضرائب من أجل خفض الاستهلاك ليس أسلوباً فعالاً لخفض الانبعاث الكربوني. فقد تزايدت الضريبة على البرميل الواحد من البترول في دول المجموعة الأوربية من سبعة دولارات في عام 1973 إلى 56 دولاراً في نهاية عام 1991، ومع ذلك فإن نسبة انبعاث الكربون قد ازدادت في الفترة نفسها.

          وكذلك عارضت الصناعات الكبيرة، التي تعتمد على استهلاك مكثف للطاقة، فرض هذه الضريبة حيث أن البترول ليس وحده المسؤول عن تلويث البيئة، بل إن الفحم يسهم بنسبة أعلى في تلويث البيئة. فضلاً عن أن خفض استهلاك الطاقة يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي ويضر باقتصاديات الدول المصدرة للبترول وبالاقتصاد العالمي ككل.

          وسوف نعود إلى مناقشة هذه الضريبة بالتفصيل في خاتمة البحث لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين.

وسوف نتناول ـ بإذن الله تعالى ـ الحديث عن اجتماعين آخرين (فيما بعد) هما:

  • اجتماع مشترك بين مجلس التعاون الخليجي والسوق الأوربية (في 16 مايو 1992) جرى فيه محادثات حول موضوع فرض ضريبة الكربون على صادرات البترول.
  • مؤتمر حوار بين المنتجين والمستهلكين عُقد في النرويج في 2 و 3 يوليه 1992 حيث شارك في المؤتمر وزراء الخارجية ووزراء الخارجية ووزراء البترول في أكثر من عشرين دولة منتجة ومستهلكة للبترول، وناقشوا عديداً من الموضوعات السياسية والاقتصادية المتعلقة بالبترول والطاقة في العالم. ووسائل التعاون بين الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول.




[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).

[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.