إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل السادس

أحداث عام 1994

اتجاهات السوق والأسعار

خلال يومي 25 ـ 26 مارس 1994

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف بسويسرا، حيث أعربت اللجنة عن قلقها من جراء استمرار الضغط على الأسعار والمستوى المتدني الذي ساد السوق منذ اجتماع أوبك الوزاري في نوفمبر 1993، نتيجة لاستمرار الزيادة في إنتاج الزيت الخام من الدول خارج أوبك، وهو ما أدى إلى زيادة تدهور الأسعار. وقد قررت اللجنة الإبقاء على السقف الحالي للإنتاج 24.52 مليون ب/ ي خلال ما تبقى من عام 1994.

          ومن الغريب أن يتزامن موعد انعقاد مؤتمر وزراء أوبك في 25 مارس 1994 مع بدء تنفيذ اتفاقية المناخ، التي أقرها مؤتمر قمة الأرض في ريودي جانيرو.

          وهذه الاتفاقية، التي صدق عليها ستون دولة، ترفع شعار حماية البيئة من أجل خفض الاعتماد على البترول في موازنة الطاقة العالمية، وذلك بزيادة الضرائب المفروضة على استهلاك المنتجات البترولية، ودعم السياسات التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتطوير استخدام الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة البديلة.

          وتعتبر الظروف السائدة في السوق العالمي للبترول في ذلك الوقت مناخاً مناسباً لتحقق هذه الاتفاقية أهدافها. وذلك بعد أن تخلت أوبك عن دعم الأسعار وتنازلت عن السعر الاسترشادي وقررت الاستجابة للمتغيرات في السوق العالمي للبترول. وهذا ما يؤكده قرار وزراء أوبك (في 23 نوفمبر 1993) بمد العمل باتفاق سبتمبر 1993 عند سقف إنتاج 24.52 مليون برميل يومياً، وهو ما قررته أيضاً لجنة المراقبة الوزاريةلأوبك المذكورة .

          وتشير الدراسة التي أعدتها نشرة Petrostrategies إلى انخفاض عائدات دول أوبك البترولية خلال عام 1994 إلى نحو 125 بليون دولار في مقابل 127 مليون دولار في عام 1993 بانخفاض بنسبة 2%، وذلك على الرغم من ثبات معدل صادرات أوبك البترولية خلال عام 1993 عند مستوى 23.1 مليون برميل يومياً.

          ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض متوسط الأسعار الفورية لسلة خامات أوبك من 15.73 دولاراً للبرميل في عام 1993 إلى 15.25 دولاراً للبرميل في عام 1994 بانخفاض بنسبة 3% .

إذا حاولنا تتبع مسار أسعار البترول منذ أزمة الخليج الثانية حتى عام 1994 نجد أنها اتخذت اتجاهاً تنازلياً: فقد انخفض معدل سعر سلة خامات أوبك من 24.8  دولاراً للبرميل في يناير 1991إلى 15.88 مع بداية 1992، 16.33 في 1993 ثم وصل إلى 12.15 يناير 1994.

          وهذا أقل ما حققته الأسعار خلال السنوات الأربع المذكورة واستمر هذا الاتجاه خلال الشهور الستة الأولى من عام 1994، ويعزى الانخفاض في الأسعار إلى ما يلي

  • تراجع الطلب في أوربا واليايان.
  • الانخفاض الحاد في الطلب في دول الكومنولث الروسي.
  • بعض التجاوزات لحصص الإنتاج من قِبل بعض دول أوبك.
  • ارتفاع الإنتاج من خارج أوبك وبصفة خاصة من دول بحر الشمال.
  • تزايد السحب من المخزون الاحتياطي العالمي خلال الربع الأول من عام 1994.

          ومع نهاية النصف الأول من عام 1994 بدأت الأسعار تسجل انتعاشاً ليصل معدل سعر سلة خامات أوبك إلى نحو 18.24 دولاراً للبرميل في أغسطس 1994 ويرجع السبب في ذلك إلى ما يلي:

          أدى انخفاض الأسعار خلال الربع الأول من عام 1994 (12.15 دولاراً للبرميل) إلى ظهور عوامل جديدة أدت إلى تحقيق نوع في التوازن في الأسواق من أهمها:

  • التحول في إدارة المخزون الاحتياطي العالمي من السحب إلى إعادة البناء خلال شهري مايو ويونيه 1994 لاستغلال فرصة انخفاض الأسعار.

فارتفع الطلب العالمي على البترول، وبالتالي ارتفعت الأسعار في يوليه 1994 إلى نحو 16.76 دولاراً للبرميل.

  • وكان حدوث قلاقل سياسية في اليمن والجزائر وكولوميبا واكوادور وأنجولا ونيجيريا سبباً في تقييد الإنتاج في هذه الدول، مما رفع سعر خام غرب تكساس المتوسط إلى 20 دولاراً للبرميل،ورفع سلة خامات أوبك تدريجياً إلى نحو 18.24 دولاراً للبرميل.

          إن تحقيق الاستقرار للأسعار يعتمد على تحقيق التوازن في الأسواق، وهذا أمر مرهون بكيفية أداء دول أوبك وعدم تجاوز الحصص المقررة لها حتى نهاية العام، وعلى الإنتاج من خارج أوبك والعوامل المؤثرة فيه، بالإضافة إلى كيفية إدارة المخزون الاحتياطي في العالم.

في 21 ـ 22 نوفمبر 1994

عقد المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في بالي بأندونيسيا.

وبعد استعراض تقرير سكرتير عام المنظمة وتقرير اللجنة الاقتصادية

ومن أجل العمل على تعزيز الاستقرار في سوق البترول وتحسن الأسعار

قرر المؤتمر الحفاظ على سقف الإنتاج في ذلك الوقت البالغ 24.52 مليون ب/ ي

حتى نهاية عام 1995، وفق الحصص التي تم الاتفاق عليها في سبتمبر 1993.

صعوبات تواجه دول الخليج المصدرة للبترول

          إذا كانت مستويات الأسعار قد تحسنت في النصف الثاني من عام 1994 ـ للأسباب التي ذكرناها ـ في أسواق حوض الأطلسي، فإنها لم تكن بنفس المستوى في أسواق الشرق الأقصى.

          فمنطقة آسيا، التي كانت لفترة طويلة منفذاً لفائض صادرات منطقة الشرق الأوسط من الزيت الخام،وصلت إلى درجة التشبع، وشهدت تنافس المنتجين الخليجيين لحماية حصصهم التصديرية في المنطقة حتى ان شركة أرامكو السعودية بثقلها الكبير قامت بإبرام عقود طويلة الأجل بشروط مرنة.

          وتتناقض سياسة سلطنة عمان مع الأسلوب السعودي، حيث قامت عمان بتشديد شروط عقودها طويلة الأجل بدلاً من تخفيضها. وتحاول عمان تشجيع المشترين على الشراء بموجب عقود طويلة الأجل لكميات تراوح بين 40 ـ 50 ألف برميل يومياً على الأقل.

          وعلى جانب آخر، تركز الكويت على زيادة إنتاج معامل تكريرها حتى تستطيع تحويل الخامات، التي لا تجد طلباً عليها إلى منتجات بترولية، في إطار خطتها لاستعادة حصتها في سوق المنتجات الآسيوية. وتحاول مؤسسة البترول الكويتية في الوقت الذي فشلت فيه التوسع في الهند، زيادة مبيعاتها من المنتجات المتوسطة في أسواق بعيدة تصل حتى شرق أفريقيا.

          وقد أدى اشتداد المنافسة في أسواق آسيا إلى تأثر إيران، إذ يسعى المتعاقدون معها على التخلص من الكميات التي يحصلون عليها بموجب هذه العقود.

وفي أوائل شهر يوليه 1994

          أعلن السيد/ هشام ناظر وزير البترول والثروة المعدنية السعودي زيادة احتياطيات السعودية المؤكدة من الزيت الخام إلى 260 بليون برميل، والغاز الطبيعي إلى 182 تريليون قدم مكعب.

          وأكد الوزير السعودي أن بلاده تضيف احتياطيات كل عام أكثر مما تنتج. وتعود هذه الزيادة في الاحتياطيات إلى الاكتشافات الجديدة التي تحققت في المنطقة الوسطى والتي لا ترجع أهميتها إلى حجمها أو موقعها فقط، ولكن لكون خاماتها من النوعية الممتازة التي تتراوح درجة جودتها بين 49 ـ 53 درجة وانخفاض محتواها الكبريتي لأقل من 0.6%.

في 16 أبريل 1994

          في مراكش بالمملكة المغربية تم توقيع ممثلي 125 دولة من  دول العالم على الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات). على أن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ اعتباراً من أول يناير 1995 إيذاناً بإنشاء منظمة التجارة العالمية، التي قامت بهدف تحرير التجارة الدولية والخدمات من كافة القيود، وتشجيع استخدام الأحكام التجارية العادلة وتقليص استخدام القرارات التجارية الفردية.

          وكانت جولة أوروجواي للجات قد انتهت بتوقيع ممثلي الدول الأعضاء (117 دولة) في 15 ديسمبر 1993 على إنشاء هذه المنظمة العالمية للتجارة في ظل ما تم الاتفاق عليه في هذه الجولة.

وفيما يتعلق بتأثير اتفاقية الجات على صناعة البترول

          تجدر الإشارة إلى أنها استبعدت صناعة البترول من الخضوع لأحكامها على الرغم من أن تجارة البترول تمثل نسبة كبيرة من حركة التجارة العالمية.

          وهذا يعني أن تجارة البترول سوف تستمر في إطار الإجراءات الحمائية ودون أي معاملة تفضيلية أو الحصول على خفض تجاري، مع استمرار تزايد الأعباء الضريبية على استهلاك البترول من قِبل الدول الصناعية الكبرى.

          وهذا يفسر لنا هدف استبعاد البترول من الخضوع لأحكام اتفاقية الجات، لأن ذلك يخدم مصالح الدول الصناعية المستهلكة للبترول أكثر مما يخدم الدول النامية المصدرة له. وهذه السياسة تؤدي إلى إلحاق الضرر باقتصاديات الدول التي تعتمد تنميتها على البترول، لأن هذا الوضع لن يتيح لها تحقيق الاستفادة المنشودة من تحرير المعاملات التجارية ورفع القيود عنها.

          وفيما يلي بعض التصريحات التي نُشرت في أعقاب التوقيع على الاتفاقيات الجديدة لجولة أوروجواي:

  • الرئيس الأمريكي بيل كلينتون: "الولايات المتحدة ستقود العالم في الاقتصاد بعد أن أصبحت قائدة له على المستوى العسكري".
  • ممثل الهند في مفاوضات جولة أوروجواي: "قدمت أمريكا وأوروبا وثيقة وقَّع عليها العالم الثالث مُكرها".
  • رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:إن الدول النامية حصلت على فتات كعكة أوروجواي".
  • السيد/ عمرو موسى وزير خارجية مصر: اتفاقية الجات ليست في مصلحة الدول النامية أبداً".
  • السفير منير زهران رئيس وفد مصر في مفاوضات جولة أوروجواي: "ميزان المدفوعات للدول النامية سيصاب بالخلل نتيجة زيادة الاستيراد وانكماش الصادرات، والمستفيد الأوحد من هذا هو الدول المتقدمة".
  • الدكتور يحيى بكور مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية: "إن الدول العربية ستتحمل عبئاً يعادل 875 مليون دولار سنوياً من جراء الاتفاقات الجديدة لجولة أوروجواي".

وإذا كانت مكاسب الدول النامية محدودة جداً في هذه الاتفاقات، فما هي أسباب توقيعها عليها؟

          إن 80% من التجارة العالمية تخص الدول الصناعية المتقدمة. ومعنى ذلك أن عدم انضمام الدول النامية لمنظمة التجارة العالمية سيؤدي إلى فقدها التعامل مع 80% من حجم التجارة العالمية.

أما الدول النامية الأعضاء في منظمة الجات فيخصها 12% من التجارة العالمية ومعنى ذلك أن أي دولة لا تنضم إلى المنظمة ستكون شبه منعزلة عن التجارة العالمية، لأنها تفقد التعامل مع 92% منها (80% دول متقدمة + 12% دول نامية).

          كذلك فإن عدم انضمام أي دولة لاتفاقيات جولة أوروجواي يجعلها تفقد العضوية في منظمة التجارة العالمية. ومن ثم لا تستفيد من المزايا الواردة في اتفاقات جولة أوروجواي وأهمها معاملة الدولة الأكثر رعاية، والاستفادة من التخفيضات الجمركية المتبادلة بين الدول الأعضاء.

          بالنسبة للدول العربية، فإن التكامل الاقتصادي يصبح المنفذ المستقبلي الوحيد لها بعد توقيع اتفاقات جولة أوروجواي. ويكفي أن نذكر في هذا الصدد أن حجم التجارة الخارجية للدول العربية يصل إلى حوالي 266 مليار دولار في السنة، ومع ذلك فإن حجم التجارة البينية لا يتجاوز 21 مليار دولار في السنة أي بنسبة أقل من 8%.

          وعلى الدول العربية أن تتذكر أن تكتل اقتصادي عضو في الجات له صوت واحد في اجتماعات ومفاوضات الجات. ومن ذلك مثلاً الجماعة الأوروبية، ودول جنوب شرق آسيا والنافتا (أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم تضم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك).

كيف تواجه الدول العربية الحركة العالمية لعولمة الاقتصاد؟

          ليس أمام الدول العربية إلاَّ أن تسلك أقصر الطرق للاندماج في الاقتصاد العالمي، من خلال تكتلات اقتصادية ومناطق للتجارة الحرة العربية تنساب فيها رؤوس الأموال والاستثمارات والسلع والخدمات بما يؤدي إلى تعظيم التجارة البينية العربية وتحديد الأسلوب الأمثل لتهيئة الظروف المناسبة للاستثمار العربي المشترك بما يضمن توسيع حجم السوق العربية وجعلها أكثر جاذبية للاستثمارات العربية والأجنبية.

          وبما أن المجلس العام بمنظمة التجارة العالمية هو الذي يضطلع بإدارة شؤون ومهام المنظمة، ويتبعه عدة مجالس فرعية أهمها: مجلس التجارة في السلع، ومجلس التجارة للخدمات، ومجلس حقوق الملكية الفكرية... الخ.

          فمن المفيد مناشدة كل من منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول المصدرة للبترول (أوابك) المطالبة بإنشاء مجلس لتجارة البترول ومنتجاته (على غرار المجالس المشار إليها) يتبع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية. ليكون بمثابة إطار يدور في ظله الحوار بين المنتجين والمستهلكين للبترول بصفة دائمة لوضع سياسة عادلة تكفل استقرار السوق العالمي للبترول.

أحداث عام 1995

اتجاهات السوق والأسعار واستمرار الركود في الطلب العالمي

اتسمت أسواق البترول العالمية عام 1995 بعدد من التطورات، التي أثرت على صناعة البترول في الدول العربية، والتي من أهمها:

  • استمرار الركود في الطلب العالمي على البترول العربي من ناحية.
  • الارتفاع في الأسعار الرسمية للبترول في الأسواق العالمية من ناحية أخرى.
  • بالإضافة إلى المؤشرات التي تتوقع استمرار الركود في الطلب لعدة سنوات قادمة.

فللعام الثالث على التوالي لم تتغير كميات الصادرات العربية البترولية إلى الأسواق الدولية. ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين أساسيين:

أولهما: يتمثل في استمرار الارتفاع الكبير في إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة دول بحر الشمال، الأمر الذي لا يتيح فرصة أمام المصدرين العرب بالتوسع في إنتاجهم.

والثاني: يتعلق بالقيود التي تضعها بعض الدول الصناعية الرئيسية على استهلاك البترول عن طريق فرض الضرائب المتزايدة على استخدامه. وهذا يقلل من الطلب عليه إلى مستويات تقل كثيراً عن المستوى الذي يمكن أن تبلغه لو تم تخفيف تلك الضرائب.

وفي يومي 21 و 22 نوفمبر 1995

عقد المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة أوبك في فيينا بالنمسا.

استعرض المؤتمر تقرير سكرتير عام أوبك، وتقرير مجلس الهيئة الاقتصادية، وتقرير لجنة المراقبة الوزارية.

           وفي ضوء فعاليات سوق البترول خلال عام 1995، وتوقعات العرض والطلب اعتباراً من يناير 1996، قرر المؤتمر الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي المتفق عليه وهو 24.52 مليون برميل يومياً حتى نهاية يونيه 1996.

          وقد أعربت الوكالة الدولية للطاقة ـ قبل اجتماع أوبك المذكور عاليه ـ عن عدم تفاؤلها بالنسبة لأوضاع سوق البترول العالمية خلال عام 1996، وخاصة بالنسبة للدول التي تعتمد اعتماداً كبيراً على عائداتها من التصدير.

          وأشارت الوكالة إلى أنه في حالة فشل دول أوبك في الالتزام بسقف الإنتاج في ذلك الوقت والمقدَّر بنحو 24.52 مليون برميل يومياً، فمن المتوقع زيادة إجمالي فائض العرض على الطلب في عام 1996 إلى حوالي مليون برميل يومياً في مقابل 400 ألف ب/ ي في عام 1995.

          شهد عام 1995 ارتفاعاً ملحوظاً في عائدات الدول الأعضاء في منظمة أوبك بالمقارنة بعام 1994 حيث قفزت من 124.9 مليون دولار إلى حوالي 141.4 مليون دولار بزيادة بنسبة 13.2%.

ويرجع ذلك لارتفاع الأسعار فضلاً عن زيادة الصادرات

وقد وصل سعر البرميل عام 1995 إلى نحو 16.38 دولاراً مقابل 13.25 دولار عام 1994.

ارتفاع إنتاج منطقة بحر الشمال عام 1995

          في مناسبة ما سبق ذكره من استمرار الارتفاع الكبير في إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة بحر الشمال بما لا يتيح فرصة أمام المصدرين العرب بالتوسع في إنتاجهم.

          قد يكون من المفيد أن نلقي مزيداً من الضوء على تطور الإنتاج في منطقة بحر الشمال تلعب الدول المنتجة للبترول خارج أوبك دوراً مهماً ومؤثراً في تحقيق استقرار سوق البترول العالمي، وقد تزايد نصيب هذه الدول من الإنتاج العالمي خلال السنوات الخمس الماضية (1991 ـ 1995) حيث وصل إلى حوالي 32.7 مليون برميل يومياً (بما يعادل 48.2% من الإنتاج العالمي) باستثناء دول الاتحاد السوفيتي سابقاً.

          وتجدر الإشارة إلى أن منطقة بحر الشمال تعتبر من أهم مناطق الإنتاج من خارج أوبك: وتضم كل من المملكة المتحدة والدنمارك وهولندا والنرويج التي لها دور بارز في اجتماعات ولقاءات مجموعة الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك).

          وقد حقق إنتاج بحر الشمال في عام 1995 زيادة في إنتاج الزيت الخام بنسبة 4.7% وأكثر من 5% في إنتاج الغاز الطبيعي، حيث سجل إنتاج الزيت الخام حوالي 5.8 مليون برميل يومياً، بما يعادل أكثر من خُمس إنتاج أوبك في عام 1995. بينما يغطي إنتاج الغاز أكثر من ثلث استهلاك أوربا، مما جعل منطقة بحر الشمال تستمر كمركز للعديد من الصناعات البترولية ومحط أنظار الدول الصناعية الكبرى.

          والنرويج تعزز مركزها كأكبر منتج للزيت الخام في بحر الشمال. فقد سجل إنتاجها حوالي 2.9 مليون برميل يومياً (بما يعادل 49.7% من إنتاج المنطقة)، كما حقق إنتاجها من الغاز الطبيعي زيادة بنسبة 3.7% حيث سجل حوالي 27.8 بليون مكعب.

          أما المملكة المتحدة فقد ارتفع إنتاجها من الزيت الخام عام 1995 بحيث وصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً، وإنتاجها من الغاز الطبيعي ارتفع بنسبة 12% ليبلغ حوالي 79 بليون متر مكعب مما جعلها تحتل المركز الأول بين دول بحر الشمال الأربع في إنتاج الغاز لأول مرة.

          وتبذل هولندا جهوداً مكثفة للحفاظ على مستوى إنتاجها من الغاز الطبيعي فقد كانت منذ عام 1993 تعتبر أكبر دول بحر الشمال إنتاجها للغاز. وقد استطاعت بالكاد أن تحافظ على مستوى إنتاجها خلال عام 1995 حيث انخفض بنسبة ضئيلة ليسجل 78.3 بليون متر مكعب. أما إنتاجها من الزيت الخام 75000 برميل يومياً.

هذا بالنسبة لارتفاع إنتاج دول منطقة بحر الشمال حتى عام 1995

          أما بالنسبة للدول المنتجة خارج أوبك ككل، فإن كثيراً من المحللين يعتبرون أن منظمة أوبك كانت ضحية للثورة التكنولوجية.

          كيف يكون ذلك؟ من الحقائق المؤكدة في صناعة البترول تضاعف قدرة الخامات المنتجة من الدول خارج أوبك على المنافسة في الأسواق العالمية خلال السنوات العشر الماضية. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى الثورة التكنولوجية والإدارية في مجالات تحديد احتمالات العثور على البترول، وتكاليف الحفر والاستكشاف والإنتاج في المياه العميقة جداً. هذا بالإضافة إلى تحسين الإنتاجية مع خفض تكاليف الإنتاج من مصادر استخراج البترول غير التقليدية مثل استخراج الخامات الثقيلة جداً، ورمال القار التي يوجد احتياطيات ضخمة جداً منها.

          وحين قامت ثورة الأسعار في منتصف الثمانينات لإبعاد المنتجين الصغار من مجال المنافسة، كانت تكاليف استخراج البترول من خارج أوبك تتراوح بين 6 إلى 20 دولاراً للبرميل في مقابل ما يتراوح بين دولار واحد وستة دولارات للبرميل لخامات دول أوبك.

وبعد مرور عشر سنوات ماذا حدث؟

  • انخفضت تكاليف استخراج البترول في الدول المنتجة خارج أوبك إلى ما يتراوح بين 5 دولارات ـ 10 دولارات. بينما لم يطرأ أي تغيير على تكاليف استخراج برميل البترول داخل دول أوبك.
  • انخفضت تكاليف طرق الاسترجاع المحسن وإنتاج رمال القار مما يتراوح بين 20 ـ 24 دولاراً في منتصف الثمانينات إلى ما يتراوح بين 10 ـ 16 دولاراً للبرميل في عام 1995.
  • مكَّنت التكنولوجيا الحديثة وارتفاع الإنتاجية شركات البترول من خفض التكاليف الإجمالية بمعدل دولار واحد سنوياً لكل برميل مكافئ من البترول منذ بداية التسعينات وحتى الآن.

وهذه بعض الأمثلة التي تؤكد هذه الاتجاهات:

  • انخفاض معدل السنوات التي تستغرقها عمليات تنمية الحقل من نحو 5 ـ 7 سنوات إلى 2 ـ 3 سنوات فقط.
  • في خلال الفترة من 1989 ـ 1995 تضاعف حجم الغاز المكتشف من حفر متر واحد ثلاث مرات، بينما انخفضت تكاليف حفر المتر الواحد بنسبة 20%.

          وكانت نتيجة تطور أساليب الحفر والإنتاج وخفض تكاليف استخراج البترول على هذا النحو، أن ارتفع إنتاج الدول خارج أوبك حتى وصل إلى 50 مليون برميل يومياً. وتراجعت بذلك القدرة التنافسية التي كانت تتمتع بها دول الخليج العربي أعضاء أوبك. وعلى سبيل المثال: فقد سجلت واردات البترول الأمريكية في عام 1995 حوالي 8.8 مليون ب/ ي بلغ نصيب دول أوبك ككل 4.2 مليون ب/ي (كان نصيب الدول العربية أعضاء أوبك نحو 1.8 مليون ب/ي، ونصيب باقي دول أوبك 2.4 مليون ب/ي) بينما سجلت صادرات الدول غير الأعضاء في أوبك نحو 4.6 مليون ب/ي.

          وفي هذا الصدد تشير البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الدول العربية أعضاء أوبك بدأت تفقد الكثير من حصتها لصالح المنتجين خارج أوبك ومنتجي أوبك الآخرين .

          وفي عام 1995 حدثت اجتماعات ومؤتمرات. وعلى الرغم من أنها تتفاوت في الأهمية، إلا أنه من الأفضل ذكرها على أنها مجرد وقائع في سجل صناعة البترول، ولكونها دليلاً على الاهتمام بهذه الصناعة. ولا غرابة في ذلك فقد قِيل إن البترول عصب الحياة منذ اكتشافه إلى ما بعد القرن العشرين بقليل. وسوف يقاسمه هذه الأهمية الغاز الطبيعي في القرن الواحد والعشرين وقد يتفوق عليه.

خلال الفترة من 11 ـ 13 مارس 1995

عُقد المؤتمر التاسع لبترول الشرق الأوسط في مدينة المنامة بالبحرين

وجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يعقد بصفة دورية كل عامين منذ مارس 1979، وتنظمه جمعية مهندسي البترول العالمية وفرعها بالشرق الأوسط.

وقد عقد المؤتمر تحت شعار: "الاستغلال الأمثل للمصادر في ضوء التكاليف المعاصرة".

تناولت جلسات المؤتمر مناقشة ما يقرب من 130 بحثاً فنياً في شأن مجالات الاستكشاف والحفر والإنتاج والخزانات وحماية البيئة والأمن الصناعي وباقي الأنشطة المصاحبة لصناعة البترول. كما خصص المؤتمر حلقة نقاشية لكيفية التكيُّف مع ظروف السوق العالمي في ظل المتغيرات التي يشهدها .

في 19 مايو 1995

          أصدر المؤتمر الأول لوزراء الطاقة الأفارقة في ختام اجتماعاته في تونس بياناً رسمياً، أطلق عليه بيان تونس، حث فيه على تطوير التعاون بين الدول الأفريقية في قطاع الطاقة، وتنفيذ مشروعات وخطط إقليمية لتحقيق التكامل بين الدول التي تتوافر فيها مصادر مختلفة للطاقة.

          وأكدت الوثيقة الرئيسية للمؤتمر ـ التي أعدها بنك التنمية في أفريقيا بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية ـ أن 24 دولة أفريقية تملك احتياطيات من البترول والغاز إلا أن الفوارق بينها شاسعة.

          وأشار إلى أن القارة الأفريقية تمتلك 6% من احتياطيات البترول العالمية، بينما تمتلك منطقة الشرق الأوسط 65%، وأمريكا اللاتينية 13% وأمريكا الشمالية 3%، وآسيا 5%، وأوربا الشرقية (سابقاً) 6%، وأوربا الغربية 2% فقط.

          وذكرت الوثيقة أن الإمكانيات المحدودة لغالبية الدول الأفريقية، وغياب سياسات بترولية مشتركة حالا دون تطوير قطاع الطاقة في أفريقيا، مستندة إلى ضآلة عمليات التنقيب ومحدودية المسح الجيوفيزيائي للقارة مما أدى إلى ضعف اهتمام الشركات البترولية العالمية باستخراج الثروات النفطية الأفريقية.

          أشارت إلى أن منطقة شمال أفريقية ونيجيريا تستأثران بالجانب الأعظم من الاحتياطيات البترولية والغازية في أفريقيا (90% من البترول، 80% من الغاز)

          بالنسبة لحصة أفريقيا من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي فقد قدِّرت بنسبة 7% بالمقارنة بنسبة 31% في منطقة الشرق الأوسط.

          أوضحت الوثيقة أن استهلاك أفريقيا من البترول يمثل 3% فقط من لاستهلاك العالمي، وتستهلك أفريقيا نسبة 30% من إنتاجها البترولي، وتصدِّر الجانب الأكبر خاماً أو مكرراً إلى الدول الصناعية.

          ما يمثل استهلاك الغاز الطبيعي نسبة 1.8% من إجمالي الاستهلاك العالمي، مما يعني وجود اختلال كبير بين الاحتياطيات المتوافرة (7% من الاحتياطي العالمي) ونسبة الاستهلاك (1.8%)، خصوصاُ وأن الجهود التي تبذلها كل من مصر والجزائر للاستفادة من الغاز الطبيعي هي التي أتاحت الوصول إلى النسبة الحالية على ضآلتها.

وطرحت الوثيقة أربع وسائل لتجاوز الوضع الراهن وهي:

  1. حل مشكلة استثمار الإمكانات المتوافرة في القارة.
  2. استخدام الغاز الطبيعي كبديل مستقبلي يهيء لمرحلة انتقالية في سياسات الطاقة.
  3. إنشاء سوق نفطية أفريقية مندمجة.
  4. تنمية الصناعات البتروكيميائية الأفريقية بتكرير المواد الأولية المستخرجة وتصنيعها محلياً .

خلال الفترة 25 ـ 27 سبتمبر 1995

عقدت الدول المنتجة للبترول والدول المستهلكة له اجتماعاً في فنزويلا، وتناولت المحادثات ثلاثة موضوعات رئيسية:

  • صناعة البترول والغاز في العالم وأثرها على النمو الاقتصادي في الدول المنتجة.
  • التكنولوجيا وأثرها على صناعة البترول والبيئة.
  • تكامل العلميات الاستثمارية في الصناعة البترولية.

          وأكدت توصيات المؤتمر على أهمية مواصلة الحوار وحاجة العالم إلى مصادر جديدة للبترول والغاز بما يلبي نمو الطلب عليهما، وتطوير التكنولوجيا بما يعمل على تحسين الإنتاج وتخفيف التلوث.

          وقد أثبتت المناقشات أن الهوة لا زالت كبيرة بين الجانبين وهي تحتاج إلى مزيد من الحوار ليس فقط بين المنتجين والمستهلكين، وإنما أيضاً بين المنتجين أنفسهم لإيجاد ضمانات لاستثماراتهم في مجال البترول، وإيجاد منافذ تسويقية وتحقيق مستويات سعرية عادلة ومعقولة.

          وتجدر الإشارة إلى أهمية التنسيق بين الدول المنتجة خاصة وهي تواجه مشكلة التحيز الضريبي ضد البترول من قِبل الدول المستهلكة الرئيسية للطاقة مع تقلُّب وتدني مستوى الأسعار وتزايد الإمدادات من قِبل الدول المنتجة خارج أوبك دون الوصول إلى صيغة تساعد على خلق الاستعداد والتوازن في السوق البترولية.

خلال الفترة 13 ـ 18 أكتوبر 1995

عَقَدَ مجلس الطاقة العالمي مؤتمره السادس عشر في طوكيو باليابان تحت شعار:

"الطاقة لعالمنا المشترك: ماذا ينتظر منا المستقبل"

          شارك في أعمال هذا المؤتمر حوالي 4 آلاف مشارك يمثلون 84 دولة، بالإضافة إلى 19 مؤسسة وهيئة إقليمية ودولية، والعديد من الشركات البترولية ومنتجي مصادر الطاقة الأخرى المختلفة.

          وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الطاقة العالمي يُعقد بصورة دورية كل ثلاث سنوات، ويتولى متابعة أوضاع الطاقة من خلال لجانه المكلفة بمتابعة ودراسة الموضوعات التي يحددها مجلس الطاقة العالمي بناء على طلب الأعضاء.

          استعرض المؤتمر أكثر من 400 بحث ودراسة تركزت على الطاقة والتنمية الاقتصادية، ومصادر الطاقة المستديمة مستقبلاً وزيادة كفاءة استخدام الطاقة والطاقة لمحيط بيئي أفضل. كما تناولت الدراسات نظرة شمولية لوضع الطاقة العالمية، وتطلعاتها المستقبلية حتى عام 2050، بالإضافة إلى عدد آخر من قضايا البيئة والطاقة.

خلال الفترة من 13 ـ 16 نوفمبر 1995

عقدت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) ندوة حول:

"خطوط الأنابيب لنقل المواد الهيدروكربونية في الدول العربية".

          عالجت الندوة مختلف المواضيع الفنية والاقتصادية المتعلقة بمد الأنابيب على الأراضي البرية وفي المناطق المغمورة، وطرق تشغيلها وصيانتها، والتطورات الفنية في هذه المجالات.

          قدم خبراء يمثلون شركات ومؤسسات عالمية ذات خبرة واسعة في مواضيع الندوة عدداً من الأبحاث الفنية. كما تضمن برنامج الندوة عدداً من الحالات الدراسية قدمها خبراء من الدول الأعضاء المشاركة في الندوة، بهدف تحقيق تبادل الخبرات.

          شارك في الندوة مختصون من: الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الجزائر، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، ليبيا، مصر، واليمن. إضافة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي والشركة العربية للاستثمارات البترولية.

من خلال الأوراق المقدمة والمناقشات التي دارت حولها يمكن استخلاص النتائج التالية:

  • حققت الدول العربية المنتجة للبترول تقدماً كبيراً في مجال مد شبكات أنابيب لنقل الزيت والغاز والمشتقات البترولية عبر أراضيها، كما امتد بعضها إلى الدول المجاورة وإلى دول أوربية.
  • أثبتت الأقطار العربية قدرتها على تشغيل وصيانة خطوط الأنابيب ترقى إلى المستويات العالمية. وقد اكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال، كما تمكنت من تصميم وتنفيذ بعض المشروعات.
  • أبرزت البحوث بعض التكنولوجيات الجديدة التي تساعد على تطوير وصيانة شبكات الأنابيب،.
  • ركزت الأبحاث المقدمة إلى الندوة على أهمية التفتيش على شبكات خطوط الأنابيب، وإجراء الصيانة الدورية عليها، وعدم الإهمال في ذلك تفادياً لحدوث أضرار مادية وبيئية.
  • أتاحت الندوة للمشاركين فرصة تبادل الآراء بصورة مباشرة مع الخبراء الأجانب.




[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).

[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.