إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل السادس

الإجراءات العلاجية الفورية لتدهور أسعار البترول

Falling Oil Prices Prompt Remedial Actions

          منذ أكتوبر 1997 انهارت الأسعار الفورية للزيت الخام بأكثر من 4 دولارات ـ وهو أدنى مستوى لها في 4 سنوات ـ إن زيادات إنتاج الدول خارج أوبك، بالإضافة إلى استئناف العراق تصدير مليون برميل يومياً من الزيت الخام بمقتضى اتفاق النفط مقابل الغذاء، وزيادة سقف إنتاج دول أوبك إلى 27.5 مليون ب/ ي أسفرت عن فائض في العرض.

          إضافة إلى اعتدال طقس فصل الشتاء، ومشاكل تخفيض قيمة العملات النقدية في دول آسيا، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض الطلب على البترول. وقد ظهر جلياً آثار عدم التوازن بين العرض والطلب في جميع أنحاء العالم.

وباستطلاع رأي بعض المسؤولين صرّح بعضهم بما يلي:

المملكة العربية السعودية

          قال وزير النفط السعودي علي النعيمي: إن السعودية سوف تنتج النفط الخام طبقاً لحصتها الجديدة، ولا تنوي إطلاقاً إغراق السوق العالمي للبترول بإنتاجها.

وصرح النعيمي لوكالة رويتر: "إن السعودية لن تنتج من نفطها الخام اكثر من احتياجات السوق. إننا لن نلقي بنفطنا الخام في ناقلات ونبيعه بأسعار مهما كانت".

إيران

          خفَّضت إيران من تقديراتها لعائداتها النفطية للسنة المالية القادمة. وأخطرت برلمانها ان يتوقع عجزاً بالموازنة يتراوح قدره من بليونين إلى 4.5 بليون دولار بسبب تدهور أسعار البترول، وأسعار الصرف السائدة.

الشرق الأقصى

          إن النمو الاقتصادي في دول آسيا في تباطؤ، واستهلاك الطاقة في تناقص، الأمر الذي أدى إلى تقلص الطلب على البترول.

          كما أجرت معامل التكرير في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة تخفيضات في المشتريات البترولية، وقللت من الإنتاج.

          وصرح المسؤولون بوزارة البترول الهندية بأن تقديرات الوزارة لاستيراد مستلزمات الإنتاج البترولية تم تخفيضها بنسبة 13%.

فنزويلا

          صرح الرئيس لويس جيستي Luis Giusti بأن الأزمة الأسيوية كانت سبباً في تخفيض الطلب على البترول بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وكان الشتاء المعتدل ـ الذي لم يحدث طوال 60 عاماً مضت ـ سبباً في تخفيض الطلب على البترول بمقدار 500 ألف برميل يومياً. وأدى ذلك إلى عجز الموازنة لعام 1998 بمقدار 800 مليون دولار، ويترجم ذلك إلى تخفيض الإنتاج بمقدار من 70 ـ 80 ألف برميل يومياً.

          وهذه التخفيضات في الموازنة ما هي إلاَّ جزءاً من سلسلة أوسع من التخفيضات في النفقات التي تُصرف من أجل الحد من التضخم. ومن المتوقع ان يبلغ متوسط سعر بترول فنزويلا 14.20 دولاراً للبرميل في عام 1998 مقارناً بتقدير الحكومة الذي يصل إلى 15.50 دولاراً للبرميل.

          وأوضح Giusti أن انخفاض السعر بدولار واحد يعني خسارة 1.1 بليون دولار في إيرادات الدولة.

منظمة أوبك

          اتفق وزراء أوبك على عقد اجتماع طارئ في فيينا في 26 يناير 1999 لمناقشة أسعار البترول المتدنية وإقرار استراتيجية لوقف هذا التدهور.

رؤية بعيدة النظر The Long View

          وفي تقرير أعده المحلل الاقتصادي Salomon Smith Barney شمل 202 شركة من شركات البترول، استنتج بأن نفقات عمليات استكشاف وإنتاج البترول على النطاق العالمي تزداد بنسبة 10.9% لتصل إلى 93.8 بليون دولار في عام 1998 على الرغم من الأسعار المتدنية للبترول.

          ويقع اختيار شركات البترول على المناطق التي تتيح مجالاً لنشاط المستكشفين مثل غرب أفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي (سابقاً) لتوجيه زيادات هامة من الإنفاق إليها هذا العام بهدف التنقيب عن البترول والغاز.

          وقد صرح بعض المحللين مثل Mark Urness , Geoff Kieburtz بأن خطط الإنفاق، التي تعدها شركات البترول المشار إليها في التقرير المذكور، مبنية بدرجة متزايدة على وجهة نظر بعيدة المدى نحو المستقبل الممتد إلى سنوات عديدة أفضل من التركيز فقط على الأحوال القريبة قصيرة الأجل التي تحد من تصرفاتها.

وقد ورد بمجلة Pipeline المتخصصة في أحوال صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في الخليج، الأخبار التالية التي تتعلق بأزمة أسعار النفط.

ـ تقديرات أسعار النفط الخام Oil Price Forecast

قدرت الإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة US Energy Information Administration

 أسعار النفط الخام بـ 10.75 دولار للبرميل خلال الربع الأول لعام 1999

                       11.73                                 لعام 1999

مقابل                 12.16                                 لعام 1998

وهو أدنى سعر منذ عام 1973

          وأوضحت الإدارة الأمريكية أن أسعار الزيت الخام ستظل منخفضة بسبب عوامل عديدة، منها قدرة أوبك على إقرار مزيد من الانخفاض في مستويات الإنتاج.

ـ  بينما كان المسؤولون في منظمة أوبك يحشدون قواهم لعقد اجتماع استثنائي للقيام بعمل مشترك قبل الاجتماع العادي المقرر عقده في 23 مارس 1999، أوضحت فنزويلا أنه من غير المحتمل عقد هذا الاجتماع الاستثنائي لأن الحكومة الجديدة للبلاد سوف يتم تنصيبها رسمياً في 2 فبراير 1999. وصرَّح مسؤولو وزارة البترول الجديدة أنه لا يمكن إعطاء وعود بإجراء تخفيضات جديدة إلاّ بعد أن تتولى الوزارة الجديدة السلطة رسمياً.

ـ  سجلت شركة البترول والغاز الحكومية بإندونيسيا (Pertamina) خسارة في أرباحها الإجمالية للسنة المالية 1997 ـ 1998 قدرها 238 مليون دولار بنسبة 42% وينسب هذا التدهور الحاد في أرباح الشركة إلى هبوط سعر صرف وحدة النقد الرسمية الروبية في مواجهة الدولار منذ منتصف عام 1997 عندما وقعت الأزمة المالية في إندونيسيا، وإلى تدهور الموارد المالية في السوق بصفة عامة بسبب انخفاض أسعار البترول الخام.

          كذلك نعرض فيما يلي بعض البرقيات الواردة بشأن تأثُّر إيرادات بعض شركات البترول العالمية بتدهور أسعار البترول الخام.

فيما يلي بيان بتطور الأسعار العالمية للبترول الخام بالنسبة للعربي الخفيف عام 1998 (مقارنة بعام 1997) 

1998 (العربي الخفيف Arabian light)                   1997

يناير      13.99  دولاراً للبرميل                          22.66

فبراير    12.80                                           20.03

مارس    11.44                                           19.11

أبريل    12.20                                            17.77

مايو     12.68                                            19.13

يونيه    11.91                                            17.95

يوليه    11.84                                            17.74

أغسطس12.73                                            17.88

سبتمبر  14.03                                            17.99

أكتوبر  12.31                                            19.36

نوفمبر  11.63                                            18.81

ديسمبر 9.69                                               16.85

--------------------------------------------------------------------

      1998  العرض والطلب العالميان للبترول           1997

العرض75.21 مليون برميل يومياً                          75.83

الطلب  72.25                                            74.49

          من الواضح أن زيادة العرض عن الطلب في 1998 أكبر منها في عام 1997 مما أدى إلى إغراق السوق العالمي للبترول وأدى بدوره إلى تدهور الأسعار.

فورت ويرث، تكساس ـ (برقية تجارية) ـ 25 يناير 1999 

Fort Worth, Texas - (Business Wire) - Jan. 25. 1999:

          أعلنت مجموعة شركات اتحاد الموارد الباسيفيكي المتحدة Union Pacific Resources Group ـ اليوم ـ أن انهيار أسعار البترول خلال عام 1998 أسفر عن خسائر في هذا العام بلغت 899 مليون دولار بالرغم من زيادة الإنتاج بنسبة 53%.

          ذلك بسبب هبوط أسعار البترول الخام إلى 10.48 دولاراً للبرميل بنسبة 43% في مقابل 18.36 دولاراً للبرميل عام 1997.

          ومن أجل تعويض هذه الخسائر تركز الشركة نشاطاتها على تنفيذ استراتيجيتين، حتى ولو كانت في مجال يسود فيه انخفاض الأسعار:

ـ  تطوير فرص اكتشاف الغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية.

ـ  وزيادة المساهمة في أسهمها الجديدة في أمريكا اللاتينية، عن طريق الاستثمار العاجل في حفر الآبار.

ـ  وقد قامت الشركة خلال السنوات الثلاث الماضية بإجراء مسح لاكتشاف مشروعات ذات عائد مرتفع، وهي بذلك تحقق ارتفاع مستوى إنتاجها، حتى في ظل أسعار الوقت الحاضر المنخفضة.

          وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشركة Union Pacific Resources Group Inc تعتبر واحدة من أكبر الشركات المستقلة لاكتشاف وإنتاج البترول والغاز في الولايات المتحدة.

شركة كونوكو تواجه حياة صعبة بسبب انهيار أسعار البترول

Conoco Finds Life tough due to price fall

نيويورك ـ 27 يناير 1999 (وكالة رويتر للأنباء)

(NEW YORK, Jan 27. 1999 (Reuters

          أفادت شركة كونوكو أن مقدار خسائر الربع الرابع من عام 1998 بلغ 263 مليون دولار بسبب انخفاض الطلب على البترول والطقس الدافئ، الأمر الذي أدى إلى تدهور أسعار البترول.

          وقد صرَّح Archie Dunham رئيس الشركة وكبير مديريها التنفيذيين:

"أن تأثير هذه الأسعار المتدنية ـ التي لم تحدث منذ 25 سنة ـ والطقس الدافئ وضعف الطلب العالمي على البترول مجتمعة كان لها وقْع ضخم على صناعة البترول العالمية في عام 1998. حيث وصل سعر البترول إلى 10.99 دولاراً للبرميل".

          كما انخفض مقدار دخل الشركة إلى 450 مليون دولار بعد أن كان 1.029 بليون دولار، بخسارة تبلغ 579 مليون دولار.

          وعلى الرغم من أقسى الظروف التي واجهتها صناعة البترول منذ السبعينات، التي لم تبين أي مؤشرات على انخفاض أسعار البترول بحيث ظلت أسعار خام برنت غرب تكساس المتوسط محبوسة تحت 13 دولاراً للبرميل، بعد أن تراوحت أسعارها بين 17 ـ 21 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر قبل عام 1998، فقد كان Dunham رئيس شركة كونوكو يشعر بالتفاؤل.

لذلك قال معبراً عن مشاعره:

"وعلى الرغم من هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، تحركت الشركة ـ في نضال وكفاح ـ قُدُماً إلى الأمام نحو تحقيق أهدافها التنموية على المدى الطويل".

نيويورك، 27 يناير 1999 (وكالات رويتر للأنباء)

NEW YORK, Jan. 27 (Reuters)

          شركة تكساكو Texaco Inc ـ رابع أكبر شركات البترول في الولايات المتحدة الأمريكية ـ أفادت بأن نجاحها في الحفاظ على إيرادات أسهمها المالية، في هذا المجال الذي يسود فيه تقهقر أسعار البترول، يعتبر عملاً عظيماً.

          كما صرحت بأنه من غير المرغوب فيه وضع تقديرات إنتاج البترول لأجل طويل بسبب تذبذب أسعار البترول وسرعة تأثرها. وقد اعتبرت تكساكو أن انخفاض أسعار البترول الخام بنسبة 40% في عام 1998 مسؤولاٍ عن النتائج المُحبطة التي أسفر عنها الربع الرابع من العام المذكور.

          ولا يزال سعر خام غرب تكساس المتوسط West Texas Intermediate crude oil أقل من 13 دولار للبرميل، وهو أقل بكثير عن السعر الذي كان يتراوح بين 17 ـ 21 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر السابقة على عام 1998.

          وقالت تكساكو إن الإنتاج في عام 1999 سوف ينخفض بمقدار 1% إلى 2% عما كان عليه في عام 1998.

          وقد أفادت Elizabeth Smith ـ نائب رئيس علاقات المستثمرين وخدمات حاملي الأسهم ـ أمام مؤتمر للمحللين، بأن الشركة لديها أربعة أو خمسة مشروعات داخلية للإنتاج يعتمد تنفيذها على تطور أسعار البترول وعلى المدى الذي يصل إليه.

إندماجات بين شركات البترول الكبرى في ظل تدني الأسعار

          سبق القول إن بعض شركات البترول الكبرى قد أصدرت نشرات في يناير 1999 لبيان موقفها في ظل انهيار أسعار البترول، الذي أسفر عن خسائر فادحة لها خلال عام 1998. وكان من أثر ذلك حدوث إندماجات بين هذه الشركات ـ بداية من أغسطس 1998 ـ باندماج شركتي أموكو الأمريكية وبريتش بتروليم البريطانية في صفقة مقدارها 53 بليون دولار، أعقبها بعد ثلاثة أشهر اندماج شركتي إكسون وموبيل في صفقة قيمتها 80 بليون دولار، ثم الإعلان عن اندماج شركتي توتال الفرنسية وبتروفينا البلجيكية في صفقة قيمتها أكثر من 50 بليون دولار.

          وتهدف هذه الإندماجات بصفة رئيسية إلى تقليل تكاليف الإنتاج والنفقات، فضلاً عن تفادي منافسة طاحنة في الأسواق، واقتسام المصادر البترولية الجديدة خاصة في بحر قزوين، التي تعتبر من المناطق البترولية الغنية ذات الاحتمالات البترولية الضخمة والتي لم تُستغل بعد الاستغلال الأمثل.

          وتضم منطقة بحر قزوين كل من كازاخستان وتركمانستان وإيران وروسيا. وهي تعد ثاني أكبر مصدر للطاقة في العالم بعد الخليج العربي. وقد تم التعاقد مع 20 شركة بترول عالمية باستثمارات قيمتها حوالي 30 مليار دولار. وتحقق بالفعل العديد من الاكتشافات البترولية، ومن المتوقع ان يصل الإنتاج منها إلى حوالي 65 مليون طن بترول في عام 2005.

          وسوف تؤدي هذه الإندماجات أيضاً إلى إعطاء هذه الكيانات البترولية الضخمة وحكوماتها دوراً هاماً في سوق البترول العالمي، وفي المفاوضات مع الدول المنتجة للبترول وفرض مزيد من السيطرة على صناعة البترول العالمية في جميع مراحلها.

          وتجدر الإشارة إلى أن صفقة الإندماجات المشار إليها تطرح واقعاً جديداً في خريطة النفط لفترة طويلة قادمة. وتفتح الباب أمام منافسة الشركات النفطية المملوكة لدول أوبك من حيث الاحتياطي. وتعتبر صفقة إندماج إكسون وموبيل أحدث إندماج في صناعة النفط، التي تكافح لمواجهة هبوط أسعار النفط التي هوت إلى أدنى مستوى لها خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية إلى جانب ارتفاع التكلفة.

وفي مناسبة إندماجات بعض شركات البترول العالمية، ظهرت في العالم العربي دعوتان:

الأولى:  تدعو منظمة أوبك الدول أعضاءها إلى تنفيذ عمليات إدماج بين شركات البترول الوطنية وفقاً لمفاوضات بين الدول المتقاربة، الأمر الذي يضاعف من قوتها في وضع استراتيجية تواجه بها هذه التكتلات البترولية الضخمة، التي أعادت إلى الأذهان الشقيقات السبع الاحتكارية، التي هيمنت على صناعة البترول ردحاً طويلاً من الزمن حتى أواخر الخمسينات وبعد ذلك أيضاً.

الثانية:  أشار المراقبون الماليون إلى أهمية قيام البنوك العربية بالاندماج فيما بينها من أجل تدعيم مركزها المالي في الاقتصاد العالمي الذي يئن من الأزمات المتكررة. خاصة وأن انخفاض أسعار البترول الحاد، الذي تشهده الأسواق البترولية قد ألقى بظلاله القاتمة على اقتصاديات الدول المنتجة، التي تشهد بطءا في النمو الاقتصادي الناجم عن تدهور عائداتها البترولية.

          جدير بالذكر أن إمكانية اندماج البنوك العربية يصطدم بالكثير من العوائق والصعوبات أهمها الظروف والعلاقات السياسية التي تلعب دوراً هاماً في نجاح أية تكتلات أو اندماجات اقتصادية عربية، إضافة إلى افتقارها للشفافية وانغلاق الأسواق المالية العربية نسبياً.

          ولكن يجب ألاّ تقف هذه الصعوبات حجر عثرة في وجه المحاولات الجادة في هذا الاتجاه. فإن اندماج البنوك العربية يعني مزيداً من رأس المال اللازم لتمويل المشروعات الكبرى وخاصة البترولية في ظل انكماش الاستثمارات العالمية.

          وعلى جانب آخر يبدو واضحاً أن قضية أسعار البترول وانهيارها تتعرض لضغوط سياسية أكثر من ارتباطها بمؤثرات العرض والطلب العالميين.

          يؤكد ذلك ما أعلنه وزير الطاقة الأمريكي ريتشاردسون على أهمية عدم تدخل الدول المنتجة الكبرى داخل أوبك وخارجها سياسياً لرفع أسعار البترول مشيراً إلى أن بلاده تفضِّل ترك مثل هذا الأمر لأدوات السوق نفسها.

          كذلك عندما شهد المؤتمر الدولي السادس للطاقة ـ الذي عُقد في كيب تون بجنوب أفريقيا في نوفمبر 1998 ـ اجتماعات غير رسمية بين وزراء البترول في الدول الأعضاء في منظمة أوبك، الذين حضروا المؤتمر وهم: وزراء السعودية والإمارات وليبيا والجزائر وقطر وفنزويلا بالإضافة إلى دكتور لقمان سكرتير عام أوبك، وحضرها أيضاً وزراء من الدول خارج أوبك من المكسيك ومصر. وقد أشار دكتور لقمان إلى أن فكرة التعاون بين المنتجين في أوبك وخارجها ليست جديدة. وتسعى أوبك إلى تعزيزها دون إضفاء الصفة الرسمية عليها، وذلك من أجل الحد من الانهيار الذي تشهده مستويات الأسعار والعمل على انتعاشها.

          أسرع مساعد وزير الطاقة الأمريكي عبر كلمة وجهها أمام المؤتمر ـ رداً على الاجتماعات غير الرسمية لوزراء دول أوبك ـ بتأكيد معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الاجتماعات والمطالبات برفع أسعار البترول، وشدَّد على أن الأسواق الحرة هي أفضل وسيلة لإحداث التوازن بين المنتجين والمستهلكين.

          ويجدد هذا القول تأكيد الاعتراض القديم للولايات المتحدة الأمريكية على محاولات أوبك إنعاش الأسواق وأسعار البترول بالتحكم في جانب العرض.

          وكرر مساعد وزير الطاقة الأمريكي معارضة بلاده للاجتماعات متعددة الأطراف التي ترمي إلى التأثير على أسعار البترول ومستويات إنتاجه.

          والحقيقة الواضحة في هذا الصدد، أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن من مصلحتها أن تظل أسعار البترول منخفضة، لدرجة أنها أعلنت صراحة أن هبوط أسعار البترول في الأسواق العالمية أدى إلى جعل البترول المستورد أرخص ثمناً من الخام المنتج محلياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع متوسط واردات الخام الأمريكية في شهر نوفمبر 1998 إلى نحو 8.6 مليون ب/ ي مسجلاً رقماً قياسياً. كما بلغ إجمالي مخزون البترول ـ باستثناء الاحتياطي الاستراتيجي ـ نحو 335 مليون برميل وهو أعلى مستوى لشهر نوفمبر 1998 منذ عام 1994.

          وفي المقابل انخفض إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من الزيت الخام إلى نحو 6.4 مليون ب/ ي وهو أدنى مستوى تحقق منذ عام 1954.

          وليس من العسير ـ بعد ذلك ـ التوصل إلى فَهْم مدى تأثير الضغوط السياسية على أسعار البترول، ومَن الذين يمارسون هذه الضغوط.

          في الوقت الذي ما زالت فيه أنظار العالم بأسره ـ في ترقُّب وقلق ـ تتركز على الاجتماع الوزاري العادي لمنظمة أوبك في 23 مارس 1999، كانت محاولة الاطلاع على عديد من الصحف الخليجية ـ الصادرة خلال الفترة من 1 ـ 17 مارس 1999 ـ والتي لم تخل واحدة منها من مقال أو تعليق أو معلومات عن أخبار أزمة أسعار النفط ولعل اختيار بعض مقتطفات من الأخبار البترولية من هذه الصحف تكشف لنا عن اتجاهات الرأي العام العربي من مواقع الأحداث.




[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).

[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.