إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل الثامن

الفصل الثامن

الغاز الطبيعي

أولاً: تطور اكتشاف الغاز الطبيعي في العالم وأوضاعه

          عرف الإنسان الغاز الطبيعي في عصور ما قبل التاريخ. فكثيراً ما كان هذا الغاز يتصاعد في الهواء من شقوق صغيرة في سطح الأرض، ولكنه لم يعرف قيمته وفوائده. وبتقدم الزمن عرف أن هذا الغاز المتصاعد من باطن الأرض قابل للاشتعال.

          ويحدثنا التاريخ أن أهل الصين كانوا من الأوائل الذين استعملوا الغاز كوقود، منذ عام 940 قبل الميلاد. وتمكنوا من نقل هذا الغاز في أنابيب من البامبو من مصادره الأرضية إلى شاطئ البحر، حيث استخدموا اشتعاله في تبخير ماء البحر للحصول على الملح.

أما عن تاريخ اكتشاف الغاز الطبيعي في العصر الحديث

          فقد بدأ استخدام الغاز الطبيعي كوقود في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1820 ولكنه لم يصبح منافساً قوياً للغازات الأخرى المصنعة من الفحم والبترول إلا في القرن العشرين.

          كما تم حفر أول بئر للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة عام 1821 بجوار فريدونيا بنيويورك، وكانت هذه البئر سطحية، إذ كان عمقها لا يزيد على ثمانية أمتار.

          وفي عام 1826 تم حفر بئر أخرى للغاز الطبيعي على ضفاف بحيرة إيرى ونقل الغاز الطبيعي المتصاعد من هذه البئر بأنابيب من الخشب لمسافة نحو كيلومتر لإضاءة فنار على شاطئ البحر.

كذلك استخدم الغاز الطبيعي عام 1840 بالولايات المتحدة لتبخير مياه البحر للحصول على ملح الطعام.

          وفي عام 1858 قامت بالولايات المتحدة مؤسسة خاصة لتوزيع هذا الغاز على المنازل وعلى بعض المؤسسات التجارية الأخرى.

          وفي عام 1940 حفرت بئر أخرى في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

          وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى لم يشهد العالم الاستفادة من الغاز الطبيعي، الذي كان يحرق بالكامل في مناطق إنتاجه دون الاستفادة منه. ولم يبدأ استخدام الغاز إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك نتيجة لوجوده بكميات ضخمة خاصة في إيطاليا وفرنسا، ووجود احتياطي كبير في كل من بحر الشمال وهولندا وشمال أفريقيا وغيرها من مناطق العالم، مما جعل الاهتمام به يزداد يوماً بعد يوم مسايرة للتطور التكنولوجي المعاصر خاصة في مطلع السبعينات. مما زاد استثمار الغاز بشكل مكثف خاصة في المناطق المنتجة له، واستخدامه في مجال الطاقة بواسطة مد الأنابيب لنقل الغاز عبر شبكات ضخمة واسعة الانتشار الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب عليه في الأسواق العالمية سواء كان ذلك بالقرب من مناطق تجمعه أو عن طريق نقله إلى مناطق أخرى.

          ويعتبر الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة البديلة، الذي أصبح اليوم الوقود المثالي في العالم. وهو مركب كربوني يحتوي على نفس العناصر الرئيسية التي يحتوي عليها البترول، إلا أن مكونات الغاز الطبيعي تختلف من مكان إلى آخر، لدرجة أن هناك مكامن تحتوي على غاز النيتروجين فقط كما هو الحال في "حقل فولجا ـ أورال Volga - Oural" بروسيا الاتحادية. وهذه لا تعد من مكامن الغاز الطبيعي الذي نقصده هنا فهي لا تصلح كوقود لأن غاز النيتروجين غاز خامل غير قابل للاشتعال.

          وأغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي هي سيبيريا الشرقية بالاتحاد السوفيتي سابقاً ومنطقة الشرق الأوسط في إيران والسعودية وقطر وبعض مناطق أمريكا الشمالية. وتمثل هذه المناطق معاً نحو ثلاثة أرباع المخزون العالمي من الغاز الطبيعي.

          ويوجد الغاز الطبيعي عادة في الطبقات المسامية في باطن الأرض. لذلك نجد عمليات الاستكشاف عن هذه الطبقات في كل مكان سواء في الصحراوات أو تحت مياه البحر وفي المستنقعات أو تحت الثلوج في المناطق القطبية كما هو الحال في آلاسكا.

          ويستخرج الغاز الطبيعي إما من حقول غاز لا تحتوي على أي سائل بترولي، أو يتم استخراجه وتجميعه أثناء عملية استخراج البترول من الآبار، ويسمى الغاز في هذه الحالة بالغاز المصاحب للبترول Associated Gas. إذ يتكون البئر من البترول عادة من ثلاثة طبقات: طبقة مياه، يعلوها طبقة بترول، ثم طبقة غاز، الذي يساعد كثيراً في دفع البترول إلى فوهة البئر.

          وفي حالة انخفاض ضغط الغاز داخل البئر يقتضي الأمر زيادة الضغط في البئر عن طريق حقن بئر البترول إما بالغاز الطبيعي في حالة توفره بالقرب من البئر، وإما بالماء في حالة عدم توفر الغاز الطبيعي، وهي عمليات فنية معقدة ومكلِّفة في نفس الوقت.

          وفي هذا الصدد يُذكر أن معظم بترول الشرق الأوسط تقريباً يتدفق بالدفع الذاتي نتيجة لضغط الغز الطبيعي، في حين أن تسعة أعشار آبار الولايات المتحدة الأمريكية، وثلاثة أخماس آبار فنزويلا، ونسبة كبيرة (31%) من آبار الاتحاد السوفيتي سابقاً تعمل بالضخ الصناعي.

          وينتج عن ذلك، أن مقادير البترول القابل للاستخراج Recoverable Oil  تكون أكبر في الشرق الأوسط منها في مناطق العالم الأخرى المنتجة للبترول.

          ولتجميع الغاز المصاحب للبترول توضع تجهيزات على فوهة البئر لانتزاع الغاز المتصاعد مع البترول. ويتم تجميع الغازات من الآبار القريبة بواسطة خطوط أنابيب توصل بين الآبار ومصنع الغاز.

          والغاز الطبيعي النقي لا لون له ولا رائحة، وهو يصلح للاستخدام كوقود بطريقة مباشرة، أي أنه يستعمل كما هو دون معالجة. وعادة ما يضاف إلى هذا الغاز إحدى المواد العضوية ذات الرائحة المميزة حتى يتنبه الناس لأي تسرب يحدث في خطوط الأنابيب التي تنقل هذا الغاز. وذلك كي يصبح استعمال هذا الغاز أكثر أماناً.

استخدامات الغاز الطبيعي

          ويمتاز الغاز الطبيعي بعدة خصائص جعلته يتفوق على النفط في مجال الطاقة. وفي أول الأمر، بدأ يحتل مكانة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا. ونذكر على سبيل المثال: المكانة التي احتلها الغاز في ألمانيا الغربية حيث تحول 7.2 مليون منزل لتغطية احتياجات سكانها من الطاقة إلى الغاز الطبيعي بدلاً من النفط.

ويرجع السبب الرئيسي في ذلك للمميزات التي يتمتع بها الغاز الطبيعي واستعمالاته فيما يلي:

ـ  سهولة استخراجه واستعماله لا يسبب تلوثاً للبيئة.

ـ  لا يسبب الغاز روائح كريهة عند احتراقه، ولا يتخلف عنه مواد سامة.

ـ  يعتبر احتمال الغاز في الانفجار ضعيفاً جداً.

ـ  يعطي الغاز الطبيعي سعرات حرارية أكبر من التي يعطيها النفط عند احتراقه.

ـ  يعتبر نقل الغاز الطبيعي بواسطة الأنابيب أسهل من النفط سواء كان ذلك إلى معامل تسييل الغاز أو إلى موانئ التصدير.

ـ  لا يحتوي الغاز الطبيعي على الشوائب مثل الكبريت بكميات كبيرة كالتي توجد مع النفط، مما جعله صالحاً للاستعمال المنزلي واستخدامه في الصناعات البتروكيماوية. وفي صناعات الحديد والصلب والألومنيوم.

ـ  ويرجع استخدام الغاز الطبيعي كوقود لماكينات الاحتراق الداخلي الثابتة، والتي تستخدم في الأعمال الصناعية Gas Engines كمحرك للضواغط والمضخات إلى زمن بعيد.

          فقد استُخدم  ـ منذ الثلاثينات ـ كوقود للسيارات المصممة للعمل بالبنزين في بعض الدول الأوروبية. وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، ثم انتشر استخدامه بصورة كبيرة خلال الحرب العالمية الثانية.

          كما يلاقي استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات أو كوقود ثان أو بديل مع الديزل اهتماماً واسعاً للاستخدام في قوافل السيارات.

          وفي حالة ثنائية الوقود يكون لدى السائق مصدرين للوقود، مما يؤدي إلى زيادة مدى السيارة، حيث تعمل بوقود واحد منهما فقط، ويمكن التحويل من أحدهما للآخر أثناء سير السيارة أو أثناء التوقف.

          ولا توجد حالياً حدود لاستخدام الغاز الطبيعي، فهو يستعمل اليوم في كل مكان وفي مختلف الأغراض. فيستعمل ـ كما ذكرنا ـ في المنازل في عمليات التسخين والتكييف، ويستعمل في الصناعة في توليد الطاقة في كثير من العمليات، ويستعمل أيضاً في محطات القوى لتوليد الكهرباء، كما يستعمل كمادة أولية في تحضير بعض المواد الكيميائية مثل كحول الميثانول (الكحول المثيلي)، وفي تحضير السناج المستخدم في صناعة المطاط. كما يستخدم في الصناعات المتوسطة والصغيرة الملوثة للبيئة مثل مصانع الطوب والمخابز.

          ويستخدم الغاز الطبيعي كذلك في مشروعات إنتاج الأسمدة والأمونيا. حيث يُعتبر غاز الميثان ـ الذي يمثل أعلى نسبة في مكونات الغاز الطبيعي ـ انسب مادة خام لإنتاج الأمونيا. وتعتبر الأمونيا بدورها المادة الرئيسية لإنتاج الأسمدة النيتروجينية.

          وقد بدأت الأقطار العربية الخليجية في تنفيذ العديد من المشروعات لإنتاج الأمونيا بالاعتماد على الغاز الطبيعي، بحيث بلغت الطاقات الإنتاجية في نهاية عام 1979 أكثر من 4 ملايين طن نيتروجين من الأمونيا، وبذلك توفرت الفرصة للأقطار العربية للتوسع في صناعة الأسمدة الآزوتية.

إحتياطيات الغاز الطبيعي على مستوى دول العالم

          في عام 1976 كان الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي 65.8 تريليون متر مكعب

          وفي عام 1983 ارتفع الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي إلى 90.6 تريليون متر مكعب

          أي بزيادة بنسبة 38%، في الوقت الذي زاد فيه استهلاك الغاز بنسبة 16.6% فقط خلال الفترة المذكورة (7سنوات).

          وفي عام 1997 كانت تقديرات احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي 153 تريليون متر مكعب بزيادة قدرها 62.4 تريليون متر مكعب بنسبة 68.8% خلال الفترة من 1983 إلى 1997 (14سنة) مع العلم أن استهلاك الغاز الطبيعي في العالم عام 1996 قد وصل إلى 2.31 تريليون متر مكعب.

احتياطي الغاز الطبيعي على مستوى الدول العربية

          لم يحظ الغاز الطبيعي بأي قدر يذكر من الاهتمام لدى الدول العربية الخليجية حيث كان يتم حرق الغاز الطبيعي المصاحب للنفط الخام لعدم وجود أية سياسات أو جهود كافية للحفاظ عليه في جوف الأرض أو القيام بالاستثمارات الضرورية اللازمة للاستفادة منه.

          إلاَّ أنه في بداية الستينات بدأت حكومات تلك الدول محاولات لاستخدام الغاز الطبيعي المتوفر لديها في تزويد محطات الطاقة الكهربائية ومحطات تكرير وتحلية المياه بالطاقة اللازمة.

          وكذلك بدأت بعض الدول الاستفادة منه في بعض الصناعات مثل صناعة الأسمنت والأسمدة الكيميائية وصناعة التكرير على وجه الخصوص.

          ومنذ حدوث ما يسمى بأزمة الطاقة التي افتعلتها الدول الصناعية على أثر حرب أكتوبر 1973، بدأت الشركات تشارك حكومات الدول العربية الخليجية في توجيه اهتماماً متزايداً باستخدام الغاز الطبيعي. ويرجع اهتمام الشركات إلى تزايد قلق الدول الصناعية الكبرى على مصادر إمدادات البترول الخام في المستقبل، الأمر الذي جعلها تحث الشركات على تسييل الغاز الطبيعي المنتج في الدول العربية الخليجية، وذلك تمهيداً لتصديره إلى الأسواق العالمية.

          وهكذا فإن تزايد اهتمام حكومات الدول العربية الخليجية من ناحية، وتزايد اهتمام شركات البترول ومن ورائها الدول الصناعية المستهلكة للبترول من ناحية أخرى، أدى إلى إقامة مشروعات متعددة أصبح القائم منها بالإضافة إلى تلك التي ما زالت ـ في ذلك الوقت ـ في مرحلة التنفيذ، قادراً على استيعاب معظم الغاز الطبيعي المصاحب الذي كان يتم إنتاجه في دول الخليج العري وقتئذ.

          وبذلك انتقل ضغط شركات البترول ومن ورائها حكومات الدول الصناعية إلى التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي غير المصاحب، وإقامة مشروعات ضخمة لتسييله تمهيداً لتصديره إلى الدول المستهلكة لسد احتياجاتها من الطاقة.

          جدير بالذكر أنه خلال السنوات الأخيرة تم العثور على عدد من الاكتشافات من الغاز الطبيعي غير المصاحب في الدول العربية الخليجية وخاصة في قطر وأبو ظبي. ويمكن اعتبارها من بين حقول العالم العملاقة. وبالنظر لعدم وجود سوق محلية، فقط شكلت هذه الحقول أساساً لمخططات تصدير الغاز الطبيعي المسال.

أما عن تطور تقديرات احتياطيات الغاز الطبيعي على مستوى الدول العربية، يكفي أن نذكر الأرقام التالية:

ـ  في نهاية عام 1973 بلغ الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي في الدول العربية 7977 مليار متر مكعب (بما يعادل حوالي 13.9% من الاحتياطي العالمي).

ـ  وفي عام 1997 وصل إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعـي في الدول العربية 33531 مليار متر مكعب (حوالي 21.9% من الاحتياطي العالمي).

ـ  إن الدول العربية الثلاث التي تمثل المرتبة الأولى في الترتيب العام للاحتياطي العربي من الغاز الطبيعي عام 1997 هي:

قطر 8985 مليار متر مكعب بنسبة 26.8% من إجمالي احتياطيات الدول العربية

الإمارات العربية   6243 مليار متر مكعب بنسبة 18.6% من إجمالي احتياطيات الدول العربية

المملكة العربية السعودية 5777 مليار متر مكعب بنسبة 17.2%

كما تعتبر هذه الدول بهذا الترتيب أكبر دول تمتلك احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران.

ـ  يبلغ نصيب إيران من احتياطي الغاز الطبيعي عام 1997ـ  23000 مليار متر مكعب وهو يمثل نسبة 68.6% من إجمالي احتياطيات الدول العربية

ويذكر أن حوالي نصف الاحتياطي الإيراني المذكـور عبارة عن غاز طبيعي غير مصاحب Non-associated gas أي يأتي من حقول للغاز فقط.

          أما بقية دول الشرق الأوسط، فإن أكثر من نصف احتياطي الغاز فيها غاز مصاحب للبترول.

          وبالتالي فإن إنتاجه يتوقف على إنتاج البترول. أي أن كمية الغاز المتصاعد من الآبار تتوقف على معدل إنتاج البترول. وكلما كان هناك احتمال لانخفاض إنتاج البترول بسبب وفرته في السوق العالمية، فإن إنتاج الغاز المصاحب ينخفض تبعاً لذلك.

          وقد بلغت نسبة احتياطي الغاز الطبيعي في دول أوابك 21% من احتياطي العالم

                                   وفي الدول العربية  21.9%

                                   وفي دول أوبك     42.5%

          أما كومنولث الدول المستقلة (عن الاتحاد السوفيتي سابقاً) فإنها تملك أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، يُقَّدر بـ 56650 مليار متر مكعب عام 1997 بما يعادل 37% من إجمالي احتياطيات دول العالم من الغاز الطبيعي.

إنتاج الغاز الطبيعي العالمي والعربي

          في عام 1973 كان الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي 1108.4 مليون طن معادل للبترول

          وفي عام 1983 وصل الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي إلى 1348.5 مليون طن معادل للبترول.

          ففي خلال العشر سنوات المذكورة زاد الإنتاج بمقدار 240.1 مليون طن معاد للبترول بنسبة 22%.

          وفي عام 1996 ارتفع إنتاج العالم من الغاز الطبيعي إلى 2894 مليار متر مكعب.

أما بالنسبة للدول العربية الخليجية

          ففي عام 1978 بلغ إنتاجها من الغاز الطبيعي 84111 مليون متر مكعب تم حرق 70% منه في الجو.

          وفي عام 1980 زاد الإنتاج من الغاز الطبيعي إلى 94674 مليون متر مكعب تم حرق 61% منه في الجو.

          كما تم إعادة حقن 739 مليون متر مكعب فقط من الغاز الطبيعي في المكامن النفطية للمحافظة على ضغطها ورفع الطاقة الإنتاجية، خاصة في المملكة العربية السعودية والكويت.

          وفي عام 1996 بلغ إنتاج الدول العربية من الغاز الطبيعي 369.7 مليار متر مكعب بما يعادل نسبة 12.8% من إنتاج العالم.

          وقد سبق أن ذكرنا أن حوالي نصف احتياطي دول الشرق الأوسط غاز مصاحب والنصف الآخر غاز غير مصاحب.

          ومن المناسب أن نوضح بأن إنتاج الغاز الطبيعي غير المصاحب يتميز باستقلاله عن إنتاج النفط الخام، الأمر الذي ييسر حسن استغلاله، والتريث في الاستفادة منه بأفضل الطرق المتاحة.

          فإذا لم يكن المردود الاقتصادي والاجتماعي الحالي لاستخدام الغاز الطبيعي غير المصاحب كافياً لتبرير إنتاجه، فليست هناك ضرورة للتسرع في استخدامه.

          وإذا تم وضع التخطيط الاقتصادي لإنتاج هذا الغاز، فسوف تتوفر إمكانية التحكم في تدفقه حسب مقتضيات واحتياجات الصناعات المعتمدة عليه، بعيداً عن سياسة إنتاج النفط الخام التي تطغى عليها اعتبارات دولية وسياسية.

          وبذلك يتسنى وضع الإستراتيجية المثلى التي تتمثل في إسالته بقصد تصديره وفقاً للإمكانيات المتاحة، واستخدام جزءاً منه في المشروعات الصناعية المحلية والمشروعات العربية المشتركة على المستوى القومي.

          وقد اختلفت سياسات الدول العربية الخليجية في كيفية استغلال الغازات الطبيعية، فبعضها يقوم بتسييل جميع مكونات هذه الغازات، بما في بذلك الميثان والإيثان وتصديرها إلى الدول المستهلكة بواسطة ناقلات خاصة، وتوجد هذه المشروعات في دولة الإمارات العربية المتحدة.

          أمّا بقية الدول العربية الخليجية، فقد أقامت مشروعات لاستغلال الغاز المصاحب على أساس فصل غازي الميثان والإيثان لاستخدامهما محلياً في العمليات الصناعية. أما بقية أنواع الغازات في الغاز الطبيعي فيتم فصلها وتسييلها وتصديرها للأسواق العالمية.

تجارة الغاز الطبيعي العالمية حتى عام 2010  

          نظراً للأهمية المتزايدة للغاز الطبيعي كمصدر من مصادر الطاقة الأولية في الوقت الحالي والمستقبل المنظور.

          ونظراً لتزايد استخداماته على المستوى العالمي.

          فمن المتوقع نمو تجارته بصورة ملحوظة في السنوات العشر القادمة.

          وذلك لمزاياه البيئية وأسعاره التنافسية مقارنة بأنواع الوقود الأخرى.

          ويعتبر الغاز الطبيعي المسال هو الاختيار الأمثل للاستفادة من الغاز الطبيعي في الأسواق والمراكز الصناعية الرئيسية.

          وقد تناولت دراسة حديثة أوضاع التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال حتى عام 2010، والدور المستقبلي لمنطقة الشرق الأوسط في جذب النصيب الأكبر من هذه التجارة.

الطلب على الغاز الطبيعي المسال LNG )Liquefied Natural Gases)

من المتوقع زيادة معدلات التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال

إلى حوالي 122.7   بليون متر مكعب عام 2000

وإلى حوالي 155.8 بليون متر مكعب عام 2005

وإلى أكثر من 183 بليون متر مكعب عام 2010

          وذلك في مقابل 92.5 بليون متر مكعب عام 1995 بزيادة بنسبة 98% خلال 15 عاماً.

          ومن المقدر أن تظل دول الشرق الأقصى ومنها اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان تحتل المركز الرئيسي للطلب على الغاز الطبيعي المسال خلال هذه الفترة.

          وتعتبر اليابان من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال على المستوى العالمي حيث يتوقع أن يبلغ إجمالي وارداتها منه بحلول عام 2010 حوالي 80 بليون متر مكعب سنوياً بزيادة بنسبة 36% عن عام 1995.

          وأوضحت الدراسة أن التوسع في استخدام الغاز الطبيعي المسال في مشروعات التنمية في دول كثيرة سيكون من أهم العوامل التي تدعم تجارته العالمية في المدى القريب، وذلك على الرغم من أن إسالة الغاز تستلزم تكلفة عالية.

الطلب على غاز البترول المسال (Liquefied Petroleum Gases (LPG

          أما غاز البترول المسال فمن المتوقع ازدهار تجارته لتصل إلى 69 مليون طن متري عام 2010 في مقابل 45 مليون طن متري عام 1995 بزيادة بنسبة 53%.

          وعلى الرغم من انخفاض واردات اليابان في التجارة العالمية لغاز البترول المسال من نسبة 35% من الإجمالي العالمي عام 1995 إلى نسبة 26% في عام 2010، إلا أنها سوف تظل من أكبر مستوردي غاز البترول المسال خلال الخمسة عشر عاماً القادمة.

          كما يتوقع أيضاً أن ترتفع  واردات الصين من هذا الغاز إلى 10 مليون طن متري سنوياً في عام 2010

وواردات الهند من هذا الغاز  إلى  4  مليون طن متري سنوياً في عام 2010

          من ناحية أخرى، تعد إندونيسيا من أكبر مصدري غاز البترول المسال في المنطقة، بجانب زيادة الاعتماد على الإمدادات من دول المنطقة الشرق الأوسط، والتي يتوقع أن تهيمن على الزيادة في صادرات غاز البترول المسال العالمية لترتفع بحلول عام 2010 إلى 34 مليون طن مقابل 24 مليون طن في عام 1995.

          وتجدر الإشارة إلى أن الطلب على غاز البترول المسال في منطقة أوروبا الغربية سوف يشهد نمواً معتدلاً بحلول عام 2010 ليصل إلى 13 مليون طن سنوياً.

إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من غاز البترول المسال

          تقدير المصادر البترولية إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من غاز البترول المسال (LPG) في عام 1999، بنحو 29 مليون طن ويمثل نسبة 44% من الإنتاج العالمي.

          ويُذكر أن السعودية تأتي في قائمة دول مجلس التعاون الخليجي في إنتاج وتصدير هذا النوع من الغاز المسال، بما يمثل صادراتها منه نسبة 65% من إجمالي صادرات دول المجلس.

          وتبذل أرامكو السعودية كافة الجهود من أجل تطوير وتحديث شبكة الغاز الرئيسية لمواجهة تلبية الطلب المتنامي، الذي ينمو بنسبة 8% سنوياً وتبلغ الميزانية المقررة لمشروع التوسع للشبكة الحالية بنحو 15 بليون ريال سعودي.

          ومن المتوقع أن تستمر صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من غاز البترول المسال في الارتفاع حتى تصل إلى 34 مليون طن في عام 2005 على الرغم من زيادة الاستهلاك المحلي الناتج عن نمو الصناعات البتروكيماوية.