إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / إدارة الأزمات





تصنيف الأزمات
أسباب نشوء الأزمات
مراحل تكوين الأزمات، وتفاعلاتها الداخلية
المبادئ الأساسية لمواجهة الأزمات
المتطلبات الإدارية، اللازمة للتعامل مع الأزمة
تفويض السلطة، في إدارة الأزمات
أساليب التعامل مع الأزمات
الأسلوب العلمي، والمنهج المتكامل لمواجهة الأزمات
إستراتيجيات مواجهة الأزمات وتكتيكاتها
تنظيم مركز إدارة الأزمات
مراحل إدارة الأزمات
القواعد الأساسية لإعداد سيناريو التعامل مع الأزمة
مصفوفة الأزمة
الإجراءات الوقائية من الأزمات




إدارة الأزمات

أنماط الأزمات المحلية وتصنيفها

    تعددت الآراء في تقسيم الأزمات المحلية، إلا أنه يمكن تصنيفها في مجموعات متمايزة(الشكل الرقم 1)، هي:

1. تكرّر الأزمات

    يُعَدُّ التكرر من أهم الأسس في تصنيف الأزمات. وعلى الرغم من أن حدوثها الدوري، يتيح رصد مقدماتها وتجنّبها، فإن أيّ كيان إداري، سواء كان فرداً أو مؤسسة أو دولة، لا يستطيع تلافيها، على ما يملك من أجهزة وقائية. ويمكن تقسيمها إلى:

أ. أزمات دورية متكررة

    لئن سمح تكرر الأزمات بتوقع حدوثها، فإنه لا يتيح التنبؤ تنبؤاً دقيقاً بمداها وحجمها وشدتها واتساع مجالها. وهي تتمثل في الأزمات الاقتصادية، المرتبطة بالدورة الشرائية، والناجمة عن الكساد، والتي قد تنجم، كذلك، عن الانتعاش، نتيجة لخلل في قوى الإنتاج.

    ب. أزمات غير دورية

    وهي تتصف بالعشوائية، ولا يرتبط حدوثها بأسباب دورية؛ ولذلك، يصعب توقّعها. غير أن المتابعة الدقيقة، وملاحظة عوامل نشوئها، يساعدان على تلافيها. وتتمثل في الأزمات الناجمة عن سوء الأحوال الجوية، أو تغير الظروف المناخية، مثل الأمطار والأعاصير.

2. حدَّة الأزمات

    يمكن تقسيم الأزمات، طبقاً لمدى تغلغلها وتمكنها من الكيان، الذي أصابته، إلى نوعَين أساسيَّين، هما:

أ. الأزمات السطحية

وهي أزمات، لا تشكل خطراً؛ إذ إنها تحدث فجأة، وتنقضي بسرعة، وخاصة إذا عولجت أسبابها. وهي تنجم عن الشائعات الكاذبة، مثل الأزمات التموينية المفتعلة.

ب. الأزمات العميقة

وهي الأشد خطراً؛إذ تكون شديدة الضرر والقسوة، لارتباطها ببنية الكيان الذي تعتريه، وقد تدمره، إن أهملت مواجهتها.

3. تأثير الأزمات

    يتفاوت تأثير بتفاوت أسبابها

أ. أزمات محدودة التأثير

وهي وليدة ظروف معينة. ولا يكون لتأثيرها معالم واضحة في الكيان الذي تنتابه؛ ولذلك، فإن مواجهتها تتحقق من خلال تعديل سياساته وأساليب إدارته. وتتمثل في افتقاد سلعة تموينية معينة، مع توافر بدائلها.

ب. أزمات جوهرية

يؤثر هذا النوع من الأزمات تأثيراً واضحاً، مؤكدا،ًفي بنية الكيان الذي يحل به؛ ما ينعكس على أدائه ويفرض قيوداً على حركته، ويساعد على حرمانه حاجاته ومطالبه الأساسية، التي لا يمكنه الاستغناء عنها. ولذلك، فإنه لا يمكن تجاهل هذا النوع من الأزمات، أو إهمال مواجهتها؛ إذ إن استمرارها قد يسفر عن نتائج صعبة، وقد يلد أزمات أشد خطراً وتدميراً. وتتمثل تلك الأزمات في نقص المياه أو الوقود أو الغذاء.

4. شدة الأزمات

    تراوح الأزمات بين نوعَين أساسيَّين من الشدة والضعف، هما:

أ. أزمات عنيفة

وهي بالغة الشدة والعنف، تؤثر في الكيان الإداري، بل تكاد تدمره. ولا سبيل إلى مواجهتها، غير إفقادها للقوة الدافعة، وتفتيتها إلى أجزاء؛ حتى يمكن معالجة كلِّ جزء على حدة. ويتمثل هذا النوع من الأزمات في الإضرابات العمالية، والامتناع عن العمل حتى تُستجاب المطالب؛ ما يسبب خسائر ضخمة.

ب. أزمات خفيفة

    يتمثل هذا النوع في الأزمات الناتجة من حوادث تخريب. وعلى الرغم من أنه قد يبدو عنيفاً، إلاّ أن تأثيره يكون محدوداً، ويسهل معالجته بسرعة، بعد معرفة الأسباب، والكشف الصريح عنها. وقد يُستعان عليه بالشعب، بتحويله من طرف خصم إلى طرف مشارك، وفعال، في علاج الأزمة.

5. مستوى الأزمات

    أ. الأزمات الشاملة

تصيب الدولة، وتؤثر في المجتمع كلَه؛ فهي أزمات شاملة، سواء في أسبابها و نتائجها، وكذلك متطلبات علاجها. ولهذا النوع من الأزمات تداخلات وأبعاد مختلفة التأثير. ويشمل الأزمات المتصلة ببنية الدولة وأدائها الاقتصادي، ونظامها السياسي، أو وضعها الأمني، الداخلي أو الخارجي؛ فضلاً عن سيادتها واستقرارها، السياسي والاجتماعي. وهذه الأزمات، تتطلب مواجهتها جهداً كبيراً، بل تتطلب معونات دعماً خارجياً.

ب. الأزمات الجزئية

تتمثل في أزمات المشروعات أو الوحدات الإنتاجية. وينحصر تأثيرها فيها إلا أنه قد يمتد إلى المشروعات الأخرى المرتبطة بها؛ بل يطاول الدولة برمّتها، إن لم يكن السيطرة عليه. وهذا النوع من الأزمات يتميز بالتنوع والتعدد، طبقاً للكيان الذي قد ينشأ فيه؛ إضافة إلى التأثيرات المتباينة للأزمات، والمتمثلة في عوامل انتشارها وترابطها وتكاملها ونشوئها واختفائها. وفي هذا النوع من الأزمات، يجب تدخّل الدولة، لمواجهة الأزمة واحتوائها، إنْ لم يتمكن الكيان الإداري، الذي تأثر بها، من مواجهتها.

6. أبعاد الأزمات

أ. أزمات عالمية، لها تأثير محلي

غالباً ما تنجح الدول الكبرى في نقل أزماتها إلى الدول التي تدور في فلكها، فيكون تأثير تلك الأزمات فيها أشد خطراً منه في الدولة المركز، فلو ساء محصول القمح الأمريكي، مثلاً، فإن تأثيره لن يقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل سيكون أشد تأثيراً في الدول، التي يعتمد عليه غذاؤها؛ إذ يمكن واشنطن أن تؤمن حاجتها إلى القمح من مخزونها الإستراتيجي، أو أن تستبدل به سلعاً أخرى؛ وهو ما يتعذر على الدول التابعة لها اللجوء إليه. 

    ب. أزمات محلية، لها تأثير خارجي

يتضح مثل هذه الأزمات، كلما كانت الدول النامية مترابطة؛ إذ يمكنها ترابطها وعلاقتها التعاونية من جعل أزماتها تطاول العالم الخارجي، فتدفع الدول الكبرى إلى النهوض بمسؤولياتها تجاه تلك الأزمات. ويتحقق ذلك على مراحل، تتمثل في امتصاص ضغطها واستيعابه؛ ثم إفقادها تأثيرها الذاتي، وتحويله إلى باعث لضغوط أزمة جديدة، يمكن تصديرها إلى الخارج، ويكون ذلك استغلال ضغوط الأزمة الجديدة كرد فعل للتعامل مع الأزمة الأصلية وتحويل مسارها؛ ويلي ذلك المرحلة الأخيرة، وهي جني مكاسب تحويل مسار الأزمة إلى أطراف أخرى، وإجبارها على مواجهتها. ويتمثل ذلك في ما عمدت إليه الدول المنتجة للنفط، من نقل الأزمة النفطية إلى جميع الدول المستهلكة؛ وما بادرت إليه، في الوقت نفسه، الدول الصناعية الكبرى، من نقل عبء تلك الأزمة، مرة أخرى، إلى دول العالم كافة، التي تعتمد على منتجات تلك الدول النفطية.

    ج. أزمات محلية فقط

وهي الأزمات، التي لا يتعدى تأثيرها حدود الدولة، بل يقتصر على قطاع محدود منها؛ ولا يمكن ترحيلها إلى الخارج؛ ولذلك، فهي تعالج في إطار محلي داخلي فقط. ويتمثل ذلك في الأزمة، التي نشأت عن انقطاع خدمات الكهرباء عن معظم مناطق جمهورية مصر العربية، في أحد أيام أبريل 1990، بسبب صاعقة، ضربت خطوط كهرباء الضغط العالي، في أحد المواقع في الوجه القبلي؛ الأمر الذي نحم عنه زيادة التحميل، فجأة، على المحطات الأخرى، فانقطع التيار عن بعضها وأبقى العديد من أنحاء الجمهورية بلا كهرباء. ولقد أسهم ذلك في أزمات محلية للعديد من القطاعات، وخاصة بعض المستشفيات، ووسائل النقل التي تعمل بالكهرباء؛ إلا أنها بقيت محلية فقط، كما اختلفت درجات تأثيرها في القطاعات، الخدمية والإنتاجية.

7. محاور الأزمات

    أ. أزمات مادية

وهي التي يكون تأثيرها ملموساً، مثل: أزمة الغذاء، وأزمة السيولة النقدية، وأزمة البطالة. ويمكن التعامل معها، مادياً وطبيعياً، بطرائق ومناهج مختلفة، ومتعددة. كما يمكن التحقق من مدى نجاح آليات التعامل معها، من خلال النتائج المترتبة على محاولات مواجهتها.

    ب. أزمات معنوية

وهي التي تدور حول محور غير موضوعي، له ارتباط بذاتية الأشخاص المحيطين بها. ويتمثل هذا النوع في أزمات الثقة أو المصداقية، أو أزمات الولاء. ويلاحظ أن محور هذه الأزمات معنوي، شخصي، غير ملموس؛ ولذلك، فإن مواجهتها تتحقق بإدراك مضمونها.

    ج. الأزمات المزدوجة

يتمثل هذا النوع في المشكلات، الدولية والمحلية، مثل أزمات الرهائن، وأزمة الإرهاب أو الاغتراب. وهي ذات جانبَين، أحدهما مادي، ملموس، هو الواقع المادي، الذي أحدثته أو نتجت منه، وهو الأشخاص المختطفون، أو الخسائر والأضرار المادية. والآخر معنوي، يتمثل في ردود الفعل العنيفة، المصاحبة للأعمال الإرهابية، وما تشيعه من عدم الإحساس بالأمن، والخوف من ردود الفعل الانتقامية. وهذا الشكل المزدوج من الأزمات، أصبح هو السائد، في العصر الحالي.

مراحل تكوُّن الأزمات وتفاعلاتها الداخلية

    الأزمة ظاهرة اجتماعية، تتكون خلال مراحل متتابعة، مختلفة، تشهد تفاعلات داخلية، تنبه لبداية تكوُّنها وأطوار النضج المتعاقبة( الشكل الرقم 3). وتمثل متابعة هذه المراحل أهمية خاصة لمتخذ لقرار، الذي يمكنه التنبه لوجودها وظهورها، وتكوُّن العوامل المساعدة على نضجها؛ فيكون أقدر على مواجهتها. وتمر الأزمة، من لحظة نشأتها وحتى اضمحلالها، بخمس مراحل، هي:

1. النشوء

    في هذه المرحلة، يكون هناك إحساس مبهم بوجود شيء غير متوقع، يلوح في الأفق، وينذر بخطر غير محدد المعالم، أو الاتجاه، أو المدى الذي سيصل إليه. ويرجع اتساع نطاق المجهول في الأزمة إلى عدم وجود معلومات كافية عن أسبابها، واحتمالات تطورها، والأضرار التي ستسببها. لذلك، تكون خبرة متخذ القرار وكفاءته، من العوامل المهمة، والأساسية في التعامل معها ومواجهتها، إبّان مرحلتها المتقدمة.

2. النموّ

    تبدأ هذه المرحلة، حينما لا يتنبه متخذ القرار لخطر الأزمة، في مرحلة نشوئها؛ إذ يَطَّرِد نموّها، معتمداً على محفزات ناتجة من الأزمة نفسها، وأخرى خارجية، استقطبتها، وتفاعلت معها؛ ما زادها قدرة على النموّ. وخلال هذه المرحلة، يتعاظم إحساس متخذ القرار وشعوره بوجود الأزمة، فتبدأ المحاولات الجادة لمواجهتها، وإلاّ فإنها ستنعكس، سلباً، خلال هذه المرحلة على الكيان كله، وتتفاقم لتبلغ مرحلتها التالية.

3. النضج

    يدفع الأزمة إلى هذه المرحلة، عدم كفاءة الإدارة وجهلها وتخلفها. فتزداد عوامل تفاقمها، التي تمدّها بالقوة المؤثرة، اللازمة لبلوغها أقصى درجاتها شدة وعنفاً؛ ما يجعل السيطرة عليها أمراً مستحيلاً، إلاّ من خلال مصادمتها صِداماً عنيفاً، قد ينتهي إلى تدمير الكيان أو المشروع، الذي نشأت فيه.

4. الانحسار

وهي المرحلة، التي تصل إليها الأزمة، بعد تحقيق أهدافها خلال الاصطدام العنيف؛ إذ تفقد قدراً كبيراً من قوّتها، فتبدأ بالانحسار. وإنْ فشل الاصطدام في تبديدها أو تقليصها، فقد تتجدد، وتأخذ شكل موجات متلاحقة، تزعزع استقرار الكيان، الذي يدخل مرحلة الانكماش والتقلص، حتى يصل إلى درجة الفناء أو الاختفاء.

5. الاضمحلال

    حينما تفقد الأزمة قوة دفعها، تتلاشى مظاهرها. ويدفع اختفاؤها الكيان، الذي نشأت فيه، إلى إعادة البناء، وعلاج الآثار المترتبة عليها. ويستعيد فاعليته وأداءه، بعد اكتسابه الخبرة والمناعة، في التعامل مع مثل هذه الأزمات، التي ألمت به.

مناهج سَبْر الأزمات

    يُعَدّ السبْر السليم للأزمة، هو المدخل الصحيح لمواجهتها.وهو رهين عدة عوامل، تتمثل في توافر المعرفة والخبرة، ووجود بيانات كاملة، ودقيقة، لدى متخذ القرار. ويتضمن سبْر الأزمة تحديد أسبابها وعوامل نشوئها؛ إضافة إلى التحديد الدقيق لأسلوب معالجتها، وتوقيتها؛ فضلاً عن متطلبات إدارة الأزمة، من معلومات ووسائل اتصال، وإعداد خطط التعامل معها حتى يمكن إيقاف تفاقمها واحتواؤها. وتتمثل مناهج سبْر الأزمات، في الآتي:

1. المنهج التحليلي

    في هذا المنهج، تُسبَر الأزمة، وفقاً للمرحلة التي وصلت إليها، فيحدَّد مظهرها وملامحها والنتائج التي أفرزتها وتأثيرها. وبذلك، يمكن توصيفها، وعرض أبعادها وجوانبها، وتحديد مداها، وأطرافها الفاعلة، وتداعياتها المحتملة.

2. المنهج التاريخي

    يعتمد هذا المنهج على أساس التحليل التاريخي الكامل للأزمة، وكيفية تطورها؛ فهي لا تنشأ فجأة، وليست وليدة اللحظة؛ وإنما نتاج تفاعل أسباب وعوامل، نشأت قبل ظهورها، تاريخياً. وبذلك، يكون التعامل مع الأزمة قائماً على أساس المعرفة الكاملة بماضيها التاريخي وتطورها؛ وردّها إلى أصولها الحقيقية، هو الأساس لطرح وسائل مواجهتها. ووفقاً لهذا المنهج، تُقسم الأزمة إلى مراحل تاريخية محددة، تُسبَر كلُّ منها والعوامل التي أثرت فيها؛ لمعرفة تلك الباعثة لها، والأخرى المساعدة؛ حتى تتضح، في النهاية، الحقائق الكاملة، أمام متخذ القرار.

3. منهج النظُم

    يرى هذا المنهج، أن الأزمة تدور في إطار نظام متكامل، يحتوي على أربعة مكونات أساسية، تتمثل في مدخلاته، التي يعتمد عليها في الأداء الملائم لوظيفته الأساسية. وبتحديد هذه المدخلات، يمكن الوصول إلى بواعث الأزمة، وأماكن القصور والضعف؛ إذ قد يكون نقص هذه المدخلات، أو عدم توافقها، من مسببات الأزمة. كذلك، يجب تحليل نظام تشغيل تلك المدخلات، ومدى توافقها مع مخرجاته؛ وعند وجود خلل في نظام التشغيل نفسه، تفرز الأزمات. ومن قصور نظام التشغيل، يظهر نظام خاص بالأزمة، له نتائج وآثار ومظاهر ملموسة. ولإحكام الرقابة الوقائية على العمليات السابقة، لا بدّ من وجود تغذية مرتدة للنظام التشغيلي، بهدف اكتشاف القصور، كي يمكن التعامل مع الأزمة، في جميع مراحلها، بفاعلية كاملة.

4. المنهج البيئي

    هو يرى أن الأزمة، هي وليدة البيئة التي نشأت منها، وتفاعلت معها؛ ولذلك، يعتمد على تحليل القوى البيئية المؤثرة فيها، والتي تضم عوامل مستقلة، فاعلة، ومؤثرة في نموّها واتجاهها؛ وأخرى تتفاعل معها، وتتأثر بها، وتستجيب لضغوطها. وتحليل محددات تلك العوامل والقيود المفروضة على حركتها واتجاهها، سواء كانت مستقلة أو غير مستقلة ـ يتيح التعامل مع القوى البيئية، والتحكم فيها، والسيطرة عليها، والحد من خطر الأزمة. ويتحقق ذلك، من خلال تصنيف القوى البيئية ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: قوى بيئية، يمكن التحكم فيها، والسيطرة على مسارها واتجاهاتها وقوة عنفها.

المجموعة الثانية: قوى بيئية، لا يمكن التحكم فيها،ولا السيطرة عليها أو على اتجاهاتها.

المجموعة الثالثة: قوى بيئية، لا يمكن التحكم في قوة عنفها؛ وإنما يمكن توجيهها، والسيطرة على اتجاهاتها بقدر معين.

    ومن ثم، يمكن استخدام قوى المجموعَتين: الأولى والثالثة، في التأثير في قوى المجموعة الثانية؛ فيمكن الحدّ من خطر الأزمة.

5. منهج السبْر المستقل للأزمات

    يدرس هذا المنهج كلَّ أزمة على حدة، لكونها حالة مستقلة، تتفرّد بخواص محدَّدة؛ فيَسْبُرها سبْراً متكاملاً، يشمل أسباب نشأتها، والعوامل المؤثرة فيها، والنتائج التي أفرزتها؛ إذ يعمد إلى تحديد الآتي:

أ. حجم الأزمة، الذي وصلت إليه، ونتائجها الملموسة.

ب. المناخ العام، الذي أحاط بها، منذ نشأتها.

ج. العوامل والأسباب الكامنة، التي تمخضت بها، ودوافع نشأتها.

ويحقق هذا المنهج الرؤية الأكثر دقة وشمولية؛ لدراسته العوامل والجوانب والمتغيرات والثوابت، المؤثرة والمتأثرة بالأزمة؛ ما يساعد على تحديد وسائط معالجتها، واتخاذ قرارات أكثر موضوعية، لمواجهة ضغطها، تستند إلى توافر المعلومات وتكاملها أمام متخذ القرار. إلاّ أن هذا المنهج، يصعب تعميم نتائجه على الأزمات كافة؛ نظراً إلى الخصوصية الشديدة لكلٍّ منها.

6. منهج الدراسات المقارنة

    يعمد هذا المنهج إلى المقارنة بين الأزمات، الماضية والحالية؛ فيحدِّد أوجُه اتفاقها واختلافها، ويستنتج وسائل العلاج، التي نجحت سابقاً، أو يستحدث أخرى جديدة. وتكون المقارنة وفقاً لأحد الأسس التالية:

أ. مقارنة زمانية تاريخية.

ب. مقارنة مكانية جغرافية.

ج. مقارنة نشاط الناتج من الأزمة.

د. مقارنة حجم الأزمة.

7. منهج الدراسات المتكاملة

    يمزج هذا المنهج مزجاً كاملاً، بين المناهج السابقة؛ إذ يَسْبُر الأزمة، ويتتبّعها تاريخياً، ويقارنها بالأزمات السابقة، وفقاً لرؤية عميقة لتاريخها، وتحديد أسباب نشوئها، والعوامل الباعثة لها، ومراحل تطورها، والمدى الذي وصلت إليه، والقوى المؤيدة والمعارضة لها. وفي إطار رؤية استشرافية، يمكن تحديد تطوراتها المستقبلية وأخطارها المحتملة، وحجم الخسائر المتوقعة. ويحقق هذا المنهج الأبعاد التالية:

أ. العمق: دراسة التطور التاريخي للأزمة، باستخدام أدوات المنهج التاريخي، في استقرائها وتتبّعها، سواء في إطارها العام الكلي أو الخاص الجزئي.

ب. الشمول: اعتماد أسلوب الدراسات المتكاملة الشاملة، في الاستقراء والتحليل للبيانات والمعلومات كافة، عن العوامل والمسببات والفروض والخيارات المتعلقة بالأزمة.

ج. الاتساق والتوازن: توفير قدرات بحثية، تتيح استخدام أدوات التحليل، الإحصائي والقياسي، بالقدر الذي تتطلبه دراسة الأزمة.