إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / فن رسم الكاريكاتير





نموذج للرسوم الأمريكية الحديثة
بردية من دير المدينة
بردية ترجع إلى عصر الرعامسة
بردية عام 1150 قبل الميلاد
رسم كاريكاتيري، لتوماس ناست
كاريكاتير عن مجلة روز اليوسف (1)
كاريكاتير عن مجلة روز اليوسف (2)
كاريكاتير، لمصطفى حسين (1)
كاريكاتير، لمصطفى حسين (2)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (1)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (2)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (3)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (4)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (5)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (6)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (7)
كاريكاتير، لصلاح جاهين (8)
قطعة من الفخار




الشكل الرقم (13): كاريكاتير، لصلاح جاهين

مقدمة

         الكاريكاتير CARICATURE هو فن، يعتمد على رسوم، تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية، أو خصائص ومميزات شخص أو حيوان أو جسم ما . وغالباً ما يكون التحريف في الملامح الرئيسية للشخص، أو يتم الاستعاضة عن الملامح بأشكال الحيوانات، والطيور، أو عقد مقارنة بأفعال الحيوانات.

         والكاريكاتير اسم مشتق من الكلمة الإيطالية "كاريكير"( Caricare)، التي تعني " يبالغ، أو يحمَّل مالا يطيق " (Overload)، والتي كان موسيني (M0sini) أول من استخدمها، سنة 1646. وفي القرن السابع عشر، كان جيان لورينزو برنيني Gian Lorenzo Bernini، وهو مثّال ورسام كاركاتيري ماهر، أول من قدمها إلى المجتمع الفرنسي، حين ذهب إلى فرنسا، عام 1665.

         وفن الكاريكاتير فن قديم، كان معروفاً عند المصريين القدماء، والآشوريين، واليونانيين. فأقدم صور ومشاهد كاريكاتيرية، حفظها التاريخ، تلك التي حرص المصري القديم على تسجيلها، على قطع من الفخار والأحجار الصلبة، وتشمل رسوماً لحيوانات مختلفة، أُبرزت بشكل ساخر (انظر شكل بردية عام 1150 قبل الميلاد، وشكل قطعة من الفخار، وشكل بردية من دير المدينة، وشكل بردية ترجع إلى عصر الرعامسة)؛ اضطلع برسمها العاملون في تشييد مقابر وادي الملوك، بدير المدينة، في عصور الرعامسة، ويرجع تاريخها إلى عام 1250 قبل الميلاد. ولا تُعرف الغاية، التي توخاها الفنان المصري من هذه الرسومات؛ فلعلها كانت إشارة غير صريحة، إلى العلاقة غير المتوازنة، بين الحاكم والمحكوم، التي كانت سائدة في تلك الفترة، جسّدها النحاتون في أسلوب ساخر، خفي المعنى.

         وجديرُ بالذكر، أن فن الكاريكاتير، كان شائعاً عند اليونانيين، الذين ذكروا أن مصوراً يونانياً، يدعى بوزون، صوّر بعض المشهورين من أهل زمانه، في شكل يدعو إلى السخرية، الأمر الذي أدى إلى عقابه غير مرة، من دون أن يرتدع. وذكر بلنيوس المؤرخ، أن بوبالوس وأتنيس، وهما من أشهر مثّالي اليونان، صنعا تمثالاً للشاعر الدميم ايبوناكس، وكان التمثال أشد دمامة، إلى درجة أنه كان يثير ضحك كل من كان ينظر إليه؛ فاغتاظ الشاعر منهما، وهجاهما بقصيدة لاذعة، لم يحتملاها، فانتحرا.

         وقد ازدهر فن الكاريكاتير في إيطاليا، فأبدع الفنانون الإيطاليون كثيراً من الأعمال الفنية. ومن أشهرهم تيتيانوس (1477-1576)، الذي عمد إلى مسخ بعض الصور القديمة المشهورة، بإعادة تصويرها بأشكال مضحكة.

على أن فن الكاريكاتير الحديث، لم ينشأ إلا في نهاية القرن السادس عشر، على أيدي الإخوة كاراتشي (Carracci)، في مدينة بولونيا، الذين وضعوا أساساً لأسلوب من التصوير، عرف باسمهم، وكثيراً ما كانوا يصورون أصدقاءهم صوراً، تدعو إلى الضحك.

          وفي خلال القرن السادس عشر، لم يكن لهذا الفن أي صبغة سياسية، بل كان معظم فناني الكاريكاتير، يهاجمو البروتستانت، أو الرومان الكاثوليك، خلال الثورة الدينية، التي عرفت بحركة الإصلاح الديني.

          وباستثناء الصور، الموجودة في المعابد المصرية، لا يوجد ما يثبت، أن فن الكاريكاتير السياسي، كان معروفاً قبل أواخر القرن الثامن عشر. ويبدو أن أول من صور صورة كاريكاتيرية سياسية، بالمعنى الصحيح، هو الإنجليزي جورج تونزند، الذي عكف على تصوير الأشخاص، البارزين في ميادين السياسة. وشاع الكاريكاتير السياسي، بعد ذلك، ولاسيما بين الهولنديين، ولعل أول ملك، كان هدفاً لهم، هو لويس الرابع عشر، ملك فرنسا.

          والكاريكاتير في إنجلترا، له تاريخ طويل، كذلك. فيوجد في المتحف البريطاني بلندن، فهرساً للصور الكاريكاتيرية، جمعها رجل، يدعى ستيفنس. وقد ذُكر في هذا الفهرس، جميع الصور، التي كانت معروفة حتى يومه ( عام 1770). ويُفهم من بيانات هذا الفهرس، أن الأسْرة المالكة في إنجلترا ظلت بعيدة عن ريشة المصورين الهزليين، إلى إن جاءت أسرة هانوفر، وبدأ الهجوم على الملوك بالرسوم الهزلية؛ وفي مقدمة الذين هوجموا جورج الأول، مؤسس الأسْرة، الذي كان الهزليون يصورونه صوراً غاية في السخرية. وفعلوا أكثر من ذلك بخَلِفَه، جورج الثاني.

          ولما ارتقى جورج الثالث العرش، كان التصوير الهزلي، قد أصبح فناً معترفاً به. ونبغ، يومئذ، مصور ماهر، هو جورج تونزند، الذي نحا منحى جديداً، هو التصوير على البطاقات وورق اللعب؛ وقد وصفه ستيفنس، بأنه مبتكر فن الرسم الهزلي الحديث. إلا أن هذا الوصف فيه شئ من المبالغة، فإن فضل تونزند ينحصر في إتقانه للفن. والفضل في بعض الصور، التي أشتهر بها، يرجع إلى حماسته السياسية.

          وفي العقد السابع من القرن الثامن عشر، بدأت الجرائد الإنجليزية تنشر الصور والرسوم الهزلية، في موضوعات سياسية واجتماعية. وكانت هذه الصور تتناول أشخاصاً معروفين (من ملوك وساسة)، أو أشخاصاً خياليين؛ وفي الواقع، لم تنشر الجرائد صوراً هزلية، قبل عام 1761. اشتدت الخصومات السياسية على إثر انتشارها.

          وفي نهاية القرن الثامن عشر، وبدايات القرن التاسع عشر، ظهر عدد من رسامي الكاريكاتير البارزين، فقد تألق جورج كروك شانك، وجيمس جيليري، وتوماس رولاندسون، في كثيرٍ من الرسوم الكاريكاتيرية اللاذعة، حول الأمور السياسية والحكومة في إنجلترا.

          ولم يكن للمصورين الهزليين، في فرنسا، قدر من الحرية، التي أتيحت لأقرانهم، في إنجلترا. وكان القانون شديد الوطأة، على الذين يصورون الأشخاص تصويراً، يجعلهم سخرية. ولذلك، قلما وُجد في فرنسا أثر للصور الهزلية، في أوائل القرن الثامن عشر، إلا ما كان منها سياسياً، يتناول أشخاصاً خياليين.

          على أن هذا التشديد، لم يحل دون نبوغ طائفة كبيرة من المصورين، الذين كثرت أعمالهم الهزلية السياسية، ولا سيما أثناء الثورة الفرنسية، وحروب نابليون. وكانت الحكومة الفرنسية، تشجعهم على تصوير أعدائها تصويراً، يدعو إلى تحقيرهم والحط من شأنهم .

          يذكر شانفلوري، في كتابه "تاريخ التصوير الهزلي الحديث"، أن هذا الفن، اتخذ، في فرنسا، على أثر ثورتها، شكلاً أكثر انطباقاً على آداب السياسة والاجتماع، من الشكل الذي كان عليه أثناء تلك الثورة وحروبها. وكان دوميه(Daumier)، في مقدمة مصوري هذا العهد، وقد بلغ بالفن أرقى مستوى. ولم يسلم الملك من ريشته، فقد كان يرمز إليه بصورة حبة كمثرى، لا يراها الناظر إلا ويدرك أنها رأس الملك. وقد اهتم دوميه، بصفة خاصة، بالطبقة الوسطى، الصاعدة في فرنسا، فانتقد أزياءها وذوقها الفني.

          وأتى بعده شارل فيليبون، وكان من رجال الصحافة، ومن أعظم المصورين، في عصره. وقد أنشأ جريدة أطلق عليها "الكاريكاتير"، لم يسلم أحد من عظماء ذلك العصر، من سهامها اللاذعة. وكانت السبب برفع مئات من الدعاوى عليه. ولا شك أن مجموعة الصور الهزلية، التي نشرتها هذه الجريدة، هي أثمن ما كان في نوعها، من الوجهة الفنية.

          كما وضع أساس فن الكاريكاتير، في الولايات المتحدة الأمريكية، رجل من أصل إسكتلندي، يدعى ويليم تشارلس، أرُغم على مغادرة وطنه، والنزوح إلى أمريكا، في أوائل القرن التاسع عشر. وكان أكثر أعماله طعناً في بريطانيا العظمى، وتشهيراً بجون بول.

          وفي عصر الرئيس جاكسون، نبغت طائفة من المصورين الهزليين، ابتدعت أسلوباً جديداً، وهو وضع الكلام المراد النطق به، ضمن دائرة بشكل عقدة الأنشوطة، أو بشكل آخر، متصل بفم الشخص المصوَّر.

          ولعل أعظم المصورين الهزليين، الذين أنجبتهم أمريكا، هو توماس ناست (Thomas Nast). وهو فنان منفرد متميز، أجاد رسم الصور الهزلية الشخصية (انظر شكل رسم كاريكاتيري، لتوماس ناست). كما أبدع كثيراً من الرسوم الرمزية؛ فقد ابتكر حمار الحزب الديموقراطي، ونمر قاعة تاماني، في مقر المؤسسة الديموقراطية، في نيويورك. وكان الرئيس لنكولن، يعدّ أعماله من أعظم عوامل الحرب الأهلية الأمريكية.

          وقد بلغ فن التصوير الهزلي، في أمريكا، في الوقت الحاضر، شأناً عظيماً من الإتقان؛ فقد رصد كثيراً من المتغيرات، التي شهدها العالم المعاصر (انظر شكل نموذج للرسوم الأمريكية الحديثة). وهناك جائزة سنوية، تعرف بجائزة بوليزر (PULIZER PRICE )، تمنح، سنوياً، لمن يبدع أحسن صورة كاريكاتيرية.