إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الفيلم السينمائي




أضواء المدينة
المدرعة بوتمكين
التعصب
تيتانيك
خزانة الدكتور كاليجاري
رحلة إلى القمر





3. السينما في سورية:

كانت حلب أول مدينة سورية تعرف فن السينما، وكان ذلك عام 1908. وبعد أربع سنوات من هذا التاريخ أي عام 1912، قام صاحب مقهى في دمشق بعرض بعض الأفلام السينمائية القصيرة، وفي عام 1916، افتتح الأتراك داراً للسينما سرعان ما شب فيها حريق التهمها بكاملها. وفتحت بعد ذلك دور للسينما خلال الحرب العالمية الأولى. وبعد انتصار الحلفاء في الحرب انقطع ورود الأفلام الألمانية وحلَّت محلها الأفلام الأمريكية والفرنسية أثناء الانتداب الفرنسي. ويعود إنتاج أول فيلم سوري إلى عام 1928، وكان عنوانه "المتهم البريء"، وقد تكللت هذه المحاولة الأولى بالنجاح، وعرض الفيلم في لبنان ونال النجاح نفسه، وهو عبارة عن قصة من قصص المغامرات أنتجته شركة حرمون فيلم. أما الفيلم الثاني فاسمه "تحت سماء دمشق"، وقد عرض عام 1932، ولما كان فيلماً صامتاً، فإنه لم يصمد أمام الفيلم المصري الناطق والغنائي "أنشودة الفؤاد"، وهكذا سقط الفيلم.

وأول فيلم سوري إخباري كان من إنتاج نور الدين الرفاعي، وكان هذا الفنان مصوراً فوتوغرافياً مولعاً بالسينما، فقد سجل الأحداث الوطنية المهمة مثل اجتماعات البرلمان السوري الأول عام 1932، والمظاهرات والإضرابات التي نُظمت ضد سلطات الانتداب الفرنسي. وكان منتجه نور الدين يضطر إلى التوجه إلى بيروت ليحصل على موافقة الرقابة الفرنسية التي كانت تقص أكثر من نصف الفيلم أحياناً، ولكن هذه الرقابة الشديدة لم تفت في عضده، فقد واصل إنتاج هذا النوع من الأفلام حتى قيام الحرب العالمية الثانية، وانقطاع ورود الأفلام الخام.

ومن الأفلام السورية التي أنتجت قبل الحرب العالمية الثانية، "نداء الواجب" إخراج أيوب بدري، الذي أخرج كذلك فيلماً عن ثورات العرب في فلسطين ضد الانتداب البريطاني، كما أخرج فيلماً باسم "الصداقة". وإن كانت هذه المحاولات الأولى لم تنجح، فذلك لأنها لم تقم على أسس علمية وفنية راسخة، هذا بالإضافة إلى أن السلطة الأجنبية الحاكمة لم تكن تشجع هذه المحاولات.

وفي خلال الحرب العالمية الأولى استطاع بعض التجار السوريين تكوين ثروات ضخمة، ولما ترامى إلى سمع أصحاب هذه الثروات أخبار النجاح التجاري الضخم الذي حققه الفيلم المصري بادر بعضهم إلى تكوين شركة أفلام في مدينة حلب، ولكن بدلاً من أن تقوم هذه الشركة بإنتاج أفلام سورية ، اتجهت نحو مصر. غير أن باكورة أفلامها "ليلى العامرية"، إخراج نيازي مصطفي، لم ينجح، وواصلت الشركة نشاطها، ولكن في لبنان هذه المرة، حيث أنشأت استوديو زودته بأحدث المعدات، غير أن هذا الاستوديو ظل مغلقاً من عام 1951 إلى عام 1959 أي حتى إفلاس الشركة السورية، مما يثبت أن المال ليس كل شئ في العمل السينمائي، وهكذا ظلت المحاولات في سورية فردية ومتخلفة. وتمّ إنتاج فيلم "نور الظلام" في هذه الفترة ولكنه لم ينجح تجارياً. كذلك لم يحالف التوفيق فيلمين آخرين هما "عابر سبيل" و"الوادي الأخضر". وقدمت في الفترة نفسها بعض الأفلام التسجيلية عن دمشق واللاذقية، وعدد من الأفلام الروائية مثل لمن تشرق الشمس، وفي الدار غريبة، وقد امتاز الأخير بقصته الجيِّدة وبإخراجه الفني الذي يدل على نضوج مخرجه يوسف فهدة، وقد برهن هذا الجهد المستمر، وهذه المثابرة على أن هناك إرادة عنيدة لخلق سينما وطنية قادرة على إظهار الصفات التي يتحلّى بها سكان هذا الجزء من الوطن العربي، كما برهن على رفض الهزيمة، وهو ما يمتاز به العمل السينمائي السوري.

وفي فترة ما بعد الاستقلال بدأت الدولة تهتم بالسينما، ولكن في حدود ضيقة. فضمَّت الوزارات أقساماً للسينما، وكانت وزارة الزراعة الأولى في هذا المضمار حيث اشترت عام 1946– 1947 وحدة متحركة، وأفلام زراعية، وأخذت تنتج بعض الأفلام المحلية إلا أنها كانت ضعيفة المستوى في غالبيتها. وتلتها وزارة الصحة بإنشائها استوديو، وقسماً للسينما يعمل فيه مصور سينمائي. وتزود منظمة الصحة العالمية هذه الوزارة بالأفلام التي تنشر الوعي الصحي. وفي وزارتي التربية والشؤون الاجتماعية والعمل قسم للسينما، أما وزارة الدفاع فلديها قسم للسينما أنشأته القيادة العليا للجيش عام 1951، وكان هذا القسم يقوم بإنتاج جريدة سينمائية كل نصف شهر توزع نسخها على المدن، ولم يلبث نشاط هذه الجريدة أن امتد إلى العالم الخارجي حيث جرى تبادلها مع غيرها من الجرائد التي من نوعها، ولكن هذا النشاط خبا بعد ذلك ليقتصر على الأخبار الداخلية، وبعد عام 1961، ألحق هذا القسم بإدارة الشؤون والإرشاد، ولعب دوراً مهماً في تطوير صناعة السينما في سورية.

واهتمت وزارة الثقافة والإرشاد بعد إنشائها عام 1958 بتأسيس إدارة للسينما، هدفها نشرة الثقافة السينمائية، وإنشاء مكتبة للأفلام، وإنتاج الأفلام السينمائية. وتعاقدت الوزارة مع خبراء سوريين وأجانب أنتجوا عدداً وفيراً من الأفلام القصيرة عن سورية، وآثارها، وفنونها الشعبية، ونهضتها الاقتصادية، والاجتماعية.

وفي عام 1963 بدأت المؤسسة العامة للسينما السورية تبعث إلى الخارج بعدد من الشباب ليتعلموا الفن السينمائي في أشهر معاهد السينما في العالم. وعاد هؤلاء الشبان من بعثاتهم ليدفعوا الفن السينمائي في بلادهم إلى الأمام، بل ليبدأوا فناً سينمائياً جديداً يختلف عما كان عليه قبل هذا التاريخ.

وبداية من عام 1969، تقرر أن تقوم المؤسسة العامة للسينما السورية دون غيرها باستيراد الأفلام الأجنبية، وأنشأت هذه المؤسسة، لنشر الوعي السينمائي بين الشعب السوري، أندية للسينما في المدن السورية الكبرى. وكان باكورة إنتاج هذه المؤسسة فيلم "سائق الشاحنة"، إلا أن مخرجه كان أجنبياً، فلم يتمكن من إعطائه الطابع المحلي. أما الفيلم الثاني الذي أنتجته هذه المؤسسة فهو "إكليل الشوك"، إخراج نبيل المالح المخرج السوري المعروف، وهو فيلم سياسي يحكي مأساة الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات، وأنتجت المؤسسة بعد ذلك فيلم "كفر قاسم" للمخرج برهان علوية، وهو فيلم سياسي يعرض قضية الشعب الفلسطيني ويصور مذبحة كفر قاسم. وقد فاز هذا الفيلم بالجائزة الذهبية في مهرجان قرطاج الخامس.

وأنتجت المؤسسة كذلك "رجال تحت الشمس" الذي قام بإخراجه ثلاثة مخرجين سوريين هم: نبيل المالح، ومروان مؤذن، ومحمد شاهين. وهو فيلم متفائل على الرغم من مرارة الواقع الذي يصوره ويتناول فلسطين بقضيتها وشعبها. والفيلم عبارة عن ثلاث قصص انفرد كل مخرج بإخراج واحدة منها.

وإذا انتقلنا إلى "المخدوعون" الذي أخرجه السينمائي المصري توفيق صالح، عن قصة غسان كنفاني، فإننا نجده فيلماً يتناول جانباً من المشكلة الفلسطينية، وهي مشكلة اللاجئين الذين يبحثون عن عمل في دولة عربية. وفاز هذا الفيلم في مهرجان قرطاج السينمائي أيضاً، ونال الجائزة الذهبية الأولى.

كما قدمت السينما في سورية تجربتين جديدتين من خلال فيلم "الحياة اليومية في قرية سورية"، إخراج عمر أميرالاي، وفيلم "اليازرلي" قصة حنا مينا.

4. السينما فـي تونس:

عرفت تونس السينما قبل غيرها من البلاد العربية، فبعد أن أعلن الفرنسيون الحماية على تونس عام 1881، قام عام 1896 أحد معاوني الأخوة لوميير بتصوير اثني عشر فيلماً تسجيلياً عن تونس. وفي عام 1897، نظم ألبير سماما شيكلي، والمصور سولي، حفلات العرض السينمائية الأولى في مدينة تونس. وفي عام 1905 قام فيلكس مسجيش، لحساب الأخوة لوميير أيضاً، بتسجيل أفلامٍ تسجيليةٍ عن تونس.

أما أول قاعة عرض سينمائية دائمة أقيمت في مدينة تونس، فهي التي أسستها شركة أوميا باتيه عام 1907.

وقام ألبير سماما، بتصوير بعض المناظر من منطاد قاده فالير لوكونت عام 1909. وفي السنة التالية قام المصور نفسه بالتقاط مناظر تحت البحر من غواصة تابعة للأسطول الفرنسي، بالقرب من شواطئ صفاقس. وبمناسبة زيارة الرئيسي الفرنسي أرمان فاليير Armand Fallieres لتونس عام 1911، صُورت أول جريدة سينمائية في تونس، وحمضت وطبعت محلياً.

وبعد الحرب العالمية الأولى، وفي عام 1919، قام لويتز مورا بتصوير فيلم "الأسياد الخمسة الملعونون"، وهو أول فيلم طويل يصوَّر في أفريقيا. ويعتبر ابن كملا أول مدير مالك لدار سينمائية في تونس، بعد أن اشترى في عام 1920 دار أومنيا باتي.

وفي عام 1912 صُور فيلم "معروف" لطيب بلخيريا، وهو أول فيلم بسيناريو فرنسي. وفي العام التالي صور ألبير سماما شيكلي أول فيلم كتب له سيناريو، وكان اسم الفيلم "زهرة"، ولعبت ابنته هايدي دور بطلة الفيلم. وفي عام 1924 صور سماما أول فيلم طويل، تونسي مائة في المائة، واسمه "عين الغزال". وكان ممثلوه تونسيين جميعاً. وأمر الباي بصرف إعانة لمنتجيه.

وتأسست عام 1928 شركة الأفلام التونسية، وفي العام نفسه صور ديكونكلوا "أسطورة كربوس"، كما صور "سر فاطمة".

وعرفت تونس السينما الناطقة لأول مرة عام 1929، حين عرض فيها فيلم "مغني الجاز" لآلان كروسلاند، إنتاج شركة إخوان وارنر. وفي العام نفسه عرفت كذلك أول مجلة سينمائية، وكان اسمها "أفلام المجلة السينماتوغرافية الأفريقية الشمالية".

ويصوِّر عبدالعزيز حسين في عام 1935 فيلماً بعنوان "تارجي"، قامت بالدور الأول فيه المطربة حسيبة رشدي. ولكن الفيلم ظل محفوظاً، ولم يعرض على الجمهور. أما أول فيلم تونسي غنائي ناطق، بترجمة فرنسية على الفيلم ذاته فهو "مجنون قيروان" لمحيي الدين مراد.

وفي 13 يونية 1946، صدر مرسوم بإنشاء مركز سينماتوغرافي تونسي، اتخذ فيما بعد اسم استوديوهات أفريكا.

وظلت تونس بلا إنتاج سينمائي محلى زهاء ثلاث سنوات حين قام ألبير لاموريس، عام 1949، بتصوير فيلمه "بيم الحمار الصغير" في جزيرة جربة التونسية. وفي العام التالي أنشئ الاتحاد التونسي لأندية السينماتوغرافية في تونس. أما في عام 1952، فقد قام جورج رينين بتصوير "رحلة عبدالله"، وظهر فيه لأول مرة على الشاشة الممثل علي بن عايد الذي أصبح في الستينيات الممثل الأول في المسرح التونسي.

وأنشئت في عام 1953 الأخبار السينمائية التونسية، وهي جريدة نصف شهرية كانت تنتج في استوديوهات أفريكا. وفي عام 1954 عرض لأول مرة في تونس السينماسكوب والسينما البارزة. ويصور سليم دريجا، في السنة نفسها فيلم "شبح للزواج"، ولكن هذا الفيلم لم يعرض لأن منتجه لم يستكمله. أما أول شركة إنتاج سينمائي في تونس فقد تأسست عام 1955 باسم العهد الجديد.

وفي عام 1955 اعترفت فرنسا بالحكم الذاتي في تونس. وفي 29 ديسمبر صدر مرسوم بإنشاء جمعية تأسيسية. وتأثرت الحياة الثقافية والفنية في تونس بهذين الحدثين التاريخيين. ففي عام 1956 أنشئ مكتب للسينما في وزارة الشؤون الثقافية والإعلام. وتطور هذا المكتب ليصبح قسماً خاصاً عام 1962 وفرعاً للسينما عام 1970.

تأثرت السينما التونسية بهذه الأحداث المهمة، ففي عام 1958 أصدر طاهر الشريعة مجلة نوادي السينما في صفاقس، وصوَّر جاك بارتيه فيلم "جحا"، الذي أعطى اسمه بعد ذلك للمجلة التونسية السينمائية الوحيدة التي تصدر في تونس الآن. وأُنشئت في العام نفسه، منظمة أصدقاء مكتبة الأفلام برئاسة السيدة صوفي الجوللي، التي تحولت عام 1970 إلى مكتبة الأفلام التونسية.

وفي عام 1959 أُنشئت الشركة المساهمة التونسية للإنتاج السينماتوغرافي، كما ألحقت مكتبة الأفلام بالدولة. وتأسست جمعية تنمية الفنون للمسرح والسينما، وهي أول جمعية لهواة التمثيل والسينما.

وصدر عام 1960 قانون صناعة السينما، وإنتاج الفيلم، وأسس فـي العام التالي 1961 الاتحاد التونسي للسينمائيين الهواة.

وسارت حركة التحرر في تونس جنباً إلى جنب مع الحركات الفنية والثقافية. ففي عام 1962 تأسست جمعية السينمائيين التونسيين الشبان.

وأنشئ عام 1964 مهرجان في قليبيا التونسية، لسينما الهواة، كما أنشئ مركز للتدريب، للسينماتوغرافي.

وبدأ التليفزيون في تونس إرساله عام 1966، وفي العام نفسه صور أول فيلم طويل أنتجته تونس بعد الاستقلال، واسمه "الفجر"، إخراج عمر خليفي. وفي العام نفسه كذلك، استحدثت أيام قرطاج السينمائية، وهي مهرجان سينمائي سنوي.

وتلاحق النشاط السينمائي في تونس فافتتح عام 1968، المجمع السينماتوغرافي. كما أخرج صدوق بن عيشة فيلم "مختار أو الضائعون". وأخرج حمودة بن حليمة خليفة فيلم "الأقرع"، كما صور فريد بوغدير وكلود دانا فيلم "الموت يقلق".

وقام عبداللطيف بن عمار، عام 1969 بتصوير فيلم "قصة غاية في البساطة"، وصوَّر علي عبدالوهاب فيلم "أم عباس"، ولعبت زوجته زهرة فايزة المطربة التونسية الدور الأول في هذا الفيلم، وحصلت الشركة المساهمة التونسية للإنتاج والاستغلال السينماتوغرافي على امتياز استغلال الأفلام، وتوزيعها بمقتضى المرسوم الصادر في 31 يناير 1969.

وصوَّر عمر خليفي "الفلاجة" في عام 1970. وتأسست جمعية السينمائيين التونسيين والاتحاد الأفريقي للسينمائيين في العام نفسه. واشترك عام 1971، حمودة بن حليمة، وهادي بن خليفة، وفريد بوغدير، في إخراج فيلم "في بلاد الترزاني"، وهو فيلم يتكون من ثلاثة أجزاء مقتبسة من ثلاث قصص لعلي دواجي، الكاتب الفكاهي التونسي. وأخرج إبراهيم باباي، في العام نفسه فيلم "وغدا ؟". كما أخرج أحمد خشين فيلم "تحت أمطار الخريف" الذي لم يُسمح بعرضه.

وأدى نجاح أمي تراكي الوجه المشهور في التليفزيون التونسي، إلى قيام المخرج حمامي بتقديمه سينمائياً عام 1972، وفي العام التالي أخرج عمر خليفي فيلم "الصياح".

واهتمت الحكومة التونسية بالثقافة السينمائية، فافتتحت عام 1974 مكتبة الأفلام التونسية الجديدة، في حين أخرج عبداللطيف بن عمار فيلم "سجنان"، الذي كان قد أطلق عليه من قبل "الأب".

وهكذا سار الفيلم التونسي في درب يختلف إلى حد كبير عن الدرب الذي تسير فيه صناعة السينما في بلاد عربية أخرى، فأغلب الأفلام التونسية لا تهدف إلى الربح بل إلى عرض القضايا الاجتماعية، والسياسية التي يحاول التونسيون إيجاد حل لها.

5. السينما فـي المغرب:

نالت المغرب استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام 1956، إلا أنّ قطاع السينما فيها ظل يفتقر إلى كثير من مقومات إثبات الوجود والتقدم، باستثناء بعض محاولات السينمائيين الشباب في السنوات الأخيرة.

وقد جرى تصوير العديد من الأفلام السينمائية في المغرب، ولكن هذه الأفلام كانت أفلاماً أجنبية، ويرجع سبب تصويرها في المغرب إلى مناخ المغرب المعتدل، وجمال الطبيعة فيه ، والموقع الجغرافي القريب من أوروبا، بالإضافة إلى قلة أجور الأيدي العاملة، أما عن دور العرض، فهناك حوالي 250 داراً تعرض حوالي 500 فيلم أجنبي في العام.

وأنشئ المركز السينمائي المغربي عام 1944، أي في ظل الاستعمار، وعلى الرغم من أنه استمر بعد الاستقلال إلا أنه لم يتمكن من النهوض بالسينما الوطنية المغربية. وهو ينتج عدداً قليلاً من الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى الجريدة السينمائية.

وإلى جانب هذا المركز يقوم قسم السينما التابع لوزارة الإعلام بصناعة السينما من حيث الإنتاج، والتوزيع، والاستثمار.

والمركز السينمائي المغربي الذي أسس تحت رعاية المقيم الفرنسي في مطلع الأربعينيات، صار بعد الاستقلال مؤسسة عامة تتبع وزارة الإعلام والسياحة، والفنون الجميلة، ومقره مدينة الرباط، ويهتم هذا المركز بتطبيق القوانين التي تنظم صناعة السينما في المغرب، والتي تقوم على كاهل القطاع الخاص. ونظراً للميزانية المتواضعة للمركز، فإنه لم ينتج حتى عام 1963 سوى الجريدة السينمائية، وأشرطة قصيرة، وثائقية وتربوية، وبعض المشاهد السياحية في البلاد.

وتوزع الجريدة السينمائية الأخبار المغربية كل يوم جمعة على مختلف دور العرض في المغرب، ويكون التعليق على الأنباء باللغة العربية، أو الفرنسية، أو الأسبانية.

وينتج المركز في السنة حوالي ثمانية أشرطة 16 – 35 ملليمتر أبيض وأسود، أو ملوّن، وذلك بناء على طلب المؤسسات الحكومية المختلفة. ويخرج هذه الأنشطة فنيون محليون أو أجانب متعاقد معهم، كما يقوم المركز بتقديم المساعدات والتسهيلات للمنتجين الأجانب الذين يريدون تصوير بعض المشاهد السياحية، أو الاجتماعية في المغرب، بغية التعريف على التراث المغربي.

وأول شريط ناطق بالعربية أنتج في عام 1946 تحت اسم الباب السابع، وكان هذا الشريط في الأصل ناطقاً بالفرنسية، وقام بالتمثيل فيه ممثلون مغاربة، وتم عرض هذا الفيلم في جميع أنحاء المغرب، وكذلك على المشاهدين العرب في فرنسا.

أما القطاع الخاص، فهو الذي يهتم بإنتاج وتوزيع أشرطة السينما في المغرب التي تعرض نسخها بالعربية في معظم مدن المغرب، كما تعرض النسخة الفرنسية في بعض دور السينما التي يؤمها الأجانب، وبصورة خاصة الفرنسيون، كما تعرض نسخاً باللغة الأسبانية في الريف المغربي حيث يجيد الأهالي اللغة الأسبانية، وتمر هذه الأشرطة على الرقابة، ويشترط فيها ألا تتعارض مـع الدين الإسلامي، أو عادات وتقاليد البلد، وألا تسئ إلى سياسة البلد.

6. السينما في الجزائر:

تتميز السينما في الجزائر من حيث الولادة، والهدف، والمسار عن جميع تجارب السينما في الوطن العربي، ومن خلال هذا التميز كانت تتخذ دائماً مكانة القدوة على الرغم من أنها بدأت متأخرة نسبياً من حيث التجارب عن السينما في كل من مصر، وسورية، ولبنان، والعراق.

فقد ولدت السينما في الجزائر ولادة سليمة، وسارت بخطوات مدروسة، وبهذا استطاعت أن تخرج بالسينما العربية إلى المستوى العالمي، وأن تقدم أفلاماً ممتازة على الرغم من أن ولادتها كانت صعبة، إذ إنها ولدت في قلب معركة التحرير.

وقبل حرب التحرير، وحتى عام 1946، لم يكن في الجزائر سوى مصلحة فوتوغرافية واحدة، وفي عام 1947، أنشأ الفرنسيون مصلحة سينمائية أنتجت عدداً من الأفلام الصغيرة عرضت وترجمت في غالبيتها إلى لغتين، وهذه الأفلام تقسم إلى أفلام تتعلق بالآداب، والعادات الجزائرية، أفلام ثقافية، ووثائقية، وأفلام حول التربية الصحية، وأفلام عن الزراعة، وأفلام عن الدعاية السياسية.

ومن بين هذه الأفلام، "قيصرية" 1949 لـ: ج هويزمان، "الإسلام" 1949، "العيد غير المنتظر" 1959، "أغنى ساعات أفريقيا الرومانية"، "هيبون الملكية"، "رعاة الجزائر".

أخرجت جميع هذه الأشرطة القصيرة في الجزائر، أما عمليات التظهير والتركيب فنفذت في استوديوهات باريس. وفي عام 1948 شُكلت مصلحة الإذاعة السينمائية، وكانت هذه المصلحة تضم مجموعة من القوافل، لتحمل إلى الواحات البعيدة في جنوب الجزائر أفلاماً مسليَّة.

ولعل ما يميز مسيرة السينما في الجزائر أمران هما، تأميم قاعات العرض، واحتكار شبكة توزيع الأفلام، إذ إن هاتين الخطوتين الهامتين والمكملتين لمسيرة السينما مكنتا الأفلام الجزائرية المنتجة من دخول الـ 350 قاعة الموجودة في الجزائر، كما حررتا وسائل الإنتاج السينمائي للسينما من الاحتكار والمتاجرة.

كانت السينما إحدى المعطيات التي أفرزتها حرب التحرير، بل إن مجموعة من السينمائيين استشهدوا في هذه الحرب، نذكر منهم: فاضل معمر زيتوني، عمان مرابط، مراد بن رايس، صلاح الدين السنوسي، فرذلي الغوتي مختار، عبدالقادر حسنية، سليمان بن سمعان، علي جنادي.

فقد كانت الحاجة ملحة لإيجاد سينما تواكب مسيرة حرب التحرير التي بدأت في أكتوبر 1954، وكان لا بد لهذه السينما أن تنطلق من منطلق علمي مدروس، ولا تكون مجرد مغامرة، ولهذا وفي عام 1957 فتحت مدرسة للتكوين السينمائي، وكان مديرها رونيه فوتييه، وهو فرنسي التحق بصفوف جيش التحرير الوطني، أما الذين انتسبوا إليها فكانوا خمسة مقاتلين، استشهد أغلبهم في ساحات الشرف.

وهذه المدرسة كانت البداية، وإذ تقوم بمهمة تعليم وإعداد سينمائيين، كما كانت تنتج عدة عروض تليفزيونية وزّعت على شبكات تليفزيون البلدان الاشتراكية في تلك الفترة. عملت هذه المدرسة فترة قصيرة لا تتعدى الشهور الأربعة، ولهذا وجدت السينما أن لا بد لها من تطوير وتنظيم نفسها، فكان عام 1960 – 1961 بداية هذه الخطوة الأساسية، وذلك بإنشاء لجنة للسينما مرتبطة بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، ثم بتأسيس مصلحة السينما للحكومة المؤقتة، وأخيراً بإقامة مصلحة للسينما تابعة لجيش التحرير الوطني.

7. السينما فـي السودان:

أنشئت أول وحدة لإنتاج الأفلام في السودان في عام 1949، وهي مكتب الاتصالات العام للتصوير السينمائي الذي اقتصر إنتاجه على الأفلام الدعائية، وجريدة نصف شهرية، وكان هذا الإنتاج خاضعاً لسلطات الاستعمار البريطاني.

وعندما استقل السودان عام 1956، كان عدد دور العرض 30 داراً، وبعد ثورة 25 مايو 1969، آلت عملية الاستيراد والتوزيع إلى الدولة، وأنشئت مؤسسة للسينما باسم مؤسسة الدولة للسينما، تتبع وزارة الإعلام والثقافة، ولكن التأميم لم يشمل دور العرض التي وصل عددها إلى 55 داراً.

كما امتلكت المؤسسة سيارة سينما، ووحدتين للوسائل السمعية البصرية بوزارتي التربية والتعليم، والزراعة والري، وحتى الآن اقتصر إنتاج المؤسسة على الأفلام التسجيلية والقصيرة، بمتوسط عشرة أفلام في السنة.

ويلاحظ أن الأفلام التي أنتجت منذ بداية الخمسينيات حتى الآن، ليس من بينها سوى فيلمين أو ثلاثة تنطوي على محاولات جادة، فالسينما تربية للنشئ، ومعالجة لمشاكل الناس.

وجرى التركيز على السينما التسجيلية دون الروائية، ومن المحاولات التسجيلية الجادة في السينما السودانية فيلم "الطفولة المشرّدة" الذي يعالج مشكلة الأطفال الذي ينزحون من الريف إلى المدينة، ويجدون أنفسهم غير قادرين على الانسجام معها، فيقعون فريسة الانحرافات كالسرقة وغيرها، وأخرجه محمد إبراهيم، وتمّ إخراجه بعد الاستقلال أي بين عامي 1956و1957، ثم أُخرج فيلمٍ آخر في هذا الاتجاه هو فيلم "المنكوب"، وصوره المصور السينمائي السوداني جاد الله جبارة. ولكن أكثر الأفلام التسجيلية كانت عن النشاط الحكومي الرسمي وإنجازاته دون أن تحمل أية معالجة سينمائية فنية متميزة، بدليل أن المخرج إبراهيم شنات الذي تخرج عام 1964 بعد أن درس السينما في ألمانيا الديموقراطية، حاول إنتاج أفلامٍ تسجيلية خارج هذا الإطار الرسمي ففشل بسبب التعقيدات الروتينية.

كان السينمائيون السودانيون الجدد قد بدأوا يطرحون بعد عام 1967 شعار إحلال الفكر محل الإثارة، وفي تلك المرحلة بدأ نشاط ثقافي واسع في جامعة الخرطوم، حيث تشكَّل مسرح سمي بجماعة المسرح الجامعي، وأسس ناد سينمائي وفرق للفن الشعبي، مما شجع عدداً آخر من الشبان السودانيين على السفر إلى الخارج ودراسة السينما والمسرح دراسة متخصصة، ومن هؤلاء: سامي الصاوي الذي درس في معهد الفيلم البريطاني في لندن، ومنار الحلو، والطيب مهدي، اللذان درسا التصوير في رومانيا، وسليمان نور، الذي درس على يد السينمائي التسجيلي الكبير رومان كارمن، وتخرج من معهد السينما في موسكو عام 1979. وكانت لدى هؤلاء الشباب إرادة صنع سينما تسجيلية حقيقية مرتبطة بحياة الناس.

ومن هنا بدأت تبرز مسألة سينما جديدة، أو بالأحرى بداية جادة لسينما تسجيلية، ولكن ما جعل هذه المحاولة ناقصة هو الروتين بين العاملين بين قسم السينما، وبين الإنتاج السينمائي، الذي يمتلك الإمكانات الفنية، بالإضافة إلى تعدد الجهات التي تتحدث باسم السينما.

وقد جرت أول محاولة لإنتاج فيلم روائي طويل عام 1970، وهو فيلم "آمال وأحلام" إنتاج إبراهيم ملاسي، وقام بالمحاولة الثانية أنور هاشم الذي تخرج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة عام 1971 عندما أنتج وأخرج فيلم "شروق" عام 1974.

أما قسم السينما في وزارة الثقافة فقد أنتج فيلمين فقط خلال السبعينيات، وهما فيلم "دائر على حجر" من إخراج سامي الصَّاوي، ويتناول حرفة يدوية في طريقها إلى الانقراض، وهي صناعة حجر الطاحون. وفيلم "أربع مرات للأطفال" من إخراج الطيب مهدي، ويعالج مشكلة الأطفال المعوقين.

وفي السودان مجلة سينمائية دورية تصدر كل أربعة أشهر، وتهتم بشكل خاص بالمادة السينمائية السودانية، بالإضافة إلى موضوعات السينما في الوطن العربي وفي العالم. ومن الأفلام السودانية التي نالت جوائز في المهرجانات فيلم "ومع ذلك فالأرض تدور" للمخرج سليمان النور، الذي نال إحدى جوائز مهرجان موسكو الحادي عشر في مسابقة الأفلام التسجيلية، وللمخرج نفسه فيلم آخر مميز باسم "أفريقيا".


 



[1] الميكساج: هو عملية دمج جميع أشرطة الفيلم الصوتية، حوار وموسيقى ومؤثرات صوتية، على شريط واحد.