إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الفيلم السينمائي




أضواء المدينة
المدرعة بوتمكين
التعصب
تيتانيك
خزانة الدكتور كاليجاري
رحلة إلى القمر





المبحث الرابع

المبحث الرابع

اقتصاديات الفيلم السينمائي وعناصره

السينما فن وصناعة وتجارة، وهي مثلث له ثلاثة أضلاع يجب أن تحظى بأهمية متساوية، فالشق الاقتصادي للصناعة لا يقل أهمية عن الشق الفني، ضماناً لاستمرار الصناعة وازدهارها فنياً.

1. دراسة الجدوى

ترشيد الإنفاق في مجال إنتاج الأفلام السينمائية، ويتم ذلك من خلال الاهتمام بأن تكون هناك دراسة جدوى مسبقة قبل المشروع، أو قبل تقرير الدخول في إنتاج فيلم سينمائي جديد حيث ينظر إلى هذه الدراسة المسبقة على أنها مرحلة أولى، وأساسية من مراحل إنتاج الأفلام الهوائية كصمام أمان، يساهم في الحد من حجم المخاطرة على الأموال المستثمرة في مجال إنتاج الأفلام الروائية ـ حيث تساعد مرحلة الدراسة المسبقة، بداية وقبل المضي في إنفاق أي مصروف إنتاجي على الفيلم من الحكم عما إذا كان هناك جدوى أو منفعة اقتصادية، وفنية، متوقعة من وراء إنتاج هذا الفيلم أم لا، لذلك فهي تساعد على بث الطمأنينة وتحقق الحماية المسبقة لأموال منتجي الأفلام الروائية.

وفيما يلي استعراض لمجموعة من الاعتبارات العملية والعلمية من مرحلة الدراسة المسبقة، والتي يتعين مراعاتها عند الاتجاه لإنتاج فيلم روائي جديد:

أ. الاعتبار الرقابي:

يتعين على شركات الإنتاج السينمائي، التحقق بداية وقبل اتخاذ أي خطوة من الخطوات التنفيذية لإنتاج الفيلم موضوع السيناريو المقدم لها من أن هذا السيناريو لا يتضمن أي محظورات أو موانع رقابية تمس النظام العام للدولة، أو القيم الدينية، والإنسانية، والعادات، والتقاليد، والآداب العامة للمجتمع.

ب. الاعتبار التسويقي:

بعد التأكد من عدم وجود مانع رقابي لتصوير الفيلم الجديد، يتعين على القائمين على شركات الإنتاج السينمائي التحقق عما إذا كان هناك قبول تسويقي متوقع للفيلم المزمع إنتاجه. بمعنى أنه يجب على شركة الإنتاج السينمائي التحقق عما إذا كان الفيلم الجديد من المتوقع أن يحقق إقبالاً جماهيرياً أم لا ـ وذلك سواء استندا إلى عوامل الخبرة الذاتية للمسئولين عن الإنتاج في ضوء المعايشة والمتابعة الدقيقة والمستمرة لأحوال واتجاهات السوق السينمائية ومتطلباتها، وحسب موضوع الفيلم الذي قد يتعرض لقضية، أو موضوع هام، من الموضوعات التي تشغل الرأي العام، أو من خلال الاسترشاد بنتائج الدراسات الميدانية للاتجاه العام لرغبات وميول المشاهدين بالسوق السينمائية، والتي قد يقوم بها مستقبلاً أحد المراكز البحثية المتخصصة في دراسة رغبات وميول فئات المشاهدين، وما يطرأ عليها من تغيرات.

ج. الاعتبار التمويلي:

بعد التأكد من عدم وجود موانع رقابية، والتحقيق من أن هناك قبولاً تسويقياً متوقعاً للفيلم الجديد. فإنه يتعين عدم البدء في اتخاذ أي إجراءات تنفيذية لتصوير الفيلم باستخدام الحصة المخصصة كتمويل ذاتي من جانب شركة الإنتاج السينمائي إلا قبل التحقق من إمكانية تدبير باقي متطلبات السيولة المالية اللازمة للإنتاج حسب الميزانية التقديرية للفيلم، وطبقاً للدفعات التي تحدد حسب البرنامج التنفيذي لتصوير الفيلم.

2. عناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم

تتمثل من عناصر الإنفاق على كل من مجموعة الخدمات الإنسانية المتخصصة واللازمة لإتمام كافة المراحل الفنية لإنتاج الفيلم على الوجه الأكمل، حتى يصبح جاهزاً للعرض الجماهيري. وتنقسم عناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم الروائي إلى قسمين كما يلي:

أ. عناصر التكاليف الإنتاجية المباشرة للفيلم الروائي:

تتمثل عناصر التكاليف الإنتاجية المباشرة للفيلم من مجموعة عناصر الإنفاق الإنتاجية الرئيسية المرتبطة بصفة أساسية بعملية الخلق، والإبداع الفني، وتدخل في عمليات التصنيع الفني للفيلم الروائي خلال مراحل إنتاجه.

وتتميز العناصر الإنتاجية المباشرة للفيلم، بسهولة تحديد نصيب الفيلم من كل منها بحسب قدر استفادته منها، لسهولة تخصيصها للفيلم، وكذلك لوضوح علاقة السببية والمسئولية بين هذه العناصر، والفيلم السينمائي.

ب. عناصر التكاليف الإنتاجية غير المباشرة للفيلم الروائي:

بالنسبة لعناصر التكاليف الإنتاجية غير المباشرة للفيلم الروائي، فإنها تتمثل في عناصر الإنفاق الإنتاجية المساعدة، التي لا ترتبط بصفة أساسية بعملية الخلقة والإبداع، وعملية التصنيع الفني للفيلم الروائي، خلال مراحل إنتاجه. حيث نجد أن عناصر التكاليف غير المباشرة للفيلم الروائي، لا توجد أي صعوبة في تحديد نصيب الفيلم الروائي من كل عنصر منها، وذلك لسهولة تخصيصها بالنسبة للفيلم، كما توجد علاقة سببية، ومسئولية مباشرة، وواضحة بين هذه العناصر والفيلم الروائي.

3. التبويب النوعي لعناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم

ويقصد به تبويب عناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم حسب نوعها أو طبيعتها طبقاً للتقسيم التالي:

أ. تكلفة عنصر الأجور:

تمثل كل ما تدفعه شركة الإنتاج السينمائي في سبيل الحصول على خدمات المهارات الإنسانية الفنية المتخصصة، على مستوى المهن السينمائية لصناعة الفيلم، سواء كانت تمثل أجوراً مباشرة أساسية، مثل أجور (المخرج ـ مدير الإضاءة ـ المصوِّر ـ مهندس الديكور ـ مصمم الملابس ـ مهندس ومسجل الصوت ـ أبطال الفيلم ـ الأدوار الثانوية ـ الكومبارس ـ الماكيير ـ الكوافير ـ مؤلف الموسيقى التصويرية ـ مخرج المعارك ـ خبير المفرقعات ـ مونتير النيجاتيف ـ مركب الفيلم ـ مونتير البوزتيف ـ مصمم الاستعراضات ـ مخرج الخدع). أو أجور غير مباشرة بالنسبة للفيلم، وتتمثل في كل ما تتحمله شركة الإنتاج السينمائي في سبيل الحصول على خدمات العمالة المساعدة المتخصصة من المهن السينمائية المختلفة، خلال المراحل الإنتاجية للفيلم، (مساعدو الإخراج ـ مدير الإنتاج ومساعده ـ مساعد المصور ـ منفذ ومساعدو الديكور والإكسسوارات ـ مساعد مسجل الصوت ـ الماكيير ومساعد الكوافير ـ عمّال الملابس)، وهؤلاء المساعدون يعملون طبقاً لتوجيهات القائمين بعمليات الإبداع الفني، على مستوى مراحل إنتاج الفيلم.

ب. تكلفة عنصر الخدمات:

وتتمثل في تكلفة الخدمات الرئيسية المستخدمة في عمليات الإنتاج، والتصنيع الفني للفيلم، مثال: خامات (الديكور ـ الملابس ـ الأفلام الخاصة صوت وصورة ـ الأطعمة، والمشروبات المستخدمة كإكسسوارات للتصوير ـ الجيلاتين والكلك ـ وكذلك تشتمل على مجموعة الخامات المساعدة التي لا تدخل بشكل مباشر في عمليات التصنيع الفني للفيلم خلال مراحل إنتاجه الفنية ـ مثال: (مشابك لتثبيت الكلك، والجيلاتين ولمبات الإضاءة ـ حبال لربط أو تعليق لمبات أو إكسسوارات ـ دبابيس ومسامير ـ شكرتون (لاصق) ـ أدوات نظافة وأدوات كهرباء ـ مطبوعات وأدوات كتابية لإدارة إنتاج الفيلم).

ج. المصروفات الخدمية الأخرى:

وتتمثل في تكلفة الخدمات الإنتاجية المكتملة، والضرورية، لإتمام مراحل الدورة الفنية للإنتاج على الوجه الأكمل، وهي بخلاف الأجور والخامات، لأنها لا تنطبق عليها صفة الأجر أو الخامات، حيث تدخل هذه الخدمات الإنتاجية للفيلم بشكل رئيسي ومباشر في العمليات، والمراحل الأساسية للتصنيع الفني للفيلم، مثال: (تكاليف خدمات الاستديو والمكياج، وإيجار البلاتوهات، والحدائق والشوارع، وحارة الأستديو ـ إيجار أماكن التصوير الخارجي ـ تكلفة شراء القصة والسيناريو ـ إيجار الإكسسوارات المتنوعة الثابتة، والمتحركة، كالسيارات للتصوير الخارجي، والحيوانات اللازمة لتصوير مشاهد الفيلم ـ إيجار كاميرات ومعدات الإضاءة والتصوير المختلفة) وكذلك تشتمل على تكلفة مجموعات الخدمات الإنتاجية غير المباشرة، التي لا تدخل بشكل مباشر وأساسي في عمليات التصنيع الفني للفيلم، خلال مراحل إنتاجه الفنية مثال: (إيجار سيارات لنقل العاملين، ولنقل أجهزة التصوير، ومعدات الإضاءة، أقساط التأمين).

4. التبويب الوظيفي لعناصر تكاليف الفيلم الروائي

يقوم التبويب الوظيفي، على أساس تبويب عناصر تكاليف الفيلم الروائي، وفقاً للأنشطة الرئيسية التي تقوم بها شركة الإنتاج السينمائي من إنتاج للفيلم، ثم عمليات تسويقية، وكذلك ممارسة النشاط الإداري الذي يخدم نشاطي إنتاج، وتسويق الأفلام.

ويهدف التبويب الوظيفي إلى حصر تكاليف كل نشاط من هذه الأنشطة على حدة، على مستوى شركة الإنتاج السينمائي.

وتقسم عناصر تكاليف الفيلم الكلية طبقاً للتبويب الوظيفي كما يلي:

أ. عناصر التكاليف الإنتاجية للفيلم:

تمثل عناصر تكاليف الإنتاج للفيلم، كافة التكاليف المتعلقة بالعمليات الإنتاجية للفيلم، سواء المباشرة مثل (الأجور، والخامات، والمصروفات الخدمية الأخرى، الإنتاجية المباشرة) أو غير المباشرة (وهي الأجور، والخامات، والمصروفات الخدمية الأخرى الإنتاجية غير المباشرة).

ب. عناصر التكاليف التسويقية للفيلم الروائي:

يشتمل النشاط التسويقي للفيلم الروائي، على كافة الجهود التسويقية التي تبذل، قبل، وأثناء، وبعد إنتاج الفيلم.

وتعرف التكاليف التسويقية للفيلم الروائي، بأنها جميع عناصر الإنفاق التي تتحملها شركة الإنتاج السينمائي لتسويق الأفلام، مثال تكاليف الدعاية والإعلان عن الفيلم، في كافة وسائل الإعلان، وعمولة توزيع الفيلم، وتكاليف ألبومات، والصور الفوتوغرافية، والمصور الفوتوغرافي، وتكاليف عمل مقدمات الفيلم، وتكاليف نقل الفيلم على شرائط فيديو.

ج. عناصر التكاليف الإدارية للفيلم:

لا يقتصر نشاط شركة الإنتاج السينمائي على عمليات إنتاج الأفلام وتسويقها، بل هناك مجموعة أخرى من الأنشطة المساعدة التي يستفيد من خدماتها، نشاط إنتاج، وتسويق الأفلام، وذلك مثل الجهود الخاصة بشئون العاملين، والعلاقات العامة، والشئون المالية، والإدارية، بشركة الإنتاج السينمائي بشكل عام، وتشتمل عناصر التكاليف الإدارية العامة بشركة الإنتاج السينمائي على قيمة مرتبات الإداريين، والإيجارات، والمياه، والنور، والتلفون، والمطبوعات، والسكرتارية، والحراسة، والنظافة، ومواد النظافة، والأدوات الكتابية، ومصروفات الصيانة، ومصروفات التدفئة، والإهلاكات، والمصروفات القضائية، وأتعاب مراجعي الحسابات.

5. عناصر الفيلم السينمائي

أ. السيناريو:

الفيلم السينمائي الجيد لا بد أن ينهض على سيناريو جيد ومن المستحيل إخراج فيلم جيد لم يكتب له السيناريو بعناية، فمهما كانت فكرة الفيلم وموضوعه على درجة عالية من النضج والفلسفة، ومهما كان تصويره ومونتاجه على أعلى مستوى من الامتياز، فإنه لابد وأن يسقط فنياً وفكرياً إذا كان السيناريو ضعيف البناء. هذا وبعض السينمائيين يعتقدون أن كتابة الكلمات التي تصل في النهاية إلى الشاشة على شكل صور مرئية، وكلمات، وأصوات تحتاج إلى مهارة فنية، قد تزيد على تلك التي تحتاجها إدارة الآلات التي تستخدم في إخراج الفيلم إلى حيز الوجود. لذلك لا يمكن البدء في تصوير فيلم وإخراجه دون أن يكون السيناريو قد اكتمل تماماً، وهذا أمر شاق يحتاج إلى كل القدرات الذهنية، والتخيلية، والفنية، حتى يمكن أن يتخيل كاتب السيناريو مقدماً ما يأمل أن يراه معروضا على الشاشة فيما بعد.

كاتب السيناريو هو، الفنان والأديب المتخصص الذي برع في كتابة القصة السينمائية وتطور نموها الدرامي، وإعداد المعالجة السينمائية الفنية، وذلك بوضع السياق المتتابع الذي يروي أحداث القصة أو الموضوع، في صورة مرئية بارعة التأثير، قوية التعبير، أي الأسلوب الفني الذي يسهل نقله إلى الشاشة. وليس من الضروري أن يكون المؤلف السينمائي صاحب الفكرة، أو الموضوع الأصلي الذي يمكن اقتباسه من قصة، أو مسرحية، أو أي مصدر أخر، ولكن المهم بعد هذا أن يصوغه في شكل مناظر ومواقف متتابعة صالحة للتصوير السينمائي، هذا هو كاتب السيناريو، الذي يعرف باسم السيناريست.

ب. الحوار السينمائي:

الحوار في الفيلم السينمائي له ما يميزه ويجعله مختلفاً عن أنواع الحوار الأخرى في الرواية الطويلة، والقصة القصيرة، والمسرحية، والتمثيلية الإذاعية، فهو عامل مساعد أو مكمل. إنه يستعمل فقط لتوضيح اللقطة أو المشهد، حيث إن الفيلم عبارة عن مجموعة من اللقطات والصور والمشاهد. الصورة هي وسيلة السيناريست، والمخرج للتعبير عن أفكارهما ووجهتي نظرهما أو رؤيتهما، ولذلك يجب أن تحمل الصورة أكبر قدر ممكن من أدوات التعبير. والحوار أداة من هذه الأدوات، وعامل مساعد لتوضيح أو تفسير ما صعب إيضاحه، لأن الحوار في الفيلم يتعاون مع باقي الوسائل الأخرى لإيضاح المعنى المطلوب، ولتعميق الأثر الذي ينشده السيناريست. وفي الفيلم يجد المؤلف نفسه في عالم يختلف تماماً عن عالم المسرح، لأن عالم الفيلم يعتبر الفنيين فيه أهم من الفنانين، أو يتساويان معاً.

وعلى هذا نجد أن الحوار في الفيلم جزء من الكل، لا معنى له بمفرده، وقد لا ندرك مغزى الحوار، في بعض المشاهد، إذا قرأناه منفرداً. وأهم ما يجب أن يتوفر للحوار في الفيلم، أن يكون مختصراً أو مختزلاً، ويحمل أكبر قدر ممكن من المعاني، بأقل الألفاظ الممكنة، كما يجب أن يكون خالياً من الصفات الأدبية، لأنه يجب أن يكون مكتوباً كما يتكلم الناس في الواقع.

والحوار يعبرِّ عن الشخصية صاحبة الكلام، ويبلورها، ويعبر عن الموقف، فيجب أن يكون بسيطاً وسلساً حتى يفهمه، ويتتبعه جميع الناس، فالفيلم يشاهده الرجال، والنساء، والأطفال، والمثقف ونصف المثقف، والأمي، فلا بد لكل من هؤلاء أن يستوعب ما يجري أمامه من كلام، وليس معنى هذا أن يكون الحوار سوقياً أو خالياً من أية قيمة، ولكن المقصود بذلك هو أن يكون خالياً من أية تعقيدات في أسلوب الأداء، أو الصياغة الأدبية.

والاتجاهات الحديثة في السينما تحاول التخلص من قيود الحوار، واختصاره إلى أكبر قدر ممكن، والاعتماد على الصورة فقط للتعبير عن الأبعاد المختلفة سواء للأحداث أو للشخصيات. فالفيلم صورة قبل أي شئ، وفي بعض الأفلام قد نجد مشاهد كاملة وكثيرة لا تتخللها أية كلمة حوارية، وهنا يعتمد السيناريست على الصورة فقط، فيحاول أن يجعلها تقوم بتوصيل المفهوم المطلوب إلى المشاهدين.

ج. الصورة وفن التصوير السينمائي:

يتكون شريط أي فيلم من سلسلة من الصور الثابتة، أو الكادرات التي تقوم بتصويرها الكاميرا السينمائية، وهذا هو شريط الفيلم منذ اختراع أول كاميرا سينمائية في معامل إديسون، وحتى أكثر الكاميرات تعقيداً. فالكاميرا السينمائية تقوم بتصوير صور فوتوغرافية منفصلة ينطبع كل منها على كادر منفصل، وعند عرض هذه الصور، واحدة تلو الأخرى بنفس السرعة التي صُورت بها، يتولَّد الشعور بحركة متصلة هي جوهر فن السينما.

ففي معظم الكاميرات السينمائية الحالية، يمر الشريط بداخلها بسرعة 24 كادرًا كل ثانية، وهو ما يعني أن كل كادر أو صورة تقف أمام العدسة لتحصل على كمية الضوء اللازم لتسجيل ملامح الصورة في زمن 1/48 من الثانية، وفي 1/48 من الثانية تغلق العدسة ليمر الشريط في الكاميرا حتى يصل الكادر التالي إلى موقعه أمام العدسة، وإذا كان الشعور بالحركة المتصلة في المخ البشري يمكن تحقيقه بعرض 12 كادراً كل ثانية أمام العين، فإن الكاميرا في السينما الصامتة قد صُممت لتصوير 16 كادراً كل ثانية، زادت إلى 24 كادراً في كاميرات السينما الناطقة، وإذا فحصنا شريطاً من السليوليد لأحد الأفلام، نرى هذه الكادرات أو الصور الفوتوغرافية المنفصلة والمتتالية الواحدة بعد الأخرى، يفصل بين كل منها مساحة ضيقة مظلمة، ولكننا لا نرى أو نلحظ وجود تلك المساحات المظلمة خلال عرض الشريط، لأن هناك باباً أمام العدسة يكون مغلقاً عند مرور هذه المساحات، ولذلك يسمى هذا الباب باسم الغالق، بينما يفتح هذا الباب عند وصول الصورة التالية في مكانها بين مصباح الضوء وعدسة آلة العرض، وهكذا فإننا لا نرى الصور المعروضة على الشاشة وكأنها تضئ ثم تنطفئ، بل إننا نراها صورة واحدة متصلة تدب فيها الحركة.

ويعتمد المصور في أداء عملية التصوير السينمائي على ثلاثة مكونات، أو أدوات أساسية هي:

* الإضاءة.

* زوايا التصوير.

* الكادر السينمائي والتكوين.

1- الإضاءة Lighting:

هي التي تعطينا الإحساس بالزمن الذي تدور فيه الأحداث، سواء أكان هذا الزمن نهاراً أم ليلاً، شروقاً أم غروباً. وتتدخل الإضاءة في إبراز معالم الفيلم، فالفيلم البوليسي له من أشكال الإضاءة ما تختلف عنه في الفيلم الكوميدي، وأيضاً أفلام الرعب لها أسلوبها الخاص في الإضاءة، فهي تختلف تماما عن الفيلم الاستعراضي، وعلى هذا النحو فإن توصيات المخرج لمدير التصوير لها من الأهمية قدر يساعد على تحديد هوية الفيلم ونوعيته.

ويمكن للإضاءة إلى حد قليل أن تزيد من أهمية بعض الأشخاص، أو قطع الإكسسوار، أو الأشياء، إذ يمكن عرضها في ضوء كامل أو في الظل. وتغير الإضاءة يدل على أن باباً أو نافذة قد فتحت، أو أن مصباحاً قد أضئ، أو أن مصابيح سيارة تقترب، أو أن أشعة كشاف تبحث عن شخص. والإضاءة لها أهمية كبرى في خلق جو الفيلم، وإن كانت تكشف عن قدر محدود من المعلومات المباشرة في القصة.

وتلعب الإضاءة الآن عدة وظائف هامة بالنسبة للصورة، سواء في السينما، أو التليفزيون تتلخص في الآتي:

أ- إثارة الموضوع إثارة شاملة مع توزيعها توزيعاً مناسباً.

ب- تأكيد وجود الموضوع بين المرئيات وتوجيهه، أو لفت نظر المشاهدين إلى مواقع الأحداث.

ج- إضفاء القوة المعبرة، وإمكانيات التأثير في الموضوع.

د- إعطاء الجو العام، والإيحاء بالشعور المطلوب، ويدخل في ذلك إشعار المشاهدين بالوقت الذي تجري فيه الأحداث إن كان صيفًا أو شتاءً، صباحاً أو مساءً.

هـ- تحقيق جمال الصورة.

و- الإيهام بالبعد الثالث أو العمق، أي بُعد الأشياء أو قربها.

ز- التعبير عن لون القصة، موضوع الفيلم، فإذا كانت تراجيديا مثلاً فإنها تحتاج إلى أنوار وظلال متناقضة تمامًا. وإذا كانت فكاهية فإنها تحتاج إلى أنوار ناعمة بهيجة.

وللإضاءة ثلاثة أبعاد أساسية هي:

- مصدرها.

- مدى شدتها.

- نوعها، من حيث النعومة أو الخشونة.

والذي يتطلب معرفته بالنسبة للضوء هو مدى تأثيره من حيث الاتجاه، والشدة، والنّصوع، وذلك معناه أننا حين نشاهد الصورة التليفزيونية أو السينمائية، لا يهمنا أن نعرف مثلاً إن كان الاستديو مضاء بالفلورسنت، أو بغيرها من المصابيح، إنما الذي يهمنا هو معرفة تأثير أي من هذه الكشافات على اتجاه الضوء وشدته ونوعه.

وتتوقف صفات الضوء على طريقة استعماله، ويمكن تنفيذ أي نوع من أنواع الإضاءة بأي نوع من مصادر الضوء، ويأتي الخلاف فقط في طريقة الاستعمال.