إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / فن المسرح، وتاريخه




الهولوجرام
المسرح اليوناني
المسرح الدائري

المسرح اليوناني
المسرح الروماني




فن المسرح، وتاريخه

2. المسرح عند الرومان

لم يختلف المسرح الروماني، في أية تفاصيل معمارية بارزة عن المسرح اليوناني في آخر عهده. فابتداءً من آسيا الصغرى كانت قد وضحت مرحلة انتقالية، وذلك في مؤخرة غنية بالمشاهد، وفي قدر متزايد من الزخرفة الخارجية مهدت له إقامة مقاعد للنظارة، حيث لم يعد مكانهم انخفاضاً طبيعياً أو اصطناعياً في سفح التل، وفي الانكماش التدريجي للمكان المستدير الذي طالما شغلته الجوقة، حيث إن هذه المساحة المستديرة راحت تتضاءل حتى أضحت نصف دائرة، مثلما هي في المسرح الحديث، بل أخذت تحتلها مقاعد صفوة النظارة، (اُنظر شكل المسرح الروماني).

وسواء كان الممثلون يؤدون أدوارهم وهم على مستوى أرضية المسرح أم من فوق منصة خلفية مرتفعة، فالأمر ما زال يثير الجدل الكثير.

في أول الأمر أبعدت الرومان نعرتهم الوطنية عن محاكاة المسارح اليونانية المحسنة، الأكثر تقدماً، فساروا حتى عهد أغسطس يقيمون مسارحهم، ولا سيما الصغيرة، من خشب وفق مقتضى المناسبات. ولكن ما أن شيدت المسارح الرومانية بالحجر حتى فاقت كل النماذج اليونانية، والدليل على عظمة المسرح الروماني آثار مدينة "أورانج Orange" بفرنسا.

أما الديكور، أي المناظر المسرحية، بمعناه الدقيق فقد ظل حقبة طويلة بدائياً. وحوالي عام 100 ق م فقط عرفت للمرة الأولى المناظر المصورة، ولكن ما إن جاء العصر الإمبراطوري حتى حل محلها "مؤخرة" ثابتة معمارية ذات أقواس وأعمدة من رخام وفق ذوق العصر.

أما الآلية المسرحية فقد اعتمد الرومان الآلية اليونانية، مضيفين إليها اختراعاً أسموه "بجما"، يوصف بأنه سقالة على شكل بيت متعدد الأدوار، قابل للتعديل، فأحيانا يظهر وينمو ثم ينطوي، وأحيانا أخرى يختفي فجأة.

هناك تجديدان رومانيان آخران قد ترتب عليهما الكثير، وهما السقف الخشبي الذي يغطي المنصة، ممتداً بعض الشيء في اتجاه مقاعد النظارة، ثم المجرى الواقع في مقدمة المنصة، وكانت تستعمل لإنزال الستارة. كان الرومان على نقيض المتبع في الوقت الحالي، ينزلون الستار عند بدء الحفل ويرفعونه عند نهايته.

أما في الملهاة فقد اعتمد الرومان، في أغلب الأحيان، زي "الملهاة الحديثة"، محاولين تمثيل الحياة الراهنة السائدة، مراعين النواحي التقليدية واعتبارات رمزية محلية تخص الألوان، فاللون الأبيض لزي الشيوخ والمسعدين، واللون الأحمر الأرجواني للأثرياء، واللون الأحمر الطوبي للمعوزين، والأصفر للماجنات، إشارة إلى تلهفهن على المادة، والثياب المهلهلة للمساكين.

يفتخر الرومان بكتابهم الثلاث "بلوتس Plautus" و"تيرنس Terence" و"سنكا Seneca"، وليس من الصعب تبين الأسباب التي أدت إلى عقم روما، حيث لم يصل هؤلاء الثلاث إلى مرتبة كتاب المسرح الإغريق، حيث ركّز الرومانيون جهدهم على الغزو. فماذا يفعل الغازي إذا انتصر على أمّة فنها أرقى من فنونه؟. إن أقرب ما يفعله هو التقليل من شأن هذا الفن وهو ما فعله الرومان بفن المسرح.

وأشهر ما كتبه بلوتس وكانت مسرحياته ذات حبكة وقصص متشابهة هي مسرحية "البيت المسكون"، أما تيرنس فكان يكتب بخفة ورشاقة تقارب الإغريق، غير أنه لم يكتب غير خمس مسرحيات، أولها باسم "أنديرا".

أما الكاتب الوحيد ذو الأهمية في التراجيديا الرومانية فهو "سنكا"، وقد ترك تسع تراجيديات أخذت كلها عن تراجيديات يونانية. والمسرحيات التي كتبها أقرب إلى أن تكون تدريبات في الخطابة والفلسفة من أن تكون شعراً درامياً خيالياً. وكثيراً ما تبلغ أحاديث الشخصيات في مسرحياته حداً مسرفاً في الطول، بل قد يكون دخول الشخصيات وخروجها غير مقرون بدوافع من الحياة المسرحية لهذه الشخصيات.

3. الدراما من العصور الوسطى إلى العصر الحديث

شهد عام 476 سقوط روما وسقوط إمبراطوريتها الغربية للمرة الأخيرة. أما فيما يتعلق بتاريخ المسرح فليس لهذا التاريخ أهمية، لأن المسرح الذي له قيمة فنية كان قد مات قبل ذلك بعدة قرون، إذ يعتبر "سنكا" آخر كاتب ذي أهمية، وكان قد مات عام 65م. أما العروض المسرحية التي ظلت موجودة منذ ذلك الحين تدهورت شيئاً فشيئاً حتى بلغت النهاية في التبذّل والبذاءة، وكان هذا هو السبب الحقيقي وراء اتخاذ الكنيسة، عندما استولت على السلطة، قرار بتحريم أية صورة من صور النشاط المسرحي، بل عدّت الكنيسة الممثلين في فئة واحدة مع اللصوص والعاهرات، وغيرهم ممن ينبذهم المجتمع.

وسقطت روما ولكن الكنيسة بقيت قوة كبرى تسيطر على الحياة في أوروبا وظلّت ذات تأثير جوهري في هداية الناس وقيادتهم في الألف سنة التالية. وليس من شك أن نشاط الكنيسة خلال العصور الوسطى فيه الكثير مما يستحق التقدير. فلم يكن في هذه العصور من رحمة، ولم يخرج عنها علم أو فن أو جمال إلا ومصدره الكنيسة.

أما الكتابة المسرحية فقد ظلت منذ وفاة "سنكا" حتى بداية ما يعرف بالعصور الوسطى غير موجودة على الإطلاق، إلا أن هناك استثناء لهذه القاعدة إذ إن عروض الرقص الصامت وفرق الممثلين المتجولين لم تختف تماماً في أي وقت من الأوقات. كما أنه من المعروف أن هناك راهبة في القرن العاشر الميلادي من "ساكسونيا" تدعى "روزفيتا" كتبت عدة كوميديات ورعة، لكن هذا لا ينفي حقيقة أن العصور المظلمة كانت مظلمة حقاً بالنسبة لتاريخ الكتابة المسرحية. ومع هذا فإن الفضل في ميلاد الدراما الجديد لا يعود إلى فرق الممثلين المتجولين ولا إلى الراهبة "روزفيتا"، بل يرجع إلى الكنيسة نفسها بالرغم من إنها كانت صاحبة أكبر أثر في القضاء على المسرح.

خلال القرن العاشر الميلادي دخلت على طقوس قداس الفصح بالكنيسة مسرحية صغيرة من أربعة سطور تصور قيامة المسيح في أبسط صورة درامية ممكنة. ولما أحرزت هذه المسرحية نجاحاً، حليت طقوس القداس في عيد الميلاد وفي غيره من الأعياد المقدسة بشيء من التمثيل. ولما تجمعت هذه المسرحيات الصغيرة، أخرجت من الكنيسة ونظمت في مجموعات تعرف باسم "حلقات الأسرار". وكانت هذه المسرحيات مستمدة كلها من الكتاب المقدس، كما إنها ظلت محتفظة بوظيفتها الدينية أساسا. وبالرغم من كل القيود الدينية وغيرها، انطلقت من جديد قوى الإبداع لدى الكاتب المسرحي وبدأت تعمل عملها في هذه المسرحيات. فقصة كقصة "آدم" ازدادت انشغالاً بالكشف عن طبيعة البشر وهي تصور "إبليس يلعب بمكر على غرور حواء".

نشأت في إنجلترا مجموعات من مسرحيات الأسرار وكذلك ألمانيا، ثم تطورت تلك المسرحيات التي تعالج الموضوعات الإنجيلية لتظهر على السطح مرحلة جديدة أطلق عليها اسم "مسرحيات المعجزات" Miracle Playsالتي تعرضت لحياة القديسين وتتيح هذه المسرحيات للكاتب المسرحي درجة أكبر من الحرية من تلك التي سمحت بها مسرحيات الأسرار.

وقد تطور خلال العصور الوسطى نوع ثالث من المسرحيات هو ما عرف باسم "المسرحيات الأخلاقية"، ومسرحية "أي إنسان" أبرز نموذج من نماذج هذا النوع. وتصور المسرحية أي إنسان وقد استدعاه الموت، فراح يستنجد لرحلته بالصداقة والعصب والقرابة والمال بل وبالقوة والجمال والمعرفة، ولكنهم بمجرد أن يقتربوا من القبر يتخلون عنه جميعاً. وأخيراً لا يجد "أي إنسان" من يرضى بمصاحبته غير الأعمال الصالحات.

وهناك نوع آخر من الدراما المسرحية ظهر وتطور خلال العصور الوسطى وهو ما عرف باسم "مسرحيات الفاصل الهزلي" ومن المحتمل أن تكون نشأة هذه الفواصل راجعة إلى المسرحيات الأخلاقية أو العروض التي كان يقدمها الممثلون المتجولون، وفي كل الأحوال فإن هذه الفواصل تمثل خطوة مهمة في تاريخ الكتابة المسرحية. فقد أصبح المسرح من خلالها دنيوياً من جديد، وعاد مرة أخرى إلى تأدية وظيفته الأولى وهي التسلية والترفيه. وأشهر هذه النماذج مسرحية من فرنسا اسمها "السيد بيير باثلاين" التي ما زال الجمهور الحديث يجد متعة في تتبعها. وقد تكون من أفضل المهازل في العصور الوسطى تلك التي جاءت من ألمانيا على يد (هانز زاكس Hans Sachs) 1494-1576م الشاعر الذي كان يقطن مدينة نورمبرج القديمة.

عرفت إنجلترا هذا النوع من المسرحيات المسماة بالفواصل وكان من أشهرها ما كتبــه (جون هيود John Heywood) 1497-1580م وقد تطورت تلك البداية هناك حتى بلغت أوجها في عبقرية شكسبير بعد ذلك.

في إيطاليا كأنما كان "دانتي Dante" يشعر أن العالم في مطالع القرن الرابع عشر الميلادي يوشك أن يقبل على عصر جديد، فصبّ في "الكوميديا الإلهية" خلاصة الفكر في العصور الوسطى، وصوّر فيها مخاوف عقاب الآخرة تصويراً مهولاً يكشف عن مقدرة عظيمة في الخيال. وقد جاءت الكوميديا الإيطالية في عصر النهضة قريبة الشبه بالكوميديا الرومانية، إلا أنها كانت أشد تبذّلاً وإباحية.

جاء عصر النهضة وأسبانيا مسيطرة على الجانب الأعظم من إيطاليا و الكثير من أوروبا، ومع أنها كانت أبرز دول العالم آنذاك، إلا أن ما حققته في الفن جاء مخيباً للآمال، ذلك بسبب أن روح عصر النهضة في أسبانيا تكسرت بفعل موت الحرية والإبداع على يد محاكم التفتيش هناك.

وبينما كان الإنتاج المسرحي في إيطاليا وأسبانيا في عصر النهضة هزيلاً ومخيباً للآمال، كان في إنجلترا رائعاً يفوق كل توقع، ولا شك أنه كان عصراً مهماً في تاريخ المسرح العالمي.

أخرجت لندن فيما بين عام 1580، و1642، عدداً من المسرحيات العظيمة يفوق ما أخرجته أي مدينة أخرى قبل هذا التاريخ وبعده، باستثناء أثينا خلال القرن الخامس قبل الميلاد.

منذ مطالع القرن الثامن عشر الميلادي حتى منتصفه، بدأ ذلك التحول من الأرستقراطية والكلاسيكية إلى البورجوازية والعاطفية، وظهر أثر هذا التحول بالتدريج على الحياة والأدب معاً خلال هذه المدة.

طوال القرن التاسع عشر الميلادي سيطرت الميلودراما وسادت على المسرح. والميلودراما لا تنشغل بالتجربة الإنسانية وتحليلها قدر انشغالها بتوفير التسلية والترفيه. وشخصيات الميلودراما شخصيات محددة، إما بيضاء تماماً وإما سوداء تماماً، أما الحبكة فيها فهي عادة مصطنعة مفتعلة تنتهي دائماً ودون تخلف بنهاية سعيدة. والميلودراما التي مثلت أغلب المسرح في القرن التاسع عشر الميلادي كانت تتجنب كل ما يثير الفكر أو كل ما يستدعي مناقشة أو خلافاً في الرأي. وقد أدت هذه الصفات مجتمعة إلى أن يعد النقاد الميلودراما أقل الصور الأدبية أهمية. ولكنها من ناحية أخرى نوع أدبي يلائم المسرح والجمهور الذي كتبت له.

4. الدراما الحديثة

قبل الثورة الفرنسية التي مكنت الطبقة البرجوازية من التحكم، نشأت الدراما البورجوازية، التي تعبر عن مشكلات هذه الطبقة، وألقت جانباً الشخصيات العظيمة كالملوك والأمراء والأبطال. وعلى الرغم من تحطم المفهوم التراجيدي الأرسطي وموته نهائياً على يد الدراما الحديثة، إلا أن الدراما الحديثة لم تستطع أن تتخلص من سيطرة أرسطو عند تعريفه للفن الدرامي بعامة على أنه "محاكاة".

لم تنضج محاولة اتخاذ الإنسان العادي مادة للأعمال الدرامية الكبيرة في العواصم المسرحية في ألمانيا أو إنجلترا أو فرنسا، وإنما في أرض النرويج التي لم تكن تعرف الدراما القوية حتى ذلك الوقت. وكان المؤلف هو (هنريك إبسن August Henrik Ibsin) 1828-1906م الذي لا يزال الكثيرون يعدونه أولى الشخصيات وأعظمها في الدراما الحديثة. وبالتالي فإن التأريخ للدراما الحديثة يمكن أن يعبر عنه التأريخ للأديب إبسن نفسه الذي كان في طفولته مرهف الحس، قضى معظم عمره منطوياً على نفسه، فلم يكتسب سوى عدد قليل من الأصدقاء وأخذت تنمو في أعماقه بالتدريج روح التمرد على المجتمع، وهي روح تبدو واضحة في مسرحياته الأولى وتعمل قوى محركة في مسرحياته التالية في فترة النضج. كان سيئ الحظ كأغلب الانطوائيين ذوي النزعات الجادة، تكاد تغلب عليه حالة من الفشل المزمن. ثم جاء الاستثناء الساطع للقاعدة عام 1851م عندما عرض عليه عازف الكمان "أول بول" منصباً في إدارة المسرح القومي النرويجي تقبله إبسن الذي كاد يشرف على حافة التضور جوعاً في لهفة شديدة. وقد أتاحت له السنوات الخمس التي قضاها مديراً للمسرح احتكاكاً كبيراً بأعمال مسرحية خالدة لكل من شكسبير وموليير وغيرهما من عظماء الدراميين. وقد كتب إبسن مسرحيتين مهمتين في الدراما الحديثة هما: "ملهاة الحب" و"المطالبة بالعرش".

في السويد ظهر الكاتب المسرحي الذي لا يقل شموخاً عن إبسن وهو " (أوجست سترندبرج August Strindberg) 1849-1912م، وإذا كان نفوذ هذا الكاتب بسيطاً حتى الحرب العالمية الأولى فإنه لم يبق كذلك بعد الحرب، وقد نال تقدير النقاد والمؤلفين والشعراء.

ومع تطور الدراما تطورت أيضاً عناصر المسرح من ديكور وإضاءة ومؤثرات صوتية وضوئية، أدت إلى تطور الفن المسرحي، ثم دخل الكمبيوتر ليعطي إمكانات كبيرة للدراما المسرحية وللفنانين، وليتيح لهم مساحة أكبر في إبراز مواهبهم الفنية.

الإمكانات التكنولوجية في المسرح

يُعد المسرح نتاجاً لتكامل النص مع التعبير الصوتي والحركي للممثلين وتفاعلهم مع الديكور والإضاءة والأزياء، فتظهر من هنا إمكانية استخدام الكمبيوتر في جزء من الديكور والمؤثرات الصوتية والضوئية. وعلى سبيل المثال: يمكن استخدام شاشات للعرض متصلة بأجهزة كمبيوتر لتعطي مؤثرات مكملة للديكور، ويمكن استخدامها على هيئة مجموعة كبيرة يتحكم فيها أكثر من جهاز كمبيوتر بحيث تُكون مُؤثراً قد يكون على شكل أجزاء من صورة أو صور مختلفة وتتغير من شكل إلى آخر لتعطي المؤثر المطلوب. وباستخدام تكنولوجيا العرض هذه مع بعض برامج الكمبيوتر مثل (3D Graphics) و(Virtual Reality) يمكن تكوين شعور بالعمق وبمناظر مختلفة تتناسب مع العرض المطلوب، وتتميز بإمكانات ديناميكية لا تتوافر في الديكور المبني بالأساليب التقليدية، وعلى سبيل المثال يمكن للديناميكية أن تسمح بتغيير عناصر العرض مع الاستفادة من عروض فيديو أخرى لتكون جزءاً مكملاً للخلفية.

إن المؤثرات الفعلية أو الحقيقية هي استثمار أقصى الطاقات غير النهائية لجهاز الكمبيوتر في ابتكار أدوات العمل الفني ورموزه واستنساخها صوتاً وصورة بحيث يتعدى تأثيره على المشاهدين (أحياناً) حاجز الواقع إلى عالم ما وراء الواقع الكاذب أحياناً، والمؤثرات الفعلية تقدم لمستخدم الكمبيوتر أدواتها التي تجعله يغوص في تجربة كاذبة بحيث تبدو كأنها واقع ملموس، وعندما يرى المشاهدون تلك المؤثرات الفعلية تعتقد نسبة ضئيلة منهم أنهم يشاهدون العمل من خلال نظارة شمسية وكأنهم داخل الكمبيوتر، وذلك حيث تكون المؤثرات الواقعية قد جرى تكوينها.

في سويسرا عرضت مسرحية باسم "خطوة إلى العالم الآخر" بمدينة أراو، ففي هذا العرض وُزعت نظارات خاصة على المتفرجين لتساعد في إبراز الحيل التي تنطلق أساساً من خشب المسرح وتجسيدها لتشاهد البطل مثلاً يحمل رأساً كبيراً للغاية وجسماً نحيلاً يكاد يشبه جسم طفل.

الليزر والهولوجرام (Hologram)

من المجالات التي شهدت توظيف أشعة الليزر بدرجة عالية من الكفاءة هو مجال التصوير الثلاثي الأبعاد أو الهولوجرام (اُنظر صورة الهولوجرام)، وذلك في تصميم الفراغ المسرحي.

يتم تسجيل الهولوجرام على فيلم أو على لوح من الزجاج الخاص يسمى "لوح الهولوجرام"، فإذا نظرنا إلى صورة فوتوغرافية اعتيادية التقطت لطفل واقف خلف سيارة، فستظهر فقط صورة السيارة دون الطفل حتى لو نظرنا إلى الصورة من جميع الجهات، لأن الصورة نفسها ذات بُعدين فقط، أما إذا أُخذت اللقطة نفسها للطفل والسيارة بواسطة الليزر وعلى لوح الهولوجرام فإن الأمر سيختلف وتبدو الصورة مجسمة ويمكن مشاهدة الطفل بسهولة بمجرد النظر إلى الصورة من زاوية معينة يساراً أو يميناً، وهذا يدل على أن الهولوجرام يشابه تماماً الصورة الحقيقية.

إن الليزر ذلك الوافد الجديد إلى عالم الضوء، هو في الواقع عُدة المستقبل لإنجاح العمل الفني، إذ إنه عن طريق الهولوجرام يمكن أن يعطي بأشعته تجسيماً واستدارة للمنظر المسرحي من خلال انعكاسات صورته المسطحة على مرايا، فتصل الصورة لعين المشاهد بأبعادها الثلاثة في الفراغ المسرحي. ولا ريب أن هذه الطريقة ستُثري العمل الدرامي والاستعراضي وتمدّه بطاقة جديدة وإمكانية هائلة على الإيهام في مستوى الصور المسرحية بشكل عام في أي لحظة من لحظات العرض، مما يُؤثر تأثيراً مباشراً وغير مباشراً في عملية الإبداع الفني. فكلما استفاد الفنان من عمليات إنتاج المنظر والصورة الهولوجرامية وأدرك تفصيلاتها ومراحلها وخصائصها العلمية والجمالية وطبيعة العلاقة الممكنة بينها وبين غيرها من مواد إنتاج صور مسرحية أخرى، زادت بالتبعية خبراته وقدراته على تصميم المناظر وتركيبها وتغييرها وتنويعها في سهولة ويسر.

إن إمكانات الهولوجرام الفنية تجعل رجال المسرح يستخدمونه في عمل خلفيات ذات تأثيرات إيجابية على من يراها، خاصة إذا اقتضت بعض المشاهد رؤية المجسمات بشكلها الطبيعي.

ومن أمثلة استخدام التكنولوجيا في المسرح الحديث نذكر:

مسرحية: مس سايجون Miss Saigon، التي عُرضت عام1991.

استخدم غاز يضخ داخل مواسير أسفل خشبة المسرح لتساعد في تحريك أثقال كبيرة يصعب نقلها أو تحريكها إلا بهذه الوسيلة، وهي (فكرة الوسائد الهوائية) كما استخدمت أجهزة ضوئية تتحرك في أي اتجاه وأي زاوية من على بعد باستخدام الكمبيوتر الذي يتحكم في كل شيء حتى كمية الضوء المنبعث منها والمنطقة المراد إضاءتها ويتم تشغيل هذه الكشافات وتحريكها من خلال التحكم عن بعد يصدر أشعة تحت الحمراء إلى خلية ضوئية فتتم عملية التحريك المطلوبة. يضاف إلى ذلك دور الليزر والهولوجرام في تجسيد بعض الأشكال في فراغ خشبة المسرح في أثناء أحد المشاهد والذي بدا واضحاً من خلال إسقاط مجموعة من الدوائر المتداخلة التي أوحت بشكل منقسم في الوسط. هذا إلى جانب حركة هبوط الطائرة وصعودها على المسرح.

مسرحية تيتانيك Titanic، التي عُرضت في يناير عام 1997.

كانت المشكلة التي قابلت المصمم هي الكيفية والإمكانية لعرض مناظر متعددة بإيقاع سريع بين قطاعات مختلفة في السفينة. وطبيعة هذه المناظر تتطلب الإحساس بأنها ذات أبعاد رأسية بعضها لبعض. وهناك مشكلة أخرى هي كيفية غرق السفينة في المياه بشكل مقنع ومقبول، فاستطاع المصمم أن يجد مسرحاً ذا خشبة تتوافر فيها مواصفات الخشبة المتحركة بكل أجزاءها وليست مناطق محدودة فقط والتي أضاف لها المصمم أيضاً إمكانية أن تصعد من أحد الجوانب بشكل مائل بمساعدة أجهزة ميكانيكية كهربائية أسفل خشبة المسرح المقص الهيدروليكي.

وقد حقق فكر المصمم باستخدام بانوه بعرض فتحة المسرح مثبت على المستوى الأمامي ويصعد به من أسفل خشبة المسرح في زمن دقيق وبحسابات مبرمجة على الكمبيوتر لكلا العنصرين - المقص الهيدروليكي بارتفاعه والميل الذي ينتج من هذا الارتفاع مع صعود البانوه الأسود ليغطي جزءاً فجزء من السفينة إلى أن تتكامل اللحظة بسواد حالك غطى جميع أجزاء السفينة مع إضافة التأثيرات الضوئية والصوتية لتحقيق هذا الحدث الأساسي في المسرحية.

مسرحية كانديد Candide، عُرضت في أبريل عام 1997.

استخدمت التكنولوجيا في تحريك عربة يقف عليها خمسة عشر ممثلاً يجرها ممثلان. ومن خلال محرك أسفل العربة يعمل من على جهاز للتحكم عن بعد (Remote Control). والحركة سمة أساسية في هذا الديكور المكون من عربات مركّبة عليها عناصر تشكيلية كلها تتحرك بسهولة ويسر كما أنها تفك وتركب لتكون الشكل المطلوب وبأكثر من شكل واستخدام. واحتوت مناظر هذه المسرحية أيضاً على مركب مجسم، وكان ذلك من خلال دخول مستوى في المنتصف وإسقاط ضوئي ما، يمثل فنار مركب، وباستخدام الأجهزة الضوئية الحديثة أعطى إحساساً بأن المركب يبحر في مياه. كما تضمنت هذه المناظر استخدام خامتي "الاستيروبور" والبلاستيك في تكامل وتناغم في كل من الديكور والملابس.




[1] المتاحف الأثنوجرافية: هي المتاحف التي تُعنى بحفظ مخلفات الشعوب ليعرف الناس عن شؤون حياتهم ما يريدون.