إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / فن المسرح، وتاريخه




الهولوجرام
المسرح اليوناني
المسرح الدائري

المسرح اليوناني
المسرح الروماني




فن المسرح، وتاريخه

8. المسرح في العراق

في عام 1926م زارت فرقة جورج أبيض العراق، وقدمت حفلات تمثيلية في كل من بغداد والبصرة فكانت هذه الزيارة النواة التي تبلورت حولها حركة مسرحية نشطة، كانت موجودة من قبل، وكانت تبحث عن محور تدور عليه ومحرك يدير هذا المحور.

وقد وجدت الحركة المسرحية العراقية المحور في زيارة تلك الفرقة المصرية التي كان لها الأثر الفعال في وضع الأسس الفنية الأولى للمسرح في العراق، وتغيير نظرة الناس إلى هذا الفن، ورفع مستوي الهواة العراقيين الذين عملوا في هذا المجال.

أما المحرك فقد كان ذلك الفنان العراقي الدافق الحماس: "حقي الشبلي" الذي اشترك مع فرقة جورج أبيض بتمثيل دور ابن أوديب في مسرحية "أوديب ملكا" التي قدمتها الفرقة هناك. ومن ثم اندفع حقي الشبلي في طريقه المسرحي الطويل فألف أول فرقة مسرحية عراقية محترفة في مطلع 1927م، اشترك فيها إلى جانب الفنانين العراقيين نفر من الممثلين السوريين والمصريين وهم: بشارة واكيم وعبداللطيف المصري وعبد النبي محمد ومحمد المغربي وغيرهم. وتجولت فرقة حقي الشبلي في العراق تدعو إلى التمثيل وتقدمه للجمهور.

وتوالت زيارات الفرق المسرحية من بعد، فجاءت فرقة فاطمة رشدي عام 1929م، وقدمت عدداً من المسرحيات، ومن ثم جرى الاتفاق بين الفرقة والأستاذ حقي الشبلي على أن ينضم إليها، فسافر إلى مصر للعمل والتدريب تحت إشراف عزيز عيد. وظل الشبلي بمصر في سفرته الفنية هذه ما يقرب من عام. فلما عاد إلى العراق 1930م مع رحلة أخرى لفرقة فاطمة رشدي قدمت فيها الفرقة حفلات في بغداد والبصرة والموصل، تخلّف في العراق الشبلي وألّف فرقة باسمه هي "فرقة حقي الشبلي" التي ظلت تكافح خمس سنوات متصلة في سبيل دعم الفن المسرحي العراقي عن طريق التمثيل في العاصمة وأقاليم الشمال والجنوب.

ثم سافر حقي الشبلي إلى فرنسا عام 1935م للدراسة، فلما عاد عام 1939م أسس قسماً للتمثيل في معهد الفنون الجميلة، أخذ على عاتقه إعداد الممثلين والمخرجين وتقديم المواسم المسرحية.

كانت هذه فترة ذهبية للمسرح العراقي، ظهرت خلالها عدة فرق محترفة قدمت إنتاجاً مسرحياً متعدد الجوانب، وتمكن بعضها من تأسيس مسارح أهلية.

وبهذا اكتملت للحركة المسرحية العراقية عناصر أساسية في كل حركة مسرحية وهي: فنانون متحمسون يعملون بحماس الهواية، على مستوي الاحتراف، وصلات عضوية حيوية بالفرق المسرحية خارج البلاد، ومادة مسرحية قابلة للتقديم كما هي أو بعد التشكيل، ومؤلفون مسرحيون من نوع أو آخر يقدمون أعمالاً مسرحية متفاوتة الحظ من الجودة والإبداع، ولكنها تكفي لكي يستمر النشاط المسرحي من يوم إلى يوم.

كل ما كان ينقص المسرح العراقي إذ ذاك أن يقوم فيه الكاتب المسرحي القومي الذي يكتب لبلاده بالنظر العميق والفن المسرحي المقنع، وهذا لم يتأت للعراق إلا في أوائل الستينيات من القرن العشرين الميلادي أو نحوها.

في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي بدأ الكاتب العراقي "يوسف العاني" يتحسس طريقه حين كتب مسرحيات مثـل "رأس الشليلة"1951م وفيها يستخدم أسلوب التمثيلية الإذاعية كي يفضح ما يدور في الدوائر الحكومية من فساد إداري، ويجمع العاني هنا بين الواقعية في العرض والتصوير وبين شيء من الفكاهة. والنقد الاجتماعي في تلك المسرحية كان واضحاً ومباشراً وموجه نحو هدف يرمي إليه العاني دائماً في مسرحياته وهو نصرة المظلوم الشعبي على خصومه من أعداء الشعب ومستغليه. وفي العام 1955م بلغ العاني مرحلة مهمة من مراحل التطور المسرحي حين كتب مسرحيته المعروفة "أنا أمك يا شاكر" ودخل بفنه بقوة وجسارة ودون مواربة في المعركة الوطنية التي كانت تدور في العراق إذ ذاك، لتحقيق التحرر الوطني على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ما بين عامي 1967 - 1968م أي بعد اثني عشر عاماً من كتابة "أنا أمك يا شاكر" كتب العاني مسرحية "المفتاح" وكان مشغولاً فيها كعادته بالإنسان وقضاياه.

إلى جانب يوسف العاني قام كتاب مسرحيون واعدون، يمدون الحركة المسرحية العراقية بنصوص إن تفاوتت في القيمة فهي مع هذا روافد لها شأنها، لهذا المجري المسرحي الواضح الذي شقه يوسف العاني للمسرح العراقي. من أمثال هؤلاء "نور الدين فارس" الذي يتابع فن العاني الاجتماعي فيقدم مسرحية البيت الجديد 1968م، وفي مسرحية "جدار الغضب" يعرض نور الدين فارس ثورة الزنج عرضاً درامياً بسيطاً ولكنه مؤثر.

ما بين عامي 1968 - 1969م كتب عادل كاظم مسرحية "الموت والقضية" وانتزع من ألف ليلة شخصيتيها الدائمتين: شهرزاد وشهريار، وجعل منهما رمزين للحرية "شهرزاد" والضياع "شهريار", انشأ ما بين الاثنين علاقة جديدة هي علاقة الحرية التي تحوم حول الضياع.

وثمة مسرحيات فكرية أخرى كتبها كتاب لا تنقصهم الموهبة مثل: "خشب ومخمل" 1965-1966م لعبدالملك نوري، و"السؤال" لمحيي الدين حميد 1970م. وعلي درب استلهام التراث أعد قاسم محمد في عام 1973م مسرحيته الطريفة "بغداد الأزل بين الجد والهزل" وفيها يغوص قاسم في بطون كتب التراث: كتب الجاحظ ومقامات الحريري وما رواه الرواة عن أشعب الطفيلي.

ومن الإنجازات الواجبة التسجيل للمسرح العراقي اهتمامه بأعمال الفنانين المسرحيين في آسيا وأمريكا اللاتينية. وفي هذا الصدد قدمت الفرقة القومية للتمثيل مسرحيات "طائر الحب" للكاتب الياباني كيند ستياو، و"الإملاء" للكاتب الإيراني كوهر مراد، و"شيرين وفرهاد" للكاتب التركي ناظم حكمت و"الثعلب والعنب" للكاتب البرازيلي جولهيم فيجويردو، و"الأشجار تموت واقفة" للكاتب الأسباني أليخاندرو كاسونا.

9. المسرح في الكويت

عرفت الكويت المسرح بوصفه نشاطاً تعليمياً وتثقيفياً عن طريق فرق المدارس، وبجهود فنان كويتي نذر نفسه منذ البداية لاستنبات المسرح في تربة الكويت وهو: حمد الرجيب.

كان الرجيب هو الحافز والمشجع للفنان الشعبي الكويتي محمد النشمي على أن يتخذ المسرح وسيلة للتعبير عن ذاته ومجتمعه، وذلك حين استدعاه ليكون ضمن فريق مدرسة الأحمدية الذي كان يعتزم التمثيل منافسة مع المدرسة المباركية.

كان ذلك في عام 1940م، وكانت فرقة تمثيلية قد سبقت فرقة الأحمدية إلى الظهور، هي فرقة المباركية التي تأسست عام 1938م.

وقد كان مقدراً لمحمد النشمي أن يصبح من بعد نجماً من نجوم النظرة الشعبية لفن المسرح، فقد قدم في الأعوام ما بين 1956 - 1960م عشرين مسرحية بينها واحدة فقط كتبت سابقاً على العرض، وهي مسرحية "تقاليد" لشاب من هواة المسرح ومريديه هو صقر الرشود.

جاهد "محمد النشمي" في المسرح الكويتي، وتعهد النبت، حتى ضمن الإقبال العريض من الجماهير، في بلد لم يعرف المسرح من قبل، تصبح الصعوبة هنا صعوبتين: شق الطريق، والسير فيه.

والنتيجة العملية لمسرحيات محمد النشمي التسع عشرة هي بزوغ فن المسرح الموجه إلى الجمهور العريض في الكويت، وتمخض هذا الفن عن نوع من العرض المسرحي يجمع بين النقد الاجتماعي - هدف الكوميديا الدائم - وبين العرض الترفيهي. ولولا جهود النشمي في المسرح الكويتي لما قامت له قائمة. إذ إن المسرحيات قبله كانت تعليمية تقدم في المدارس، ويحضرها المعنيون من أقارب الطلبة ومن المشرفين عليهم، و مسرحيات تاريخية أو وعظية تقدمها جماعات الهواة في الأندية.

لقد ضمن محمد النشمي للمسرح الكويتي شهادة ميلاد معتمدة من الشعب أولاً، وليس من الجهات الرسمية ذات الاختصاص. وبهذا أمن للمسرح الكويتي ولادة شرعية.

إلى جانب جهود النشمي وزملائه من أعضاء فرقة المسرح الشعبي، يذكر جهد حمد الرجيب الذي ساعد أن يبقى المسرح في البلاد، وذلك بالتأليف للمسرح أو بمشاركة غيره في التأليف، أو بالتمثيل أو بالإخراج.

ويعد المهتمون بالمسرح الكويتي حمد الرجيب أول هاو للمسرح في الكويت، إذ أسهم في تمثيل مسرحية "إسلام عمر" في الثلث الأول من القرن وتحديداً في العام 1938م.

ثم توالت المسرحيات في العام ذاته 1938م، تقدمها فرق المدارس في العطلة الصيفية فشهد ذلك العام مسرحيات: "هاملت" و"المروءة المقنعة" و"في سبيل التاج" و"فتح مصر". وقد قام حمد الرجيب بالإشراف على هذه المسرحيات جميعها، وكان من ضمن ما يقدم عطاء لفن المسرح الوليد، إلى جانب الإخراج والتمثيل، صناعة الماكياج والديكور، كما ألف بالاشتراك مع الشاعر الكويتي المعروف أحمد العدواني مسرحية "مهزلة في مهزلة".

وقد أوفد حمد الرجيب إلى مصر، لدراسة فن المسرح في معهدها العالي عام 1948م، وعاد منها عام 1950م، مسلحاً بنظرة علمية وعملية في المسرح، ومن ثم اتجه إلى تأصيل المسرح في الكويت على أسس متينة. كذلك شجع الرجيب ترجمة المسرحية العالمية إلى العربية في الكويت، فأعان في عام 1957م محمود توفيق على نشر ثلاث مسرحيات لموليير ترجمها إلى العربية. كما ظل على علاقة متصلة بالحركة المسرحية في مصر ومن أقطابها المعروفين أستاذه: زكي طليمات، وكان الرجيب قد عين في عام 1954م في منصب مدير الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم وكيلاً لوزارة الشؤون عام 1962م، وبهذا أعطى رجل المسرح الأول في الكويت الرغبة والقدرة على التنفيذ في وقت واحد.

لم يطل الأمر بحمد الرجيب حتى مد جسوراً للكويت مع الحركة المسرحية في مصر، فبعد زيارتين للكويت قام بهما الأستاذ زكي طليمات، وأثار فيهما انتباه الرأي العام - والمثقفين خاصة - إلى المسرح وضرورته اجتماعياً وفنياً، وإلى الدور الحضاري والتحريري الذي يؤديه في حياة الشعوب، خاصة تلك التي تقبع فيها المرأة حبيسة جدران منزلها - بعد هاتين الزيارتين، استقدمت الكويت الأستاذ زكي طليمات للإقامة بها، والعمل على النهوض بفن المسرح فيها، فأنفق في هذه المهمة عشر سنوات طوال تبدأ من 1961م.

شهدت هذه الفترة قيام فرقة المسرح العربي عام 1961م، وكان طليمات قد دعا إلى قيام هذه الفرقة في تقريره إلى وزارة الشؤون عام 1958م، وحدد مهمتها ومجال عملها في حديث أدلي به إلى مجلة "حماة الوطن" في 15 يونيه 1961م. وقد كونت فرقة المسرح العربي على أسس علمية معروفة، فجلبت المواهب إليها عن طريق الإعلان العام، وكان من بين المتقدمين امرأتان هما مريم الصالح، ومريم الغضبان، فكانتا أول امرأتين تقفان على خشب المسرح في الكويت. وجعل طليمات يدرب أفراد الفرقة جميعاً، المشارك منهم في التمثيل وغير المشارك، وأنشئت لجنة ثقافية للفرقة وجعلت لها مكتبة، وبهذا استكملت الفرقة الشكل العلمي المعاصر والمعترف به في عالم المسرح.

وفي عام 1963م قدمت فرقة المسرح العربي أول مسرحية كويتية وهي "استأرثوني وأنا حي" كتبها سعد الفرج، وأخرجها طليمات وقامت بالدور النسائي فيها مريم الغضبان، وكانت بقية الممثلين من الكويتيين، فهي بهذا أول عمل مسرحي كويتي تأليفاً وتمثيلاً.

10. المسرح في البحرين

عرفت البحرين فن المسرح حينما أنشئت فيها أول مدرسة نظامية 1919م، وهي مدرسة: الهداية الخليفية في مدينة المحرق. فلم يمض على قيام المدرسة ست سنوات حتى وجدت في أساتذتها وطلابها القدرة والشجاعة على اعتلاء خشب المسرح.

وكانت المسرحية الأولى في تاريخ البحرين هي مسرحية "القاضي بأمر الله" وفي عام 1928م قدمت المدرسة نفسها مسرحية "امرؤ القيس" وتبعتها مسرحية "نعال بو قاسم الطنبوري".

وفي 1928م كذلك قدمت مسرحية " ثعلبة " على مسرح مدرسة الهداية الخليفية - فرع المنامة. وفي عام 1932م قدمت مدرسة الهداية في المحرق مسرحية "داحس والغبراء".

ثم حدث أن قام خلاف بين بعض مديري المدارس وأساتذتها من جهة، وبين الهيئة القائمة على التربية في البحرين من جهة أخرى، فأخذت المدارس الأهلية تظهر إلى الوجود. وأولى هذه المدارس كانت مدرسة الأستاذ إبراهيم العريض التي أسست عام 1932م وظلت تعمل طوال سنوات ثلاث أو أربع ثم أقفلت نتيجة لسفر مؤسسها إلى الهند.

وقد قدمت هذه المدرسة بعض النشاط المسرحي أبرزه مسرحية شعرية كتبها الشاعر إبراهيم العريض بعنوان "وامعتصماه" وهي أول مسرحية بحرينية على الإطلاق، يعالج موضوعها فترة من تاريخ العصر العباسي، وقد أخرجها المؤلف نفسه. ثم كتب من بعد مسرحية "وليم تل" بطل الاستقلال في سويسرا، وقد أنشأها إبراهيم العريض باللغة الإنجليزية ومثلها نفس طاقم الممثلين الذي قدم "وامعتصماه"، وقد لاقت هذه المسرحية نجاحاً كبيراً.

وكانت عروض هذه المدرسة تقدم على أرض تبرع بها أحد الأثرياء، كما تبرع ثري آخر بألواح الخشب، التي صنع منها هيكل المسرح، وتبرع القادرون من الطلاب بالمقاعد والكراسي.

وإلى جانب مدرسة العريض كانت هناك مدرسة "الإصلاح الأهلية" التي أسسها الشاعر عبدالرحمن المعاودة، الذي يعده البعض الرائد الأول للمسرح في البحرين، فقد كان مؤلفاً ومخرجاً وممثلاً أيضاً.

وقد قدمت المدرسة بفضل مواهبه المتعددة عديداً من المسرحيات كان أولها مسرحية "سيف الدولة بن حمدان" من تأليف وإخراج عبدالرحمن المعاودة عام 1931م، وتبعها مسرحية "عبدالرحمن الداخل" 1936م من تأليفه وإخراجه أيضاً.

في عام 1940م قدمت المدرسة الخليفية للبنات بالمنامة مسرحية "لقيط الصحراء"، وقدم نادي البحرين في العام ذاته مسرحية "مجنون ليلى" لأحمد شوقي، وكذلك مسرحيته "مصرع كليوباترا" ثم مسرحية "قيس ولبنى" للشاعر عزيز أباظة.

في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي ظهرت طائفة جديدة من الفنانين، كانت أرسخ قدماً من الفئة التي سلفت الإشارة إليها، وهي فرق شباب الأندية، أندية متواضعة جداً، تستأجر غرفة أو غرفتين من مبنى، تمارس فيهما نشاطاتها الثقافية والفنية كافة.

فإذا ما أرادوا تقديم عرض مسرحي ما، سألوا بعض القادرين أن يأذنوا لهم بإقامة عروضهم على أرض خالية يملكونها أو أي ساحة تقع أمام منزلهم. وكانوا يستأجرون الخشب أو يشترونه ليبنوا به بأنفسهم مسرحاً صغيراً في العراء، فإذا ما انتهوا من الغرض باعوا الخشب بنصف ثمنه للتاجر الذي اشتروه منه.

وكانوا يعتمدون في الإيراد على بيع تذاكر لا ثمن محدداً لها، ويترك تحديد هذا الثمن للمدعو. وكان هذا يحدث في الليلة الأولى فقط ثم تباع التذاكر من بعد بالطريقة المألوفة. وكانوا إلى هذا يختارون الأحداث في سن 12 و 13 سنة لأداء الأدوار النسائية أو الشبان من ذوي الأصوات الرقيقة، الذين كانت تقوم لهم حاجة، لأن المسرحيات كانت تتخللها مقاطع غنائية.

وقد ازدهرت الأندية الثقافية في مدينة المنامة، وكان أعضاؤها من الشباب يهتمون بالمسرحيات الكلاسيكية التي تتناول أحداثاً اجتماعية أو تاريخية.

في عام 1955م تشكلت فرقة من هواة التمثيل أطلقت على نفسها اسم "الفرقة التمثيلية المتنقلة" وكانت تتكون من عدد من الشباب المتحمس لفن المسرح، اتخذت من المكتبة الشعبية الخاصة بأحد أعضائها مقراً لها، ثم زاد عدد أعضائها واستطاعت الفرقة أن تقدم أول عرض مسرحي لها في أبريل 1955م على مسرح نادي العروبة، وكان العرض يتألف من ثلاث مسرحيات "الإنسانية المشردة" تأليف وإخراج محمد صالح عبدالرزاق و"صرخة لاجيء" و"الضمير" من تأليف وإخراج صلاح المدني.

ثم نشأ خلاف بين أعضاء الفرقة فانقسمت قسمين، القسم الأول تحت اسم "الفرقة التمثيلية المتنقلة" والثاني تحت اسم "فرقة البحرين التمثيلية".

بعد ذلك ظهرت فرقة "مسرح الاتحاد الشعبي"، وارتفع عدد أفراد الفرقة إلى ستين، وأخذ المشرفون عليها جانب الحذر، فقدموا عرضين تمهيديين على سبيل اختبار المواهب قصر حضورهما على الأعضاء وكانت المسرحيات المقدمة هي "قيس وليلى" و"تذكر يا ولدي" و"دكتور في إجازة".

وفي عام 1970م ظهرت فرقة مسرحية أخرى تحمل اسم "مسرح أوال" كون الفرقة بعض من الشباب المتحمس، وكان باكورة إنتاج الفرقة مسرحية "كرسي عتيق" تأليف وإخراج محمد عواد وكان ذلك في يناير 1971م. وتكونت بعد ذلك فرقة مسرحية جديدة تحت اسم "مسرح الجزيرة" وقدمت مسرحيتين أولاهما كويتية: "غلط يا ناس" والثانية "الضايع" لفؤاد عبيد.

11. المسرح في ليبيا

يعد الشاعران أحمد قنابة وإبراهيم الأسطي عمر في مقدمة الرعيل الأول من رجالات المسرح البارزين في ليبيا. الأول كان يعمل مذيعاً إبان الاحتلال الإيطالي للبلاد، وأسهم في العديد من المسرحيات التي كانت تقدمها في ليبيا فرقة إيطالية عرفت باسم "الدبولاكورو" أي ما بعد العمل. وكانت هذه الفرقة تتألف من مجموعة من الهواة يمارسون نشاطهم الفني بعد الفراغ من أعمالهم الرسمية. وكانت أغلبيتهم من الأجانب بينهم عدد قليل جداً من أبناء البلاد، وقد ظلت هذه الفرقة تعمل من 1925 حتى 1936م، وشارك الشاعر أحمد قنابة في التمثيل مع الفرقة طيلة هذه الأعوام.

جاءت الزيارات المتعددة التي قامت بها الفرق العربية من مصر وتونس لتدعم الحس المسرحي عند قنابة وغيره من فناني المسرح. وكان بين الفرق المسرحية التي زارت البلاد فرقة جورج أبيض، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة يوسف وهبي، وقد لاقت هذه الفرق جميعاً التشجيع والإقبال الكبيرين من المواطنين، مما شجع قنابة وزملاءه من مدرسي مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية على المضي على درب المسرح وبخاصة بعد أن زارت إحدى الفرق الليبية وهي فرقة درنة المعروفة باسم "فرقة هواة التمثيل" مدينة طرابلس وقدمت فيها مسرحية "خليفة الصياد".

تشجع قنابة بهذه الزيارة وقوي بها عوده، فأسس الفرقة الوطنية الطرابلسية عام 1936م، وقدمت الفرقة مسرحيته الأولى "وديعة الحاج فيروز"، وأعقبتها بمسرحية "حلم المأمون" من تأليف وإخراج أحمد قنابة.

وقد كان يساعد قنابة في عمله نخبة من الفنانين والمثقفين بينهم الهادي المشيرقي ومحمد حمدي والدكتور مصطفي العجيلي وفؤاد الكعبازي، وكان هذا الأخير يتولى مهمة إعداد الديكورات ورسم اللوحات الدعائية. وقد قدمت الفرقة أعمالها على مسرح البوليتياما الذي حلت محله سينما النصر.

وقد كانت هذه الفرقة وغيرها ما بين محلية وزائرة تعمل في ظل مقاومة شرسة من سلطات الاستعمار الإيطالي، التي أحست بخطر المسرح وقدرته على إيقاظ العواطف، فكانت تعمد إلى محاربة فرقة مدرسة الفنون والصنائع وتهدد مناصريها والقائمين عليها، ووصل الأمر بهذه السلطات الاستعمارية إلى حد منع تمثيل مسرحية "صلاح الدين" لما تحويه من تمجيد للعرب والعروبة.

كان هذا في طرابلس. أما في درنة، فقد بدأت فرقة هواة التمثيل عملها هناك في عام 1928م، وكان في درنة ممثل كوميدي محبوب هو محمد عبدالهادي الذي برع في تمثيل الأدوار الكوميدية وإلقاء المنولوجات الفكاهية.

وقد اصطدمت الفرقة بمعوقات كثيرة، كان على رأسها سلطات الاستعمار الإيطالي، بالإضافة إلى الصعوبات الأخرى التي يلقاها الهواة في كل بلد لم يعرف فن المسرح الحديث إلا أخيراً. فقد عجز جمهور المتفرجين عن دعم الفرقة دعما كافياً، لقلة خبرته وندرة زيارته للمسارح، هذا بالإضافة إلى انعدام العنصر النسائي بين الفنانين الليبيين، وعدم وجود قاعة عرض يقدمون عليها أعمالهم، وهنا يأتي الدور الريادي الذي أداه الشاعر إبراهيم الأسطي عمر، الذي كان أحد مؤسسي فرقة هواة التمثيل. فقد بسط على الفرقة الناشئة حمايته الثقافية والمالية كذلك، ولما لجأ محمد عبدالهادي إلى استئجار بيت تؤدي فيه الفرقة تمارينها، بعد أن رفضت سلطات الاستعمار منح الفرقة رخصة العمل، ساند الرائد المسرحي إبراهيم الأسطي عمر جهود الفرقة، فقدم مشورته الفنية والثقافية، وأسهم إسهاماً فعالاً في تمثيل بعض الأدوار وإخراج عدد من المسرحيات، واختيار النصوص وتعديلها بحيث تتماشى مع البيئة الليبية. وحين كان يعوز الفرقة المال، كان هذا الرائد الشجاع يدفع من راتبه الضئيل للإسهام في نفقات شراء المعدات والمهام المسرحية اللازمة.

في عام 1965م كتب عبدالله القويري، أحد أدباء ليبيا البارزين في ميدان القصة والمقالة الأدبية مسرحية أسماها "الجانب المضيء". وفي عام 1972م كتب عبدالله القويري مسرحية أخرى هي "الصوت والصدى".

من كتاب المسرح الليبيين كذلك الكاتب عبدالكريم خليفة الدناع، وجهوده في سبيل المسرح لا تقتصر على كتابة المسرحيات، بل أنها تتعدى هذا إلى الإسهام في تأسيس الفرقة المسرحية التابعة للنادي الأهلي المصراتي، وقد قام بأعمال السكرتارية لها، وقام بإعداد بعض المسرحيات العربية والعالمية لعروض الفرقة.

وقد مثلت مسرحيته "دوائر الرفض والسقوط" في كل من مهرجان المسرح الليبي الأول الذي أقيم عام 1971م، وفي المهرجان الوطني الجزائري عام 1971 كذلك.

وقد كتب الدناع مسرحيات هي "سعدون"، "باطل الأباطيل"، "دوائر الرفض والسقوط"، المحنة و"العاشق". ومن المسرحيات الليبية الناجحة والمقنعة على الصعيدين الفني والفكري مسرحية "الأقنعة" التي كتبها محمد عبدالجليل قنيدي، ونشرتها دار مكتبة الفكر.

وللكاتب: الأزهر أبو بكر حميد مسرحيات كثيرة منها المسرحيتان "وتحطمت الأصنام" و"السماسرة" وقد طبعتا في بيروت عام 1971م، وكذلك المسرحيتان "الأرض والناس" و"دولاب الملابس وحجرة المكياج" وقد طبعتا في طرابلس بليبيا عام 1973م.

كتب للمسرح الليبي كذلك: أحمد إبراهيم الفقيه، وهو وثيق الصلة بالحركة المسرحية في ليبيا، فقد كان عضواً بالمسرح القومي، فمديراً لمعهد جمال الدين الميلادي للتمثيل والموسيقي في يناير 1971م، وقد أسس فرقة مسرحية أهلية عام 1959م وقام بالتأليف والإخراج لها.

12. المسرح في تونس

قدمت إلى تونس عام 1908م، فرقة كوميدية شعبية يرأسها الممثل المصري محمد عبدالقادر المغربي، المعروف بكامل وزوز، ومثلت مسرحية "العاشق المتهم" مقتبسة عن الإيطالية، وحاول التونسيون من بعد تكوين فرقة مسرحية تشرف عليها جمعية سميت "النجمة" ولكن المحاولة لم تخرج إلى حيز التنفيذ.

وفي أواخر عام 1908م وفدت على تونس فرقة الممثل المعروف سليمان القرداحي، وقد أثارت هذه الفرقة اهتمام التونسيين المثقفين بفن التمثيل، والإمكانات الكبيرة التي يحملها من النواحي الأدبية والثقافية والفنية، وكذلك بوصفه وسيلة للرقي بالوطن، والحفاظ على اللغة العربية والثقافة العربية في وجه محاولات الاستعمار الفرنسي لمحق هذا كله.

وما لبث الشباب التونسي أن تجمع وكوّن "الجوق المصري التونسي" حيث مثل الفنانون المصريون والتونسيون جنباً إلى جنب، وقدموا في عام 1909م مسرحية مصرية هي مسرحية "صدق الإخاء" للكاتب المصري إسماعيل عاصم المحامي. وتوالت من بعد زيارات الفرق المصرية فجاءت فرقة الشباب المصري، وعلي رأسها إبراهيم حجازي 1909م، وقدمت نخبة من المسرحيات التي كانت تعرض في مصر آنذاك. في عام 1912م تقدم الشباب التونسي تقدماً أوضح في الساحة المسرحية وتألفت في هذا العام جماعة الشهامة العربية، وكانت قد سبقتها جماعة الآداب العربية عام 1911م، وقدمت الفرقتان العديد من المسرحيات التي كانت تعرضها الفرق المسرحية المصرية، بالإضافة إلى ثاني مسرحية تونسية يجري تأليفها وهي مسرحية "الانتقام" من تأليف الشيخ محمد مناشو.

تغير الموقف في المسرح التونسي تغيراً درامياً بعد الحكم الوطني، وبخاصة بعد اللقاء الذي جرى في 7 نوفمبر 1962م بدار الإذاعة، والذي حضره إطارات المسرح التونسي ليستمعوا إلى توجيهات رئيس الجمهورية السيد الحبيب بورقيبة.

كان من أهم ما قاله الرئيس التونسي إذ ذاك إن توعية الشعب التونسي بتراثه الخالد البعيد الغور هي مهمة من أكبر مهام الحكم الوطني، وإحدى السبل البارزة لتحقيقها هي الثقافة، وبخاصة المسرح الذي يهتم به الحبيب بورقيبة منذ أمد بعيد. فهو يري في المسرح نموذجاً مصغراً للوطن، وهو لذلك يهب بالأساتذة وجمهور المتعلمين من الجنسين، ولا سيما بنات العائلات، والطلبة والشبان أن يحلوا الفن المسرحي من عنايتهم المحل الأرفع.

كان هذا الخطاب المهم بمنزلة إشارة البدء لنهضة مسرحية مرموقة، حيث نفذ مشروع الفرق المسرحية المدرسية التي بلغ عددها عام 1965م أربعين فرقة، ساهمت في المباريات المسرحية التي أقيمت في ذلك العام، وكان من بين أفرادها عدد لا بأس به من الفتيات الواعدات.

13. المسرح في المغرب

رغم غنى الفولكلور المغربي وتنوعه في ميدان الظواهر المسرحية وهي: مسرح البساط واحتفال سلطان الطلبة، فإن المسرح بدأ في العشرينيات من القرن العشرين الميلادي الحالي في المغرب بالطريقة ذاتها التي بدأ بها في الأقطار العربية الأخرى.

فقد ولدت شرارته زيارات الفرق المسرحية العربية، كما أسهمت الفرق الأوروبية في بث فكرة المسرح، ولو على نطاق ضيق، في طائفة من المغاربة مكنهم إلمامهم بالفرنسية من متابعة العروض الأجنبية. وتكونت أول فرقة مسرحية مغربية بمدينة فاس عام 1924م من طلبة المدارس الثانوية، يساندهم بعض العرب المشارقة الذين استوطنوا العاصمة، وبينهم رجل اسمه الخياط.

وقد اتفق عديد من الملاحظين على أن ثانوية المولى إدريس بفاس كانت أول قاعدة انطلقت منها التجربة المسرحية الأولى، وامتدت الحركة المسرحية إلى مدينة طنجة التي عرفت نشاطاً مسرحياً حقيقياً، يرجع إلى زيارات متعددة للمدينة قامت بها فرقة المغنية نادرة وفرقة الريحاني وبديعة مصابني، وفرقة رمسيس وفرقة فاطمة رشدي عام 1932م، وإلى جوار هذه الفرق العربية كان الأسبان يرسلون فرقهم المسرحية إلى طنجة، فأخذ شباب المدينة يتأملون أعمال فنانيها وينطبعون بها وقد أمدت أسبانيا هؤلاء الشباب بالتجهيزات المسرحية اللازمة ومنحتهم تجربة خبراء أسبان في فن المسرح. كل هذا إلى جوار أن المدينة كانت تحوي مسرحاً يحمل اسم الروائي الأسباني سيرفانتيس شيد عام 1912م.

وفي طنجة ظهرت فرقة جمعية "الهلال" التي أسسها أحمد ياسين عام 1923م، وجعل لها فروعاً ثقافية وترفيهية متعددة. واستمر نضال هذه الفرقة إحدى عشرة سنة قدمت فيها مسرحيات من أمثال: عطيل وروميو وجولييت وهارون الرشيد ومجنون ليلى. وتعد الفترة الممتدة من 1923 وحتى 1940م انتصاراً لفن الخشبة بالمغرب، فقد هيأت الركيزة المناسبة لحركة مسرحية لاحقة كانت أنضج وأكثر تطوراً. بعد عام 1940م شهد المسرح المغربي ركوداً عميقاً كان مرده ظروف الحرب العالمية الثانية التي كانت قد أعلنت قبل ذلك بعام واحد. فلما وضعت الحرب أوزارها أخذت الفرق المسرحية تظهر من جديد في المغرب، ففي الرباط قام فريق من طلاب المدارس الثانوية بتقديم عروض مسرحية متعددة بعضها مقتبس، وقد تمخضت هذه الحركة عن فرقة مسرحية اسمها "فرقة الأحرار". ثم أخذ الشباب المغربي يعرفون طريقهم إلى فن المسرح مؤلفين ومخرجين وممثلين.