إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / جريدة الحياة




نصار والشريان والشيباني
الأمير خالد ومطر الأحمدي
الأمير خالد والسفير الجزائري
الأمير خالد والسفير السعودي في بريطانيا
الأمير خالد وبيار شويري
الأمير خالد وجهاد الخازن
الأمير خالد وجورج سمعان
الأمير خالد وداوود الشريان
الأمير خالد وروبير جريديني
الأمير خالد وسليم نصار
الأمير خالد وشربل والجعيد والذيابي
الأمير خالد يلقي كلمته
الأمير خالد يتسلم هدية
الأمير خالد يشهد الندوة
الأمير خالد يستقبل الضيوف
الأمير خالد يُسلم هدية للعاملين
الأمير خالد في حديث مع السفير السعودي
الأمير فهد يلقي كلمته
خلال مناقشات الندوة
رئيس تحرير الشرق الأوسط





رئاسة التحرير

رئاسة التحرير

أ.  الفترة من أكتوبر 1988 إلى مايو 1989

في 3 أكتوبر 1988، أعاد جميل مروّة، بصفته رئيساً للتحرير، إصدار الجريدة الصحفية من لندن، بواسطة شركة " الحياة الدولية للنشر "، التي رأس مجلس إدارتها، حسب ما ورد في العدد الأول للجريدة، الأستاذ جهاد الخازن وقد حمل الإصدار الأول للصحيفة الرقم 9477، متابعة لأرقام الأعداد التسلسلية للحياة، بعد توقفها عن الصدور في بيروت واستمر جميل مروّة، وهو الابن الأكبر لكامل مروّة، رئيساً للتحرير حتى الأول من مايو 1989، بعدها ورد اسمه في الصفحة الثامنة من العدد الصدر في 2 مايو 1989، كناشر للجريدة. واستمرت الخانة المخصصة لبيان المسؤوليات في الجريدة تشير إلى ذلك، حتى 15 سبتمبر 1990، حيث اختفى اسم الناشر جميل مروّة نهائياً، من تلك الخانة.

وكان ركنا استئناف صدور الحياة، على نهجها الأول، أمرين: الاستقلال المالي والإداري والسياسي، وجسماً صحافياً مجرّباً. أمّا الركن الأول فوفرته شركة ناشرة، عاد 70 في المائة من أسهمها، إلى صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ، و25 في المائة إلى نجل كامل مروّة البكر، جميل مروّة. وضمنت شراكة الناشرين ـ القديم والجديد ـ رعاية استمرار " الحياة "، على ما كانت عليه، وما استقر من أعرافها وسننها، وهو مراعاتها الدقة والأمانة في نقل الخبر، وتعمد تكثير المصادر والآراء، ومقارنتها بعضها بعضاً. ونجم الركن الثاني، عن اختيار نحو مائة صحافي محترف، عملوا كلهم محررين أو مراسلين أو مخبرين أو معلقين، طوال عقد أو عقدين، إمّا في " الحياة " نفسها، قبل تعليق صدورها، أو في بعض الصحف العربية الكبيرة، أو، أخيراً، في وكالات أنباء دولية. وكان عدد مكاتب الجريدة، حين استئنافها الصدور، أربعة، كلها في عواصم عربية. وبلغ عدد مراسليها ثلاثة عشر، راسلوها من عواصم الدول الكبيرة، الأوروبية والأمريكية، ومن بعض الدول العربية، أمّا عدد الكُتّاب الذي أسهموا، على نحو أو آخر، في الكتابة في " الحياة "، فبلغ في أثناء السنتين الأوليين ألفاً وستمائة. ولعل هذا العدد قرينة على كثرة مصادر الرأي في الأبواب المختلفة، التي تولت الجريدة استدراج المناقشة فيها.

وبلغ عدد النسخ المبيعة، في اليوم الواحد، من أيام الصدور السبعة في الأسبوع ( من غير يوم عطلة )، أقل من ثلاثين ألف نسخة بقليل. وتصدرت بلدان السوق الأوروبية، وهي مهاجر النُّخب العربية، قائمة التوزيع. فبلغت مبيعات " الحياة " اليومية فيها نحو عشر آلاف نسخة، إلى اثنتي عشرة ألف نسخة. وحلّت السوق السعودية، وهي سوق عربية كذلك، ثانية، إذ بلغت مبيعاتها ثماني آلاف نسخة، إلى عشر آلاف. وجاءت الثلاث آلاف نسخة في السوق المصرية، في المرتبة الثالثة.

وعن الهدف من إعادة إصدار الجريدة، والسياسة التي سوف تتبعها، كتب جميل مروّة في افتتاحية العدد الأول، للصدور الجديد: " نحن في " الحياة " مقتنعون بأن الاستقرار السياسي، هو مرام كل فرد عربي ناضج، رجلاً كان أم امرأة. ونحن نعرف أن قائمة المستعصيات الاقتصادية والفكرية وعواقبها السياسية والعسكرية، التي ما زالت تنغص العيش، وتهدر الطاقات، وتشرذم الناس، هي أعقد من أن تكون " الحياة " وحدها حلاً لألغازها. لكننا سنسعى، بحثاً وتنقيباً عن الأفكار والأحداث، التي في معرفتها والاطلاع عليها عون لنا، في بناء الاستقرار المنشود. ليس سراً أن هذه المستعصيات، التي تعوق تطور مجتمعاتنا العربية، تحد من عملنا وتحرمنا من متعة إتمام واجبنا الصحافي. وهذه الحرية لا تدعي أنها ستصد كل سوء أو فساد، لكن قارئ " الحياة " سيكون مطمئنا إلى أننا لن ننشر خبراً كاذباً أو ملفقاً أو مبالغاً فيه. " الحياة " العائدة إلى الحياة بعد غياب قسري ستركز على الإيجابيات العربية، ستحاول أن تزيدها، ستشجع البناء، ستزيده لبنة، ستتعامل مع العالم، الذي هي منه وله، على أساس أنه بريء وإذا لم تغمض عينيها عن المذنب، فهي ستحاول أن تقيله من عثاره، إلى أن تحفر له حفرة أعمق ".

وعدّد جميل مروّة في الافتتاحية نفسها الخطوط العريضة الخمسة، التي سوف تحكم مسيرة " الحياة " المستقبلية، وهي:

(1) نشر الخبر الأكيد وتقويم مسبباته ونتائجه، بما يسّر لنا الله من قدرة.

(2) إن " الحياة " رحلة سنكشف للقارئ فيها عالمنا العربي، ونعطيه صوراً جديدة.

(3) التعامل مع كلمة " سياسة " كتعريف لما يحدث في المجتمع ككل. وسنترك وراءنا النظرة السائدة، أن السياسة هي تدوين يومي لنشاطات المسؤولين، في الدول والحكومات.

(4) إن العلاقة بين المواطن والدولة، هي في الوطن العربي بحاجة ماسة إلى ما يُعطي الاستمرار طمأنينة الاستقرار. وأن الحلقة المفقودة بينهما اليوم، هي القانون، ووسيلة تعامل وتفاعل سياسيين.

(5) إن الشعارات في الثقافة السياسية العربية الحديثة، أتخمت المواطن، لانعدام الترابط بينها وبين التفاصيل والتنفيذ.

خلال الفترة القصيرة، التي تولى جميل مروّة فيها رئاسة التحرير، عاصرت " الحياة " الإعلان الإسرائيلي لسياسة القبضة الحديدية، في الضفة الغربية، وقطاع غزة وقبول إيران قرار مجلس الأمن الرقم 598، لوقف إطلاق النار في الحرب الخليجية، بين إيران والعراق وتابعت اعتراف المجلس الوطني الفلسطيني، في دورته التاسعة عشرة، التي انعقدت في الجزائر بقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338، وإعلان الدول الفلسطينية المستقلة. وشهدت "الحياة" بداية انسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان ونزع سلاح الكونترا في أمريكا الوسطى، وإطلاق فتوى الإمام الخميني بهدر دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي، وما رافقها من تداعيات العلاقة بين الدول الإسلامية والغربية، وفضيحة إيران جيت، واعتصامات الطلاب الصينيين في ساحة تيانانمين، في بكين.

ب. الفترة من مايو 1989 إلى مايو 1998

بعد مغادرة جميل مروّة منصب رئيس التحرير، تحول جهاد الخازن من رئاسة مجلس الإدارة إلى رئاسة التحرير، واستمر في هذا المنصب حتى نهاية مايو 1998، حيث انتقل إلى منصب المستشار الإعلامي للناشر صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مع استمراره في الكتابة اليومية للحياة. لم يستهل الخازن انتقاله إلى مركز رئيس التحرير، بافتتاحية يؤكد فيها السياسة العامة للجريدة، أو يظهر فيها انتقال الجريدة إلى حقبة جديدة. ولكنه اكتفى بالإشارة إلى الخطوط العريضة، التي تلتزمها الجريدة في تعاملها مع الأخبار والأحداث، من خلال زاويته اليومية " عيون وآذان "، التي بدأها مع إعادة صدور الجريدة من لندن.

في الثالث من أبريل 1993، نشرت " الحياة " في الصفحة الأولى افتتاحية تحت عنوان " رأي الحياة "، تضمنت إحدى الرسائل، التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الناشر ومالك الترخيص، إلى رئيس التحرير جهاد الخازن في 24 نوفمبر 1990، حول سياسة الجريدة وإستراتيجيتها، وكيفية تعاملها مع الأحداث، ورسالتها الإعلامية بشكل عام. الجديد في هذه الافتتاحية هو الإشارة للمرة الأولى، أن ناشر الصحيفة ومالك تراخيصها، هو صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمّا ما ورد في الرسالة، التي تضمنتها الافتتاحية، التي جاء نشرها تأكيداً للمبادئ الإعلامية، التي ترتكز عليها الجريدة والأهداف، التي تسعى إلى تحقيقها، فهو الآتي:

(1) إنّ مفهومنا للصحافة ورسالتها، أنها نقل للمعلومة الصحيحة الصادقة إلى القارئ في أسرع وقت ممكن، مع تقديم التحليل العلمي، الذي يشجع حاجات الأفراد طبقاً لمستواهم الثقافي، وعدم الانحياز إلى طرف من دون طرف، لئلا يؤثر هذا الانحياز في مصداقية الجريدة ومصداقية التحليل، أي أننا نريد أن نقرأ الخبر الصريح الصادق، المحايد في نشره `` وتحليله ``.

(2) حتى يمكن تطبيق هذا المفهوم، وحتى تحتل الجريدة مكانة مرموقة وفريدة، بين وسائل الإعلام، عليكم باختيار الكاتب الأفضل، والمحرر الأفضل، وعليكم بمراجعة المقالة والخبر. ونحن لا نرحب بالشتائم، أو بالتشنج والانفعالات، ولا نرحب بالتحقير والازدراء، أو بالغمز واللمز، حتى وإن كان كل ذلك موجهاً، إلى من يناصبوننا العداء.

(3) وحتى تستمر هذه الجريدة، عربية حرة مستقلة، يجب ألاّ تقبلوا بمقالة تُفرض عليكم، أو هبة أو معونة مالية، لئلا تكون الجريدة أسيرة لمعروف أو مساعدة. وعليكم ألاّ تتغاضوا عن المبادئ التي حددناها لكم عند إنشاء الجريدة أو تحيدوا عن الأهداف والسياسات التي أوضحتها لكم منذ البداية. فنحن نريد جريدة يحترمها الناس، كل الناس، الأعداء والأصدقاء … جريدة تحترم نفسها قبل كل شيء، لما يشيع بين أعضاء تحريرها، من احترام وقيم ومبادئ، وأخلاق وعلم وصدق ووضوح.

(4) إن من مسؤولياتكم نشر الجو العلمي، وحب البحث، والسعي وراء التحليل الهادف بين أسرة التحرير. إننا لا نجامل أحداً على حساب المبادئ والقيم، ولا نغض البصر عن أخطاء أحد، خشية غضب أو مصادرة، ولا ننافق أحداً طمعاً برضا أو مساعدة. هذا ما يجب أن ينتشر بين جدران جريدتكم.

(5) بعد ما ذكرت لكم الخطوط العريضة للسياسة، التي يجب أن تتبعها " الحياة "، ولئلا تقع الجريدة في أي خطأ، نتيجة لضغوط خارجية، فإنني أحملكم مسؤولية تنفيذ هذه السياسة، وتنفيذ هذه الأهداف، وتنفيذ ما يتفق مع المبادئ والقيم. وحتى أُجنبكم أي حرج في تعاملكم مع المسؤولين، في أي بلد عربي أو إسلامي أو صديق أو عدو، عليكم بإحالة ما يطلبونه منكم إلينا وإبلاغهم بأسلوب ذكي، أنه ليس مفوضاً إليكم الخروج عن الخطوط العريضة، التي أوضحتها لكم.

خلال تولي جهاد الخازن رئاسة التحرير، عاصرت " الحياة " عدداً من الأحداث المهمة، على مستوى المنطقة العربية، وعلى مستوى العالم. فقد أيّدت " الحياة " اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان ووقفت ضد الغزو العراقي للكويت، وأصدرت في الثاني من أغسطس 1990 عدداً مسائياً خاصاً لتغطية تفاصيل الغزو، ورافقت تفاصيل عملية " عاصفة الصحراء "، التي حررت دولة الكويت وشهدت انطلاق عملية السلام بين العرب وإسرائيل من مدريد، كما شهدت تعثرها؛ والانهيار التام للاتحاد السوفيتي، وتفكك الكتلة الاشتراكية، والاتحاد اليوغوسلافي، ونشوب حرب البوسنة والهرسك. وعاصرت الحرب الأهلية والمجاعة في القرن الأفريقي، والمذابح الجماعية في غرب أفريقيا، والحرب الأهلية اليمنية ( عام 1994 ).

عرضت " الحياة " في بداية العام 1997، إلى موجة من الرسائل المفخخفخخة، بدأت برسالتين وجهتا إلى مكتب الجريدة في واشنطن، تبعتها موجة أخرى من الرسائل، إلى المكتب الرئيسي للجريدة في لندن، وإلى مكتب الجريدة في الأمم المتحدة في نيويورك وقد انفجرت إحدى الرسائل التي وجُهت إلى المكتب الرئيسي، في لندن، وأدّت إلى جرح اثنين من حرس المبنى.

لم توجّه إدارة الجريدة الاتهام إلى أحد، وتولى التحقيق في الاعتداء أجهزة أمن عربية وأوروبية وأمريكية، أمّا الموقف الرسمي للجريدة من هذا الاعتداء فقد جاء في مقالة للناشر، صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز عدّد خلالها الاحتمالات وراء الاعتداء، من دون توجيه اتهام لأي طرف أو دولة، وأنهى مقالته بعدد من النقاط تتعلق برأيه في الاعتداء، والأسس التي ستتبعها المؤسسة والعاملون فيها في مواجهة الإرهاب الفكري، أمّا النقاط التي أوردها الناشر فهي الآتية:

(1) يجب أن يكون توكلنا على الله وحده، فلن يصيبنا إلاّ ما كتب الله لنا، ولئن اجتمعت الأمة على أن يضرونا بشيء فلن يضرونا، إلاّ بشيء قد كتبه الله علينا.

(2) إن الإرهاب لا يدل على شجاعة أو شهامة، أو رجولة أو جسارة. فإرسال رسالة مفخخة قد تصيب بريئاً قبل أن تصيب مستهدفاً، عمل يدل على الخسة والنذالة، والضعف والجبن. ولن يثنينا إرهاب عن رسالتنا، فالصحافة، من وجهة نظري، فن وعلم ورسالة.

(3) إذا كان اهتمامنا ازداد في الأيام السابقة، بتأمين سلامة العاملين في جريدة " الحياة " ومجلة " الوسط "، فإن أمن العاملين وسلامتهم سيصبح هاجسي الأول ومناط اهتمامي. فرعايتهم عليّ واجبة، وأمنهم عليّ مفروض.

(4) أتذكر قول الله عز وجل )وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين((الأنفال: 30)، أرادوا بنا شراً، فأثابنا الله خيراً. ازدادت مبيعاتنا، وغمرنا عطف الدول والأفراد وتعاطفهم، وانهالت علينا رسائل المحبة والتآزر، وشهد بمصداقيتنا الأعداء قبل الأصدقاء.

(5) لا نتهم أحداً إلاّ عن بينة، والاحتمالات الواردة كلها قد تكون غير مبررة التبرير الكافي، ولكنها مستبعدة، وعلينا الحيطة والحذر، وتوقيع الأسوأ.

(6) سنواجه هذا الإرهاب الفكري، بمزيد من حرية الرأي، وبمزيد من اتباع الحق وكشف الباطل، وبمزيد من فضح الإرهاب، دولاً كان مصدره أو منظمات أو أفراداً، وبمزيد من احترام الرأي الآخر، للذين يتحاورون بالكلمات والحجج، وليس بالمتفجرات والسلاح، وبمزيد من الجهد إرضاءً لقرائنا، الذين يساندوننا في السراء والضراء.

(7) أختتم كلمتي هذه بقول المولى عز وجل )إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم((محمد: 7).

ج. الفترة من يونيه 1998 حتى الآن

في الأول من يونيه 1998، تسلم جورج سمعان منصب رئيس التحرير، وهو من الذين ساهموا في إصدار الجريدة في لندن، إلى جانب جميل مروّة وجهاد الخازن منذ العدد الأول في 1988، وتسلم فيها إدارة التحرير حتى يونيه 1993، انتقل بعدها إلى رئاسة التحرير في مجلة " الوسط "، وهي مجلة أسبوعية سياسية شقيقة لجريدة " الحياة ".

استهل جورج سمعان منصبه الجديد، بافتتاحية تحت عنوان " على أبواب الألف الثالث ". قال فيها " إن ما تفخر به المؤسسات الصحافية، هو البناء على ثوابت لا تتبدل بتبدل العهود، وهو التراث الذي يتجاوز أعمار رؤساء التحرير والمحررين والعاملين. وما تفخر به " الحياة " هو وفاؤها لرسالتها، على الرغم من المتغيرات، التي طرأت على أجهزة التحرير، منذ ولادتها في عهد مؤسسها المرحوم كامل مروّة، قبل نصف قرن ونيف. وما تفخر به هو الخط المميز، الذي رسمه لعهدها الثاني صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان، وثوابته الاستقلالية والمصداقية والنزاهة والموضوعية، في نقل الخبر وتقديم التحليل والرأي الآخر، واحترام القيم والمبادئ. هذه الثوابت ـ القواعد، حولت " الحياة " مشروعاً إعلامياً عربياً، لم يكن ليحظى بهذا القبول والانتشار، لو أنه استند إلى بقعه جغرافية معينة. كانت القاعدة المركزية وستظل، العالم العربي كله. وكان التوجه، وسيظل، إلى القارئ العربي أينما كان. وهذا ما حقق التواصل المطلوب مع كل القراء، متجاوزين الحواجز والحدود بين الدول والأنظمة على اختلافها وتلاقيها وتصادمها ". وذكر سمعان في افتتاحيته أن هذه الثوابت، توافرت لها قاعدة صلبة من أحدث التقنيات مما جعلها " في الطليعة الرائدة، فهزت مؤسسات إعلامية كثيرة وأخرجتها من رتابتها، وأصابتها بما يشبه " العدوى الصحية ". فبدت " الحياة " كأنها تتوالد في صحف أخرى وبلدان أخرى، وهذه شهادة للنموذج الأصل الثابت ".

وعن رؤيته لمستقبل الجريدة، قال سمعان: لم تبدل " الحياة " في الثوابت. بدلت في الأساليب خطوة خطوة، مع كل منعطف وتحوّل. وستظل تبلور خطواتها في المستقبل بهدوء وتدرج، على وقع ثورة المعلومات، التي أسقطت عصر الرقابات والسّرية، والغرف المقفلة، والحدود المصطنعة. وتواكب هذه العولمة، بكل وجوهها الاقتصادية والتجارية والثقافية والإعلامية والسياسية. وستبقى في قلب ثورة التكنولوجيا والكومبيوتر والإنترنت، لا لتعيد النظر في أهدافها أو ثوابتها، بل لتفضح فشل السياسات الجامدة، وأنماط التفكير السائدة، لمؤسسات لا تزال تعتقد بإمكان إنتاج كتاب وصحافيين … وأراء. وستواصل مع زميلاتها، داخل الأوطان العربية وخارجها، المساهمة في إطلاق حوار عربي ـ عربي، وعربي ـ أجنبي، يتجاوز أسوار الجامعات والمنتديات، والندوات المغلقة، وقيود الأحزاب، وعصبية القوى، وفي صناعة رأي عام عربي تعددي واع، وبناء مهنية أخلاقية تحمي قيم مجتمعاتنا وترّسخها، وتساعدها على تحريك الحوار، بين أطرافها بدل التصادم واستخدام إنجازات التكنولوجيا الحديثة، لخدمة مصالح العرب وأهدافهم، لئلا يظلوا مشتتين مشغولين بحروبهم الداخلية الصغيرة، قاصرين عن اللحاق بركب عمولة يمكن أن تتساوى فيها فرص امتلاك المعرفة وأدواتها، أمام الكبار والصغار.

مثل هذه الأهداف، تُحتم على " الحياة " صون استقلاليتها، بلا تبعية تفرضها الجغرافيا، والتمسك بحرية تحركها داخل نظام إعلامي عالمي لا يرحم، لتظل بين الأكثر صدقاً وأمانة، في تقديم خصوصيات الواقع العربي، والدفاع عنها بشفافية وديناميكية وشجاعة، في المنافسة. قوية حاضرة، تعوض غياب إعلام عربي رسمي، قاصر بمعظمه عن خوض ميدان المنافسة، مع إعلام دولي فضائي، يستأثر فيه الخاص بالعام، والشركات الكبرى بالأحزاب والقوى السياسية، في صنع رأي عام عالمي، لا شراكة فيه للعربي، ولا فرصة للدفاع عن مصالحه وأهدافه".

خلال مسيرتها الصحافية الممتدة، منذ العام 1946، أدخلت " الحياة " إلى الصحافة العربية، عدداً من التقنيات على المستوين الفني والإداري. بدأت " الحياة " الطباعة بأربع صفحات. وتوسعت بعدها حتى صارت عشراً، في العام الذي اغتيل فيه مؤسسها، وأول رئيس تحرير فيها، كامل مروّة. وفي عام 1948، أصبحت " الحياة " الصحيفة اللبنانية الأولى، بفضل تغطيتها الميدانية الواسعة لحرب تقسيم فلسطين، وتوُجت في عام 1952 الجريدة الأنجح إعلانياً في لبنان وعلى المستوى التقني والطباعي، أدخلت " الحياة " إلى الصحافة العربية في عام 1955، العمود الثامن إلى ترتيب صفحات الجرائد، عندما صدرت في ذلك العام بإخراج جديد. وكانت الصحف العربية تصدر قبل ذلك، بسبعة أعمدة عريضة، في تقليد يعود إلى مطلع هذا القرن، وتبنت " الحياة " تقنيات متقدمة نسبة إلى ذلك الزمن، سّهلت إنتاج الصور الفوتوغرافية، وسرّعت عملية الطباعة، الأمر الذي نقل الصحافة العربية من الحرفية، إلى التصنيع.افتتحت " الحياة " عام 1964 أول طابعة "أوفست" في العالم العربي، مما مكّنها من الصدور بالألوان للمرة الأولى. وساهمت من خلال إعادة صدورها في لندن عام 1988، بإدخال تقنية النشر المكتبي إلى الصحافة العربية. ولئن شاع اليوم استخدام تكنولوجيا النشر المكتبي، والاعتماد على الكمبيوتر، في إنتاج معظم الصحف العربية، فإن مؤسسة " الحياة " كانت السّباقة في هذا المجال، وهي وحدها تحملت عناء التجربة وتكاليف التطوير. وفي العام 1995، بدأت " الحياة " في إصدار محتوياتها على أقراص مدمجة، مفتتحة بذلك دخول تقنية النشر على الوسائط الإلكترونية، إلى عالم الصحافة العربية.

وعلى مستوى التطور، الذي طرأ على عدد الصفحات والطبعات، بدأت " الحياة " في أكتوبر 1998 صدورها بعدد 12 صفحة، ارتفعت إلى 14 صفحة في أقل من عام، في أبريل 1989، ثم ارتفعت مجدداً إلى 16 صفحة في يونيه من العام نفسه. وفي يونيه 1991، صدرت " الحياة " في 20 صفحة، وارتفع العدد إلى 24 في نوفمبر 1994، واليوم تصدر " الحياة " في 28 صفحة منذ أبريل الماضي. ومنذ انتقال رخصة إصدار الصحيفة إلى الناشر صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان حتى اليوم، بلغ عدد مكاتبها اثني عشر مكتباً، توزعت على عواصم القرار في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والعالم العربي، وإلى جانب المكتب الرئيسي في لندن، فتحت المكاتب الأخرى في واشنطن ونيويورك وباريس، وموسكو والرياض وجدة، والمنامة، والقاهرة وبيروت ودمشق والرباط.

وعلى مستوى الطبعات، بدأت " الحياة " بطبعة واحدة في لندن، تلتها طبعة صيفية في مرسيليا، ثم طبعة في ألمانيا ثم طبعة في القاهرة وطبعة الخليج، ثم طبعة بيروت وطبعة نيويورك وطبعة المغرب في 1 سبتمبر 1997.