إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الشعر









المستشرقون وقضية أصالة الشعر الجاهلي

المستشرقون وقضية أصالة الشعر الجاهلي

          كان نولدكه[1] Noldeke Theodor أول متخصص يعنى بهذه القضية بشيء من التفصيل، مؤكداً أن الشعر العربي روي شفاهاً حتى القرن الثاني الهجري، أما فلهاوزن فأشار إلى رأي نولدكه مؤكداً أنه من الصعوبة بمكان افتراض أن الشعر العربي قد دُوِّن في ذلك الزمن المتأخر، ويشير جولد تسيهر إلى القول: "من المرجّح أن مجموعات الشعر الجاهلي قد بدأت تتخذ طابعها بتأثير أمراء البيت الأموي، وأنّ الهجاء، وربما أيضاً بعض الأشعار الأخرى من ذلك الوقت، كان منتشراً في شكل مدون.

          وقد صاغ جولد تسيهر رأيه النهائي، في هذا، في عرضه الموجز الذي ألفه باللغة المجرية في تاريخ الأدب العربي، وظهر سنة 1908.

          يقول جولد تسيهر[2] Goldziher: لم يكن في الأدب العربي كتاب قبل القرآن، فأغاني شعراء العرب الوثنيين لم تجمع في عصرهم في مختارات. صحيح أن فن الكتابة لم يكن مجهولاً تماماً في جزيرة العرب، ومن المرجح أن كثيراً من القصائد القديمة قد دونت، إن لم تكن دائماً بأقلام الشعراء أنفسهم، ففي أحوال كثيرة عن طريق الرواة الذين كانوا إلى جانبهم، وكان شغلهم إذاعة دواوين شعرائهم. إن القصائد لم تكن في الغالب مدونة بالكتابة، وإنما كانت تحفظ بالرواية الشفوية.

          ولا يتصور أنه أمكن للقصائد الطويلة الفنية أن تحفظ على مدى زمني طويل، اعتماداً على الرواية الشفوية وحدها، وأن تنقل إلى الأجيال اللاحقة.

          أما مرجليوث[3] D.S.Margoliouth فيؤكد استنتاجاً من الأخبار الخاصة بتدوين الشعر في الجاهلية أن الشعر الذي وصل إلينا، وينسب زعماً إلى الجاهلية، سرت فيه روح القرآن، وقد نشأ في واقع الأمر في عصور متأخرة، ويؤكد قوله بأن القرآن قد أنكر في وضوح وجود مدونات أدبية قديمة عن عصور سابقة. إن هجوم مرجليوث[4] على أصالة الشعر العربي القديم قال به أيضاً طه حسين في كتابه "في الشعر الجاهلي، الذي نشر في القاهرة عام 1926م، وبدأت بذلك في مصر مناقشة حامية في هذا الموضوع، ونتيجة لظهور كتب مضادة ناقدة لكتابه، اضطر طه حسين أن يعدل من نظريته في الطبعة الثانية تعديلاً كبيراً تحت عنوان " في الأدب الجاهلي" عام 1927م.

          أما تشارلز لايل[5] Charls Lyall فقد أكد أصالة الشعر العربي القديم، وأن من المرجح أن القسم الأكبر من الشعر الجاهلي الذي وصل إلينا قد دون في النصف الأول من القرن الأول الهجري.

          وقد أدلى بروكلمان[6] Karl Brockelmann بدلوه في هذه القضية في مقاله الأخير في تاريخ الأدب العربي، ذاكراً أن أصحاب الزعم بانتحال كل أبيات الشعر الجاهلي قد بالغوا في زعمهم، فالتضاد بين شعراء الجاهلية وشعراء صدر الإسلام لا يمكن فهمه لو لم تكن هناك رواية صحيحة له. ولما أمكن لنقاد العصر العباسي اعتبار هذا المنتحل المنظوم، في عهد غير بعيد، مثلاً أعلى يحتذى به.



[1] شيخ المستشرقين الألمان ولد عام 1836 وتوفي عام 1913 أتقن العربية والسريانية والعبرية. من أهم مؤلفاته: `أبحاث لمعرفة شعر العرب القدماء ` و`في نحو اللغة العربية ` و`أبحاث عن علم اللغات السامية.

[2] كان أستاذه في الدراسات الشرقية فليشر، أحد المستشرقين النابهين في ذلك الوقت، وظفر على يديه بالدكتوراه الأولى عام 1870، وكانت رسالته عن `شارح يهودي للتوراة في العصور الأولى.

[3] كان مرجليوث من أكبر من أثاروا هذه القضية، إذ كتب مقالاً مفصلاً نشره في مجلة الجمعية الملكية الآسيوية بعدد يوليو 1952، جعل عنوانه: `أصول الشعر العربي.

[4] دافيد صمويل مرجليوث ولد عام 1858، توفر على دراسة اللغات السامية، ومن أهم أعماله: نشر كتاب (فن الشعر) لأرسطو طاليس بترجمة متّى بن يونس عام 1887، ترجم قسماً من (تفسير البيضاوي) عام 1894. نشر (رسائل أبي العلاء المعري) عام 1898، نشر كتاب (معجم الأدباء) لياقوت عام 1927 م. وقد اختاره المجمع العلمي العربي في دمشق عضواً مراسلاً عند نشأته 1920.

[5] تشارلز لايل، مستشرق إنجليزي ولد عام 1845م، ومن أشهر أعماله: تحقيق شرح الخطيب التبريزي على القصائد العشر الجاهلية`، وهي المعلقات السبع، وقصيدة للأعشى، وأخرى للنابغة، وثالثة لعبيد بن الأبرص عام 1894 طبع كلكتا، ونشر دواوين: عبيد بن الأبرص وعامر بن الطفيل، وعامر بن صعصعة، مع ترجمة وتعليقات عام 1913 وطبع بلندن، ونشر قصائد: عمرو بن قميئة محققة ومترجمة طبع كمبردج عام 1910، وتحقيق كتاب (المفضليات) للمفضل الضبي، وقد طبع بعد وفاته. ويشهد نشره لكتاب (المفضليات) بطول الباع في اللغة العربية ونقد النصوص والاطلاع الهائل على مراجع الشعر العربي القديم، وتوفي عام 1920.

[6] كارل بروكلمان، ألماني الأصل، ولد عام 1868م، كلفه نولدكه بدراسة عن العلاقة بين كتاب` الكامل في التاريخ` لابن الأثيروكتاب` أخبار الرسل والملوك` للطبري ونالت هذه الرسالة الجائزة في عام 1890، وطبعها رسالة للدكتوراه. ومن أهم مؤلفاته: `معجم اللغة السريانى` عام 1895، و`موجز النحو المقارن للغات السامية` عام 1913 وكتاب `تاريخ الأدب العربي` عام 1949. توفي عام 1965.