إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الشعر









الموضوعات المجددة

الموضوعات المجددة

1. المدح

      مع تشعب الحياة الفكرية وتعقدها، ظهر التخصص في شعر المديح من ناحية معانيه، وقد لاحظ ابن رشيق هذه الفكرة، ولهذا فرّق بين المعاني التي يمدح الشاعر بها وزيراً أو كاتباً، والمعاني التي يمدح بها قائداً أو قاضياً أو غير ذلك. وفضلاً عن ذلك زاد الميل إلى التركيز على الفضائل المعنوية للممدوح.

      كما طرأ تغير كبير على مقدمات قصائد المديح، فبدلاً من افتتاح هذه القصائد بالبكاء على الأطلال والنسيب التقليدي، بدأ الشعراء يفتتحون هذه القصائد بوصف الخمر، والتعبير عن إقبالهم على ملذات الحياة. وكثيراً ما أحسّ الشعراء ببعد قصائد المديح عن رغبتهم في التعبير عن أحاسيسهم، ولهذا كانوا يستغلون مقدمات هذه القصائد في إظهار مشاعرهم والتعبير عنها؛ لدرجة أنهم كانوا، في بعض الأحيان، يستغرقون أكثر القصيدة في عرض مشاعرهم الذاتية، وأقلها في المدح. وتحول الشاعر العباسي، في أحيان كثيرة، من وصف الصحراء ومسالكها وحيوانها، إلى وصف الرياض في الحاضرة ومناظرها البديعة في الربيع. ومن خير ما يصوّر ذلك قصيدة أبي تمام في مديح المعتصم التي يستهلها بقوله:

وَغَدَا الثَّرَى في حَلْيِهِ يتكسَّرُ

رقَّتْ حواشي الدَّهر فهْي تَمَرْمَرُ

      وقد جسَّد الشاعر جمال الطبيعة في الربيع، وكأنه يتخذ منه رمزاً لعصر المعتصم. واتخذ الشعراء، أحياناً، من وصف السفن ورحلتها في الأنهار صورة مقابلة لرحلة البعير في الصحراء، مثل قول بشار في إحدى مدائحه للمهدي:

قليلة شكوى الأَيْنِ مُلْجَمَة الدُّبْر

وعذراءَ لا تجري بلحمٍ ولا دمٍ

بفُرْسانها لا في وعوثٍ ولا وَعْر

إذا ظَعَنَتْ فيها الفلول تَشَخَّصَتْ

رأيْتَ نفوس القوم من جَرْيها تجري

تُلاعب تيَّار البحورِ وربّما

      ومن الشعراء من ثار على المقدمات الطللية، فأخذ يفتتح قصيدة المديح بوصف الطبيعة أو وصف الخمر. ويُعدّأبو نواس أول من قاد الثورة على الأطلال.

الثورة على المقدمات الطللية

      لقد شنَّ أبو نواس[1] حملته على الوقوف على الأطلال، عاقداً الموازنة بين الوقوف على الأطلال والبكاء عندها، وبيّن البديل القريب إلى نفسه المرتبط بتجربته المباشرة وهو وصف الشراب يقول:

منزل خَمَّارة بالأنبارِ

أَحْسَنُ مِنْ منْزلٍ بذي قارِ

أَحْسنُ من أَنْيُقٍ بِأَكْوارِ

وشَمُّ رَيْحانةٍ ونرْجسةٍ

مع رَشَأٍ عاقدٍ لزنّارِ

وعُشْرةٍ للقِيانِ في دعَةٍ

ومن سرابٍ أجْوب غرَّارِ

ألذّ من مهْمهٍ أكدّ به

بَنانُ رود الشبابِ مِعْطارِ

ونقْرُ عُوْدٍ إذا ترجِّعُهُ

وأُمّ عمروٍ، وأُمِّ عَمارِ

أَحْسَنُ عندي مِن أُمِّ ناجية

      ويقول:

بَكَيْتَ بِعْينٍ لا يجِفُّ لها غَرْبُ

أيا باكِيَ الأطلال غَيَّرَها البِلى

فإنّي لِمَا سالمْتَ من نَعْتها حرْبُ

أَتَنْعتُ داراً قد عَفَتْ وتَغَيَّرَتْ

      ومن الملاحظ أن قدراً كبيراً من مدائح أبي نواس قد خلا من المقدمات.

      وقد يبدأ أبو نواس مدائحه بالمقدمات الخمرية، وأحياناً يقف وقوفاً سريعاً على الطلل، فيما لا يجاوز البيتين أو الثلاثة. والحقيقة أن أبا نواس كان أميل إلى الذوق الجديد، وهذا جعله يرفض أن يحاصر في التقاليد الموضوعية والشكلية لقصيدة المدح، ولكنه قد يضطر لمجاراة الأوائل في فنهم، فيقول من الشعر ما يرضي الذوق التقليدي.

      ومن أشهر شعراء المديح أبو تمام[2]، وممن مدحهم، المأمون، إذ تغنى بانتصاراته على الروم، كما تغنى بالمعتصم الذي فتحت جيوشه عمّورية، ملحقاً بجيش الروم هزيمة ساحقة، وقد جسد هذه المعركة وصوّر هذا الانتصار في بائيته الخالدة التي يفتتحها بقوله:

في حَدِّهِ الحَدُّ بين الجدِّ والَلِعبِ

السيْفُ أصْدقُ أنباءً من الكُتُبِ

      وأبو تمام كثير الحِكَم في مدائحه، وقد صب فيها كثيراً من شكوى الزمن وخطوبه، بحيث يُعَدّ مقدمة قوية لابن الرومي والمتنبي. وهو يمزج شكواه بمغالبة عاتية للدهر ونوازله، وبذلك كانت مدائحه تبعث القوة في نفس كل عربي بما تمتلئ به من فتوة عارمة على شاكلة قوله:

وأخْشَنُ منه في المُلِمَّات راكبُه

أعاذلتي ما أخْشنَ الليلَ مركباً

فأهْوالُهُ العُظْمى تليها رغائبه

ذريني وأهوالَ الزمانِ أُفَانها

أخو النُّجحِ عندِ النّائباتِ وصاحِبهْ

ألم تعلمي أَنَّ الزَّماع على السُّرَى

هي الوَفْرُ أو سِرْبٌ ترنُّ نوادبُهْ

دَعِينى على أخلاقيَ الصُّمِ للتي

خشونَتُهُ ما لم تُفَلَّلْ مضارِبهْ

فإنّ الحُسام الهُنْدوانيّ إنما

      وعلى هذا النحو ازدهرت المدحة في العصر العباسى، بما رسم الشاعر فيها من مثالية خلقية، وبما صوَّر من الأحداث والبطولات العربية، وبما تمثل من العناصر القديمة، وأضاف إليها من عناصر جديدة مستمدة من بيئته الحضارية الجديدة ومن ملكاته العقلية.

2. الرثاء

     أ. رثاء الممالك

      وهذا إطار آخر تحرك فيه هذا الفن في العصر العباسي لأسباب تتعلق بالنقلة الحضارية.

      وربما كانت قصيدة الشاعر أبي يعقوب إسحق الخُرَيْمِي[3] في رثاء بغداد أطول وأهم قصيدة رثى بها شاعر عربي مدينة من المدن، ويقول فيها:

دَادَ وتَعْثُرْ بها عواثِرُها

قالوا: ولم يلعب الزمانُ ببَغْـ

مشوِّقٌ للفتى وظاهرها

إذ هي مثلُ العروس، باطِنُها

قَلَّ من النائبات واتِرُها

جنَّةُ خُلْدٍ ودار مَغْبَطَةٍ

وقَلَّ مَعْسُورُها وعاسِرُها

دَرَّتْ خلوف الدنيا لساكنها

فيها بلَذَّاتها حَوَاضِرُها

وانْفَرجَتْ بالنعيم وانتجعَتْ

      فالشاعر يصطنع أسلوب الرواة فيحكي لنا قصة المدينة في حالي نعيمها وبؤسها، لقد كانت بغداد كالعروس وأهلها يروحون فيها ويغدونويذوقون فيها حياة ناعمة وادعة.

      ويلجأ الخريمي الى أسلوب الموازنة فيصور صورة من صور بغداد المشرقة قبل نكبتها، ثم ينظر إلى ما آل إليه أمر هذه الصورة بعد النكسة:

يَرُوق عَيْنَ البَصيرِ زاهِرُها؟

يا هل رأيْتَ الجنان زاهِرةً

يكنّ مِثلَ الدُّمَى مقاصرُها؟

وهل رأيت القصورَ شارعةً

أمْلاكُ مُخْضَرَّةً د ساكرُها؟

وهل رأيت القرى التي غرس الـ

ـحَانِ ما يَسْتَقل طائرُها

مَحْفُوفَةً بالكروم والنَخْل والرَيْـ

إنسَان قد أُدْمِيَتْ مَحَاجرُها

فإنهاأصبحت خلايا من الـ

يُنْكِرُ منها الرُّسومَ زائرُها

قفراً خلاءً تعوي الكلاب بها

إلفاً لها والسرور هاجرُها

وأصبح البؤس ما يفارقها

      وقد راح الشاعر يتمثل تلك النكبة التي حلّت ببغداد، عقاباً لأهلها على الانحراف والتفريط:

دارَتْ على أهْلَها دوائرُها

يا بؤس بغدادَ دار مَمْلَكَةٍ

لمَّا أحاطتْ بها كبائرُها

أمْهَلَها الُله ثم عاقَبها

حَرْبِ التي أصبَحَتْ تُسَاورها

بالخسف والقذف والحريق وبالـ

دادَ فهل ذو الجلال غافرُها؟

كم قد رأينا من المعاصي ببغـ

داهيةٌ لم تكن تُحاذِرُها

حَلَّتْ ببغدادَ وهِيَ آمنةٌ

وأدْرَكَتْ أهْلَها جرائرُها

طالَعَها السّوءُ من مطالعهِ

الفَضْلِ وعَزَّ النُّسَّاكَ فاجِرُها

رَقَّ بها الدِّيْنُ واسْتُخِفَّ بذي الـ

      ثم راح الشاعر يرسم صورة حية للمدينة التي صارت مستباحة،وللهلع والفزع الذي أصاب الناس:

أشْهَرَها في الأسواق شاهرُها

بل هل رأيْتَ السُّيوفَ مُصْلَتَةً

بالترك،مسنونةً خناجِرُها

والخَيْل تَسْتَنُّ فىأَزِقَّتِها

وهابياً للدُخَان عامِرُها

والنفط والنار في طرائقها

أبْدَتْ خلاخيلَها حرائرُها

والنّهبُ تعدو به الرّجالُ وقَد

أَبْرزِها للعيون ساترُها

مُعْصَوْصِبات وسْط الأَزِقَّة قَد

لم تَبْدُ في أهلها محاجرُها

كُلّ رقود الضحى، مُخَبَّأة

للنَّاس، مَنْشُورةً غَدائرُها

بَيْضَةُ خِدْرٍ،مَكْنونَةٌ، بَرزَتْ

كَبَّةُ خَيْلٍ ريعَتْ حَوافرها

تعثرُ في ثوبها، وتُعْجلُها

والنار من خَلْفها تُبادَِرُها

تسأل: أين الطريقُ؟ والِهَةً

حتى اجْتَلَتْها حَربٌ تُبَاشرها

لم تَجْتَلِ الشَّمْسُ حُسْنَ بَهْجَتها

في الطُّرْق تَسْعَىوالجَهد باهرها

يا هل رأيتَ الثَّكْلَى مُوَلْوِلةً

في صَدْره طَعْنَةٌ يساورها

في إثْر نَعْشٍ عليه واحدها

      ويردد الشاعر مثل هذه الصور البشعة على مدارالقصيدة:

مَعْرَك مَعْفُورة مَنَاخِرها

وقد رأيْت الفِتْيَان في عَرْصَة الـ

تشقى به في الوَغَى مساعرُها

كل فَتَى مانعٌ حقيقتَه

مَخْضوبةٌ من دَمٍ أظافرُها

باتتْ عليه الكِّلابُ تنْهشه

بالقومِ، مَنْكوبةً دوائرُها

أما رأيتَ الخيولَ جائلةً

قَتْلَى، وغُلَّتْ دَمَاً أ شاعرُها

تعثر بالأوجه الحِسَان من الـ

يَفْلَقُ هاماتِهم حوافرُها

يَطَأْنَ أكباد فِتيةٍ نُجُدٍ

نيق تُعَادَى، شُعْثاً ضفائِرُها

أما رأيتَ النساءَ تحت المجا

عّنسَ لم تُحْتَبَرْ معاصِرُها

عقائلُ القومِ والعجائزُ والـ

أكتافِ، مَعْصوبةً معاجِرُها

يَحْمِلْنَ قوتاً من الطّحيْنِ على الـ

وابْتُزَّ عن رأسها غفائرها

تسأل عن أهلها وقد سُلِبَتْ

      أما المدينة العراقية الثانية التي حلت بها وبأهلها نكبة فادحة فهى مدينة البصرة، وكان ذلك في عهد الخليفة المعتمد، وكانت نكبتها على أيدى ثوار الزنج بزعامة علي بن محمد، الذي ادّعى النسب إلى زيد بن علي بن أبي طالب. وقد أثارت نكبة البصرة هذه ابن الرومي[4]، فأخذ يصف حال المدينة قبل تخريبها وكيف أنها كانت كعبة العلم ومنار المسلمين إلى أن حل بها الخراب والدمار على أيدي الزنج.

كم أَغَصُّوا من طاعمٍ بطعامِ

كَمْ أَغَصُّوا من شاربٍ بشراب

فتلقُّوا جَبِينَهُ بالحُسَامِ

كَمْ ضنينٍ بنَفْسه رام مَنْجىً

تَرِبَ الخَدِّ بين صَرْعَى كرامِ

كَمْ أخٍ قد رأى أخاهُ صَريعاً

وهو يُعْلَى بِصارِمٍ صَمْصَامِ

كَمْ أبٍ قد رأى عزيزَ بنيه

حين لم يَحْمه هُنالكَ حامِ

كَمْ مُفَدّى في أهله أسْلَمُوه

بِشَبا السَّيفِ قبل حين الفطامِ

كَمْ رضيعٍ هناك قد فَطَمُوْه

بارزاً وَجْهُها بغير لِثامِ

كَمْ فتاةٍ مصونةٍ قد سَبَوْها

دامياتِ الوجوهِ للأقدام

مَنْ رآهُنَّ في المساقِ سَبَايا

الزّنجِ يُقْسَمْنَ بينهم بالسهامِ

مَنْ رآهُنَّ في المقاسمِ وَسْط

      مثل رثاء المدن، في العصر العباسي، موقفاً جديداً لشاعر العصر، فرضته عليه ظروف الحياة في المدينة ومدى ارتباطه بها،ومن ثم كان عليه أن يبتكر الأطر المعنوية والفنية التي يصوغ الرثاء فيها

      على أنه ظهرت، في باب الرثاء، آفاق معنوية أخرى جديدة، حيث رثى الشعراء الحيوان الأليف كالكلب والقطط، وهذا الضرب من الرثاء يكشف عن معنى إنساني حضاري.

      فأبو نواس يرثي كلبه:

قد كانَ أغناني من العُقابِ

يا بُؤسَ كلبي سيِّدِ الكِّلابِ

وعن شراءِ الجلَب الجلاّب

وكان قد أجْزَى عن القَصَّاب

      وبعد أن يذكر الشاعر ماكان لذلك الكلب من فضل فيما أشبعه من لحوم الظبا يمضي فيحكي قصة مصرعه بسم الحية، فيقول:

إذ بَرَزَتْ كالِحَةُ الأنيابِ

فبينما نحنُ بِهِ في الغابِ

كأنما تبصرُ مِن نقابِ

رَقْشَاء جرداء من الثيابِ

لم تَرْعَ لي حَقَّاً ولم تُحَابِ

فَعَلَقَتْ عُرْقوَبه بِنَاب

كأنَّما تنفخ من جِرابِ

فَخَرَّ وانْصَاعتْ بلا ارتياب

      وقد رثي الشاعر، المعروف بابن العلاّف النهرواني، قطاً له كان أثيراً لديه، وكان قد اعتاد السطو على أبراج الحمام التي كانت لجيرانه، والتهام الفراخ الصغيرة، وقد أمسك الجيران بالقط فذبحوه. يقول الشاعر:

وكُنْتَ مِنَّا بمنزلِ الولدِ

ياهِرّ فارَقْتنا ولم تَعُدِ

كُنتَ لنا عدّة مِن العُدَدِ

فكيف نَنْفَكُّ عن هواكَ وقد

بالغيب من حَيَّةٍ ومن جُرَد

تطردُ عنَّا الأذى وتحرُسُنا

ما بَينَ مفتوحِها إلى السُّددِ

وتَخرُجُ الفأر من مكامِنِها

ولم تكن للأذى بمعتقدِ

حتى اعتقدْتَ الأذى لجيرتنا

ومن يَحُمْ حَوْل حَوْضه يَرِد

وحُمْتَ حول الرَّدَى بِظُلْمِهم

منك وزادوا، ومن يَصِد يُصَد

صادوك غيظاً عليك وانتقموا

بُرْجَ ولو كان جَنَّة الخُلُدِ

ما كان أغناكَ عن تَصَعُّدك الـ

      وقد كتب ابن العميد مرثية لقط، عارض فيها مرثية ابن العلاف هذه.




[1] أبو نواس الحسن بن هانئ، فارسي الأم والأب، ولد سنة 139 للهجرة، كان يختلف إلى حلقات المسجد الجامع، كان صديقاً لوالبة بن الحباب أحد مُجَّان الكوفة المشهورين. كان عالماً فقيهاً عارفاً بالأحكام والفتيا، يعرف ناسخ القرآن ومنسوخه، وطلب أيضا علم الكلام عند النظام وغيره من المتكلمين، وقد أكد بعض الرواة أنه بدأ متكلماً ثم انتقل إلى نظم الشعر، تُوفي سنة 197 للهجرة.

[2]    هو حبيب بن أوس الطائي، ولد بقرية جاسم بدمشق سنة 192هـ، قيل إنه عمل حائكا لفترة ثم انتقل إلى مصر وعمل بالسقاية في مسجدها الكبير، تردد على حلقات المساجد وأخذ ينهل من ينابيع المتكلمين والفقهاء والفلاسفة.

[3] هو أبو يعقوب إسحق بن قوهي الخريمي، من صغد الترك من مرو، وكان له ولاء في غطفان، جعله يلزم عثمان بن خُرَيْم المُرِّي الغطفاني في ولايته على أرمينية، وظل وفياً له، فنُسِب إليه. كان كثير الاختلاف إلى مجالس المتكلمين في بغداد، وقد تألق نجمه في عصر الرشيد والبرامكة. توفي سنة 214 للهجرة.

[4] هو علي بن العباس بن جريج ولقبه ابن الرومي، وكنيته أبو الحسن، ولد ببغداد سنة 221 ه وتوفي أيضا بها سنة 283هـ  قيل إنه مات مسموماً، سمّه القاسم بن عبيد الله وزير المعتضد، فقد خاف أن يهجوه الشاعر لما عُرِف عنه من فلتات لسانه.

[5] دعبل بن علي بن رزين الخزاعي ينتهي نسبه إلى قحطان، ولد بالكوفة سنة 148 للهجرة، وصحب في أول حياته الشطار والصعاليك، وكانت ولادته بالكوفة، فلما ترعرع جعله مسلم بن الوليد في كنفه، فتخرج عليه في الشعر، اتصل بالرشيد ومدحه ولم يتصل بعد موت الرشيد بغيره من الخلفاء، فقد كان متعصباً للعلويين يريد الإمامة فيهم، فنقم على بني العباس وهجاهم فبقى دهره كله خائفاً، وكان يقول: ` أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ أربعين سنة، ولست أجد أحداً يصلبني عليها. توفي سنة 246 للهجرة.

[6] هو من بني سامة بن لؤي القرشيين، وهو من مدينة مرو بخراسان، رحل أبوه إلى بغداد وتولى بريد اليمن في عهد المأمون، كما تولى شرطة بغداد في عهد الواثق. وُلد علي في بغداد سنة 190 للهجرة، تلقى دروسه في الكتَّاب، ترددعلى حلقات المتكلمين في المسجد الجامع، واختلط بحلقة الشعراء وهناك تعرف على أبي تمام الذي صار صديقاً له. كان من مدّاح المعتصم والمتوكل، تعرض لمحنة خلق القرآن التي قال بها المعتزلة، وهجاهم، كما ندّد بالشيعة والعلويين في شعره.

[7] هو علي ّبن العباس بن جريج من أب رومي وأم فارسية، ولد ببغداد سنة 221 للهجرة، ترددعلى الكُتّاب ثم حلقات العلماء في المساجد، كان متطيراً وعبّر عن ذلك في شعره، واعتنق الاعتزال، وكان شيعياً، ولذلك لم يمدح الخلفاء،وشُهر بالهجاء، وكان شاعراً شعبياً يكثر في شعره من وصف ألوان الطعام، ولذلك كان قريبا من ذوق العامة، وكان مهتما بالزهد والوعاظ.

[8] وُلد عبد الله لأبيه المعتز بسامراء قبل مقتل جده المتوكل في سنة 247 للهجرة بأربعين يوما، تولى أبوه المعتز الخلافة وهو في العشرين من عمره، نشأ مترفا، وقد خلع جند الأتراك أباه وصادروا أموال أمه ونفوها مع ابنها إلى مكة، وبعد عام تولى المعتمد الخلافة فأعادهم إلى سامراء. وكان عبد الله يقصد فصحاء العرب ويأخذ عنهم، وتفرغ للحياة الأدبية. وقد صنّف كتاب البديع سنة 274 للهجرة، ثم ألف بعد ذلك كتاب الزهر والرياض، ومكاتبات الإخوان بالشعر، وكتاب الجوارح والصيد، وكتاب فصول التماثيل في الشراب وآدابه، وكتاب السرقات، وكتاب طبقات الشعراء المحدثين. تولى الخلافة بعد خلع المقتدر ليوم واحد ثم قُتل.

[9] هو أحمد بن محمد بن الحسن الضبي الصنوبري، لقب بالصنوبري نسبة إلى جده الذي كان يعمل في دار الحكمة لعهد المأمون الذي قال له: إنك لصنوبري الشكل، وهو من أهل أنطاكية ومنشؤه في حلب،كان يختلط في كل البلدان التي ينزل فيها بشعرائها وأدبائها، وربطته بالشاعر كشاجم صداقة حميمة، وارتبط أيضا بالأخفش الصغير وكان يشهد دروسه بالجامع الكبير.

[10] هو عبد الله بن محمد المعروف بابن شرشير، ولد في الأنبار ثم استقر بعد ذلك في بغداد، ألّف كتاباً ينقض به منطق أرسطو، وكتاباً ينقض به آراء الخليل بن أحمد في العروض. توفي سنة 293 للهجرة.