إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الشعر









الاتجاهات الغربية في الشعر

الاتجاهات الغربية في الشعر

1. الكلاسيكية

      كان الفرنسيون أول من بدأ بالكلام عن الكلاسيكية.ومن المدهش أن أول مثال مكتوب بالفرنسية، في كتاب فن الشعر (1548) لسبليه "Sebillet" يشير إلى الشعراء المجيدين الكلاسيكيين.

      لم يرتبط اصطلاح الكلاسيكية بالعصور الكلاسيكية القديمة، بل كان يعني "التميز"، و"الجودة"، و"الانتماء" إلى طبقة كبار الشعراء. فمدلول الكلاسيكية السائد في كل الكتابات هو مدلول النموذج والمعيار.

      وكان الحادث الحاسم في تطوير مفهوم الكلاسيكية هو الحوار بين الرومانسية والكلاسيكية الذي بدأه في ألمانيا الأخوان " شليغل Shliegel Bro". وما يهمنا هنا هو تحول كلمة " كللاسيكية " من كلمة تعبر عن القيمة إلى كلمة تصف اتجاها، أو نمطاً، أو فترة أسلوبية يُسْمح داخلها بوجود اختلافات نوعية هو نقطة التحول الحاسمة. وقد أدت هذه الثورة إلى ظهور الوعي بوجود تراثين أدبيين جنباً إلى جنب.

      ومما لا شك فيه أن اصطلاح الكلاسيكية Classic من مبتكرات القرن التاسع عشر، وبشكل عام تبدو الكلاسيكية في الآداب الأوربية: كل محاولة لإحياء الأوضاع والتقاليد الأدبية التي كانت شائعة في الحضارتين الإغريقية والرومانية. ويمكن أن نتبين طبيعتهما في المناسبتين الهامتين التي تحدثها فيهما حركات مضادة. والمناسبة الأولى هي ما أطلق عليها " نزاع القدامى والمحدثين " الذي بدأ في القرن السابع عشر في فرنسا، واستمر حتى القرن الثامن عشر في إنجلترا. وكان القدامى ينادون بالتزام القواعد النقدية التي وضعها أرسطو وتوسع فيها هوراس إلى حد ما، كما كانوا يدعون إلى تقليد الأدب القديم؛ لأنه ليس في إمكان المحدثين أن ينتجوا أبدع مما قدمه المتقدمون.

      أما المحدثون فقد رأوا، من ناحية، أن الأفكار القديمة وثنية منافية لفكرة الوحدانية، وأن قانون التقدم، من ناحية أخرى، لا يقر أن يكون أدب قديم خيراً من أدب جديد، فضلاً عن أنه ليس من الوطنية في شيء أن تفضل حضارة أجنبية على ثقافة وطنية.

      والمناسبة الثانية هي ثورة الحركة الرومانتيكية على الأوضاع الكلاسيكية في أواخر القرن الثامن عشر بإنجلترا، وأوائل القرن التاسع عشر بفرنسا. فقد أخذ رواد هذه الحركة على الكلاسيكية عدم اتساعها للتعبير عن الذات وذلك لالتزامها أوضاعاً ونظماً لا يستطيع الكاتب أن يقلدها من غير أن يكون متكلفاً؛ نظراً لاختلاف المثيرات.

2. الرومانتيكية

      ويراد بها بصفة عامة حالة نفسية أهم خصائصها زيادة الحساسية وعدم القناعة بما يمليه العقل والحكمة.

      أما في الشعر، فإنه يقصد بها أولاً مدرسة الكتاب الألمان في أواخر القرن الثامن عشر بقيادة فردريك شليغل وتتميز بالثورة على المبادئ والنواميس الجمالية الموروثة من أرسطو، واستبدال الوجدان والانفعالات الشخصية بها.

      لقد صاغ شليغل المقابلة بين الكلاسيكية والرومانسية بوصفها مقابلة بين شعر العصور القديمة والشعر الحديث، وربط الرومانسية بما هو تقدمي ومسيحي.

      ويقصد بها ثانياً، مدرسة الشعر والنقد الإنجليزية، التي ظهرت في العقد الأخير من القرن الثامن عشر، تحت قيادة كولردج Kolradge، ووردذورث Wardsworth، التي ثارت كذلك على الأوضاع الأرسطوطالية الشائعة في الأدب الإنجليزي أثناء ذلك القرن، وذلك في سبيل تحرير الشعر من القوافي الجامدة ومن الإفراط في استعمال المحسنات البلاغية، وجعل الأدب أداة للتعبير عن نفسية الكاتب تعبيراً صادقاً، والاهتمام بالطبيعة الخارجية في الوصف الشعري

      وأما المدرسة الثالثة، فقد ازدهرت في فرنسا بين 1830 و1850 وأهم خصائصها شدة العناية " بالأنا " والتعبير عن الشعور بالوحدة والحزن الناشئ عن القلق، وقد انبثق عن هذا الاتجاه اهتمام جديد بالآداب الجرمانية والإسكندنافية مقترناً بالرجوع إلى مصادر الوحي في الآداب الشعبية القومية. وكان هذا تعبيراً عن قلق نفسي يدفع إلى الهروب من الواقع والفناء في نزعة حماسية تشمل سائر الإنسان. ولذلك نجد، في فرنسا بعد سنة 1830، نهضة دينية مسيحية من ناحية، واهتماماً جديداً بالقضايا الاجتماعية من ناحية أخرى.

خصائص الأدب الرومانسي

      وفيما يتعلق بخصائص الأدب الرومانسي في جميع أنحاء القارة الأوربية، نجد أنه يتمتع بالمفاهيم الخاصة بالشعر نفسها، وبطبيعة الخيال الشعري، وكيف يعمل، والمفاهيم الخاصة بالطبيعة وعلاقتها بالإنسان، والأسلوب الشعري نفسه، الذي يتميز بطريقة في استعمال الصور والرموز والأساطير تختلف عن طريقة الكلاسيكية المحدثة، التي سادت في القرن الثامن عشر، فالمعايير التي تعتمد عليها الرومانسية واحدة: الخيال بالنسبة إلى نظرتنا للشعور، والطبيعة بالنسبة إلى نظرتنا للعالم، والرمز والأسطورة بالنسبة إلى الأسلوب الشعري.

      وهذا يعني أن الخيال قوة خلاقة ينفذ العقل عن طريقها إلى كبد الحقيقة، ويقرأ الطبيعة بصفتها رمزاً لشيء فيها لا يدرك في العادة.

      أما الدور الأساسي الذي يؤديه الخيال في فكر كولردج وشعره، فلا يحتاج إلى تدليل، ولقد ألف أ. رتشاردز A.Richards كتاباً عن الموضوع بعنوان نظرية كولردج في الخيال.

      ويماثل دفاع "شيلي"س نظرية "كولردج". فالخيال عنده هو مبدأ التركيب، والشعر هو التعبير عن الخيال، والشعر يرفع الحجاب عن جمال العالم المكنون، ويجعل المألوف كالغريب، والخيال عند شيلي Shilly خلاق، فاللحظة الشعرية عنده هي لحظة الرؤيا، ولكنه يردد، بشكل عام، أفكار وردزورث وكولردج عن روح الطبيعة، فمفهومه عن حيوية الطبيعة، ولغتها الرمزية هو مفهومهما نفسه.

      أما وردزورث، فيؤكد أهمية الصور الشعرية في نظريته، وأدّى دوراً مهماً في إحياء الاهتمام بالأساطير اليونانية، ولا شك أن شعره يخلو من رموز تتخلله، غير أن النظرية الرمزية أساسية عند كولردج، فالفنان في رأيه يتحدث معنا بالرموز، والطبيعة لغة رمزية.

الرمزية

      هي كل اتجاه فيه استعمال الرموز، إما بذكر الملموس وإعطائه معنى رمزياً، أو بالتعبير عما هو مجرد من خلال تصويرات حسية مرئية.

      ويطلق هذا المصطلح عادة على مدرسة شعرية فرنسية ازدهرت في الخمس عشرة سنة الأخيرة من القرن التاسع عشر، وكان شعراء هذا الاتجاه ينظرون إلى شارل بودلير Charles Baudelaire بوصفه رائداً لهم.

      وقد مرت المدرسة الرمزية بجيلين من الشعراء، جيل ختم القرن التاسع عشر، ويشمل الأسماء التي سبق ذكرها، والجيل الثاني استمر يكتب بعد الحرب العالمية الأولى، وقاده بول فاليري (1871-1945) Paul Valery.

      والنظرية الجمالية للشعراء الرمزيين كانت تتجه اتجاهين واضحين:

      الأول: هو إخضاع شعرهم للجمال الموسيقي في الكلام أكثر من اهتمامهم باستحضار الصور الخيالية الشبيهة بتصويرات الفن.

      والاتجاه الثاني: هو إحياء بعض الاهتمامات التي كانت تميز الحركة الرومانتيكية بأوربا من أمثال الولع بأسرار الكون، وبالسحر، وبما وراء الطبيعة.

      وفي هذا الاتجاه الرومانتيكي أيضاً لشعرهم نقطة انطلاق الشعر الحر، الذي كان يهتم في أول ظهوره بالأحلام والأسرار.