إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الصحافة









ملحق

ملحق

الصحافة كصناعة

أصبحت الصحافة صناعة قائمة بذاتها، لها اقتصادياتها الخاصة بها، التي تستند إلى مقومات تتميز بها، عن الصناعات الأخرى، وأن كانت تشترك معها، في بعض الخصائص.

ولا بد للصحافة، مثل أي صناعة، من عناصر الإنتاج المعروفة، وهي: رأس المال والعمل المنظم. وإنْ تميز ذلك بسمات تخالف سمات الصناعات الأخرى؛ فرأس المال، الذي تحتاجه المؤسسة الصحفية، يبلغ من الضخامة، حداً لم يعد فرد واحد قادراً على تقديمه؛ إذ أصبح يُحسب، بملايين الدولارات، ولذلك، فإن البنوك ورجال المال، الذين تلجأ إليهم الصحيفة، للحصول على المال اللازم، قد يكونون معول هدم لها، إذا ما استغلوا هذه الفرصة، للتأثير في سياساتها، واتجاهاتها التحررية.

وتتميز الصحافة كصناعة بأن الوقت يؤدي، في حياتها، دوراً أكبر منه، في أية صناعة أخرى؛ فالأخبار هي واحدة من أكثر المواد تلفاً، وبواراً، فخبر الأمس، أو حتى الخبر، الذي مضى عليه ساعات، مادة يلحقها البوار بصورة أسرع من أية مادة أخرى. وعمر الصحيفة كسلعة، يعد بالساعات، وتبعاً لذلك تتنافس، الصحف فيما بينها، منافسة عنيفة على المظهر في السوق.

وتتميز الصحافة، كذلك، باعتمادها على حكم جمهور القراء، على نحو أكبر من حكم مستهلك أية سلعة أخرى، فالعلاقة، بين القارئ وصحيفته، تقوم على أساس إحساس الأول بأن الصحيفة يجب أن تقدم خدمة مستوفاة، في حدود أقصى الإمكانيات البشرية والمادية. كما تتميز صناعة الصحافة، كذلك، بعمق المنافسة وشدتها، في مجالاتها المختلفة، بين المؤسسات المتنافسة.

وتأسيساً على ما سبق يمكن القول أن المشروع الصحفي ينطوي على نسبة من المخاطرة أعلى مما تنطوي عليه المشروعات الأخرى.

إن لصناعة الصحافة اقتصادياتها، التي تتميز بها، ولا تقل خطراً عن اقتصاديات صناعات أخرى، وهي صناعة قائمة بذاتها، وتحتاج لرؤوس أموال ضخمة لم يعد، في إمكان فرد واحد، أن يقدمه، وتتميز هذه الصناعة كذلك بعمق المنافسة وشدتها، وتنطوي المشروعات الصحفية على نسبة من المخاطرة أعلى مما تنطوي عليه المشروعات الأخرى.

لهذا كله تظهر خطورة الجوانب الاقتصادية في صناعة الصحافة، بحيث لا يجوز أن تترك للارتجال، أو العشوائية، أو الصدفة.

وإذا كانت السيطرة المباشرة للحكومة، على وسائل الإعلام، قد تجنب هذه الوسائل مخاطر النزعات التجارية، والسعي وراء الربح فقط، إلاّ أن وسائل الاتصال، الخاضعة لإشراف حكومي مباشر، أثبتت، في كثير من الأحيان قصورها عن الوفاء بحاجة الجماهير إلى القدر الكافي من المعلومات، والتنوع المطلوب في مصادرها، على الرغم من أن المفترض نظرياً أن تعبر الحكومات عن إرادة الشعوب.

وفي المقابل يرى بعض الباحثين أن الملكية الخاصة، لوسائل الاتصال، لا تمنع، في كل الأحوال، هذه الوسائل من التعبير عن مشاكل الشعب، وإبراز الاختلافات الحقيقية الموجودة في المجتمع، في إطار الالتزام بالروح الوطنية.

والسائد في ملكية الصحف، في معظم دول العالم، هو الملكية الخاصة، باستثناء عشر دول أفريقية، وثمان دول آسيوية وكوبا ودول أوروبا الشرقية. فضلاً عن ذلك، توجد، في كل دول العالم تقريباً، صحف خاصة، ولكنها غير تجارية تملكها وتديرها أحزاب سياسية، أو مؤسسات غير حكومية، أما الصحف، في الدول الاشتراكية، فإنها مملوكة للهيئات السياسية الرسمية والروابط، والنقابات، والمنظمات.

من المشاكل الاقتصادية، التي تواجه وسائل الإعلام، ومن بينها الصحافة، الفجوة، التي تظهر في كثير من الحالات، بين التكلفة الكلية للنشاط الاتصالي، وبين الدخل، الذي يتحقق من مبيعات المنتج الاتصالي، ورسوم الحيازة والإعلان، وهي المصادر الأساسية لتمويل المشروع الاتصالي، لأن الأسعار والرسوم تخضع لحركة السوق.

وتزداد حدة هذه المشكلة، مع ضخامة الموارد المالية، والاستثمارات، التي تحتاجها وسائل الأعلام ليصبح، في مقدورها، أداء عملها بالفاعلية المطلوبة مع التطور التكنولوجي المعاصر للاتصال وما يحتاجه من استثمارات ضخمة، والحاجة المستمرة لتجديد أساليب الإنتاج والتوزيع وتطويرها.

وهناك عوامل رئيسية تتحكم في السياسات التمويلية لوسائل الاتصال الجماهيري أبرزها:

1.   السياسات المالية للحكومة، وتسعيرها للخدمات، التي تستعين بها وسائل الأعلام.

2.   الضرائب، التي تفرض على نشاط وسائل الاتصال الجماهيري، فقد ترى الحكومة أن تقدم لهذه الوسائل، أو بعضها، إعفاءات ضريبية قد لا تتمتع بها الصناعات الأخرى، كما قد تقدم لها تعريفات بريدية وهاتفية مخفضة.

3.   المساعدات المالية، كأن تمنحها الحكومة قروضاً ميسرة، وتوفر لها الضمانات، التي يتطلبها شراء معداتها، أو تمدها بالإعانات المالية المباشرة، أو تشتري بعض منتجاتها أو خدماتها.

4.   الإعلان، ويعد مصدراً رئيسياً لتمويل الصحف، وغيرها، من وسائل الاتصال الجماهيري، خاصة تلك المملوكة، ملكية خاصة، وهو ضروري لتغطية نفقات الإنتاج، ومواجهة متطلبات التجديد والابتكار، ولكنه قد يشكل أحياناً ضغوطاً معينة. وإن كان البعض يرى إمكانية تجنب ذلك من خلال تعدد الاتجاهات في هذه الوسائل، وإخضاع الإعلان لمعايير أخلاقيـة.

5.   مدى قبول، أو عدم قبول، المساعدة الخارجية في مجالات الأعلام. والواقع أن هذه المساعدات تعد من بين مصادر تمويل وسائل الاتصال، وبالذات، في المجالات التاليـة:

أ. مساعدة هذه الوسائل في دعم بنيتها الأساسية، ودعم تجهيزاتها، ومعداتها.

ب. مواجهة ندرة موارد رأس المال.

ج. تعويض النقص في المصادر البشرية المتاحة.

د. الاستثمارات في مجال التكنولوجيا.