إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الصحافة









الملحق الرقم (9)

ثانياً: الأشكال الصحفية التفسيرية والاستقصائية

من بين الوظائف الأساسية للجريدة اليومية، كوسيلة اتصال بالجماهير، تحليل الأحداث وتفسيرها، أي وضعها في إطار كبير وأشمل، يضفي عليها معنى ومغزى، ويقدم مواقف وجوانب جديدة، حول الحدث، ويبرز الأسباب والعلل والدوافع والنتائج المتوقعـة.

وإلى جانب هذا الدور التحليل التفسيري للجريدة، ثمة دور استقصائي، يكشف ويبحث ويحقق في نواحي القصور، أو الفساد، أو الانحراف، أو سوء الإدارة أو الإهمال. وذلك كله من خلال مجموعة من الأشكال الصحفية.

الأشكال الصحفية الاستقصائية

1. الموضوع الصحفي (موضوع المعالم) Feature:

وهو شكل صحفي يُستخدم كثيراً، ويحتل مساحات ضخمة، في الصحافة الأمريكية، وزاد الاهتمام به، في السبعينات، كوسيلة من وسائل الصحيفة، في مواجهة التغطية التليفزيونية المصورة. وهناك عشرات الوكالات المتخصصة، في تسويق الموضوعات الصحفية، وهناك عشرات التعريفات لهذا الشكل، يمكن حصرها، في ثلاثة اتجاهات:

الاتجاه الأول

يعرف الموضوع الصحفي Feature بأنه الموضوع الإخباري الخفيف المصاغ، في قالب إنساني، أو مرح، أو غير جاد، أو غير حالي، أو وقتي، ويندرج تحتـه:

أ. القصة الإخبارية المضيئة (الباسمة).

ب. القصة الإخبارية الجانبية.

ج. القصة الإخبارية السردية.

وكلها قصص إخبارية، لكن الخلاف بينها وبين القصة الإخبارية التقليدية، يكمن في المضمون، بتركيزها على زاوية مرحة، أو جانبية أو شخصية، وكذلك ترتيبها لجوانب الحدث، بشكل قصصي، وينطلق هذا التعريف من أنه لا شيء، في الصحيفة، غير إخباري.

الاتجاه الثاني

يعرف الموضوع الصحفي بأنه شيء غير إخباري في الجريدة Non-news، ويندرج تحته:

أ. الحديث الصحفي.

ب. التحقيق (الاستقصاء) الصحفي.

ج. المقـال.

د. التقرير.

الاتجاه الثالث

يعرف الموضوع الصحفي، بأنه: أي مادة صحفية، أو موضوع صحفي، فيه نوع من الإبداع والابتكار، وعدم التقيد بأصول أو قواعد الأسلوب الإخباري الصارمة، من حيث الموضوعية والتحديد، والكتابة للتعبير، وليس لإضفاء الانطباع، ويضم موقفاً، أو حدثاً جانبياً أو جانباً، من الحياة قابلاً للاستمرارية، ويمكن الحصول على مادته، وكتابتها، وتجهيزها، ثم نشرها، في أي وقت، لأنه لا يتقيد بتفاصيل الحدث الحالية، بل يتجاوزها إلى التفسير والتحليل ووضعها في الإطار الإنساني.

وهذا الاتجاه، في تعريف الموضوع الصحفي، هو الأكثر عملية ومنطقية، في ظل الممارسات اليومية الشائعة، في صحافة العالم في مجال التغطية الإخبارية، حيث يُفرق ويُميز، بين الموضوع الصحفي وباقي الأشكال الصحفية ـ ومنها الخبر ـ من جوانب ثلاثة هي:

أ. التوقيت: لا يرتبط بتوقيت معين في النشر.

ب. الأسلوب: لا يتقيد بقواعد الكتابة الإخبارية الصارمة، والأسلوب التقليدي.

ج. الوظيفة: التسلية والإمتاع والتوحد مع مشاعر القارئ.

ويمكن حصر سمات الموضوع الصحفي ـ على هذا الأساس ـ فيما يلي:

أ. الإبداعية

فهي تسمح للمحرر بالابتكار، والتجديد في أسلوب الكتابة، مع مراعـاة الدقة.

ب. الذاتية

إذ يمكن للمحرر أن يدخل مشاعره الخاصة، وأفكاره، في الموضوع، خاصة حينما يكون في موقع الحدث، ويعيش الواقعة بنفسه، ولكن النقاد يحذرون من طغيان "الأنا"، بين ثنايا هذا الشكل الصحفي، خاصة بين صغار المحررين، ويقدم البعض حلاً وسطاً يقول: "إذا لم تكن الخصم الأساسي، في الحدث، فدع نفسك خارج الموضوع!".

ج. التأثير الإعلامي

من خلال تزويد القارئ بجرعة إخبارية، تضم معلومات دسمة عميقة، إلى جانب المعلومات الخفيفة المرحة، ذات الطابع الإنساني، في قالب جذاب بسيـط.

د. الإمتاع

من خلال إتاحة الفرصة للقارئ للراحة، أو التوقف المحبب إلى نفسـه، بخفة وتنوع وظرف، وتعطيه سبباً مهماً آخر لقراءة الجريدة، غير الأخبار الجادة الصارمـة.

هـ. الدوام

إذ من الممكن تأجيل نشر هذه الموضوعات، لأسابيع أو لشهور قبل النشر. وبعض الجرائد تنشئ ما يطلق عليه Feature bank  (بنك للموضوعات الصحفية) يتم كتابتها وتحريرها وجمعها وإعدادها، مجهزة للنشر، في أي لحظة، ويتيح هذا، للمحرر، فرصة إعداد الموضوع، على مهل، ومعالجته بشكل فيه إبداع وابتكار.

و. الطول

إذا سأل محرر، في قسم الأخبار، عن الطول المناسب لقصته، فإن رئيسه يقول له: "قصير بقدر ما تستطيع" في حين إذا سأل عن طول الموضوع الصحفي فستكون الإجابة: "طويل بالقدر الذي تستطيع فيه أن تحافظ على اهتمام القارئ". ولكن هذا لا يعني إطلاق هذا الطول، بل ينبغي أن يتناسب الطول، مع المضمون، والأسلوب، مع العناية بالاختصار، والدقة والتركيز.

ز. أسلوب الكتابة

فكاتب الموضوع الصحفي، مثل راوي القصة الدرامية، الذي يحكي حكاية، ويرسم بالكلمات، صوراً ذهنية في عقل القارئ، ويشد القارئ إلى القصة، من خلال التوحد السيكولوجي مع الشخصية المحورية فيها، لهذا يحتاج إلى خيال خصب، ولغة سلسة، وكلمات معبرة، من دون تشويه للحقائق، بل تلوين لها، وتنويع في أسلوبها.

2. الحديث الصحفي

الحديث الصحفي، أو المقابلة، أو الاستجواب، أو الحوار ـ كما يسميه البعض ـ هو الشكل الصحفي، الذي يسعى فيه المحرر إلى بعض الأشخاص، للحصول على أفكارهم، وآرائهم، أو عرض معلومات لديهم تفاصيلها، وفي بعض الأحيان، لإلقاء الضوء على شخصياتهم وهدفه، كشكل صحفي، تحقيق جانب، أو أكثر، من الجوانب التالية:

أ. الحصول على أخبار، أو معلومات، أو حقائق جديدة.

ب. الحصول على آراء بعض أهل الخبرة، أو ذوي الرأي، في بعض القضايا، أو المواقف.

ج. إلقاء الضوء على شخصية ما، وبيان السمات المختلفة، التي تميزها.

د. التسلية والإمتاع بتركيزه على الطريف والممتع، في الشخص، أو الموضوع.

ويختلف الحديث الصحفي عن الاتصال التقليدي بالمصادر، والحصول من خلال الحديث معها على المادة الصحفية لنشرها، في شكل أخبار، أو تحقيقات، أو بمصاحبة صور، فهذا أساس العمل الصحفي. وهناك مقولة صحفية شهيرة تقول: "الأحاديث تصنع الأخبار Inreviews make News " بمعنى أن الاتصال بالمصادر يصنع أو ينتج الأخبار.

ولكن المقصود بالحديث الصحفي هنا: الحديث المرتب المخطط له، وله أشكاله المميزة: المباشر، التليفوني، الجماعي (الاستفتاء)، الخطب، المؤتمرات، والاجتماعات العامة، أو الجماهيرية، كالندوات والمؤتمرات، وتغطية الجلسات، والاجتماعات، والهيئات الرسمية.

وتختلف أساليب كتابة الحديث الصحفي من محرر إلى محرر، ومن حديث إلى حديث آخر، ولكنه عادة ما يضم: العنوان الرئيسي، وأحياناً عناوين فرعية، ومقدمة، ومتن وخاتمة وصور مصاحبة، أو رسوم أو كليهما، ويكتب إمَّا بأسلوب السؤال والإجابة التقليدي، أو السرد العادي، أو القصة الإخبارية أو التقرير الإخباري.

3. التحقيق (الاستقصاء) الصحفي Investigation

التحقيق الصحفي أو الاستقصاء هو: "التحري، والبحث والاستقصاء، في واقعة أو حادثة أو قضية أو مشكلة ومعرفة الأسباب، والدوافع الخاصة بها، والاستماع إلى كل الآراء، في هذه الواقعة، أو الحادثة أو القضية، محور التحقيق، وقد يصل المحقق إلى إصدار حكم في النهاية، وقد يكتفي بعرض جوانب هذه الواقعة، أو الحادثة أو القضية فقط".

وهو إحدى وسائل الجريدة لممارسة دورها التفسيري والاستقصائي، وأداء مهمتها الرقابية الكاشفة عن نواحي الخلل، والقصور، وسوء الإدارة، والنقد والتقويم، وفقاً لمفهوم الصحافة الليبرالية، ودور الصحافة المهم، في مراقبة البيئـة.

ولتداخل وظيفة التحقيق الصحفي، أو الاستقصاء، مع وظائف أشكال صحفية أخرى، فإن التحقيق يوظف هذه الأشكال داخله، كأساليب لجمع المادة وكتابتها، خاصة الحديث الصحفي، والصور والرسوم. وقد ازدادت أهمية التحقيق الصحفي، والاعتماد عليه، في السبعينات، كمنافس للتغطية التليفزيونية المصورة، خاصة بعد تحقيق الـ Washington post الشهير المعروف بفضيحة ووترجيت، التي تعد نموذجاً مثالياً للتحقيق الصحفي.

وهناك نوعان رئيسيان للتحقيق الصحفي:

أ. التحقيق الصحفي الطويل المفصل (والمعتمد أساساً على الكلمة)

تكون فيه الكلمة هي الأساس، تعاونها المواد المصورة (صور ـ رسوم ـ أشكال توضيحية)، ويبذل المحرر قصارى جهده، في الالتقاء بالمصادر، وقراءة الوثائق، والاستعانة بكل وجهات النظر، والآراء المؤيدة والمخالفة لوجهة نظر المحرر، وقد يستعين، في تحليله، وتفسيره، بالحاسبات الإلكترونية، التي تعطي البيانات مصنفة مبوبة مجدولة جاهـزة للتحليل.

وقد يستفيد التحقيق الصحفي الطويل المفصل، من التيارات الصحفية الجديدة، بشكل مكثـف، فمن حيث الرؤية، أو الفكرة أو التخطيط، يستفيد من تيار استخدام أدوات مناهج البحث العلمي الاجتماعي، وتقنياته (خاصة مجال العلوم السلوكية)، في التخطيط للتحرك الصحفي، ثم في جمع المادة الصحفية، وتصنيفها، وتحليلها، والوصول إلى خلاصات منها، مثل: الملاحظة بالمشاركة، والتجربة الميدانية والدراسة المنظمة للوثائق، واستقصاء الرأي العام، معتمداً على تطبيق بعض معايير، أو سمات المنهج العلمي: كالقياس الكمي للظاهرات، وفرض الفروض، واختبارها وقياس الثبات والصدق والاستنتاج السببي، وخطوات معالجة البيانات، ولعل هذا يظهر بوضوح، في التحقيقات الصحفية، التي أجرتها مدرسة، وصحفيو اتجاه "صحافة التحديد أو التدقيق" Precision journalism التي تزعمها Philip.E.Meyer وزملاؤه، وتلاميذه، منذ عام 1972، وحتى الآن، وظهر تطبيقها العملي فيما سمي، بعد ذلك، بالتغطية الاستقصائية، التي تتخذ شكل التحقيقات الصحفية الكاشفة التي قد تُنشر، في يوم واحد، أو أكثر.

ب. التحقيق الصحفي المصور

ويعتمد على المواد المصورة (الصور الفوتوغرافية)، كعنصر أساسي، وتعد الكلمة، أو المتن هنا عاملاً مساعداً، أو معضداً للصورة، وتخصص بعض الجرائد صفحات يومية لهذا النوع، من التحقيقات، وهناك وكالات صحفية متخصصة، في إنتاج هذا الشكل الصحفي، وتسويقه، على مستوى العالم الآن.

4. الحملة الصحفية

لا يمكن وصفها بأنها شكل صحفي واحد، بل هي توظيف لأشكال صحفية مختلفة، وفقاً لخطة موضوعة لإثارة قضية، أو لعرض موضوع، أو لإبداء رأي، أو للرد على موقف اتخذته جماعة ما، وهي نوعان:

أ. الحملة الصحفية المخططة

التي يضعها جهاز التحرير في الجريدة، ويشارك فيها أكبر عدد، من كتاب الصحيفة، ومحرريها، وتجهز لها الوثائق، والأدلة والأقوال والدراسات والبحوث، ولا يتم نشرها، إلا بعد استكمالها، من جميع النواحي، وتصبح صالحة للنشر.

ب. الحملة الصحفية المفاجئة

وهي التي تتم، من دون إعداد مسبق، بل يفرضها تطور الأحداث، في المجتمع، فقد ينشر خبر صغير تمسك الصحيفة بأحد خيوطه، وتتابعه، في مجموعة من الأخبار المتتالية، حتى ينفجر الموضوع، في حملة صحفية، تهز المجتمع كله، وقد تتطور فتشمل تحقيقاً صحفياً يتبعه مقال يجذب الكتاب، والمحررين، والرسامين، العاملين في جهاز تحرير الصحيفة، إلى المشاركة في هذه الحملة. ويشبه البعض الحملة الصحفية، من حيث المفهوم، والوظيفة الاتصالية، بالأفلام التسجيلية، في التليفزيون.

وتبدأ الحملة الصحفية، عادة، بقصة إخبارية، تكشف عن جوانب غير سليمة، أو فساد، أو انحراف، في قطاع ما، من المجتمع، أو الحكومة، وتشعر إدارة الصحيفة بضرورة التعرض له وكشفه، فتكلف محرراً أو فريقاً، من المحررين إضافة إلى مجموعة من الباحثين، (محرري المعلومات) بالتعمق في الحقائق، والبحث في التفاصيل، وبالاتصال بالأشخاص، والاطلاع على الوثائق، وكل خلفيات القضية محور الحملة.

وبعد جمع المعلومات، والتدقيق فيها، تقرر الصحيفة أسلوب المعالجة: هل سينشر موضوع الحملة في شكل تحقيق، أو مجموعة تحقيقات صحفية، أو مقالات رأي، مع قصص جانبية أو موضوعات ما، أو مواد مصورة لمعالجة جوانب المشكلة. وعادة ما يستغرق نشر الحملة عدة أعداد، بشكل مسلسل، وتختتمها الصحيفة، بمقال، أو سلسلة من مادة الرأي، تقدم فيها الصحيفة خلاصاتها، وتوصياتها، واستنتاجاتها، بالنسبة للقضية.

ثالثاً: الأشكال الصحفية، التي تعرض المواد الخاصة بالـرأي Editorials

هي إحدى وسائل الصحيفة، في التأثير، على قرائها، وفي التعبير، عن وجهة نظرها، تجاه القضايا المختلفة، وفي إتاحة الفرصة للقراء العاديين، وكبار الكتاب، والمحررين، والمتخصصين، لعرض آرائهم العامة، أو التي تتعلق بقضايا عالجتها الصحيفة، وتتضمن الأشكال التاليـة:

1. المقال الصحفي Essay

المقال الصحفي هو أحد الأشكال الصحفية، التي تُستخدم في التعبير، عن رأي، أو فكرة أو قضية، وإبداء رأي محرره، أو كاتبه، أو رأي الصحيفة فيها، مشكلاً اللبنة الأولى، والأساس القوي، في تشكيل اتجاهات الرأي العام، نحو القضايا، التي تطرحها الصحيفة، بما يطرحه من تفسير، وشرح وتحليل، وما يهدف إليه من إقناع وتوجيه.

2. رسائل القراء

وتنشر هذه الرسائل، في ركن ثابت، يحتل أكثر من عمود، داخل صفحة الرأي، وتؤدي وظيفة مهمة من وظائف الجريدة، كأحد وسائل الاتصال بالجماهير، بإيجاد منبر للتعبير عن رأي الجمهور. ومن ثم فهي تزود الجريدة بفرصة ذهبية لاستطلاع، واستكشاف اتجاهات القراء، وآرائهم، في ما ينشر فيها، وتجاه الأداء العام للجريدة، إلى جانب القضايا العامة والخاصة، التي تثيرها الجريدة على صفحاتها.

ومن خلال هذه الرسائل، التي يُنشر بعضها، تتاح للقراء الفرصة للرد على المقالات الافتتاحية، أو التعليق على المواد الإخبارية، أو الاستقصائية، وقد تحمل الرسالة تعليقاً، أو رأياً شخصياً، أو إثارة لقضية عامة، أو حتى مشكلة شخصية.

وبسبب ضيق المساحة المخصصة لرسائل القراء، بالمقارنة بالكم الهائل من الرسائل، الذي يرد إلى الجريدة يومياً، يلجأ المحرر المختص، وهو عادة ما يكون أحد محرري صفحة الرأي، إلى قراءة هذه الرسائل وفحصها، وفرزها، وتصنيفها، ونشر ما يستحق منها، بعد تلخيصه، أو اختصاره، أو نشره كاملاً بتوقيع صاحبه، ويخضع نشر الرسالة لعدة معايير من بينها: موضوعها أو مصدرها، وترفض الجرائد نشر الرسائل، التي لا تحمل توقيعاً ولكنها، وبناء على طلب صاحب الرسالة، قد تنشرها من دون توقيع، كما تراعي الجرائد كذلك، ألاّ تنشر رسائل، قد تعرضها لأي مساءلة قانونية، إذا كانت تحوي سباً، أو قذفاً، أو إهانة لأشخاص.

وتقوم بعض الجرائد بعملية تحليل يومي لمضمون رسائل القراء، واتجاهاتها، ويشمل ذلك الرسائل، التي ترد إلى الجريدة، بأقسامها المختلفة، وكتابها ومحرريها، وتحصل، من خلال ذلك، على تقرير يومي عن القراء، وعن أفكار جديدة لموضوعاتها، قد تنفذ بعضها، خلال أعدادها التاليـة.

3. الكارتون أو الكاريكاتير (المعبر عن رأي) Cartoon

يشكل الكارتون، أو الكاريكاتير ـ وهو أحد أشكال الرسوم الساخرة ـ مكوناً مهماً في مادة الرأي، في الجريدة عامة، ومكوناً أساسياً من مكونات صفحة الرأي بها، ويضيف تأثيرات جمالية وفكاهية للأخبار والموضوعات، التي تصاحبها، أو تعبر عنها.

ويعرفه الدكتور عمرو عبدالسميع: "بأنه عملية اتصالية متكاملة، لها هدف محدد، هو إحداث التأثير في المتلقي، في خمسة جوانب هي:

أ. تثبيت بعض الصور الكامنة، لدى المتلقي، أو العكس.

ب. تعديل الاتجاه السلوكي، لدى المتلقي.

ج. إثارة المتلقي وتهييجه.

د. التنفيس، بحيث لا يتكون، لدى المتلقي، تراكم في الرفض لظاهرة سياسية، أو مجتمعية معينة.

هـ. إثارة الرغبة، في الضحك، أو السخرية.

ويحدد عدد من كبار رسامي الكاريكاتير وظائفه، كأحد الأشكال الصحفية، التي تعرض مادة الرأي، في الصحيفة، في الجوانب التالية:

أ. تقديم خدمة، من خلال النقد، بالإشارة إلى الأشياء، التي يمكن أن تُؤدَّي، بشكل أفضل، أو بشكل مختلف.

ب. السخرية من الجمهور (أي يخرج لسانه للناس، على حد تعبير البعض) ويجعلهم يفكرون ويضحكون.

ج. تصوير الواقع، والتعبير عن همومه، والدعوة إلى التعبير.

أمَّا رسام الكاريكاتير، فمهمته متعددة الجوانب، وهي:

أ. أن يجعل المواطنين يفكرون، لا أن يغير أفكارهم، وإذا نجح، بعد ذلك، في تغيير هذه الأفكار؛ فهذا شيء مطلوب.

ب. أن يدير حواراً بين الناس.

ج. أن يبسط أي قضية إلى الحد، الذي يصبح فيه أسلوب الرسالة مفهوماً، بهــدف الحصول على موافقة أو رفض الجمهور، بشكل يكفي لمناقشتها ثانياً.

ويقدر نجاح رسام الكاريكاتير، شأنه شأن كاتب الرأي، بمدى قدرته على جعل الناس يفكرون، في قضايا مهمة. ومن الناحية الفنية الصحفية، يمكن القول أن الكاريكاتير هو رسم ساخر ناقد، يغالي في إبراز العيوب، وهو مرادف للكارتون Cartoon  بمعناه المعاصر، ومختلف عنه في المنشأ، ويقوم على إبراز كوميديا الموقف، أو اللفظ، ويشمل، ضمن وسائل تعبيره، شرائط الشرائح الفكاهية، أو الرسوم الهزلية Comic Strips، والنحت الساخر. يعود أصل كلمة Caricature  إلى الكلمة الإيطالية كاركاتورا، بمعنى تحميل الشيء أكثر من طاقته.

وقد ارتبط ظهور الكاريكاتير، وتطوره، بالتقدم الفني للطباعة، التي مكنت من الإكثار منه، الأمر الذي حوَّله من مجرد صور هزلية، إلى رسم من عدة نسخ، يصل إلى عموم الناس، كما يرتبط بالتطور، في حركة الفنون التشكيلية، التي تؤثر عليه، شكلاً ومضموناً.

ويقسم الدكتور عمرو عبدالسميع الكاريكاتير إلى نوعين هما:

أ. الكاريكاتير السياسي

وهو ما يتعرض فيه الرسام بالسخرية، أو بالرغبة في الانتقاص من، عوامل القهر المادي سـياسية، كانت أو اجتماعية، أو دينية الخ.

ب. الكاريكاتير الإنساني

وهو ما ينزع فيه الرسام، في حالة عجزه عن مواجهة عوامل القهر المادي، إلى السخرية من بني جنسه، في شتى مجالات النشاط الإنساني الصرفة، من رياضة، وفنون وغيرها، أو إلى السخرية، من نفسه، أو من عبثية الحياة.

من كل ما سبق يتضح أن الكاريكاتير عملية اتصالية تستهدف مردوداً محدداً، يتمثل في رجع الصدى، الذي قد يؤدي إلى التصاق الرمز بالمقصود، أو الترديد الجماعي للنكتة (الكاريكاتير)، أو تعديل السلوك، لدى المتلقي، كما أن هناك علاقة جدلية قائمة على التأثير والتأثر، بين كل المحددات، التي يعمل كل عنصر، من عناصر الرسالة الاتصالية، في إطارها، وبين ضوابطها السياسية والمجتمعية.

وبشكل الكاريكاتير مكونا مهما، من مكونات مادة الرأي، وصفحة الرأي، بصفة خاصة، بما يملكه من قدرة على إعطاء تأثيرات جمالية وفكاهية للأخبار، والموضوعات التي تصاحبها، أو تعبر عنها. ومن ثم تحرص معظم الجرائد على أن يكون لديها رسام الكاريكاتير الخاص بها، وأن يكون هذا الرسام من الذين يستطيعون استيعاب القضايا، والشؤون اليومية، كمضمون، أو كمادة تصلح للمعالجة في شكل كاريكاتير، أما معظم الجرائد متوسطة الحجم؛ فتعتمد على الوكالات، التي توزع رسوما كاريكاتيرية تعالج، في الأساس، قضايا أو اهتمامات عامة، أو قومية.

رابعاً: الأشكال الصحفية المتخصصة المجمعـة

نظراً لتنوع اهتمامات القارئ ورغباته وتعددها، يسعى المضمون، بفئاته المختلفة، إلى تلبية هذه الاهتمامات، من خلال الأقسام المتخصصة بالجريدة، التي يتم توزيع إنتاجها الصحفي، من أخبار، وموضوعات، وصور، ورسوم، على أجزاء الجريدة، أو المجلة المختلفة.

وقد زاد عدد صفحات الجريدة، في السنوات الأخيرة، مما دفع بعض الجرائد إلى تقسيم صفحاتها إلى أقسام Sections رئيسية للمضمون، وفي داخل كل قسم، أبواب، وأركان، وصفحات للمواد المتخصصة، ينشر بعضها يومياً أو أسبوعياً، أو في ملاحق طبعة الأحد، أو ملحق الجمعة، الذي يصدر، مع عدد الأحد، على شكل مجلة: Sunday supplement magazine.

ويعد كل باب، أو ركن، أو صفحة، أو ملحق متخصص، صحيفة صغيرة متخصصة، داخل الجريدة العامة، توظف داخلها الأشكال الصحفية المختلفة، لنقل هذه المادة الصحفية المجمعة داخل هذا الإطار، كلون من ألوان الخدمات، التي تُقدم للقارئ، تلبية لاهتماماته المتنوعة.

وهناك خمس دوائر متداخلة يمثل كل منها شكلاً يعالج من خلاله المضمون الصحفي المتخصص المجمع على النحو التالي:

الدائرة الأولى: الأكثر اتساعاً، هي الملحق Supplement

الذي يضم مجموعة، من الأقسام المتشابهة، أو المتقاربة، في المضمون، الذي تحويه، وقد لا تتشابه بل قد يكون ما يجمعها هو أنها مواد متخصصة منوعة فقط.

الدائرة الثانية: الأقل اتساعاً، هي القسم Section

الذي يضم مجموعة، من الصفحات المتخصصة، التي تعالج مواد متشابهة، في تخصصها، أو أركاناً متخصصة، أو أبواب متخصصة.

الدائرة الثالثة: أقل اتساعاً من السابقة، هي الصفحة المتخصصة Special page

(أو الصفحات) وتعالج مواد متشابهة، في تخصصها (مضمونها)، وتضم أركاناً متخصصة، أو أبواباً متخصصة تعالج مضموناً واحداً: الفن، الأدب، الحدائق، الكتب مثلاً.

الدائرة الرابعة: أضيق من الدائرة الثالثة

وهي الركن الثابت المتخصص، الذي يحتل جزءاً أقل من الصفحة، يعالج مضموناً متخصصاً واحداً مستخدماً أشكال صحفية مختلفة.

الدائرة الخامسة: أضيقها جميعاً، وهي الباب الثابت المتخصص

الذي يعالج مضموناً متخصصاً، من خلال شكل واحد، (أو عدة أشكال صحفية)، مثل باب رسائل القراء، أو عمود أخبار رياضية، بعنوان ثابت.

فن التصوير الصحفي والرسوم

تشمل المواد المصورة، في الجريدة، الصور الفوتوغرافية، بأنواعها المختلفة، والرسوم اليدوية، التي تجمع الرسوم الساخرة، والتعبيرية والتوضيحية. وتتميز المواد المصورة بقدرتها على جذب انتباه القارئ، والتأثير في سلوكه، واستيعابه، بحكم قدرتها التعبيرية والجمالية، واختزالها لكثير من المعاني، والمتضمنات الفكرية والصحفية، وقدرتها على التبسيط والشرح والوصف، مما زاد أهميتها الصحفية خلال السبعينات، وأوائل الثمانينات، لمواجهة الوعي البصري، الذي غرسه التليفزيون، في عقل القراء، لا سيما بعد استخدامه للون؛ فقد أصبح لزاماً على الجريدة، لكي تؤثر، وتقنع قارئ السبعينات، والثمانينات، من صغار الراشدين الآن، ومن مراهقي الستينات، الذي يمثل جيل حضارة التليفزيون، والذي تربى عليه، وحصل منه على الخبر والمعلومة والتسلية، ورأى العالم، من خلال الكلمة، والصورة، والموقف، بأشكال درامية مختلفة، ثم المستحدثات الجديدة، في مجال التليفزيون، خاصة ظهور أشرطة الفيديو، وأنظمة الجريدة الإلكترونية، في المنزل. كل هذا زاد من أهمية استعمال المواد المصورة في الجريدة.

وقد أظهرت الجرائد اهتماماً بالمواد المصورة، تمثل في زيادة عددها، والمساحة التي تحتلها، وفي أسلوب تحريرها وإخراجها، واستعمال اللون معها، وتخصيص صفحات أكثر للصور والرسوم، كما زاد استعمال المواد المصورة، خاصة الرسوم التعبيرية، المصاحبة لبعض الموضوعات كالجرائم أو الحوادث.