إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / الصحافة









الفصل الثامن

مستقبل الصحافة في القرن الحادي والعشرين

السؤال الذي يطرح نفسه ويشغل بال العديد من العلماء والباحثين والمهنيين في مجال الصحافة في العالم الآن، في ضوء التطورات السريعة في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، هو: ما هو الشكل المتوقع لوسائل الاتصال في العالم بصفة عامة، والصحافة المطبوعة الورقية بوجه خاص في القرن القادم، هل ستستمر أم ستختفي في ظل منافسة التليفزيون والصحافة الإلكترونية اللا ورقية الموجودة الآن على شبكة الإنترنت وقواعد البيانات، أم سيكون لها شكل آخر ؟

والإجابة أو السيناريو المتوقع للصحافة، كظاهرة اجتماعية لها أبعادها الإعلامية والثقافية والتكنولوجية والاقتصادية، لا بد أن يأخذ في اعتباره ثلاثة أمور أو جوانب رئيسية هي: تطور الصحافة منذ نشأتها وحتى الآن، والتحديات والضغوط المؤثرة عليها،توقعات العلماء والمتخصصين في المستقبل، وكذلك السياق التكنولوجي والاجتماعي والنفسي والسياسي والاقتصادي المتوقع في المستقبل.

وفي ضوء ما سبق لا بد أن يأخذ الحديث، عن صحافة القرن الحادي والعشرين، في اعتباره عدة أمور:

أولاً: إنه في تاريخ وسائل الاتصال، منذ نشأتها وحتى الآن، لم يتسبب ظهور وسيلة اتصال جديدة في القضاء على الوسيلة القديمة أو إلغائها، بل إن الوسيلة الإعلامية الجديدة عادة ما كانت تستوعب الوسيلة، أو الوسائل الإعلامية القديمة وتطورها، ويخرج من تفاعل الوسيلتين أو الوسائل معا وسيلة جديدة تتيح إمكانات جديدة ومتعددة للجمهور في الاتصال وتبادل المعلومات، فاللغة الملفوظة لم تلغ الاتصال غير اللفظي المعتمد على الإشارة والإيماءة، كما أن الكتابة لم تلغ الاتصال اللفظي، والطباعة استوعبت الكتابة وطورتها، والصحافة المطبوعة لم تقض على الكتاب، ولم تقض الإذاعة على الصحافة بل استوعبتها وأعطت لها أبعاداً أخرى تجاوزت المكان وانطلقت إلى آفاق أرحب. والسينما لم تقض على المسرح ولكنها دمجته في الدراما السينمائية وجعلته يتخلص من قانونه الأساسي وهو وحدة الزمان ووحدة المكان ووحدة الحدث. والتليفزيون لم يقضى على الإذاعة المسموعة ولا على السينما بل استفاد منهما وتجاوز إمكاناتهما إلى الأحدث، وجاء الفيديو لكي يستوعب داخله السينما والمسرح والتليفزيون. وجاء بعد ذلك الاتصال المستعين بالحاسبات الإلكترونية Computer Mediated Communication  لكي يتضمن كل الأشكال السابقة، إذ نجد داخله كل الخدمات التي تتيحها الحاسبات الإلكترونية، وشبكة الإنترنت من نقل للوثائق والمعلومات المكتوبة والمصورة والمعتمدة على الوسائط المتعددة، وإصدار الصحف الإلكترونية على شاشات الحاسبات الإلكترونية، والصحافة والخدمات المعلوماتية التفاعلية وعقد المؤتمرات عن بعد وجماعات المناقشة، والتخاطب عن بعد.

ثانياً: على الرغم من أن الوسائل الاتصالية، التي أفرزتها التكنولوجيا الاتصالية الراهنة، تكاد تتشابه في عديد من السمات مع الوسائل التقليدية، إلاّ إن هناك سمات مميزة للتكنولوجيا الاتصالية الراهنة، بأشكالها المختلفة، مما يلقى بظلاله ويفرض تأثيراته على الوسائل الجديدة ويؤدى إلى تأثيرات معينة على الاتصال الإنساني، ومن أبرز هذه السمات التي تتصف بها التكنولوجيا الاتصالية الراهنة ما يلي:

1. التفاعلية Interactivity

وتطلق هذه السمة على الدرجة التي يكون فيها، للمشاركين في عملية الاتصال، تأثير في الأدوار، ويستطيعون تبادلها الاتصالية. ويطلق على القائمين بالاتصال لفظ مشاركين بدلا من مصادر، وبذلك تدخل مصطلحات جديدة في عملية الاتصال مثل الممارسة الثنائية، التبادل، التحكم، المشاركين، ومثال على ذلك التفاعلية في بعض أنظمة النصوص المتلفزة.

2. اللاجماهيرية Demassification

وتعني أن الرسالة الاتصالية، من الممكن أن تتوجه إلى فرد وأحد أو إلى جماعة معينة، وليس إلى جماهير ضخمة كما كان في الماضي، وتعني كذلك درجة تحكم في نظام الاتصال بحيث تصل الرسالة مباشرة من منتج الرسالة إلى مستهلكها.

3. اللاتزامنية Synchronization

وتعني إمكانية إرسال الرسائل واستقبالها في وقت مناسب للفرد المستخدم، ولا تتطلب من كل مشارك أن يستخدم النظام في الوقت نفسه، فمثلاً في نظم البريد الإلكتروني تُرسل الرسالة مباشرة من منتج الرسالة إلى مستقبلها، في أي وقت، من دون حاجة إلى وجود مستقبل للرسالة.

4. قابلية التحريك أو الحركية Mobility:

هناك وسائل اتصالية كثيرة يمكن لمستخدمها الاستفادة منها في الاتصال من أي مكان إلى آخر أثناء حركته مثل التليفون المحمول، تليفون السيارة، التليفون المدمج في ساعة اليد، وهناك آلة لتصوير المستندات وزنها عدة أوقيات، وجهاز فيديو صغير، وجهاز فاكسميل محمول، وحاسب آلي نقال مزود بطابعة.

5. قابلية التحويل Convertibility:

وهي قدرة وسائل الاتصال على نقل المعلومات من وسيط إلى آخر، كالتقنيات والبرامج الخاصة بالحاسب الإلكتروني التي يمكنها تحويل الرسالة المسموعة إلى رسالة مطبوعة وبالعكس، مثل نظم التعرف الصوتي، وهناك نظم للترجمة الآلية ظهرت مقدماتها في نظام مينتيل الفرنسي.

6. قابلية التوصيل Connectivity

وتعني إمكانية توصيل الأجهزة الاتصالية، مثل: الحاسبات الإلكترونية والطابعات وأجهزة االهاتف، بمجموعة كبرى متنوعة من أجهزة أخرى، بغض النظر عن البلد الذي تم فيه الصنع.

ثالثاً: إن أية وسيلة اتصال مستحدثة، في المجتمع، تمر بثلاث مراحل في التبني والاستخدام وهي:

1.   المرحلة الصفوية حيث تُستخدم الوسيلة على نطاق الصفوة لأسباب تتعلق بارتفاع نفقات الاستخدام والمهارات الأساسية المطلوبة للتشغيل.

2.   ثم المرحلة التخصصية حيث تبدأ في الانتشار على مستوى الصفوة الاقتصادية أو التقنية أو قطاع معين مثل الحاسبات الإلكترونية.

3.   وأخيراً المرحلة الجماهيرية حيث تبدأ الوسيلة في الانتشار وسط قطاعات كبيرة من الجماهير نتيجة لبساطة الاستعمال ورخص السعر والفائدة الشخصية. ويصاحب ذلك الإنتاج الجماهيري لتلك الوسائل. وقد مر التليفزيون والفيديو وكذلك الفاكس بتلك المراحل وتمر بها الأنظمة المستعينة بالحاسبات الإلكترونية الآن، وفي مقدمتها شبكة الإنترنت.

رابعاً: إن الصحافة المطبوعة أو الورقية تواجه عدة تحديات خطيرة الآن من أكثرها إلحاحاً: التحدي الاقتصادي:المتمثل في ارتفاع أسعار الورق والتجهيزات التكنولوجية مقارنة بتكاليف إصدار الصحف الإلكترونية، على شبكات المعلومات، مثل شبكة الإنترنت وغيرها، والتحدي البيئي المتمثل في دعاة الحفاظ على البيئة سواء من خلال الحفاظ على الغابات وأشجارها، أو التخلص من التأثيرات البيئية السلبية لطباعة الصحف الورقية،تحدى المنافسة الإعلامية والاتصالية من باقي الوسائل الأخرى المنافسة، وأخيراً تحدى المصداقية.

خامساً: إن الإنسان عادة ما يميل إلى استخدام الوسيلة الاتصالية التي تعطيه الخدمة الاتصالية الأشمل والأكثر جاذبية بأقل جهد مبذول منه، وبأرخص تكلفة وهنا تتفوق الصحافة الإلكترونية المنشورة على شاشات التليفزيون، وعلى شبكات المعلومات، بمراحل، على الصحافة المطبوعة، وإن كانت الأخيرة تشترط إجادة استخدام الحاسبات الإلكترونية.

سادساً: إن المطبوع بشكل عام، والكتاب والجريدة بشكل خاص، مازال لهما بريق خاص لأسباب تاريخية وثقافية عند الأجيال الحالية. والسؤال هل يستمر ذلك البريق مع أجيال الشباب وإن كانت الدراسات الميدانية على وسائل الاتصال، في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، تؤكد على أن الجريدة اليومية المطبوعة لم تعد الوسيلة المفضلة عندهم للحصول على المعلومات، صباح كل يوم، مثلما كان في الماضي، كما تؤكد على أن التليفزيون قد أصبح المصدر الأساسي للحصول على المعلومات وليست الجرائد.

سابعاً: إن الأشكال المستحدثة للصحافة غير الورقية، تتضمن الآن الجرائد الإلكترونية التليفزيونية، ونسخاً إلكترونية من الصحف المطبوعة،و جرائد إلكترونية جديدة على الإنترنت وغيرها من شبكات المعلومات.

ثامناً: بالنسبة إلى صناعة الصحافة يتوقع الخبراء المزيد من التطوير التكنولوجي، في أسلوب إنتاج الجرائد التقليدية، ومنها عل سبيل المثال:

ـ  المزيد من تزويد المنشآت الصحفية بأنظمة الكاميرات الرقمية، التي سوف تسمح للمصورين الفوتوغرافيين، والمسؤولين عن إعداد الصور الفوتغرافية وإخراجها وتحريرها بمعالجتها إلكترونيا أو رقميا على شاشة الحاسبات الإلكترونية تصغيراً أو تكبيراً أو تركيزاً على زوايا معينة، من دون الحاجة إلى عمليات المعالجة الكيميائية التقليدية السابقة التي كانت تتم في المعمل أو Darkroom، وإرسال الصور معالجة مباشرة إلى حجرة الطبع أو الطابعات.

ـ المزيد من المحررين المزودين بالحاسبات الإلكترونية المحمولة المرتبطة بأجهزة التليفون المحمولة بحيث ترسل موضوعاتهم وأخبارهم من موقع الحدث مباشرة إلى حجرة الأخبار.

ـ التوسع في استخدام أنظمة الاستقبال المعتمدة على الأقمار الصناعية، في تلقى أخبار وموضوعات وكالات الأنباء ووكالات الخدمات الصحفية المتخصصة، ويُتوقع مستقبلاً تلقى الصفحات الإعلانية الجاهزة عليها كذلك.

ـ التطوير في أسلوب الطباعة من شاشة الحاسب الإلكتروني مباشرة، في حجرة الأخبار وصالة التحرير، إلى سطح آلة الطباعة مباشرة، ويُتوقع الازدهار والانتشار لنوع جديد من الطباعة، هو طباعة الفليكسو Flexograph التي تعتمد على الماء في عملية الطباعة مع الحبر، وتعطى إمكانات اكثر جودة في طباعة الصور والألوان، وتحل مشكلة تلوث الأيدي بحبر الطباعة Rubbing off، والتي لها أضرار صحية على القراء ومتداولي الجريدة.

تاسعاً: إن هناك حقيقة واقعة في عالم وسائل الأعلام، وهي الجريدة الإلكترونية، وهي عبارة عن جريدة شخصية تقوم فكرتها على البث الشبكي من خلال شبكة معلومات أو قاعدة بيانات إلى الأجهزة التليفزيونية أو الحاسبات الإلكترونية في منازل المشتركين، وقد تكون المادة المبثوثة عبارة عن محتويات كاملة للجريدة أو ملخصات لها، مع فهرس للمحتويات مع نبذة قصيرة عن كل موضوع أو خبر، وعندئذ يُسمح بإمكانية التبادل أو التواصل عندما يطلب المشترك من الناشر أو مركز الإرسال مزيد من المعلومات عن موضوع مطلوب، فيبادر بالضغط على زر معين ليحصل على ذلك على الشاشة أمامه، مكوناً بذلك جريدته الشخصية التفاعلية المختلفة عن جرائد الآخرين جميعاً، وقد يكتفي بالقراءة مباشرة من الشاشة ويستغني عن نقلها على الورق طباعة، بحفظ المادة وتخزينها في أرشيفه الخاص.

عاشراً: إن نمو الصحافة المباشرة على الإنترنت، سواء كانت جرائد إلكترونية تفاعلية أو غير تفاعلية، قد طوَّر لغة جديدة لتحرير النصوص الصحفية وإخراجها وعرضها أو بلغة أخرى طور لغة جديدة للنشر الصحفي، يُطلق عليها لغة النص المترابط أو المهجن HYPER Text Markup Language  أو لغة Html  التي تمتلك القدرة على برمجة الكلمات في بقع ساخنة Hot Spots، من خلال الضغط على النقط الساخنة أو ما يطلق عليه الوصلات links  فينتقل الحاسب الإلكتروني مباشرة إلى الفقرة ذات الصلة من المعلومات، التي قد تكون موجودة في أي شبكة، كما أنها تتيح للمستخدم أن يسير في طريقه عبر مادة أو مقال على الإنترنت، أو في صحيفة منشورة عليها، بحيث يمكنه القفز إلى القضايا والموضوعات الأكثر أهمية عنده. وامتد ذلك المفهوم إلى المواد المرسومة والمصورة ولقطات الفيديو والصوت على الشبكة، التي أصبح يطلق عليها الآن وسائل مهجنة أو مرتبطة Hypermedia.

وهكذا أصبحت هناك لغة جديدة للنشر الصحفي للجرائد الإلكترونية على الإنترنت تشكل أسلوباً جديداً للعمل الصحفي.

السيناريوهات المتوقعة للصحافة المطبوعة خلال القرن القادم:

في إطار ما سبق يمكن توقع السيناريوهات الثلاثة التالية:

السيناريو الأول

تسير فيه صناعة الصحافة المطبوعة الورقية، مع الصحافة الإلكترونية التليفزيونية، في إطار قنوات المعلومات المرئية على شاشات التليفزيون، بشكل تكون فيه الغالبية للصحافة المطبوعة. ويناسب هذا السيناريو الدول التي مازالت نسب الأمية فيها مرتفعة، ومعدلات الدخل منخفضة مما يعوق التوسع في استخدام الأفراد للصحافة المستعينة بالحاسبات الإلكترونية، حيث مازال استخدام الحاسبات مرتبطا باستخدامات متخصصة، أو استخدام فئات من صفوة المجتمع، وهذا يشمل معظم دول العالم الثالث.

السيناريو الثاني

ويتوقع أن تسير فيه الصحافة المطبوعة الورقية، مع الصحافة الإلكترونية المنشورة على شبكة الإنترنت، وغيرها من شبكات وقواعد المعلومات، بشكل متواز مع تزايد في الاتجاه لاستفادة الصحافة المطبوعة الورقية من شبكة الإنترنت سواء في عملية التحرير، أو الاتصالات، أو في نشر الصحف الورقية في شكل ملخصات أو نسخ كاملة،وهذا السيناريو متوقع انتشاره في الدول الآخذة في النمو، والتي يتزايد فيها استخدام الحاسبات الإلكترونية وسط قطاعات الصفوة، وفي مجالات متخصصة.

السيناريو الثالث

وفيه يتوقع أن تقل، بشكل تدريجي، خدمات الصحافة الورقية ويزداد فيه الاعتماد على الحاسبات الإلكترونية، في الاستفادة من الخدمات الإعلامية والإخبارية والمعلوماتية، التي تقدم من خلال شبكات المعلومات وقواعد البيانات، سواء كانت تلك الخدمات المعلوماتية، التي تقدمها شبكات المعلومات وقواعد البيانات، أو من خلال نشر نسخ الجرائد والمجلات الإلكترونية التفاعلية الكاملة، وذلك وصولا إلى ما يطلق عليه الجريدة الإلكترونية تحت الطلب Newspaper On Demand أو الجريدة التفاعلية Interactive Newspaper، التي يختار الشخص محتوياتها بنفسه، يومياً من خلال شبكات المعلومات المختلفة، بعد أن يكون قد حدد قائمة اهتماماته في بداية اشتراكه في الخدمة، مثل تركيزه على نوعية معينة من الأخبار، أو الإعلانات، حتى أن أحد الخبراء قال: "إنه مع عام 2000 يمكن أن يطلق على الجريدة اليومية الإلكترونية التفاعلية، جريدتي اليومية".

في إطار ذلك السيناريو يتوقع نتيجة للتطورات الحالية في الحاسبات الإلكترونية، وتكنولوجيا الاتصال وشبكات المعلومات وقواعد البيانات وفي مقدمتها شبكة الإنترنت، أن تأخذ الجرائد غير الورقية أو الإلكترونية في المستقبل، شكلاً آخر غير الشكل الحالي، الذي نراه على شاشات الحاسبات الإلكترونية.

يتوقع روجر فيلدر Roger Filder  أحد خبراء مؤسسة نايت رايدر الأمريكية، أن تكون جريدة المستقبل مطبوعة إلكترونية، تمزج المظهر التقليدي للجريدة المطبوعة بالحركة الكاملة التي تعطيها الوسائط المتعددة، من خلال لقطات الفيديو والصوت، بحيث يتم استرجاعها على جهاز عرض محمول بحجم المجلة يطلق عليه Newstablet  أو القرص الإخباري. ويتوقع دوني فراى Dony Fray الخبير بمعهد بوينتر لدراسات الصحافة بالولايات المتحدة الأمريكية أن هذا القرص مستقبلاً سوف يشبه جهاز الألعاب الإلكترونية "النانتيندو".

كما يتوقع كليف ليندساى Cliff Lidsay الخبير بمؤسسة إى تى أي بى ETIP الألمانية، أن الشكل المستقبلي للجريدة سيكون جريدة قابلة للمسح Erasable Paper حيث يتم تثبيت بطاقة بلاستيكية في طابعة عالية السرعة ترتبط بالناشر، من خلال كابل تليفوني، ويمكن استرجاع الجريدة عليها، وهذه التكنولوجيا مستخدمة في اليابان منذ أكثر من عشر سنوات، وهناك أكثر من 10 مليون بطاقة بلاستيكية تستخدم في هذا الغرض.

وفي إطار هذا السيناريو، يتوقع الخبراء أن يصبح إصدار الجريدة الورقية المطبوعة صفويا ومحدوداً ـ مثل الاسطوانات التقليدية والفونوغراف، وأن يصبح استعمالها مثل ـ ذهاب الناس إلى دور السينما الآن، أو مثل ذهابهم إلى دار الأوبرا، لمشاهدة الأوبرات أو الموسيقى الكلاسيكية، بينما تزدهر الجرائد الإلكترونية الفورية على شاشات الحاسبات الإلكترونية تمهيداً لاختفاء شكل الجريدة التقليدي وظهور الجرائد التي يحدد الشخص محتوياتها بنفسه، ويتسق هذا مع التحول في مجتمعات المعلومات من الإنتاج الجماهيري الضخم Mass Production إلى الإنتاج المعد والمصمم وفقا لاحتياجات العميل Customized Production، وهو تحول جديد لوسائل الإعلام والاتصال من توجه عدد قليل من الوسائل إلى العديد من الجماهير Few to many إلى توجيه العديد من وسائل الإعلام إلى العديد من أفراد الجمهور Many to many. ولا يتوقع ازدهار هذا السيناريو الثالث وتطبيقه إلاّ في مجتمعات تجاوزت مرحلة مجتمع المعلومات Information Society  إلى مرحلة مجتمع ما بعد المعلومات Post Information Society أو المجتمع الافتراضي Cyber  أو الإلكتروني Electronic  في اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا.