إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




الفصل الأول

المبحث الثاني عشر

القصة في السيناريو السينمائي

بطبيعة الحال، لابد من وجود "قصته" لعمل الفيلم، ولابد أن يكون لها أركان أو أسس[1]. والقصة السينمائية الجيدة هي، التي يقوم فيها الصراع على مثلث، تمثل رؤوسه الشخصيات الرئيسية في الفيلم. وهذه الشخصيات في صراع مستمر طوال الفيلم، فلو فرضنا أن (أ)، و(ب) رجلان يتصارعان على حب امرأة هي (ج)، ولكنها تحب (ب) الذي يبادلها الحب، والمطلوب هو إيجاد علاقة بالسالب والموجب بين كل الشخصيات، لكي يتم التفاعل، ويساعد ذلك على نمو الشخصيات وتصاعد الصراع.

وهذا القياس ليس نموذجاً ينطبق على جميع أنواع القصص، ولكنه يعطى لمحة أو فكرة للمؤلف السينمائي، الذي بصدد كتابه فيلم ما.

والشرط الأساسي في القضية السينمائية، هو أن يتمكن المؤلف من اجتذاب المتفرجين بصورة تلهيهم عن إحساسهم بأنهم في دار للسينما، وهذا يتطلب وجود المفاجآت، واستخدام وسيلة التشويق لجذب الانتباه.

وهناك عدة مراحل تمر بها معالجة القصة، بواسطة كاتب السيناريو، وهي المراحل التي يمر بها الفيلم حتى اللحظة، التي تستعد فيها الكاميرا للدوران. وهذه المراحل هي:

1. الفكـرة:

وهي البذرة الأولى في الفيلم، بحيث يمكن إذا تمت تنميتها بالقدر الكافي أن تحقق فيلماً. وتُعرف تنمية الفكرة الأولى وتسجيلها على الورق، بتحضير المعالجة، وهي الخطوة التنفيذية الأولى للفيلم، وتبدو كسجل موجز في كتابة الموضوع المقترح. وتنحصر قيمتها في تسلسلها، فكل حدث يؤدى منطقياً وبسهولة إلى الحدث الذي يليه. ويجب المحافظة على جذب الاهتمام خلال السرد، وذلك عن طريق التعميم المتقن لواقع الأحداث المهمة، بحيث يصبح الحدث التالي أكثر أهمية من السّابق.

2. المعالجة:

تُعد المعالجة، باختصار، هي نظرة عامة للفيلم دون تفاصيل فنية كثيرة، ودون تفاصيل للمناظر التي ستصور، كما تعد الهيكل الأساسي أو العامود الفقري للسيناريو. وهذه المرحلة الوسيطة بين القصة الأصلية وبين سيناريو التصوير، ضرورة جداً، فهي مختصرة عن سيناريو التصوير، وخالية من العوامل التكتيكية، وتعطى كاتب السيناريو الفرصة لإضافة الكثير من اللمسات البارعة، والأفكار البراقة دون كتابتها بالتفصيل، وتعد المعالجة بمثابة أرضية اختبار جيدة للأفكار الجديدة. وكلما كانت المعالجة كاملة وجيدة، يصبح السيناريو سهلاً وجيداً، في الوقت نفسه.

وتتطور الفكرة، أو الخطة في المعالجة، بوصف أحداثها في لغة سهلة خالية من الاصطلاحات، بحيث تبدأ بالتشويق، وتستطرد الأحداث منطقياً بحيث يزداد الاهتمام الدرامي باستمرار، وتصل إلى المنتصف المدروس بعناية، ومن هنا تأخذ في الصعود تجاه الذروة، التي تعلو كل ما سبقها، عندئذ يبدأ السيناريست في تحضير السيناريو، وهو الخطوة الثالثة في عمل كاتب السيناريو.

3. السيناريو:

هو تحسين للفكرة الأصلية، التي مرت بمرحلة المعالجة، وستصبح الآن سجلاً لعدة مناظر سينمائية، مدونة حسب ترتيب حدوث الوقائع، يحمل كل منها رقمه وموضحاً به مكان حدوثه. وهذه المرحلة ـ وهي مرحلة السيناريو ـ تُعد اختزالا لسيناريو التصوير، الذي هو قاعدة واضحة مفصلة لكل ما يراد تنفيذه أثناء التصوير، وفيه يتم تحديد مكان وضع الكاميرا في كل لقطة، وماذا ستفعل الكاميرا إذا تحركت، كما يتضمن السيناريو كل كلمة في الحوار، وكل صوت مطلوب سماعه، لدى المتفرج.

وعلى كاتب السيناريو أن يكتب على نحو شديد الوضوح، ما يفكر فيه بالنسبة للمشهد، لقطة لقطة، وتحديد القطع بين كل لقطة وأخرى تفصيلاً، وكلما زادت التفاصيل الفنية في سيناريو التصوير، كان لذلك تأثير أفضل على الفيلم.

ويعتمد السيناريو اعتماداً كلياً على الحركة، بما يُسمى "اللقطة السينمائية"، وفي كل مرة تتوقف الكاميرا فيها عن الدوران، يكون ذلك علامة انتهاء لقطة سينمائية. وكذلك عندما تنتقل الكاميرا من مكان صورت به، إلى مكان آخر تبدأ منه التصوير من جديد، فإن ذلك علامة على ابتداء "لقطة جديدة"، ويتكون سيناريو الفيلم من العديد من المشاهد، كما يتكون المشهد من العديد من اللقطات، مثلما تتكون القصة من عدد من الفقرات، وكل فقرة من عدد من الجمل، إذن فاللقطة السينمائية بمثابة جملة سينمائية، ومجموعة اللقطات المكونة للمشهد الواحد، إذا لصقت ببعضها، يتكون منها جزء مفهوم من قصة الفيلم.

وكما أن القصة تتكون من فصول، والفصول من فقرات، فإن الفيلم يتكون من عدد من البكرات، كل بكرة تتكون من عدد من المشاهد، وكل مشهد يتكون من عدد من اللقطات.

4. البناء:

لا يخرُج بناء القصة في الفيلم، بصفة عامة، عن بناء القصة بالمفهوم التقليدي المعروف. فيتضمن البداية والوسط أو التأزم، ثم النهاية أو الانفراج.

أ. البداية:

هناك طريقة البداية الدرامية المفاجئة، وميزة هذه البداية، أن السيناريت يستحوذ على انتباه المتفرج منذ اللحظة الأولى.

وهناك الطريقة التقليدية في الكشف والتمهيد للموضوع والشخصيات والأحداث والمواقف، وهي أشد تأثيراً من الطريقة السابقة. وكذلك هناك طريقة ثالثة وهي عملية تآلف بين الطريقتين السابقتين.

    ب. الوسط:

حين يبدأ كاتب السيناريو في الاهتمام بالشخصيات، والمواقف التي وضعهم فيها، ولكل سيناريو شخصية أساسية، إضافة إلى بعض الشخصيات الأخرى، التي تقف مع الشخصية الرئيسية أو ضدها.

وعلى كاتب السيناريو أن يأخذ بعقدة قصته وأطرافها، ويتابعها من خلال الأحداث، التي تدور حول الشخصية الرئيسية، في محاولة للوصول إلى الحل الأخير، عن طريق الشخصيات المرسومة جيداً التي تحاول الدخول في صراع ضد الشخصية الرئيسية، مع تصوير هذا الصراع بأسلوب يتسم بالتشويق والأحكام.

وهكذا يكون الصراع بين الشخصيات المختلفة، هو روح القصة الدرامية، ويستمر هذا الصراع حتى الذروة في نهاية الفيلم، بغض النظر عن النهاية سعيدة أم غير سعيدة، تبعاً للشكل الذي يكتبه كاتب السيناريو.

وفي أغلب السيناريوهات، توجد الشخصية القوية التي يتحمل صاحبها المسئولية الكبرى، في تحريك الأحداث، وهذا الشخص هو ما تعارفنا على تسميته "بالبطل" أو "البطلة". وهذه الشخصية لابد أن تتميز بشيء خاص يجعل منها بطلاً له أهداف وأغراض، يعمل على تحقيقها.

وينبغي أن تكون كل جملة، وكل حركة، وكل حادثة في خدمة الفكرة الأساسية، لتوضيح المعنى المراد توصيله، والأخذ بخط سير العقدة إلى الذروة. بمعنى أن كل شئ في السيناريو لابد له من وجود المبرر الدرامي في علاقة الشخصيات ببعضها، أو بدفع خط سير الأحداث إلى الأمام تجاه القمة.

وباهتمام كاتب السيناريو بالشخصيات وبالمواقف التي وضعهم فيها، يبدأ الفيلم في دخول مرحلة التوقيت، وعليه ألاّ يترك الفيلم يخرج عن سيطرته فعليه أن يراقب الإيقاع بدقة، ويتقدم به تدريجياً، ويستمر بالسرعة المناسبة وفي الزمن المناسب، ويجب أن يضع ذلك أمامه من المرحلة الثانية، وهي مرحلة المعالجة. أما عند كتابة سيناريو التصوير، فيستطيع أن يلائم الإيقاع بالسرعة المطلوبة بالضبط، علماً بأن عملية المونتاج هي التي تتحكم أخيراً في الإيقاع الخارجي للفيلم.

    ج. النهاية:

ويجب أن تكون بالقوة نفسها التي بدأ بها الفيلم، وهي شئ صعب في أغلب الأحيان. فكثيراً ما يرغب كاتب السيناريو أن يُنهي الفيلم بمفاجأة، أو قد تكون النهاية متوقعة، أي أن يكون المتفرج مدركاً لها من خط سير الأحداث وتطويرها.

عموماً يجب أن تكون النهاية منطقية، أي نابعة من حتمية تسلسل الأحداث في الفيلم، وتوجه الموضوع، لأن المنطق يجعل من نهاية الفيلم شيئاً حتمياً، وعلى كاتب السيناريو أن يبتعد، قدر الإمكان، عن العناصر الخارجية في إنهاء أحداث فيلمه. ففي أحيان كثيرة يجد كاتب السيناريو أنه قد وصل إلى ذروة الأحداث، وليس لديه وسيلة ينهي بها تلك الأحداث، فيلجأ إلى عنصر من خارج العمل الدرامي، ليخرج نفسه من المأزق الذي وقع فيه. والأمثلة على ذلك كثيرة، مثل استخدام عنصر خارجي، كسيارة تصدم البطل أو البطلة، وتضع نهاية للأحداث.

وعندما ينتهي كاتب السيناريو من المرحلة الثالثة، عليه أن يبدأ في كتابة سيناريو التصوير، وهو بمثابة المرحلة الأخيرة للسيناريست، بحيث تكون المرحلة التالية لذلك هي تنفيذ هذا السيناريو.

العناصر الرئيسية المستخلصة من القصة:

1. التوازن:

وهي المرحلة الأولى في القصة، وفيها يمضي كل شئ في طريقه دون عقبات، أو يسير في طريق منتظم لا يعتريه الاضطراب. وينبغي أن يُدرك أنّ القصة وإن ابتدأت بمرحلة التوازن، فهي لا تبدأ من البداية الحقيقية للحكاية. فلكل حكاية، أو علاقة، بدايات سابقة، وهو ما يُسمى "ما قبل النص"، لذلك البداية ـ دائماً ـ غير محددة، وتضرب بجذورها في أعماق الماضي، وهي لا تبدأ بها لأنها لا تُعد بداية الصراع الحقيقي، ولكنها تُعد معلومات ذات دلالة يمكن أن تعرف بوسائل شتى، مثل الحوار أو أسلوب الرجوع إلى الماضي، ويرى النُقاد أن الأوفق إلا تستغرق مرحلة التوازن زمناً طويلاً، بل يفضلون الدخول مباشرة إلى مرحلة اللا توازن.

2. اللا توازن أو الاضطراب:

يأتي عقب وقوع حادث، أو ظهور شخصية، أو اقتراف الشخصية الأساسية ما يفجّر الصراع الأصلي. وهذا الاضطراب في مجريات الأمور، قد يتولد أيضاً من تراكم بضعة أحداث، أو سلسلة منها، وقد يأتي مباشرة في أول العمل، أو في مرحلة متأخرة منه، ونذكر ـ كمثال ـ بعض مسببات الاضطراب:

أ. قد يأتي نتيجة إحباط، بظهور عوامل تعرقل السلوك الهادف.

ب. أو أن ينتقل إنسان مع أسرته إلى مجتمع جديد لا يتقبله.

ج. أو أن يحضر غائب يزعزع التوازن، أو ظهور ميراث يفجر التشاحن.

د. أو ظهور تناقض بين العاطفة والواجب.

3. الهدف والخطة:

لا يتولد الهدف من فراغ، بل لابد، أولاً، من دوافع واضحة. ولكن هذه الدوافع تظل ساكنة إذا لم توجد إرادة التنفيذ، التي عن طريقها تتبلور الأهداف المحددة، ثم الخطة المناسبة لتحقيقها.

وقد يكون الهدف معنوياً أو مادياً، كما قد توجد أهداف مرحلة مساعدة للهدف الأصلي، أو تنشأ من جراء السّعي لتحقيق الهدف الأصلي، وما يصاحبها بالضرورة، من إثارة اهتمام المشاهد بها.

وقد يبدأ الموضوع مع وجود الهدف الأصلي. أو يتولد نتيجة للأحداث. وقد يكون نابعاً من البطل أو الخصم، وفي كلتا الحالتين لابد أن يتبعه الدافع والنية والإرادة والتصميم، والخطة لتحقيقه. وبطبيعة الحال لن تسير الأحداث، في يسر وإلا تحولت القصة إلى خبر فقط، ليس غيره.

4. الصعوبات:

وهي لازمة لإثارة الانتباه والتشويق والتوتر لدى المشاهد، وينبغي أن تتناسب شدة وقوعها طردياً مع أهمية الهدف. والعقبات إما أن تكون مادية، أو غيبية، أو اجتماعية، أو ذاتية (مثل العقد النفسية). وهي ليست الصراع الأساسي، ولكنها صعوبات على الطريق. وفي كل الأحوال لابد للبطل، أو الخصم، من محاولة التغلب عليها.

5. الصراع:

هناك ما يشبه الإجماع على أن الصراع هو جوهر القصة، ومن ثم دراما الشاشة، بل إِنّ الصراع عنصر أساسي يسرى في صلب الحياة ذاتها. ولا بد من التفرقة بين الصراع العادي والصراع الدرامي. فالصراع العادي، مثلاً، ينتج عن منافسه رياضية، ولكن الصراع الدرامي قد ينشأ في إطار الرغبة في الفوز بإعجاب فتاة، يجري التنافس عليها مع طرف آخر.

ومما لاشك فيه ضرورة أن يكون الصراع مرتبطاً بالدوافع، وإرادة التنفيذ، والأهداف. كما أن طبيعته تختلف، حتماً، تبعاً لقوتها وللوسائل المتاحة. والغرض منه هو إعادة التوازن، أو تحقيق الهدف، بأقصر الطرق وأسرعها.

وللصراع أنواع، مثل: (صراع إنسان ضد آخر، أو صراع إنسان ضد الطبيعة، أو صراع الإنسان ضد قوى عامة)، (مثل القوى الاجتماعية متمثلة في القيم والعادات والتقاليد)، أو صراع الإنسان ضد نفسه (مثل الإصابة بمرض نفسي). كما يمكن أن يُضاف صراع الأفكار، دون أن تتجسد هذه الأفكار بالضرورة في بشر.

وقد يشتمل العمل على أكثر من صراع من هذه الصراعات، وقد يتخذ بعضها سمة الصراعات المرحلية، فتكون عقبات فقط في طريق الصراع الأساسي. ومن الأفضل الاهتمام بالعامل الإيجابي في الصراع، وأن يُراعى أن يكون صراعاً بين متكافئين، أو بين قوى متكافئة. وهذا التكافؤ يأتي من محصلة العناصر، التي تكّون قوة الفرد أو الجماعة. كما يجب أن يُمهد للصراع، وأن تتعدد الأسباب وتتعقد بما يجعله محتوما، وأن يلعب الزمان والمكان دورهما فيه. ويزداد الصراع عمقاً إذا تدخلت فيه الأيديولوجية السائدة، أي أن تلعب فيه الظروف التاريخية دوراً حيوياً.

ويراعى إلا يأخذ التصاعد المتدرج للصراع مساحة زمنية كبيرة، وأن يؤخذ في الاعتبار خصائص الفن السينمائي.

6. الختام (النهاية): وتشمل (الأزمة الكبرى، والذروة الكبرى، والنتيجة):

تُمثل الأزمة مرحلة زمنية من القصة، يدور فيها صراع بين قوتين متعارضتين متكافئتين، بحيث تكون نتيجته غير مؤكدة أثناء هذا الصراع، ولكنه مشرف على نقطة تحول، أو تغيير، حاسم .

ومن هنا كان الصراع والأزمة متلازمين، ومتزامنين في أحيان كثيرة، بما يؤدى إلى احتمالات الخلط بينهما، وإن كان الصراع يشير إلى العنصر الحركي الفاعل، بينما الأزمة تشير، في المقام الأول، إلى الحالة أو الوضع الطارئ، وما قد يتبع ذلك من سكون ظاهري، يفجرّه الصراع للتغلب على الأزمة.

ويُلاحظ أن الصراع قد يثير الأزمات بالاحتمال أو الضرورة. كما أنه قد ينشأ نتيجة لأزمة ما. وكما أن الصعوبات بأنواعها تثير أزمات، وتستهلك وقتاً مناسباً، حسب قوتها ونوعها وسمات الشخصيات، التي تتعرض لها، وهي تؤدى إلى ذروة صغيرة أو كبيرة، وإلى نتائج، ما يتبعها من تحول أو تغير، يؤثر في مجرى الأحداث.

والأزمة الكبرى بطبيعتها يجب أن تأخذ مساحة زمنية كافية، مشحونة بالإثارة والتشويق والتوتر. أما الذروة الكبرى فيمكن أن تكون مجرد لحظة، يتُخذ عندها القرار الحاسم الذي قد يستغرق إظهاره وتنفيذه بعض الوقت، ولكنه يجب أن يكون وقتاً قصيراً.

ومن المفيد للكاتب، أن يضع الأزمة الكبرى والذروة الكبرى في اعتباره، من أول لحظة. وهناك خلط بين فهم الذروة والأزمة. ولتوضيح ذلك، فلنفرض أن الصراع اشتباك جسدي بين خصمين، فالمفروض بداهة أن تتزايد حدة الاشتباك وتتصاعد حتى تصل إلى قمة عالية، ولكن هذه القمة لا تعنى الذروة، فهي نقطة فقط من نقاط التصاعد، التي لا نزال عندها غير موقنين بالنصر لأحد المتصارعين. أي لا نزال في الأزمة والصراع. أما إذا تناول أحدهم سكيناً وطعن الآخر به، فهذه هي الذروة، وهي في الوقت نفسه قرار حاسم من الطاعن ينهي به الصراع لصالحه، ويحـدث التحول والتغير. وهكـذا تكون الذروة هي القرار.

أما الانكشاف: فهو عبارة عن إعطاء بعض المعلومات الناقصة، أو تفسير ما غمض على المشاهد، خاصة في القصص البوليسية. أي ينكشف المستور، الذي سترته القصة حتى لا تفقد بعض عوامل التشويق في سردها. وقد يأتي على صورة حوار، أو حدث صغير مرئي، أو كليهما معا. وفي أغلب الأحوال تكون الذروة متضمنة للنتيجة، بحيث يسهل على المشاهد استنتاج ما يحدث بعد ذلك، دون حاجة إلى عرضه، وبذلك تكون هي النهاية الحقيقة. أو أن يتوالى الانكشاف أثناء الأزمة الكبرى، وإن كان من المفضل للأفلام السينمائية أن تُعرض مرحلة النتيجة والانكشاف بعد الذروة الكبرى، إذ إن المشاهد في هذه المرحلة – وعلى الرغم من استنتاجه لها – يقوم بعملية تهيئة لانتزاع نفسه من جو الفيلم لا شعورياً، وكأنه المشاهد الوحيد في الظلام، ويتهيأ إلى جو الحياة العادية بين الناس. فهذا نوع من اللياقة المحببة من صانع الفيلم، حتى لا تُضاء الأنوار ونضبط المشاهد مثلاً وهو يصرخ من الرعب، أو تنهمر دموعه من التأثر.

وفي كل الأحوال ينبغي أن يكون الختام أو النهاية حتمياً، ومقنعاً، ومرضيأ، وملخصاً للفعل أو المضمون أو الرسالة. ومن الممكن أن تُنهي القصة نهاية مفتوحة، وهذا يعني أن يكون للعمل أكثر من نهاية، وكلها محتملة، ويترك لكل مشاهد أن يختار النهاية التي تناسبه، خاصة في الأعمال التي تتناول القضايا الاجتماعية، والتي تتسم بالواقعية، أو التي تقترب من أن تكون شريحة أو قطاعاً طولياً، أو عرضياً، من الحياة، فلا شئ يمكن أن يُعد محسوماً بها، وقد يكون صانع العمل راغباً في أن يطرح بعمله سؤالا يوجهه إلى ضمائر المشاهدين، حتى يُعْمِلوا الفكر في الإجابة عليه.

وفي كل الأحوال فمعنى النهاية ألا يكون هناك شئ مهم يتعين عرضه، ولا نعرضه على المشاهد. كما يجب ألا يكون هناك شئ غير مهم، ومع ذلك نعرضه عليه.



[1]  القصة ببساطة هي حكاية أحداث مرتبة في تتبعها الزمني، وليس المقصود بالأحداث مجرد أفعال عابرة أو عشوائية، بل يجب أن يكون لكل فعل وظيفته في النص وأن تتصل الأحداث عضوياً ببعضها البعض بعلاقة السببية أو برباط الفكر ويكون ذات دلالات واضحة.