إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو الفني





مفهوم الشخصية
بناء وخلق الشخصية
حل العقدة




المبحث السادس والعشرون

المبحث السادس والعشرون

السيناريو والتمثيلية التليفزيونية

إن التمثيلية التليفزيونية أو المسلسل أو السلاسل[1]، شكل من أشكال الدراما، ومن ثم فإن مؤلفها يسير على منهج يشبه، إلى حد كبير، ذلك المنهج المتبع في كتابة المسرحية. وتكون مهمة المؤلف "أن يقص قصة بواسطة شخصيات شبيهة بشخصيات الحياة، وأن يوفر لهذه الشخصيات ما يجعلها مثيرة للاهتمام، وأن يجرى على ألسنتها حواراً تتضح فيه سمات الحقيقة".

وبصرف النظر عما إذا كانت التمثيلية أو المسلسل أو السلسلة التليفزيونية، قد كتبت خصيصاً للتليفزيون، أو أعدت عن قصة أو رواية لم تكتب أصلاً له، أو اقتبست عن رواية أو مسرحية أو قصة محلية أو مترجمة، فإنها لابد أن تخضع، في كل الحالات، لقواعد الدراما وأصولها، بما يتلاءم وطبيعة التليفزيون وخواصه، وما يفرضه ذلك من التزامات ومتطلبات.

أولاً: كيف يفيد الكاتب من إمكانات التلفزيون؟:

لاشك أن التليفزيون يمنح كُتاب ومؤلفي الدراما إمكانات هائلة، لا تتوافر، بأي حال من الأحوال، لكُتاب المسرح، وعلى الرغم من خضوع كل من التمثيلية والمسرحية للقواعد نفسها في الكتابة. ويعود ذلك في حقيقة الأمر، إلى طبيعة التليفزيون، وما يملكه من خواص يَّسرت إمكانية الانتقال من منظر إلى منظر، ومن ممثل إلى آخر، بأسرع مما يتسنى للمسرح. فضلاً عن أن التليفزيون لا يفرض على الكاتب أن يتصدى، لمشكلة المحافظة على انتباه واهتمام الجمهور على مدى فترة طويلة، كما هو الحال في المسرح، حيث يمتد الفصل الواحد إلى ما يقرب من الساعتين، في بعض الأحيان. وكذلك فإن أهم مميزات التليفزيون، على الإطلاق تتجسد في استخدام الكاميرا، التي تحدد للمشاهد ما يراه، أو ما يظهر مرئياً أمامه من المنظر. وعلى ذلك فإن التمثيلية التليفزيونية تقدم للمشاهد، من خلال "عين الكاميرا"  ووفق ما تراه من مختلف الزوايا، وتبعاً لموقعها أو حركتها. فضلاً عن أنها، وبواسطة استخدام اللقطات الكبيرة، يمكنها أن تجسد لحظات درامية خاصة في الحدث، وتؤكد عليها أسهل مما يحدث في المسرح. ونتيجة لذلك أصبحت الصورة المرئية على الشاشة، قادرة على أن تُعبِّر عن معنى لا يمكن التوصل إليه في المسرحية، إلاّ من خلال صفحات طويلة من الحوار.

ومن ناحية أخرى، فإن المؤلف التليفزيوني، يمكنه أن يتحرر ـ إلى حد كبير من قيود المكان ـ بقدر ما تتحمله إمكانات الاستديو، وبقدر ما يحتاج إليه من تصوير بعض المناظر واللقطات، خارج الاستديو، وبما يتفق مع وحدة موضوعه وترابطه. كما أن بإمكانه أن يستثمر طبيعة الشاشة الصغيرة للتليفزيون، حيث تتركز الرؤية في مساحة محددة، تظهر عليها الوجوه أكثر وضوحاً، والملامح أدق تعبيراً. إلا أنه في المقابل يكون عليه أن يختار بين الوجوه وبين الأقدام، وأن يفاضل بينهما، لأن ظهور وجه الشخص وقدميه (صورة كاملة للشخص)، لا تظهر إلاّ من خلال اللقطات البعيدة، التي تختفي فيها الملامح والتفاصيل والتعبيرات. وهنا يكون على المؤلف أن يتذكر دائما أن "ممثلي التليفزيون لا أقدام لهم، فهم لا يظهرون أقدامهم إلا إذا حتَّم النص ذلك، وعندما تظهر أقدامهم لا يتيسر إظهار وجههم، ومن ثم يكون عليه أن يفاضل بين الأقدام والوجوه".

وعلى هذا فإن كاتب السيناريو أو كاتب الحوار، لابد وأن يجمع بين الموهبة، وفهم طبيعة الوسيلة، وأصول الدراما وقواعدها. ومن ثم يكون بإمكانه أن يصوغ قصته صوراً، ويعرف كيف يقصها في خط مستقيم، وكيف يستحوذ على اهتمام المشاهدين، منذ اللحظة الأولى لبداية التمثيلية. وهذه أمور ينبغي مراعاتها بدقة بالنسبة للتمثيلية التليفزيونية، خلافاً للمسرحية، حيث يوجد متسع من الوقت أمام المؤلف ليعّرف بشخصياته، قبل أن يدفعهم ببطء إلى أعماق الحدث الدرامي. أما في الفيلم أو التمثيلية، فإن المستمع أو المشاهد، يتوقع أن تبدأ القصة فور الانتهاء من العناوين مباشرة.

ثانياً: اختيار الموضوع:

هل يمكن القول بأن هناك  موضوعات تناسب التليفزيون، وتصلح لأن تكون تمثيليات جيدة، وأخرى لا تناسبه ولا تصلح لذلك؟

يرى بعض الباحثين أن أي موضوع، يمكن أن يكون صالحاً ومناسباً، إذا توافرت له المعالجة السّليمة، التي تجعل منه شيئا مهماً وجذاباً للمشاهد. ويرتبط ذلك ارتباطاً وثيقاً باختيار المؤلف لموضوع يعرفه جيداً، لأنه في هذه الحالة يكون قادراً، على تصوير الشخصيات والمواقف، وتحديد الأفعال وردود الأفعال، والتوصل إلى بناء درامي متكامل. ومن ثم تكون فرصة نجاحه أكبر، بدلاً من أن يخوض في موضوعات لا دراية ولا خبرة له بها، ويصور بيئات لا يعرفها، وشخصيات لا يمكنه رسم أبعادها، أو تحديد معالمها. ومن هذا المنطلق ينبغي التأكيد على أن معالجة المؤلف لموضوع لا يعرفه، يعنى أن يأتي هذا الموضوع مشوهاً يفتقر إلى الصدق، وتنقصه الدقة، ويصبح أشد إزعاجا للمشاهد، من أي شيء آخر.

أما الشرط الثاني، الذي يقرر صلاحية الموضوع أو عدم صلاحيته، فهو مواءمة الموضوع للقيم والأعراف والعادات السائدة في المجتمع، واحترامه لها وتوافقه معها. ولهذا السبب بالذات نجد أن كثيراً من محطات التليفزيون، تضع نوعاً من التحفظات أو "القيود الرقابية" على الموضوعات، التي تتعلق بالدين والجنس والجريمة والعنف، وهي تحفظات تنبع من الشعور بالمسؤولية عما يعرض على أفراد الأسرة في بيوتهم، وهم يمثلون جمهوراً يضم الأطفال والصغار والمراهقين والبنات والنساء والكهول وذوى العاهات… الخ.

وثمة اعتبارات حرفية أخرى، تقرر صلاحية الموضوع أو عدمه، على ضوء ملاءمته لطبيعة الوسيلة، وإمكانية إخضاعه لمتطلباتها، بحيث يمكن عرضه مرئيا على الشاشة، وتنفيذه في حدود المعقول، والتكاليف الممكنة. فهناك عدد من الموضوعات والأفكار، التي تبدو حيوية ومهمة وضرورية ومثيرة، إلاَّ أن تنفيذها يصعب أو يستحيل، من الناحية الفنية، أو قد يستغرق من الوقت، أو يحتاج من المال، ما لا قبل للمحطة له. وهناك اعتقاد سائد، لدى عدد من المؤلفين، أن التاريخ يمكن أن يمدهم بالعديد من الموضوعات، والشخصيات "الجاهزة"، التي فقط تحتاج لأن يوضع على ألسنتها حوار مناسب، لتتحول إلى أعمال جيدة. وليس هناك، بطبيعة الحال، ما يمنع من الرجوع إلى التاريخ، لاستلهام أحداثه ووقائعه وشخصياته، وتحويلها إلى تمثيليات تليفزيونية، خاصة أن بعض هذه الموضوعات والشخصيات، ربما يستهوى كثيراً من الممثلين، والمشاهدين  أيضاً. إلاَّ أن ما ينبغي أن يعيه الكاتب جيداً في هذا الصدد، هو أن الإبهار في استخدام الملابس التاريخية، لا يمكن أن يكون بديلا عن البناء الدرامي السليم، للأحداث والمواقف والشخصيات، ولا يمكن أن يستر عيوب هذا البناء، أو يسد الثغرات وجوانب النقص فيه. أما الاعتبار الآخر، فهو ضرورة ألاَّ يكون الموضوع قد سبق تقديمه على نحو أفضل، أو بطريقة أكثر براعة، وفاعلية.

وفي كل الحالات، سواء كان الموضوع تاريخياً أم اجتماعياً أم سياسياً أم دينياً. أم أدبياً، فلابد أن يقول للناس شيئا مجدياً ومفيداً. وأما الموضوعات، التي تسرف في الإغراق في الرموز، بحجة أنها موجهة إلى المثقفين، أو تلك التي تجمح في الخيال، وتدور حول عالم لم يسمع به أحد، فإنها تفشل فشلاً ذريعاً، في كل الأحوال. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكوميديا، بكل ألوانها وصنوفها، تلقى قبولاً هائلاً لدى المشاهدين، على الرغم من أن الناس يرغبون ـ أحياناً ـ في مشاهدة شيء يؤلمهم، أو يثيرهم، أو يرفع مستوى تفكيرهم، إلا أنهم، في أغلب الأحيان، يتوقون إلى مشاهدة شيء يسليهم. ولا يفهم من ذلك أن كتابة الكوميديا عمل سهل، بل هي فن بالغ الصعوبة. أو هي، كما قال بعضهم، تشبه "الصحف"، فهي تكتسح السوق فور إصدارها، ولكنها سرعان ما تموت. ولذا يقال إنّ الكوميديا لا تعيش إلاّ في عصرها فقط، نظراً لأن عادات الناس وأساليب سلوكهم تتغير وتتبدل بسرعة كبيرة. ومصداق ذلك أنّ ما يُضحك الناس اليوم، قد يكون غداً شيئاً ثقيلا وسخيفاً، بل مملاً ومنفراً.

ومع أن التليفزيون يتهافت على الكوميديا الجيدة تهافتاً شديداً، إلاّ أن التمثيليات الهزلية (Farce) لا تصلح لأن تقدم على الشاشة، لأنها لا تعتمد على الحوار الجيد، بل تقوم على ما يطلق عليه "الإضافات الدرامية". وهي الإضافات التي يبتكرها الممثل، عادة، في حواره مع جمهور الحاضرين، الأمر الذي يتطلب وجود جمهور يحضر العرض. وكذلك الحال للميلودراما، التي لا تتفق طبيعتها المغرقة في المغالاة، مع طبيعة التليفزيون باعتباره جهازاً مقيماً، داخل البيت وبين أفراد الأسرة.

أما النوع الذي يلي الكوميديا في قائمة الأفضلية، فهو التمثيليات ذات الطابع الاجتماعي، وذات الطابع البوليسي، التي تشبه "التمرينات الرياضية العقلية"، وتدور حول الجرائم وكشف أسرارها. وهنا ينبغي الانتباه والحذر من عدم الإسراف في عرض مشاهد القوة والعنف، حتى لا يتأثر الأطفال بها، خاصة أنهم الأكثر ولعاً بمشاهدتها. وعموماٌ فإن التمثيليات، التي تعتمد على تصاعد الخط الدرامي، تكون هي الأكثر جاذبية وتشويقاً من تلك، التي ترسم جواً عاماً أو تأخذ طابع" التسطيح" والتعميم.

ثالثاً: تخطيط التمثيلية وبناؤها:

بعد اختيار الموضوع، على الكاتب أن يفكر في أمثل الطُرق والأساليب، التي يمكن أن يقدمه بها إلى المشاهد الذي يريد قصة يستمتع بها ويفهمها؛ قصة في مستوى إدراكه، لكنها ـ في الوقت نفسه ـ تحترم عقله وتقدر ذكاءه، وعلى ذلك، ولكي ينجح الكاتب في مهمته، أو لكي يأمن الزلل، على الأقل، فعليه أن يختار موضوعاً مألوفاً، وأن يبتكر له شخصيات يرى فيها المشاهد صورة من نفسه، وأن يضع على لسان هذه الشخصيات حواراً واضحاً ومفهوماً، معبراً عن الموقف وعن الشخصية. ثم عليه كذلك أن يحدد مسار قصته، بحيث تتوإلى المشاهد في ترتيب منطقي يتقدم بالقصة إلى الأمام، خطوة بعد الأخرى.

وتتمثل أهم الاعتبارات، التي على الكاتب مراعاتها عند تطبيق قواعد الكتابة الدرامية، في كتابة التمثيلية التليفزيونية (وهي اعتبارات تفرضها طبيعة التليفزيون نفسه). في الآتي:

1.   الوحدة: Unity

تفرض طبيعة التليفزيون على المؤلف، أو كاتب الدراما، أن يلتزم ـ عادة ـ بوحدتي الزمان المكان، إلى حد معقول. فوحدة الزمان، تصبح في كثير من الحالات أمراً ضرورياً، تفرضه الواقعية التي يتطلبها التليفزيون، من ناحية، ويفرضها الوقت القصير المحدد للتمثيلية، من ناحية أخرى (من ستين إلى تسعين دقيقة، وقد يقل الزمن عن هذا أو يزيد قليلا)، وعلى هذا، فإن التمثيلية لا تحتمل تطور الشخصية عبر فترة طويلة من الزمن، بحيث يولد الطفل ثم يصبح شاباً ويصير كهلاً .. الخ . ومهما حاول المخرج التغلب على ذلك بالاستخدام البارع للمونتاج والماكياج، فإن إحساس المشاهد بعدم الواقعية، يقلل من تجاوبه مع التمثيلية، وانفعاله بها إلى حد كبير.

أما وحدة المكان، فتحكمها طبيعة الاستوديوهات، ومساحاتها المحدودة. فالأستوديو ـ عادة ـ لا يتسع لبناء أكثر من ديكورين أو ثلاثة، يمكن استخدامهما للمشاهد القصيرة، سواء كانت تمثل مناظر داخلية أو خارجية. فضلا عن أن بناء هذه الديكورات يتكلف نفقات باهظة، تزيد من أعباء الإنتاج.

وعلى المؤلف، في كل الحالات، أن يتيح للشخصية الوقت الكافي، الذي تنتقل فيه من مكان إلى آخر، ومن ديكور إلى آخر، وأن تبدل ملابسها أو مكياجها، إذا كانت طبيعة الموقف تتطلب ذلك. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الانتقال بالحوار إلى شخصيات أخرى، أو من خلال إدماج الفيلم السينمائي.

2. الشخصيات Characters:

إن الحجم الصغير لشاشة التليفزيون، لا يتيح للكاتب، بطبيعة الحال، أن يظهر عدداً كبيراً من الممثلين، في وقت واحد. ولذا، عليه أن يُعالج موضوعه، بحيث لا تظهر على الشاشة أكثر من ثلاث أو أربع شخصيات في وقت واحد. أما إذا احتاج الأمر إلى عدد أكبر، فله أن يظهرهم في مشاهد مختلفة، ولكن عليه أن يتذكر أن أقوى مشاهد التمثيلية التليفزيونية تأثيراً، هو ما تشترك في أدائه شخصيتان…، لأن المجموعات الكبيرة لا يمكن تصويرها إلاّ بواسطة اللقطات العامة أو البعيدة، ومن ثم يضعف أو ينعدم التركيز على الوجوه والملامح والتعبيرات، ردود الأفعال والانفعالات.

3. الحوار Dialogue:

 يأتي الحوار في المرتبة الثانية بعد الصورة، في تمثيليات التليفزيون. وليس معنى ذلك أنه يمكن الاستغناء عنه، بل يعني أن الصورة يمكن أن تتكلم وتحكى وتصف، وتكشف عن الكثير، مما تعبر عنه القصة أو الرواية مكتوبة أو مسموعة أو حتى على المسرح.

ونحن في الحياة، لكي نكشف عن الزمان والمكان والشخصية، والعمل الذي تؤديه في لحظة ما، نحتاج إلى كلام كثير يستغرق عشرات الصفحات، ليصف ذلك كله، أو يكشف عنه. أما في التمثيلية فيكفي أن ترى الشخص يرتدى ملابس طبيب، ويكشف على مريض، لكي تُدرك مهنته.

وعلى ذلك، فعلى الكاتب أن يترك الصورة، تتكلم وتحكى وتصف وتكشف، وأن يأتي الحوار كاملاً وشارحاً ومفسراً لما تقوله الصورة، وموضحاً المعنى وما وراء المظهر من أسرار وخلفيات. وهكذا تتحول الكلمات إلى صور بديلة للكلام، ويصبح الحوار هو أداه الكشف عن العلاقة، بين الشخصيات ومغزى الأحداث.

4. الديكور Setting decor:

هو خلفية المنظر، وما يضمه من محتويات وأثاث. ويؤدى وظيفة مهمة في بعض التمثيليات، وإن كانت بعض التمثيليات، يمكن إخراجها دون الاستعانة بديكورات على الإطلاق. فيعتمد المخرج على الإضاءة والستائر وبعض مكملات المناظر "الاكسسوار"، للحصول على التأثير الفني المطلوب. والديكور في التمثيلية التلفزيونية ـ عادة ـ هو "المكان"، الذي يجرى فيه الحدث (منزل ـ غرفة نوم ـ مقهى ـ مكتب … الخ).

5. استخدام الفيلم في التمثيلية:

قد يضطر المؤلف في بعض الحالات، أن يضمن النص بعض المشاهد، التي لا يمكن تصويرها داخل الاستديو (مثل شاطئ البحر، أو السفر بالطائرة، أو العودة من السفر، أو حادث قطار). فيصبح من الضروري تصوير المشاهد المطلوبة في مواقعها الأصلية، وليس من خلال ديكور داخل الاستديو. وليس هناك، بطبيعة الحال، ما يمنع من استخدام الفيلم السينمائي، أو التصوير الخارجي بمقدار في التمثيلية التليفزيونية، التي تصور مشاهدها داخل الاستديو، بحيث لا تزيد المادة المستخدمة (المصورة على فيلم) عن ست أو سبع دقائق، تدمج هنا وهناك. وعلى الكاتب، في هذه الحالة، أن يعمل جاهداً على أن تكون هذه المشاهد خالية من الحوار قدر الإمكان، لأن ذلك يساعد كثيراً على اختصار الوقت والتكاليف، وسهولة التخطيط والتنفيذ.

6. العرض: Exposition

إِنّ قصر الوقت المحدد للتمثيلية، لا يتيح ـ عادة ـ للكاتب أن يقدم المادة الكافية، التي تُلقي الضوء على الشخصية وتعرِّف بها، وتكشف عن طبيعة الموضوع والموقف، بطريقة تتسم بالحذق والمهارة، بحيث يأتي ذلك من خلال العرض، أو كجزء من الحدث نفسه.

ولمّا كان وقت التمثيلية لا يسمح للكاتب، باستعراض الشخصيات والموضوع، استعراضاً متأنياً، ترتب على ذلك أن يبدأ الصراع منذ بداية التمثيلية. فيجد الكاتب نفسه مُرغماً على أن يبدأ عرض الشخصيات والموضوع، خلال المشاهد الأولى للتمثيلية، وبأسرع ما يمكن، وبأكبر قدر من الإيجاز والتكثيف.

إن المشكلة التي تواجه الكاتب التليفزيوني، في هذا المجال، هي أن المُشاهد ـ غالباً ـ لا تكون لديه معلومات، أو "فكرة" مسبقة عن التمثيلية، التي سيشاهدها، خلافاً لمُشاهد السينما والمسرح، الذي يتوجه ـ غالباً ـ لمشاهدة الفيلم أو المسرحية، وهو يعرف الكثير عن القصة والموضوع والأبطال والشخصيات وآراء النقاد. وكذلك الأمر في مسلسلات التليفزيون، حيث يكون بوسع المشاهد أن يعرف شيئا كثيراً عن المكان والشخصيات والموضوع، من خلال الحلقتين أو الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل.

7. الإعداد: preparation

لا يختلف إعداد التمثيلية التليفزيونية، عن إعداد المسرحية. فعلى الكاتب أن يُهيأ الجمهور لمتابعة الموضوع، من خلال عرض متدرج ومتتابع، لمواقف تتفاعل فيها الشخصيات مع الأحداث في القصة، بطريقة تجعل من وقوع الأحداث شيئا طبيعياً ومنطقياً، وليست شيئاً عارضاً يأتي بمحض الصدفة، أو يقع فجأة دون مقدمات تبرر ذلك. وينبغي أن يجد الجمهور نفسه عقب كل حدث، قادراً على تصديقه والاقتناع به، إما من خلال الأداء الجيد للممثل، وإما لوقوع الحدث من خلال ظروف حتمت ذلك، ولا يمكن تجنبها.

رابعاً: كتابة التمثيلية:

لن يكون بوسع الكاتب أن يكتب عملاً درامياً كاملاً للتليفزيون، ما لم يكن قادراً على كتابة السيناريو السينمائي، أي النص الذي يقوم على الصورة والحركة، ويسرد القصة من خلال هذه الصورة، التي تقدم "الفعل"، ثم يأتي الحوار والمؤثرات والموسيقى لتعطيها دلالات ومعان، وتأثيراً خاصاً.

         إن كتابة النص الدرامي للتمثيلية التليفزيونية، أو ما يطلق عليه "السيناريو الكامل Complete Script"، فنُ يقوم على أسس ومبادئ، ويحتاج إلى إعداد وتدريب ومهارات خاصة. ومن ثم فإن كتابة التمثيلية، تحتاج إلى شرح وإيضاح وتفصيل مستقل.

 



[1]   المسلسل عبارة عن تمثيلية مقسمة إلى عدة حلقات (من 7 -13 حلقة) مدة كل منها نصف ساعة تقريباً وتقدم متتالية بحيث تؤدى كل حلقة منها إلى الأخرى . وأهم ما يجب أن يراعى عند كتابة المسلسل هو أن يتوافر لها عنصر التشويق بحيث تحمل المشاهدين على التساؤل والتخمين المستمر عقب كل واقعة، ولا بد كذلك من ذكر تلخيص في بداية الحلقتين الثانية والثالثة يشير إلى ما سبق من أحداث المسلسل. أما السلسلة فهي خيط يضم مجموعة من الأحداث، كل منها قائم بذاته وإن كانت تنظمها جميعاً فكرة واحدة، أو شخصية مفردة أو مجموعة من الشخصيات.. وغالباً ما تؤلف السلسلة ليؤدى أدوارها ممثلون بعينهم.