إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو غير الفني









المبحث الأول

المبحث الأول

مفهوم السيناريو غير الفني

      مصطلح "السيناريو"، أصبح كلمة شائعة، ارتبطت بالعمل الفني بعامة، سواء كان للسينما أو المسرح أو التليفزيون أو غيرها. وهي في مفهومها العام، تمثل الحبكة المأسوية للقصة أو الرواية، بتسلسل أحداثها، والتصرفات المصاحبة لكل حدث، والمشاهد التي تبرز الحدث، والمفهوم أو الدرس المطلوب توصيله إلى الجماهير.

      وكلمة "سيناريو" لفظة إيطالية، مشتقة من كلمة "سينا" Scena، بمعنى النظر. وقد شاع استخدام تلك الكلمة، في أوروبا، في القرن التاسع عشر؛ وانتقلت إلى باقي العالم، بعد ذلك. وظل استخدامها مقصوراً على العمل الفني، حتى ظهرت علوم المستقبل، في النصف الثاني من القرن العشرين؛ ولم تستطع أي كلمة، أن تعبّر عن معنى التخطيط المستقبلي، إلا كلمة "السيناريو".

تعريف السيناريو الفني

      تشمل كلمة سيناريو، في السينما، كلَّ الجوانب السينمائية الرئيسية، من روائية أو تسجيلية أو جمالية؛ وليس الجانب الروائي فقط. ولعل ذلك ما حمل على ابتداع كلمة "سكرين بلاي" Screen Play، وقصرها على السيناريو الروائي؛ ثم كلمة "سكريبت" Script، ومعناها الحرفي النص الكتابي. وهناك العديد من التعاريف بالسيناريو الفني، يمكن حصر بعضها في الآتي:

1. عرّفه "لويس هرمان" Lewis Herman بأنه "خطة وصفية، تفصيلية، مكتوبة في تسلسل، يجمع بين كلٍّ من الصورة والصوت. وتقدم هذه الخطة إلى المخرج، الذي يعمد إلى تنفيذها، أي تحويلها إلى واقع مرئي مسموع".

2. وعرف "ريموند سبويتووك" Spoitook، السيناريو، من خلال تحليله لطبيعة دور الكلمة المستخدمة في كتابه، فقال: "إن السيناريو، هو تسجيل المعاني المصورة، باستخدام الكلمات، التي يمكن ترجمتها، فيما بعد، بانطباعات مصورة بوساطة الكاميرا والمخرج. وعلى ذلك، فإن السيناريو، على الرغم من اعتماده على الكلمة، في كتابته، فإنه ينشأ من الصورة أولاً".

3. وعرّفه "يوروفكين" Yorofkin "أنه فيلم المستقبل، أو بعبارة أخرى، هو الفيلم المكتوب على الورق".

4. وبعد استعراض كلِّ ما تقدم، يمكن الوصول إلى تعريف آخر للسيناريو، قد يجمع بين كلِّ مميزات التعاريف السابقة، أو يغطي نقصاً، قد يشوب أحدها، وهو: السيناريو، هو التأليف أو الصياغة السينمائية لموضوع الفيلم، في شكل كتابي، يوضح تفاصيل وتسلسل الصور البصرية/ الصوتية، التي ستظهر في فيلم المستقبل.

السيناريو غير الفني

      وهو يختص بفرع رئيسي من علوم المستقبل. وتتحدد وظيفته في وصف احتمالات الأحداث المختلفة، والتصرف فيها. ويطلق على وصف الحالة المستقبلية وأسلوب إدارتها، من واقع كونها قصصاً، أو خطوطاً عامة لقصص حول مستقبلات ممكنة؛ أو أنها قصص حول المستقبل، وعادة ما تتضمن قصصاً حول الماضي والحاضر. كما يقال إن السيناريو وصف لمستقبل ممكن، أكثر من كونه عرضاً لتنبؤ محتمل، أو لمستقبل فعلي. يعرَّف السيناريو، أحياناً، بأنه تتابع مفترض لأحداث مستقبلية، أو أنه صورة متسقة داخلياً لمستقبل ممكن؛ ومن هنا، فإن التعريف العلمي المقترح لسيناريو الأحداث، هو: أنه وصف لوضع مستقبلي ممكن، أو محتمل، أو مرغوب فيه؛ مع توضيح لملامح المسار أو المسارات، التي يمكن أن ينجم عنها هذا الوضع المستقبلي؛ وذلك انطلاقاً من الوضع الراهن، أو من وضع ابتدائي مفترض.

      ويعرَّف كذلك بأنه منظومة عمل، تبرمَج من خلال جدول "برنامج"، لمواجهة الأحداث والتطورات الرئيسية المستقبلية، في إطار التخطيط المستقبلي للدولة أو المؤسسة؛ وبما يحقق نجاح الأهداف المستقبلية".

الفرق بين السيناريو الفني وغير الفني

1. كلا السيناريوهَين، يمثل عملاً/ حدثاً مستقبلياً؛ وإن اختلفا في الهدف.

2. كلاهما يتطلب خاصية الإبداع الفكري والتخيل العميق، في صياغته.

3. السيناريو الفني، يعتمد على المصداقية والجذب؛ بينما يعتمد السيناريو الخططي على الأسلوب العلمي الدقيق، للوصول إلى الحقائق.

4. السيناريو الفني، ينطلق من فكرة؛ بينما ينطلق السيناريو الخططي من أحداث، أو معطيات رئيسية، تعتمد على واقع فعلي.

5. التسلسل المأسوي للسيناريو الفني، يعتمد على خيال واضعه ورؤيته في نهاية القصة؛ بينما يعتمد السيناريو الخططي على تحقيق الغاية القومية، أو الهدف السياسي العسكري/ الاقتصادي للدولة، "أو الوصول إلى أقرب ما يمكن من هذا الهدف".

6. السيناريو الفني، يعتمد على فكرة واحدة، أو موقف واحد متسلسل؛ بينما يشمل السيناريو الخططي الواحد، ما يراوح بين موقفَين وأربعة مواقف، يصاغ كلٌّ منها في سيناريو كامل.

7. السيناريو الفني، يكون قابلاً للتداول، بعد صياغته؛ بينما يتأسس السيناريو الخططي على قدر كبير من السرية، ويخزن في أجهزة حاسبة؛ ولا يتعامل معه إلا المختصون بمجال السيناريو.

8. المشاركون في وضع السيناريو الفني، يكونون، عادة، من الكتاب المحترفين أو الفنانين؛ بينما يعتمد السيناريو الخططي على حشد، من العلماء والخبراء، يستعينون بالوثائق المتعلقة بالعمل.

وجْها السيناريو الخططي

ينقسم السّيناريو، في المجال الخططي، إلى قسمَين:

ـ صنع الأزمة

وهو يمثل السّيناريو الإيجابي لفرض الإرادة، من خلال اختلاق أزمة معينة، يستهدف إرغام طرفها الآخر على قبول قرار ما. ويتميز هذا السّيناريو بإجراءات إيجابية فاعلة، ويفرض مواقف محددة على قيادة الطرف الآخر للغوص فيها؛ ومن خلال ذلك، تتحقق الإجراءات الفاعلة لفرض القرار المستقبلي. وقد شهد العقد الأخير من القرن الماضي العديد من صور هذا السيناريو، سواء في الخليج، أو مناطق أخرى من العالم.

ـ مواجهة الأزمة

تتمثل في الإجراءات، السّلبية (الدفاعية)، والإيجابية (الهجومية)، الناشطة لمواجهة الأحداث، خارجية أو داخلية؛ فضلاً عن تسخير الإمكانيات، وتحديد الأسلوب، وتجنيد الأشخاص/ المنظمات، الذين سيتصدون للأزمة في مراحلها المتطورة. ويُعَدّ هذا السيناريو، هو السّائد، ولا بدّ منه لاستمرارية الحفاظ على كيان الدول/ النظم/ المؤسسات، وعدم تعريضه لهزات عنيفة.

ويشتمل هذا السيناريو جميع المجالات الأخرى، مثل: دراسات الجدوى، والخطط المستقبلية. وقد يشمل الأسلوب، الذي يتيح تطوير الأزمة السلبية إلى أزمة إيجابية؛ لتحقيق الهدف المستقبلي.

مقومات السّيناريو

للسيناريو ثلاثة مقومات رئيسية، هي:

1. وصف وضع مستقبلي

قد يعني وصف خصائص ظاهرة، كالتطور التكنولوجي لمؤسسة ما، خلال عقدَين من الزّمان؛ أو وصفاً لنظام حكم، عام 2015، وما يتمتع به من قدرات وتأثير، إقليمي وعالمي؛ أو وصف تنظيم عسكري، يطّرد تطوُّره. وهو ينقسم إلى قسمَين:

أ. السيناريوهات "الاستطلاعية" Exploratory

يمثل فيها الوضع المستقبلي، محل الاهتمام، وضعاً مستقبلياً ممكناً Possible، أو محتمل الحدوث Probable Potential.

ويستند مخطِّط السّيناريو إلى الاتجاهات والمعطيات العامة القائمة، في محاولة لاستطلاع ما يمكن أن تسفر عنه الأحداث والتصرفات، المحتملة أو الممكنة، من تطورات، في المستقبل. ولهذا، يمكن وصف السيناريو، في هذه الحالة، بأنه " تنبؤ مشروط"، ينبثق منه عدد كبير من الاحتمالات، الناجمة عن استخدام الخيال الواسع. كما يطلق عليه، في أحيان أخرى، "السيناريو المتوجه إلى الأمام"Forward Scenarios.

ب. السيناريوهات "الاستهدافية" Normative أو "المرّجوة" Anticipatory

وهى السيناريوهات، التي تشمل، في البدء، مجموعة أهداف، ينبغي تحقيقها، مستقبلاً، وتتخذ صوراً مستقبلية متناسقة. ويعتمد مخطِّط السيناريو الأوضاع الحاضرة، لكي يكتشف المسارات الممكنة، لتحقيق الأهداف المرجوة، مستقبلاً؛ محدداً النقاط الحرجة، التي تتطلب اتخاذ قرارات أو تصرفات مهمة. ويطلق على هذه العملية "التصور العكسي" Back Casting. كما يمكن وصف السيناريو الناتج منها بأنه " سيناريو راجع/ مرجعي". كذلك يمكن الحديث عن عملية "تخطيط للسيناريو" Design Planning،  بمعنى "السيناريو الخططي"؛ وليس كتابة سيناريو فقط.

2. وصف مسار، أو مسارات مستقبلية

ويتمثل في وصف المسارات، التي يمكن أن تسفر عن الوضع المستقبلي. ويقصد بذلك وصف التتابع المفترض، أو التداعيات المتصورة للظواهر محل البحث، عبر الزمن؛ وذلك انطلاقاً من الوضع الابتدائي الفعلي أو المفترض، في حالة "السيناريوهات الاستطلاعية"؛ أو من الصورة المستقبلية المرجوة، في حالة "السيناريـوهات الاستهدافية". ومن المهم التمييز بيـن الأحـداث Events، والتصرفـات Actions، التي ينتج عن وقوعها وتفاعلها بشكل محدد للمسار المستقبلي[1].

3. الوضع الابتدائي

هو نقطة الانطلاق، التي تمثل مجموعة البيانات، أو "الشروط الأولية" Initial Conditions، التي تحدَّد بدقة؛ لأنها تمثل الخلفية الرئيسية لتتابع الأحداث، عبر الزمن، في السيناريو؛ وتنتهي إلى الصورة المستقبلية، في حالة "السيناريوهات الاستطلاعية".

كما أنها تمثل نقطة الأصل، التي يتعين الرجوع إليها من الصورة المستقبلية المبتغاة، عبر مسارات بديلة، في حالة "السيناريوهات الاستهدافية". ومن المهم تمييز نوعَين من العوامل داخل الشروط الأولية للسيناريو، هما: الوقائع والقوى الفاعلة[2]. وقد يعبِّر الوضع الابتدائي عن مجموعة من الظروف الفعلية، يمكِّن تحليلها، والبحث عن احتمالات تغيُّرها، من رسم المسار الممكن عبر الزمن المستقبلي. إن عملية بناء السيناريو، هنا، تتمثل في السعي إلى الإجابة عن أسئلة، من نوع: ماذا يمكن أن يحدث، لو حدث كذا؟ What Would Happen If.

أنواع السيناريوهات

      يفرض الغموض، الذي يكتنف الدراسة المستقبلية، إعداد مجموعة سيناريوهات لاحتمالات المستقبل، تفضي معالجتها، على صعوباتها وتعقيداتها، إلى مسارات مستقبلية متعددة.

      ويميل معظم المشتغلين بالدراسات المستقبلية، إلى تحديد عدد السيناريوهات، في كل حالة، بما يراوح بين سيناريوهَين وأربعة سيناريوهات. وحتى لا يُشتت الفكر بكثرة السيناريوهات، وتتعذر المقارنة الجيدة بين السيناريوهات البديلة؛ فإنه من المفضل العمل على عدد قليل منها، يساعد على تذكُّر ملامحها، ويعين على تبيّن الفوارق بينها، ويتيح تركيز الانتباه في العلاقات السببية، ونقاط اتخاذ القرارات؛ كما أنه ييسر المقارنة بين آثارها ونفقاتها ومنافعها.

      وفي كل الأحوال، إن السيناريو الواحد للموقف مرفوض؛ لأنه يصبح قراراً مسبّقاً في شأنه، لا يراعي تطور أحداثه؛ فيفتقد السيناريو مبرره، إذ هو يُعد ليغطي مدى زمنياً طويلاً، لا يقلّ عن عشر سنوات. كما أنه يقضي، والحالة هذه، على الفكرة البديلة، وليدة علم المستقبليات..

  حدد العالم "سلافتر" Slaughter أربعة أنواع من السيناريوهات، هي:

ـ السيناريو المرجعي، أو سيناريو استمرار الوضع القائم Status quo Scenario.

ـ سيناريو الانهيار Collapse Scenario: وهو يمثل عجز النسق عن الاستمرار، أو فقدان قدرته على النمو الذاتي، أو بلوغ تناقضات النظام حدّاً، يفجره من داخله.

ـ سيناريو العصر الذهبي الغابر، أو السيناريو السّلفي، أو سيناريو الحالة المستقرة Return or steady state Scenario: وهو مبني على العودة إلى فترة زمنية سابقة، يفترض أنها تمثل الحياة المستقرة.

ـ سيناريو التحول الجوهري Transformation or Fundamental Change Scenario: وهو ينطوي على حدوث نقلة نوعية في حياة المجتمع، سواء كانت اقتصادية، أو تكنولوجية أو سياسية أو اجتماعية.

أمّا العالم "جوديه" Godet M، فقد حدد أنواع السيناريوهات بثلاثة، هي:

ـ سيناريو مرجعي: يعبِّر عن الوضع الأكثر احتمالاً، لتطور الظاهرة، محل البحث.

ـ سيناريو متفائل: يعبِّر عن الأمل، في مسار تطور الظاهرة.

ـ سيناريو متشائم: يعبِّر عن النقيض للسيناريو الثاني، في حالة عدم توافق الظروف، والاتجاه بالحال إلى كارثة، أو موقف صعب.

    وهناك العديد من أنواع السيناريوهات، تمخضت بها اجتهادات العلماء، بمدارسهم المختلفة؛ ولكن يبقى مُقترح سيناريوهات "جوديه"، هو الأكثر استخداماً.

أهـداف السيناريو

   على الرغم من تباين الرؤى، بين المشتغلين بالدراسات المستقبلية، إلا أنهم يُجمِعون على أن الأهداف والفوائد، التي تسعى السيناريوهات المستقبلية إلى تحقيقها، تتحدد بالآتي:

1. عرض الاحتمالات والإمكانيات والخيارات البديلة، التي تنطوي عليها التطورات المستقبلية، كما تكشف عنها السيناريوهات المختلفة.

2. عرض النتائج المترتبة على الخيارات المختلفة في السيناريو. وتركيز انتباه متخذي القرار في الفاعلين الرئيسيين وإستراتيجياتهم، وفي العمليات أو العلاقات السببية، والنقاط الحرجة.

3. تمكين الجماهير من التفكير في كل الأمور المتعلقة بالمستقبل، واستثارة النقاش فيها، واستدعاء ردود الفعل في شأنها.

4. التوصل إلى توصيات (في بعض الحالات الخاصة ـ وخصوصاً في مجال الاقتصاد) في شأن الخيارات والقرارات، التي ينبغي اتخاذها، من الآن، للوصول إلى الوضع المستقبلي المرغوب فيه، بعد فترة زمنية محددة.

      يبرز ذلك عند بناء السيناريوهات المستقبلية، التي تتضمن الأحداث، المقبولة والممكنة، التي توافق الرصد المستقبلي، أو من المنطقي توقع حدوثها؛ ويتوقف معناها الحقيقي على توجهات جهود التخطيط، ومدى رؤيتها المستقبلية، وتوقعاتها للأحداث والأزمات المستقبلية. والمثال السائد لاستخدام هذا الأسلوب، هو رسم التاريخ المستقبلي للسيناريو، والذي يعتمد على محاولة كتابة الأحداث، من الآن وحتى "هدف السيناريو"؛ ويكون ذلك بطرح مخططي السيناريو بعض الأسئلة ومحاولة الإجابة عنها. وهناك مثال مطروح لتطوير مجالات الأمن القومي في جمهورية مصر العربية، حتى عام 2015، شمل الأسئلة التالية:

أ. ما شكل التوازنات، السياسية والإستراتيجية والعسكرية، في هذا التوقيت، عالمياً وإقليمياً؟

ب. ما شكل التحالفات، السياسية والإستراتيجية والعسكرية؟

ج. ما الشكل، الذي سوف تكون عليه وزارة الدفاع، وباقي الوزارات الأخرى، المرتبطة عملياً بقضية الأمن القومي؟

د. ما نُظم التسليح، التي ستوجد في ذلك الوقت؟ وما حجم التصنيع المحلي؟ وما تأثير ذلك في سياسة الدفاع والإستراتيجية العسكرية؟

هـ. كيف سيكون الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة؟ وما حجم التّجمعات الإستراتيجية، وأسلوب التوزيع الإستراتيجي، والنقل الإستراتيجي، والفتح الإستراتيجي للقوات المسلحة، في عام2015.

و. ما المهام الإستراتيجية، في ذاك التوقيت؟

ز. ما حجم العدائيات المؤثرة؟

ح. كيف سيكون الوضع العربي بعامة؟

ط. ما علاقة القوى الكبرى بالمنطقة وحجم مصالحها فيها، التي تدفع إلى التدخل المباشر في الأزمة؟

ي. أي أسئلة أخرى، يراها المخططون الإستراتيجيون.

مواصفات السيناريوهات الجيدة

      حتى تكون السيناريوهات قابلة للتطبيق، ومُحددة لرؤية مستقبلية واقعية، فعليها أن تتميز بالآتي:

1. أن تكون ممكنة الحدوث Possible، وليس محض خيال. لذلك، يجب أن تتصف السيناريوهات بـ"المعقولية "Possibility، بمعنى أن تسرد قصة الانتقال، من الوضع الابتدائي إلى الوضع المستقبلي، بطريقة منطقية منظمة.

2. أن تكون سهلة الفهْم، حتى يمكنها المساعدة على التعلم، والتواؤم، وتعديل التصرفات، والأولويات لاتخاذ القرار الملائم؛ وأن يساعد عرضها على تيسير المقارنات، واستخلاص النتائج في شأن المشكلات ذات الأولوية.

3. أن يكون بين السيناريوهات، مهما يكن عددها، قدر واضح، وملموس، من الاختلاف والتمايز؛ بما يسمح بإطلاق طاقات الخيال والإبداع للمتلقِّي.

4. أن يتصف كلُّ سيناريو بالاتساق الداخلي، أي تناسق مكوناته؛ وهذا لا يتعارض مع وجود تناقضات داخلها، بل يُعَدّ هو محرك السيناريو.

5. يتصف بالقدرة على الكشف عن الانقطاعات، أو نقط التحول، في المسارات المختلفة؛ والقدرة على توقع الأحداث، المثيرة للاضطرابات داخل السيناريو، أو المفضية إلى انحرافه عن مساره الطبيعي.

 



[1]    الأحداث: وقائع غير مقصودة، ولا يمكن لمتخذ القرار التحكم فيها خلال الفترة الزمنية التي يغطيها السيناريو (مثل التغير عقدي الأحوال الجوية/ الكوارث الطبيعية/ الاكتشافات التكنولوجية... الخ). والأحداث بصفة عامة تعتبر متغيرات خارجية في عملية بناء السيناريو. التصرفات: تغيرات مقصودة أو متعمدة في الظواهر الداخلة على السيناريو، ومن ثم فهي تخضع لقرارات متخذ القرار، أو لتصورات تصميم السيناريو (مثل التغير في الهيكل الاقتصادي/ الاجتماعي... الخ) ويمكن استقراء التصرفات من خلال فهم مصالح الفاعلين، أو نوعية الأهداف المرجوة.

[2]    يقصد بالوقائع: حقائق الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجيا والسياسية والمؤثرات الخارجية، والاتجاهات العامة السائدة، والاتجاهات المغايرة البازغة. ويقصد بالقوى الفاعلة Actors: القوى الحكومية وغير الحكومية، صاحبة الأثر الأكبر في تشكيل الأحداث، سواء بالفعل أو برد الفعل، ويُعد تحديد هذه القوى وتحليل سلوكها والوقوف على مشروعاتها وخططها وإستراتيجيتها المستقبلية، من الأمور بالغة الأهمية في بناء السيناريو.