إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام / السيناريو غير الفني









المبحث الثاني

المبحث الثاني

استخدام السيناريو في التخطيط المستقبلي

      تطبيق علم المستقبليات في مجال التخطيط، هو أهم التطبيقات الرئيسية، التي تستخدمها الدول المتقدمة في وضع الخطط المستقبلية الدقيقة، التي تبني عليها سياستها ونُظُمها؛ رامية إلى تحقيق التوازن بين أركان الأمن القومي للدولة، على المدى البعيد، من دون حدوث أي ثغرات، تسفر عن انهيار الخطط الموضوعة. ومن المعروف، أن التخطيط ورسم السياسات، هو أحد العلوم المستقبلية، التي تحرص عليها قيادات الدولة؛ حيث تحرص تلك القيادات بتكليف خبراء لوضع خطط مستقبلية مستقرة، تحقق أهداف الدولة. وإذا كان التخطيط المستقبلي، قد اعتمد على العقول والوثائق، مما كان يستلزم جهداً كبيراً؛ فإن إدخال الحاسبات الآلية، في هذا المجال، جعل من التخطيط المستقبلي، باستخدام السيناريوهات، مادة في متناول أجهزة الدولة، التي تصل إلى القرار السليم، باستخدام أعداد كبيرة من الخيارات، في زمن محدود، وبجهد ملائم.

مفهوم التخطيط المستقبلي

      هو علم حشد الطاقات وتنظيم استخدامها، من أجل تحقيق الهدف. ويقصد به، في المعنى العام: كلّ محاولة لوضع خطة شاملة، تعمل المؤسسة على تنفيذها، خلال فترة زمنية محددة. أمّا في المعنى الخاص، فيقصد به: "وضع الخطط الوطنية، في المجالات المختلفة، بحيث تخطو الأمة، في هذه المجالات، على هدى وبصيرة، مدركة من أين تبدأ، وإلى أين تنتهي؛ وبحيث تلحق بركب التطور، في أقلّ فترة زمنية ممكنة، وتتجاوب مع المتغيرات السريعة المتلاحقة، في حقول العلم والتكنولوجيا؛ وبحيث تسبق الأحداث، فلا تؤخذ على غرة". والركائز الرئيسية لضمان نجاح التخطيط المستقبلي، باستخدام السيناريو، هي:

1. أن يكون شاملاً، ويراعي كلّ المتغيرات المحتملة مستقبلاً؛ وينفذ على مراحل، في فترات زمنية محددة.

2. أن تتبناه، وتتولى تنفيذه قيادة واعية، تتوافر لها الإمكانيات والطاقات، ولديها القدرة على تذليل الصعاب، والمرونة على تقويم التخطيط طبقاً للمتغيرات، من دون أن تحيد عن الهدف الرئيسي.

3. أن يكون المنفذون على دراية كاملة بأهداف الخطة ومراحلها، وعلى اقتناع كامل بها؛ ويمتازون بملكة الإبداع في وضع السيناريوهات.

4. أن يكون هناك تأييد للخطة، واقتناع كامل بضرورة تنفيذها؛ لِما ستعود به على الدولة والمواطنين، عند اكتمال تحقيق أهدافها.

5. أن تكون سيناريوهات الخطة مرنة، وقابلة للتقويم، عند حدوث متغيرات حادة؛ وبما يسمح بالوصول إلى الهدف، في النهاية.

      ويعتمد التخطيط باستخدام السيناريوهات، على أنظمة آلية، تحقق يسر الحصول على المعلومات الرئيسية وتخزينها وبرمجتها وتحديثها باستمرار، طبقاً للمتغيرات السريعة، والمتلاحقة؛ مع الاستفادة من شبكات المعلومات، التي جعلت العالم كله مثل كتاب مفتوح.

      والمعروف عن آلية القيادة، أنه كلما كانت المداخل دقيقة وصحيحة، ومكتملة، كان التخطيط دقيقاً والسيناريوهات سليمة.

مطالب التخطيط المستقبلي

التخطيط المستقبلي، لا بدّ أن يبنى على أُسُس خاصة، منها:

1. توافر المعلومات وتحديثها باستمرار.

2. تحديد الهدف النهائي، والأهداف المرحلية.

3. الإمكانيات الحقيقية المتاحة، والمنتظر توافرها.

4. المدى الزمني للتخطيط.

5. حجم القيود المحتملة، التي ستتعرض لها الخطة.

      والتخطيط، بمفهومه الحديث، يعتمد على أنظمة آلية، تحقق سهولة الحصول على المعلومات الرئيسية، التي يرتكز عليها التخطيط المستقبلي، والتي تتكون من مئات، بل آلاف المنظومات المعلوماتية، التي يجب تحديثها، باستمرار، طبقاً للمتغيرات السريعة، والمتلاحقة في العالم.

      والتخطيط، بمفهومه الشامل، يجب أن يشمل جميع أركان الخطط الوطنية، ولا يختص بمجال دون آخر؛ لأن مجالات الأمن الوطني وركائزه، منظومة متكاملة، تتأثر بأي متغيرات، تطرأ على أي منها. وهناك مجموعة متواليات مترابطة، تحدد العلاقة بين "القدرة العسكرية"، في مجال الأمن الوطني، وباقي قدرات الدولة الأخرى، يمكن اتخاذها مثالاً على أهمية التخطيط الشامل. وعوامل المثال تنطبق على أي مجال آخر، ويتلخص في الآتي:

1. القدرة السياسية للدولة، تتطلب الاعتماد على قوات مسلحة قوية، لتحقيق هدفها السياسي، وفرض إرادتها، وتأكيد قوتها السياسية؛ من خلال التلويح بالقوة، أو التدخل الفعلي.

2. القدرة الاقتصادية للدولة، تتطلب قوات مسلحة قوية، تحميها من الطامعين، أو من الراغبين في إضعاف هذا الاقتصاد أو تحييده. ويُذكَر أن العديد من الحروب - وخصوصاً الحرب العالمية الثانية، كانت عواملها اقتصادية.

3. القدرة الاجتماعية للدولة، تتطلب قوات مسلحة قوية، تحمي قِيمها وتراثها وعقائدها، وتتصدى للتدخلات الخارجية، التي تحاول فرض قِيمها أو عقائدها عليها، أو إحداث تغيير في نُظُمها الاجتماعية. ويُذكَر أن الاستعمار القديم، كان يتجه، أول ما يتجه، إلى الإخلال بالنُظم الاجتماعية للدولة المستعمَرة؛ حتى يضمن البقاء فيها.

4. القدرة العلمية للدولة، تتطلب قوات مسلحة قوية، تحافظ على المستوى الحضاري والتكنولوجي، الذي وصلت إليه الدولة، وتحمي منشآتها، العلمية والصناعية، من أيّ اعتداء، أو غزو خارجي. ويُذكَر أن الهدف العسكري لقوات التحالف، في حرب تحرير الكويت، تركَّز في تدمير البنية الأساسية للعراق، حتى لا يتمكن المعتدي من إطالة زمن الحرب.

القوات المسلحة، إذاً، توازي قوّتها، أو ضعفها، قدرة القوى الشاملة في الدولة:

أ. فإذا كانت القوات المسلحة ضعيفة، انعكس ضعفها على سياسة الدولة، التي تفقد أهميتها وهيبتها، وتصبح غير مؤثرة، إقليمياً أو دولياً.

ب. وإذا كانت القوات المسلحة ضعيفة، فإن الاقتصاد الوطني، لن يتمكن من تحقيق أهدافه؛ ويكون دائماً مهدداً بأطماع الآخرين.

ج. وإذا اعترت الدولة متناقضات اجتماعية حادة، انعكس ذلك على قواتها المسلحة، تفتتاً وتمزقاً؛ بل تناحراً (الحرب الأهلية في لبنان 1975 - 1989).

د. وإذا أصاب الضعف القوى البشرية للدولة (الكوادر العاملة)، العلمية والفنية، فإن بناء قواتها المسلحة لن يكون على أُسُس حديثة، فتبقى متخلفة، عرضة للمطامع الخارجية.

    من هذا المنطلق، يجب الحرص على أن يكون التخطيط المستقبلي شاملاً، لأركان الأمن الوطني في الدولة برمّتها، فتتضافر جهود القوى الرئيسية، على تحقيق الغاية الوطنية، أو الهدف الوطني.

   وهناك مثال، يحقق العلاقة ما بين قوى الدولة الشاملة، عند وضع سيناريو خططي، ويوضح تسلسله المنطقي، لاحتمال تدخّل القوات المسلحة في أزمة ما. وهو يعتمد على المبادئ الآتية:

أ. تدخل القوات المسلحة، لن يكون تصدياً لعمل عسكري معادٍ فقط، بل يتعداه إلى التصدي لردود فعل، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو علمية أو بيئية، تمس أمن الدولة، كلية أو جزئياً.

ب. القوات المسلحة، لن تكون أول من يتصدى لهذا العمل المعادي؛ وإنما سيكون تدخّلها في مرحلة لاحقة؛ إذ ستتصدى له، قبلها، قوى أخرى، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية؛ محاولةً حصر الأزمة احتواءها؛ أو على الأقل، سيتصديان له معاً، في توقيت واحد.

ج. ضرورة أن لا يقتصر التصدي للعمل المعادي، على القوات المسلحة وحدها؛ وإنما هي طليعة قوى الدولة الشاملة، وداعمتها حتى يتحقق الهدف الرئيسي، بإزالة الآثار الناتجة من العمل العدائي، بتكاتف جهود الدولة كلها جمعاء.

د. تحقق جزء كبير من قدرات القوات المسلحة وإمكانياتها، بتعبئة إمكانيات الدولة المختلفة.

هـ. استمرارية عمل القوات المسلحة، تتطلب جهود القوى الأخرى ومساعداتها (سياسية - إعلامية - علمية - اقتصادية - تأييد شعبي...).

     عمل القوات المسلحة، إذاً، هو جزء رئيسي من العمل السياسي الشامل، بمعنى أن بداية العمل ونهايته، يجب أن تكونا سياسيتَين. وتشترك في إدارته السلطتان: التشريعية والتنفيذية.

دور قوى الدولة الشاملة في سيناريو الأحداث

1. وزارة الخارجية (ممثلة القدرة السياسية)

يتمثل نشاطها في:

أ.   توفير المعلومات المسبقة عن الأهداف والمصالح، المحتمل تهديدها.

ب.  إدارة الأزمة، الدبلوماسية والسياسية، بكل أبعادها، قبل وأثناء وبعد تدخّل القوات المسلحة.

ج. تكوين رأي عام عالمي حليف.

د. تأمين رعايا الدولة في الخارج ورعايتهم.

هـ. التنسيق الدبلوماسي مع الدول، الصديقة والحليفة.

و. توفير أفضل ظروف دولية، لشرعية تدخّل القوات المسلحة.

2. وزارات الداخلية والإدارة المحلية والنقل (ممثلة القدرة الداخلية)

أ. فرض السيطرة الأمنية، وتحقيق الأمن الداخلي، وتأمين الأهداف الإستراتيجية    داخل الدولة.

ب. توفير أفضل الظروف، لتعبئة الموارد، وتأمين تحركات القوات المسلحة.

ج. تنظيم شبكة إنذار، لمواجهة أي تهديدات ضد الأهداف الحيوية.

د. حشد الجهود الأمنية، لدعم القوات المسلحة.

3. المرافق الاقتصادية (ممثلة القدرة الاقتصادية)

أ.  التخطيط لمواجهة الأزمة الاقتصادية.

ب. إدارة الاقتصاد الوطني بما يوائم الأزمة، والحفاظ على مصالح الدولة الاقتصادية     في الخارج.

ج. التخطيط لتحويل الاقتصاد إلى "اقتصاد حرب".

د. توفير الاحتياجات الإستراتيجية الرئيسية، للشعب والقوات المسلحة.

4. وزارة الإعلام (معاونة القدرات الشاملة للدولة)

أ. خلق رأي عام، داخلي وخارجي، مؤيد للقضية.

ب. إدارة الأزمة إعلامياً في مصلحة القوات المسلحة.

ج. إجراء قياسات الرأي العام، وتحويلها في مصلحة القضية.

د. متابعة الحملات الإعلامية المضادة، وتحييدها.

5. الهيئات التشريعية في الدولة

يتمثل دورها في سن القوانين، التي يتطلبها الموقف؛ إضافة إلى التصديق على إجراءات السلطة التنفيذية، فيما يتعلق بالاعتمادات، إبرام الاتفاقيات، المعاهدات.

التخطيط المستقبلي، على المستوى الإستراتيجي، باستخدام السيناريوهات

      ينقسم التخطيط المستقبلي، باستخدام السيناريوهات، إلى عدة مستويات، طبقاً لمطالب الدولة وتوجهاتها الإستراتيجية، وسياستها لبناء القوة.

      وتتحدد سياسة بناء القوة بالغايات القومية للدولة. وتتضمنها إستراتيجية وطنية، تلتزمها كلّ مؤسساتها، التي تعمل، بالتنسيق فيما بينها، لوضع سياسة بناء القوة، في المجالات المختلفة.

      التخطيط المستقبلي، إذاً، تبادر إليه القيادات، السياسية والعسكرية والاقتصادية، حينما تعمد إلى تخطيط متكامل للدولة، في مجالاتها المختلفة؛ وحصر المشاكل والأزمات المتوقعة، وصياغة سيناريوهات متكاملة لمواجهتها.

      يشمل التخطيط المستقبلي، على المستوى الإستراتيجي، باستخدام السيناريوهات، الآتي:

1. الخطط المستقبلية

تحرص قيادة الدولة على وجودها والأخذ بها وتطويرها. وتتمثل في:

أ.  الغايات الوطنية العليا للدولة: تختص بوضعها الهيئة التشريعية العليا في الدولة. وتتضمن الأهداف القومية، وما تسعى إلى تحقيقه، في المجالات المختلفة؛ طبقاً للثوابت والمتغيرات. ويراوح مداها الزمني بين 20 و30 عاماً. والسيناريوهات، هنا، تتضمن جميع أركان الدولة وقدراتها، والمؤثرات الداخلية والخارجية، والمتغيرات المنتظرة، إقليمياً وعالمياً وداخلياً، حتى تتضح الصورة متكاملة؛ وتتحدد من خلالها المحظورات، التي تتجنبها الدولة، والقوى التي تتقارب معها، مباشرة أو تدريجاً، وأساليب التغلب على العوائق الكبرى، لو حدثت في إحدى المرحلة.

ب. الإستراتيجية الوطنية: تتضمن استغلال الدولة للطاقات، المادية والمعنوية، بما يحقق الغايات الوطنية. وهي تنقسم إلى العديد من الإستراتيجيات (السياسية ـ الأمنية ـ الاقتصادية). ولكل منها السيناريوهات الخاصة بها، التي يجب أن تتكامل مع السيناريوهات الأخرى.

ج. الخطط التفصيلية: تنقسم الإستراتيجية إلى العديد من المجالات، التي تتكامل لتحقيقها؛ فالإستراتيجية في المجال السياسي، مثلاً، تشمل تأكيد الثقل السياسي للدولة؛ وإستراتيجية التعامل مع الأزمات السياسية، الإقليمية والعالمية؛ وإستراتيجية التعامل مع المنظمات، الإقليمية والعالمية، وهكذا. ولكلٍّ من تلك الإستراتيجيات، سيناريوهات خاصة بها، يتضمّنها جميعاً السيناريو العام للإستراتيجية السياسية للدولة.

د. خطط مواجهة الأزمات: تشمل جميع مجالات العمل في الدولة، وتتعدد بتعدد التهديدات، واحتمالات وقوع الأزمات. وهي تنقسم إلى:

(1) أزمات سياسية: تتدرج من توتر في العلاقات، إلى احتمالات المواجهة. وتقسم إلى مجموعات، طبقاً لمصالح الدولة واهتماماتها السياسية، والتحديات، وأسلوب معالجة الأزمة والتغلب عليها.

(2) أزمات داخلية: تتدرج من حادثة إرهابية إلى الكوارث، إلى الأزمات المعيشية الحادة، أو أزمات الحياة.

(3) أزمات عسكرية: وتتدرج من تلويح باستخدام القوة إلى الردع، إلى احتمال خوض حرب حقيقية.

(4) ويشمل التخطيط المستقبلي، باستخدام السيناريوهات، جميع المجالات الأخرى.

2. سيناريوهات الأحداث/ الأزمات الطارئة

تشمل الأحداث غير المتوقعة، التي لم تشملها السيناريوهات الخططية الدائمة. وتُخطَّط من خلال الخبرات السابقة، وقيم الدولة ودستورها، وفق نمط السيناريوهات الدائمة نفسه.

      وتعتمد الدول المتقدمة على مراكز بحوث خاصة بالعمل في هذا المجال. وباستقراء تاريخ توقيع اتفاقيات السلام العربية مع إسرائيل، كمثال لأحداث طارئة، يتضح أن الإدارة الأمريكية، كلفت مركزاً، أو عدة مراكز، برسم سيناريو، للوصول إلى أفضل الاتفاقيات، التي يمكن أن يتفق عليها الأطراف؛ مع أسلوب طرح الخيارات، وتصاعد عملية الطرح، وحسابات المكسب والخسارة لكلِّ جانب؛ ودور الولايات المتحدة في تعويض الجانب الخاسر، والحصول على ثمن "المكاسب" من الطرف الآخر. وهو ما حدث في اتفاقيتي كامب ديفيد، الأولى والثانية[1] وكذلك في اتفاقيات السلام الأخرى، بين إسرائيل وكلٍّ من الأردن والفلسطينيين؛ وفى المفاوضات مع سورية.

العوامل السلبية المؤثرة في التخطيط المستقبلي، باستخدام السيناريوهات

هناك العديد من المؤثرات، التي يجب أن يتداركها أطقم التخطيط باستخدام السيناريوهات؛ لأن الوقوع فيها يفضي إلى اتخاذ قرار غير متكامل، أو تشوبه الأخطاء. وأهم هذه السلبيات:

1.التحريض على سرعة اتخاذ القرار

عند تحريض متخذي القرار على سرعة الموافقة، من دون تحقيق دراسة كافية لطبيعة المشكلة وتطورها المستقبلي، وأسلوب بناء السيناريو لمواجهتها؛ فإن الخطأ الشائع، في مثل هذه الحالة، يتمثل في التقديرات الهزيلة للنتائج المتوقعة، والأخطاء المرتبطة بالرد المحتمل.

2. تبني وجهة نظر محدودة

وهو ما ينفى فكرة علم المستقبليات البديلة. ويكون ذلك عندما يستعرض المخططون وجهات نظر ومواقف، لا تغطي جوانب المشكلة بالكامل، أو عدم بحث الخيارات والاحتمالات المتعلقة بها.

3. عدم الجرأة على اتخاذ القرار

تهيُّب صانعي القرارات صياغة سيناريوهات حقيقية، لمواجهة موقف صعب، ومؤثر؛ ويكون هدفهم إرضاء جهة معينة، أو عدم استثارة الجماهير.

4. خيانة الأمانة

ويكون ذلك من وراء متخذي القرار، وعدم إدراك القادة لجذور الموقف، وعدم اهتمامهم بدراسة الموقف الموحد، الذي اتفق عليه المستشارون، وكيفية الوصول إليه، وثقتهم الخاطئة بالمستشارين، الذين لم يكن لديهم وازع من تخطيط سيناريوهات معينة، تخفي الحقائق عن صانع القرار؛ ولا سيما تلك التي تباين رغبته.

5. القصور في المعلومات

اعتماد مخططي السيناريو على قناة واحدة للمعلومات، أو تجميعها من مصادر غير موثوق بها؛ وما يبنى على خطأ، فهو خطأ.

6. انتقائية رؤية معينة

تزيين مؤيدي خطة أو برنامج ما لصانع القرار، الافتراضات والمبادئ والأسُس والتقديرات لبناء السيناريوهات، بما يخدم هدفهم النهائي.

7. انتقائية متخذ القرار

مطالبة صانعي القرارات مساعديهم، بإبداء المشورة والرأي في "خطة مفضلة" لديهم فقط، من دون عناء أو دراسة متكاملة للموضوع، وفحص جميع وجهات النظر، الإيجابية والسلبية، للخطة.

8. عدم الأخذ بالمتغيرات التاريخية

ميل متخذ القرار إلى "صنع قرار"، شبيه بقرار تاريخي سابق، بزعم الاستفادة من العِبر التاريخية؛ بينما لا يُقَدّر المتغيرات، التي تجعل حلول المشكلة القديمة، لا تنطبق على المشكلة الحالية، نتيجة المتغيرات المحيطة.

المدخلات الرئيسية للسيناريو الخططي (الوضع الابتدائي/ وصف الوضع الراهن)

      الهدف من السيناريو الخططي، مساعدة متخذ القرار على الحصول على غير رؤية للمطلب الواحد (الخيارات)؛ فتتعدد الرؤى، بما يتيح إيجاد أفضل الحلول للعديد من المسائل المعقدة. السيناريو الخططي، إذاً، هو وسيلة لطرح الخيارات المختلفة، التي تسهل عملية اتخاذ القرار الملائم.

      وهناك سبعة مداخل رئيسية، تشكل، بتفاصيلها الدقيقة، العمود الفقري للسيناريو. وتتمثل في الآتي:

1. الهدف الإستراتيجي النهائي (السياسي/ الاقتصادي/ العسكري)

يشمل هذا الهدف التخطيط، الذي تضعه الجهة المخططة للسيناريو، للوصول إلى حلول لمسألة إستراتيجية (رئيسية) محددة. وقد يكون الهدف قاطعاً، فينفذ كما خُطِّط له، وتُحَدَّد الخيارات طبقاً للمتغيرات المتوقعة. وقد يكون "مرناً"، على أساس وجود خيارات للهدف؛ على أن يحدد البديل الأدنى الممنوع تخطِّيه، والبديل المرجو الوصول إليه؛ وتكون الخيارات، في هذه الحالة عديدة، يجري اختصارها في أقلّ عدد ممكن.

2. حصر مجموعة التهديدات

وهي، في الغالب، تشمل تهديدات مادية، قد تتعرض لها الدولة أو المؤسسة. كما تشمل تهديدات معنوية، تتعلق بقدرة الدولة وتأثيرها، وموقف الحكومة أمام شعبها، وأمام الخصوم التقليديين والحلفاء. وتتطلب مجموعة التهديدات حصراً دقيقاً لاحتمالات المواجهة، المادية والمعنوية، وإمكانيات الخصوم في إدارتها، والتأثيرات في الدولة/ المؤسسة، نتيجة ذلك.

3. حصر مجموعة التحديات/ القيود المفروضة[2]

تنشأ تلك التحديات والقيود عن علاقات الدولة/ المؤسسة، ومدى قدرتها على التعامل التكنولوجي مع الآخرين، ومدى ما تحققه الاتفاقيات/ التحالفات للدولة/ المؤسسة، لتنظيم إمكانياتها؛ فضلاً عمّا تحدده من خطوط حمراء، يجب أن لا تتعداها في تعاملاتها مع الآخرين. لذلك، فإن مجموعة التحديات، يجب أن تعامل معاملة مجموعة التهديدات نفسها، عند تخطيط السيناريو.

4. حصر إمكانيات الدولة/ المؤسسة

يجب أن يكون الحصر، في هذه الحالة، دقيقاً؛ يخضع لمعاملات الكفاءة النوعية، وليس الكمية. وتُراعى فيه القدرات الإضافية المنتظرة، خلال مرحلة استمرار السيناريو؛ ومقدار التوازن، إنْ لم يمكن الحصول على تلك القدرات.

5. مجالات العمل

تشمل جميع المجالات، التي تخدم السيناريو بالتفاصيل الدقيقة. فلو كان مجال العمل هو امتلاك سلعة إستراتيجية (سلاح مثلاً) لوجب أن يشمل السيناريو: إمكانيات مراكز البحوث والتطوير؛ والمصانع القادرة على التصنيع؛ وميادين التجارب؛ العنصر البشري والتأهيل الفني؛ والدول الصديقة والحليفة، التي يمكن الاستفادة من خبراتها؛ ودراسة جدوى الشراء أو التصنيع. وإذا كان المطلوب بناء خطة في مجال ما، فيشمل السيناريو: مجال التخطيط والهدف المستقبلي، والمدد الزمنية، وتوقيت البدء والإمكانيات المتاحة.

6. الفترات الزمنية ومراحل التنفيذ

تحددها القيادة السياسية/ الإستراتيجية، عند تحديد الهدف الإستراتيجي؛ إذ يجب أن يقترن الهدف الإستراتيجي بالمدى الزمني اللازم لتحقيقه. وبتحديد المدى الزمني والهدف النهائي، يمكن تحديد المراحل الزمنية للتنفيذ.

7. مجالات دعم القرار

تُعَدّ جميع المجالات، التي يتطرق إليها القرار الإستراتيجي، هي المجالات التي تدعمه، مثل:

أ.  مجالات البحوث والتدريب، واستخدام خبراء، أو إرسال متدربين إلى الخارج.

ب. حدود خطة الإعلام المصاحبة للقرار.

ج. قياسات الرأي العام.

د. مجالات العمل النفسي، الإيجابي والسلبي.

هـ. مجالات الإشراف والمتابعة.

و. أي مجالات أخرى.

      ومن قاعدة البيانات هذه، يمكن الخروج بعشرات السيناريوهات. ولكن، طبقاً لما سبق ذكره، فإن السيناريوهات الخططية، المطلوبة بعد عمليات الفرز المختلفة، تشتمل على ثلاثة سيناريوهات فقط، كلٌّ منها خطة مستقلة بذاتها.

السيناريوهات الخططية، الناتجة من عمليات الفرز

1. السيناريو الأول

عندما تسمح الظروف تماماً بتنفيذ الخطة، لتحقيق الهدف المنشود.

2. السيناريو الثاني

في حالة وجود عوائق. وتحدد هذه العوائق، والمراحل الزمنية لظهورها. وتحدد الحلول لقيادة السيناريو، للوصول إلى الهدف المنشود، باتخاذ الخطوات البديلة، في حالة ظهور كل عائق.

3. السيناريو الثالث

عندما تتعارض كلُّ الظروف، ويستحيل تنفيذ الخطة. ويوضح فيه الخيارات المطروحة لتحقيق الهدف المنشود. علاوة على ذلك، فإنه في حالة بناء السيناريوهات الخططية لمواجهة الأزمات، تضاف إلى تلك المدخلات، عوامل أخرى؛ منها:

  1. الوضع الابتدائي الراهن، الذي تنشأ من خلاله الأزمة. ويشمل:

أ. المناخ المحيط بالأزمة، داخلياً وإقليمياً وعالمياً.

ب. كيف تبدأ الأزمة، وذلك من خلال بوادر الأزمة، والمؤشرات إلى حدوثها. ويجب أن يشمل ذلك جميع المؤشرات، حتى لو كانت محدودة.

ج. الفاعلون الرئيسيون في الأزمة، وتوجهاتهم، وتوقيتات تدخلاتهم الرئيسية.

د. حصر المصالح والتباينات للأطراف الفاعلة، وربط ذلك بعلاقاتها بالأهداف المحققة.

هـ. مسار الأزمة وتطوُّرها، بمعنى أسلوب تفاقهمها، خلال المراحل المختلفة؛ مع توضيح تلك المراحل، وأسباب حدوثها وتطوُّرها، وهدف كلٍّ مرحلة من تصعيد الأزمة، ونقاط التغيير الرئيسية في الأزمة، وأسلوب مواجهتها.

و. المدى الذي تصل إليه الأزمة، بمعنى الوصول إلى قمة الصراع في الأزمة.

ز. احتمالات نهاية الأزمة، سلباً وإيجاباً.

2. إجراءات مواجهة الأزمة، وتشمل:

أ. أسلوب اكتشاف الأزمة وتتبعها، أو صنعها: ويذكر صراحة الأجهزة المختصة بالإنذار، والأجهزة المنوط بها تحليل بوادر الأزمة ومتابعتها.

ب. المراكز التي تدار منها الأزمة: وهو إجراء رئيسي، لتحديد المسؤولين عن تلك الإدارة.

ج. القيادات والكوادر المنوط بها إدارة الأزمة.

3. آليات مواجهة الأزمة: وهي تشمل جميع الآليات المستخدمة لمواجهة الأزمة، طبقاً لطبيعتها.

4. إزالة الآثار الناتجة من الأزمة: وهي تشمل الإجراءات المستقبلية، التي يجب أن تعاد الأوضاع، من خلالها، إلى ما كانت عليه قبل حدوث الأزمة.

5. أسلوب التدريب على إدارة الأزمة: وهو إجراء مهم، يحقق كفاءة إدارة السيناريوهات، عند وقوع الأزمة فعلاً.

دروس وخبرات، في مجال التخطيط المستقبلي

      قد يكون من المفيد استعراض خبرات الآخرين بالتخطيط المستقبلي، باستخدام السيناريوهات؛ لتتضح مميزاته وكيفية نشوء الفكرة، وتبلورها؛ فضلاً عن الأخطاء الشائعة فيه وكيفية تلافيها. وتفي بالغرض أمثلة من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

1. المثال الأول: من الولايات المتحدة الأمريكية، من واقع التقرير، الذي قدمته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى الكونجرس، في أعقاب عملية "عاصفة الصحراء"، والذي أورد جميع إيجابيات وسلبيات العملية، والتوصيات المستقبلية المطلوبة. وتعكس فقرة مختصرة منه، نشأة فكرة التخطيط المستقبلي لقضية ما، تستوجب ضرورة معالجتها. وقد تضمنت تلك الفقرة النقاط الرئيسية الآتية:

أ.  العجز عن التنبؤ بزمان نشوب الصراع المقبل ومكانه؛ وأن الأحداث العالمية، ليست شيئاً، يسهل التنبؤ بحدوثه أو توقعه.

ب. إزاء محدودية التنبؤ بأحداث الخمسة عشر عاماً المقبلة، لا بدّ من الاحتفاظ بقوات على مستوى عالٍ من الكفاءة والفاعلية؛ لمواجهة العدوان، أو حماية المصالح الأمريكية، في مختلف أنحاء العالم، بالقوة، إذا لزم الأمر.

ج. الاستفادة في حرب الخليج من خبرات وجهود الخمسة وعشرين عاماً الماضية، تعني أن  القرارات، التي تتخذ اليوم، ستحدد القدرات والإمكانيات، التي سوف تمتلكها القوات خلال العشرين عاماً المقبلة، ومن الآن، يجب الحرص على نجاح القوات الأمريكية المستقبلية في مهامّها؛ وتميّزها، عام 2015، بالتفوق الحالي نفسه على سائر الجيوش. ولإيجاد هذه القوات "الفائقة التفوق" Super Power، مستقبلاً، يجب التخطيط والاستعداد لذلك، من الآن.

      ولم تتوانَ القيادة الأمريكية في التخطيط الإستراتيجي، طبقاً للدورات العلمية العسكرية[3]. واستفادت من خبرات حرب الخليج، في تطوير إستراتيجياتها، وطبقتها في حرب البلقان. وها هي الولايات المتحدة الأمريكية، تصر على تنظيم "الدرع الصاروخي"، الذي يضمن لها التفوق المطلق، إستراتيجياً؛ واستكملت كذلك، خطة لتطوير منظومات أسلحتها الحالية، من الآن وحتى عام 2015.

2. والمثال الثاني من إسرائيل: أشار تقرير، أعده معهد استوكهولم الدولي للسلام، "سيبرى" Sipri، إلى الخطة "ميركام" Merkam لتسليح إسرائيل، حتى عام 2010، والتي وضعت في ضوء "أهداف السياسة العامة؛ وتقدير التهديدات المحتملة، والأوضاع الاقتصادية، وتوازن القوى في المنطقة؛ ومستوى الإمداد بالسلاح والتكنولوجيا للدول المعادية؛ والتطورات السياسية في المنطقة...". وقد اشتركت ثلاث جهات في وضع هذه الخطة، هي: وزارة الدفاع وقيادة الجيش (رئاسة الأركان) ومؤسسة الصناعات الحربية في إسرائيل، بجناحَيها: العام والخاص. وقد استندت تلك الخطة إلى عدة أُسُس:

أ. امتلاك أسلحة الردع التقليدية: "طائرات F-15-I"؛ صواريخ أريحا طويلة المدى؛ غواصات بعيدة المدى، قادرة على إطلاق صواريخ أريحا، مثل الغواصات دولفين الألمانية. وبذلك يمكن إسرائيل التأثير في المساحة الكاملة للوطن العربي، ودول المحيط المناوئة مثل: إيران وباكستان[4].

ب. تطوير منظومات التسليح، ليمكنها تطبيق الإستراتيجيات الحديثة، التي تعتمد على خواص: آلية القيادة والكثافة النيرانية ودقة الإصابة والقتال عن بعد... وهي الإستراتيجيات نفسها، التي طبقتها الولايات المتحدة الأمريكية في حرب البلقان، عام 1999.

ج. امتلاك القدرة على الاكتفاء الذاتي، والتصنيع المحلي لمعظم أنظمة التسليح، من خلال التعاون التكنولوجي مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة، والغرب عامة.

د. امتلاك إسرائيل التفوق التكنولوجي على سائر دول المنطقة، وتوسيع الفجوة التقنية، لتحول دون تمكُّنها من اللحاق بها لموازنتها.

    وقد تميزت الخطة بالمرونة، فجُعلت سيناريوهاتها قابلة للتعديل، الذي طاولها في خلال العامَين الأولَين؛ للاستفادة من الخبرات المكتسبة من حرب البلقان. واستهدف تعديلها زيادة القدرة العسكرية لإسرائيل، والحفاظ على تفوقها المطلق، الرامي إلى تجاوز المدى الزمني، الذي سوف يمتلك الخصم خلاله السلاح الجديد.

ولئن اتُّخذت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، مثالَين إيجابيَّين للتخطيط المستقبلي؛ فإنه يمكن اتّخاذهما مثالَين له سلبيَّين، كذلك.

1. المثال الأول من الولايات المتحدة: وهو استرجاع لفقرة من كتاب "سنوات البيت الأبيض"، الذي ألّفه الدكتور هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكية الأسبق؛ حيث يطرح أن خيارات القرار السياسي، طبقاً للسيناريوهات، التي يُتخذ القرار في ضوئها ـ قد يتعمد المخططون، أن تكون خيارات "صوَرية"، تدفع المقرِّر إلى اختيار البديل الذي فرضوه. ويذكر: "لقد أعدت بناء المؤسسات الحكومية، لاختيار تبني وتطور السياسات المرغوب فيها، وليس لاختيار تطور وتبني إمكانيات محتملة. وعندما تضطر المؤسسة الحكومية إلى طرح خيارات أخرى، مع إصرارها على تنفيذ البديل الذي تفضله؛ فإنها تختار بعامة بديلَين هامشيَّين، وعديمَي الجدوى، لاختيار يبدو البديل، الذي تفضله، منذ البداية، أقوى وأمتن مما هو عليه في الحقيقة. وحتى لا تترك مجالاً لمتخذي القرار سوى اختيار هذا البديل، تجعلهم يفتقرون إلى الحد الأدنى من المعلومات في القضية التي يتناولونها، حتى يؤدوا واجبهم عن طريق الاختيار الأعمى للبديل، الذي يبدو في صورته الظاهرية أفضل البدائل الثلاثة المطروحة".

2. المثال الثاني من إسرائيل: ويسوقه يهودا بن مائير، في شأن صناعة قرارات الأمن الوطني. يقول: "عند اتخاذ قرار القيام بعمل عسكري، مضاد للأعمال الفدائية المعادية، في أعقاب شن المنظمات الفلسطينية، أو أي جهة أخرى، عملاً عدائياً ضد إسرائيل؛ ولبلورة الرد الملائم؛ تعقد اللجنة الأمنية في الحكومة اجتماعاً، لمناقشة الحدث. وتوطئة لانعقاد هذا الاجتماع، يحدد رئيس الأركان ماهية وطبيعة العملية، التي يجب تنفيذها، رداً على الحدث. وبعد أن يأخذ موافقة وزير الدفاع ورئيس الحكومة عليها، يقدم أوراقه، في اجتماع اللجنة، لمناقشتها وإقرارها. وفي الحقيقة، إن هيئة الأركان الإسرائيلية، في كلِّ مرة، تضع إلى جانب البديل الرئيسي (القرار المتخذ) بديلَين صُوريَّين. ينص البديل الأول على عدم الرد (أي بديل سلبي عسكري). وينص الثاني على شن عملية عسكرية واسعة النطاق، على أهداف غير مقبولة؛ وقد تسفر عن حرب واسعة النطاق؛ الأمر الذي لا يترك أمام اللجنة الحكومية سوى اختيار البديل الرئيسي المدروس، والذي يبدو مقبولاً، في ظل البديلَين الآخرَين".

يظهر هذان المثالان، أن هناك ضرورة حيوية، لاستخدام رقابة فوقية على التخطيط المستقبلي، تكون مهمتها التنسيق والرقابة، في آن واحد، وضمان العمل بشفافية كاملة، من دون اللجوء إلى تسوية، تغلب عليها المصالح الخاصة، أو الرؤية المحددة (تسوية نوعية).



[1] كامب ديفيد الأولى، تحددت في المباحثات بين مصر وإسرائيل، ووقعت في 28 سبتمبر 1978، أما كامب ديفيد الثانية فكانت بين إسرائيل والفلسطينيين خلال شهر يوليو 1999. وكلاهما كان برعاية أمريكية.

[2] التحديات والقيود، هي درجة أقل من التهديدات مادياً ومعنوياً، وهى تنبع أساساً من التعامل مع الأصدقاء طبقاً للعلاقات المؤسسة، كذلك تنبع من إمكانيات الدولة/ المؤسسة في إدارة الأزمة، طبقاً للقدرات المادية والمعنوية المتاحة.

[3] هي الفترة الزمنية، التي يمكن خلالها للقوات المسلحة، لدولة ما، استيعاب مفهوم إستراتيجي/ عقيدة قتالية جديدة، يتحقق خلالها الارتقاء بالقدرة العسكرية والقتالية، وتحديث الأسلحة، وتطبيق/ تطوير نظم تسليح جديدة، وعادة ما تحاول الدول الاستفادة من خبرات القتال المكتسبة، من عمليات حربية، أو صراعات مسلحة، لإجراء هذا التطوير. وتستغرق الدورة العلمية العسكرية في الولايات المتحدة ست سنوات، وفى إسرائيل حوالي عشر سنوات. لذلك، نجد أن المنظومات القتالية الأمريكية، التي استخدمت في عاصفة الصحراء. قد تطورت كثيراً في `ثعلب الصحراء` ضد العراق عام 1998، وفى حرب البلقان عام 1999.

[4] علماً بأن الغواصات الألمانية مزودة بوسيلة إطلاق صواريخ عيار 523مم، وهى تمثل قطر الصاروخ أريحا، وذلك تعديلاً لمواصفاتها الأولية، حيث كان قطر المواسير أقل من ذلك لإطلاق صواريخ الهاربون.