إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









(5) التوزيع الرأسي لدرجات الحرارة، في الغلاف الغازي

(5) التوزيع الرأسي لدرجات الحرارة، في الغلاف الغازي

تصل الطاقة الشمسية إلى سطح الغلاف الغازي للأرض بعد أن تقطع المسافة بين الشمس والأرض، التي تبلغ في المتوسط 150 مليون كيلومتر، بسرعة تصل إلى 300 ألف كيلومتر، في الثانية. وتستغرق الأشعة قرابة 8 دقائق، لتصل إلى الأرض. وعند بداية اختراقها لغازات الغلاف الغازي للأرض، تمتص الطبقات العليا من الغلاف الغازي جميع الأشعة، التي تبلغ موجاتها 0.3 ميكرومتر وما دون. وتمتص بعض الغازات الأخرى أطوالاً أخرى من الموجات، وتشتت بعضها (انظر شكل امتصاصية الغلاف الغازي).

إن ما يصل إلى سطح الأرض من الطاقة الشمسية، يسخنها، بدرجات متفاوتة، تبعاً لزاوية سقوط الأشعة الشمسية، وطبيعة السطح، الذي تسقط عليه ( سائل، صلب، لونه، امتصاصيته للأشعة، انعكاس الأشعة من على سطحه). بعد تسخين سطح الأرض، يسخن الهواء الملامس له، في الطبقة السفلى من الغلاف الغازي.

يمكن تتبع التغير في درجات الحرارة، والضغط الجوي، ابتداءً من سطح الأرض إلى أعلى الغلاف الغازي. فبالإنطلاق إلى أعلى، في يوم من أيام الربيع المعتدلة الحرارة، ودرجة الحرارة على سطح الأرض 15ْ مئوية، والضغط الجوي، لا يتعدى ألف مليبار[1]، يتضح أن انخفاض الحرارة يواكب الارتفاع عن سطح الأرض، مصدر تسخين الغلاف الغازي، من الأسفل. إذ تسخن الطبقات الدنيا منه بالملامسة، وتنتقل الحرارة إلى الطبقات التي تعلوها، بالحمل. وتمتص بعض غازات الغلاف الغازي الأشعة الحرارية الصادرة عن الأرض، وخاصة بخار الماء وثاني أكسيد الكربون، اللذَين يطرَّد تناقصهما، تبعاً للارتفاع؛ ما يجعل الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي أعلى حرارة. وتستمر درجة الحرارة بالانخفاض، مع الارتفاع، فتصل عند ارتفاع، 5.5 كيلومترات إلى –20ْ مئوية؛ وينخفض الضغط الجوي إلى 500 مليبار. ويتوالى انخفاض درجة الحرارة حتى ارتفاع 11 كيلومتراً، حيث تصل إلى ـ57ْ مئوية. هذا النطاق من الغلاف الغازي، الممتد من سطح الأرض إلى حيث تتوقف درجة الحرارة عن الانخفاض، يطلق عليه التروبوسفير Troposphere (انظر شكل تغير درجة الحرارة).

جاءت هذه التسمية من الكلمة اليونانية تروبين Tropein، وتعني التغير، وكلمة سفير Sphere غلاف؛ تعني التروبوسفير، إذاً، الغلاف المتغير. وفيه تحدث جميع المظاهر الجوية المألوفة، من سحب ورعد وبرق ومطر وبرد ونحوها. عند ارتفاع 17 كيلومتراً تظل درجة الحرارة، -57ْ مئوية، من دون تغير، مكونة بداية الحد الفاصل بين طبقة التروبوسفير والطبقة التي تعلوها؛ ويطلق عليه التروبوباوز Tropopause وهي تفصل بين طبقة التروبوسفير وطبقة الستراتوسفير Stratosphere. ولأن سماكة الغلاف الغازي، تتأثر بالحرارة، فهو أكثر سماكة فوق المناطق الاستوائية والمدارية الحارة، وأقلّ سماكة فوق القطبَين؛ فإن ارتفاع التروبوباوز، يختلف تبعاً لذلك. فهو يراوح، في العروض المعتدلة، بين 11 و17 كيلومتراً؛ ويزداد فوق المناطق المدارية؛ وينخفض فوق المناطق القطبية.

في طبقة الستراتوسفير، وعلى ارتفاع قرابة 20 كيلومتراً، فوق السطح، تنقلب الأمور، وينعكس الحال؛ إذ تبدأ درجة الحرارة تزداد بازدياد الارتفاع. هذه الطبقة، هي طبقة الانقلاب الحراري Inversion Layer، حيث تفوح رائحة غاز الأوزون، الذي يمتص الأشعة الشمسية قصيرة الموجة، ما بين 0.2 و0.3 ميكرومتر، عالية الطاقة؛ فترتفع حرارته، ويسخن غازات الهواء المخالطة له في هذه الطبقة، وأهمها الأكسجين، والنيتروجين. على ارتفاع 30 كيلومتراً، وعلى الرغم من أن درجة الحرارة تزداد بازدياد الارتفاع، إلا أن درجة حرارة الهواء، تبقى منخفضة إلى حدٍّ كبير؛ إذ تبلغ ـ46ْ مئوية.

يطَّرد ازدياد درجة الحرارة باطّراد الارتفاع، فتصل درجتَين ونصف، على ارتفاع 50 كيلومتراً، حيث يتوقف ازديادها؛ ما يشير إلى نهاية طبقة الستراتوسفير، وغطائها العلوي، طبقة الستراتوباوز Stratopause؛ إيذاناً بدخول الطبقة التالية، وهي طبقة الميزوسفير Mesosphere، حيث تتكون، في بدايتها، طبقة من التساوي الحراري Isothermal، وينخفض الضغط الجوي إلى مليبار واحد فقط. وعلى الرغم من سطوع الشمس، إلا أن الظلام يسود هذه الطبقة، ويزداد حلكة بازدياد الارتفاع، وذلك لتناقص جزيئات الهواء. والمعروف أن تشتيت جزيئات الهواء لأشعة الشمس المرئية، قصيرة الموجة، في مختلف الاتجاهات، يعطي السماء لونها الأزرق. ولكن تناقص جزيئات الهواء في هذه الطبقة تناقصاً كبيراً يقلل من كمية الأشعة المشتتة؛ لذا، تبدو السماء سوداء مظلمة. وعلى الرغم من أن نسبة الأكسجين في هذه الطبقة، لا تختلف كثيراً عن نسبته في الهواء، قرب مستوى سطح البحر، إلا أن قلة تركز الهواء، تجعل عدداً قليلاً من جزيئات الأكسجين فيها متاحاً للتنفس؛ ما يستلزم استخدام مساعدات تنفسية.

تنخفض درجات حرارة الهواء، لكما ازداد الارتفاع في طبقة الميزوسفير. ويتواصل انخفاضها حتى ارتفاع 85 كيلومتراً، حيث تصل درجة حرارة الغلاف الغازي إلى أقلّ مستوياتها، إذ تبلغ –90ْ مئوية. وتتوقف درجات الحرارة عن الانخفاض بدخول طبقة الميزوباوز Mesopause، الفاصلة بين هذه الطبقة وتلك التي تليها، من الغلاف الغازي، وهي طبقة الثيرموسفير.

بعد تجاوز منطقة الاستقرار الحراري، في بداية طبقة الثيرموسفير Thermosphere، تبدأ درجة الحرارة بالازدياد، كلما ازداد الارتفاع. في هذه الطبقة، تمتص جزيئات الأكسجين الأشعة الشمسية، التي لا يتجاوز طول موجاتها 0.2 ميكرومتر. والطاقة التي تمتصها، تكفي لفصل الجزيء إلى ذرتَين من الأكسجين. ونظراً إلى انخفاض كثافة الهواء، وقلة الجزيئات، فإن كمية قليلة من الطاقة، كافية لرفع درجة الحرارة رفعاً كبيراً. ولذلك، تتفاوت درجات الحرارة في هذه الطبقة، من يوم إلى آخر، تبعاً للنشاط الشمسي. لاحظ في (شكل تغير درجة الحرارة) أنه في حالة النشاط الشمسي المعتدل، تبلغ درجة حرارة الهواء، على ارتفاع 300 كيلومتر، 700ْ مئوية. وتبلغ درجة الحرارة، على الارتفاع نفسه، في أيام ازدياد النشاط الشمسي، 1700ْ مئوية. ولكن، نظراً إلى الهبوط الشديد في كثافة الهواء، وقلة جزيئاته، التي تصدم الجسم، فإن درجة الحرارة العالية، في هذه الطبقة، غير محسوسة.

ما فوق الثيرموسفير، يطلق عليه إكسوسفير Exosphere، أو الغلاف الخارجي. ويبدأ على ارتفاع 500 كيلومتر من سطح الأرض. وقد تسمح الطاقة العالية لذرات الهواء وجزيئاته، لها بالانطلاق من قيود الجاذبية الأرضية، في هذا النطاق، إلى الفضاء.

يمكن إذاً، تقسيم الغلاف الغازي للأرض بالنظر إلى التغير في درجة حرارته، المصاحب لتغير الارتفاع، إلى خمس طبقات رئيسية، هي، من الأسفل إلى الأعلى:

أ- التروبوسفير

ب- الستراتوسفير

ج- الميزوسفير

د- الثيرموسفير

هـ- الأكسوسفير

 



[1] مليبار: وحدة ضغط جوي تستخدم في الميتورولوجيا، وتساوي جزء من ألف من بار. والبار وحدة الضغط الجوي عند 45ْ شمالاً، وعند مستوى سطح البحر، وعند درجة حرارة صفر مئوية. ويساوي قوة مليون داين Dynes في السنتيمتر المربع. لذا فالمليبار يساوي قوة 1000 داين في السنتيمتر المربع، وهو يعادل 100 نيوتن Newtons في المتر المربع.