إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









د
د. الرياحWinds [1]

قال تعالى:سورة البقرة، الآية 164وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. وقال تعالى:سورة الجاثية، الآية 5وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.

تعد أشعة الشمس السبب الأساسي في التغيرات المناخية على سطح الأرض، كما سبق الذكر، إذ أن أشعة الشمس تعمل على تسخين الهواء وتمدده، وبالتالي يقل ضغطة، وتتحرك الرياح من مناطق الضغط الجوي المرتفع إلى مناطق الضغط الجوي المنخفض، ويقول الله تعالى:سورة المرسلات، الآيتان 3 ـ 4والناشرات نشراً(3) فالفارقات فرقاً. وبسبب دوران الأرض حول نفسها فإن الرياح لا تتجه مباشرة من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض، بل تنحرف إلى يمين اتجاهها في نصف الكرة الشمالي، وإلى يسار اتجاهها في نصف الكرة الجنوبي، وتعرف هذه الحقيقة باسم قانون فرل Ferrel's Law أو قوة كوريوليس Coriolis Force.

وتتأثر سرعة الرياح بدرجة انحدار الضغط  Pressure Gradient، أي كلما اقتربت خطوط الضغط المتساوية، كلما كان انحدار الضغط شديداً وزادت سرعة الرياح.

ويقاس اتجاه الرياح بواسطة دوارة الرياح Wind Vane، ويوضحها (شكل دوارة الرياح)، وتعرف الرياح باسم الجهة التي تأتي منها. أمّا سرعة الرياح فتقاس بجهاز الانيمومتر Anemometer، الذي يوضحه (شكل الأنيمومتر وتقاس السرعة بالمتر في الثانية، أو الميل في الساعة، أو العقدة Knot حوالي (11.5 ميل، 18.5 كم)، وتصنف الرياح حسب سرعتها إلى المسميات التي يوضحها (ملحق أسماء الرياح وفق مقياس بوفور Beaufort).

1- أنواع الرياح

ينتج عن حدوث عمليات التوازن الحراري في الغلاف الجوي، وتنوُّع مقدار الضغط الجوي فيه من نطاق إلى آخر، تكوُّن نظام دائم وموسمي من الرياح يتحرك بالقرب من سطح الأرض، وينتقل من مراكز الضغط المرتفع إلى مراكز الضغط المنخفض.

وتنقسم الرياح إلى نوعين رئيسيين هما:

أ- رياح دائمة

وهي التي تهب طول السنة بنظام ثابت وتنقسم إلى ثلاثة أنواع:

- الرياح التجارية The Trades [2]

وتهب من مناطق الضغط المرتفع فوق منطقة مدار السرطان في نصف الكرة الشمالي، وفوق منطقة مدار الجدي في نصف الكرة الجنوبي، وتتجه نحو منطقة الضغط المنخفض الاستوائي الدائم (منطقة الرهو الاستوائي)، كما يوضح (شكل نطاقات هبوب الرياحوتحل هذه الرياح محل الهواء الصاعد عند هذه المنطقة.

-  الرياح العكسية (الغربية) The Westerlies [3]

ويكون اتجاهها جنوبياً غربياً في نصف الكرة الشمالي، وشمالياً غربياً في نصف الكرة الجنوبي، وتندفع هذه الرياح من مناطق الضغط المرتفع شبه المدارية إلى مناطق الضغط المنخفض شبه القطبية. وتتسم هذه الرياح بأنها أشد حرارة من المناطق التي تنساب إليها، لذلك فهي تعمل على تخفيف حدة البرودة.

- الرياح القطبية

وتتجه من مراكز الضغط الجوي المرتفع عند القطبين الشمالي والجنوبي إلى مراكز الضغط المنخفض عند العروض المعتدلة الباردة. وتكون شمالية شرقية في نصف الكرة الشمالي، وجنوبية شرقية في نصف الكرة الجنوبي.

ب- الرياح الموسمية  The Monsoons [4]

تتميز الرياح الموسمية بأنها تغير اتجاهها ما بين الصيف والشتاء. وينحصر نطاق هبوبها فيما بين المدارين، وتنشأ نتيجة لوجود مساحات من اليابس شاسعة الامتداد تجاورها بحار أو محيطات. وبسبب اختلاف الحرارة النوعية لكل من اليابس والماء، فإن مناطق الضغط المرتفع تتكون على المياه (خلال فصل الصيف)، بينما تتكون مناطق الضغط المنخفض على اليابس، فتندفع الرياح من الماء إلى اليابس مسببة أمطاراً موسمية غزيرة. أمّا خلال فصل الشتاء فيحدث عكس هذه الحالة في نظام هبوب الرياح، حيث يتكون نطاق من الضغط المرتفع الفصلي على اليابس، تخرج منه الرياح الموسمية الجافة متجهة إلى المسطحات المائية المجاورة، التي يتمركز فوقها مناطق من الضغط المنخفض. وهكذا تتعرض كل من المسطحات المائية واليابس المجاور لنظام فصلي للرياح، تهب في اتجاهات مضادة من فصل إلى آخر. ويعتبر المحيط الهندي أهم المناطق التي تهب منه وإليه الرياح الموسمية، لذا تعد قارات آسيا أكثر قارات العالم تعرضاً للرياح الموسمية خاصة على سواحلها الجنوبية والشرقية.

ج- الرياح المحلية Local Winds

تعد هذه المجموعة من الرياح ذات تأثير محلي، بمعنى أنها تهب فوق مناطق محدودة الاتساع من سطح الأرض وخلال أوقات زمنية قصيرة.

وتنقسم الرياح المحلية إلى الأنواع التالية:

ـ          رياح تنشأ نتيجة مجاورة اليابس والماء، وهي ما تعرف بنسيم البر والبحر.

ـ          رياح تنشأ نتيجة تنوع الأشكال التضاريسية، وتعرف بنسيم الوادي والجبل.

ـ          رياح ترتبط بالانخفاضات الجوية.

- نسيم البر والبحر Land and Sea Breezes

وتحدث في المناطق الساحلية، بسبب اختلاف الحرارة النوعية لكل من اليابس والماء، حيث يسخن اليابس أثناء النهار بسرعة، فيتمدد الهواء الملامس له وبالتالي يصعد إلى أعلى، ويحل محله هواء بحري أقل منه حرارة، يعمل على تلطيف درجة حرارة اليابس أثناء النهار، ويعرف في هذه الحالة بنسيم البحر Daytime Sea Breeze. أمّا أثناء الليل فيحدث العكس، حيث يبرد اليابس بسرعة فيتكون عليه ضغط مرتفع نسبي، بينما يكون الهواء فوق سطح الماء دفئاً. فيندفع الهـواء من اليابس نحو البحر، وهو ما يعرف بنسيم البر Night - Time Land Breeze. كما يتضح من (شكل نسيم البر والبحر).

-  نسيم الوادي والجبل Mountain and Valley Breezes

نتيجة للاختلافات التضاريسية الملحية لبعض أجزاء من سطح الأرض، تختلف درجة حرارة الهواء الممثل فوق المناطق الجبلية المرتفعة عن حرارة الهواء فوق المناطق السهلية. ففي أثناء النهار، ترتفع درجة حرارة هواء السهول المنخفضة المنسوب عن درجة حرارة الهواء عند القمم الجبلية المجاورة، ومن ثم تقل كثافة هواء المناطق المنخفضة، ويصعد الهواء الساخن نهاراً من السهول إلى أعالي قمم الجبال، ويطلق على الهواء الصاعد الدافئ اسم نسيم الوادي Anabatic Wind. وهو يساعد على سرعة نمو الأشجار المثمرة والنباتات.

أمّا أثناء الليل فيتحرّك الهواء البارد من سطوح الجبال نحو الأودية والمناطق المنخفضة المجاورة. ويعرف هذا الهواء الهابط باسم نسيم الجبل Katabatic Wind. كما يتضح من (شكل نسيم الجبل والوادي).

- الرياح المحلية المرتبطة بالانخفاضات الجوية

وهي تنقسم إلى نوعين هما:

* الرياح المحلية الحارة

وتتمثل في رياح الخماسين على مصر، ورياح السموم على شبه الجزيرة العربية، والهبوب على السودان، والقبلي على ليبيا، والسيروكو على السواحل الشمالية الغربية لأفريقيا (خاصة تونس والجزائر والمغرب). وتعبر البحر المتوسط إلى جزر صقلية وسردينيا، وجنوب فرنسا، والسواحل الشرقية لأسبانيا، ورياح الهرمتان على ساحل غرب أفريقيا. وتهب معظم هذه الرياح في فصل الربيع وتكون محملة بالأتربة والرمال.

* الرياح المحلية الباردة

وتتمثل في رياح المسترال Mistral، على وادي الرون بفرنسا وتهب في فصل الشتاء وهي شديدة البرودة، ورياح البورا Bora الباردة على شمال إيطاليا، ورياح البوسترز Busters على السواحل الجنوبية الشرقية لأستراليا، ورياح النورثر (الشمالية) Norther وتهب على وسط وجنوب الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك رياح محلية أخرى دفيئة في المناطق الجبلية تكتسب دفئها نتيجة هبوبها على منحدرات الجبال مما يؤدي إلى تسخين الهواء، ومنها رياح الفهن Foehn على المنحدرات الشمالية لجبال الألب في سويسرا، ورياح الشنوك Chinook على السفوح الشرقية لجبال روكي، وتعمل هذه الرياح على إذابة الثلوج، إذ تعني كلمة شنوك عند قبائل الهنود الحمر آكلة الثلوج، ورياح سانتا آنا Santa Ana، على الساحل الغربي لولاية كاليفورنيا (الولايات المتحدة الأمريكية).

 



[1] تُعرف مجموعة الغازات المحيطة بكوكب الأرض باسم الهواء، إذا كانت هذه الغازات في حالة سكون. وعندما يتحرك الهواء أفقياً يُعرف بالرياح، في حين أن حركة الهواء رأسياً إلى أعلى أو إلى أسفل تُعرف باسم تيارات صاعدة أو تيارات هابطة.

[2] عُرفت الرياح التجارية بهذا الاسم منذ العصور الوسطى، وقبل اختراع الآلة البخارية، حيث كانت السفن، التي تعبر المحيطات، سفناً شراعية تعتمد على الرياح في تسييرها. وقد كانت هذه السفن تصادف صعوبات شديدة عند عبورها المسطحات المائية الاستوائية التي تعرقل من سيرها (تبعاً لصعود الهواء)، لكن بمجرد خروج السفن من نطاق الرهو الاستوائي، تتعرض لرياح تساعد في تحريكها بسهولة، ومن ثم أطلق البحارة على هذه الرياح اسم الرياح التجارية.

[3] يتعرض الهواء العلوي إلى الهبوط Air Subsidence، عند مناطق عروض الخيل (حيث يمركز نطاق الضغط المرتفع المداري)، وعندما يقترب الهواء من سطح الأرض يُشتت Diverge، وينساب على شكل رياح سطحية، يتجه بعضها نحو مراكز الرهو الاستوائي، وتُعرف باسم الرياح التجارية أو الشرقية The Easterlies، في حين ينساب بعضها الآخر في اتجاه مضاد لهذه الرياح السابقة وتتجه نحو مراكز الضغط المنخفض شبه القطبي في العروض المعتدلة الباردة في نصفي الكرة الأرضية، وتعرف باسم الرياح العكسية أو الغربية.

[4] لفظة Monsoon المستخدمة في اللغة الإنجليزية محوّرة من الكلمة العربية (موسم) Mawsim. وقد أوضح دادلي ستامب أن السبب الرئيسي في نشأة الرياح الموسمية هو الاختلافات الحرارية بين هواء كل من اليابس والمسطحات المائية المجاورة خلال فصول العام.