إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









3

3. المناخ المعتدل

يتميز المناخ المعتدل Temperate Climate بالاعتدال الحراري. وهو نطاق محدود من ناحية القطبَين (الناحية الجنوبية في نصف الكرة الجنوبي، والناحية الشمالية في نصفها الشمالي) بالمناطق التي لا تنخفض درجة حرارتها عن ست درجات مئوية، مدة تزيد على ستة أشهر في السنة. وهو محدود، من ناحية خط الاستواء (ناحية الجنوب في نصف الكرة الشمالي، وناحية الشمال في نصفها الجنوبي) بنطاق المناخ المداري (انظر شكل سيادة المناخ المعتدل). ينحصر، إذاً، إقليم المناخ المعتدل بين خطَّي الحرارة المتساويَين: 18 درجة مئوية نحو خط الاستواء، وثلاث درجات مئوية تحت الصفر نحو القطب، لأبرد شهور السنة.

وتتسم الأحوال الجوية في نطاق المناخ المعتدل، بالاضطراب، وعدم الاستقرار؛ بسبب التقاء الكتل الهوائية المختلفة، وانتشار الضغوط والرياح، والتداخل الملحوظ بين المسطحات المائية واليابسة. ويكون التمايز الفصلي لكلٍّ من الضغط والرياح، والأمطار، ودرجة الحرارة، أكثر وضوحاً، في أجزائه القريبة من خط الاستواء، والمتاخمة لنطاق المناخ المداري. فحركة الشمس الظاهرة، التي يصحبها تنقّل الضغوط الجوية الكبرى، تؤثر تأثيراً شديداً في هذا الجزء من الإقليم، فيسوْده الضغط المداري المرتفع، برياحه التجارية، في فصل الصيف، والرياح الغربية، المصحوبة بالاضطرابات الجوية، في فصل الشتاء. كما أن أجزاء نطاق المناخ المعتدل، المجاورة للنطاق المداري (الجزء الجنوبي من نطاق المناخ المعتدل في نصف الكرة الشمالي، والجزء الشمالي من نطاق المناخ المعتدل من نصف الكرة الجنوبي) لا تنخفض فيها درجة الحرارة، خلال فصل الشتاء، انخفاضاً كبيراً؛ فلا تحول دون نمو النبات. أمّا أجزاؤه المتاخمة للمناطق القطبية، فتنخفض فيها درجة الحرارة في الفصل نفسه، انخفاضاً كبيراً، يحول دون ذلك النمو، في هذا الموسم. ويقسم المناخ المعتدل، بحسب درجة الحرارة في فصل الشتاء، إلى إقليمَين مناخيَّين فرعيَّين، هما: إقليم المناخ المعتدل الدافئ، وإقليم المناخ المعتدل البارد.

أ. إقليم المناخ المعتدل الدافئ

يتميز المناخ المعتدل الدافئ بفصل شتاء قصير، لا يقلّ فيه متوسط الحرارة في أبرد شهور السنة عن ست درجات مئوية؛ وينحصر في النطاق الواقع بين درجتَي العرض 25 و40، شمالاً وجنوباً، في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي.

يستمد الإقليم المعتدل الدافئ تأثراته الصيفية من جهة الشرق، والشتوية من جهة الغرب. ولذلك، يكون فصل الصيف جافاً، في الأطراف الغربية للقارات، وبحرياً في حافاتها الشرقية. أمّا في فصل الشتاء، الذي تكون فيه الدورة الهوائية الغربية أقلّ استقراراً من الدورة الهوائية الشرقية في فصل الصيف، فإن الظروف القارية الجافة، تكون أقل وضوحاً، في الحافات الشرقية للقارات. واستطراداً، فإن مناطق هذا الإقليم، الواقعة في شرقي القارات، تكون مطيرة في فصل الصيف، وشبه جافة في فصل الشتاء؛ بينما تكون أجزاؤه الواقعة في غربي القارات جافة في الفصل الأول، ومطيرة في الثاني.

(1) المناخ المعتدل الدافئ، في السواحل الغربية للقارات

يُعرف المناخ المعتدل الدافئ، في السواحل الغربية للقارات، بمناخ حوض البحر الأبيض المتوسط. ويَعُمّ ذلك الحوض، والساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية في ولاية كاليفورنيا، والساحل الجنوبي الغربي لأستراليا، والأجزاء الجنوبية من القارة الإفريقية، والسواحل الغربية لأمريكا الجنوبية في شيلي. ويتميز هذا الإقليم بالجفاف وارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف، والأمطار الغزيرة والبرودة النسبية في فصل الشتاء، مع اختلافات طفيفة بين المواقع المختلفة، داخل هذا الإقليم الفرعي؛ إذ كلما اقتربت من خط الاستواء، قلّت كمية المطر الشتوي، وتأخر بدء موسمه، وتقدم أوان انتهائه.

ويراوح متوسط الحرارة في أبرد شهور السنة، في أقاليم المناخ المعتدل الدافئ، في غربي القارات، بين 6 و10 درجات مئوية؛ أمّا في أحرّها، فيراوح بين 21 و28 درجة مئوية. ويكون المدى الحراري في السواحل قليلاً؛ ولكنه يزداد بالابتعاد عنها، حيث تضعف التأثيرات البحرية. ويكون التأثير البحري أكثر وضوحاً في سواحل المحيطات، التي تتميز بصيف منخفض الحرارة؛ بسبب التيارات المائية المحيطية الباردة، المتجهة نحو خط الاستواء، والتي تقترب من السواحل الغربية للقارات، في هذه العروض (انظر جدول المتوسط الشهري لدرجات الحرارة، في  عَيِّنات من المناخ المعتدل الدافئ، في غربي القارات).

تتمخض المنخفضات الجوية، وانتقال نطاق الرياح الغربية نحو خط الاستواء، في فصل الشتاء بأمطار هذا الإقليم الشتوية. وينهمر أكثر أمطاره السنوية على السفوح الغربية لسلاسله الجبلية، التي تواجه الرياح الغربية الرطبة، المتصاعدة إلى حيث تبرُد وتتكاثف، فتتساقط مطراً تضاريسياً. أمّا في المناطق غير الجبلية، فإن الأمطار تكون أمطاراً إعصارية.

ويستأثر فصل الشتاء، وشهر يناير خاصة، بأمطار هذا الإقليم المناخي، والتي تراوح كميتها السنوية بين 400 و900 مليمتر، وقد تفوق 1500 مليمتر، على الشواطئ الغربية، ذات السلاسل الجبلية. وهي تتناقص كلما ابتعدت، شرقاً، عن المسطحات المائية، وجنوباً عن مجال تأثيرات المنخفضات الجوية (انظر جدول متوسط الأمطار الشهري، في عَيِّنات من المناخ المعتدل الدافئ، في غربي القارات).

 (2) المناخ المعتدل الدافئ على السواحل الشرقية للقارات

تختلف، في هذا المناخ، السواحل الشرقية والغربية للقارات، في كمية المطر وتوزُّعه. فالرياح التجارية، التي تسبب الجفاف، خلال فصل الصيف، في غربي القارات، تُعَد رياحاً مطيرة، في شرقيها. والرياح الإعصارية، الغربية التي تجلب الأمطار لهذا الإقليم، في غربي القارات، تكون قارية جافة على سواحلها الشرقية. ولذلك، تفتقر السواحل الشرقية، تشاءاً، إلى الأمطارن التي تستأثر بها نظيرتها الغربية؛ ولكنها تستعيض بصيفها المطير الذي يكون جافاً في السواحل الغربية. فأمطار السواحل الشرقية، تتوزَّع، إذاً، على شهور السنة (انظر جدول متوسط الأمطار الشهري، في عَيِّنات من المناخ المعتدل الدافئ، في شرقي القارات)؛ بينما تنحصر أمطار تلك الغربية في أشهر الشتاء.

وشتاء هذا الإقليم معتدل الحرارة، التي يناهز متوسطها عشر درجات مئوية. وصيفه حار، ورطب، نتيجة لهبوب الرياح الجنوبية الشرقية المدارية البحرية؛ إذ تكاد ترتفع إبّانه الحرارة، يومياً، لتفوق 33 درجة مئوية. أمّا متوسط الحرارة، في فصل الخريف، فيراوح بين 15 و25 درجة مئوية؛ وفي فصل الربيع، يراوح بين 10 درجات و20 درجة (انظر جدول المتوسط الشهري لدرجات الحرارة، في عَيِّنات من المناخ المعتدل الدافئ، في شرقي القارات).

ب. إقليم المناخ المعتدل البارد

هو نطاق من المناخ المعتدل، شتاؤه بارد طويل، يمنع نمو النبات، ويعوق النشاط الزراعي، ويفصل بينه وبين الإقليم المعتدل الدافئ خط الحرارة، البالغ ست درجات مئوية، في أبرد شهور السنة.

(1) الضغط الجوي والرياح

تكون الرياح الغربية، السائدة في الإقليم المعتدل البارد، مستقرة في طبقات الجو العليا؛ ولكنها مضطربة، قرب سطح الأرض؛ بسبب مرور المنخفضات وأضدادها، والتغيرات الفصلية في نُظُم الضغط القارية. ففي فصل الشتاء، ينشأ، في نصف الكرة الشمالي، ضغوط مرتفعة قارية، في أواسط القارات، وضغوط منخفضة على المحيطات. ينشأ عنها نُظُم من الرياح، يميل اتجاهها إلى الجنوب الغربي، على طول الحافات الغربية للقارات؛ وإلى الشمال الغربي، على نظيراتها الشرقية. أمّا أواسط القارات، فتكون تحت سيطرة الضغوط المرتفعة.

وفي فصل الصيف، تسيطر على أواسط القارات منخفضات قارية كبيرة؛ وتكاد بينما تختفي المنخفضات المحيطية تقريباً. ولذلك، يكون الاتجاه الرئيسي للرياح غربياً، على الأجزاء الغربية للقارات، وجنوبياً غربياً على الأجزاء الشرقية.

 (2) الحرارة

تتباين درجات الحرارة في أجزاء المناخ المعتدل البارد. ويسهم القرب من البحار والمحيطات والبعد عنها، بدور كبير في ذلك؛ إذ يزداد التطرف الحراري، بازدياد الابتعاد عن السواحل، والتوغل في اليابسة؛ حيث يهبط المتوسط الشهري للحرارة، في بعض أشهر الشتاء، إلى 14 درجة مئوية تحت الصفر، ويفوق 27 درجة مئوية في بعض أشهر الصيف. وتناهز الحرارة العظمى، في هذه المناطق الداخلية، 49 درجة مئوية، في فصل الصيف؛ وتنخفض نقيضتها الصغرى إلى أقلّ من 23 درجة مئوية تحت الصفر. وتبلغ الحرارة تهايتَيها: العظمى والصغرى في يوليه  ويناير.

أمّا في المناطق الساحلية، من الإقليم المعتدل البارد، فإن المدى الحراري السنوي، لا يتعدى ثماني درجات مئوية؛ ويندر الصقيع، وتجاوز متوسط الحرارة، في أحر الأشهر، 24 درجة مئوية. وتتأخر النهايتان: العظمى والصغرى، في المناطق الساحلية، عن نظيرتيهما في المناطق القارية من الإقليم نفسه؛ إذ تواطئان في أغسطس وفبراير.  كما يكون فصل الخريف، دائماً، أحر من فصل الربيع، في الأقاليم الساحلية (انظر جدول المتوسط الشهري لدرجات الحرارة، في عَيِّنات من المناخ المعتدل البارد).

 (3) الأمطار

تَغْزُر الأمطار على السواحل الغربية للقارات، في هذا الإقليم المناخي؛ وتتناقص كلما اتجهت نحو الشرق؛ إذ إن الرياح، التي جلبتها، هي رياح غربية (انظر جدول متوسط الأمطار الشهري، في عَيِّنات من المناخ المعتدل البارد). وتزداد غزارة، إنْ واجهت تلك الرياح سلاسل جبلية، قرب السواحل، فتراوح كميتها السنوية بين 200 سنتيمتر و250 سنتيمتراً، بل قد تصل إلى 500 سنتيمتر في بعض الأماكن، مثل: مدينة هوكتيكا في جزيرة نيوزيلاندا، ومدينة باهيافيلكس في شيلي في غربي أمريكا اللاتينية؛ وكلتاهما تقع في نصف الكرة الجنوبي، حيث الرياح الغربية أشد قوة، والمسطحات المائية أكبر اتساعاً.

أمّا المناطق الواقعة على السواحل الشرقية للقارات، من هذا الإقليم المناخي، فإن هناك مصدراً آخر للأمطار، هو المصدر الموسمي، في فصل الصيف، كما هو الحال في شمال شرقي الصين، واليابان.

وتتساقط الثلوج، كلّ عام، في جميع أرجاء الإقليم المعتدل البارد سواء في المناطق الساحلية أو الداخلية، أو الأجزاء الجنوبية أو الشمالية؛ إلاّ أن الغطاء الثلجي لا يبقى طويلاً، إلا في المناطق الداخلية القارية. وتقلّ فترة تساقطه في الجنوب والغرب، فتبلغ مثلاً، 47 يوماً في وارسو في بولندا، و24 يوماً في برلين في ألمانيا، و14 يوماً في باريس في فرنسا، وثلاثة أيام في جزيرة سيلي.