إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

هـ. التسرب

التسرب، أو الرشح Infiltration، هو إحدى مراحل الدورة الهيدرولوجية Hydrologic Cycle. ويقصد به العملية التي ينتج منها تسرب جزء من مياه الأمطار في التربة، بدلاً من التجمع فوق سطحها، ثم الجريان، على شكل سيلان Rills، أو جريان صفائحي Sheet Flow، إلى القنوات المائية (انظر شكل عملية التسرب). وهو مصدر رطوبتها في التربة التي تقوم عليها الزراعة، وتنمو عليها النباتات الطبيعية، والتي تغذي المياه الجوفية، تسهم في تجوية الصخور والمعادن، لتكوين التربة.

ويعتمد معدل تسرب الماء في التربة على العديد من العوامل، أهمها: حجوم حبيباتها، وطريقة تراصّ الحبيبات، ومدى تجانس حجومها، وبنْية التربة ومدى اتصال مسامّها، وصوديتها، وكثافة جذور النباتات، وأنواع معادن الطين، والفارق في جهد ماء التربة.

1. حجوم حبيبات التربة

كلما كبرت حبيبات التربة Particle size، كانت الفجوات بينها أكبر حجماً؛ ما يسهل عملية حركة الماء فيها، بسبب  قلة الاحتكاك (انظر شكل حبيبات التربة ومعدل الرشح).

2. طريقة تراصّ حبيبات التربة

طريقة تراصّ حبيبات التربة Packing، تؤثر في معدل التسرب، بتحكمها في كلٍّ من مسامية، التربةً ونفاذيتها. ففي التراصّ المكعبي Cubic، تكون المسامية عالية، وحجم الفراغ الواحد كبيراً؛ ما يجعل النفاذية عالية. أما إذا تراصّت حبيبات التربة، على شكل سداسي موشوري Rhombohedral، فإن مساميتها تنخفض، ويصغر حجم الفراغ الواحد؛ ما يجعل نفاذيتها منخفضة (انظر شكل رص حبيبات التربة ومعدل الرشح).

3. مدى التجانس بين حجوم حبيبات التربة

يؤثر مدى تجانس حجوم حبيبات التربة Sorting، في كلٍّ من نفاذيتها ومساميتها؛ ومن ثَم، في معدل الرشح؛ إذ كلما كانت حجوم الحبيبات أشد تجانساً، كانت مسامية التربة عالية، وحجم الفراغ الواحد كبيراً؛ ما يجعل نفاذيتها عالية. وإذا كانت غير متجانسة، فإن الأصغر حجماً منها، تسد الفراغات بين كبيراتها؛ ما يحد من مسامية التربة، ويقلل من حجم الفراغ الواحد؛ فينخفض معدل الرشح (انظر شكل تجانس حجم حبيبات التربة ومعدل الرشح).

4. أشكال حبيبات التربة

تؤثر أشكال حبيبات التربة Particle shape، في الحجم الكلي للفراغات بينها، وفي حجم الفراغ الواحد؛ ومن ثَم، في معدل تسرب المياه. فعندما تكون الحبيبات كروية، فإنه لا بدّ أن يكون هناك نسبة فراغ، تراوح بين 25.65% في التراصّ الموشوري السداسي، و47.65% في التراصّ المكعبي (انظر شكل حبيبات التربة ومعدل الرشح). أما إذا كانت الحبيبات على شكل مكعبات متراصّة بطريقة خاصة، فإن المسامية، ومعدل التسرب، ينخفضان إلى حدٍّ بعيد (انظر شكل أشكال حبيبات التربة ومعدل الرشح).

5. بنْية التربة

يقصد ببنْية التربة Structure مدى تجمّع حبيباتها وتكونُّها مجموعات ثانوية Aggregates. فقد تكون التربة عديمة البناء، أي ليس لحبيباتها تجمعات ثانوية. وقد يكون هناك بناء واضح، يأخذ الشكل الطبقي، أو الكتلي أو المنشوري. ويكون معدل التسرب في الترب ذات البناء الواضح، أعلى منه في تلك العديمة البناء؛ إذا تساوت الخصائص الأخرى، لأن الماء، تسهل حركته في الفتحات الكبيرة، بين التجمعات الثانوية ذات الحجم الكبير.

6. مدى اتصال مسام التربة

يحُوْل انسداد المسام دون حركة الماء فيها. وهو ما يعتري، عادة، الصخور؛ إلا أنه قد ينتاب التربة، بسبب انسداد بعض مسامها بالمواد اللاحمة، مثل: السليكا SiO2، والكلس CaCO3، وأكاسيد الحديد Fe2O3، والجبس CaSO4. 2H2O.

7. صودية التربة

صودية التربة، أو ارتفاع نسبة تركُّز أيون الصوديوم الأحادي الشحنة Na+، إلى تركُّز أيونَي الكالسيوم Ca2+ والمغنيسيوم Mg2+ الثنائيَّي الشحنة، في محلول التربة ـ تُعَدُّ من أهم المؤثرات في معدل الرشح. ويبدأ تأثير الصودية في الخصائص الفيزيائية للتربة، حينما ترتفع في محلولها، إلى حد معين نسبة كاتيون الصوديوم إلى الكاتيونات الثنائية الشحنة (Ca2+, Mg2+). ويتمثل تأثيرها في تفكُّك تكتلات التربة (soil aggregates) كتلاً ثانوية أصغر؛ إضافة إلى تشتُّت معادن الطين، ثم ترسُّبها في مسامّها وعلى سطحها؛ ما يُصَلب قشرتها (surface crusting)، ويخفِّض مساميتها ونفاذيتها؛ فيقلّ معدل الرشح. وهو ما تعانيه الأراضي الزراعية المروية، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على معدل الرشح، وقابلية التربة لتوصيل الماء و الهواء (النفاذية)، وتكتلاتها، التي تتحكم في سهولة الحرث (tilth).

وتحطُّم تكتلات التربة، وتشتُّت معادن الطين، يسببهما بعض التفاعلات الفيزيو ـ كيماوية بين الكاتيونات، في محلول الأولى وسطوح الثانية. ويمكن فهْم هذه الآلية، في ضوء معرفة أن غلاف الكاتيونات، حول سطوح معادن الطين، يخضع لقوّتَين متعاكستَين:

ـ انجذاب الكاتيونات، بالقوى الإلكتروستاتيكية، إلى سطوح معادن الطين السالبة الشحنة.

ـ مَيْل الكاتيونات إلى الانتشار (diffuse)، بعيداً عن سطوح معادن الطين، حيث يكون تركُّزها، بالنسبة إلى بقية المحلول المائي، مرتفعاً؛ ما ينجم عنه انخفاض ذلك التركُّز وفقاً للابتعاد عن تلك السطوح.

وتنجذب الكاتيونات الثنائية الشحنة إلى سطوح معادن الطين السالبة الشحنة، بقوة تساوي ضعف قوة انجذاب نظائرها الأحادية الشحنة؛ ما يسفر عن انضغاط غلاف الكاتيونات، حول سطوح معادن الطين. ويزداد انضغاطه بازدياد الملوحة الكلية للمحلول المائي؛ لأن نزعة الكاتيونات إلى الانتشار، بعيداً عن سطوح معادن الطين، تقلّ بقلة الاختلاف في تركُّز الأيونات، بين الجزء من المحلول القريب من تلك السطوح وبقية المحلول المائي.

ولذا، فإن الترب، التي يزيد في محلولها المائي نسبة كاتيونات الصوديوم الأحادية الشحنة (Na+) إلى نظيراتها الثنائية الشحنة (Ca2+, Mg2+)؛ وتكون فيها الملوحة الكلية منخفضة ـ يكون فيها أغلفة الكاتيونات، حول سطوح معادن الطين، منضغطة؛ ما يسفر عن تداخلها، وتنافر صفائح تلك المعادن (تشتت)؛ وزيادة كمية المحلول المائي، المحبوس بين تلك الصفائح (انتفاخ). وينجم عن ذلك ترسُّب معادن الطين في مسامّ الترب (انخفاض مسامية التربة ونفاذيتها)، وعلى سطحها؛ لتكوِّن قشرة صلبة، تحدّ كثيراً من معدل رشح مياه الأمطار أو الري إليها؛ كما تعوق عملية الإنبات، في مراحلها الأولى.

وتقييم مدى الخطر على الخصائص الفيزيائية للتربة، الناجم عن ازدياد نسبة الصوديوم فيها؛ ومن ثَم، معدل الرشح ـ يتأتّى بحسبان:

أ.  نسبة ادمصاص الصوديوم SAR، التي تتمثل في نسبة تركُّز كاتيون الصوديوم الأحادي الشحنة، إلى تركُّز الكاتيونات الثنائية الشحنة (الكالسيوم Ca2+ والمغنيسيوم Mg2+)، في محلول مستخلص التربة؛ كما في المعادلة التالية:


 


والأقواس تعني تركُّز الأيونات في المليمول، المكافئ لتراً واحداً.

ب. التركُّز الكلي للأملاح الذائبة في محلول مستخلص التربة.

وبتوقيع هذَين المتغيرَين، على رسم بياني ثنائي الإحداثية: إحداهما تمثّل الملوحة الكلية، والثانية، نسبة ادمصاص الصوديوم؛ وموضح عليه الخط الفاصل (القِيم الحدّية) بين المنطقة المتوقع تصلُّب قشرة تربتها وانخفاض مساميتها ونفاذيتها، والمنطقة التي لا يتوقع ذلك فيها ( انظر شكل تدني معدل رشح التربة).

8. كثافة جذور النبات

توغُّل جذور النبات في التربة، يكون مسامية ثانوية، تزيد من معدل الرشح، وخاصة بعد موتها وتحلُّل بعضها، تاركة مسامّ كبيرة، متصلة، في التربة. لذلك، فإنه كلما ازدادت كثافة جذور النبات فيها، ازداد معدل الرشح.

9. أنواع معادن الطين

يتسم بعض معادن الطين بخاصية الانتفاخ، حينما تزداد نسبة الرطوبة في التربة؛ وذلك لاحتباس جزيئات الماء داخل البناء البلوري لتلك المعادن، ولاسيما معدن المونتموريلونيت Montmorillonite، الذي ينخفض معدل التسرب حيثما ارتفعت نسبته.

10. الفارق في جهد ماء التربة

يتناسب معدل حركة الماء في التربة، طردياً، مع كلٍ من مقدار الفارق في الجهد الكلي لمائها، ومعامل التوصيل؛ وعكسياً، مع المسافة الفاصلة بين النقطتَين المَقِيس فيهما الجهد؛ كما هو واضح من قانون دارْسي Darcy’s Law:

Q =  K

ψ

L

 

Q= مقدار الماء المتحرك إلى وحدة مساحة وزمن.

K= معامل التوصيل الهيدروليكي، أو سرعة تدفق الماء في التربة المشبعة به.

ψ = الجهد الكلي لماء التربة، وهو مجموع جهد الشد Matric potential، وجهد الجاذبية Gravitational ، والجهد الأسموزي Osmotic وجهد الضغط Pressure:

Ψt = Ψm + Ψg + Ψo + Ψp

 

Ψt = الجهد الكلي لماء التربة.

Ψm= جهد الشد Matric potential.

Ψg  = جهد الجاذبية Gravitational potential.

Ψo = الجهد الأسموزي Osmotic potential.

Ψp = جهد الضغط Pressure potential.

 

لذلك، كلما كانت التربة جافة، كان الفارق في جهد الشد كبيراً، بين داخلها وسطحها المشبع بالماء؛ ما يوجد فرقاً كبيراً في الجهد الكلي لمائها؛ ومن ثَم، يزيد معدل الرشح. ومع استمرار الرشح، تزداد نسبة الرطوبة في الطبقة العلوية من التربة، وينخفض الفارق في جهد الشد، في هذه الطبقة؛ ما يجعل معدل الرشح يتناقص، تدريجاً، حتى يصل إلى مقدار معامل التوصيل الهيدروليكي K، الذي يمثل معدل حركة الماء في التربة المشبعة بالماء، أي التي يكون فيها جهد الشد صفراً (انظر شكل تناقص معدل الرشح).