إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

2. غابات العروض الوسطى

تمتد نُطُق الغابات فيما وراء المدارَين، في نصفَي الكرة الأرضية: الشمالي والجنوبي، امتداداً غير متوازن. ففي حين تغطي الغابات ما بين دائرتَي العرض 30ْ و80ْ، في النصف الشمالي، ممتدة على شكل نطاق عريض متصل، في تلك العروض، في أوراسيا وأمريكا الشمالية؛ فإن الغابات لا تظهر في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، وراء دائرة العرض 25ْ، جنوباً، إلا في نُطُق ضيقة، متقطعة، في جزر نيوزيلندا الجديدة، وتسمانيا، وأقصى جنوبي أمريكا الجنوبية، وجنوبي إفريقيا، وأستراليا.

ولهذه النُطُق نظام حراري، يمتاز بوجود فصول معتدلة إلى حارة، وأخرى باردة. كما يوجد تباين مناخي بين الجهات، التي تتعرض للمؤثرات المحيطية؛ لوقوعها على السواحل أو قربها، وتلك التي توجد داخل القارات. فالأولى، يتسم شتاؤها بالاعتدال، وقد تتمتع بالرطوبة، طوال العام، بينما يتسم شتاء الثانية بالبرودة الشديدة، وصيفها بالحرارة، ويمر بها فصل جفاف.

ويمكن أن نميز في العروض المعتدلة بين أربعة أنواع من الغابات:

أ. الغابات دون المدارية، في شرقي القارات.

ب. غابات مناخ البحر المتوسط، في غربي القارات.

ج. الغابات النفضية والمخروطية المختلطة.

د. الغابات النفضية والمخروطية المختلطة

أ. الغابات دون المدارية، في شرقي القارات

تمتد الغابات دون المدارية الرطبة Wet subtropical forests على السواحل الشرقية للقارات، فيما بين دائرتَي العرض 30ْ و40ْ تقريباً. وهي العروض نفسها، التي تمتد فيها غابات مناخ البحر المتوسط، في غربي القارات؛ إلا أن الغابات الأولى أكثر ميلاً إلى خط الاستواء من الثانية.

ويسود هذه العروض المناخ، الذي يطلق عليه، أحياناً، مناخ جنوبي الصين؛ وهو يتسم بصيف حار، وشتاء معتدل؛ إذ إن الحرارة، لا تنخفض، في أبرد الشهور، إلى ما دون درجة صفر النمو؛ ولكنها تهبط شتاءً، إلى ما دون 18ْ مئوية؛ ولذلك، يصنف هذا الإقليم ضمن الأقاليم دون المدارية. ويراوح المعدل السنوي للامطار بين 100 و200 سم. ويستمر سقوطها طوال العام، وإن كانت قمة تركزها في فصل الصيف؛ لتأثر تلك العروض بالرياح الموسمية. ولاختفاء الفصل الجاف، في هذا الإقليم، أثر في الغلاف النباتي؛ إذ أتاح الفرصة لنمو أنواع، لا توجد في الإقليم المشابه له، في غربي القارات.

(1) الرقعة المكانية

يمتد الغطاء النباتي لهذا النوع من الغابات، فوق الأراضي، التي يسودها مناخ الحافة الشرقية، في العروض المعتدلة الدفيئة، دون المدارية؛ ولاسيما في إقليم جنوب شرقي الصين، وجنوبي اليابان، وجنوبي كوريا، وجنوب شرقي الولايات المتحدة. وفي نصف الكرة الأرضية الجنوبي، يسود الغطاء النباتي للغابات دون المدارية، الرطبة، جنوب شرقي أستراليا، وفي جنوب شرقي البرازيل؛ وإقليم ناتال، في جنوب شرقي إفريقيا (انظر شكل الرقعة المكانية للغابات دون المدارية).

(2) الغطاء النباتي

تختفي في هذا الإقليم النباتات، التي لا تتحمل برودة الشتاء، مثل نخيل جوز الهند. وقد تنفض بعض الأشجار أوراقها، في الأجزاء الشمالية، التي تنخفض فيها درجات الحرارة كثيراً، خلال فصل الشتاء. إلا أنه ليس لهذه النباتات أيّ أنماط حيوية لمقاومة الجفاف، أو للتأقلم مع نقص الرطوبة، كما هو الحال في الغابات المدارية الشوكية؛ وذلك لعدم وجود نقص واضح، في كميات الأمطار، في أي فصل من فصول السنة.

وتمتاز الغابات دون المدارية، الرطبة، في شرقي القارات، بالكثافة، واحتفاظ معظم أشجارها بالخضرة الدائمة، مثل أشجار: الزان Beech، والجوز Walnut. وتظهر أنواع أخرى من الأشجار، بالاتجاه نحو خط الاستواء؛ إذ تكثر السرخسيات Ferns، والنباتات المتسلقة، أو الكافور؛ والقاب الهندي Bamboo، الذي يعد أطول أنواع النباتات النجيلية، إذ يصل ارتفاعه إلى قرابة 30 متراً. وبالاتجاه شمالاً، تزداد الأشجار دائمة الخضرة، والأشجار المخروطية، إبرية الأوراق؛ والأشجار عريضة الأوراق (انظر صورة الغابات دون المدارية).

ويمكن القول، إن نظام الحياة للنباتات، في هذه النُطُق، نظام انتقالي، وسيط بين الأقاليم المدارية والمعتدلة. فالأشجار والشجيرات النفضية، التي تعد امتداداً لرقعة نباتات الأقاليم المعتدلة، توجد في الشمال، ومن أهمها السنديان؛ إلى جانب الأشجار والمتسلقات دائمة الخضرة، من النوع المداري؛ وهو ما يفسر تعدُّد فترات الازهرار، طوال السنة. ولذلك، يطلق عليها الغابات المختلطة. وكثير من أشجار هذا الإقليم ذات قيمة اقتصادية كبيرة؛ فهي مصدر للخشب شديد الصلابة، مثل أشجار: البلوط، والاسفندان، والجوز، والجيتور، والسوسن. وتمتاز أشجار هذا الإقليم بأوراقها الغليظة، البيضية الشكل، ما يجعلها تخالف كثيراً نباتات البحر المتوسط، الصغيرة الأوراق، غربي القارات. وربما يعزى ذلك إلى عدم وجود فصل جاف، في هذا الإقليم، مقارنة بإقليم البحر المتوسط.

(3) التربة

يسود أراضي هذه الغابات عدة أنواع من الترب، في الأقاليم المختلفة؛ ولاسيما ترب الغابات الحمضية، غير المشبعة بالقواعد، التيسولز Ultisols؛ والترب الأمورفية العضوية، سبودوسولز Spodosols، التي تتكون، في الغالب، من رواسب رملية غنية بالمرو، وتركز حوامض المادة العضوية في الآفاق السطحية.

(4) الحياة الحيوانية

تفتقر هذه الغابات إلى الحياة الحيوانية؛ لأنها تنتشر في عروض، يلائم مناخها النشاط البشري؛ فازدادت كثافتها السكانية، واقتطعت معظم غاباتها، وحل محلها نشاط، زراعي ورعوي، منظم.

وتقتصر الحياة الحيوانية فيها على أنواع من القنافذ Erinaceidee، والوطاويط، وبعض الأرانب، وبعض القوارض، مثل اليربوع؛ إضافة إلى أعداد وافرة من الطيور، التي تعتمد على ثمار الأشجار. أمّا حيواناتها اللاحمة، فمنها: الذئاب، والكلاب، وبنات آوى، والثعالب.

ب. غابات مناخ البحر المتوسط في غرب القارات

(1) الرقعة المكانية

هذا النوع النباتي، ليس محصوراً في سواحل البحر المتوسط؛ وإنما يشمل جميع الأراضي، التي تقع في العروض نفسها، في غربي القارات، حيث يسود المناخ المتوسطي، بين دائرتَي العرض 30ْ و40ْ، شمال خط الاستواء وجنوبه. وقد حمل انتشار ذلك النوع من الغابات حول البحر المتوسط، وقِدم معرفة الناس به، على تعميم المناخ المتوسطي، ليشمل جميع المناطق المناخية الشبيهة به؛ تسميه للكلّ باسم الجزء.

وتمتد الرقعة النباتية لهذا الإقليم، على سواحل البحر المتوسط، فتشمل سواحل آسيا الصغرى، وشبه جزيرة البلقان، وجنوبي إيطاليا، وجنوبي فرنسا، وإيبريا، وشمال غربي إفريقيا، وسواحل الشام؛ إضافة إلى امتدادها في كاليفورنيا، وفي نُطُق ضيقة في النصف الجنوبي، في غربي القارات، في تشيلي، وجنوبي إفريقيا، وجنوبي أستراليا، وشمالي نيوزيلاندا (انظر شكل الرقعة المكانية لغابات مناخ البحر الأبيض المتوسط).

(2) الغطاء النباتي

يمتاز مناخ هذه المناطق بالحرارة والجفاف، في فصل الصيف، والدفء والمطر، في الشتاء؛ ما يجعل عوامل عدة، تؤثر في غطائها النباتي، أهمها:

ـ  سقوط الأمطار في فصل الشتاء فقط، واحتباسها ستة أشهر، على الأقل؛ ما يسهم في جفاف الصيف.

ـ ارتفاع الحرارة في الصيف؛ إذ لا يقلّ متوسطها عن 21ْ مئوية.

ـ  عدم انخفاض الحرارة، في الشتاء، إلى ما دون صفر النمو، إلا قليلاً؛ إذ يبلغ متوسطها، في أبرد الشهور 6.5ْ مئوية.

ـ  وفرة ضوء الشمس، خاصة في فصل الصيف.

تلائم درجات الحرارة النمو طوال العام، في هذا الإقليم؛ إلا أن جفاف فصل الصيف الحار، يعوق استمراره، بل يهلك الأعشاب، ويوقف نمو الأشجار. أمّا الفصل الممطر، فلا يوافق فصل النمو.

وتضم غابات البحر المتوسط أشجاراً وشجيرات دائمة الخضرة، قادرة على مقاومة الجفاف والحرارة المرتفعة، في فصل الصيف. وتتأقلم الأشجار مع فصل الجفاف الطويل، بأنماط حيوية، تساعدها على ذلك؛ منها اللحاء السميك، واكتساء الأوراق بطبقة شمعية، وتعميق الجذور وانتشارها. وتباعد الأشجار بعضها عن بعض، يوفر لها كمية ملائمة من الرطوبة.

ويظهر تأثر الأشجار بالجفاف في صغر حجمها. وتكون أوراقها صغيرة، ملساء، سطحها صقيل، مثل أشجار الزيتون؛ أو تكون أوراقها إبرية، مثل أشجار الصنوبر. أمّا أشجار الكروم، فتقاوم الجفاف بمد جذورها، مسافات طويلة، في التربة. والسمة العامة لهذه النباتات، أنها لا تنفض أوراقها، في فصل الجفاف، وتكتفي بمظاهر التأقلم الأخرى مع الجفاف.

وهناك تنوُّع مكاني، في أنواع الأشجار السائدة في هذا النطاق، من إقليم إلى آخر. ففي حين تكثر أشجار البلوط، وبعض الأشجار المخروطية، مثل الأَرز، في نصف الكرة الشمالي؛ تسود أشجار الكافور أستراليا؛ وتتوافر أشجار الورد في تشيلي.

ويقتصر نمو الأشجار على فصلَين رئيسيَّين، خلال السنة: أحدهما، في أوائل الربيع، قبل اشتداد حرارة الصيف؛ والآخر، في الخريف، حين تعتدل درجات الحرارة، وتبدأ معدلات الرطوبة بالارتفاع. وفي فصل الشتاء، يضعف انخفاض درجات الحرارة نمو النبات، الذي قد يتوقف، نتيجة لانخفاضها الشديد، في الحافات الشمالية للإقليم، في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وفي حافاته الجنوبية، في النصف الجنوبي. لذلك، فإن معظم الأشجار، في غابات البحر المتوسط، هي متوسطة الارتفاع، ويندر وجود الأشجار الضخمة، شديدة الارتفاع، إلا حيث تساعد ظروف التربة والمناخ على سرعة النمو.

وتسبب الفوارق الكبيرة في كميات التساقط المطري، في أنحاء هذا الإقليم، في تمايز أنماط الغطاء النباتي؛ ويمكن تمييز نمطَين رئيسيَّين منها:

ـ الغطاء النباتي، في المناطق الرطبة.

ـ الغطاء النباتي، في المناطق شبه الجافة.

(أ) الغطاء النباتي، في المناطق الرطبة

تشمل المناطق الرطبة جميع المناطق، التي يزيد فيها التساقط السنوي على 400 ملم. ويظهر غطاءها النباتي خير ظهور، على السواحل الشمالية للبحر المتوسط. وتكثر فيها أشجار البلوط الفليني Carkook، والبلوط الوبري. وتظهر الأشجار على شكل تجمعات أو أحراج، يتخللها العشب؛ يطلق عليها، في جنوبي أوروبا، ماكي Maquis؛ وفي كاليفورنيا، تشابرال Chaparral.

(ب) الغطاء النباتي في المناطق شبه الجافة

الغطاء النباتي، في هذه المناطق، هو أكثر ضعفاً منه في المناطق الأخرى من الإقليم. وتبدو الأنماط الحيوية الخاصة لنباتاته، المقاومة للجفاف. كما تبدو أشجاره أكثر قِصرأ وتباعداً، قليلة التجمع، كثيرة التشتت، تتخذ شكل أحراج وتجمعات شجرية صغيرة متباعدة.

تسود تلك الظاهرة جميع نُطُق هذا الإقليم، التي يقلّ فيها معدل التساقط عن 400ملم؛ وخاصة على الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط، والحافات الجنوبية للإقليم، في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وحافاته الشمالية، في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

ولأشجار هذا الإقليم جذوع سميكة، وبنِّية خشبية قوية. وتتخذ نباتاته، في غربي أستراليا، شكل غابات كثيفة، تتكاثر فيها أشجار الكاري Karri، والجارة Jarrah.

وفي حوض البحر المتوسط، والجزر الواقعة فيه خاصة، ينتشر نمط نباتي من نوع خاص، يطلق عليه الجاريك Garique. يرتبط وجوده بالترب الجيرية. ويمتاز بنباتات منخفضة، من شجيرات شوكية قصيرة؛ إضافة إلى الأعشاب الفطرية، وأشجار البلوط والصنوبر. ونباتات هذه المناطق، هي من النوع الشوكي، ذي الأزهار اللامعة، القصيرة العمر، مثل: عشب القانس، وأشجار الرثم. وكثير من نباتاتها عطري، ذكي الرائحة، مثل: الخزامى، والقصعين، والزعتر.

يسهم التغير في طبوغرافية الأرض، في تبدُّل المظهر النباتي لإقليم البحر المتوسط. إذ يسفر ازدياد المطر، على المرتفعات، عن غابات جبلية، أشجارها نفضية، عريضة الأوراق؛ وربما نجم ذلك عن عدم اقتصار المطر على فصل الشتاء.

(3) التربة

تربة إقليم البحر المتوسط، هي في الغالب، من نوع تربة الأراضي الجافة Aridsols، السمراء، التي تكونت، في الظروف المتوسطية، فوق التربة الوردية[4]. ولكنها، في أماكن كثيرة من هذا الإقليم، في حالة تقهقر وتدهور؛ نتيجة لسوء الاستغلال، واجتثاث الأشجار، والحرائق، والرعي الجائر.

وتسود التربة الصحراوية الرمادية ،Grey desert soil، كثيراً من المناطق الداخلية؛ ويطلق عليها سيروزيم Sierozem. وهي تربة رديئة النمو، يقلّ فيها الدبال؛ بسبب قلة التساقط، وضعف الغطاء النباتي.

(4) الحياة الحيوانية

تقتصر الحياة الحيوانية على أعداد من الطيور، وبعض الحيوانات: العاشبة واللاحمة، الصغيرة والمتوسطة، مثل: فئران الحقول Vole، والسناجيب، والأرانب، والأيائل؛. ومن الحيوانات اللاحمة: الوشق الأوروبي European Lynx، والقط الوحشي الأوروبي، والثعالب، والذئاب والبوم.

ج. الغابات النفضية

(1) الرقعة المكانية

تسود الأشجار النفضية بشكل واضح جداً، فيما بين دائرتَي العرض 40ْ و60ْ شمال خط الاستواء وجنوبه، في غربي القارات. وتظهر هذه الغابات، في أحسن حالاتها، في إقليم غربي أوروبا. وتمتاز العروض، التي تغطيها هذه الغابات، بشتاء شديد البرودة؛ ينخفض، طواله، متوسط الحرارة الشهرية عن 6 درجات مئوية. ويراوح متوسط الحرارة لأبرد شهور السنة، بين 5ْ و5ْم تحت الصفر؛ بينما يراوح متوسط حرارة أشد الشهور، بين 15ْ و20ْ مئوية، ودرجة حرارة الصيف معتدلة. ويستمر سقوط الأمطار طوال العام بشكل متقطع، ويراوح معدلها السنوي بين 600 و1000ملم.

تمتد هذه الغابات من سواحل غربي أوروبا، نحو الشرق، في وسط القارة، على طول سهلها الشمالي، حتى نهر الألب. وتتناقص بالاتجاه شرقاً، نتيجة لتناقص كميات المطر الصيفي، في وسط القارة؛ ويحل محلها غطاء الاستبس العشبي، في الشرق. وفي أمريكا الشمالية، تغطي غابات الأشجار النفضية ما بين دائرتَي العرض 35ْ و60ْ، شمالاً، في شرقي القارة الأمريكية الشمالية ووسطها. وتغطي، في قارة آسيا، مساحات واسعة، في كلٍّ من منشوريا واليابان، وبعض جهات الصين.

وتقتصر في نصف الكرة الجنوبي، على مساحات شريطية ضيقة، في جنوب تشيلي، والأطراف الجنوبية لجزيرة تسمانيا، وبعض أجزاء نيوزيلندا (انظر شكل الرقعة المكانية للغابات النفضية).

(2) الغطاء النباتي

تعرض معظم أجزاء الغابات النفضية، وخاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية، للإزالة والتقطيع (انظر صورة أثر النشاط البشري)؛ وإن كان بعض خلاياها، لا تزال قائمة، في هذه المنطقة. وأهم أنواع الأشجار النفضية، في النطاق الأوروبي: الزان الأوروبي Fagus sylvatica، الذي تتركز أشجاره في النٌّطُق الجبلية، في هضاب أوروبا، حيث تتوافر له الرطوبة المرتفعة؛ والبلوط Quercus (Oak)، وخاصة بلوط روبور Robur الذي يسود الأراضي المنخفضة، وشمالي فرنسا، والجزر البريطانية؛ إلى جانب الزان والفرغار Vlms (Elm)، اللَّذَين يتنافسان في الموارد، فوق الترب الكلسية جيدة الصرف، وخاصة في السهول ذات المناخ المحيطي العالي الرطوبة. ويكثر بلوط بترا Petraea، والبتولا Betula، فوق الترب الغنية، قليلة العمق.

وتنتشر أنواع أخرى، من البلوط والكستناء Castanea، في جنوبي القارة الأوروبية؛ منها: بلوط سيريس، والدلب الكاذب، والجميز.

وتفتقر أوروبا، مقارنة بأمريكا الشمالية، إلى الأنواع النباتية، التي انقرض كثير منها، نتيجة للفترات الجليدية، التي غطت أوروبا، خلال الزمن الجيولوجي الرابع. وعلى الرغم من تعرُّض أمريكا الشمالية للظروف الجليدية نفسها، إلا أن امتداد سلاسل مرتفعاتها، بين الشمال والجنوب، مكن النبات من الهجرة، جنوباً، خلال الفترات الجليدية، ثم العودة، شمالاً، بعد سيادة الدفء؛ بينما حالت دون ذلك الحواجز الجبلية العريضة، الممتدة بين الشرق والغرب، في أوروبا

وفي أمريكا الشمالية، تسود أشجار البلوط الجهات: الشمالية الشرقية؛ إلى جانب الزان والجميز. وتكثر الكستناء، وأنواع أخرى من البلوط، في الولايات الجنوبية. بينما تسود الوسط أنواع من البلوط الهيكوري، وخاصة في غرب نهر المسيسبي.

وفي آسيا، تنتشر في هذه الغابات نباتات القبقب، والبلوط، والمنغولي، والزيزفون، والجزو، والبتولا. وتطغى على النصف الجنوبي للكرة الأرضية غابات البتولا.

وتمتاز الغابات النفضية بقلة التنوع الشجري، وسيادة أنواع معينة وتركزها؛ ما يجعل الاستغلال التجاري لأخشابها أكثر اقتصادية، وأقل كلفة. يقل وجود المتسلقات كما يقل تشابك الأغصان في مقارنة بالغابات الاستوائية المطيرة. ويسمح ذلك بكمية كافية من الضوء للوصول إلى أرض الغابة ما يساعد على نمو غطاء خضري من الأشجار القصيرة والحشائش على سطح التربة (انظر صورة مناطق الغابات النفضية).

وسميت بالغابات النفضية لأن أشجارها تنفض أوارقها في فصلي الخريف والشتاء نتيجة لانخفاض درجات الحرارة، على الرغم من استمرار هطول الأمطار والثلوج (انظر صورة مناطق الغابات النفضية في الخريف). وفي بداية الخريف تبدأ أوراق الأشجار في هذه الغابات بالتكون؛ ما يعطي التلال والمنحدرات مناظر خلابة بألوان الأوراق المتدرجة من الأخضر الداكن إلى الأصفر المشوب بحمرة والبني (انظر صورة تلون أوراق الغابات النفضية).

(3) التربة

معظم الترب، في نطاق الغابات النفضية، ترب سمراء قليلة الغسل أو عديمته، ذات دبال يتمعدن بسرعة، ورطوبتها وافرة، وميزاتها ملائمة جداً للحياة النباتية. وحينما تنخفض درجات الحرارة، في فصل الشتاء، إلى ما دون مستوى التجمد، لا يتجمد إلا سطح التربة.

وتنمو غابات السنديان خاصة في المناطق، التي تشهد صيفاً حاراً، وتربتها سهلة الغسل، غير صماء؛ فتنتشر في سواحل الأطلسي، حيث الترب المغسولة. وتنمو غابات الزان في ترب، ترتفع حمضيتها؛ لاكتسائها بطبقة سطحية سميكة، من الأوراق الميتة، تكاد تحرمها الضوء.

(4) الحياة الحيوانية

الحياة الحيوانية، في الغابات النفضية المعتدلة، رهينة تقلُّب الفصول؛  فبرودة الشتاء الشديدة، تحمل كثيراً من حيواناتها وطيورها على الهجرة، بحثاً عن الدفء، لتعود إليها، صيفاً. إلا أن هذه الغابات، تستقبل أنواعاً أخرى من الحيوانات، تهاجر إليها من الجهات الأبرد.

وفيها من الطيور الليلية: البوم،؛ ومن الطيور النهارية: النقار، والوقواق، والخضير؛ إضافة إلى الثدييات، والقوارض الصغيرة، مثل: السناجيب، والفئران.

ومن حيواناتها العاشبة: الخنزير والأيل؛ ومن اللاحمة: الوشق، والقط البري، والنمس، والثعلب الأحمر، وابن عرس، والذئب؛ ومن آكلات العشب واللحوم: الدب الأسمر، والبايسن الأوروبي. وفيها كثير من الحشرات، مثل: العنطبو Lucanes، والفراشات، والبعوض، وديدان التربة.

د. الغابات النفضية والمخروطية المختلطة

تضم هذه الغابات خليطاً من الأشجار النفضية، والأشجار دائمة الخضرة، والأشجار ذات الأوراق العريضة والإبرية. ويعود ذلك إلى وقوعها في منطقة انتقالية، بين مناطق الغابات النفضية والغابات الدائمة الخضرة.

(1) الرقعة المكانية

يقع نطاق امتداد هذه الغابات إلى الشمال مباشرة من نطاق الغابات المدارية الرطبة، في شرقي القارات؛ ما حمل الباحثين تسميتهما معاً باسم الغابات المختلطة. بيد أن امتداهما، يتجاوز دائرتَي العرض 40ْ و60ْ، شمال خط الاستواء وجنوبه، على التخوم العليا لنُطُق المناخ الصيني، في شرقي القارات.

تغطي الغابات المختلطة: النفضية والمخروطية، شرقي أمريكا الشمالية، في شمالي الولايات المتحدة، وجنوبي كندا. كما تمتد على أراضٍ، في شرقي آسيا، في اليابان، وكوريا، ومنشوريا، وشمال شرقي الصين. وتغطي أراضي واسعة، في غربي أوروبا، تطاول وسطها؛ ولا تنحسر إلا في شرقيها.

ويقتصر امتداد الغابات المختلطة: النفضية والمخروطية، على نُطُق ضيقة جداً، نصف الكرة الأرضية الجنوبي، حيث تتقلص مساحات اليابس. ولذلك، لا يتخطى امتدادها نطاقاً ضيقاً، على الساحل الجنوبي لشيلي، وفي الأجزاء الجنوبية من نيوزيلندا (انظر شكل الرقعة المكانية للغابات المختلطة).

(2) الغطاء النباتي

تختلط في هذه الغابات الأشجار النفضية مع الأشجار المخروطية (انظر صورة الغابات المختلطة)، وتمتد هذه الغابات حيث فصل الشتاء محدد، وبارد، تنخفض فيه الحرارة عن الحد الأدنى اللازم لنمو النبات؛ فتتأثر بصقيعه أشجارها النفضية، مثل: البلوط Oak، والزان Beech، والتامول Birch، والهيكوري Hickory، ولسان العصفور Ash، وتعرى من أوارقها. وسرعان ما تنمو براعمها، في أواخر الربيع، وخلال فصل الصيف الدفيء؛ ولا تلبث الأوراق أن تبدأ بالتساقط، في الخريف. وتسود أشجار البلوط في الأراضي ذات التربة الطينية. وتستأثر أشجار الزان بأراضي الترب الكلسية. وقد تتعرض مثل غيرها ن مناطق الغابات في العالم إلى استغلال الحرائق الطبيعية التي قد تستمر أسابيع وتدمر مساحات واسعة (انظر صورة مرئية بالتوابع الفضائية لحرائق الغابات الروسية). كما ين يظهر في النقطة المأخوذة من الأقمار الصناعية لمرئية حدائق الغابات قرب موسكو والتي التقطت في الرابع من سبتمبر عام 2002، وقد سببت هذه الحرائق تلوثاً جوياً كبيراً ناتجاً عن الأدخنة المتصاعدة من الحرائق.

أمّا الأشجار المخروطية، فلا تتعرى من أوراقها الإبرية، ولا تفقد خضرتها، على الصقيع والبرد الشديد؛ وأهم أشجارها: الصنوبر Pine، والدردار Elm.

(3) التربة

تسود معظم أجزاء هذا الإقليم، وخاصة في الشرق الآسيوي، تربة الحشائش والبراري، موليسولز Mollisols، الأفق العلوي الناعم القوام، المعدني والقاعدي، والتي تميل إلى الدُّكْنَة. ويتخلل هذا الإقليم بعض نُطُق الترب العكسية، وبعض ترب المرتفعات.

(4) الحياة الحيوانية

تمتد الغابات المختلطة: النفضية والمخروطية، في عروض، تُعَد الأكثر ملاءمة للنشاط البشري. إلا أن ارتفاع كثافتها السكانية، أسهم في افتقارها إلى الحياة الحيوانية؛ فضلاً عن  تقطيع الغابات، لتحل محلها الأنشطة البشرية: الزراعية والرعوية. ولذلك، فقد اقتصرت حيواناتها غير الداجنة على الأرانب، وبعض أنواع القوارض، والقنفذ، وكثير من الطيور؛ إضافة إلى بعض أنواع الكلاب الوحشية، والثعالب والذئاب.




[1] درجة حرارة صفر النمو: هي درجة الحرارة التي تتوقف عندها أو تحتها النباتات وبذورها عن النمو. ودرجة حرارة صفر النمو للنباتات البالغة هي 42ْ فهرنهايتية، أو 5.6ْ مئوية.

[2] الفيكوسي Ficus: أشجار متطفلة خانقة، تخنق بعروقها الهوائية القوية والكثيفة الأشجار التي تعولها.

[3] الرياح التجارية Trade-Wind: هي رياح سطحية تهب في العروض الدنيا، ضمن الشرقيات المدارية وتهب تجاه خط الاستواء من النطاقين تحت المداريين (30ْ) شمال وجنوب خط الاستواء، عروض الخيل، منحرفة نحو الغرب.

[4] التربة الوردية Terra Rossa: هي ترب بين نطاقية Intrazonal غنية بالكالسيوم Calcimorphic مشتقة من صخور جيرية في الغالب تعرضت للإذابة في الفترات الرطبة، وتراكمت بها أكاسيد الحديد التي تكسبها لوناً أحمر.