إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









الانتفاضة الفلسطينية

رابعاً: النباتات المائية

يطلق الفلكيون على كوكب الأرض الكوكب الأزرق؛ وذلك لأن المسطحات المائية، التي تشغل معظم سطحها (70.8%)، تجعلها تبدو زرقاء اللون، من الفضاء الخارجي. وتبلغ مساحات تلك المسطحات 361 مليون متر مربع. ومتوسط عمق البحار والمحيطات 3730 متراً. ويقدر حجم المياه فيها بنحو 1350 مليون كيلومتر مكعب؛ تمثِّل 97.4% من كمية المياه الموجودة على الأرض. أما الباقي، فتتوزعه البحيرات، والأنهار، والغطاءات الثلجية، وبخار الماء في الغلاف الغازي، ورطوبة التربة، والمياه الجوفية؛ ويطلق عليه المياه العذبة. ويقتصر الاهتمام، في المجال النباتي، على المياه العذبة، على السطح، في الأنهار والبحيرات، إلى جانب المياه المحيطية؛ لأنهما سبب لحياة: نباتية وحيوانية، تستحق الاهتمام. وتقدر مساحة مسطحات المياه العذبة بنحو 134 مليون كيلومتر مربع، فيها قرابة 8477.4 مليون كيلومتر مكعب من المياه.

ولكن المقارنة بين المياه العذبة ومياه المحيطات، للأغراض الحيوية، توجب الإشارة إلى ما يتاح منهما للنشاط الحيوي. وكتلة المياه المحيطية، تبلغ 1410 بيتا[1] طن (1410P tons)، تمثِّل 86.5% من كتلة المياه في العالم.

وتبلغ كتلة المياه العذبة 0.5 بيتا طن (0.5 P/tons)، ولا تتجاوز نسبتها 0.03% من كتلة المياه في العالم. ويمكن النظر إلى قطاعَين مائيَّين حيويَّين، فيما يتعلق بالنباتات المائية، هما: نباتات المياه، البحرية والمحيطية؛ ونباتات المياه العذبة (انظر جدول سعة المخازن الرئيسية للمياه ومعدل تدويرها).

1. نباتات المياه، البحرية والمحيطية

لا بدّ من التعرض لبعض خصائص مياه البحار والمحيطات؛ لفهْم طبيعة التوزُّع: الرأسي والأفقي، لأحيائها عامة، ونباتاتها خاصة. ومن أهم خواصّ المياه البحرية، التي يلزم الإشارة إليها: السعة الحرارية، والكثافة، والملوحة، والشفافية (نفاذية الضوء)، والغازات الذائبة.

*  السعة الحرارية

إن هذه الخاصية، لا تقتصر على المياه المحيطية وحدها، بل يمتاز بها الماء عن غيره، حيثما وجد. ويقصد بها أن الماء، يستهلك كمية كبيرة من الطاقة، لرفع درجة حرارته، مقارنة بالمواد الأخرى، ذات التركيب نفسه. ويعبَّر عنها بأن الماء، يكتسب الحرارة ببطء، ويفقدها ببطء. لذلك، كانت مياه البحر، شتاءً، أدفأ من اليابس المجاور لها، وأبرد منه، صيفاً؛ إذ إن المعادن المكونة لصخور اليابس، سعتها الحرارية، هي أقلّ كثيراً من السعة الحرارية للماء؛ ولذلك فهي أسرع من مياه البحار والمحيطات إلى اكتساب الحرارة، صيفاً؛ وأسرع، كذلك، إلى فقْدها، شتاءً.

وقد استفادت الأحياء البحرية من هذه الخاصية، إذ إن المدى الحراري: اليومي والفصلي، في مياه البحار والمحيطات، هو منخفض، مقارنة بنظيره على اليابس.

وقد تعارف المناخيون على أن للكتلة المائية الضخمة، المختزنة في أحواض البحار والمحيطات، أهمية كبيرة في التقليل من حدّة التقلبات المناخية، على سطح الأرض.

* الكثافة

يمتاز الماء بأن له درجة كثافة قصوى؛ فمعظم المواد، تزداد كثافتها، كلّما انخفضت حرارتها. أما الماء، فتزداد كثافته بانخفاض حرارته إلى 3.8ْ مئوية؛ ثم تبدأ كثافته بالانخفاض، مرة أخرى، كلّما انخفضت حرارته؛ وذلك بسبب بداية تكوُّن البلورات الثلجية، عند الدرجة المذكورة.

وقد انعكس ذلك، إيجاباً، على المياه المحيطية أحيائها، من عدة وجوه؛ إذ إن هناك تطابق بين مياه البحار والمحيطات، فالأقل كثافة، ترتفع إلى السطح؛ والأكثر كثافة، تسفل في الأعماق. وبطبيعة الحال، فإن مياه الأعماق، هي أبرد من المياه السطحية. ولكن عند تجمد الماء، فإنه يرتفع إلى السطح، حيث يكوِّن طبقة جليدية عازلة، تبقى المياه تحتها، بما فيها من أحياء بحرية: نباتية وحيوانية. والملاحظ أن كثيراً من الأحياء البحرية، تتحمل درجات حرارة منخفضة؛ ولكنها تموت، عند تجمد الماء (انظر جدول نقطة تجمد السوائل في أجسام بعض الحيوانات المائية). وتتباين كثافة المياه البحرية، أفقياً، كذلك، متأثرة بالتغير في درجات الحرارة، مع دوائر العرض؛ وبنِسب الملوحة، التي ترتبط بها ارتباطاً إيجابياً؛ فضلاً عن تأثرها بكمية التدفق النهري من المياه العذبة؛ والقرب والبعد من السواحل.

* الملوحة

إن أكثر الظواهر، المميزة لمياه البحار والمحيطات عن غيرها من المياه، هي نسبة ملوحتها العالية؛ إذ يبلغ متوسط نسبة الأملاح الذائبة فيها 35 في الألف، وذلك يعني أن كلّ كيلوجرام من مياه البحر، يحوي 35 جراماً من الأملاح. وتتغير درجة ملوحة مياه البحار والمحيطات، رأسياً وأفقياً؛ فالمياه السطحية هي الأقل ملوحة، ومياه الأعماق أكثر ملوحة. وتتغير ملوحة الطبقة السطحية، من مكان إلى آخر، متأثرة بمعدلات التبخر، وكميات التدفق النهري، والتيارات البحرية، والغطاءات الثلجية.

تتمتع الأحياء البحرية، في مناطق الشطوط والدلتا النهرية، بقدرة فائقة على تحمّل تغيرات كبيرة، ومفاجئة، في نِسب الملوحة، مع تقدم مياه المد وانحسارها؛ ويطلق على هذه الأحياء: واسعة المدى الملحي Euryhaline. ولا تتمتع الأحياء البحرية، البعيدة عن الشواطئ، والتي اعتادت نِسب ملوحة، تكاد تكون ثابتة، بالقدرة على تحمّل مدى واسع في تغيرات نِسب الملوحة؛ ويطلق عليها: ضيقة المدى الملحي Stenohaline.

* الشفافية

إن الماء، بطبيعته، شفاف، يسمح لضوء الشمس باختراقه. ولكن شفافيته لا تقارن بشفافية الغلاف الغازي، الذي يسمح لقدر كبير من الإشعاع الشمسي بالوصول إلى سطح الأرض. فالماء يشكل عائقاً في طريق أشعة الشمس نحو قاع المحيط. وفي المياه الصافية جداً، قد يتخلل ضوء الشمس الماء، إلى عمق كيلومتر واحد، تحت السطح فقط؛ ولكن الكمية الواصلة من الطاقة إلى هذا العمق، لا تكفي لقيام عمليات التمثيل الضوئي. لذلك، يقتصر نطاق تلك العمليات، في مياه البحار والمحيطات، على الطبقة السطحية، بما لا يتعدى 100 متر تحت السطح (انظر شكل ضوء الشمس والأعماق). ويقلّ هذا العمق، قرب الشواطئ؛ لزيادة نسبة العوالق في المياه. وتتأثر شفافية الماء، كذلك، بنسبة العوالق ومدى تركُّزها فيه. ولا شك أن الضوء ضروري جداً للأحياء، وخاصة النباتات؛ إذ تقوم عملية التمثيل الضوئي.

* الغازات الذائبة

تخالط غازات الغلاف الغازي مياه البحار والمحيطات، وتذوب فيها. وتزداد نسبتها في الطبقة السطحية (انظر شكل تركيز الأكسجين المذاب في ماء البحر)، حيث تقلب الرياح مياهها، وتثير الأمواج، وتحركها؛ ما يسمح لكمية أكبر من الغازات بمخالطة المياه. وتحتفظ الكتل المائية العميقة، مدة طويلة، بنسب الغازات الذائبة فيها، منذ هبوطها من الطبقة السطحية. وتتأثر كمية الغازات الذائبة بدرجة الحرارة في مياه البحر المياه بدرجة ملوحتها. فكلّما ارتفعت الحرارة، انخفضت الكمية الغازية؛  ولكن نسبة هذه الغازات الذائبة في مياه البحار والمحيطات، ضئيلة، نسبياً، فلا تتعدى، في متوسطها، 153 مليلتراً. ولأن تلك الغازات مستمدة، أصلاً، من الغلاف الغازي؛ فإن نسبتها في المياه، تعكس مدى توافرها في ذلك الغلاف (انظر شكل غازات الغلاف وغازات ماء البحر). ويشكل النيتروجين (N) 48% من الغازات الذائبة في مياه البحار والمحيطات، يليه الأوكسجين (O) 36%، فالبيكربونات (HCO3) 15%؛ وباقي النِّسب، يتوزُّعها عدد من الغازات، منها: الأرغون، والهيليوم، والنيون.

معظم التغيرات المؤثرة في الأحياء البحرية: النباتية والحيوانية، هي، إذاً، مرتبطة إما بقرْبها أو بُعدها عن السواحل القارية، أو بعمق المياه. لذلك، يتميز النطاق البحري بالبيئات الحيوية التالية (انظر شكل نطاقات الأعماق المحيطية):

أ. بيئة المياه السطحية:

(1) القريبة من السواحل.

(2) البعيدة من السواحل.

ب. بيئة المياه متوسطة العمق.

ج. بيئة المياه العميقة.

د. بيئة السهول السحيقة.

هـ. بيئات خاصة:

(1) مناطق التيارات الصاعدة.

(2) مناطق الشعاب والجزر المرجانية.

أ. بيئة المياه السطحية

وهي التي تتفاعل مع الغلاف الغازي، وتتبادل معه الغازات، والحرارة، وبخار الماء. كما أنها تستقبل أشعة الشمس مباشرة، ويتخللها ضوؤها، الضروري لعملية التمثيل الضوئي. وتجري فيها التيارات السطحية، التي تنقل الغذاء والطاقة، من مكان إلى آخر. ولأن أثر الرياح، والتيارات البحرية، وضوء الشمس، لا يتجاوز 200 متر تحت سطح البحر، فإن عمق هذه الطبقة محدود بهذا القدر. ويمكن تمييز المياه السطحية القريبة من السواحل، من تلك البعيدة عنها، في أعالي البحار.

(1) بيئة المياه السطحية، القريبة من السواحل

تتأثر بيئة المياه السطحية Neritic zone بالساحل المجاور تأثراً كبيراً؛ فمياه المد، تغمر أراضي الساحل المجاور، ثم تنحسر عنها، خلال الجزر. كما أنها تستقبل ما تقذفه الأنهار والسيول، من مياه، ورواسب، وعوالق، ومخصبات، ومخلفات. وقد أسهم ذلك، إضافة إلى أثر الأمواج في رواسب قاع الشاطئ، في تعكير مياهها، وتوفير العوالق فيها. تمتد هذه المنطقة، عادة، من الحزام الواقع فوق أعلى مستوى للمد، إلى ما دون المنحدر القاري (انظر شكل بيئة المياه السطحية الشاطئية). وأماكنها العميقة أكثر غنى بالأحياء البحرية الدفينة؛ ما يجعلها بيئات صالحة لنمو الأسماك وتكاثرها. وتعَد البيئات الساحلية، هي أكثر البيئات البحرية إنتاجية، بالمقاييس الحيوية.

تمتاز أحياء هذه البيئة، بأنها تتحمل مدى أكبر في تغيُّر خصائص مياهها، وخاصة الملوحة ودرجات الحرارة؛ فضلاً عن مقاومة الأمواج الشديدة، وتغيُّر سرعة المياه واتجاهها، باستمرار. وتضم هذه البيئة عدداً من الأحزمة المتتالية، تبعاً لتزايد أعماقها، وهي:

(أ) البيئة فوق الشاطئية

البيئة فوق الشاطئية Supralitoralis (انظر شكل بيئة المياه السطحية الشاطئية) حزام ساحلي، يعلو نطاق المد. وتصله المياه البحرية، على شكل رذاذ مالح، متطاير من مياه الأمواج؛ حتى إنه قد يطلق عليه حزام الرذاذ Upper spray zone. وتعيش فيه الطحالب: الزرقاء والخضراء، والقواقع، والقشريات.

(ب) البيئة الشاطئية

قد يطلق على البيئة الشاطئية Litoralis (انظر شكل بيئة المياه السطحية الشاطئية) حزام المد والجزر Intertidal zone. ويراوح عمقه في هذا النطاق بين 50 متراً و100 متر، تتحمل المخلوقات الحية فيه بيئته المتقلبة بين الرطوبة، عند المد، والجفاف، عند الجزر؛ إذ لبعضها أعضاء ماسكة، تمكنها من مقاومة الأمواج؛ ويتمتع صنف آخر بالقدرة على الحفر، والاختباء تحت رمال الشاطئ؛ وأهمها الطحالب: البنية Brown algae والحمراء Red Algae، والقشريات Barnacles.

(ج) البيئة تحت الشاطئية

البيئة تحت الشاطئية Sublitoral (انظر شكل بيئة المياه السطحية الشاطئية)، هي الحزام المغمور بالمياه من المنطقة الشاطئية Subtidal zone. ويراوح عمقه بين 50 و150 متراً؛ فهو يمتد من أدنى مستوى للجزر حتى عمق 150 متراً تقريباً. وينجم عن التغير المستمر في عمق مياهه، تذبذُب كمية الضوء المتاحة للعمليات الحيوية، في القاع. ويعيش في هذا النطاق كثير من الأحياء البحرية، مثل: الطحالب البنِّية Brown algae، ونجم البحر، والسرطانات، والأسماك صغيرة الحجم.

(د) الرفوف البحرية

تُطلَق الرفوف البحرية Neritic zone (انظر شكل بيئة المياه السطحية الشاطئية) على كلّ المناطق المحصورة بين خط الساحل والمنحدر القاري، بما في ذلك المناطق الساحلية. وباستثناء المنطقة الساحلية، التي سبق شرحها، من نطاق الرفوف البحرية، تمتد بيئة الأصداف البحرية إلى ما بعد المنطقة الشاطئية، حتى المنحدر القاري، أي من عمق 150 متراً حتى عمق 200 متر تقريباً. وتمتاز هذه المنطقة بالحركة المستمرة للمياه فيها، وبالتبدلات الحرارية، واستطراداً تنوُّع الحياة: النباتية والحيوانية.

(2) بيئة المياه السطحية، البعيدة عن السواحل، في أعالي البحار

تمتد طبقة المياه السطحية، في أعالي البحار epiplagic zone (انظر شكل نطاقات الأعماق المحيطية)، من سطح الماء حتى عمق 200 متر. وتتخللها كميات كافية من ضوء الشمس، حتى عمق 150 متراً. ولا يوجد أيّ نباتات في هذه الطبقة، تحت هذا العمق. ويتكاثر فيها البلانكتون، بنوعَيه: النباتي، ويطلق عليه فيتوبلانكتون PhytoplanktonP والحيواني، ويطلق عليه Zooplankton. والبلانكتون مخلوقات دقيقة، تتغذى بها الأسماك، التي  تتكاثر حيثما وجدت. وينمو، في هذه الطبقة، كذلك، بعض الأعشاب.

ب. بيئة المياه متوسطة العمق، أو نطاق الشفق

وتمتد طبقة المياه المتوسطة mesopelagic (انظر شكل نطاقات الأعماق المحيطية) تحت المياه السطحية مباشرة، من عمق 200 متر تحت سطح البحر، حتى ألف متر تحت سطح الماء. ويطلق عليها نطاق الشفق Twilight zone، لضآلة كمية الضوء، الذي يصل إليها، فتبدو كالشفق، عند غروب الشمس. ويبدأ عند حدها الأعلى (عمق 200 متر) انخفاض حادّ في محتوى المياه من الأوكسجين (انظر شكل تركيز الأكسجين المذاب في ماء البحر)؛ ويعود ذلك لعدم وجود نباتات تحت عمق 150 متراً؛ ولأن المخلفات العضوية، المتساقطة من الطبقة السطحية الانشطة حيوياً، تبدأ بالتحلل، بالأكسدة البكتيرية Bacterial oxidation. وفيها تقع نقطة أدنى محتوى للمياه من الأكسجين، على عمق، يراوح بين 700 و800 متر تحت سطح الماء. كما يزداد فيها محتوى الماء من المغذيات النباتية[2] Nutrient؛ لأنه لا توجد نباتات في هذه الطبقة، تستهلكها.

مياه هذه الطبقة هادئة؛ لأن أثر الأمواج السطحية، يتلاشى، عند عمق 200متر. ودرجة حرارة المياه، تكاد تكون ثابتة، أفقياً؛ ولكنها تنخفض، مع العمق. كما تزداد معه كلٌّ من كثافة المياه ودرجة ملوحتها؛ ولذلك تتحرك كتل المياه في هذه الطبقة، غالباً، في اتجاه أفقي.

وتعيش في هذه الطبقة أنواع من الحيوانات البحرية، من الأسماك، والقشريات، والحبارات، والحيتان. وبعض أسماكها قادرة على بعث ضوء فسفوري خافت، من أجسامها. وتستشعر مجموعات الأحياء، في هذه الطبقة، وجود الضوء من عدمه. وإن لبعضها عيوناً كبيرة، وحساسة، قادرة على التمييز في مستويات ضوئية متدنية، وتفوق العين البشرية بمائة مرة. وقد ينزل بعض الأسماك من الطبقة السطحية إلى هذه الطبقة، للحصول على غذائها.

ج. بيئة المياه العميقة

تمتد طبقة المياه العميقة Bathypelogic، مباشرة، تحت طبقة المياه المتوسطة، من عمق ألف متر تحت سطح البحر، حتى 4 آلاف متر تحت السطح. ويعَد حدها العلوي، هو الخط الفاصل بين الجزء، الذي يصله ضوء الشمس Disphotic والجزء المظلم تماماً aphotic؛ فهذه الطبقة، وتلك التي أسفل منها، لا يصلهما من ضوء الشمس شيء، على الإطلاق، فهُما مظلمتان تماماً. ويرتفع في هذه الطبقة محتوى المياه من الأكسجين الذائب نتيجة لانخفاض درجات الحرارة.

يعيش في هذه الطبقة بعض الأسماك واللافقاريات invertbrates. وأسماكها عمياء. وتعيش فيها أنواع مختلفة من الأحياء الصغيرة. وتتحول أنواع الربيان Shrimp فيها إلى مخلوقات مفترسة للأحياء الأخرى. وأحياؤها يتغذى بعضها ببعض؛ ولديها نظام إنذار متقدم، وأساليب في التخفي والخداع، للوصول إلى فريستها بسهولة. وتمتاز أجسامها بالصغر، وكبر الأفواه، وقوة الأسنان.

د. بيئة السهول السحيقة، في قاع البحر

تمتد طبقة السهول السحيقة Abyssopelagic من عمق 4 آلاف متر تحت السطح، حتى القاع، الذي قد يفوق عمقه، في بعض الأخاديد البحرية، 11 ألف متر تحت سطح البحر. وخصائص هذه الطبقة: المائية والحيوية، تكاد تكون الخصائص نفسها، التي تتميز بها  الطبقة التي تعلوها. فهي طبقة مظلمة تماماً، إلا أن مياهها أبرد قليلاً، ومحتواها من الأكسجين أعلى؛ لانخفاض درجات الحرارة. وتعيش فيها جماعات من الأحياء البحرية شديدة التخصص، حول ينابيع القاع الحرارية Hydrothermal vents؛ إضافة إلى مخلوقات دقيقة ذاتية التغذية autotrophic، في المياه الساخنة، حول مداخن القاع Black Smokers. ويمكن أن تضم إليها بيئة الأخاديد القاعية العميقة Hadal zone.

ونظراً إلى تجانس الظروف: الضوئية والحرارية، في قيعان البحار والمحيطات، حيث متوسط حرارة المياه، لا يتجاوز 3.5 درجات مئوية؛ ومناطقها مظلمة، لا يصلها ضوء الشمس؛ فإن الأحياء البحرية، في هذه الأعماق، متشابهة، في كلِّ المحيطات. وتتغذى بالمواد العضوية، المتساقطة عليها من الطبقات العليا.

ويلاحظ أن الأحياء المائية، بما فيها تلك المتحركة، تتدانى في جماعات؛ ما يعزوه بعض الباحثين إلى أن التيارات المائية تجعلها تصطف في مجموعات طولية، بالطريقة نفسها، التي تدفع بها تيارات المد الرواسب الشاطئية، مكونة ما يعرف بكثبان المد Tide  rips. وقد يكون بعض التجمعات مرتبطة بتركُّز المغذيات، فحيثما تركَّزت النباتات، تتركَّز الحيوانات التي تتغذى بها.

هـ. بيئات بحرية خاصة

(1) مناطق التيارات الصاعدة

الطبقات المائية تحت السطحية، في البحار والمحيطات، هي أغنى من الطبقات السطحية بالمغذيات النباتية؛ ومحتواها من الأكسجين الذائب في الماء أعلى، في الغالب؛ ودرجة حرارتها أقلّ. ولذلك، فإنه حيثما وجدت ظروف، تساعد على تحرك تيارات مائية رأسية نحو الأعلى، يزداد النشاط الحيوي ازدياداً ملحوظاً؛ إذ تنشط النباتات البحرية نشاطاً واسعاً؛ ومن ثَم، تزداد أعداد الحيوانات البحرية، التي تتغذى بها.

تعتري مناطق معينة، على طول الحافة القارية، تيارات مائية صاعدة، حيثما تحركت مياه الطبقات السطحية، مبتعدة عن الساحل، ولاسيما السواحل الغربية للقارات. إذ تتحرك التيارات البحرية أمامها، نحو خط الاستواء، فتنحرف المياه السطحية، المندفعة في هذه التيارات، إلى يمين اتجاهها، في نصف الكرة الأرضية الشمالي؛ وتنحرف إلى يسار اتجاهها، في النصف الجنوبي، مبتعدة عن الساحل في الحالَين؛ ما يدفع مياهاً من الطبقات التحتية إلى أعلى، لتحل محلها. تتحرك المياه، من عمق 200 إلى ألف متر، لتحل محل المياه السطحية. ولأن هذه المياه، تتحرك من طبقات مائية، لا نباتات فيها، واستتباعاً لا تجري فيها عمليات التمثيل الضوئي؛ فهي غنية بالمغذيات النباتية.

تمثل التيارات الصاعدة مصدراً متجدداً للمغذيات النباتية؛ لذلك، تتحسن الظروف الحيوية، حيثما حلّت. يضاف إلى ذلك، أن الماء الصاعد من الطبقات التحتية أبرد، فقابليته لإذابة الغازات أكبر؛ ما يزيد الدورة الحيوية نشاطاً. فتنشط النباتات المائية، فوتوبلاتكتون، ويتوافر الغذاء لقطاع أكبر من الأحياء البحرية الأخرى.

(2) مناطق الشعاب والجزر المرجانية

تظهر التكوينات المرجانية بعدة أشكال، فهي إما شعاب مرجانية Coral Reefs، أو شعاب هدبية Fringing reefs، أو حواجز مرجانية Barrier reefs، أو جزر حلقية مرجانية Atolls. والشعاب المرجانية تكوين صلب، مقاوم للأمواج، من مخلوقات كربونية غير ظاهرة، في الغالب: مرجان Coral، وطحالب كلسية Calcareaus algae. ويشكل حيوان المرجان، الذي يعيش في مستعمرات ضخمة، الجزء الأكبر من الشعاب الحية. وتحتاج هذه الأحياء إلى ضوء الشمس؛ لذلك، تنمو المستعمرات المرجانية نحو الأعلى، للوصول إلى سطح الماء.

لا توجد الشعاب المرجانية إلا في المحيطَين: الهندي والهادي، قرب خط الاستواء؛ وقليل جداً منها، يوجد في البحر الكاريبي. يزدهر نموها في المياه، التي يراوح متوسط حرارتها بين 23ْ و25ْ مئوية.

تمتد الشعاب الهدبية، في العادة، على طول الساحل، ملاصقة له. وتمتد الحواجز المرجانية بموازاته؛ ولكن تفصل بينهما مياه بحرية ضحلة Lagoon. وفي الحالتَين، تختفي التكوينات المرجانية، أمام مَصَابّ الأودية والأنهار، نتيجة لتأثير المياه العذبة.

تنمو التكوينات المرجانية حول الجزر البركانية، وعلى المخاريط البركانية المغمورة بالمياه. وتكوِّن مناطق الشعب المرجانية، بأنماطها المختلفة، بيئات مياه ضحلة، تتوافر فيها المغذيات النباتية؛ ما يزيد البلانكتون النباتي. وتعَد النظُم الحيوية المرجانية من أكثر النظُم البحرية إنتاجية.




[1] بيتا Peta: أحد مقاييس نظام وحدات القياس الدولي International system of Units. وتساوي ×1510

[2] المغذيات النباتية المذابة في ماء البحر Nutrient: تحتاج النباتات البحرية إلى جانب الضوء، إلى العديد من العناصر المذابة في المياه. منها ما يوجد بوفرة مثل ثاني أكسيد الكربون CO2، والكالسيوم Ca++، والصوديوم Na+، والبوتاسيوم K++، والماغنسيوم Mg++، والسلفات SO4--، ولكن هناك عناصر أخرى يطلق عليها المغذيات قليلة في مياه البحر وهي بالتحديد مركبات النيتروجين Nitrogen compounds، والفوسفور Phosphoresces، والسليكا Silica. تستهلك المغذيات في الطبقة السطحية من المياه بواسطة النباتات لتوفر ضوء الشمس. وتحد قلة المغذيات في هذه الطبقة من تكاثر البلاتكون النباتي رغم توفر ضوء الشمس.

[3] ميكرون، ميكرومتر ويساوي جزء من مليون جزء من المتر (0.000001)