إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / الموسوعة الجغرافية المصغرة









3

3. جغرافية الخدمات Services Geography

تعد جغرافية الخدمات من الفروع الحديثة للجغرافية البشرية، ولا يتعدى الاهتمام بها في الدراسات الجغرافية السنوات الأخيرة، فقد بدأت تظهر في مجال  الدراسات الجغرافية بشكل واضح في عقدي السبعينات والثمانينات في الدول المتقدمة فقط، ومع ذلك شهدت فترة الخمسينات بعض الكتابات المحدودة في جغرافية الخدمات، ولم يحظ هذا الفرع باهتمام في الدول العربية يتناسب مع أهميته، رغم أنه أحد الاتجاهات الحديثة التي دفعت الجغرافية دفعة قوية نحو الميدان التطبيقي.

وإذا كانت جغرافية الخدمات من الاتجاهات الحديثة، فلا يعني هذا أن الأنشطة الخدمية حديثة الظهور هي الأخرى، وإنما هي أنشطة قديمة ولكنها لم تأخذ مكانتها على خريطة الأنشطة الاقتصادية، فيقول دانيلز  Daniels: إن أنشطة الخدمات هي ابنة الثورة الصناعية، التي حدثت فيما يعرف الآن بالدول الصناعية. فقد بلغت نسبة الأنشطة الأولى[1] في نهاية المرحلة الأولى من الثورة الصناعية (سنة 1851) أكثر قليلاً من خُمس قوة العمل آنذاك، ثم انخفضت إلى 5% في نهاية الخمسينات من القرن العشرين، واستمرت في الهبوط حتى وصلت في منتصف السبعينات إلى 3%. أما نسبة الأنشطة الثالثة فارتفعت من 25% سنة 1851 إلى أقل قليلاً من نصف قوة العمل في السبعينيات، ثم تجاوزت نصف قوة العمل في منتصف السبعينات. وما حدث في إنجلترا، حدث مثيله في دول العالم الأخرى المتقدمة، أي أخذت العمالة في التحول من الأنشطة الأولى إلى الصناعات التحويلية ثم إلى قطاع الخدمات.

أمّا الدول النامية Developing   فقد شهدت هي الأخرى تحولاً في العمالة منذ منتصف القرن العشرين تجاه قطاع الخدمات، ولكن بطريقة تختلف عما حدث في الدول المتقدمة، فقد تحولت العمالة من الأنشطة الأولى إلى الثالثة دون المرور بالأنشطة الثانية، وذلك لعجز الأخيرة عن استيعاب الفائض من العمالة في الأنشطة الأولى. فمعظم الدول النامية تعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية كبيرة، نظراً لاستنزاف مستعمريها مواردها لفترات طويلة، فضلاً عن عدم قدرة اقتصادها على مواجهة الزيادة المطردة في السكان من جهة، وزيادة الهجرات الريفية إلى المناطق الحضرية من جهة أخرى، مما أدى في النهاية إلى زيادة المعروض من العمالة في سوق العمل سنوياً، ومن ثم كانت أنشطة الخدمات من أسهل الأنشطة أمام تلك العمالة، مثل انتشار الخدمات الشخصية وزيادة الوظائف الرسمية في قطاع الخدمات. والدليل على ذلك انخفاض نسبة العاملين في الأنشطة من 67 % من قوة العمل في سنة 1927 إلى 36 % في سنة 1986، وفي المقابل، ارتفعت نسبة العاملين في الأنشطة الثالثة من 23 % في سنة 1927 إلى 36 % في سنة 1986. ولهذا تضخم قطاع الخدمات بالعمالة دون حاجة لذلك، رغم أن نسبتها لم تصل بعد إلى مثيلاتها في الدول المتقدمة. وذلك لأن ارتفاع نسبة العاملين بأنشطة الخدمات في الدول المتقدمة هي انعكاس واستجابة لارتفاع نسبة العاملين في مجال الصناعة (الأنشطة الثانية)، التي تتطلب عمالة عالية المستوى في الخدمات.

وقد اختلفت الآراء حول مفهوم الخدمات وتعريفها ومنها ما أورده العيسوي الذي عرف الخدمات بأنها إشباع لحاجات الأفراد، ولا تدخل ضمن التداول في الأسواق ولا التعامل النقدي، كما عرفها الشامي بأنها كل ما يطلبه الإنسان من أجل التنعم بالحياة، وعرفها برايس Price   بأنها كل ما ينتج سلعاً غير مادية.

وتصنف الخدمات إلى ما يلي:

أ. خدمات البنية الأساسية (التحتية)   Infrastructure Services

وهي من الخدمات التي تهتم الدولة بتوفيرها والإشراف عليها، وذلك لأن وفرتها أمر ضروري لا رفاهية فيه. وتتمثل في مجموعة شبكات هي: شبكات مياه الشرب، ومياه الري، والصرف الصحي والزراعي، والكهرباء، والطرق، والاتصالات الهاتفية والبريدية.

ب. الخدمات السيادية  Supreme Services

وتأتي سيادتها من إمكانية إشرافها على قطاعات الخدمات كافة، حيث تضم الخدمات الأمنية والإدارية، إضافة إلى الخدمات التعليمية، ويُعلل سيادتها بأنها مسؤولة عن بناء عقول الأفراد وتأهيلهم لتأدية ما عليهم من واجبات، فضلاً عن محاولة الدول في نشر التعليم على أنه حق مكفول للجميع.

ج. الخدمات الاقتصادية والرعاية الإنسانية  Economic and Human Services

وتتمثل في الأسواق وتجارة التجزئة، والخدمات الصحية والاجتماعية، وهي تشكل في مجملها العناية برفاهية الإنسان ورفع مستواه.



[1] حُددت الأنماط الكبرى للأنشطة الاقتصادية بثلاثة أنماط هي: أ. أنشطة المرتبة الأولى: وتشمل أنشطة الزراعة، والرعي، والصيد، وقطع الأخشاب، والتعدين. ب. أنشطة المرتبة الثانية: وتضم الصناعات التحويلية. ج. أنشطة المرتبة الثالثة: وتُعرف بأنشطة الخدمات وتضم التجارة والخدمات العامة والاجتماعية والشخصية.