إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل العربية، تجاه الغزو العراقي، خلال الأيام الأولى للأزمة









وثيقة

وثيقة

بيان صادر عن المجلس الوطني العراقي (البرلمان)

في 4 أغسطس 1990

يناشد فيه العرب الاعتراف بـ (ثورة الكويت)

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان صادر عن المجلس الوطني العراقي

أيها الشعب العراقي العظيم.

يا جماهير أمتنا العربية الأبية.

أيها الأحرار والمناضلون في كل مكان.

    منذ انبثاق ثورة 17 ـ 30 تموز العظيمة، بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، عام 1968، والعراق يجسد، عبْر مسيرته النضالية، وعلاقاته العربية، أروع المفاهيم والقيم والمبادئ القومية، المنبثقة من تراث الأمة وحضارتها، وبما حول العراق إلى قاعدة قومية، في حماية الحقوق والقضايا العربية، وفي نجدة ودعم أي شقيق عربي، انتصاراً لتلك القيم القومية المجيدة.

    ولعل الدور البطولي لعراقنا العظيم في حرب تشرين (أكتوبر) المجيدة، التي خاضتها أمّتنا العربية، ضد العدوان الصهيوني العنصري، عام 1973، وقادسية صدام المجيدة، التي سجلت فيها أنهار الدم العراقي الزكية ملاحم النصر للأمّة، خير شاهد، وخير دليل على ذلك.

    ومن هذا المنطلق القومي النبيل، والإيمان بالمصير العربي المشترك، لبى العراق العظيم، وأبطال قادسية صدام المجيدة، المسؤولية القومية العربية، واستجابوا لمناشدة وطلب أحرار الكويت الشرفاء، وحكومتهم الحرة، المؤقتة، في الوقوف إلى جانبهم، حفاظاً على الثورة الوليدة، التي أطاحت بالنظام الفاسد العميل، الذي كان يقود الكويت إلى الهاوية، خدمة للسياسة الإمبريالية الصهيونية، التي كان يضطلع بتنفيذها.

    ومن هذا المنطلق والوفاء القومي، جاءت استجابة العراق الأصيلة، النبيلة، لضمان أمن الثورة الكويتية الفتيّة، والدفاع عن سيادة ومصالح الشعب الكويتي الشقيق، ضد أي تدخّل أو عدوان خارجي.

    إن الثورة الكويتية الوليدة، التي جاءت لتضع حدّاً لاستهتار السلطة الجائرة بالمصالح الوطنية الكويتية، وبالمصالح القومية العربية، إنما وضعت الحدّ الفاصل لأعمال النهب، والاستغلال، وسرقة الثروات الوطنية، التي مارسها ذلك الحكم العميل، والذي كان جُل همه الإثراء غير المشروع، على حساب المصالح، الوطنية والعربية. وإن أرصدتهم المالية الكبيرة، في البنوك والمصارف الأجنبية، خير شاهد على ذلك، وعلى حقيقة ارتباطاتهم الإمبريالية الصهيونية، وضلوعهم في تنفيذ السياسات التخريبية، المعادية للكويت وللعرب جميعاً.

    لقد نفذت حكومة الكويت المقبورة، أخطر حلقات التخريب المتعمد، ضد اقتصاد الكويت، وضد الاقتصاد العربي، حين عمدت، بدفع وتخطيط ودعم من الدوائر الإمبريالية الصهيونية، إلى انتهاج سياسة نفطية خطيرة، لإلحاق الأذى بالدول العربية المنتجة للنفط، ومنها العراق؛ حيث تمادت في إغراق السوق العالمية بكميات هائلة من النفط، خارج حصتها، ومن دون أي مسوّغ، مما أدى إلى تدني أسعار النفط بشكل خطير، وتهديد مسيرة ومشاريع التنمية العربية، بل تهديد مقومات الأمن القومي العربي، وكانت تدرك جيداً، أن انخفاض دولار واحد فقط، من سعر برميل النفط، عن (18) دولاراً، كان يعني خسارة الدول العربية المنتجة للنفط، ومن بينها العراق والكويت، عشرات المليارات من العملة الصعبة، سنوياً، في الوقت الذي كان فيه العراق، يمر بضائقة مالية، من جراء التكاليف الباهظة، التي تحملها في معركة قادسية صدام المجيدة، دفاعاً عن الأمّة العربية، طوال ثمانية أعوام من المنازلة المصيرية، إلى جانب أنهار الدم الذكي، التي قدّمها من خيرة أبنائه، دفاعاً عن الوجود العربي برمّته.

    ولعل من أخطر الجرائم، والسوابق القومية الخطيرة، التي اقترفتها تلك الحكومة المشبوهة، تتمثل بإقدامها على اغتنام فرصة انشغال العراق في دفاعه عن الوجود القومي العربي، وأقدمت على الزحف التدريجي المبرمج على أراضينا الوطنية، وأقامت المنشآت، النفطية والعسكرية، والمزارع عليها.

    ولم تقف جرائمها التخريبية عند ذلك الحدّ وحسب، بل تجاوزته إلى جريمة السرقة العلنية لمواردنا النفطية، بإقدامها على سحب النفط العراقي من الجزء الجنوبي من حقل الرميلة، وبقية الأراضي العراقية، وأغرقت به أسواق النفط، حيث قدرت قيمة النفط العراقي، الذي سحبته وباعته، بحدود 2400 مليون دولار، في الوقت الذي كانت تتبجح بالمواقف القومية، وبالشعارات الزائفة، وهي تطعن بالظهر العراق القومي الأصيل، حيث أوقفت المساعدات المالية، التي ادَّعت تقديمها للعراق، والتي لم تكن، في حقيقتها، إلاّ قروضاً، منذ عام 1982، في محاولة يائسة للتأثير على موقف العراق القومي الأصيل، الذي لم يبخل بأنهار الدم، وبالتضحيات السخية، في جميع المنازلات الفاصلة، دفاعاً عن الشرف والوجود العربي.

    لقد اعتمد العراق العظيم، المقتدر، انطلاقاً من مبادئه القومية الأصيلة، لغة الحوار والتفاعل والنقاش الموضوعي، في حل أي خلاف عربي. وهو بذلك حاول، بشتى صيغ التعامل القومي والحرص على المصالح المشتركة للشعبَين الشقيقَين، العراقي والكويتي، تبصير حكومة الكويت بحقيقة الأذى، الذي ألحقته بحقوقه الوطنية، بل بالأخطار الجسيمة، التي تلحقها سياستها غير المسؤولة بالاقتصاد العربي، وبالأمن القومي العربي، مؤكداً حرصه على تواصل ونمو العلاقة القومية العربية، والارتقاء بها إلى مستوى التفاعل المصيري الأمثل، الذي تصب فيه كل الأهداف والمصالح والقضايا والقدرات، في خدمة المصلحة القومية العليا للأمّة العربية. وبهذه اللغة القومية الحريصة، والمنطلق القومي النبيل، عبّر العراق عن أمله في أن تقوم حكومة الكويت بإزالة التجاوزات غير الشرعية، على أراضيه وحقوقه الوطنية. وكان مؤتمر قمة بغداد الاستثنائية، الذي صاغ مفردات الأمن القومي العربي، المناسبة القومية الملائمة، التي أوضح فيها العراق، وعلى لسان قائده الفذ، الرئيس القائد صدام حسين، خطورة السياسة النفطية لحكومة الكويت وسواها، على الاقتصاد العربي عامة، وعلى المصالح الاقتصادية العراقية بشكل خاص، آملاً ومتأملاً، أن تثوب تلك الحكومة إلى رشدها، وتعدل مسلكها الشائن، وتضع المصالح القومية، التي تمثل المصالح، الكويتية والعراقية، جزءاً منها، أمام أبصارها.

    لكن تلك الحكومة البائسة، التي ارتمت، بالكامل، في أحضان السياسات الإمبريالية الصهيونية، على العكس من ذلك، عمدت إلى مواصلة دورها التآمري المشبوه، وتعميق تخريبها الاقتصادي المتعمد للدول العربية المنتجة للنفط، وفي مقدمتها مصالح الشعب الكويتي المادية؛ فأية مصلحة للشعب الكويتي في خسارة عشرات المليارات من الدولارات، سنوياً، جراء انخفاض أسعار النفط؟

    إدراكاً لهذه الحقائق المتصلة، التي تشكل حلقات في المسار الخياني لحكومة الكويت البائدة، انفجر بركان الشعب الكويتي، وانبثقت ثورة الكويت التحررية، في الثاني من أغسطس 1990، لتنهي عهد السيطرة الخيانية، وتضع حدّاً لسياسة النهب، وسرقة الثروات الكويتية، ولتعيد للكويت وجْهها العربي الأصيل.

    إن المجلس الوطني العراقي، المعبّر الأمين عن رأي شعب العراق الأصيل، الوفي العظيم، إذ يبارك لشعب الكويت الشقيق ثورته الحرة العظيمة، ويحيّي، باعتزاز وإكبار، حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، لمواقفها الوطنية المستقلة، ولحرصها القومي المبدئي الكبير، فإنه يثمّن، باعتزاز وإكبار وإجلال، الاستجابة القومية الشجاعة، المقتدرة، لرمز العراق والعراقيين، القائد المناضل صدام حسين ـ حفظه الله لأحرار الكويت ـ وتقديم الدعم، الأخوي والقومي، لثورتهم المجيدة. ويناشدون السيد الرئيس القائد، وانطلاقاً من المصالح القومية العليا، مواصلة وتكثيف الدعم، المعنوي والسياسي والعسكري، لشعب الكويت الشقيق، في كافة الميادين، وبما يمكّنه من مواصلة مسيرة الحرية، وبما يدعم توجهاته الوطنية المستقلة، ويصون ثورته الحرة من أخطار أي عدوان أو تدخّل أجنبي، وقطع كل يد لئيمة، حاقدة، شريرة، تحاول الإساءة إلى الكويت أو العراق، أو إلى الأمّة العربية المجيدة ومصالحها الحيوية.

    إن مجلسنا الوطني، يناشد، ومن منطلق المسؤولية القومية، البرلمانات العربية كافة، دعم وإسناد حكومة الكويت الحرة، المؤقتة، المستقلة، ودعوة حكوماتها للإسراع بإعلان تأييدها واعترافها الرسمي بهذه الثورة الوليدة، التي أعادت للكويت وجهه العربي الأصيل.

    إن المجلس الوطني العراقي، ليؤكد، من جديد، وضع إمكانياته كافة، لدعم شعب الكويت الشقيق وخياراته الوطنية، التي عبّر عنها بثورته المظفرة.

تحية لثورة الكويت المجيدة. والمجد لإرادة التحرر والنصر لأمّتنا العربية.