إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل العربية، تجاه الغزو العراقي، خلال الأيام الأولى للأزمة









وثيقة

وثيقة

نص محضر مقابلة الرئيس صدام حسين

مع القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد، جوزيف ولسون

في 6 أغسطس 1990

 الرئيس صدام: ما هي أخبار السياسة والدبلوماسية؟

ولسون:        وزيركم، من خلال CNN، لديه معلومات أكثر مني.

الرئيس صدام: بعثت إليك حتى ندرس المستجدات، التي حصلت بعد لقائنا مع السفيرة. بعد ذلك اللقاء فشلت المحادثات بيننا وبين الحكومة السابقة في الكويت، وحصل الذي حصل.

ولسون:        الوزير أطلعني بشكل مبكّر.

الرئيس صدام: أنا مطّلع على الموقف الأمريكي بتفاصيله. حتى الآن، نحن نفهم أنه عندما يحصل مثل هذا الوضع، فإن أمريكا تتخذ موقفاً، سواء حصل في الوطن العربي، أوروبا، آسيا، أمريكا اللاتينية، ولسنا مستغربين أن تشجب أمريكا عملاً من هذا النوع، وخاصة عندما لا تكون طرفاً فيه. ولكن أردت أن أقول، إن على أمريكا أن لا تندفع، تحت استشارات مخطئة، إلى عمل تجد نفسها معه، قد وُضعت موضع الإحراج. وأنا أقول هذا، لأن من طبيعتنا، مهْما تكن قناعتنا أو قناعة الطرف الآخر، أن نبذل ما نراه ضرورياً. الضرر الذي يمكن أن يقع، في ضوء تطورات الظروف، في الحاضر أو المستقبل.

                ولا شك أنكم قد اطلعتم على رسائلنا إلى إيران، خلال الحرب. وقد ضمّناها استشارة مخلصة، ومجانية، لرؤية الحاضر والمستقبل. ولأنها صريحة جداً، تصوَّر الإيرانيون أنها تكتيكية. ولكننا قلنا كل ما نفكر به، لأننا كنا نريد السلام، ونتألم من استمرار الحرب. وتعرفون النتيجة. الاستشارة التي قدمناها إلى إيران، لو أخذت بها، لما حصل الذي حصل ومن أسوأ ما حصل. استمرار الحرب لفترة طويلة.

                أنا سأتحدث عن العلاقة بين العراق وأمريكا، في ضوء التطورات، وماذا سيكون عليه المستقبل، في ما لو أخطأت أمريكا التصرف. وابتداء، أريد أن أتحدث عن ثلاث نقاط، الترابط في ما بينها، يحصل من خلال الحديث اللاحق. الكويت كانت دولة، وما زالت، ضمن حدود غير معروفة، أي دولة بلا حدود. وحتى 1961، لم تكن دولة، من وجهة نظر الكثيرين. حتى حصل، الذي حصل في زمن عبدالكريم قاسم، عندما أصدر مرسوماً جمهورياً، يعين حاكم الكويت قائمقاماً تحت البصرة، ويجعل الكويت قضاء تابعاً للبصرة.

                لماذا حصل هذا، في 1961؟ كان عبدالكريم قاسم، وكل العراقيين، يعرفون جيداً، أن الكويت عراقية، وأن حاكم الكويت، كان قائمقاماً، فعلاً، وأنه يتسلم الراتب من حاكم البصرة، في العهد العثماني. وهذا الحال، استمر على هذا النحو، حتى 1913. ثم بعد ذلك، جاءت الحرب العالمية الثانية، التي أدت إلى ظروف جديدة. إذن، الكويت لحدّ الآن، دولة، ولكن ليس لها حدود. بغض النظر عن التفاصيل، فإن تطورات الوضع التي حصلت، داخلياً، في الكويت، والدخول العراقي لا تصلح مقياساً للعمل بها في عموم الوطن العربي.

                النقطة الأخرى (العراق والسعودية). أنتم تعرفون، أننا بنَينا علاقة جيدة مع السعودية. تدرجت من العام 1975 وحتى الآن، وتطورت بشكل جيّد، حتى قبل 2 أغسطس. والثقة بيننا والتنسيق، حتى 2 أغسطس، كانت تجري على كل المستويات. وعلى حدّ ما نعرفه، مما هو معلَن في سياسة أمريكا؛ إذا كان المعلَن هو كل سياسة أمريكا أو جوهرها، فإننا لم نجد، أن علاقة جيدة بين العراق والسعودية، تلحق ضرراً بالمصالح الأمريكية. فإذا كان هذا المثل صائباً، فإن العلاقة الجيدة بين العراق والسعودية، لن تلحق ضرراً بالمصالح الأمريكية، وإنما كانت أحد عوامل الاستقرار في المنطقة. فإن اللعب فيها، يلحق ضرراً كبيراً بأمن المنطقة وبمصالح الولايات المتحدة.

                ومن هذا، فنحن لا نفهم معنى التحول الفوري، في القول بأن الأمريكان، يخافون من القوة العراقية على السعودية، وتواتر الأحاديث والتصريحات، بأن الدور، بعد الكويت، سيكون على السعودية. ولا نعرف فيما إذا كنتم تريدون أن تسبقوا الأمور، لتدفعوا السعودية لعمل ما ضد العراق، مما يؤدي إلى رد فعل عراقي عليها، لتحقيق شيء ما تريدونه. الكويت كانت جزءاً من العراق، وبدلاً من أن تتصرف بشكل صحيح، تصرفت بشكل خاطئ. والسعودية لها سيادة كاملة.

                أنتم تعرفون، بأننا أول من عرض اتفاقية أمن مع السعودية، تتضمن عدم التدخل بالشؤون الداخلية، وعدم استخدام القوة. وقد وقّعنا على ذلك، وعرضناها على الكويت، ولم توقّعها معنا، ويبدو أنها استلمت نصيحة غربية، وقد تكون بريطانية. كما تعلم، كانت بعض الأوساط الغربية متضايقة جداً، وتستهزئ من فكرة اتفاقيات عدم التدخل بالشؤون الداخلية، وعدم الاعتداء، وتقول كما لو أن نفس الحالة، عُرضت بين بريطانيا وفرنسا. والحمد لله، أن الكويت لم توقّع معنا هذه الاتفاقية. وأنا كنت في غاية السرور، عندما قررنا دعم المجموعة الثورية في الكويت، لأنه لم تكن هناك الاتفاقية. لأنه لو كان لدينا معهم مثل هذه الاتفاقية، لما قمنا بنفس العمل.

                إذن، السعودية إخواننا، وساعدونا في الحرب. وبمبادرة منهم، حصلنا على أنبوب النفط، وساعدونا بمساعدات نقدية، كمِنَح، وليس كقروض، بعضها لم نطلبها، وإنما بمبادرة منهم. إذا مشت الأمور كما هي عليه، فهُم إخواننا، إلاّ إذا أنتم خرّبتم الأمور بيننا، ودفعتموهم علينا، عند ذلك سيكون لكل واحد حقه بالدفاع عن مصالحه الشرعية. إذن، إذا كنتم، فعلاً، قلقين على السعودية، فإن قلقكم غير واقعي. وإذا كنتم تتظاهرون بالقلق، لكي تدفعوا بالسعودية للقلق، فهذا شيء آخر.

                نحن نقول لأشقائنا السعوديين نفس الكلام. وإننا مستعدون لأية ضمانات مطلوبة، لإزالة قلقهم، وجعلهم مطمئنّين. بل على العكس، نشعر أن من واجبنا الدفاع عن السعودية، إذا ما تعرض أمنها للخطر من أجنبي. أما عن العلاقات مع العرب، فيمكن أن نتصالح، بين ليلة وضحاها. ويمكن أيضاً، أن تتدهور، بين ليلة وضحاها. ونحن، حتى الآن، لم نلمس منهم أي قلق. والضمانة موجودة، أصلاً، لدى السعوديين؛ ونحن أصحاب عهد، ونحرص على ذلك.

                النقطة الثالثة تتقدم على النتيجة التي سأقولها. هي أنه لو حصلت إشاعات، أن صدام حسين، أعطى وعداً لبعض المسؤولين العرب، بأن لا يستخدم القوة، بأي شكل من الأشكال، وتحت كل الظروف، ضد الكويت. وعلمنا، بصورة أو بأخرى، بأن بعض المسؤولين العرب، أعطوا للأمريكان مثل هذا الاستنتاج. والذي يهمني، هو أن لا يأخذ الأمريكان أي انطباع، بأننا لا نهتم بمصداقيتنا.

                أنا لم أعطِ مثل هذا التعهد، لأي عربي. والذي حصل أن بعض الأشقاء، المسؤولين العرب، كانوا يتحدثون معي عن وجود حشود للعراق باتجاه الكويت. وكانوا يقولون لي، بأن الكويتيين قلقون وخائفون. قلت لهم، بأنني أتعهد لهم، بأن لا نقوم بأي عمل عسكري، قبْل أن نعقد الاجتماع، الذي اتفقنا عليه، في جدة. وهذا حصل، ولم يحصل أي عمل عسكري، كلي أو جزئي، قبْل ذلك الاجتماع. بل ولأننا كنا ننتظر نتيجة جدية من اجتماع جدة، فإننا لن نتخذ القرار، إلاّ بعد رجوع نائب الرئيس، ليقول لنا الموقف الكويتي، كما هو.

                ثم هنالك من يتحدث عن السرعة، التي حصل بها العمل. وأن هذا يعني أن النوايا، سبقت اجتماع جدة. نعم، مثل هذا الاحتمال، سبق اجتماع جدة، والمترافق مع العمل الوطني الكويتي. ولكن، لم يكن هذا هو الاحتمال رقم واحد، الذي كنا نتصرف بموجبه، وإنما الاحتمال الأساس، هو أن نسترجع حقوقنا، بالمفاوضات. ثم إننا عرب؛ فأمر طبيعي، عندما يؤذينا مَن يؤذينا، فنحن نقدر أن نؤمّن صلة مع المعارضة، مثلما يكون الكويتي أو غيره قادراً على أن يتصل بالمعارضة في العراق، إذا ما آذاهم.

                عندما تعّرضت مصالحنا الحيوية إلى خطر أكيد، مع سبق الإصرار، وعجزت كل الوسائل الأخرى عن تقديم حل، استخدمنا القوات العسكرية. والسؤال هنا إلى الرئيس الأمريكي والمسؤولين الأمريكان: أين هو الخطر على المصالح الأمريكية، إن كان في الكويت أو خارجها؟

                أنتم تعرفون، أن نفط العراق، يباع لكم، منذ جئنا إلى الحكم، رغم أن العلاقات، كانت مقطوعة، آنذاك. وازداد حجم التعامل، بعد إعادة العلاقات، في 1984، وإلى أن اتخذتم قراركم بمقاطعة النفط العراقي. إنكم مستورِدون بحدود ثلث الكمية، التي نسوقها للخارج. وهذا حصل، ليس بمبادرة من الفنيين، وبتفضيل الأسواق، وإنما تم بقرار سياسي.

                نحن نعرف، الذي هو معلَن، أن مصالحكم هي تجارتكم، واستمرار حصولكم على النفط. فإذن، أين هو الخطر، الذي يجعلكم تناقشون العمل العسكري، الذي سوف تُهزمون به؟ وأقول لكم كيف تُهزمون. أنتم دولة عظمى، ونعرف أنكم قادرون على إيذائنا، كما قلت للسفيرة. ولكنكم ستخسرون المنطقة، بعدها. ولن تستطيعوا إركاعنا، لو استخدمتم كل أسلحتكم. تستطيعون أن تدمروا الحلقات، العلمية والفنية والاقتصادية والنفطية. ولكن كلما دمرتم أكثر، أصبح عبئاً عليكم. ثم إننا، بعد ذلك، لن نسكت إزاء مصالحكم في المنطقة. حتى ضرْبنا في الكويت، تم عندما أصبح واضحاً لدينا "إما المؤامرة ونتائجها الخطيرة، أو العراق العزيز المسالم، المقتدر".

                لا تضعونا، مرة أخرى، في موقف مماثل. عندما نرى، بأن فرص الحياة تضيق أمامنا، فسوف نمنعها على غيرنا. أنا أعرف أنكم دولة عظمى، وقادرون على الإيذاء والتدمير. ولكن، لا أحد يستطيع أن يقضي على الإنسان، إلاّ الله.

                ثم لماذا تريدون معاداتنا؟ لقد ارتكبتم أخطاء شنيعة، عندما أضعفتم أصدقاءكم إلى حدّ كبير، حتى أصبحوا غير قادرين على التأثير، في نظر شعوبهم. وأدعوكم إلى أن تعطوا أصدقاءكم فرصة للعمل والاجتهاد، ليعيدوا النظر لتكوين شخصياتهم، ليصبحوا لائقين، في وجْه شعوبهم. وفيما نرى، فإنكم قادرون على تدبير مصالحكم مع العناصر القوية القومية، الواقعية، أكثر مما أنتم قادرون على ضمان مصالحكم مع الضعفاء.

                تتحدثون عن عدوانية العراق. إذا كان العراق عدوانياً، لماذا كنتم تتحاورون معه، وهو في الحرب مع إيران؟ هل تحبون العدوانيين؟ أما إذا كنتم تتحدثون عن تصريح 2 أبريل الماضي، فأنتم تعرفون، أننا لم نصدر مثل هذا التصريح، قبْل وأثناء وبعد الحرب. لماذا صرحت بذلك؟ إن بعض الأوساط، الغربية والأمريكية، كانت ترتّب الأوضاع لعدوان إسرائيلي ضدنا. فكان لا بدّ من ذلك، قبْل أن تُرتكب حماقة ضدنا. ونعتقد أن هذا أنفع للسلام من السكوت، ومن ثَم، ترتكب إسرائيل حماقة ضدنا.

                تتذكّرون أننا، أثناء الحرب، تلقينا قصفاً مستمراً من إيران على بغداد، لحوالي السنة. ثم لما امتلكنا الصواريخ، لم نستخدمها، إنما هددنا إيران باستخدامها. لو أن إيران استمعت للنصيحة، لما استخدمناها. والحمد لله، أن إسرائيل، حتى الآن، استمعت إلينا. هل هذا أفيَد للسلام؟

                بغداد تتحمل صواريخ كثيرة، ولكن مدن إسرائيل، لا تتحمل ذلك. إذن، نحن مسرورون لعدم حصول ذلك. هل أن الذي هو مسرور لعدم حصول شيء، هو المسالم، أم الطرف الذي كان يريد الضرب؟  

                الخلاصة: إذا كان الذي يريده الرئيس الأمريكي، هو المعلَن من سياسته عن المصالح الأمريكية في المنطقة، كما تحدثنا عنها، فإننا نرى بأن التصعيد والتوتر والتصرف العسكري، هو ضد هذه المصالح. أما إذا كانت هناك مصالح أخرى لأمريكا، لا نعرفها، مما هي غير ما ذكرنا، فهذا شأن آخر. وفي كل الأحوال، نحن نريد الاستقرار، ونريد السلام. ولكننا نكره الخضوع، ولن نقبَله، ونكره الجوع، لأن شعبنا جاع لألف عام، ولن يعود إليه. ونتطلع، بشرف وبمجهودات إنسانية مشروعة، للمستقبل، بما في ذلك بناء علاقات متطورة، وجيدة، مع الولايات المتحدة الأمريكية، إن أرادت هي ذلك. هذه هي رسالتي الجديدة، التي أريد أن تصل إلى الرئيس بوش.

ولسون:         شكراً، سيدي الرئيس، وسأنقلها، بالتأكيد، إلى حكومتي. وبالبداية، سوف أنقل هذه الكلمات، هاتفياً، حال وصولي للسفارة، وبعد ذلك، سأرسلها مكتوبة. كما بيّنتم، بحق، أن هذا زمن خطير، ليس فقط للعلاقات العراقية ـ الأمريكية، ولكن بالنسبة للاستقرار في المنطقة والعالم.

الرئيس صدام: لماذا خطير للعالم؟

ولسون:        كما أعتقد، أن في الأسواق العالمية اضطراباً وعدم استقرار.

الرئيس صدام: أنتم عملتم ذلك. ونحن قبِلنا 25 دولاراً للبرميل، والآن، لولا موقفكم بالمقاطعة، لاستمر البرميل 21 دولاراً أو أقلّ. لكن، عندما تحصل المقاطعة لخمسة ملايين برميل، مرة واحدة، يحصل الاضطراب. نحن نلتزم بقرار الأوبك لـ 21 دولاراً للبرميل. وربما آخرون من التجار، سيستفيدون، وليس الشعب الأمريكي. وحجتنا قوية. جزء صغير من العراق، بدلاً من أن يُحترم العراق الأكبر ومصالحه، شُجّع من البعض لدور تآمري على اقتصاد العراق، ليسحق اقتصاده. فدافعنا عن أنفسنا، من دون تعرض للإضرار بأي طرف آخر، مثل أمريكا.

ولسون:        أشعر وكأنني لمست عصباً بذلك. والواقع، أن الذي أردت أن أقوله، أنه خلال هذه الأيام العصيبة والخطيرة، يبدو لي من الضروري جداً، أن نُبقي الحديث بيننا، لنتجنب الحوادث وإساءة الحسابات؛ وهذا الأسلوب، هو وحده، الذي يجعل هذا الموقف المتوتر والعاطفي أسوأ. لهذا، أرحب بهذه الفرصة لنقل هذه الرسالة. أودّ أن أبدي ملاحظتَين، ومن ثَم أعود للتأكد من النقاط التي أثرتموها. وسوف أنقل جواب رئيسي إليكم، أو إلى السيد الوزير. في الجزء الأول من رسالتكم، ذكرتم أن الكويت جزء من العراق.

الرئيس صدام: هذا، تاريخياً، صحيح. وعندما نقول ذلك، فلنؤكد بأنه كان على الكويت، أن تتعاون معه، ولا أن تتآمر عليه. ولكن عقدتها جعلتها تتآمر عليه. هذه خصوصية العلاقة بين العراق والكويت، كان يجب أن تتصرف بموجبها، وهي لا توجد مع كل الدول الأخرى، مثل مصر والسعودية، والتي لديها أفضل العلاقات مع العراق.

ولسون:        المهم جداً، بالنسبة لي، أن أفهم طبيعة العلاقة بالضبط.

الرئيس صدام: العلاقة تُحددها طبيعة العلاقة بين شعب البلدَين، ولا أحددها أنا أو الأمريكان أو السوفيات أو غيرهم. ونرى أنه يجب أن تُبنى على الأخوّة المشتركة، والاحترام المتبادل.

ولسون:        وهل هذا ما افتقدته العلاقات مع الكويت؟

الرئيس صدام: نعم، وخاصة في الأشهر الأخيرة. أركُض وراء جابر، لكي نؤشر الحدود، وهو يقول لا، اتركها على الآخرين. ولدينا وثائق على ذلك، وكنا نستغرب لماذا يحدث هذا. ثم ظهر أنه كان يقوم بدور تآمري.

ولسون:        شكراً. النقطة الثانية تحدثتم عن علاقاتكم الأخوية مع السعودية، وتحدثتم عن اتفاقية عدم الاعتداء معها. وأنا أودّ أن أطلعكم على قلق حكومتي إزاء النوايا العراقية، الآن. وأشعر أنكم قد أجبتم على ذلك القلق بشكل عام. ولكن اسمح لي.

الرئيس صدام: ما الذي يُطمئنكم لإزالة القلق؟

ولسون:        أنا لا أعلم. ولكن سوف أسأل رئيسي. ولكني أعرف، أنكم رجل واضح وصريح، أن تعطوني تأكيداتكم بأنه في ظل ظروف هذا اليوم، الذي نحن فيه، الذي لم يشهد عملاً عسكرياً أمريكياً، ولا عملاً سعودياً، وتحت هذه الظروف، ألتمس منكم التأكيد بأنه ليس بنِيتكم أي عمل عسكري ضد السعودية.

الرئيس صدام: تستطيع أن تأخذ التأكيد إلى السعودية، وإلى كل إنسان في الشرق الأوسط. الذي لا يهاجمنا، لا نُهاجِمُه. الذي لنّ يؤذينا، لن نؤذيه. الذي يريد صداقتنا، نحن نتحمس أكثر منه للصداقة. وهذا منهج نحن نحتاجه، ليس لفترة زمنية، كما يتصور البعض، إنما لأسباب إنسانية ولشعبنا. أمّا بالنسبة للسعودية، فلم يخطر ببالي مثل هذا السؤال، فالعلاقة بيننا متينة، إلاّ إذا كان لديكم شيء، لا نعرفه.

                الملك فهد، عندما يزوره جابر، وولي العهد الكويتي السابق، فمن الطبيعي أن يستقبلهم، ولا ننزعج من ذلك. ننزعج فقط، إذا ما أعطوا الفرصة لعمل ضد العراق من السعودية.

                بالمناسبة، سلِّم لي على الرئيس بوش، وأن يعتبر جابر والمجموعة التي معه، بأنهم انتهوا وأصبحوا جزءاً من التاريخ، عائلة الصباح أصبحت تاريخاً، ليس أمراً غير مشروع، أن يقلق أحد على مصالحه، نريد أن نفهم تماماً، أين هي المصالح المشروعة لأمريكا، وكيف نطمئنها على مصالحها؟

                أنا أقول لك هذا الكلام، ليس تكتيكاً، ليس لأنكم تقاطعونا. وأنا حرصت أن لا أراك، إلاّ بعد أن تقاطعونا. وأنا لا أسعى، هنا، إلى رفع المقاطعة، ولا القول بأن العمل الذي حصل، يجب أن يرحّب به من قِبل أمريكا.

ولسون:        أنا سأنقل هذا إلى حكومتي. جئت هنا بثلاث أفكار في ذهني، تعكس قلق حكومتي.

                الأولى: طبيعة الغزو؛ وتعلمون جيداً موقف حكومتي منه.

                الثانية: النوايا تجاه السعودية (المستقبلية)، وقد أجبتم على ذلك.

                الثالثة: تتعلق بسلامة المواطنين الأمريكان، وخاصة توفير الفرصة للمواطنين الأمريكان للمغادرة. كما تعلمون أن الأمريكان حساسون جداً من مسألة أن يُمنعوا من المغادرة. وهذا يشمل الأمريكان في الكويت. وبرغم الانسحاب.

الرئيس صدام: كيف تقولون إنه لم يحصل انسحاب، ثم تقولون شيئاً آخر، بعد ذلك؟

ولسون:        أنا شاهدت ثلاث قوافل من البصرة، وقد أبلغتُ واشنطن بذلك.

الرئيس صدام: أخذت ثلاثة أيام لقواتنا للدخول إلى الكويت، وبالنسبة للانسحاب، لا يمكن أن يتم بيوم واحد. وإن انسحاب القوات، يعتمد على الجو الدولي، ولن نترك الكويت لقمة سائغة لأحد، ولو قاتلنا الكون كله. ولو ازداد التهديد على الكويت، سنضاعف القوات هناك. وكلما التهديد كان بحجم معين، تغير الحجم. وعندما ينتهي التهديد، تنسحب كل القوات، ولا نريد تحويل الكويت إلى لبنان.

                وأعتقد أنه ليس من المصلحة، أن ينسحب الجيش العراقي بسرعة، وأن نترك الكويت للأطراف المتصارعة. الحكومة المؤقتة، استلمت نصائح بتشكيل ميليشيات مختلفة. ونحن نصحناهم بالاكتفاء بالجيش الشعبي. وما يتعلق بالأمريكان الموجودين في الكويت والعراق، الآن، ممنوع السفر للجميع، عراقيين وأجانب، في العراق والكويت. ومصادركم تعلم، أن جيشنا يتصرف هناك بمنتهى الانضباط تجاه الأجانب، مع ذلك، حسب بيان الحكومة الكويتية، التي سمحت لهم السفر إلى العراق؛ وهنا، الأمن واضح ومؤمّن.

ولسون:        هل يمكن أن أسألكم مباشرة؟ متى ستسمحون للمواطنين الأمريكان، المقيمين والزائرين، بالمغادرة؟

الرئيس صدام: بل متى سنسمح للأجانب عموماً بالمغادرة.

ولسون:        أنا مسرور للتعميم. ولكن، لا أسمح لنفسي بالحديث نيابة عن الآخرين.

الرئيس صدام: أردتُ أن أوضح بأن الموضوع، لا يشمل الأمريكان فقط. ومن المؤكد، أننا سنناقش هذا، وبوقت غير طويل. وسوف يكون لديكم علم.

ولسون:        اسمحوا لي، أن أحثكم على أن تأتي دراستكم لهذا الأمر عاجلاً، وليس آجلاً، لأنها مسألة عاطفية حساسة لحكومتي وشعبي.

الرئيس صدام: نفهم ذلك ونقدّره. والقضايا الإنسانية مفهومة.

ولسون:        أخيراً، أودّ أن أقول شيئين. أشرتم إلى حُسن تصرف القوات العراقية، وقد تم تأكيد هذا الأمر عليّ، من قِبل الوزير ووكيل الوزارة. ويتوفر لدي كل ما يجعلني أؤمن بأن هذا هو طبيعة الأمر. لهذا، اسمحوا لي أن أجلب انتباه حكومتكم، على اعتبار أنها قضية مهمة. ليلة أمس، بيت مستشار السفارة الأمريكية في الكويت، تم اختراقه، بواسطة بعض الجنود العراقيين. وذلك مغاير للسياسة التي أشرتم إليها، إضافة إلى كونه خرقاً للحصانة الدبلوماسية. ما كنت طرحت هذا الموضوع، لولا أنكم طرحتموه.

الرئيس صدام: يوم أمس، قابلت أحد ضباطنا، وتحدث لي عن عناصر تقوم بأعمال ضد الأمن، في بعض المخازن (آسيوية وسعودية وغيرهم). على أية حال، فإذا كان الجيش العراقي قد قام بذلك، فسوف نقول ذلك لكم، وسنقول لكم إنه كان خطأنا، وإننا سوف نحاسبه، لأنه ضد سياستنا.

ولسون:        ملاحظة أخيرة، خلال هذه الأيام العصيبة، وخاصة حول سلامة مواطنينا الأمريكان.

الرئيس صدام: هل تنوون الهجوم علينا، ولذلك تريدون إخلاءهم؟

ولسون:        كلا، وإنما من واجبي إعطاؤهم حق المغادرة. أنا سوف أبقى؛ وأنا أحب الحياة. ولكن، أريد أن أقول، إنه خلال الأزمة، فُتِحت أمامي كل الأبواب، وأمام زملائي في وزارة الخارجية، من الساعة 8 صباحاً وحتى 4 صباحاً؛ وأنا أقدّر ذلك. كما أنني أقدّر رغبتكم في أن تلتقوا معي، وأن تضعوني بمصير مواطنينا في الكويت.

الرئيس صدام: أطمئن عليهم، بقدر ما يتعلق بسلطتنا وصلاحيتنا وجيشنا في الكويت.

ولسون:        ولكن أودّ أن أثني على الحرفية العالية لعمل وزارة الخارجية؛ الحوار هو شريان الحياة، بالنسبة للدبلوماسيين، والسياسيين كذلك.

الرئيس صدام: أمر طبيعي، أنك تثني على زملائك. ولكنك لم تثنِ عليّ، بطلبي لك شخصياً لنقل الرسالة إلى بوش.

ولسون:        آخر مرة قابلت رئيساً في أفريقيا، طلبت منه الرجوع إلى كاتب المحضر. ووجد ذلك في المحضر. وإذا رجعتم للمحضر، ترون أنني شكرتكم جداً.