إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل العربية، تجاه الغزو العراقي، خلال الأيام الأولى للأزمة









وثيقة

وثيقة

رسالة أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح

في 5 أغسطس 1990

إلى الشعب الكويتي، من مقره المؤقت، في الطائف

بعد خروجه من الكويت، إثر الغزو العراقي

بسم الله الرحمن الرحيم

]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ w[

يا أبناء شعبنا الكريم، يا أهل الكويت.

    يا أبناء ذلك الرعيل الأول، الذي عبَر بحور المستحيل، وبذل الدم والعرق رخيصاً، من أجْل أن تكون الكويت عزيزة الجانب، شامخة الهامة.

    أتحدث إليكم، اليوم، ومشاعر الألم والحزن تعتصر قلبي. الألم، لأن كويتنا العزيزة، تعرضت لعدوان غاشم، استهدف أرضنا وشعبنا، بعد أن اجتاحت هذا البلد الصغير، الآمن المسالم، مئات الدبابات، وانهال عليه عشرات الألوف من الجنود، وعصفت بسمائه الصافية جموع الطائرات، تنشر الرعب والدمار.

    وما يحزننا، أيها الإخوة، أن مصدر هذا العدوان الغاشم، لم يكن عدواً معروفاً، فنتقي شرّه، أو بعيداً عنّا، فنرتاب في أمره. بل وللأسف الشديد، جاء العدوان من أخٍ وجارٍ قريب. شددنا أزره في محنته. ووقفنا إلي جانبه في ضيقه. وأصابنا من جراء ذلك ما أصابنا. وكنا نقول إنما هذا واجب الأخوّة والعروبة وحق الجوار. فكان جزاؤنا ما رأيتم وعلمتم وعانيتم. فأين الأخوّة؟ وأين العروبة؟ وأين حق الجوار؟ ولا نملك إزاء هذا، إلاّ أن نقول: "حسبنا الله ونعم الوكيل".

الإخوة والأخوات.

    إذا كان هذا العدوان قد تمكن من احتلال أرضنا، فإنه لن يتمكن أبداً من احتلال عزيمتنا. وإذا كان المعتدون قد استولوا على مرافقنا ومنشآتنا العامة، فإنهم لن يستطيعوا أبداً الاستيلاء على إرادتنا. فعزيمتنا وإرادتنا هما عزيمة وإرادة آبائنا وأجدادنا، الذين واجهوا أعتّ التحديات. فلم تلِن لهم قناة، ولم يخضعوا لأي عدوان. وكويت اليوم، هي كويت الأمس، أرض العزة والكرامة، بلد الرجال، ومنبت الأبطال. لم تطأطئ رأسها للغزاة، ولا خفضت جبينها للمعتدين. وسيشهد التاريخ، أن الكويت، مرت بمِحن كثيرة، وآلام جسيمة، وتعرضت لاعتداءات وغزوات متعددة، على مر الزمن. ولكن، بصمود الكويتيين وعزيمتهم وإيمانهم، بقيت الكويت حرة أبية، مرفوعة الراية، عزيزة الجانب، طاهرة التراب، شامخة الكرامة. وبقدر ما سجل التاريخ للكويت هذه الحقائق المشرّفة، في أوسع صفحاته، سجل للمعتدين، في الوقت نفسه، صفحات مظلمة من العار والخذلان.

الإخوة والأخوات.

    سوف يسجل لكم التاريخ، يا أبناء هذا الجيل، من أهل الكويت، أنكم واجهتم أشد المِحن ضراوة، فلم تستكينوا. وأنكم قاسيتم أحلك الساعات، فلم تَهِنُوا. وأنكم وقفتم في وجه جبروت القوة، ولم تخضعوا. ولسوف يذكر لكم التاريخ، أنكم وقفتم صفاً واحداً، في وجه العدوان، وأن المعتدين، لم يجدوا فيكم ثغرة، ينفذون منها إلى ضرب وحدتنا وتماسك شعبنا.

يا أبناء الكويت.

    إن التاريخ سيسجل لكم، بصفحات الفخر والعزّ، كما سجل لآبائكم وأجدادكم من قبْلكم، تلك الوقفة الشجاعة، والتصدي الباسل، الذي قمتم به، وقامت به قواتكم المسلحة، من جيش، وحرس وطني وشرطة، لمواجهة جحافل العدوان، بقلوب ثابتة، مؤمنة بالله، ومؤمنة بكل ذرة من تراب الوطن، رواها الآباء والأجداد بالدم والعرق. واعلموا، أيها الإخوة، أننا لسنا وحدنا، في مواجهة العدوان، فمعنا العرب والمسلمون. كما تقف معنا دول العالم، التي لم تتردد، لحظة، في رفع صوتها عالياً، استنكاراً وإدانة للعدوان. وفوق هذا كله، فإننا أصحاب حق، ندفع الظلم والعدوان عن وطننا، ونصون شرفنا وعرضنا. ونذود عن سيادتنا واستقلالنا.

والله معنا جميعاً، وهو نعم المولى ونعم النصير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.