إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل العربية، تجاه الغزو العراقي، خلال الأيام الأولى للأزمة









ثالثاً: مواقف الدول، والتجمعات العربية (2 ـ 10 أغسطس 1990)

4. موقف الاتحاد المغاربي

    كان لاجتياح العراق أراضي الكويت، انعكاساته وردود فعله، في دول الاتحاد المغاربي. إذ بادر المكتب الشعبي الليبي للاتصال الخارجي (وزارة الخارجية)، في بيان، بثته وكالة الجماهيرية للأنباء الليبية، إلى تأكيد أن "أي تدخّل خارجي في النزاع، سيعتبر اعتداء على الأمّة العربية"، ودعا الأشقاء العرب إلى الالتزام "بميثاق جامعة الدول العربية، الذي يقضي بحل جميع المشاكل بين الدول العربية، عن طريق الحوار والتفاهم، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة". كما أشار البيان إلى أن "السياسة النفطية لبعض الدول في المنطقة، أضرت بالمصالح الاقتصادية للأمّة العربية". وأكد البيان: "أن التدخل الأجنبي، من قِبل القوى الأجنبية، أمر ترفضه الجماهيرية رفضاً باتاً؛ لأن العرب قادرون على حل مشاكلهم فيما بينهم، وأي تدخّل خارجي، يعتبر عدواناً على الأمّة العربية".

أ. موقف الاتحاد من بيان مجلس الجامعة العربية، وبيان مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية

    شابه نمط تصويت دول الاتحاد المغاربي، على بيان مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، في 4 أغسطس 1990، تصويتها على القرار الصادر عن المجلس الوزاري للجامعة العربية، في 3 أغسطس 1990. فقد وافق كلٌّ من المملكة المغربية وتونس والجزائر على القرارَين. في حين، لم توافق موريتانيا على القرارات. وغاب وفد ليبيا عن المشاركة.

ب. موقف الاتحاد من قرارات القمة العربية الطارئة

    وضح التباين في مواقف دول الاتحاد المغاربي من قرارات القمة العربية الطارئة، الصادرة في 10 أغسطس 1990، إذ وافقت عليها المملكة المغربية. وامتنعت الجزائر عن التصويت. وتحفظت موريتانيا عنها. وعارضتها الجماهيرية الليبية. بينما تغيبت تونس عن القمة، وعلى الرغم من تغيبها، فإنها دانت قراراتها، مؤكدة أنها لم تكن لتوافق على ما "أعلن سلفاً"[18].

    وقد عكس هذا التصويت عدم وجود موقف موحَّد لدول الاتحاد المغاربي، سواء على مستوى دوله أو على مستوى الاتحاد، كإطار مؤسس[19].

5. موقف دول اتحاد المغاربي

أ. الموقف التونسي

    أصدرت الخارجية التونسية بياناً، أعربت فيه عن القلق البالغ، حيال التدهور العسكري، في النزاع العراقي ـ الكويتي. وأكدت أن ما يهمها، هو المحافظة على التضامن والوحدة العربيَّين. وأعلنت اقتناعها، أن الجامعة العربية، تبقى الإطار الملائم لتسوية الأزمة، بالسُبُل السلمية.

ب. الموقف الجزائري

    أصدرت الجزائر بياناً، نددت فيه بالعدوان الآثم على الكويت. وطالبت بالانسحاب الفوري للقوات الغازية، من دون قيد أو شرط. وأكدت سيادة الكويت واستقلالها. 

    وأعلن الرئيس الجزائري، الشاذلي بن جديد، أن "امتناع الجزائر عن التصويت على قرارات القمة العربية، ليس عن المبدأ الأساسي. ونحن ضد أي احتلال، من قِبل أي بلد، عربي أو غير عربي، لبلد آخر، أيّاً كانت المبررات والحجج". وأشار إلى أن الامتناع الجزائري، كان يهدف إلى إدخال بعض التعديلات على نص القرارات، لتحصل على غالبية عربية كبيرة.

ج. الموقف المغربي

    تميز موقف المملكة المغربية بالتشدد في إدانة الاجتياح العراقي للكويت؛ إذ أصدرت بياناً، يدين الغزو العسكري للكويت، الذي خرق كل المبادئ الأساسية، التي تنظم القانون الدولي، وقواعد العلاقات الدولية. ووصف البيان الغزو العراقي للكويت، "بأنه يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق جامعة الدول العربية، المبني على أساس التضامن، بين الدول الأعضاء في الجامعة".

    كما أعلن وزير الدولة المغربي، أن "إعلان المغرب تضامنه مع الشعب الكويتي، وتنديده بالهجوم العسكري العراقي على الأراضي الكويتية، موقف ينسجم والتقاليد السياسية للمغرب، ويعكس تمسك حكومة الرباط بالقانون الدولي".

    وعبّرت المملكة المغربية عن استمرارها بإدانة العراق. كما وافقت على إرسال قوة عسكرية مغربية، قوامها 1200 رجل، إلى الخليج.   

د. الموقف الليبي

    أعلن العقيد معمر القذافي، أنه على الرغم من رفضه أسلوب الغزو العسكري، حتى لو كان الهدف هو الوحدة، إلاّ أن ذلك لا يخفي عن "أعيننا الخطر الأكبر، الذي يهدد الأمّة العربية كلها، الآن، وهو التدخل الاستعماري الأمريكي، الذي يعمل لمصلحة إسرائيل، في الأساس، ويهدد كيان العراق والأمّة العربية".

    واقترح القذافي، أن تبادر مجموعة من الرؤساء والملوك، إلى إبلاغ الرئيس صدام حسين ما اتخذته القمة من قرارات. واقترح أن تتكوَّن هذه المجموعة من الرئيسَين مبارك والشاذلي بن جديد، والملك حسين. وارتأى القذافي، أن يكون الحل على أساس انسحاب العراق من الأراضي الكويتية، والقوات الأجنبية من الخليج، في آن معاً، وضمان حقوق العراق في أصل النزاع، سواء ما يتعلق بالتعويضات أو النفط أو مشكلة الحدود.

هـ. الموقف الموريتاني

    مال الموقف الموريتاني إلى تفهم ما حمل العراق على عمليته العسكرية، واستطراداً، عدم الموافقة على إدانته، على الرغم من تأكيدها مبدأ رفض استخدام القوة في حل المنازعات بين الأشقاء.

6. مواقف بعض الدول العربية

أ. الموقف السوري

    منذ الأيام الأولى، دانت الرئاسة والحكومة، في سورية، الغزو العراقي، استناداً إلى رفض استخدام القوة، أو التهديد باستخدامها بين الدول العربية، بل تحريمها كلية، لتناقضها مع ميثاق الجامعة العربية، وقرارات القِمم العربية، وميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي. وكذلك لآثار الغزو السلبية على العمل العربي المشترك، والأمن القومي العربي. وطالبت بانسحاب العراق، وعودة حكومة الكويت إلى ممارسة مهامها.

    وكانت سورية من أولى الدول العربية، التي دعت إلى قمة طارئة، تُعقد في القاهرة، لتدارك الأزمة. ونشط الوفد السوري إلى اجتماعات مؤتمر وزراء الخارجية العرب، في دورته غير العادية، في القاهرة، في 2 أغسطس 1990، في الدعوة إلى القمة، انطلاقاً من الرفض السوري لأي تدخّل، أو محاولة تدخّل أجنبي في الأزمة.

    كما أكد الرئيس السوري، حافظ الأسد، أن السبب الرئيسي لوجود الحشد العسكري الغربي، في منطقة الخليج، هو غزو العراق الكويت، ما يعني أن الأساس في الأزمة، هو الغزو، وليس التدخل الأجنبي. وانتقد، بشدة، احتلال العراق دولة عربية، تحت زعم أن ذلك هو مدخل لمواجهة إسرائيل. وفي هذا الإطار، رفضت سورية مبادرة الرئيس العراقي، صدام حسين، في بداية الغزو، الداعية إلى الربط بين مختلف أزمات المنطقة، أي بين الغزو والصراع العربي ـ الإسرائيلي، واحتلال إسرائيل أراضي عربية، بعد حرب 5 يونيه 1967، بما فيها المرتفعات السورية، وكذلك الوجود السوري في لبنان. ووصفت دمشق المبادرة بأنها مناورة عراقية، لكسب الوقت، ورأت أنه لا داعي للربط بين هذه الأزمات. كذلك، انتقدت سورية المقولة، التي روجها العراق، حول إعادة توزيع الثروة العربية، وقضية العدالة الاجتماعية العربية عموماً. فأوضحت أن النظام العراقي، خاض حرباً مدمرة، وغير مبررة، لمدة ثماني سنوات، في مواجَهة إيران، استنزف فيها ثروة عربية طائلة، وأودى بمئات الآلاف من العرب. ثم عاد هذا النظام إلى تسوية الوضع مع إيران، من خلال التسليم بكل شروطها، والعودة إلى اتفاقية الجزائر عام 1975، التي كان رفض العراق لها السبب الرئيسي لنشوب الحرب، عام 1980، بينه وبين إيران.

    ونظرت سورية إلى الغزو، على أنه يضعف من الإمكانات العربية، في مواجَهة إسرائيل. وهو ما يفسر فشل المحاولة العراقية للتصالح مع سورية، بعقد لقاء سوري ـ عراقي، على الحدود؛ وكان من أهم أهدافها، إعادة فتح خط أنابيب النفط العراقي، في بانياس. كما وضع الموقف السوري في حساباته المعقدة، الفرص التي أتاحتها الأزمة، لإعادة ترتيب أوضاعه، العربية والإقليمية، واستثمار هذه الأزمة، في استرداد نقاط القوة والنفوذ، التي توافرت له قبْل حرب الخليج، والتي كانت قد تأثرت بوقف الحرب، وبدعم العراق لتمرد ميشال عون، في لبنان. ولم يُغْفِل مجلس التعاون العربي، الذي استهدف منه العراق، الإمعان في عزل سورية، عربياً والحيلولة دون حدوث تقارب مصري ـ سوري.

    ومن ثَم، بدأت سورية تستغل هذه الأزمة، في توثيق علاقتها بكلٍّ من السعودية ومصر. وكان انهيار مجلس التعاون العربي فرصة ثمينة، لكي تُظهر نفسها كفاعل إقليمي عربي، لا يمكن تجاهله، وأن الغزو العراقي، لم يفلح في عزل سورية عن التفاعلات العربية المختلفة. كما أن الموقف السوري، الرافض للغزو، جدد ثقة النظام السعودي بقدرة دمشق على أداء دور موازِن للخطر العراقي.

    وتبلور التنسيق السوري ـ السعودي ـ المصري في عدة محاور. لعل أهمها، إلى جانب إدانة الغزو، الحيلولة دون الإدانة الكاملة للوجود الأجنبي المكثف في الخليج، والسعي، في الوقت نفسه، إلى ضمان تسوية سلمية للأزمة، عبْر الجهود الدبلوماسية. كما وافقت سورية، في ضوء قرارات القمة العربية، في القاهرة، في 10 أغسطس 1990، على إرسال قوات سورية، للاشتراك في الدفاع عن المملكة العربية السعودية، على أن تعمل تحت القيادة السعودية.

    ونقل بعض وكالات الأنباء، أخباراً عن محاولات سورية ـ سعودية ـ مصرية، من أجْل التوصل إلى إطار دولي للضمانات، التي يجب أن تقدم إلى العراق، إذا ما اقتنع بفكرة الانسحاب، مع تشكيل قوات عربية، تتولى ضمان أمن الكويت، بعد انسحاب القوات العراقية.

    وفي إطار العلاقات السورية ـ الإيرانية، فقد اتفقت القيادتان، السورية والإيرانية، على عدم شرعية الغزو العراقي لدولة الكويت. ورفضتا احتفاظ العراق بمنفذ إلى الخليج، من خلال ضمه جزيرتَي وربة وبوبيان، في إطار تسوية سلمية للأزمة، بعد الانسحاب من الكويت.

    ومن الواضح، أن الرفض الإيراني ـ السوري للغزو العراقي، قد عزّز ثقة دول الخليج بالدور السوري ـ الإيراني. ووجدت تلك الدول، ولا سيما المملكة العربية السعودية، في سورية، جسراً مهماً لتحسين العلاقات بإيران.

ب. الموقف الفلسطيني

    على الرغم من أن موقف منظمة التحرير الفلسطينية، من تطورات الأزمة العراقية ـ الكويتية، تحدد، منذ البداية، بالانحياز إلى موقف العراق، إلاّ أن التضارب، الذي سيطر عليه، مع اختلاف الرؤى الفلسطينية، عَكَسَ حالة من الارتباك في بيانات القيادة الفلسطينية وتصريحاتها، مما ترك أثره في الأوضاع، داخل الأراضي العربية المحتلة، وفي الفلسطينيين، في منطقة الخليج. فضلاً عن تأثيره في مساهمات دول الخليج في دعم المنظمة الفلسطينية، سياسياً وإعلامياً واقتصادياً، وفوق كل ذلك، وقبْله، مالياً؛ إذ قدرت بنحو مليار دولار، من أصل مليار ونصف المليار من الدولارات، تلقتها منظمة التحرير، من دول عربية، منذ عام 1979.

    والواقع، أن اهتمام الرئيس عرفات بتطورات الأزمة، ومحاولة إيجاد حلول سلمية لها، كان نابعاً من الحاجة إلى إنقاذ القضية الفلسطينية، والتي تضررت كثيراً من الانقسام العربي الناجم عن تطور المواقف، المعلنة وغير المعلنة، للقيادات العربية. وفيما يلي مواقف الأطراف والفصائل الفلسطينية، على اختلاف توجهاتها.

(1) منظمة التحرير الفلسطينية

    منذ اللحظة الأولى لبدء الغزو العراقي للكويت، وفي أول رد فعل رسمي، تحفظ الفلسطينيون، في مجلس جامعة الدول العربية، في القاهرة، عن القرار المتضمن إدانة الغزو العراقي، والمطالب بالانسحاب الفوري، غير المشروط، في محاولة من المنظمة لمنع التدخل الأجنبي، وتعويق جهود الوساطة العربية[20].

    لكن الخط الفلسطيني، الذي تمثله منظمة التحرير، بدأ يتراجع، بعد أيام من القمة الطارئة؛ إذ أكد سفير دولة فلسطين لدى الرياض، "أن ما وصم به الموقف السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، كان أبعد ما يكون عن الحقيقة. أما الواقع، فهو أنه منذ أن تفجر الخلاف المؤسف، بين الدولتَين الشقيقتَين، العراق والكويت، بادرت فلسطين إلى احتواء الأزمة، لإدراكها، سلفاً، أن استمراريتها، فضلاً عن نتائجها، لن تكون إلاّ على حسابها، أرضاً وشعباً، وجوداً وهوية ومستقبلاً".

    وحددت المنظمة الموقف الفلسطيني من تطورات الأحداث، كما يلي:

(أ) تأييد حل، يضمن سلامة أراضي وأمن العراق والكويت والمملكة العربية السعودية، والمنطقة العربية بأسْرها.

(ب) رفض مبدأ حل الخلافات العربية بالقوة. والعمل على تحقيق حل، يحفظ كرامة كافة الأطراف وحقوقهم، ولا ينحاز إلى جانب على حساب جانب آخر.

(ج) إمكانية اضطلاع القوة العسكرية العربية بدور في حماية كرامة وحقوق جميع الأطراف وحقوقهم. أما إذا كان وجود القوات الدولية ضرورياً، فينبغي أن توضع تحت علم الأمم المتحدة.

(د) احترام المنظمة سعي المملكة العربية السعودية إلى حماية نفسها، ودرء الخطر عن أراضيها، عبْر تطلعها إلى أشقائها، في تدعيم قوّتها الذاتية.

    والواقع، أن الخلاف العراقي ـ الكويتي، أوقع الرئيس عرفات في مأزق، لدى مؤيديه ومعارضيه على السواء، مما أثر في القضية الفلسطينية نفسها، حتى إن المحاولات الفلسطينية المتسارعة، لتصحيح الأوضاع، لم تلقَ قبولاً لدى بعض الدول الخليجية. وعلى سبيل المثال، فإن الملك فهداً، عاهل المملكة العربية السعودية، أمر، على أثر ما أسماه بخديعة "ياسر عرفات له"، بوقف معونة، قدرها خمسة عشر مليون دولار، كانت المملكة تمنحها منظمة التحرير، سنوياً. وجاء هذا الإجراء في إطار العقوبات، التي فرضتها الرياض على المنظمة، على الرغم من أن القضية الفلسطينية تُعد من أبرز القضايا، التي توليها المملكة العربية السعودية اهتمامها. كما بدأت دول الخليج باتخاذ بعض الإجراءات، حيال العمالة الفلسطينية فيها. كذلك، شملت الإجراءات المساعدات المالية، المقدمة من تلك الدول إلى منظمة التحرير الفلسطينية.

    وحمل الموقف الفلسطيني، كذلك، بعض الدول العربية، على كبح اندفاعها تجاه القضية الفلسطينية والانتفاضة في الأراضي المحتلة. بل أدى هبوط أسهم ياسر عرفات نفسه، لدى بعض الدول العربية، خاصة الخليجية.

    وبدأت المنظمة تبحث عن مخرج من تلك الأزمة فقدمت، بالاشتراك مع ليبيا، في 7 أغسطس 1990، مبادرة سلام، تضمنت ست نقاط، كما سبق شرحه[21].

(2) الفصائل الفلسطينية

    في الوقت الذي حاولت منظمة التحرير، من خلال العديد من التصريحات والبيانات، أن تؤكد سلامة خطها، عارضت الجبهات: الشعبية والديموقراطية والقيادة العامة والنضال الشعبي والتحرير العربية، وجود القوات الأجنبية في المنطقة، ودعت إلى مقاومتها. بينما انفردت حركة المعارضة في "فتح"، التي يتزعمها أبو موسى، بانتقاد الولايات المتحدة الأمريكية ومواقف عرفات معاً.

ولعل مواقف هذه الفصائل، تتضح في ما يلي:

(أ) وجّه الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، أبو العباس، في 11 أغسطس 1990، أمراً قتالياً إلى مقاتلي الجبهة وأصدقائها وأنصارها، بضرب مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها من الدول العربية.

(ب) استنكرت منظمة أحمد جبريل حشْد القوات الأمريكية في الخليج، وموقف الدول العربية المتعاونة مع هذه الحشود.

(ج) أكد جورج حبش، زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، دعوته الشعوب العربية إلى تأييد العراق والدفاع عنه، بكل السُبل.

(د) أعرب ناطق باسم ما يسمى "الجبهة الإسلامية لتحرير فلسطين"، في عمّان، في 6 أغسطس 1990 تأييد الجبهة دخول الجيش العراقي الكويت.

(هـ) أعلن المسؤول العسكري في جبهة التحرير العربية، الجناح الفلسطيني لحزب "البعث" العراقي، أن قرابة 350 فلسطينياً، تطوعوا للانضمام إلى الجيش الشعبي، الذي أعلن العراق تشكيله، في الكويت، إضافة إلى أربعة آلاف مقاتل، من كافة الفصائل.

(3) الفلسطينيون في الأراضي العربية المحتلة

    تواصلت، في أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، المحتلَّين، مظاهرات التأييد للعراق، في دفاعه عن الأرض العربية، وكرامة الأمّة وشرفها، منددة بالوجود الأمريكي في المنطقة.

    ونشرت جريدة "الفجر"، الصادرة في الأراضي المحتلة، في عددها الصادر يوم 7 أغسطس 1990، أن استطلاعاً للرأي، أوضح أن 81% من سكان الأراضي المحتلة، يؤيدون موقف عرفات، المساند للعراق. ووصف الاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين، مبادرات صدام حسين، بأنها جاءت لتضع المنطقة في إطار الحل الصحيح والمشرف. وطالب المهندسون الفلسطينيون بضرب المصالح، الأمريكية والغربية، في المنطقة حيثما وجدت.

    هكذا، أضر الموقف الفلسطيني، فيما بعد، بالقضية الفلسطينية، وفي هذا الصدد، أعلن دوجلاس هيرد، وزير الخارجية البريطاني، في 2 سبتمبر 1990، تجميد الاتصالات بين الحكومة البريطانية ومنظمة التحرير الفلسطينية. وأكد ميشال روكار، رئيس الوزراء الفرنسي، في 30 أغسطس 1990، أن أزمة الخليج، والموقف العراقي، أصبحا عقبة إضافية، أمام حل القضية الفلسطينية[22].

ج. الموقف السوداني

    أثرت الأوضاع الداخلية السودانية، في موقف حكومة السودان العسكرية من الأزمة. فالتيار السياسي، داخل السودان، الذي يدعم حكومته، وهو الجبهة الإسلامية، اتَّخذ موقفاً معادياً للتدخل الأجنبي. ولكن الأرجح، أن هذا العامل الداخلي، لم يكن هو الحاسم في موقف السودان، بل كان مساعداً للعامل الرئيسي، الذي يتمثل في العلاقات العسكرية القوية، بين الخرطوم وبغداد؛ إذ أصبح العراق أهم مصدر لتسليح السودان ودعمه عسكرياً، في مواجهة حركة جون قرنق في الجنوب. فضلاً عن اعتماد السودان اعتماداً أساسياً على النفط العراقي.

    وانعكس موقف السودان، خلال التصويت على قرار مجلس جامعة الدول العربية، في دورته غير العادية، في القاهرة، في 2 أغسطس 1990. كما تحفظ السودان عن قرارات القمة العربية الطارئة، التي عقدت في القاهرة، في 10 أغسطس 1990.

    وعند إعلان مقاطعة العراق اقتصادياً، حاول السودان مواصلة علاقاته الاقتصادية به. وقد أُوقِفت سفينة سودانية، عند محاولتها الدخول إلى ميناء العقبة الأردني.

    ونفى السودان ما أثير، عن وضع قواعده العسكرية تحت تصرف العراق، في مواجَهة الحشود الغربية في الخليج. وكذلك ما أثير عن وجود صواريخ سكود، عراقية، على حدود السودان الشمالية. ونفت الحكومة السودانية أي محاولة للإضرار بأمن مصر.




[1] هناك من يرجع الموقف الفلسطيني لعدد من الأسباب، كالإحباط الناجم عن السلبية واللامبالاة، اللتَين قابل بهما الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية، مجمل المبادرات السلمية الفلسطينية، خلال عامَي 1989 ـ 1990. إضافة إلى العلاقة الوثيقة، بين الجانبَين، الفلسطيني والعراقي، بعد توقّف الحرب العراقية ـ الإيرانية؛ والتعويل الفلسطيني على القوة العسكرية العراقية، من أجْل تصحيح الخلل الإستراتيجي، بين العرب وإسرائيل؛ فضلاً عن وجود قوات ومؤسسات فلسطينية مهمة على أرض العراق، منذ الخروج من لبنان.

[2] ذكر الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة العربية السعودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أن العراق لم يعطِ المملكة أي تأكيدات، ولا مع عزة إبراهيم، في زيارته إياها، وأنه إبّان ذلك، حدثت 3 اختراقات للحدود السعودية مع الكويت، من جانب القوات العراقية، مما دفع المملكة إلى اتخاذ القرار، في شأن طلب المساندة من الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب، ومن الدول العربية والإسلامية، كذلك.

[3] جاء أوضح تعبير عن هذا الاتجاه، في تصريحات الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع السعودي، التي أدلى بها في مؤتمر صحفي: "إذا كانت للعراق الشقيق حقوق، فكلنا نرى، أن أي عربي، له حق تجاه أخيه العربي، يجب أن يأخذه، ولكن، ليس عن طريق استخدام القوة. فهذا أمر غير مطلوب".

[4] يلاحظ أن تحديد الموقف السعودي بهذا الشكل، قد أدخل فيه عنصر جديد، هو المطالبة بضمانات لعدم تكرار الاعتداء، بما يعني وضع ضوابط لقدرات العراق العسكرية. ويرى بعض المحللين أن هذه التصريحات، قد أفصحت عن وجود اتجاه، داخل الأُسرة السعودية، يرى ضرورة التركيز في الحل السلمي، الذي يتضمن بعض التنازلات للعراق؛ في مقابل اتجاه آخر، يرى أهمية الالتزام الكامل بالثوابت المعلنة للموقف السعودي، منذ بداية الغزو؛ في حين جاء الاتجاه الثالث كمزيج من الاتجاهَين السابقَين، ويرى إبداء شيء من المرونة تجاه العراق، من دون التنازل عن الثوابت الأساسية، مع عدم الممانعة في إعطاء بعض التنازلات، شريطة أن يكون ذلك بعد تحقيق الانسحاب، وعودة الشرعية.

[5] أعلن مجلس الوزراء السعودي استياءه من مواقف بعض الدول العربية، التي عارضت، أو تحفظت من قرارات مؤتمر القمة العربي الطارئ، في القاهرة.

[6] زاد معدل الإنتاج مليونَي برميل، يومياً، إضافة إلى زيادة، قدرها نصف مليون برميل، من الإمارات، من أجْل المحافظة على الاستقرار في المنطقة.

[7] كان المتصور، أن تبادر الدول العربية إلى تنفيذ اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

[8] قال وزير الخارجية الكويتي، صباح الأحمد الجابر الصباح، خلال زيارته واشنطن، في 15 أغسطس 1990: "إن كل ما يهم حكومتي، هو العمل على تحرير بلدي، ولو كان من جانب الشيطان، ولكن باستثناء واحد، هو إسرائيل.

[9] بلغت النداءات التي وجهها الرئيس حسني مبارك إلى الرئيس صدام حسين، نحو 26 نداءً، منذ بداية أزمة الخليج في 20 يوليه 1990، وحتى 15 يناير 1991، قبيل العمليات العسكرية.

[10] بيان حزب العمل، الصادر في 5 أغسطس 1990، وبيان حزب التجمع، الصادر في 26 أغسطس 1990.

[11] عبّر الملك فهد بن عبدالعزيز، عن دور القوة العربية، بقوله: "كنا نود وكنا نرغب في أن نستعين فقط بقوات عربية، تدعم القوات السعودية في الحفاظ على أمننا الوطني. لكن، ما من قوات عربية جاهزة لهذا الأمر؛ فلجأنا إلى كل العالم". ووجود هذه القوة العربية، هو سياسي أكثر مما هو عسكري، يعني وجود دور عربي في الدفاع عن استقرار منطقة الخليج.

[12] بدأ وصول القوات العربية، التي شاركت في هذه المهمة، في 10 سبتمبر 1961، وانسحبت القوات البريطانية من الكويت فور اكتمال وصول القوات العربية، في 3 أكتوبر 1961.

[13] أوضح الرئيس مبارك خطر هذا الموضوع، في مؤتمر القمة العربية الطارئة، حينما تحدث عن نقاط أساسية، وحيوية، للخروج من هذا المأزق، بالخيار بين عمل عربي فعال، يصون مصالح الأمة، ويحفظ العراق والكويت، على أساس المبادئ؛ أو بتدخل أجنبي، لا حول لنا فيه، ولا سيطرة، وسوف يسترشد بأهداف القوى، التي تضطلع به، وليس الحفاظ على كيان العرب وحقوقهم. وإن المظلة العربية للخروج من المأزق، هو الخيار المأمون.

[14] حديث الملك حسين، حول أزمة الخليج، لشبكة التليفزيون الأمريكية (CBS) ، في 15 أغسطس1990، سجله أثناء زيارته واشنطن.

[15] قدر الخبراء الاقتصاديون حجم الخسائر، التي تلحق بالأردن، إذا ما استجاب المقاطعة بحوالي مليارَي دولار، سنوياً، نظراً إلى أن الاقتصاد الأردني متداخل من صادرات الأردن، خاصة الفوسفات التي تذهب إلى العراق. ومن المعروف، أن ميناء العقبة الأردني، منذ بداية الحرب العراقية ـ الإيرانية حتى نهايتها، كان هو الميناء البديل من ميناء البصرة العراقي.

[16] هناك علاقات تجارية قوية، بين الأردن والعراق، إذ استورد العراق عام 1989، سلعاً أردنية، بنحو 124 مليون دينار، تمثل 23.2% من مجموع الصادرات السلعية الأردنية. كذلك، استورد الأردن من العراق عام 1989، ما قيمته 212.7 مليون دينار، تشكل 17% من مجموع الواردات الأردنية. وفي حالة تطبيق المقاطعة ترتفع البطالة في الأردن، بنسبة 12.4%، زيادة على النسبة التي كانت عليها قبل أغسطس 1990، والبالغة 16%.

[17] أعلن الملك حسين، في خلال مؤتمر صحفي، عقده في 22 أغسطس 1990، أنه سيقوم بجولة، تشمل عدداً من الدول، الغربية والعربية، في ما وصفه بآخر الجهود، التي تستهدف إبعاد شبح الحرب عن منطقة الخليج. وقال العاهل الأردني، في المؤتمر الصحفي: "إننا نواجه نوعاً من الأزمة، التي فقد فيها العالم عقله.

[18] جريمة غزو العراق للكويت ـ أحداث ووثائق"، ص 27. برّر الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، غياب بلاده عن القِمة، بأنه طلب من الرئيس مبارك تأجيلها لمدة يومين أو ثلاثة، لأنه كان يعتزم الاتصال بالرئيس العراقي، لإقناعه بضرورة التوصل إلى حل، يحفظ حقوق أطراف النزاع، ويصون وحدة الأمة.

[19] فشلت كافة الاتصالات، المبذولة لعقد اجتماع طارئ للاتحاد المغاربي، عقب اجتياح العراق الأراضي الكويتية.

[20] أكد ياسر عبدربه، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، في 8 أغسطس 1990، أن التدخل الخارجي في الأزمة، سيشق الصف العربي، ويطيل أمد الأزمة، ويحولها إلى وسيلة لإعادة الوجود الخارجي إلى المنطقة وتكثيفه. وحذر من الوقوع في الفخ الأمريكي ـ الإسرائيلي، الذي يسعى إلى اغتنام الفرصة لضرب القدرة العسكرية العربية.

[21] من المعروف، أن الرئيس ياسر عرفات، قد أعلن مبادرة أخرى، ذات مبادئ خمسة، يوم 29 أغسطس 1990، ووصفت من العديد من الأطراف العربية، أنها غير قابلة للتنفيذ، وتقف على قدم المساواة مع سابقتها، ذات النقاط الست التي اقترحها مع ليبيا".

[22] أدت أحداث الخليج إلى تراجع قوة الدفع السياسية، لمسيرة الانتفاضة الفلسطينية، في الأراضي العربية المحتلة.