إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / ردّ فعل جامعة الدول العربية، وموقفها تجاه الغزو العراقي خلال الأيام الأولى للأزمة









وثيقة

وثيقة

نداء من الرئيس العراقي صدام حسين

إلى جماهير العرب والمسلمين حيثما كانوا

يوم الجمعة 10 أغسطس 1990

بسم الله الرحمن الرحيم

نداء من صدام حسين

إلى جماهير العرب، وإلى المسلمين حيثما كانوا.

انقذوا مكة وقبر الرسول من الاحتلال

أيها العرب. يا أحفاد رجال القادسية الأولى، واليرموك، وحطين، ونهاوند.

أيها الإخوة المناضلون. أيها الشرفاء المجاهدون حيثما كنتم.

إن أمتكم أمة عظيمة اختارها الله لتكون أمة القرآن، وشرّفها بعد الاختيار وعبر مراحل الزمن، أن تحمل مبادئ كل الرسالات السماوية، وتكون مبشرة وداعية لمبادئها، وما ورد فيها من قيم وأحكام. ومنها تعاقب الأنبياء والرسل ليؤدي كل دوره العظيم.

وقد كانت أمتكم داعية مبادئ وقيم إلى الإنسانية، فأصبحت بموجب هذا، وبموجب شمائلها المتميزة راية عالية، يُقتدي بها في مشرق الأرض ومغربها.

هكذا كانت أمتكم، وهذا هو دورها يوم كان يقودها رجال آمنوا بربهم، وقد وضعوا الثروة والأموال في خدمة الناس، وليس في خدمة الملذات والمنكر. ويوم احترموا أنفسهم وعناوين المسؤولية فكانوا كفءاً لها فاحترمتهم شعوبهم، واحترموا دورهم القيادي، فكان أمرهم بمثابة إرادة الله لعمل الخير وإرادة الأمة والشعب على طريق اختياراتهما الشريفة.

وطبقاً لهذه الصورة كان الأجنبي يحترم إرادة العرب، ويحترم قيمهم ومبادئهم، فلا يدوس أرضهم، ولا يستهين بمقدساتهم وبمحرماتهم. وكان العرب فعلاً، وليس قولاً فحسب، أمة واحدة وموقفاً واحداً. كان العرب من أقصى مشرق الوطن، حيث العراق، إلى أقصى مغرب الوطن، حيث مراكش، أعزاء بقيمهم ومعاني الرسالة والحياة التي يحملونها على كاهلهم.

كان القائد أو الحاكم فيهم أكثرهم حكمة وثقافة، وكان من بين أشجع الرجال فيهم، يتقدم الصفوف حيثما اشتدت المنازلة، أو يكون موقعه ضمن الصفوف الأولى فيها. وكان أكثرهم كرماً، أو من بين أكرم الرجال فيهم.

كان الحاكم صادقاً لا يكذب أهله في أمر ونزيهاً وعفيفاً. وكان في كل الأحوال يخاف الله، ويحب ويحترم شعبه. وكان ذا قدرة على الاجتهاد في شؤون الدنيا والدين، ليكون قائداً فعلياً للدولة والمجتمع. وكانت ثروة الأمة توزع على المحتاجين، أما المقتدرون من عرق جبينهم، وعملهم الشريف فكانوا عناصر متعاونة ومتفاعلة مع الأغلبية من أجل إعلاء قيم المجتمع، ومن أجل خير المجتمع.

كان الحاكم آنذاك مقنعاً ويأتمر بما يرضي الله والمجتمع، وليس بأوامر الأجنبي. كان الحاكم قريباً من الله وبعيداً عن المنكر. فما هو حالنا اليوم؟

لقد تغير حال العرب على مستوى الشعب والأمة، وعلى مستوى الحكام، بعد أن دخل الأجنبي ديار العرب، وبعد أن قسّم الاستعمار الغربي هذه الديار. ومن خلال تقسيمه للديار فقد أنشأ دويلات ضعيفة نصب عليها العوائل التي قدمت له خدمات سهلت له مهمة احتلال أرض العرب، والإمعان في تقسيم ديارهم، وقد راعى الاستعمار مصالحه في البترول وتأمين المواقع الجغرافية على سواحل البحار والمحيطات والخلجان، عندما أنشأ تلك الدويلات البترولية المسخ. وبذلك أبعد الثروة عن الكثرة من أبناء الأمة والشعب ومن خلال خططه وبفعل واقع حال الثروة الجديدة، التي أصبحت فجأة في يد القلة من الأمة، تستغل وتستثمر لصالح الأجنبي ولصالح القلة من الحكام الجدد، ومن يلتف حولهم، انتشر الفساد المالي والاجتماعي في تلك الدويلات، واستخدم حكامها أساليبهم الخبيثة، يعاونهم الاستعمار لتسهيل مهمتهم، فأفسدوا من أوساط الكثرة في الأقطار العربية الكثير.

وهكذا أصبح هذا الوسط ينخر في جسم الأمة وينفث فيها كل ما هو فاسد. وبسبب حالهم هذا صاروا يعطون أسوأ صورة عن العربي في البلدان الأجنبية، بسبب تفكيرهم الشائه والقاصر، وبسبب سلوكهم المشين. وكان المسؤول الأول في هذه الصورة، الحكام من عملاء الأجنبي وخدمه.

وأمام هذه الصورة، كان لا بد من القيام بتصحيح جذري لهذه الصورة المخزية، التي أفسدت الكثرة من الأقلية في هذه الدويلات، وراحت تفسد القلة في أقطار العرب الكبيرة لتنشر المرض في صفوف الأكثرية وتصيبهم فيه، بعد أن أعياهم العوز والفقر. فكان الذي كان في جنوب العراق، في يوم النداء، في الثاني من شهر أغسطس. هذا الشهر، يوم لبى العراق النداء لينقذ الكويت من آفة الضعف والفساد، وحالة العزلة التي بقيت فيها الكويت بعيدة عن أهلها والأصل في العراق العزيز.

فكان الذي كان في يوم الكويت. يوم النداء. فجن جنون الماجنين والخونة. أولئك الذين خانوا الشعب والأمة، يوم مَكنّوا الأجنبي من رقاب بعض العرب. بعد أن مكنوه من رقابهم هم، حتى صاروا أذلاء، وهم يقدمون خدماتهم له. وجن معهم جنون الدوائر الإمبريالية والصهيونية. لأنهم يدركون بأن لا حياة بشرف للعرب، وليس هناك مدخل جدي لحل مشاكلهم، من غير أن ينجح هذا المدخل الشريف. وهكذا أصبح تحرير الكويت ووحدتها مع أمها العراق، هو معركة العرب ككل.

إنها معركة التحرر من الجوع والعوز والإطلالة على حياة عزيزة مرفهة، بعيدة عن الذل والمسكنة، قريبة من الله وأحكامه، بل هي وأحكام الله في تطابق تام. إنها المدخل ليحترم الأجنبي حقوق العرب، وأن يستجيب لها في كل مكان.

إنها المدخل الذي يساهم مساهمة عظيمة في تقوية الأرضية التي يقف عليها شعب الحجارة، وما يناضل ويجاهد من أجله الفلسطينيون والعرب.

وهكذا رأت الصهيونية، وهي تتعامل بصورة محمومة مع الحدث، وتنسق جهود العدوان مع أمريكا، وكأن الحريق في مواقعها، أو أن أرض فلسطين قد تحررت.

وعلى هذا الأساس أصطف في جانب، ومرة واحدة، الإمبريالية والمنحرفون، وتجار وسماسرة السياسة، وخدم الأجنبي والصهيونية ضد العراق، ليس لشيء، إلاّ لأنه يمثل ضمير الأمة واقتدارها، وعنواناً معلناً للمحافظة على شرفها وحقوقها من الأذى والدنس.

إن العراق أيها العرب. هو عراقكم. وهو شمعة الحق لينزاح الظلام. وبعد أن أصطف الكفر كله في صف واحد. فليصطف الإيمان كله مع العراق، في الصف المقابل، وسيرعى الله هذا الصف المبارك، كما رعى الأولين من أجدادنا. وهم ينازلون عتاة وكفار الجزيرة، وكفار وعتاة الفرس والروم في معارك صدر الإسلام.

وسينصر الله صفوفنا وستندحر صفوف الأعداء الأشرار، مهما بلغت قوتهم وازداد صلفهم، ومهما ازداد خبث الخبثاء من الخونة أصحاب قارون الكويت وأذناب الأجنبي.      

لهذه الأسباب وفي هذه الظروف، جاءت القوات الأمريكية، وانفتحت لها أبواب السعودية، تحت شعار ادعاء كاذب وباطل، بأن جيش العراق سيواصل مسيرته الجهادية باتجاههم، ولم ينفع النفي والتوضيح، مما يعني أن التدبير مقصود لغايات عدوانية على العراق، لأنهم غير قادرين، بعد أن انفضحت وفشلت دسائس السياسة المشتركة، بينهم وبين الأجنبي، ودسائس الأموال، أن يقوموا هم بمفردهم في هذا العدوان.

وهكذا فإن الحكام هناك، لم يستهينوا بشعبهم وبأمة العرب عندما فعلوا فعلتهم النكراء، ومن قبلها كل أعمالهم وأفعالهم الأخرى التي يندى لها الجبين، وأنهم في هذا لم يتحدوا الأمة العربية والإسلامية وشعبهم فحسب، وإنما راحوا يمعنون في الضلال ليتحدوا الله  يوم وضعوا مكة المكرمة التي يحج إليها المسلمون، وضعوها، وقبر الرسول محمد  تحت حراب الأجنبي.

أيها العرب. أيها المسلمون. أيها المؤمنون بالله حيثما كنتم. هذا يومكم لتهبوا، وتنفروا خفافاً، لتدافعوا عن مكة الأسيرة بحراب الأمريكان والصهاينة. هذا يومكم لتهبوا، وتنفروا خفافاً، لتدافعوا عن الرسول محمد بن عبدالله، الذي حمل الرسالة الكريمة في هذه الأرض الكريمة لتبقى مقدسة. ثوروا على الظلم والفساد والخيانة والغدر. ثوروا ضد حراب الأجنبي التي أهانت مقدساتكم. أبعدوا الأجنبي عن ديارنا الشريفة المقدسة، ارفعوا أصواتكم، واستنخوا من ينتخي من حكامكم، ليقف الجميع وقفة عز واحدة، ولنطرد الظلام، وافضحوا الحكام الذين لا يعرفون النخوة. وثوروا على من يقبل أن يستعرض أمراء البترول نساء العرب بالسوء، ويدفعوهن إلى الفحشاء.

قولوا للسماسرة من الحكام، وهم يمارسون دورهم هذا في خدمة الأجنبي، أو يمارسون السمسرة في خدمة أمراء البترول على نساء العرب. وقولوا للخونة، إن لا مكان لهم على أرض العرب، بعد أن فرّطوا بحقوق الشعوب، وأهانوا الكرامة والشرف.

احرقوا الأرض تحت أقدام المعتدين الغزاة، الذين يريدون بأهلكم في العراق شراً، ليعم شرهم الوطن العربي من بعد ذلك، وليسكت إلى حين صوت الحق في الأمة العربية، بعد أن يمنوا النفس، خاب فألهم، بإسكات صوتكم في العراق. أضربوا مصالحهم حيثما كانت. وأنقذوا مكة المكرمة وأنقذوا قبر الرسول محمد  ، في المدينة المنورة.

أيها الإخوة في مصر الكنانة. يا أحفاد الرجال المؤمنين. يا أبناء ثورة عرابي، وثورة 1919، وثورة 23 يوليه. يا أحفاد عرابي وسعد زغلول. يا أبناء جمال عبدالناصر. أنه يومكم ودوركم لتمنعوا على الأجنبي وأساطيله، أن يمر من سماء مصر وقناة السويس، لكي لا تتدنس سماؤكم ومياهكم، ويكتب عنكم التاريخ ما لا يليق بمصر.

يا أبناء مضيق هرمز. امنعوا على أساطيلهم المرور، أنتم والرجال المؤمنون، في رأس الخيمة والشارقة.

أيها العرب في كل مكان. لقد صمم إخوانكم في العراق على الجهاد، من غير تردد أو تراجع، ومن غير مهابة تجاه قوى الأجنبي، ليحوزوا على الحسنيين بإذن الله. النصر ورضا الله العزيز الحكيم. ورضا الأمة.

وإننا لمنتصرون بعون الله، وسيندحر الغزاة، وسيندحر باندحارهم الظلم والفساد حيثما كان، وستطلع على أمة العرب والمسلمين شمس لا تغيب، وسيكون الله راضياً عنهم. بعد أن نطهّر النفس والأرض من رجس الأجنبي، وما علق بها من فساد المفسدين.

أيها الإخوة. قاوموا الغزاة ونددوا بهم، وافضحوا المتعاونين والمتواطئين والخائرين المتخاذلين، وناصروا العراق. وإن الله معكم والنصر حليف المؤمنين المجاهدين، وهو حليف القوميين المناضلين. وحليف كل حر شريف.

 ]الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، فَزَادَهُمْ إِيمَاناً، وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ[ w

  والله أكبر وليخسأ الخاسئون

صدام حسين

19 محرم 1411 هـ

10 أغسطس 1990م