إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / التخطيط للدفاع والتنفيذ، "الخندق" أو "درع الصحراء"





المرحلة التحضيرية
مرحلة ما قبل وصول القوات
مرحلة وصول القوات
مخطط توزيع قوات التحالف
الموانع الهندسية للدفاعات العراقية
القوات المشتركة 29 نوفمبر 1990

واجبات القوات المشتركة في الانسحاب الجزئي
واجبات القوات المشتركة في الانسحاب الكلي
القوات العراقية في 16 يناير 1991
القوات العراقية في نهاية نوفمبر 1990
القوات العراقية في نهاية سبتمبر 1990
القوات العراقية في الانسحاب الجزئي
القوات العراقية في الانسحاب الكلي



المبحث الأول

المبحث الثاني

تطور التخطيط "درع الصحراء"

تقييم الأوضاع الدفاعية، واتخاذ الدفاع العاجل

توجه صاحب السمو الملكي الفريق الركن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، إلى المنطقتين، الشرقية والشمالية، الفترة من 16 إلى 18 أغسطس 1990، لتقييم الأوضاع الدفاعية، والوقوف على درجة الجاهزية القتالية للوحدات.

أولاً: خطوات قائد القوات المشتركة

1. في المنطقة الشرقية

أ. في مساء 16 أغسطس 1990، استمع سموه في مركز العمليات، في مدينة الملك فهد العسكرية، إلى تقرير قدّمه اللواء الركن صالح علي المُحيَّا، قائد المنطقة، وضباط أركانه. ثم انتقل في صباح اليوم التالي، فوق شاطئ الخليج، إلى رأس مشعاب، وهو ميناء صغير فيه مهبط جوي ويبعد 40 كيلومتراً عن الحدود الكويتية. وانطلق من رأس مشعاب إلى مواقع الوحدات ليقف بنفسه على حقيقة الموقف في الحدود.

ب. زار سموه الألوية الثلاثة: اللواء الثاني الحرس الوطني ولواءَيْ القوات البرية، اللواء الثامن واللواء العاشر. واستمع إلى تقارير قادتها. واستفسر عن عدد القوات التي وصلت فعلاً، وتلك المنتظر وصولها، والصعوبات التي كانت تواجهها. والأهم من ذلك كله، كان يريد أن يقف على درجة استعدادها القتالي.

2. في المنطقة الشمالية

في 18 أغسطس 1990، تفقد سموه مجموعة لواء الملك خالد المدرع (مجموعة اللواء 4 المدرع)، ومجموعة لواء الملك عبدالعزيز (مجموعة اللواء 20 الآلي). واستمع إلى تقارير قادتها.

3. شاهد سموه، أثناء تفقده للمنطقتين، الشرقية والشمالية، عدداً من الدبابات السعودية، وقد نُشرت في خط واحد على طول المواجهة بفاصل كبير بين الدبابة والأخرى، لتشكل أهدافاً ثابتة وصيداً سميناً للمدفعية العراقية.

ثانياً: تقدير الموقف، القوات السعودية

1. قبل الغزو العراقي، لم تكن هناك قوات، في المنطقة الشرقية، وعلى مقربة من الحدود، إلاّ لواء الملك عبدالعزيز الآلي الثاني من الحرس الوطني السعودي. وكانت مواقعه في مرمى المدفعية العراقية تماماً. كما كانت توجد إلى الغرب في المنطقة الشمالية، في مدينة الملك خالد العسكرية، قوة صغيرة من دول، عُرِفَتْ بقوة "درع الجزيرة". وهي قوة لها قدرة قتالية محدودة، إذ كانت تتكون من مجموعة لواء من القوات البرية السعودية، وعدد من سرايا وكتائب متفرقة من الدول الأخرى أعضاء مجلس التعاون الخليجي، وقد هرعت إثر الغزو إلى اتخاذ المواقع الدفاعية.

2. وبعد الغزو، وتعزيزاً للخط الدفاعي، في المنطقة الشرقية، أسرع اللواء الثامن المشاة الآلي، من القوات البرية الملكية السعودية، إلى التحرك من تبوك في الشمال الغربي، من طريق القصيم، وقطع ما يزيد على 1000 كيلومترٍ، بينما انطلق اللواء العاشر المشاة الآلي من خميس مشيط في الجنوب، واجتاز مسافة مماثلة.

3. عندما بدأت زيارة سموه التفقدية لهذين اللواءين، كان بعض وحداتهما قد وصلت إلى الجبهة فعلاً وتقوم بتجهيز مواقعها الدفاعية. أمّا بقية الوحدات فكانت لا تزال على الطريق في أرتال ممتدة عدة كيلومترات.

4. لم تواجه وحدات الحرس الوطني مصاعب كثيرة، إذ كانت متمركزة في المنطقة الشرقية، ولم يكن عليها أن تقطع تلك المسافات الطويلة. ويعد لواء الحرس الوطني من الألوية الخفيفة التسليح ذات القدرة النيرانية المحدودة، لذا كان من المستبعد احتمال استخدامه في صد هجوم عراقي مدرع متفوق. أمّا لواءا القوات البرية، فكان لكل منهما كتيبة دبابات عضوية ضمن تنظيمه الأساسي، ولكنَّ عدد الدبابات في الكتيبة يجعلها غير قادرة على مواجهة الفِرق المدرعة العراقية.

5. وفي المنطقة الشمالية، في مدينة الملك خالد العسكرية، كانت طلائع قوة عسكرية مغربية قوامها 962 رجلاً، قد بدأت في الوصول، بالإضافة إلى طلائع من الفوج العشرين من القوات الخاصة المصرية، لتنضم إلى القوات السعودية. وكانت هاتان الوحدتان طليعة القوات العربية الشقيقة التي بادرت إلى الوصول إلى المملكة لتقديم العون إليها بعد أيام قليلة من الغزو العراقي.

6. موقف الملابس والأقنعة الواقية من الأسلحة الكيماوية: زودت بعض الوحدات في المنطقة الشمالية بالأقنعة دون الوحدات الأخرى التي كانت لا تزال في الخلف. وعند فحص الأقنعة الموجودة في المخازن تبين عدم صلاحية بعض مرشحاتها، وأنه لا بد من تغييرها.

7. إنشاء حقول ألغام أما الحد الأمامي للدفاعات: على الرغم من أن إنشاء حقول الألغام عادة يُعدّ إجراءً منطقياً في العمليات الدفاعية، وجزءاً لا يتجزأ من الإجراءات الدفاعية الواجب اتخاذها لأية قوة، مهما صغر حجمها، إلاّ أن سموه رفض الفكرة رفضاً باتاً. وكانت وجهة نظره، رغبته ألاّ يُبْتَلَى سكان هذه المناطق بالألغام، كما ابتُلي بها سكان الصحراء الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، وكما حدث أيضاً بعد حرب فوكلاند Falkland. وأنه، في حالة إقتناع صدام بالانسحاب من الكويت بلا قتال، فإن عملية تطهير المنطقة من الألغام لن تتم بلا خسائر في صفوف القوات المشتركة. أمّا إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في إجلاء صدام بالحُسْنَى، واضطُرَّتْ قوات التحالف إلى الهجوم لتحرير الكويت، فإن هذه الحقول ستعرقل التقدم. كما أن عمليات التطهير قبل العمليات الهجومية قد تؤدّي إلى كشف نوايا الهجوم.

ثالثاً: تقدير الموقف، قوات المعتدي

1. كانت الحشود العراقية المواجهة، متفوقة بجميع المقاييس، فقد بلغت قوتها نحو 200 ألف جندي و 2000 دبابة في الكويت. ووفقاً لتقارير الاستخبارات، كان العراقيون يقومون بإعادة التموين والاستعواض (أي إعادة تزويد العربات والدبابات والمعدات بالوقود، واستعواض الذخائر والخسائر والمستهلَك من أصناف التموين، وإصلاح العربات والمعدات المعطلة) بشكل يوحي باستعدادهم للتقدم نحو المملكة. وحتى ذلك الحين، لم يكن قد وصل من الجنود الأمريكيين سوى طلائعهم التي كانت لا تزال في الجبيل، على بعد 200 كيلومترٍ إلى الخلف، فضلاً عن عدم جاهزيتهم للقتال في تلك المرحلة. لذلك لم يكن على خط المواجهة إلاّ السعوديون، وبضع مئات من قوات مجلس التعاون لدول الخليج العربية (درع الجزيرة).

2. قد يَشُنُّ العراق هجوماً بالمواجهة على حقول النفط والموانئ البحرية، مع استخدام قواته الخاصة للاستيلاء على المنطقة الخلفية. في هذه الحالة، لم يكن ممكناً سوى التصدي له بالقوات الجوية السعودية في شكل مكثّف. وكان ذلك يعني التضحية بها من دون شك. وكان من المتوقع، كذلك، تلقي مساندة فورية من القوات الجوية الأمريكية، نظراً إلى وصول بعض الأجنحة الجوية، وانتشار مجموعتين من حاملات الطائرات الأمريكية في منطقة الخليج. ولكن إذا نجح صدام في الاستيلاء على أكثر من 40% من احتياطي النفط في العالم، فلا شك أن الغرب سيفكر في الأمر ملياً قبل أن يواجهه. بل قد يُضْطر إلى التعامل معه بسياسة الأمر الواقع، ولعل ذلك أقصى ما يهدف إليه صدام.

3. توقيت الهجوم المحتمل: كان شهر أغسطس يُمثل أفضل الأوقات لصدام ليبدأ هجومه، قبل أن يتسنى للدول الشقيقة والصديقة حشد قواتها لمساندة القوات السعودية.

رابعاً: خلاصة تقدير موقف

1. عدم قدرة الوحدات البرية السعودية على صد الهجوم العراقي، في حالة حدوثه.

2. الوحدات البرية غير مستكملة، الأفراد والأسلحة والمعدات والذخائر.

3. الوحدات البرية غير مدربة التدريب الكافي، الذي يؤهلها إلى خوض معركة دفاعية ناجحة.

4. يوجد نقص خطير في وحدات الإمدادات والتموين وأجهزتها المختلفة.

5. يوجد نقص خطير في وحدات ومعدات المهندسين العسكريين، ووحدات ومعدات الحرب الكيماوية، ووحدات ومعدات الوحدات الطبية.

6. تُعدّ قيادة الوحدات والتشكيلات البرية قيادات إدارية أكثر منها قيادات عملياتية.

7. عدم وجود خطط عمليات لوحدات المنطقتين، الشرقية والشمالية، والاكتفاء بنشر الدبابات على خط واحد، على الحدود مباشرة.

8. معاناة المنطقتين، الشمالية والشرقية، نزوح أعداد كبيرة من المواطنين الكويتيين، والعراقيين المندسين بينهم.

9. تعدد الأجهزة الحكومية المسؤولة في المنطقة الواحدة.

10. حالة القوات الجوية السعودية، أفضل من حالة القوات البرية، لوجود الخبراء والمستشارين الأمريكيين، والالتزام التام بخطط التدريب، والجاهزية القتالية.

11. القوات البحرية السعودية، أفضل حالاً، وجاهزيتها القتالية جيدة، لصغر حجمها، ووجود المستشارين والخبراء بها، والالتزام بخطط التحديث ورفع مستوى الكفاءة القتالية.

12. يجب ألاّ يكون الخط الأمامي للدفاعات الرئيسية على الحدود مباشرة. فهذا العمل بمثابة الحكم بالإعدام على كل المدافعين عنها؛ لأنها ستكون في مرمى الأسلحة العراقية المختلفة، مثل الهاونات والمدافع وراجمات الصواريخ. لذا، كان لا بد من تعديل الخطط الدفاعية، التي وضعتْها قيادة القوات البرية. فالألوية السعودية قوات تكتيكية، وليست حرساً للحدود، لذلك لا ينبغي نشْـرها على الحدود مباشرة. فالأصوب سحبها إلى الخلف، بعيداً عن مرمى مدفعية صدام، وإنشاء منطقة أمن لتكون هناك مساحة كافية تُمكِّن قواتنا الجوية من التدخل لإعاقة تقدم القوات المعتدية دون التأثير في القوات المدافعة.

خامساً: القرارات والأوامر

1. كان على القيادة وضع الخطط الدفاعية واتخاذ الترتيبات القتالية بدءاً من الصفر، إذ إن المملكة تواجه موقفاً لم تعهده من قبل.

2. نظراً إلى أنه كان حجم القوات أقل من 8000 رجل في حالة استعداد قتالي للدفاع عن الحدود الشمالية الطويلة. لذلك، أصدر قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات أمراً بنشْر الكتيبتين الجاهزتين كقوات ساترة، والإعداد لنشر وحدات ثقيلة في الخلف.

3. كما قرر، في 18 أغسطس 1990، ما يلي:

أ. إنشاء خط دفاعي عند "رأس مشعاب" وإلى الغرب، على بعد 40 كيلومتراً من الحدود الشمالية. وأصبحت المنطقة الواقعة شمالي هذا الخط وحتى الحدود الدولية تشكل "منطقة قتل" للقوات المعتدية.

ب. يُعدّ خط الدفاع الرئيسي خطاً غير مسموح باختراقه، أو الارتداد عنه.

ج. تخطيط الهجمات المضادة أمام الحد الأمامي للدفاعات، إذا سمحت الظروف بذلك.

د. تكامل تخطيط الإسناد النيراني، بالمدفعية والصواريخ والطائرات العمودية والقوات الجوية والقوات البحرية المتيسرة.

        وقد وُضِعَ هذا القرار موضع التنفيذ بعد ذلك بيومين.

4. نظراً إلى أنه كان ينبغي إقامة قاعدتَيْ إمدادات وتموين أماميتين: واحدة في الشرق والأخرى في الشمال. وأنه يجب تشييدهما تحت الأرض لتكون محتوياتهما بعيدة عن أيّ أضرار تنجُم عن القصف الجوي أو المدفعي أو الصاروخي من جانب المعتدي، ـ أصدر سموه التعليمات بالبدء من الفور بحفر هاتين القاعدتين وتجهيزهما.

5. كما أصدر سموه أوامره بتحديد كل آبار المياه في الصحراء، والاستعانة في ذلك بخبراء من وزارة الزراعة. وكان الغرض التأكد من تدمير تلك الآبار إذا تقدم صدام وأجبر القوات السعودية على الانسحاب.

6. كان الدفاع عن مدينة الخفجي التي لا تبعد عن الحدود سوى عشرة كيلومترات، أمراً صعباً سواء أهاجمها العراقيون بحشود كبيرة، أم لم يهاجموها. إذ كان في قدرتهم تدميرها بنيران مدفعيتهم وصواريخهم من الجانب الآخر للحدود متى أرادوا ذلك. وأن وضع أي قوات عسكرية داخل المدينة سوف يعطي العراقيين ذريعة لقصفها. لذلك، أعلن سموه مدينة الخفجي "مدينة ميتة"، وأن على المسؤولين وضع خطة طوارئ لإجلاء السكان في اللحظة التي يُقْدِم فيها صدام على الهجوم.

7. كان على قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، بعد الجولة التفقدية، أن يولي المهام الرئيسية التالية جلّ اهتمامه:

أ. العمل على رفع مستوى الكفاءة القتالية للقوات في مواقعهـا الجديدة.

ب. تكثيف تدريباتهـا القتاليـة، وإمدادهـا بكافة الاحتياجـات.

ج. وضع خطة دفاعية محكمة، وإنشاء قيــادة ذات كفاءة وفعالية.

د. التعامل مع القوات الشقيقة والصديقة التي بدأتْ، وقتئذٍ، تتدفق إلى المملكة.