إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور الأوضاع السياسية، الدولية والإقليمية والعربية، في ضوء تصاعد الأزمة









تسلسل الأحداث المهمة

وثيقة

نص رسالة الرئيس صدام حسين المفتوحة

رداً على نداء الرئيس حسني مبارك

يوم الخميس، 23 أغسطس 1990

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد محمد حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر العربية.

السلام عليكم.

لقد اطلعت على النداء، الذي وجهتموه إلينا، والذي دعوتم فيه العراقيين لينسحبوا من "الكويت". وإن نداءكم هذا، وجهتموه إلينا، من خلال استحضار ما فهمتموه عن القومية ومبادئ الإسلام. وبعد أن أعدت قراءة النداء، أجيبكم عليه. ولكن إجابتي، تتطلب منك الصبر، لقراءة محتويات الجواب، وقدراً من التحمل لما سيرد فيها من مفاهيم؛ ذلك لأن الجوهري منها، سيبدو بأنه معادٌ عليكم، نظراً لأنني تحدثت فيها معكم، في أكثر من مناسبة، وكنتم توافقون عليها، أو هكذا كان يبدو لي، على الأقلّ.

ومهما يكن، فإن الله ـ عز وجلّ ـ قد علّمنا الكثير، أو لنقُل علّم الكثير مما يجب، لِمن تعلَّم، أو لِمن يهيئ نفسه ليتعلم، من عباده. ومن البديهي القول بأن الصالحين من عباده، أقدر على تعلُّم ما ينبغي وما يجب؛ ذلك لأن إيمانهم، يسبق مجرد القدرة الذهنية، كمدخل أساس لتلقي العلم واستيعابه.

وإن من جملة ما تعلمناه من كتاب الله، القرآن الكريم، هو اعتماده ـ تعالى ـ الحِوار مع الإنسان، وعنايته به عناية فائقة؛ إذ حيثما وجد، أن الإنسان متردد في الإيمان، أو عاصٍ أحكام الله ودوره في الخلق، يأتيه بالبرهان، الذي يقشع عنه غشاوة الشرك والضلال، ثم يسأله، بطريقة حِوار، لم نصل إلى مستواها ـ نحن البشر ـ هاتفاً به هات برهانك، هاتوا برهانكم. فإذا كان الله ـ سبحانه وتعالى ـ وكطريق للإيمان، ليهتدي، بعد ذلك، مَن يهتدي ـ يعتمد الحِوار، ويسأل من تكون له قناعة أخرى: هات برهانك، هاتوا برهانكم، فمن باب أولى، أن نتجنّب ـ نحن عباده ـ أن نطلق ما نعتبره حقائق، أو ما نراه اتهاماً، من غير برهان.

وعلى أساس هذه المعاني الإنسانية العظيمة، فلا بد أن أدخل معك في حِوار، قبْل أن أقول لك نعم أو لا، عن كل ما ورد في رسالتك، وكل ما هو محل حوار ونقاش وجدل، في مصر، وفي الوطن العربي، بل وفي العالم.

سيادة الرئيس.

قبْل أن ينعِم الله علينا، أو تسوق الظروف في مساقها الحوادث، لنصل إلى رئاسة الجمهورية في العراق، ولتكونوا على رأس السلطة في مصر، كنا مواطنَين عاديَّين. وكان عبدالله، المتكلم، ابن فلاح، مات والده، قبْل أن تلده أمه بأشهر. وإنه من أسْرة كريمة، شرفها الأساس في عملها، وكونها من الدوحة المحمدية القرشية، حيث يمتد نسبها إلى سيدنا الحسين، جدنا الذي هو ابن عليّ بن أبي طالب. وعلى حد ما أعرف، إنكم، يا سيادة الرئيس، من عائلة مصرية، ليست من الأمراء أو الملوك، الذين سبقوا ثورة يوليه عام 1952. وعلى أية حال، وكوننا جزءاً من الشعب، فإنني أفترض بأن الزمن، الذي أصبحنا فيه في موقع الرئاسة، لا ينسينا حياة الشعب، خاصة ونحن مسؤولون عن شعبنا، كلٌّ من موقعه، ومسؤولون عن الأمة، كلٌّ حسب ما يؤمن، بعضها مسؤولية دستورية، كما هو حال واجباتنا، من خلال وصف المسؤولية الرسمية.

وعبد الله، المتكلم، رتب على نفسه مسؤولية أخرى، سبقت المناصب وعناوينها، منذ أن كان طالباً في المدرسة، حيث آمن صدام حسين بأن أمة العرب أمة واحدة، وأن الوطن العربي، من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، وطن واحد؛ وأن محمد بن عبدالله، الرسول والنبي الأمي، صلى الله عليه وسلم ـ هو عربي قرشي؛ وأن الله اختار أمة العرب، كملاك إيمان، لينقلوا رسالته، التي تضمنها قرآنه، من خلالهم، إلى الإنسانية جمعاء؛ وأن دور الأمة، طبقاً لهذا، هو دور مختار، أي أنه دور قيادي.

ولكي تحافظ الأمة العربية على دورها القيادي، وتمارس مسؤولياتها، التي شرّفها الله بإبقاء جذوة مفاهيم الرسالة السماوية الجديدة، "الإسلام"، متقدة ـ يجب أن نحافظ، بتميز واضح، على صفات ما يقتضي من إيمان وممارسة. ولأن أهم ما في الإسلام، بل وكل الرسالات السماوية، بعد الإيمان بالله الواحد الأحد، هو إنسانية الإنسان، وبما يؤهله للسعي في الأرض وإعمارها وإقامة العدل عليها ـ فإن كل قائد، وكل رئيس، وكل ملك، في الأمة العربية، إذا ما زاغ عن هذا الطريق، وإذا ما ابتعد عن دوره تجاه الإنسان العربي، وما ينمي ويحافظ على صفات القيادة في شخصيته، لحَمْل الرسالة وإقامة العدالة في الأرض ـ فلا يشفع له، عند الله، لو قام الليل والنهار صلاة وصوماً. فما بالك إذا افتقد القائد والحاكم، حتى إلى ذكر الله، وظلَم وتجبّر، وعصى وتَكبّر!

كل المصريين، وكل العرب، يعرفون أن الأقطار العربية، قبْل ظهور البترول في حياة العرب، كمصدر أساسي للثروة، وقبْل أن يكون اهتمام العالم به على ما هو عليه الآن ـ كان لهم تسلسلهم، وكانت لكل قطْر من الأقطار مكانته، وكانت مكانة الأقطار العربية وتأثيرها وتسلسلها، هي حصيلة تراكم آلاف السنين، من العمل الذهني والعضلي، ومن الكد والتضحيات. وكلنا يعرف، أن الأقطار العربية، كانت لها كُنًى، ترافق أسماءها، وأن تلك الُكنَى، هي حصيلة ذلك التاريخ الطويل، وما يرتبط به من خلفيات حضارية. فكانت لمصر بلاد النيل مكانتها وتأثيرها بين العرب، على أساس الاعتبارات التي ذكرنا. وكان للعراق بلاد ما بين النهرين وأرض السواد مكانته وتأثيره. وكانت لليمن السعيد مكانته وتأثيره. وهكذا لتونس الخضراء، إلى جانب شبه جزيرة العرب، أرض نجد والحجاز، وبلاد الشام. وقد كان لها، حتى في الإسلام، مكانتها ودورها، الذي تعمق بالإيمان وشرف حَمْل الرسالة الإسلامية، حتى سميت مصر بأرض الكنانة، وأصبح شرف القادسية لصيقاً باسم العراق، وهكذا.

وكان هذا الترتيب، في المكانة والدور والتأثير، يرتبط، كما قلنا، بجهد الإنسان وتضحياته، وينهل من عمق حضارته وخلفيتها العميقة؛ وطبقاً لهذا، لم يشعر أحد بالغبن، حيثما كانت الأهداف واحدة، والسياسة العامة واحدة. وكان هذا الترتيب، مع عوامل أخرى، يلعب دوراً إيجابياً في حياة الأمة، وفي وحدة الكلمة فيها والمواقف. ولكن، ما أن تخلص العرب من الحكم العثماني، على أمل أن يتوحدوا، كأمة واحدة، حتى ظهر البترول.

 وكانت مؤامرة أوروبا التقسيمية للوطن العربي، والتي لم تكتف فيها بإبعاد الأقطار الرئيسية عن فكرة الوحدة الكبرى، وإنما جزأت بعض الأقطار، ومنها العراق، حيث سلخت الكويت عن جنوب العراق. وحرص الاستعمار الأوروبي، أن تكون مكامن النفط بوجه عام، وحيثما استطاع، على أجزاء في الوطن العربي قليلة السكان، ضعيفة القدرة على مقاومة أطماعه، ضحلة في خلفياتها، الحضارية والثقافية، بل وحرص على أن يكون بعضها مسخاً، بابتعاده عن الجسم الأساس وعن روح تراثه. وهكذا أصبحت الثورة بوجه عام، والتي مصدرها البترول، في جانب، وأصبح ثقل الشعب العربي الأساس وعمقه، الحضاري والثقافي، وقدرة التطور، في جانب آخر. ولأن هذه الأجزاء قد لعب فيها المقص والقلم الاستعماري في رسم حدودها، وأن القائمين عليها هم ترتيب الأجنبي، فقد أشاعوا العزلة بينهم وبين الأقطار العربية الأخرى، ونمّوا، حتى عند الشعب الموجود في دويلاتهم، الشعور بأنه لكي يستطيع أن يحافظ على مصدر الثروة، عليه أن يبتعد عن الأمة وقضاياها. وحاربوا الوحدة بين العرب. وحاربوا النضال المشترك. وأصبح الأجنبي حاميهم ورب نعمتهم.

وكما هو حال العراق، بقي شبح سرقة ثروة الأمة، يطارد حكام الأجزاء الصغيرة. وتنامى عندهم شعور من الباطنية رهيب، حتى أصبح حكامها يعلنون بخلاف ما يبطنون. ولم يعد بإمكان أحد، أن يعرف أين هو الطريق، الذي يطمئنهم، ليتفاعلوا، وكيف يمكن كف أذاهم، بعد أن تورطوا بمثل هذا الشعور، وأصبحوا خدماً للأجنبي. وينطبق هذا، بشكل أساسي، على شيوخ بترول الخليج، أو على الأغلبية منهم. وكان آل صباح في مقدمتهم، ذلك لأن سرقتهم، كانت أكثر فظاظة وانفضاحاً من غيرهم.

وقد عانى العراق منهم، ومن مؤامراتهم، منذ وقت طويل. واشتدت مؤامراتهم على العراق، في السنين الأخيرة؛ ذلك لأنهم أدركوا أن العراق، يرفض سياسة أسيادهم المستعمرين، ويرفض حالة الذل، التي يريدون فرضها على العرب، ويرفض أن تسخَّر ثروة العرب لتخريب شخصية العربي وتراثه ودينه وأخلاقه، ويسعى لوضعها في خدمة أهداف العرب في كل الشُّعب، كثروة قومية.

وفي الوقت، الذي يحتمل فيه كل العرب عبء وجود الثروة في الوطن العربي، يجب أن تعم خيراتها كل العرب، لا أن تبقى في يد فئة متحكمة، تستخدمها للتحلل والفساد والعدوان. وكان عدوان شيوخ البترول، يتزايد على العراق جهر في قيم العروبة والإسلام، نادى بصوت عالٍ، بأن القدس عربية، وبأن فلسطين عربية؛ حتى بإمكاني أن أقول لك، يا سيادة الرئيس، ومن خلالك إلى شعب الكنانة العزيز، إن موقف الملك فهد ضد العراق، وضد صدام حسين، ليس لأن الكويت عادت إلى أهلها، بعد أن ظلت بعيدة في مستنقع الذل، سنين، غائبة ومتسخة في مستنقع الفساد.

إن فهد، ومن تعاون معه، قد بدأوا التآمر على العراق، وعلى صدام حسين، بعد أن تأكد لهم، باليقين، أن العراق، وصدام حسين، مع فقراء العرب، وليس مع مترفي الأمة، الذين غاب الله عن عيونهم، بعد أن غاب الفقراء عن حياتهم. وإن العراق، وصدام حسين ورفاقه، لن يتنازلوا، في كل الظروف، وتحت ثقل كل المؤامرات والدسائس، عن فلسطين، وعن القدس الشريف. ولهذه الأسباب، ولأن أسيادهم، وأولياء ثروة السحت الحرام، منزعجون من ورافضون للعراق الجديد، وسياسة صدام حسين ورفاقه، فلا بدّ أن يكون لهم دور في التآمر. ولنفس الأسباب، التي كرهوا فيها عبدالناصر، وتآمروا عليه، تآمروا على صدام حسين، مع ما زيد على أسباب تآمرهم على عبدالناصر، من أسباب وعوامل.

ولأن الله قد علمنا بأن نأتي بالبرهان، ليقتنع من يقتنع، فإنني أرفق لكل نص شريطاً مسجلاً بصوت فهد، وهو يتكلم مع حاكم عربي آخر، لم يكن مشتركاً معه في المؤامرة، لتسمع الشريط وما فيه. وإن تاريخ المكالمة، هو في 9 / 7/ 1990. وإن الله قد أنعم به علينا، من غير جهد. ومن هذا الشريط، سيتوضح لكم، أكثر فأكثر، لماذا يتآمرون على صدام حسين، وسيكون السبب الأساس واضحاً؛ ذلك لأن صدام حسين، رفض الابتزاز الإسرائيلي، وهدد العدوان بالرد عليه؛ ولأنه يناضل، بقيادته لشعب العراق العظيم، من أجل أن تعود فلسطين عربية. وستسمع كيف أن فهد، يحقد حتى على عبدالناصر، وهو في قبره، لهذا السبب أيضاً؛ وكيف يتفق مع دول بترول الخليج، على التآمر، ويطلب منهم المطاولة، لمدة شهرَين، ريثما ينسقون أمرهم، ويتمكنون، عند ذلك، من إيذاء العراق، أكثر فأكثر.

وعند ذلك، أفترض أن يقينك، يزداد ويثبت على قناعة، أن قارون الكويت، ومن هم على شاكلته، كانوا وما زالوا جراثيم فتاكة، تنهش كل ما هو شريف وعزيز في الأمة، وكل ما هو مصدر قوة في روحها، أو في ركنها المادي. وعند ذلك، نضيف برهاناً جديداً، من بين البراهين الكثيرة، التي نمتلكها، بما يعزز القول إن الذي كان، يجب أن يكون، وإن أرض العرب، وهم أمة واحدة، يرثها عباد الله الصالحون؛ فكيف إذا كانت الأرض أرضاً عراقية، وقد أصبحت قاعدة للتآمر، لتقطع ضرع أمها، لتميتها بعد أن تمتص منها الحليب والدم!

نفط العرب للعرب. شعار رفعناه، منذ كنا طلاب مدارس. وجاء الوقت ليطبَّق، فيكون في خدمة العرب وقِيمهم، ليصبح العرب، كما يفترض أن يكونوا، طليعة المسلمين، في إيمانهم وحصانتهم وخلُقهم وثقافتهم وتقدمهم، ونموذجاً يقتدى به. على مستوى الأمة الإسلامية، والإنسانية ككل.

السيد الرئيس.

إنك رئيس شعب مصر، هذا الشعب العزيز، الذي تحمّل ما تحمّل بسبب البترول؛ إذ لولا البترول، لما ازدادت أثمان مشترياته، كما هو حالها، ولما أصبح كساؤه وغذاؤه وحاجياته، المنزلية والمدرسية، ووسائله الثقافية ـ أكثر ثمناً. إن القدرة الشرائية للدول البترولية وحكامها، انعكست بآثار سلبية خطيرة على حياة شعبنا وأمتنا، من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق. وكـان العربـي لا يقارن نفسه، في نمط الحياة، ولا يتطلع إلى مستوى ما عليه الغربيون. أما الآن، فإن شباب مصر، يختلطون بشباب الإمارات العربية والسعودية، والكويت سابقاً، وقطَر. وعندما يتعرفون على مصاريفهم، وأنماط سلوكهم، فإنهم يتطلعون إلى مستوى من العيش، هو أكثر من مستواهم وقدرتهم الشرائية؛ ذلك لأن الذي يريدون الاقتداء به، هو عربي مثلهم، وهو طالب في كليتهم، وقد يكون آباؤهم أفضل من أبيه، شرفاً وعملاً وثقافة وإيماناً وذكاء.

وعندما يتطلعون، ويضعون تطلعهم في إطار من المقارنة مع أولئك العرب، يشعرون بالحسرة والظلم. ولكن إمكانياتهم، لا تهيّئ لهم ما يقتضي، فقد ينحرفوا وهم يفتشون عن سُبُلٍ، تُحقِّق لهم ما تحقق لغيرهم؛ وهذا واحد من الأسباب في الانحراف الاجتماعي، بين النساء والرجال. بل إن مثل هذه الحسرة، والشعور بتراجع الترتيب التاريخي، لمكانة أقطار، كانت لها درجة متقدمة، لتحل محلها في المكانة مسميات، ليس لها ما يؤهلها غير أنها (دول بترولية) ـ قد جعل الحسرة تتصاعد، لتصل إلى مستوى القادة والحكام؛ وإن بعض انحرافات الحكام، في الدول غير البترولية، سببه حالة الحسرة لغير المتحصنين، وانزلاقهم إلى ما يقربهم إلى مستوى، يعتقدونه أنه الأقدر على حفظ قدر من اللياقة في مكانة الحاكم.

إن (نساء العرب في شارب الخيِّرين)، كما يقول المثل في ريف العراق، وربما هو أيضاً في ريف مصر، وخاصة في صعيدها. ولذلك، فإن المحافظة على شرف بنات مصر، وتحصينهن تجاه الفساد والإفساد، هي مسؤوليتك المباشرة، يا سيادة الرئيس، مثلما هي مسؤوليتي المباشرة تجاه الماجدات العراقيات، بل وهي مسؤولية قومية مبدئية، تجاه كل نساء العرب، بما في ذلك نساء الأقطار، التي يسلك فيها حكامها سلوكاً فاجراً. ولن نحافظ على شرف نساء مصر والعراق، ونساء العرب، ولن يشبع الجياع في مصر، وفي الوطن العربي، ولن ينفتح الباب من غير قلق أمام صعود التنمية، الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية، في الوطن العربي، ما لم نُعِدِ التوازن الصحيح في درجة المسؤولية والتأثير، وفي الاقتراب، قبْل ذلك، من الله وقِيمه، في طريقة التصرف بثروة العرب.

أَلاَ تعرف، يا سيادة الرئيس، أن الثروة الشخصية لقارون الكويت، هي ستون مليار دولار؟ وأن الثروة الشخصية للملك فهد، هي ثمانية عشر مليار دولار؟ هذا ما نشرته الدول، التي هي حليفة لأولائك القارونيين؛ وقد لا يكون الذي نشر عنهم، هو كل ما يملكون. وأَلاَ تعرف، يا سيادة الرئيس، أن الذي أعلن في الغرب، عن استثمارات ما يسمى بحكومة الكويت، هي 220 مائتان وعشرون مليار دولار، مستثمرة وموْدَعة في بنوك أمريكا وأوروبا، ويكفي ريعها، لو استثمر في الوطن العربي، ليجعل الوطن العربي كما ينبغي أن يكون؟ وأَلاَ تعرف، يا سيادة الرئيس، أن المساعدات الأمريكية، التي تقدَّم لمصر، هي جزء ضئيل من أرباح أمريكا من الثروة العربية؟ وأن حصة شعب مصر في ثروة العرب، أكبر بكثير من هذه المنة، التي تأتيه من أمريكا، والتي بسببها، جعلتك ضغوطها تبعث بجيش الكنانة، ليواجه جيش القادسية، ولكي يعطي الغطاء لجريمة المجرمين الأمريكان، وهم يحتلون أرض مقدسات العرب والمسلمين، في نجد والحجاز؟ هل لِمِثل هذه الأدوار، تأسس جيش مصر العربي، يا سيادة الرئيس!

إن جيش مصر، وشعب مصر، عرب مؤمنون. لذلك، فإنهم مع الحق ضد الباطل، وإنك رئيس دولتهم. لذلك، فإن الموقف الصحيح، ليس في مجاملة الجريمة، أو تغطيتها، أو الاشتراك فيها. الموقف الصحيح، هو أن تكون مع شعب مصر، مع فقراء مصر، مع الأمة العربية، ومع فقرائها، مع الإيمان، وضمن صفوف المؤمنين المجاهدين، ضد الفاسقين والفاسدين والطغاة، ومع المجاهدين ضد جيش الغزاة، الذي أهان الكعبة وقبر الرسول. وعند ذلك، يكون التعبير دقيقاً، وصحيحاً، عن المبادئ، التي وردت في رسالتك عن القومية والعروبة. والإسلام والسلام؛ إذ لا حياة للشعوب تحت وطأة الظلم والاحتلال، والغزو والفساد والإفساد، والتنكر لروح مبادئ الإسلام. إن الجهاد حق وواجب، وإن جمْع المؤمنين، من المحيط إلى الخليج، يتكاثر. وإن جمْع الكفار والمنافقين والغزاة، يضطرب قبْل المنازلة الكبرى. وإن الله ورسوله والمؤمنين، معنا. وإنك إذا ما كنت ضمن جمْعنا، ستنال رضى الله، ورضى شعبك. وعند ذلك، تكون الأخ والعزيز.

والله أكبر. وليخسأ الخاسئون.

 صدام حسين

1 صفر 1411هـ

22 أغسطس 1990م